شعار الموقع
شعار الموقع

الإبانة الصغرى لابن بطة 11 من قوله: "قال علي لنوف البكالي وهو معه على السطح...". إلى قوله: "وقال معاذ بن جبل اجلس بنا نؤمن ساعة".

00:00

00:00

تحميل
69

قال رحمه الله تعالى :

( متن )

قال: حدثنا القاضي ابن مطرف قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن خالد قال: حدثني أبو عبد الله المؤدب المعروف بابن شاخيل قال: حدثنا يزيد بن محمد الثقفي قال: أخبرنا بن حسان بن سدير عن سدير عن محمد بن علي عن أبيه أنه قال: قال علي لنوف البكالي و هو معه على السطح يا نوف أتدري من شيعتي؟ قال:  لا و الله قال: شيعتي الذبل الشفاه الخنص البطون تعرف الرهبانية و الربانية في وجوههم رهبان بالليل أسد بالنهار إذا جنهم الليل ائتزروا على أوساطهم و ارتدوا على أطرافهم يخورون كما تخور الثيران في فكاك رقابهم , شيعتي الذين إذا شهدوا لم يخرقوا و إذا خطبوا لم يزوجوا و إذا مرضوا لم يعادوا و إذا غابوا لم يفقدوا شيعتي الذين في أموالهم يتواصون و في الله يتبادلون درهم و فلس و فلس و ثوب و ثوب و إلا فلا شيعتي من لم يهر هرير الكلاب و لم يطمع طمع الغراب لا يسأل الناس و إن مات جوعا و إن رأى مؤمناً أكرمه و إن رأى فاسقاً هجره هؤلاء و الله يا نوف شيعتي شرورهم مأمونة و قلوبهم محزونة و حوائجهم خفيفة و أنفسهم عفيفة إذا اختلفت بهم البلدان لم تختلف قلوبهم أما الليل فصافين أقدامهم يفترشون على جباههم تجري دموعهم على خدودهم يجأرون في فكاك رقابهم أما النهار فحلماء علماء نجباء كرام أبرار و أتقياء، يانوف شيعتي الذين اتخذوا الأرض بساطا و الماء طيبا و القرآن شعارا و الدعاء دثارا قرضوا الدنيا قرضا على دين منهاج على منهاج عيسى بن مريم .

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين , أما بعد :

فهذا الأثر ساقه المؤلف رحمه الله بالسند و الغالب أنه يحذف الأسانيد في هذه الرسالة للاختصار لكن أحياناً يذكر الإسناد و ذكره في هذا، و هذا الأثر أثر مطول وهو غريب ذكر فيه السند و عن نوف البكالي في سنده و نوف البكالي عن محمد بن علي وهو محمد ابن الحنفية عن محمد يحتمل محمد بن علي الباقر عن أبيه قال: قال: علي لنوف البكالي و هوخطاب محاورة بين علي و بين نوف البكالي قال معه وهو على السطح قال علي لنوف البكالي و هو معه على السطح: يا نوف يخاطب نوفا البكالي: يا نوف، وهذا نوف بن امرأة كعب الأحبار قال علي لنوف: يا نوف أتدري من شيعتي؟ استفهام سؤال استفهام و ألقى السؤال بصيغة الاستفهام حتى ينتبه للجواب فأحياناً تلقى المسألة على الطلاب بصيغة الاستفهام حتى يتشوقوا إلى فهمها، كما قال النبي ﷺ في الحديث لمعاذ أتدري يا معاذ ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قال الله و رسوله أعلم حتى يلقي سمعه لما يقال.

  فعلي قال يا نوف أتدري من شيعتي؟  شيعتي يعني الذين يشايعونني و تولون يعني شيعته الذين هم أنصاره و أتباعه و الذين يتولونه و يوالونه هم الذين يوالونه و ينصرونه و يتبعونه أتدري منهم شيعتي يعني على الحقيقة بصيغة الاستفهام ألقى السؤال بصيغة الاستفهام قول علي لنوف يا نوف أتدي من شيعتي؟ أتدري من هم أنصاري؟ أتدري من هم أحبابي؟ أتدري من هم أتباعي؟ أتدري من هم الذين يوالونني؟ قال: لا،، قال: هم الذين يتصفون بهذه الصفات الآتية: هؤلاء هم شيعتي قال: لا و الله.

قال شيعتي شيعتي الذبل الشفاه الخنص البطون " الذبل الشفاه الخنص البطون" يعني أنهم يصومون حتى تذبل شفاههم يعني عباد من كثرة الصوم تكون الشفاه تذبل ذابلة يابسة و الصائم في آخر نهار الصيام تذبل شفتاه بسبب الصوم و انقطاعه عن الطعام و الشراب تكون الشفاه ذابلة يابسة ذبل الشفاه يعني شفاههم يابسة من الصوم , الخنص البطون بطونهم ضامرة من الجوع لأنهم يصومون هم شفاههم ذابلة يابسة و بطونهم خمص يعني قد لصقت بأجوافهم بسبب ترك الطعام و الشراب من أجل الصوم يعني صوام تذبل شافههم و خنص البطون.

 قال: تعرف الرهبانية و الربانية في وجوههم الرهبانية العبادة تعرف العبادة في وجوههم  و الربانية يعني يعملون بمقتضى ربوبية الله لهم فهم يتخذون الله رباً و إلهاً و معبوداً يؤمنون بأسمائه و صفاته و أفعاله و أنه يربي الخلق بنعمه، فهم يثبتون أسماء الله و صفاته و أفعاله و ربوبيته و أنه الخالق الرازق المدبر المحيي المميت، فهم يعبدون الله و يعملون بقتضى الربوبية يظهر هذا في وجوههم هذا وصف ثان الوصف الأول أنهم ذبل الشفاه خمص البطون يصومون تذبل شفاههم و تذبل بطونهم تخمص بطونهم يعني بطونهم ضامرة من الجوع من الصوم، و الوصف الثانية: تعرف الرهبانية والربانية في وجوههم يعني يتعبدون لله و يؤمنون بربوبيته و أنه يربي العباد بنعمه و أنه الرب المعبود الخالق الرازق المدبر.

 الثالث الوصف الثالث: رهبان بالليل أسد بالنهار رهبان بالليل يعني رهبان و بالنهار أسد جمع أسد يعني شجعان في القتال في الجهاد فهم في الليل ماذا يعملون؟ رهبان يصلون الليل يراوقون بين الجباه و الأقدام، و في النهار؟ شجعان كالأسود يقاتلون الأعداء و يجاهدون في سبيل الله هذا وصفهم الثالث.

