( متن )
و قال محمد ابن الحنفية: لا تقوم الساعة حتى تكون خصومة الناس بربهم.
(المحقق)
هذا الأثر ورد مرفوعا من حديث أبي هريرة و أخرجه أبو نصر الديلمي كما جاء في الدر المنثور و سئل الإمام الدارقطني عن هذا الحديث مرفوعا فقال يرويه أبو قلابة عن حسين بن حفص عن الثوري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة و وهم فيه و إنما روي عن الثوري هذا الحديث من حديث منذر الثوري عن محمد بن حنيفة من قوله غير مرفوع و قال أبو العالية ذكرت ذلك لابن المديني قال ليس بشيء إنما الحديث حديث الحنفية .
( شرح )
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد :
فلا زال المؤلف رحمه الله يورد الآثار و الأحاديث في بيان وجوب لزوم الجماعة و الحذر من البدع و الأهواء.
و هذا الأثر عن محمد ابن الحنفية و هو محمد بن علي بن أبي طالب لكن سمي محمد ابن الحنفية نسب إلى أمه لأنها من بني حنيفة من سبايا بني حنيفة من هنا لما ارتد بنو حنيفة و ارتد العرب و قاتل الصحابة المرتدين قاتلوا بني حنيفة صار من سباياهم هذه أم محمد بن الحنفية سباها علي ابن أبي طالب و صار يسمى محمد ابن الحنفية تمييزا له عن إخوته و إلا فهو محمد بن علي ابن أبي طالب.
يقول و الصواب أن هذا المأثور ليس مرفوعا يقول لا تقوم الساعة حتى تكون خصومة الناس في ربهم يعني أن خصومتهم في الصفات و الأسماء و في أفعال الله و في قدره و قضائه.
و هذا فيه التحذير من الخصومات و النزاع و الشقاق في الأسماء و الصفات و في القدر لأنه يولد الشبهات و الشبهات تولد البدع و هذا القول و إن كان الصواب أنه موقوف على محمد الحنفية و لكنه إنما قاله استنادا إلى النصوص الكثيرة لما قال محمد ابن الحنيفة استنادا إلى النصوص التي فيها النهي عن البدع و الخصومات و النزاع و أنه يجب على الإنسان أن يسلم لله و لرسوله ﷺ و ليس له أن يعترض على أفعال الله و لا صفاته فلا يسمع و لا يقول كيف و لا يقول لم كيف في الصفات و لم في الأفعال.
و قد تأدب بذلك الصحابة و التابعون و من بعدهم فلزموا كتاب ربهم و سنة نبيهم ﷺ و أعروضا عن الشبهات و الخصومات أما المتأخرون فإنهم بسبب بعدهم عن أنوار النبوة و بعدهم عن مشكاة النبوة و اختلاطهم بالأعاجم و بعد أن ترجمت الكتب كتب اليونان و كتب الرومان نشأت الخصومات و النزاع في القدر و في أفعال الله و أسمائه و صفاته و لهذا قال محمد الحنفية رحمه الله لا تقوم الساعة حتى تكون خصومة الناس في ربهم و هذا في التحذير من الخصومات و النزاع التي تولد الشبهات و الشبهات تولد البدع .
( متن )
و قال عبد الله بن عمر: يوشك أن تظهر شياطين مما أوثق سليمان بن داود يفقهون الناس.
(المحقق)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف بسند صحيح: فتقرأ على الناس قرآناً. و أخرجه مسلم في صحيحه و ابن وضاح كلهم عن عبد الله بن عمر بن العاص .
( شرح )
و هذا الأثر عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما كما ذكر المحقق و هو عبد الرزاق في المصنف و أخرجه مسلم و أخرجه الدارمي أيضا في سننه في المقدمة فقال أخبرنا محمد بن يوسف عن سفيان عن ليث عن طاووس عن عبد الله بن عمر بن العاص قال يوشك أن تظهر الشياطين قد أوثقها سليمان يفقهون الناس في الدين يوشك أن يظهر الشياطين قد أوثقها سليمان , سليمان بن داود عليه الصلاة و السلام يفقهون الناس في الدين.
و هذا فيه التحذير من الإصغاء إلى شبه الشياطين شياطين الجن و الإنس الشيطان اسم للمتمرد من كل جنس فالمتمرد من الجن يسمى شيطانا و المتمرد من الجن يسمى شيطانا و المتمرد من الإنس يسمى شيطانا أيضا فالشياطين تكون من الإنس و من الجن و هو المتمرد من كل نوع و كذلك من الدواب كما قال سبحانه شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا
و هذا فيه التحذير من الشبهات التي تلقيها شياطين الإنس و شياطين الجن فقال يوشك أن تخرج أن تظهر الشياطين مما أوثق سليمان ابن داود عليه الصلاة و السلام يفقهون الناس في الدين يعني يزعمون أنهم يفقهون الناس في الدين و هم يلبسون على الناس و يقولون في الدين ما ليس منه و أي فقه عند الشياطين لكن المراد يفقهون الناس في الدين يعني يزعمون أنهم يفقهون الناس في الدين و هم يغيرون الدين رأسا على عقب.
و هذا فيه التحذير من الإصغاء إلى ما تلقيه شياطين الإنس و شياطين الجن من الشبهات و الشهوات من الشبهات التي تتولد منها البدع و البدع تخالف الدين و هي حدث في الدين و لهذا ثبت في الصحيحن من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد و في لفظ لمسلم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
فإذاً الحدث والبدع ليست من الدين و إنما هي حدث في الدين و لكن هؤلاء الشياطين من تلبيسهم للناس يزعمون أنهم فقهونهم في الدين من باب التلبيس .
( متن )
و قال أيوب السفياني قال لي أبو قلابة يا أيوب احفظ عني أربعا لا تقل في القرآن برأيك و إياك و القدر و إذا ذكر أصحاب رسول الله ﷺ فأمسك و لا تمكن أصحاب الأهوا ءمن سمعك فينفذوا فيه ما شاؤوا.
(المحقق)
رواه المصنف في الكبرى و رواه الهروي و اللالكائي من طريق ابن بطة و ابن عساكر عن أبي قلابة عن ابن مسعود مرفوعا .
( شرح )
و هذا المقالة التي رواها أيوب السفياني عن أبن قلابة تابعي جليل وصية له و وصية لكل مسلم يقول له يا أيوب احفظ عني أربعا و هي مسألة ليست خاصة لأيوب و هي عامة كل مسلم عليه أن يحفظ الأربعة لأن الوصية و النصيحة و التوجيه و الإرشاد إذا جاء في كتاب الله أو في سنة رسول الله ﷺ أو عن الصحابة أو عن التابعين أو عن بعض من العلماء إنما يقصد به النصح لكل أحد.
فالنبي ﷺ لما جاءه رجل قال أوصني قال لا تغضب قال أوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب فهذه ليست وصية خاصة للرجل بل هي وصية عامة للأمة كلها لأن الشريعة عامة فهي وصية للرجل و لغيره الشريعة عامة.
إلا ما دل الدليل على تخصيص أحد كما في الجدعة التي ضحى بها خال البراء قال له جدعة من المعز قال تجزيك ولن تجزي لأحد من بعدك هذا دليل على الخصوصية.
فما لم يدل على الخصوصية فالشريعة عامة و الرسالة عامة و نصائح العلماء إذا أوصى أحد العلماء أحد تلاميذه الوصية عامة له و لغيره إذا أوصى الصحابي كذلك فالوصية له و لغيره و إذا أوصى النبي ﷺ أيضا فالوصية له و لغيره إذا أمر الله بأمر فهو للأمة كلها.
و هذه الوصية التي أوصى بها أبو قلاب التابعي الجليل أيوب عامة له و لغيره ينتفع بها كل مسلم فقال له أحفظ عني أربعا أربع وصايا:
الوصية الأولى لا تقل في القرآن برأيك يعني لا تفسر القرآن برأيك القرآن لا يفسر بالرأي و إنما يفسر القرآن بكلام الله أو بحديث رسول الله ﷺ إن لم يوجد أو بلغة العرب أو بالرأي المستند إلى النصوص ما يستنبط من النصوص أما الرأي المجرد لا و لهذا قال لا تقل في القرآن برأيك أما الرأي المجرد مبني على الهوى هذا ضلال.
و لهذا ثبت عن الصديق الأكبر أبو بكر أنه قال لما سئل عن تفسير آية في القرآن و هي قوله وَفَاكِهَةً وَأَبًّا أي سماء تضلني و أي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله برأيي أو بما لا أعلم.
فلا يجوز للإنسان أن يقول بالقرآن برأيه و من قال بالقرآن برأيه فقد أخطأ و لو أصاب هذه وصية عظيمة لأبي قلابة قال لا تقل في القرآن برأيك لا تفسر القرآن برأيك القرآن يفسر بالقرآن كلام الله يفسر بعضه بعضا فما أنزل في مكان يفسر في مكان آخر و ما أنزل في موضع يفسر في موضع آخر فإن لم يجد في كتاب الله ينظر إلى سنة رسول الله ﷺ يفسر في سنة رسول الله ﷺ فإن لم يوجد فبأقوال الصحابة فإن لم يوجد فبأقوال التابعين فإن لم يوجد فبلغة العرب فإن لم يوجد فبالنصوص قواعد النصوص و القواعد المأخوذة من النصوص و لا يفسر القرآن بالرأي قال لا تقل في القرآن برأيك.
الوصية الثانية و إياك و القدر يعني و إياك أن تخاصم و تجادل في القدر و إياك أن تعارض القدر و إياك أن تنكر قدر الله احذر أن تخالف شرع الله في القدر إما بالخصومة أو بالنزاع أو بالمعارضة أو بإنكار قدر الله و قضائه أو بالإعتراض على قدر الله و على قضاء الله و على قدره فإيك و القدر احذر سلم لقضاء الله و قده و من لم يسلم هلك لا تعارض قدر الله عليك أن تسلم و تقول آمنت بالله آمنت بقضاء الله و قدره.
و إذا ذكر أصحاب رسول الله ﷺ فأمسك أمسك لا تسبهم و لا تعبهم و لا تتنقصهم فإن هذا إنما يصدر ممن في قلبه مرض و زيغ و نفاق سب الصحابة لا يصدر ممن قلبه إيمان و إنما يصدر ممن في قلبه نفاق و فيه دغل و فيه مرض فالواجب الإمساك عما زجر من الصحابة و الترضي عنهم و معرفة منزلتهم و سابقتهم و فضلهم و لهذا أوصى أبو قتادة قال و إذا ذكر أصحاب رسول الله فأمسك أمسك عن عيبهم و لمزهم و ذمهم و تنقصهم و الوقوع في أعراضهم فيمسك الإنسان عما شجر بين الصحابة و اعتقاد أن لهم من الفضل و الحسنات و السبق إلى الإسلام و الجهاد مع النبي ﷺ و نشر دين الإسلام ما يغطي عنهم من الهفوات و ما صدر منهم و ما ورد في الأخبار مما صدر عنهم فهو على قسمين منه ما هو كذب لا أساس له من الصحة و منه ما هو أصل لكن زيد فيه و نقص و غير عن وجهه و منه ما هو صحيح و الصحيح هم فيه بين مجتهد مصيب له أجران و مجتهد مخطئ له أجر و لهذا قال في الوصية الثالثة و إذا ذكر أصحاب رسول الله ﷺ فأمسك.
و الوصية الرابعة و لا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك فيدخلوا فيه ما شاؤوا أصحاب الأهواء أصحاب البدع ما تمكن من سمعك فإنك إذا مكنتهم من سمعك ادخلوا فيه ما شاؤوا بل أعرض عنهم و لا تصغ لهم فكون الإنسان يصغي إلى أهل البدع و يظن أنه لا يتأثر و لكن سرعان ما يتأثر و تنفذ فيه شبههم فلا تنصت لأصحاب الأهواء و البدع الجهمية و المعتزلة و الرافضة و الخوارج و االمرجئة و غيرهم من أهل البدع لا تمنكنهم من سمعك فينفذوا فيه ما شاؤوا فأعرض عنهم و عن شبههم و لا تجالسهم و لو كنت تظن أنك لا تتأثر الواجب الإعراض عن أهل البدع .
( متن )
(المحقق)
أخرجه أبو عبيد و ابن جرير و ابن المنذر عن إبراهيم بلفظ قال فأغرى بعضهم بعضا في الخصومات و الجدال في الدين و أخرجه عبد بن حميد و ابن جرير عنه بلفظ ما أرى الإغراء في الآية إلا الأهواء المختلفة و كذا أخرجه الهروي .
( شرح )
و هذا الأثر عن إبراهيم النخعي من أصحاب ابن مسعود التابعي في تفسير هذه الآية وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ قال هم أصحاب الأهواء البدع.