 الوصف الرابع: إذا جنهم الليل ائتزروا على أوساطهم و ارتضوا على أطرافهم ائتزروا يعني شدوا الإزار على أوساطهم لماذا يشدون الإزار؟ حتى يكون أقوى لهم على العبادة فهم يقومون الليل فهم يشدون أوساطهم بالإزار يأتتزرون حتى يكون أقوى لهم على القيام على طول القيام و ارتضوا على أطرفاهم يعني جعلوا الرداء على أطرافهم على المئزر مثل الحج و العمرة يجعل الرداء على كتفيه و الإزار يشدون أوساطهم و يرتدون على أطرافهم هذا الوصف الرابع.

 و الوصف الخامس يخورون كما تخور الثيران في فكاك رقابهم , يعني ما معنى يخورون ؟ الخوار صوت البقر يقال له خوار و منه ما جاء في الحديث في التحذير من الغلول قال النبي ﷺ ليأتين أحدكم يوم القيامة يأتي على رقبته بقرة لها خوار أو شاة... لها خوار تخورون كما تخور البقر الثيران، الثيران جمع ثور و الثور ذكر البقر يخورون كما تخور الثيران في فكاك رقابهم، يعني يبكون في الليل طلباً في فكاك رقابهم يبكون يصيحون و يبكون و يكون لهم صوت كصوت خوار البقر و الثيران، خوفاً من الله في فكاك رقابهم من النار كم هذا من وصف ؟ خمسة.

ثم قال شيعتي هذا وصف آخر الذين إذا شهدوا لم يعرفوا و إذا خطبوا لم يزوجوا و إذا مرضوا لم يعادوا و إذا غابوا لم يفتقدوا المعنى أنهم بعيدون عن الشهرة ليسوا معروفين فإذا شهدوا لم يعرفوا إذا حضروا المجالس ما يعرفهم أحد لبعدهم عن الشهرة و لزهدهم في اللباس فهم يعني صلحاء لكنهم لا يعرفهم كثير من الناس بسب كونهم ليس لهم شيء يشتهرون به لا في اللباس و لا في المناصب و لا في شيء ما يعرفون إذا شهدوا لم يعرفوا و إذا خطبوا لم يزوجوا ما يزوجهم أحد لأنهم غير معروفين ما عندهم منصب و لا جاه ولا مال إذا خطب الواحد منهم ما يزوج لماذا ما يزوج ؟ لأن كثير من الناس يريد ينظر إلى من يزوجه هل عنده مال هل عنده كذا هل عنده بيت عنده سيارة هؤلاء ما عندهم شيء فإذا خطبوا لم يزوجوا فقراء، و إذا مرضوا لم يعادوا ما أحد يعودهم لأنهم غير معروفين و إن غابوا لم يفتقدوا إن شهدوا لا أحد يعرفهم و إن غابوا ما فقدوا لأنهم غير معروفين غير مشهورين بسبب بعدهم عن المظاهر و عن مظاهر الدنيا فلا أحد يعرفهم ما لهم منصب و لا جاه و لا مكانة في المجتمع و لهذا وجودهم و عدهمهم سواء إن شهدوا لا أحد يعرفهم و إن غابوا لا يفقدون إن شهدوا لا يعرفون و إن غابوا لا يفتقدون،- هذا كم وصف؟-.

ثم قال شيعتي هذا وصف آخر شيعتي الذين في أموالهم يتواصون و في الله يتبادلون شيعتي يعني أنصاري و أهل ولايتي و أهل محبتي و أتباعي هذا وصفهم الذين في أموالهم يتواصون يواسي بعضهم بعضا في المال يواسي الغني و الفقير في أموالهم و في الله يتبادلون يبادلون الأموال لله كما قال الله تعالى وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ۝ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ماذا يبذلون درهما و فلسا و فلسا و ثوبا و ثوبا و إلا فلا يبذل درهم و الفلس أقل شيء مثل القرش و ما أشبه ذلك، درهم و فلس يبذل يعطي هذا درهم و فلس و يعطي هذا فلسا و فلسا و ثوبا.

ثم قال شيعتي من لم يهر هرير الكلاب و لم يطمع طمع الغراب، يعني أني لا يبذرون و لا يمسكون لا يهرون هرير الكلاب لا يبذر تبذيرا و لا يمسك و يحرص يمسك المال و يجمعه و يبخل بالواجب، بل وسط كما قال الله تعالى وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك فتبخل بالواجب و لا تبسطها كل البسط فتبذر و لكن بين ذلك فهؤلاء كذلك لا يهر الواحد هرير الكلاب ينفق الأموال في كل ما هب و دب و لا يجمع المال يحرص على جمعه كطمع الغراب.

 ثم قال من أوصافهم (لا يسأل الناس و إن مات جوعا) الواحد منهم من شيعتي أنصاري و أحبابي الواحد منهم لا يسأل الناس الفقير و إن مات جوعاً يموت في بيته و لا أحد يعلم عنه و لا يسأله لا يسأل الناس و إن مات جوعاً.

- ثم ذكر من أوصافهم واحد منهم- قال و إن رأى مؤمناً أكرمه إن رأى مؤمنا يكرمه هؤلاء شيعته كما وصفهم و إن رأى فاسقاً هجره فاسقا مرتكبا لكبيرة أو بدعة يهجره و لعل هذا هو الشاهد من أجله أتى به أتى بهذا الأثر الطويل من أجل و إن فاسقا هجره الفاسق و المبتدع و العاصي يهجره فيه هجر أهل البدع.

 ثم قال: هؤلاء و الله يا نوف شيعتي هؤلاء أنصاي و أحبابي و أتباعي و الذي أواليهم و يوالوني.

 ثم قال: أيضا وصف من أوصافهم (شرورهم مأمونة) شرور هؤلاء من شيعتي مأمونة، الناس يأمنون من شرهم ما يعتدون على أحد لا في دم و لا في مال و لا في عرض شرورهم مأمنونة و قلوبهم محزونة قلوبهم محزونة على أي شيء ؟ على إصلاح الناس و تفقد أحوالهم هم يحزنون على أهل المعاصي و على أهل البدع و من يخالف الله و يحزنون على الفقراء لما لا يواسيهم الأغنياء شرورهم مأمونة و قلوبهم محزونة و حوائجهم خفيفة خفيفة من الذلة ما يتوسلون و أنفسهم عفيفة عندهم عفة عن الحرام و المتشابه.

ثم قال إذا اختلفت بهم البلدان لم تختلف قلوبهم يعني يقول شيعتي و لو كانوا في بلدان متعددة لكن قلوبهم مئتلفة لو كان واحد في الشرق و الثاني في الغرب و هذا عربي و هذا عجمي إلا أن قلوبهم متفقة و إن كانت البلدان متباعدة إذا اختلفت بهم البلدان لا تختلف قلوبهم.