الآية إنما هي في أهل الكتاب وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ في اليهود وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ و الآية في اليهود و لكن إبراهيم النخعي رحمه الله يقول أنها تشمل جميع أهل الأهواء بعمومها تشمل أهل البدع لأن لهم شبه باليهود فاليهود بينهم عداوة و خصومة و بغضاء و كذلك أهل البدع بينهم عداوة و بغضاء و خصومة و لهذا كل أهل بدعة يضللون أهل البدعة الأخرى فتجد الجهمية يضللون المعتزلة و هم على ضلال يقولون لماذا أنتم تثبتون الأسماء و تنفون الصفات انفوا الأسماء حتى تكونوا مثلنا و إلا أنتم متناقضون و المعتزلة يقولون لا أنتم المخطئون كيف نثبت الأسماء و الصفات إذاً شبهنا و الجبرية تضلل و تعادي القدري الجبرية يقولون أن العبد مجبور و هو يشرك في الهوى و القدرية تقول أن العبد لا يملك عمل نفسه فهؤلاء يقولون أنتم على ضلال و آخرون يقولون أنتم على ضلال فكل فرقة تضلل أخرى بينهم عداوة و بغضاء كما أن اليهود فرق متعددة و أحزاب كما اليهود الآن هم أحزاب متعددة منهم المتشدد بعضهم متشددون يسمونهم أصوليين و بعضهم متساهلون و هؤلاء يعادون هؤلاء أحزاب متناحرة بينهم العداوة و إن كانوا هذه الأحزاب المتناحرة اليهود يجتمعون على حرب المسلمين و لكن بينهم عداوة و بغضاء و كذلك أهل البدع بينهم عداوة و بغضاء.
فلهذا قال إبراهيم النخعي رحمه الله هذه الآية و إن كانت في اليهود إلا أنها تشمل في عمومها أهل البدع لأن بينهم العداوة و البغضاء كما أن اليهود بينهم عداوة وبغضاء.
و فيه التحذير من البدع لأن الواجب على المسلمين أن يكونوا إخوة متحابين إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ و لا ينبغي أن يكون بينهم حقد و لا غلا و لا حسد و لهذا وصى الإسلام المسلمين أن يتعاونوا بعضهم على بعض و أن يعطف بعضهم على بعض و أن يحسن بعضهم إلى بعض و أن يتسامح الإنسان عن حقه كل هذا لأجل أن تكون القلوب سليمة و أن يكون المؤمنون أخوة متحابون متئالفين و أن تزول منهم الوحشة و العداوة و البغضاء فأهل البدع ليسوا كذلك بل بينهم عداوة و بغضاء كاليهود , فيه التحذير من من أهل البدع .
( متن )
و قال معاوية بن قرة: الخصومات في الدين تمحق الأعمال.
(المحقق)
رواه الآجري في الشريعة بلفظ يحبط الأعمال و رواه المصنف في الكبرى و اللالكائي و الهروي .
( شرح )
و هذا الأثر عن معاوية بن قرة بن هلال المزني العالم الجليل يقول الخصومات في الدين تمحق الأعمال تمحقها يعني تذهب بركتها لم؟ لأن الخصومات تنشئ العداوة و البغضاء و تورث الشبه و الشكوك في الأذهان و الأفكار و بالتالي إذا نشأت الشكوك و الشبه شكوك و شبه في الأذهان و غل و حقد بينه و بين الناس أين التدين أين بركة التدين محقت بركته تدين هذا الشخص الذي في نفسه وساوس و شكوك و أوهام و في نفسه غل و حقد على بني جنسه هذا لا شك أن دينه ليس فيه بركة بل هو ممحوق البركة و لهذا قال معاوية الخصومات في الدين تمحق الأعمال لأنها تولد الشبهات و البدع و الشكوك و الأوهام و تولد البغضاء و العداوة بينه و بين إخوانه .
( متن )
و قال يوسف بن أسباط: النظر إلى أصحاب البدعة يطفئ نور الحق من القلب.
(المحقق)
روى ابن الوضاح عن الحسن أثراً قريباً من لفظ أثر يوسف .
( شرح )
يقول يوسف بن اسباط النظر إلى صاحب بدعة يطفئ نور الحق من القلب لأن الإنسان إذا نظر إلى صاحب البدعة و أطال النظر إليه و خالطه و عاشره تزول الوحشة من بدعته و يألف هذه البدعة و إذا ألف البدعة انطفئ نور الحق يعني انطفئ النور الكامل فيقبى نور الحق و نور الإيمان في قلبه ضعيفا بسبب كثرة نظره إلى صاحب البدعة و مخالطته و مماسته.
و قديما قيل إذا كثر المماس قل الإحساس فإذا كثر الإمساس بأهل البدع و الاختلاط بهم زال استقباح هذه البدعة و زالت النفرة منها فيألف الإنسان البدعة و لا يستقبحها فيزول نور الإيمان بالكامل فيضف بذلك الإيمان و لهذا قال يوسف بن أسباط النظر إلى أهل البدعة يطفئ نور الحق من القلب .
( متن )
و قال بشر بن الحارث: إذا كان طريقك على صاحب بدعة فغمض عينيك قبل أن تبلغ إليك.
(المحقق)
أخرجه الهروي بلفظ قريب منه .
( شرح )
و هذا الأثر لبشر بن حارث يقول إذا كان طريقك على أهل البدع فغمض عينيك قبل أن تبلغ إليك قبل أن تصل إليك هذا فيه التحذير من أهل البدع يعني ليس لك أن تركن إلى صاحب البدعة و لا أن تجلس معه لأنه كما سبق إذا جلس إلى صاحب البدعة و ركن إليه زالت وحشة البدعة من نفسه و سهلت عليه فألفها و استحسنها ثم لا ينكرها فيكون هذا سبب في ضعف إيمانه و لهذا قال شر بن حارث و رحمه الله عليك أن تشد الذريعة التي تكون سسبا في ضعف الإيمان و هي النظر إلى صاحب البدعة فأنت عليك أن تسد الذريعة سد الذرائع معروف في الشريعة فسد الذريعة أن لا تنظر إلى صاحب بدعة غمض عينك قبل أن تصل إليه لأنك إذا فتحت عينيك هذه المرة فتحتها مرة أخرى ثم ثالثة ثم سهل عليك ما بعد ذلك و سهل عليك الجلوس معه و النظر إليه ثم سهل عليك مصاحبته فزال بذلك استقباح هذه البدعة ثم تألف هذه البدعة و تكون شريكا له في الإثم فيكون هذا سببا في ضعف إيمانك و لهذا قال بشر بن الحارث ينبغي أن تسد الباب من الأصل فإذا كان في طريقك صاحب بدعة فغمض عينيك قبل أن تبلغ إليه سدا للذريعة التي توصل إلى استحسان الجلوس مع أهل البدع و بالتالي استحسان بدعتهم ثم تزول الوحشة وحشة هذه البدعة ثم لا ينكر ثم يضعف إيمانه و لهذا ينبغي للإنسان أن يسد الباب .
( متن )
و قال أبو العباس الخطاب: إذا خرجت من بيتك فلقيك صاحب بدعة فارجع فإن الشياطين محيطة به.
(المحقق)
أخرجه الهروي عن أبي كثير إذا رأيت المبتدع في طريق فخذ بغيره و كذا اللالكائي .
( شرح )
و هذا أيضا من باب سد الذريعة من الركون إلى أهل البدع فقال أبو العباس إذا خرجت من بيتك فلقيك صاحب بدعة فارجع فإن الشياطين محيطة به فهذا من باب سد الذريعة سد الباب لأنك إذا لم ترجع و لقيته فإن الشياطين محيطة به تحسن لك و تسهل عليك مقاربته و الوقوف معه و مجالسته فالشياطين تسهل لك ذلك و إذا تساهل الإنسان في أول الأمر لا يزال يتساهل شيئا بعد شيء حتى يتساهل في البدع و حتى لا ينكر علهم فيكون شريكا لهم الإثم و لهذا من سدا الذريعة ينبغي للإنسان ذا لقي صاحب بدعة أن يرجع و لا يقابله حتى لا تتدرج به الحال أن يستحسن بدعته بسبب الشياطين التي تحيط به و التي تسهل عيله هذه البدعة
( متن )
و قال مسلم بن يسار: إياكم و الجدال فإنها ساعة جهل العالم و فيها يبتغي الشيطان زلته.
(المحقق)
أخرجه الدارمي و الآجري في كتاب أخلاق العلماء و المصنف في الكبرى و الهروي .
( شرح )
و هذه المقالة من مسلم بن يسار البصري العابد يقول إياكم و الجدال تحذير من الجدال فإنها ساعة جهل العالم و فيها يبتغي الشيطان زلته هذا فيه التحذير من الجدال و الخصومات لأن الجدال يولد الشبهات و الشبهات تولد البدع يقول احذر الجدال فإنها حتى لو صدرت من عالم فإنها ساعة جهل ساعة جهل فيها العالم و تساهل و قدر يزل فيصدر منه شيء أثناء الجدال يولد شبهة فتتولد من الشبهة البدعة فسدا للذريعة ينبغي الحذر و البعد من الجدال فإن الجدال قد ينشأ منه شبهة و لو كانت من عالم قد يتكلم العالم أثناء الجدال يسبب الخصومة و النزاع فيتكلم بكلمة ثم ينشأ منها شبهة ثم تكون الشبهة بدعة لأن هذه الساعة في الجدال ساعة جهل , جهل فيها العالم بسبب الخصومة و النزاع و الجدال و الشيطان يقصد الزلة فيلقي هذه الكلمة التي فيها إيهام و فيها شبهة في قلب بعض الناس فتولد في قلبه شبهة ثم ينشأ من الشبهة بدعة و لهذا حذر مسلم بن يسار رحمه الله من الجدال .
( متن )
و قال الحسن: إن صاحب البدعة لا يقبل له صوم و لا صلاة و لا حج و لا عمرة و لا صدقة و لا جهاد و لا صرف و لا عدل.
(المحقق)
رواه ابن وضاح عن الأوزاعي و الآجري في الشريعة عن الحسن و اللالكائي .
( شرح )
و هذه المقالة من الحسن من باب التشديد فقوله إن صاحب البدعة لا يقبل منه صلاة و لا صوم و لا حج و لا عمرة و لا صدقة و لا جهاد و لا صرف فإن هذا محمول على البدعة المكفرة , البدعة المكفرة لا يقبل من صاحبها صوم و لاصلاة و لا حج و لا عمرة و لا صدقة و لا جهاد و لا صرف و لا عدل الصرف الفريضة و العدل النافلة و قيل التوبة و قيل العدالة التوبة إنما هذا من الكافر، الكافر هو الذي لا تقبل منه الأعمال لا تقبل منه الأعمال و صاحب البدعة بدعتان بدعة مكفرة صاحبها لا يقبل منه صلاة و لا صوم و لا حج و لا عمرة و لا صدقة و لا حج و لا جهاد في حال كفره إلا إذا تاب و لا صرف و لا عدل.
و أما إذا كانت البدعة لا تكفر فإن صاحبها ضعيف الإيمان صاحبها ضعيف الإيمان و تصح أعماله , أعماله صحيحة لأنه ليس بكافر و لكن قد توصله هذه البدعة إلى بدعة كفرية فلا يقبل منه صوم و لا صلاة و لا صدقة و لا حج و لا عمرة هذا محمول على صاحب البدعة التي توصله إلى الكفر البدعة الكفرية هذا الذي لا تقبل منه الأعمال و البدعة الكفرية توصل إلى البدع الكفرية فينبغي الحذر منها سدا للذريعة .
( متن )
و قال الزهري: الاعتصام بالسنة نجاة و العلم يقبض قبضا سريعا فنعش العلم ثبات الدين و الدنيا و ذهاب ذلك كله ذهاب العلماء.
(المحقق)
أخرجه الدارمي و المصنف في الكبرى و اللالكائي و ذكرع عياض في الشفاء .
( شرح )
و هذا مقالة للزهري و هو تابعي صغير و إمام مشهور محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الإمام المحدث المعروف الذي لا تخفى شهرته و علمه و هذه المقالة من الزهري رحمه الله مقالة عظيمة يقول الاعتصام بالسنة نجاة من الفتن و نجاة من البدع ثم بالتالي نجاة من النار فإذا نجى الإنسان من الفتن و من البدع و استقام على الشريعة و على السنة فإنه يكون من الناجين فالاعتصام بالسنة نجاة من الكفر الاعتصام بشرع الله و دينه و ابتعد عن البدع فإن هذا هو طرق النجاة هذا طريق السعادة و طريق السلامة الاعتصام بالسنة نجاة من البدع و نجاة من الفتن و من نجى من البدع و الفتن و استقام على الدين فهو السعيد.
و العلم يقبض قبضا سريعا نعم العلم يقبض قبضا سريعا و كما سبق في الحديث إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال وإنما يقبض العلم بقبض العلماء فهو يقبض قبضا سريعا يموت العلماء الأخيار واحدا بعد واحد ثم يقبض العلم فلا يبقى إلا الجهال فيكونون رؤوس الناس فيفتون بغير العلم فيضلون و يضلون فالعلم يقبض قبضا سريعا.
فنعش العلم ثبات الدين و الدنيا نعش العلم يعني وجود العلم ظهوره نعته يعني وجوده و ظهوره ظهور العلم وجوده و ظهوروه و انتشار العلم بين الناس ثبات في الدين و الدنيا و إذا خفي العلم عم الجهل و طم ثم هلك الناس فنعت العلم ثبات للدين و الدنيا نعت العلم ظهوره و وجوده و انتشاره ثبات الدين و الدنيا و خفاء العلم و اندثاره هلاك الدين و الدنيا و لذلك قال ذهاب الدين كله ذهاب العلماء.