 ثم ذكر أيضاً من أوصافهم فقال أما الليل فصافون أقدامهم يصفون أقدامهم يعني للصلاة يصفون أقدامهم إذا جاء الليل صف كل واحد قدمه للصلاة و العبادة و التهجد يفترشون جباههم يعني يراوح بين القدمين و بين الجباه و يصف قدمه في القيام و يفترش جبهته في السجود فهو يراوح بين الجبهة و بين القدم في الصلاة في الليل.

 ثم قال تجري دموعهم على خدودهم.. لماذا ؟ خوفا من الله يخافون الله و يبكون و يتضرعون تجري دموعهم على خدودهم.

ثم قال يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم يجأرون صوت يعني يجأرون يعني لهم صوت لبكائهم صوت يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم و يبكون ويصيحون و يكون لهم جؤار يسألون الله أن يفك رقابهم من النار هذا في الليل، أما النهار فحلماء علماء نجباء كرام أبرار و أتقياء، حلماء جمع حليم و الحليم هو الذي يصفح عن من ظلمه و يعفو عن من ظلمه حلماء جمع حليم و علماء جمع عالم نجباء جمع نجيب كريم أصله شريف كرام عندهم كرم و بذل أبرار جمع بر أتقياء و البر التقي هو الذي يوحد الله و يخلص له العبادة يؤدي فرائضه و ينتهي عن محارمه.

 يا نوف شيعتي الذين اتخذوا الأرض بساطا يعني يتخففون من الدنيا ما عندهم فرش و لا سرر اتخذوا الأرض بساطا يفترشون عليها و ينامون عليها و الماء طيبا لفقرهم ما عندهم شيء ما عندهم سرر و ما عندهم عماير و لا كذا يتخذون الأرض بساطا و الماء طيباً ما عندهم طيب لفقرهم ما عندهم طيب و لكنهم يملكون الماء يغتسل الواحد منهم فتحصل له النظافة به بدل الطيب، اتخذوا الأرض بساطا و الماء طيبا و القرآن شعارا و الدعاء دثارا الشعار هو الثوب الذي يلي الجسم يقال له شعار و الدثار الثوب الذي فوقه , الثوب الذي يلي الجسم مثل الفنيلة هذه تسمى شعار و الثوب الذي فوقه يسمى دثار، و هو من قول النبي ﷺ أنا والأنصار شعار والناس دثار  لأنه أخص بالنبي و الدثار فوقهم هذا يدل على أن الأنصار لهم منزلة عند النبي ﷺ أولا جعلوا القرآن شعارا يعني يبدأون بالقرآن، أولاً يبدأون بالقرآن ثم الدعاء ثانياً فيقدمون القرآن لأنه كلام الله ثم بعد ذلك الدعاء في المرتبة الثانية المرتبة الأولى القرآن شعار و الدعاء دثار قرضوا الدنيا قرضا يعني أخذوا منها بقدر حاجتهم لم يتوسعوا فيها.

 ثم قال -هذه الطامة- على دين منهاج على منهاج عيسى بن مريم طيب و منهاج النبي ﷺ.

هذا الأثر كما سمعتم غريب هذا غريب و هذا الحديث منكر هذا الحديث ضعيف السند منكر المتن شاذ وهو حديث ضعيف باطل لشذوذ متنه و نكارته و ضعف سنده أما ضعف السند فإن في سنده نوفا البكاري، نوف البكاري هذا بن امرأة كعب الأحبار و كعب الأحبار هذا رجل أسلم كان يهودياً فأسلم في زمن التابعين و له امرأة تزوج امرأة و لها هذا الولد نوف البكاري، والأقرب انه مأخوذ عن بني إسرائيل، ونوف البكاري مجهول مستور الحال، مجهول والسند الذي يكون فيه مجهول يكون ضعيفا، هذا نوف فقط و لو فتشنا بقية السند لوجدنا أيضا ضعفاء غيره، لكن يكفينا هو ضعف السند.

 أما منكر فهو منكر شاذ من وجوه متعددة و أعظم نكارة فيه قوله على دين و منهاج عيسى بن مريم يتعبدون على دين عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام ؟ بعد بعثة النبي ﷺ و النبي ﷺ يقول في الحديث الصحيح والله لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي و عيسى إذا نزل آخر الزمان يحكم بشريعة محمد ﷺ فيقتل الخنزير و يكسر الصليب و يضع الجزية و يكون فردا من الأمة المحمدية ﷺ كيف يتعبدون على دين و منهاج عيسى , ومنهاج النبي ﷺ الذي شريعته خاتمة الشرائع ؟

ففي هذا الحديث نكارة و أعظم نكارة قولهم على دين و منهاج عيسى  و كذلك من النكارة الآن هذه الصفات يعني لا يكون مواليا لعلي إلا من اتصف بهذه الصفات من تنتطبق عليه الصفات ؟ ذبل الشفاة خمص البطون رهبان بالليل أسد بالنهار إذا جنهم الليل ائتزروا هذه من تنتطبق عليه ما تنطبق حتى على الصحابة طيب و الذي لا تنطبق عليه هذه الصفات لا يكون من شيعة علي ؟ إذا كان رجل من أهل السنة و الجماعة يوالي علي بن أبي طالب يؤدي الصوات الخمس و يصوم رمضان و يؤتي زكاته و يحج البيت الحرام و لا يتصف بهذه الصفات ما يصلي بالليل و لا يتصف بهذه الصفات ما يكون من شيعة علي ؟ ما يكون مواليا لعلي ؟ بلى كل السنة و الجماعة موالون لعلي، فهذا يدل على نكارة هذا المتن و شذوذه و الأقرب أنه من أخبار بني إسرائيل كعب الأحبار هذ أسلم و هو ينقل عن بني إسرائيل فيحتمل أن نوف البكالي هذا أخذ من زوج أمه أخذ هذا الكلام من زوج أمه كعب الأحبار عن بني إسرائيل و أشد ما فيه من النكارة قوله على دين و منهاج عيسى بن مريم كيف يتعبدون على منهاج عيسى بن مريم و يتركون دين النبي ﷺ و سنة النبي ﷺ و شريعته الخاتمة.

و رواية المؤلف -رحمه الله- تنزه عن كتابة مثل هذا الأثر وما ذكره فيه الكفاية مئتين و ثلاثين أثر فلا داعي لهذا الأثر الذي متنه منكر و مرسل و سنده ضعيف، و هذا هو آخر الآثار في القسم الأول المؤلف -رحمه الله- كما هو معروف قسم كتابه إلى أربعة أقسام:

القسم الأول الحث على لزوم السنة و الجماعة و التحذير من البدع و صاغ مئتين و ثلاث و ثلاثين أثر. ثم بعد ذلك ننتقل إلى...

 القسم الثاني: و هو مسائل الاعتقاد مسائل التوحيد و الاعتقاد و ساق المؤلف رحمه الله إحدى و أربعين مسألة من مسائل التوحيد و الاعتقاد و رقمها المحشي واحد و أربعين مسألة من مسائل التوحيد و الاعتقاد.

 ثم.. القسم الثالث:  فقه و أحكام فقهية ساق فيها مئة و خمس و خمسين مسألة فقهية لكنها قصيرة مثل رفع اليدين هذي سماها مسألة رفع اليدين في الصلاة فالمؤلف فقيه و متخصص بالفقه و متخصص بالعقيدة.

 ثم القسم الرابع: ساق البدع و المحدثات ساق ثلاثين بدعة على التفصيل في ذلك هل يوافق أو ما يوافق بعضها و المعاصي التي تؤدي إلى بدع و ذكر كثير من الفرق.

 الآن... ننتقل إلى القسم الثاني و هي مسائل التوحيد و الاعتقاد إحدى و أربعين مسألة:

( متن )

قال الشيخ:

قد أتينا يا أخي -رحمك الله- و نفعنا و إياك بالعلم و استعملنا به .

( شرح )

قال الشيخ: يعني ابن بطة -رحمة الله عليه- , الشيخ ابن بطة يا أخي -رحمك الله- هذا من نصحه رحمه الله حيث إنه يعلمك و يدعو لك يعلمك و يدعو لك بالرحمة من نصحه تعليم و دعاء يا أخي رحمك الله  .

( متن )

و نفعنا و إياك بالعلم و استعملنا به و وفقنا للسنة و أماتنا عليها .

( شرح )

آمين هذا دعاء عظيم , قوله: رحمك الله و نفعنا وإياك بالعلم و استعملنا به يعني يجعلنا ممن يعمل بالعلم و وفقنا للسنة يعني العمل بالسنة و أماتنا عليها دعاء عظيم ينبغي أن يؤمن عليه .

( متن )

بجمع من أقاويل العلماء و أخبار المصطفى ﷺ للتحذير و التخويف و الإعداد .

( شرح )

يعني يبين أن هذا سبق القسم الأول، يقول أتينا يعني ذكرت لك جمل من أقاويل العلماء و أخبار المصطفى ﷺ يعني التي سبقت و هي مئتين و ثلاث و ثلاثين جملة مئتين و ثلاثة و ثلاثين أثرا أو حديثا، بعضها أقوال العلماء و بعضها أحاديث عن النبي ﷺ في أي شيء ؟ قال في التحذير و التخويف و الإعداد الإبلاغ و للتحذير و التخويف و الإعداد و التهيئة و الإنذار أنذار من البدع من الوقوع في البدعة .

( متن )

و الإنذار من الوقوع في البدعة و ما أمروا به من التمسك بالسنة و التحفظ لها و الإقبال عليها و مجانبة من خالفها و مباينة من خرج عليها بما اتجه لنا رسمه و سهل علينا ذكره مما في بعضه كفاية و غنى لمن أحب الله خيره و كان بقلبه أدب و حياء .

( شرح )

يعني يقول: إني ذكرت الأدلة و النصوص من كلام العلماء و أخبار النبي ﷺفي التحذير و التخويف و الإنذار من البدع و ما أمر به العلماء من التمسك بالسنة و التحفظ لها والتيقظ لها و الإقبال عليها، و مجانبة من خالفها يعني البعد عمن خالف السنة و مباينة من خرج عليها البعد عنه و يكون الإنسان مبايناً له يعني مبتعداً عنه بما اتجه لنا رسمه يعني كتابته ذكرت شرحت لك هذه الآثار الذي فتح الله علي فرسمته لك بما اتجه لنا رسمه و سهل علينا ذكره يعني هذه الأثار سهلت وإلا في نصوص أخرى غير هذه،  مما في بعضه كفاية و غنى لمن أحب الله خيره و كان في قلبه أدب و حياء لو قال لمن أراد الله هدايته لكان أحسن لمن أحب الله خيره يعني ممن وفقه للعمل فوفقه للعمل الصالح فصدر منه الخير و هو البر و التقوى و كان بقلبه أدب و حياء .

( متن )

تمهيد:

و نحن الآن ذاكرون شرح السنة و وصفها و ما هي في نفسها  و ما الذي إذا تمسك به العبد و أدان الله به سمي بها و استحق الدخول في جملة أهلها و ما إن خالفه أو شيئا منه دخل في جملة من عبناه و ذكرناه و حذرنا منه من أهل البدع و الزيغ مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام و سائر الأمة مذ بعث الله نبيه ﷺ إلى وقتنا هذا .

( شرح )

يقول المؤلف -رحمه الله- ذكرنا لك من الآثار ثلاث و ثلاثين أثرا في التحذير من البدع و البعد عن أهلها الآن سوف أذكر لك شرح السنة، يعني ما أثر عن الرسول ﷺ و صحابته من العقائد و العبادات، سأذكر لك شرح السنة و وصفها وصف السنة و ما هي في نفسها يعني السنة و ما الذي إذا تمسك به العبد و دان الله به سمي بها، ما الذي إذا تمسك به العبد و دان الله يعني تدين لله بذلك يعني عبد الله متدينا بذلك، ما هو الشيء الذي إذا فعله الإنسان أو تدين به سمي من أهل السنة و استحق الدخول في جملة أهلها –أهل السنة- و من الذي إذا خالفه أو شيء منها دخل في جملة أهل البدع الذين عبناهم و ذكرنا النصوص في التحذير منهم و حذرنا منهم من أهل البدع و الزيغ.

-واضح هذا ؟- إذا يقول المؤلف سأذكر لك الآن جملا من السنة و وصفها و ما هي في نفسها و الذي إذا تمسك بها الإنسان ودان الله بها سمي من أهل السنة، و الذي إذا خالفها أو شيئا منها دخل في جملة أهل البدع الذين حذرنا منهم، و هذه السنة التي سأذكرها لكم مما أجمع على شرحها له أهل الإسلام أجمع أهل الإسلام على شرحها و سائر الأمة منذ أن بعث الله نبينا محمد عليه الصلاة و السلام إلى وقتنا هذا.