صدق رحمه الله يقول إنما الاعتصام بالسنة نجاة و ثبات العلم ثبات الدين و الدنيا و خفائه هلاك متى يذهب يختفي العلم و يندثر إذا ذهب العلماء و لهذا قال و ذهاب ذلك كله ذهاب العلماء فهذا فيه الحث على أخذ العلم من العلماء قبل ذهابهم و لا سيما علماء أهل السنة و الجماعة و العلماء الربانيون علماء الحق و فيه التحذير من البدع و الأخذ عن أهل البدع .
( متن )
و قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل.
(المحقق)
رواه الدارمي في سننه و قال الدارمي أكثر تنقلا أي يتنقل من رأي إلى رأي و رواه الآجري في الشريعة من طريقين و رواه اللالكائي و البغوي في شرح السنة و رواه ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث و ابن البنا .
( شرح )
و هذه المقالة لعمر بن عبد العزيز الخلفية الراشد رحمه الله الذي ضمه بعض العلماء إلى الخلفاء الراشدين خامس الخلفاء الراشدين و هو معروف عدله و ورعه رحمه الله و رضي عنه و اصلاحاته في زمانه مع قصر خلافته سنتين و كذا و مع ذلك حصل فيها اصلاحات عظيمة و هو أول من أمر بجمع الحديث.
يقول رحمه الله من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل من جعل دينه غرضا يعني هدف و إشارة مثل الإشارة التي الغرض الذي يجعله الناس يترامون يصيبونه هدف يعني غرض يرمى هذا يرميه و هذا يرميه تجعل إشارة يترامى بها الناس إشارة أو غرض أو هدف أيهم يصيب الإشارة هذا يرمي و هذا يرمي و هذا يرمي يقول من جعل دينه غرضا هدفا كل يرميها هدف للخصومات أكثر التنقل يعني من شيء إلى شيء يتنقل من شيء إلى شيء و لا يثبت على الدين و السنة.
فهذا فيه التحذير من الخصومات و الجال لأنها تولد الشبهات و الشبهات تولد البدع فيقول من جعل دينه غرضا للخصومات و هذفا أكثر التنقل من شيء إلى شيء ثم لا يثبت على الدين و لا على السنة و فيه التحذير من الخصومات التي تولد الشبهات و البدع لأن صاحبها لا يثبت على الدين و السنة .
( متن )
و قال محمد بن علي: لا تجالسوا أصحاب الخصومات فإنهم الذين يخضون في آيات الله.
(المحقق)
رواه الدارمي في موضعين من سننه و كذا رواه ابن بطة في الكبرى .
( شرح )
و هذا محمد بن علي بن حنفية السابق محمد بن علي بن أبي طالب و هو محمد بن علي الحنيفة يقول لا تصاحبوا أصحاب الخصومات فإنهم الذين يخوضون في آيات الله هذا نهي و تحذير لا تجالسوا أصحاب الخصومات الذين يخاصمون و يجادلون لأنه تتولد من خصوماتهم و جدالهم الشبه و تتولد من الشبه البدع فهم يخوضون في آيات الله بغير علم يعني داخل في قوله تعالى وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ النصوص التي حذرت من الخوض في آيات الله بغير علم يدخل فيها أصحاب الخصومات و أهل البدع لأن أصحاب الخصومات نشأت الخصومات منها الشبه و نشأت البدع فهم يخوضون في آيات الله بغير علم.
و فيه التحذير من الخصومات و أهل الخصومات و الأمر بلزوم السنة و الجماعة و لزوم الكتاب و السنة و التسليم لكتاب الله و سنة رسوله ﷺ.
( متن )
(المحقق)
رواه الطبراني و أورده صاحب المشكاة و عزاه لمسند أحمد و عزاه أيضا البزار و الطبراني في الكبير و في إسناده كلهم أبو بكر بن عبد الله ابن أبي مريم و فيه مقال و لكن رجح الحافظ ابن حجر توثيق رجال الإسناد و قال إسناده جيد كذا في الفقه الرباني قال الهيثمي فيه أبو بكر ابن أبي مريم منكر الحديث و ضعف الألباني سنده في تحقيقه على المشكاة و ذكر صاحب المرآة في شرح المشكاة أقوال من ضعفه من العلماء قلت لعل تضعيفهم للحديث بناءا على كونه مرفوعا أما إذا كان موقوفا على غضيف فليس مرفوعا و أما قد رواه أحمد بسند ليس في ابن أبي مريم .
( شرح )
و هذه المقالة لغضيف بن الحارث الشتومي رحمه الله موقوف عليه ليس مرفوعا موقوف عليه يقول لا تظهر بدعة إلا ترك مثلها من السنة و هذا صحيح أنه إذا ظهرت بدعة ماتت سنة و إذا ماتت البدعة ظهرت السنة و هذا واضح لك ما ظهرت بدعة خفي ما يقابلها من السنة و كلما ظهرت سنة خفي ما يقابلها من البدعة لأن السنة تقابل البدعة و البدعة تقابل السنة و لهذا قال غضيف لا تظهر البدعة إلا ترك مثلها من السنة لأنهما متقابلان فمثلا بدعة المولد هذه بدعة فإذا فعل بدعة المولد ترك السنة و السنة الأدب فعل المولد و إذا ترك المولد فقد فعل السنة فلا تظهر بدعة و إلا تختفي مكانها سنة كما لا تظهر سنة إلا و قد ترك ما يقابلها من البدعة و هذا فيه التحذير من البدع و أخطارها و الحث على لزوم السنن .
( متن )
و قال ابن سيرين: ما كان الرجل مع الأثر فهو على الطريق.
(المحقق)
أخرجه الدارمي و رواه اللالكائي مرفوعا و رواه الآجري في الشريعة و الهروي و ابن بطة في الكبرى و عزاه السيوطي للبيهقي في مفتاح الجنة .
( شرح )
و هذه المقالة لابن سيرين محمد بن سيرين التابعي الجليل يقول ما كان الرجل مع الأثر فهو على الطريق و الأثر معناه السنة و الأثر يطلق على السنة و على الآثار من الصحابة و التابعين تسمى الأثر ما كان الرجل مع السنة فهو على الطريق المستقيم فإذا تخلى عن الآثار و السنة فإنه حاز عن الطريق المستقيم ما كان الرجل مع الأثر و السنة و لزم السنة فهو على الطريق المستقيم و إذا حاز عن الآثار و السنن فإنه يكون مع البدع فيحيد عن الطريق المستقيم فالسنة لزوم للصراط المستقيم و البدعة انحراف عن الطريق المستقيم فهذه المقالة صحيحة ما كان رجل مع الأثر فهو على الطريق المستقيم و إّن حاد عن الأثر فإنه يكون مبتدعا فيحيد عن الطريق.