و المراد بهذا أهل السنة و الجماعة و لم يأت بخلاف أهل البدع لأن أهل البدع إنما أحدثوا بعد إجماع الصحابة أجمعوا الصحابة و التابعون أجمعوا على هذه السنن و على هذه العقائد المأخوذة من كتابنا و سنة رسولنا ﷺ قبل مجيء أهل البدع من الجهمية و المعتزلة و الخوارج ثم جاء أهل البدع فلا عبرة بخلاف أهل البدع لأنهم مسبوقون بإجماع أهل السنة و الجماعة و لهذا قال مما جمع على شرحنا له أهل الإسلام و سائر الأمة منذ بعث الله نبينا ﷺ إلى وقتنا هذا .

( متن )

الإيمان

أول ما نبدأ ذكره من ذلك ذكر ما افترض الله على عباده و بعث به رسوله ﷺ و أنزل فيه كتابه و هو الإيمان بالله .

و معناه التصديق بما قاله و أمر به و افترضه و نهى عنه من كل ما جائت به الرسل من عنده و نزلت به الكتب و بذلك أرسل المرسلين فقال : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ

و التصديق بذلك قول باللسان و تصديق بالجنان و عمل بالأركان يزيده كثرة العمل و القول بالإحسان و ينقصه العصيان و له أول و وبداية ثم ارتقاء و زيادة بلا نهاية قال الله   الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وقال وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا و قال تبارك و تعالى لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ .

و قال معاذ بن جبل لرجل اجلس بنا نؤمن ساعة يعني نذكر الله نزداد إيمانا و كل شيء يزيد فهو ينقص .

( شرح )

هذه المسألة الأولى من مسائل الاعتقاد: الإيمان.

 هذه المسألة الأولى الإيمان و لهذا قال المؤلف -رحمه الله- أول ما نبدأ بذكره من ذلك ذكر ما افترض الله على عباده و بعث به رسوله ﷺ و أنزل فيه كتابه و هو الإيمان بالله الإيمان هو فريضة الله على عباده و به بعث الله الرسول ﷺ و أنزل الكتب و هو توحيد الله و إخلاص العبادة له و بهذا أرسل الله الرسل و أنزل الكتب قال الله تعالى وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ و قال الله سبحانه وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ

الإيمان هو التوحيد و الإيمان أصله التصديق بالقلب تصديق بما قاله الله و أمر به و افترضه و نهى عنه تصديق بالقلب، و هذا هو أصل الإيمان و قول باللسان يصدق الإنسان بقلبه بما أمر الله له و بما قاله يصدق بكلام الله و كلام رسوله يصدق بالأوامر و الفرائض و الواجبات و أن الله أمر بها و يصدق بالنواهي يصدق بقلبه يعني يعترف و يقر، ثم بعد ذلك ينطق بلسانه الشهادتين يقول أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله و تصديق بالقلب أو بالجنان و إقرار بالسان يعني يقول أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله و عمل بالجوارح , الجوارح تعمل تصلي تصوم تزكي و عمل بالقلب القلب ينقاد انقياد و ذلة و إخلاص و صدق و محبة و رغبة و رهبة و خشية و توكل و إنابة يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية.

 فصار مسمى الإيمان عند أهل السنة و الجماعة هو: تصديق بالقلب و نطق باللسان و عمل بالقلب و عمل بالجوارح – وضح هذا؟- فيكون أربعة أشياء مسمى الإيمان عند أهل السنة يشمل أربعة أشياء تصديق بالقلب و يسمى قول القلب و قول القلب تصديق بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالقلب و عمل بالجوارح و إن شئت تقول قول القلب و قول اللسان و عمل القلب و عمل الجوارح قول القلب و هو التصديق و الإقرار و قول اللسان و هو النطق و عمل القلب و هو النية و الإخلاص و الانقياد و عمل الجوارح و هو ما يعمل الإنسان بجوارحه.

 و السلف لهم عبارات فيقولون الإيمان تصديق بالقلب و عمل بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالجوارح و يقولون تصديق بالجنان و إقرار باللسان و عمل بالأركان يزيد بالطاعة و ينقص بالعصيان و يقولون الإيمان قول و عمل و يقولون الإيمان قول و عمل و نية، قول يشمل قول القلب و قول اللسان و عمل القلب و عمل الجوارح جميعا هذا مسمى الإيمان عند أهل الفقه من السنة و الجماعة من الصحابة و التابعين و الأئمة و العلماء و غيرهم، -الجنان القلب (بفتح الجيم) أما الجنان بالكسر جمع جنة الجنان جمع جنة-.

ولهذا قال المؤلف -رحمه الله- أول ما نبدأ بذكره من ذلك الإيمان لماذا بدأ بالإيمان لأن الإيمان هو فريضة الله على عباده فرض الله الإيمان على كل الناس و الموحد هو المؤمن و الإيمان هو التوحيد فمن آمن فهو موحد لله و الموحد مؤمن.

إذاً التوحيد هو فريضة الله على عباده التوحيد و الإيمان هو فريضة الله على عباده كل نبي أرسله الله يدعو إلى التوحيد قال الله تعالى عن نوح عليه السلام لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ كل نبي بادئ ذي بدء يدعو إلى التوحيد ما يبدأ بشيء قبل التوحيد لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ  وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ  وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ

 إذاً التوحيد و الإيمان هو فريضة الله على عباده فريضة الله على عباده و هو الأمر الذي لأجله خلقهم وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ و هو الغاية المحمودة لله المرضية له و هو الذي لأجله أرسل الله الرسل وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ و لأجله أنزل الله الكتب وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ

إذاً الإيمان و التوحيد هو فريضة الله على عباده الأولين و الآخرين وهو الذي لأجله خلقهم و لأجله أرسل الله الرسل و لأجله أنزل الله الكتب و لهذا بدأ المؤلف بالإيمان لأنه أفرض الفرائض و أوجب الواجبات الإيمان والتوحيد فريضة الله على عباده، و لهذا قال المؤلف: أول ما نبدا بذكره من ذلك ذكر ما افترض الله على عباده و بعث به رسوله ﷺ و بعث به الرسل السابقين و أنزل فيه كتابه ما هو ؟ هو الإيمان بالله هذا أول ما نبدأ به هذا الذي افترضه الله على عباده و بعث به رسوله و أنزل فيه كتابه الإيمان , الإيمان افترضه الله على عباده و بعث به رسوله و أنزل فيه كتابه.

 ما هو الإيمان ؟ قال المؤلف و معناه التصديق بما قاله و أمر به و افترضه و نهى عنه بكل ما جاءت به الرسل من عنده و نزلت فيه الكتب، (هذا ايش؟) هذا التصديق بالقلب هذا الأمر الأول من الإيمان تصديق ما معنى التصديق؟ الإقرار و الاعتراف و هو قول القلب يقر القلب و يصدق و يعترف و ضد التصديق التكذيب فالذي لا يصدق يكذب كما كذب بعض الكفرة كذبوا النبي ﷺ  كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ  كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ كذبوا بألسنتهم أو بأفئدتهم و قلوبهم فالمكذب ضد المصدق , المصدق هو الذي يقر و يعترف بقلبه و ينطق بلسانه التصديق يكون بالقلب و باللسان فالقلب يقر و يعترف و يؤمن و اللسان ينطق و الجوارح تعمل لا بد من هذا.