ففيه التحذير من البدع و الحث على لزوم السنن .
( متن )
و قال إبراهيم: لو بلغني عنهم -يعني الصحابة- أنهم لم يجاوزوا بالوضوء ظفرا ما جاوزته و كفى على قوم ازراء أن تخالف أعمالهم.
(المحقق)
أخرجه الدارمي في سننه .
( شرح )
و هذا المقالة لإبراهيم النخعي التابعي الجليل من أهل الكوفة يقول لو بلغني من الصحابة أنهم لم يجاوزوا من الوضوء ظفرا ما جاوزته و هذا فيه الحث على لزوم السنة و تتبعها و عدم الحيد عنها و الانحراف عنها و لو قيد شعرة و لهذا قال لو بلغني عن الصحابة أنهم لم يجاوزا في الوضوء ظفرا ما جاوزته يعني ألزم السنة و ألزم طريق الصحابة و التابعين و لا أحيد عنه و لا شيئا يسيرا.
ثم قال و كفى على قوم ازراء أن تخالف أعمالهم يعني كفى على قوم احتقارا كفى بالقوم احتقارا و عيبا و ذما أن تخالف أعمالهم أقوالهم أو أن تخالف أعمالهم السنة فلا شك أن القوم الذين يخالفون السنة و تخالف أعمالهم السنة فلا شك أن هذا عيب وذم كفى بهم عيبا و كفى بهم ذما أن تخالف أعماله سنة النبي ﷺ.
ففيه التحذير من البدع و الأمر بلزوم السنن .
( متن )
و قال شريح: إنما أقتفي الأثر فما وجدت قد سبقني إليه حدثتكم به.
(المحقق)
أخرجه ابن سعد في الطبقات .
( شرح )
و هذا المقالة لشريح القاضي شريح بن حارث القاضي المشهور يقول إنما أقتفي الأثر و الأثر هو السنة سنة الرسول ﷺ و آثار الصحابة و التابعين أقتفي يعني اتبع إنما أقتفي الأثر فما وجدت قد سبقني إليه حدثتكم به يقول أنا ما ابتدع و إنما اتبع الآثار الواردة عن رسول الله ﷺ و عن الصحابة و التابعين فما وجدت من الآثار شيئا قد سبقت إليه حدثتكم به و إن وجدت شيئا ما سبق إليه ما حدثتكم به.
هذا فيه بيان حرصه رحمه الله على لزوم السنة و اتباع الآثار و بعده عن البدع و هكذا ينبغي لكل مسلم و هذه نصيحة منه لمن تبلغه هذه النصيحة و أنه ينبغي للإنسان أن يقتفي الآثار أن يتبع الآثار و السنن و أن يحذر من البدع .
( متن )
(المحقق)
قال ابن سعد في الطبقات و كان الشعبي شيعيا فرأى منهم أمورا و سمع كلامهم و إفراطهم فترك رأيهم و كلن يعيبهم .
( شرح )
و هذا من عيب الاعتزال , الاعتزال مذهب المعتزلة و المعتزلة جماعة اعتزلوا مجلس الحسن البصري و ابتدعوا بدع و من بدعهم تكفير القول بأن الفاسق يخرج من الإيمان و لا يدخل في الكفر و من بدعهم إنكار الصفات و إثبات الأسماء و ظهروا هؤلاء في أوائل المئة الثانية في أوائل المئة الثانية و كانوا في الأول مع الحسن البصري يتتبعون الحديث و السنن ثم بعد ذلك خذلوا فابتدعوا و اعتزلوا مجلس الحسن البصري و ابتدعوا البدع من نفي الصفات و القول بأن الفاسق يخرج من الإيمان ولا يدخل الكفر.
و لما سئل بعض العلماء قال ولدت قبل الاعتزال يعني أنه شيء حادث و الحدث بدعة يقول أنا مولود قبل الاعتزال فدل على أن الاعتزال حادث و الحدث في الدين بدعة و النبي ﷺ يقول من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
فيه التحذير من الاعتزال و طريقة المعتزلة في الصفات و في القول بأن العاصي يخرج من الإيمان و كذلك سائر البدع ينبغي أن يحذرهم المسلم و أن يبتعد عنهم و أن يلزم السنة .
( متن )
( شرح )
الرفض المذهب الرافضي يقال له رفض أما الرفض هو الترك و هو مذهب الرافضة يعني كنت يقول الشعبي كنت قبل أن يوجد الرفض قبل أن يوجد مذهب الرافضة فدل على أن مذهب الرافضة مذهب خبث مذهب محدث مبتدع ليس له أصل في الشرع فدل على بطلانه و فساده و أنه ينبغي الحذر منه و لهذا قال الشعبي كنت و لا رفض في الدنيا ما في رفض ما في رافضة ثم بعد ذلك انتشر مذهب الروافض و الرافضة من غلاة الشيعة.
و الشيعة طبقات كما سبق طبقات و فرق أكثر من أربعة و عشرين فرقة.
و من فرقهم الرافضة وهم من الغلاة.
و من أعلى فرقهم النصيرية , النصيرية أعلى فرقة في الشيعية النصيرية يعتقدون أن الله حل في علي و أن عليا هو الإله و منهم من يقول أن عليا في السحاب و سيرجع يؤلهون علي.
ثم المخطئة الذين يخطئون جبريل يقولون أن جبريل أرسله الله إلى علي فخان و أعطاها محمد ﷺ خان الأمين جبريل و صدها عن علي و هذا كفر بإجماع المسلمين.
ثم الرافضة الذين يكفرون الصحابة و يفسقونهم و يقولون أن القرآن ما بقي إلا الثلث و القول بأن الثلثين غير محفوظين من القرآن و يعبدون آل البيت و هذا كفر و ضلال.
فهم فرق مثل الزيدية هم الذن يقدمون عليا على عثمان فهم طبقات منهم الكافر و منهم المبتدع.
الشعبي يقول كنت و لا رفض في الدنيا ما في رفض ثم كان ففيه التحذير من مذهب الرافضة .
( متن )
( شرح )
و هذه المقالة لمجاهد تابعي جليل مجاهد بن ذر صاحب ابن عباس يقول لما ذكر عنده القدر كفرت بدين ولدت قبله و هو دين القدرية الذين ينكرون قدر الله و يقولون أنه الله لم يعلم بالأشياء قبل كونها و لم يكتبها في اللوح المحفوظ فهم كفرة و القدرية المتوسطة يثبتون العلم و الكتابة و لكن ينكرون عموم الإرادة و عموم الخلق فمجاهد رحمه الله يقول إن هذا الدين حادث كفرت بدين ولدت قبله أنا مولود قبل أن يوجد هذا الدين دين القدرية ثم وجدت كافر بهذا الدين أما دين الله فهو الذي بعث به أنبيائه و رسوله و هو الذي بعث به محمد ﷺ ثم حدث دين القدرية بعد ذلك بعد ولادتي فأنا كافر بدين ولدت قبله.