إذاً يقول المؤلف معناه التصديق بما قاله و أمر به و افترضه و نهى عنه، ما هي الأشياء التي افترضها و قالها ؟ قال كل ما جاءت به الرسل من عند الله و نزلت به الكتب من الأوامر يصدق بها و النواهي كذلك لكن كل أمة يجب عليها أن تعمل بشريعة رسولها، و الرسل دينهم واحد وهو التوحيد و الشرائع مختلفة كما قال الله تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا و قال عليه الصلاة و السلام إنا معاشر الأنبياء إخوة لعلات ديننا واحد وأمهاتنا شتى الرسل اتفقوا كلهم دينهم واحد و هو التوحيد كل نبي أمر بالتوحيد يقول لهم اعبدوا الله وحده، يجب توحيد الله في كل زمان و في كل مكان، و يجب طاعة كل رسول في زمانه بالشريعة التي جاء بها و هذا هو الإسلام بمعناه العام.

 الإسلام بمعناه العام توحيد الله و طاعة كل نبي في زمانه بما جاءت به الشريعة، و الإسلام الخاص هو متابعة نبينا ﷺ و توحيد الله هو الإيمان بمحمد ﷺ و العمل بالشريعة شريعة القرآن.

 إذاً الإيمان هو التصديق بما قاله و أمر به و افترضه و نهى عنه بكل ما جاءت به الرسل من عنده و نزلت به الكتب.

 قال المؤلف: و بذلك أرسل المرسلين يعني أرسل الله المرسلين و قال  وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُون لا إله إلا أنا هذه كلمة التوحيد لا إله إلا الله و الإله معناه المعبود الإله هو المعبود لا إله إلا الله معناها لا معبود بحق إلا الله هذه كلمة التوحيد و كلمة التقوى التي تقي الإنسان من الشرك وهي أصل التوحيد أساس الملة , أصل الدين و أساس الملة الشهادة لله تعالى بالوحدانية ولنبيه ﷺ بالرسالة أصل الدين و أساسه من لم يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فلا إسلام له و لا إيمان له و لا دين له و لا يقبل الله منه أي عمل حتى يرتكز على التوحيد، و هو الشهادة لله تعالى بالوحدانية و لنبيه ﷺ بالرسالة.

 و هي شهادتان لا تتم إحداهما إلا بالأخرى من شهد أن لا إله إلا الله و لم يشهد أن محمدا رسول الله لم تقبل منه و من شهد أن محمدا رسول الله و لم يشهد أن لا إله إلا الله لم تقبل منه، لا تصح إحداهما دون الآخر.

 لا إله إلا لله معناها لا معبود بحق إلا الله المعبود الإله هو المعبود و "لا" نافية للجنس تنصب الاسم و ترفع الخبر، "إله" اسمها.. و الخبر محذوف تقديره "حق" لا إله حق إلا الله يعني لا معبود بحق إلا الله لأن المعبودات كثيرة عبدت الشمس و عبد القمر و عبد النجم و عبد الأشخاص و عبدت القبور و عبدت الملائكة لكنها عبادة بالباطل و العبادة بالحق عبادة الله وحده كما قال سبحانه ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ  لأن هذه الكلمة هي كلمة التوحيد التي من قالها قد برأ من الشرك إلا إذا عمل عملا من نواقض الإسلام.

و التصديق بذلك قول باللسان يعني المؤلف -رحمه الله- يقول بذلك أرسل الله الرسل ثم قال و التصديق بذلك قول باللسان و تصديق بالجنان و عمل بالأركان يزيده كثرة العمل و القول بالإحسان و ينقصه العصيان هذا هو مسمى الإيمان عند أهل السنة و الجماعة تصديق القول باللسان يعني ينطق بالشهادتين بلسانه فإذا امتنع عن نطق الشهادتين و ادعى أنه مصدق بالقلب لا يقبل منه القلب لا يعلم ما بالقلب إلا الله فلا بد أن ينطق بالشهادتين و إلا لم ينطق قتل لكفره.

 قول باللسان و تصديق بالجنان -بفتح الجيم الكسر أما الجنان بكسر الجيم جمع جنة و هي البستان- تصديق بالجنان و عمل بالأركان الأركان الجوارح يزيد و ينقص يزيد بأي شيء ؟ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية و لهذا قال يزيده كثرة العمل الأعمال الصالحة وهي الواجبات، و القول باللسان القول الحسن و هو ما وافق الشرع و ينقص بالعصيان المعصية ينقص الإيمان بالمعصية، إذا أطاع الإنسان ربه صلى و صام و زكى و حج و أدى الواجبات زاد إيمانه و إذا عصى سرق و زنا أو شرب الخمر أو عق والديه أو تعامل بالربا أو الرشوة أو ما يخالف الدين نقص إيمانه يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية هذا ايش معتقد ايش ؟ معتقد أهل السنة و الجماعة.

خلافا للمرجئة المرجئة يقولون أقسام المرجئة طبقات منهم مرجئة المرجئة الغلاة و هم الجهمية يقولون الإيمان معرف الرب بالقلب و الكفر جهل الرب بالقلب فإذا عرف الإنسان ربه بقلبه فهو مؤمن و إذا جهل ربه بقلبه فهو كافر و على هذا كل من عرف ربه بقلبه فهو مؤمن ألزمهم العلماء بأن إبليس مؤمن لأنه عرف ربه بقلبه على مذهب الجهم قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ و فرعون فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى فيكون على مذهب الجهم أن فرعون مؤمن لأنه عرف ربه بقلبه قال تعالى عنه وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ و اليهود على مذهب الجهم مؤمنون يعرفون ربهم بقلوبهم و يعرفون صدق النبي صلى الله عليه و سلم قال الله تعالى الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ و أبو طالب الذي ثبت في صحيح البخاري أنه مات على ملة عبد المطلب على الشرك يكون على مذهب الجهم مؤمن لأنه يعلم صدق الرسول ﷺ قال :

ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية ديناً
لولا الملامة أو حذاري مسبة   لوجدتني سمحاً بذاك مبيناً

هذا أفسد تعريف للإيمان هو تعريف الجهم يقول الإيمان معرفة الرب بالقلب،  و يرى الجهمية أنه لو فعل جميع الكبائر و المنكرات بل و الردة ما يكفر ما دام مؤمناً بقلبه، فلو قتل الأنبياء و هدم المساجد و داس المصحف بقدميه و فعل جميع الجرائم فلا يكفر حتى ينكر ربه بقلبه، هذا أفسد مذهب في الإيمان مذهب الجهمية.