المقصود هنا التحذير , التحذير من مذهب القدرية و بيان أنه مذهب مبتدع و أنه يخالف الشرع .
( متن )
و قال مالك بن أنس: قيل لرجل عند الموت على أي دين تموت قال على دين أبي عمارة و كان رجلا يتولاهم بعض أهل الأهواء و قال مالك رحمه الله يدع دين أبي القاسم و يموت على دين أبي عمارة .
( شرح )
هذه المقالة لمالك ابن أنس رجمه الله الإمام المشهور إمام دار الهجرة يقول قيل لرجل عند الموت على أي دين تموت فقال هذا الرجل الذي حضره الموت على دين أبي عمارة و كان متبدعا أبو عمارة مبتدعا من أهل البدع فهذا يدل على أن هذا الرجل تمكنت البدعة من نفسه فقيل له على أي دين تموت قال على دين أبي عمارة أبو عمارة هذا من أهل البدع فلما قيل له على أي دين تموت قال على دين أبي عمارة و كان يتولاه يميل إليه و يواليه و يوافقه في مذهبه فيتولاه بعض أهل الأهواء بعض أهل البدع فقال مالك رحمه الله منكر عليه يدع دين أبا القاسم و هو النبي ﷺ دين الإسلام و يموت على دين أبي عمارة يعني انظروا هذا الرجل يترك دين النبي ﷺ و يموت على دين أبي عمارة الدين المبتدع.
ففيه التحذير من البدع و أن البدع و العياذ بالله قد تستولي على صاحبها حتى عند الموت يصر عليها و العياذ بالله فما أصاب هذا الرجل عند الموت حضروه فقالوا على أي دين تموت قال أموت على دين أبي عمارة على البدع و لم يقل على دين الإسلام نسأل الله السلامة و العافية لأن الإنسان إذا شب على شيء شاب عليه في الغالب و إذا شاب على شيء مات عليه نسأل الله السلامة و العافية فإذا كان في حياته يتولى أهل البدع نشأ عليها فيستمر عليها و يموت عليها إلا من عصمه الله نسأل الله السلامة و العافية.
فيه التحذير من البدع .
( متن )
قال حدثنا أبو الفضل شعب بن محمد ابن الراجيان الكوفي قال حدثنا علي بن حرب قال أنبأنا سفيان بن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال قال لي معاوية رحمة الله عليك أنت على ملة علي رحمة الله عليه قلت لا و لا على ملة عثمان أنا على ملة رسول الله ﷺ.
(المحقق)
رواه عبد الرزاق في المصنف بسند صحيح و رواه اللالكائي .
( شرح )
و هذا الأثر ساقه المؤلف رحمه الله سندا كما ساق سنده في الكبرى قال حدثنا أبو الفضل شعيب بن محمد ابن الراجيان قال حدثنا علي بن حرب قال أنبأنا سفيان بن عيينة عن ابن طاووس و هو طاووس ابن كيسان اليماني تابع جليل معروف عن أبيه عن ابن عباس قال يروي قال لي معاوية ابن أبي سفيان أنت على ملة علي لأن ابن عباس كا ممن شايع عليا و كان معه و قاتل معه أول ما حصل الخلاف بين الصحابة و بين علي و معاوية و من معهم حصل خلاف بينهم انضم أكثر الصحابة إلى علي و رأو أنه الخليفة الراشد الذي بايعه أكثر أهل الحل و العقد و أن له السمع و الطاعة عملا بقول الله تعالى وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فانضم أكثر الصحابة إلى علي و رأو أنه الخليفة الراشد و أن معاوية ( 47:11 ) كما قال النبي ﷺ لعمار: تقتله فئة باغية و هذا هو الحق و أهل الشام و معاوية لا يعلمون أنهم بغاة فهم مجتهدون لكن اخطؤوا لهم أجر الاجتهاد و علي من معه اجتهدوا و أصابوا فلهم أجر الاجتهاد و لهم أجر الإصابة و منهم ابن عباس انضم إلى علي.
فمعاوية يقول لابن عباس أنت على ملة علي فقال ابن عباس لا لست على ملة علي و لا على ملة عثمان أنا على ملة رسول الله ﷺ يعني علي و عثمان و إن كانوا على الحق لكن قد يخطئون في بعض الأشياء قد يكون لهم اجتهادات و أنا لا أتبعهم في كل شيء أنا على ملة الرسول عليه الصلاة و السلام أما غير الرسول ﷺ فهو يخطئ و يصيب فأنا على ملته فهذا هو الحق أن يلزم السنة يلزم السنة و لا يتبع الرجال الدين إنما دين الله هو الذي يجب اتباعه و أما الرجال فهم يخطئون و يصيبون إن كانوا من الصحابة فالجتهد المصيب له أجران و المخطئ له أجر لكن الواجب لزوم الكتاب و السنة و الحق و الرجال إنما يعرفون بالحق و لا يعرف الحق بالرجال , الرجال إنما يعرفون بالحق إنا أصابوا الحق عرفنا أنهم أما الحق لا يعرف بالرجال , قال هذا القول يكون معه الحق المهم معه الحق و من وافقه من الناس يعرفهم بالحق أما أن تعرف الحق بالرجال لا يعرف الرجال بالحق و لا يعرف الحق بالرجال و لهذا قال ابن عباس أنا على ملة رسول الله ﷺ لست على ملة علي و لا على عثمان و إن كانوا صحابة و أجلاء و هم على الحق لكن نقول الأصل السنة أنا على ملة رسول الله ﷺ و من وافقني عليها فهو على الحق .
( متن )
و قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما اجتمع رجلان يختصمان في الدين فافترقا حتى يفترقا على الله .
(المحقق)
رواه ابن بطة في الكبرى .
(شرح )
و هذا فيه التحذير من الخصومات و الجدال في الدين لأن الخصومات تولد الشبه و الشبه تولد البدع كما سبق و لهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ما اجتمع رجلان يختصمان في الدين فافترقا حتى يفتريا على الله لأنهما إما أن يكونا على الباطل أو يكون أحدهما على الحق و الآخر على الباطل فيكون الذي على الباطل قد افترى على الله حيث إنه زعم أن البدعة أو الشبهة البدعة التي نشأت من الشبهة أنها حق و هي خلاف الحق فيكون قد افترى على الله يؤدي إلى الإفتراء على الله و إن كان لم يصرح بأنه افترى على الله لكن عمله الآن و فعله كونه يتبنى هذه البدعة و يخاصم في دين الله حتى تتولد الشبهات و تنشأ من هذه الشبهات البدعة يؤدي إلى الافتراء على الله.
و فيه التحذير من الخصومات في الدين و التحذير من البدع و الأمر بلزوم الجماعة و السنة .
( متن )
(المحقق)
رواه ابن سعد في الطبقات .
( شرح )
و هذه المقالة لإبراهيم النخعي تابعي معروف يقول ما خاصمت قط و لأن الخصام يؤدي إلى الشبه كما سبق و الشبه تؤدي إلى البدع و لهذا ابتعد عن الوسيلة رحمه الله الخصومة وسيلة إلى الشبهة و الشبهة وسيلة إلى البدعة فابتعد عن الوسائل حتى لا تحصل الغايات و هذا من الفقه في الدين و من الدين و يدل على إيمان العبد و قوته في دين الله أنه يبتعد عن الوسائل التي تؤدي إلى الشبهات و الشبهات التي تؤدي إلى البدع و لهذا قال ما خاصمت قط .
( متن )
و قال معاذ يد الله فوق الجماعة و من شذ لم يبالي الله بشذوذه.
( شرح )
و هذه المقالة لمعاذ يقول يد الله فوق الجماعة يعني يد الله مع الجماعة جماعة أهل السنة و الجماعة و هم الصحابة و التابعون فالواجب لزوم طريقهم لأن أهل الصحابة و التابعون على الحق لأنهم خير الناس و أفضل الناس شهدوا التنزيل و سمعوا كلام الرسول ﷺ و هم خير الناس و أفضل الناس لا كان و لا يكون بعدهم فالجماعة هم الصحابة و التابعون و من بعدهم من الأئمة و العلما.
فالواجب لزوم طريقتهم لزوم الكتاب و السنة و ما عليه الصحاب و التابعون فهم الجماعة و هم أهل الحق و هم الفرقة الناجية و من شذ عنهم لم يبال الله بشذوذه بخروجه عن الحق لأن الحق في لزوم كتاب الله و سنة رسوله ﷺ و ما درج عليه الصحابة و التابعون ومن شذ شذ في النار و لم يبال الله بشذوذه.
و هذا فيه التحذير من الشذوذ و البدع شذوذ بدع من الشبهات شذوذ ففيه التحذير من البدع و الشبهات و الأمر بلزوم السنة و الجماعة .
( متن )
و قال مصعب: لا تجالس مفتوناً فإنه لن يخطئك إحدى اثنتين أما أن يفتنك فتتابعه أو يؤيك قبل أن تفارقه.
(المحقق)
أخرجه ابن وضاح بسنده عن الحسن البصري أنه قال لا تجالس صاحب هوى فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك أو تخالفه فيمرض قلبك .
( شرح )
و هذا الأثر من مصعب رحمه الله يقول لا تجالس مفتونا و هو مبتدع مفتون في دينه فإنك إذا جالست مفتونا إما أن يفتنك فتتابعه على بدعته أو يؤذيك قبل أن تفارقه فأنت متضرر على كل حال هذا جليس السوء جليس السوء كما قال النبي ﷺ مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك أما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة إما أن تشتري منه و إما أن يعطيك هدية أو تعلق بك منه رائحة طيبة فأنت مستفيد على كل حال بمجالسة الجليس الصالح يحضك على الخير أو يحذرك من الشر و من البدع و أما جليس السوء فأنت متضرر على كل حال كـنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا كريهة فكذلك الجليس السيئ إما أن يحسن لك البدع و المعاصي إما أن يوقعك فيها و إما أن يحسنها و يهون من شأنها في نفسك.
و لهذا قال في هذا الأثر لا تجالس مفتونا يعني مفتونا في دينه فإنك لم يخطئك إحدى اثنتين يعني لن تسلم منه في الغالب , في الغالب لا تسلم من واحدة من خصلتين الخصلة الأولى أن يفتنك فتتابعه يعني يؤثر عليك و يحسن هذه البدعة و الشبهة في نفسك حتى توافقه و تعتنقه و الخصلة الثانية أن يؤذيك قبل أن تفارقه يؤذيك بكلامه و بشبهه التي يوردها حتى يؤذيك و يوغر صدرك و تتألم إن كان في قلبك حياء القلب الحي يتألم من الشرور و المعاصي و البدع فهذا فيه التحذير من البدع و الأمر بلزوم السنة و الجماعة .
( متن )
و قال علي : من فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
(المحقق)
تقدم تخريجه عن ابن عباس و لم يذكر السيوطي في الجامع الكبير أن هذا الأثر مروي عن علي حيث ذكر عن من روى من الصحابة .
( شرح )
و هذا كما سبق قوله كرم الله وجهه هذه من بعض النساخ و أنه لا يخصص عن غيره فالصحابة كلهم كرم الله وجوههم و رضي عنهم فتخصيص علي بقوله كرم الله وجهه أو هذا من نساخ بعض الشيعة و لا يخص علي عن غيره فالصحابة كلهم .
يقول من فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه و هذا من باب الوعيد و يدل على أن ذلك من الكبائر من فارق الجماعة فقد ارتكب كبيرة كما جاء في الحديث الآخر في صحيح مسلم من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر فإن من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهيلة هذا من باب الوعيد يدل على أنه من الكبائر و لا يدل على أنه كافر لكن من باب التغليظ و الوعيد.
فكذلك هذه المقالة من علي يقول من فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه يعني قد ارتكب كبيرة لأن مفارقة الجماعة مفارقة للسنة مفارقة أهل السنة و الجماعة فقد خالف السنة و من خالف السنة يخشى عليه الهلاك يكون مرتكب للكبيرة بضعف إيمانه و إذا ارتكب ما يكون كفرا صار كافرا لكن الأصل أنه مرتكب لكبيرة فمن خالف الجماعة فهو مرتكب لكبيرة و هذا من باب الوعيد و الكبيرة قد تكوت كبيرة مكفرة و قد تكون غير مكفرة فإن كانت هذه الكبيرة إذا كانت مفارقته للجماعة مفارقة لهم في أصل الدين بأن ارتكب شركا في العبادة أو ناقضا من نواقض الإسلام فهذا كفر و ردة وإن كان دون ذلك فهو كبيرة من كبائر الذنوب.
فالمقصود أن هذا من باب التغليظ و فيه الحث على لزوم الججماعة و أن من فارق الجماعة جماعة المسلمين مفارقة الصحابة و التابعين كبيرة من كبائر الذنوب .