 ثم يليه أيضا مذهب الكرامية ، الكرامية يقولون الإيمان نطق باللسان إذا نطق بلسانه أشهد أن لا إله إلا الله فهو مؤمن و لو كان كافرا بقلبه و لو كان مكذبا في الباطن و على هذا يقولون إن المنافقين يسمون المنافقين مؤمنين الذين يقرون بألسنتهم و يكذبون بقلوبهم يكون هذا مؤمنا كامل الإيمان عند الكرامية لأنه نطق بلسانه و لو كان مكذبا بقلبه فيسمونه مؤمنا كامل الإيمان و لكن مع ذلك يكون خالدا في النار، فيسمونه مؤمنا كامل الإيمان لأنه نطق بالشهادتين و مخلد في النار لأنه مكذب في باطنه فيكون المؤمن كامل الإيمان مخلد في النار هذا مذهب الكرامية. و هذا أيضا يلي مذهب الجهم في الفساد.

 المذهب الثالث: من أقسام المرجئة مذهب الماتروديدية و الأشاعرة يقولون الإيمان تصديق بالقلب فقط إذا صدق بقلبه فهو مؤمن.

 المذهب الرابع مذهب مرجئة الفقهاء أبو حنيفة و أصحابه الإيمان شيئان قول باللسان و تصديق بالقلب و أما أعمال القلوب و أعمال الجوارح ليست من الإيمان، و لكنها مطلوبة الفرق بينهم و بين المرجئة المحضة الذين هم الجهمية , الجهمية يقولون الأعمال غير مطلوبة الواجبات ليست واجبات و المحرمات ليست محرمات أما مرجئة الفقهاء فيقولون الواجبات واجبات و المحرمات محرمات و من فعل الواجبات أثابه الله و يثنى عليه و من فعل المحرم يؤدب و يقام عليه الحد إذا كان عليه حد و عليه الوعيد الشديد، لكن لا يسمى إيمانا يسمى برا يسمى تقوى و لا نسميه إيمانا، الإيمان تصديق القلب و قول باللسان.

 فتكون المرجئة تنقسم إلى كم طائفة ؟ أربعة طوائف: الجهمية يرون أن الإيمان معروفة القلب بالرب و الكفر جهل الرب بالقلب و الأعمال غير مطلوبة، و الواجبات ليست واجبات و يسمونه مؤمنا كامل الإيمان إذا عرف ربه بقلبه و هو في الجنة.

 و الثاني الكرامية الذين يرون أن الإيمان نطق باللسان فقط و إن كان مكذبا بقلبه فالمنافق عندهم مؤمن كامل الإيمان و هو مخلد في النار.

 المذهب الثالث مذهب الماتروديدية و الأشاعرة أن الإيمان تصديق بالقلب.

 المذهب الرابع مرجئة الفقهاء و هم طائفة من أهل السنة أبو حنيفة و أصحابه الإيمان قول باللسان و تصديق بالقلب.

 هذه طوائف المرجئة الأربع كلها باطلة لكن أقربها مذهب مرجئة الفقهاء و هم طائفة من أهل السنة إلا أن لهم آثار تؤخذ عليهم.

 و المعتزلة و الخوارج يقولون مثل أهل السنة الإيمان تصديق بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالقلب و عمل بالجوارح مثل ما يقول أهل السنة لكن الفرق بينهم و بين أهل السنة أن أهل السنة يقولون إذا فعل معصية و ترك الطاعة نقص الإيمان و يبقى على إيمانه، أما المعتزلة و الخوارج يقولون أنه إذا فعل المعصية ذهب الإيمان كله انتهى الإيمان كله القول و التصديق و العمل بمجرد ما يفعل الكبيرة انتهى الإيمان و دخل في الكفر عند الخوارج و عند المعتزلة خرج من الإيمان و لم يدخل في الكفر فيكون في منزلة بين منزلتين، و لا يزيد الإيمان و لا ينقص عند المرجئة بطوائفهم الأربعة و لا عند الخوارج و لا عند المعتزلة ما أحد يقول يزيد و ينقص إلا أهل السنة و الجماعة، أهل السنة و الجماعة انفصلوا عن بقية الطوائف فقالوا أن الإيمان قول باللسان و تصديق بالقلب و عمل بالقلب و عمل بالجوارح يزيد و ينقص يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية، المرجئة طوائف أربع الجهمية يقولون الإيمان معرفة الرب بالقلب و الكرامية الإيمان النطق باللسان و الماتروديدية و الأشاعرة الإيمان تصديق بالقلب و مرجئة الفقهاء تصديق بالقلب و إقرار باللسان و الخوارج الإيمان قول و عمل و تصديق والمعتزلة إلا أنه إذا فعل كبيرة أو ترك واجبا ذهب الإيمان و انتفى بالكلية و دخل في الكفر عند الخوارج و عند المعتزلة يكون في منزلة بين منزلتين لا مؤمن و لا كافر خرج من الإيمان و لم يدخل في الكفر يسمى فاسقا و أما في الآخرة فيتفق الخوارج و المعتزلة على أنه مخلد في النار، و أهل السنة يقولون لا يخلد في النار تحت مشيئة الله و إذا دخل النار دخل لأجل المعاصي و لا بد أن يخرج منها إما بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين.

و بهذا يتبين أن أهل السنة جمهور أهل السنة انفصلوا عن جميع الطوائف في مسمى الإيمان، و أبو حنيفة و أصحابه , أبو حنيفة -رحمه الله- له  روايتان في مسمى الإيمان الرواية الأولى نص عليها أكثر أصحابه أن الإيمان شيئان قول باللسان و تصديق بالقلب ، و أما أعمال الجوارح و أعمال القلوب ليست من الإيمان مطلوبة لكن شيء آخر نسميها برا نسميها تقوى مطلوبة لكن ليست من الإيمان، و الرواية الثانية أن الإيمان تصديق بالقلب فقط، يوافق فيها الأشاعرة و الماتروديدية يقول الإيمان تصديق بالقلب و الإقرار باللسان والعمل مطلوب لكنه ركن زائد ليس من الإيمان على هذه الرواية.

فيكون الإمام أبو حنيفة له روايتان. أول من قال بالمرجئة حماد بن أبي سليمان شيخ الإمام أبو حنيفة هو أول من قال بالمرجئة فيكون الإمام أبوحنيفة له روايتان الرواية الأولى: و التي عليها أكثر أصحابه الإيمان شيئان تصديق بالقلب و إقرار باللسان و أما الأعمال ليست من الإيمان، و هي مطلوبة الرواية الثانية:الإيمان تصديق بالقلب فقط و الإقرار باللسان والعمل ركن زائد مطلوب لكن ليس من الإيمان ركن زائد خارج عن الإيمان و بهذا هذه الرواية يوافق فيها الماترودية و الأشاعرة الذين يقولون الإيمان تصديق بالقلب.

 يقول المؤلف -رحمه الله- , المؤلف -رحمه الله- قرر مذهب أهل السنة و الجماعة قال الإيمان تصديق بالقلب و قول باللسان و عمل بالقلب و عمل بالجوارح يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية و لهذا قال يزيده كثرة العمل و القول بالإحسان يزيد الإيمان كثرة العمل الصالح و القول بالإحسان إذا قال الإنسان قولاً حسناً بأن أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دعا إلى الله أو قرأ القرآن أوسبح أو هلل أو دعا إلى خير كل هذا قول بالإحسان، و ينقصه العصيان ينقص الإيمان بالمعصية إذا عصى الله قصر في الواجبات و فعل بعض المحرمات.

 و له أول و بداية أول الإيمان تصديق القلب هذا أول الإيمان , إذا صدق الإنسان بقلبه هذا أصل الإيمان هذا أول الإيمان، فالكافر إذا صدق بقلبه و آمن ثم نطق بالشهادتين هذا أول الإيمان أول الإيمان أن يصدق بقلبه ثم ينطق بلسانه ثم الارتقاء و الزيادة في أن يرتقي الإيمان و يزيد إلى ما لا نهاية كل ما عمل من الصالحات زاد الإيمان إذا صلى صام و زكى و حج زاد الإيمان إذا تهجد في الليل زاد الإيمان إذا تصدق زاد الإيمان إذا دعا إلى الله زاد الإيمان كل ما زاد في الخير زاد الإيمان يرتقي الإيمان فيزداد إلى ما لا نهاية.

 و الأنبياء أكمل الناس إيمانا, أكمل الناس إيماناً هم الأنبياء عليهم الصلاة و السلام أكمل الناس إيماناً و تقاً و خشية لله هم الأنبياء و أكملهم الرسل و أكمل الرسل في الإيمان و التقوى هم أولو العزم الخمسة نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد عليهم الصلاة و السلام، و أكمل أولو العزم الخمسة الخليلان إبراهيم و محمد عليهم الصلاة و السلام و أكمل الخليلين نبينا محمد عليه الصلاة و السلام فهو أكمل الناس إيماناً و أرجحهم ميزاناً و أخشاهم  و أتقاهم لله أكمل الناس و أعبد الناس و أزهد الناس و أخشى الناس و أتقى الناس عليه الصلاة و السلام , قال عليه الصلاة و السلام إني لأرجوا أن أكون أتقاكم لله وأخشاكم له و هو أخشى الناس عليه الصلاة و السلام ثم يليه في الإيمان و التقوى جده إبراهيم ثم يليه موسى ثم بقية أولو العزم ثم بقية الرسل ثم الأنبياء.

ثم يليهم الصديقون, الصديقون أكمل الناس إيماناً و مقدمتهم الصديق الأكبر أبو بكر الصديق سميصديقا (فعيل صيغة مبالغة) لكثرة تصديقه أقوالهم تصدق أعمالهم من قوة تصديقهم و إيمانهم قوة التصديق أحرقت الشبهات و الشهوات قال الله تعالى قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

ثم يليهم الشهداء الذين بذلوا أنفسهم و أموالهم لله , أغلى ما يملكه الإنسان هو روحه التي بين جنبيه فالشهيد بذل نفسه لله فدل على قوة إيمانه.

 ثم يليهم الصالحون على اختلاف طبقاتهم، الصالحون طبقات أعلاهم طبقة السابقون المقربون الذين أدوا الفرائض و الواجبات و صار عندهم نشاط ففعلوا المستحبات و النوافل و تركوا المحرمات و زادوا عليه تركوا المكروهات و تركوا فضول المباحات خشية من الوقوع في المحظورات هؤلاء هم الصادقون المقربون، ثم يليهم المقتصدون الذين أدوا الفرائض و الواجبات و لكن ما صار عندهم نشاط لفعل المستحبات اقتصروا على الواجبات و تركوا المحرمات لكن ما صار عندهم نشاط لترك المكروهات كراهة تنزيه قد يفعلونها و يتوسعون في المباحات و هؤلاء يقال لهم المقتصدون و يقال لهم أصحاب اليمين و الأولون السابقون المقربون و هذان الصنفان السابقون المقربون و المقتصدون أصحاب اليمين يدخلون الجنة من أول وهلة لأنهم أدوا ما وجب عليهم.

  ثم الطبقة الثالثة الظالمون لأنفسهم موحدون مؤمنون لم يدخل في عملهم شرك لكن قصروا في بعض الواجبات أو فعلوا بعض المحرمات فهم فظلموا أنفسهم , ظلموا أنفسهم بفعل بعض المحرمات أو ترك بعض الواجبات فهم على خطر عظيم هم من أهل الجنة لكن منهم من يعفى عنه يغفر الله له بتوحيده و إيمانه و إسلامه و يدخل الجنة من أول وهلة و منهم من يجازى بعمله منهم من أصيب بمصائب في الدنيا فيغفر الله سيئاته بأمراض و مصائب وهموم و أحزان و منهم من يعذب في قبره كما في قصة الرجلين الذين حديث ابن عباس مر النبي ﷺ بقبرين فقال: إنهما ليعذبان في كبيرة أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة و منهم من تصيبه أهوال و شدائد في موقف القيامة و منهم من يدخل النار و يعذب فيها و لكن في النهاية يخرج منها إما بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين.

 و قد ثبت أن نبينا ﷺ يشفع أربعة شفاعات في كل مرة يحد الله له حدا و يخرجهم من النار فيشفع الأنبياء و يشفع الشهداء و تشفع الملائكة و الأبرار و تبقى بقية لا تنفعهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته  و شفعت الملائكة و شفع النبيون فلم يبقَ إلا رحمة أرحم الراحمين فيخرج قوماً من النار لم يعملوا صالحاً قط يعني زيادة على التوحيد و الإيمان فإذا تكامل خروج العصاة الموحدين و لم يبقَ إلا الكفرة أُطبقت النار على الكفرة يجمع أصنافهم اليهود و النصارى و الوثنيين و الشيوعيين و الملاحدة و المنافقين في الدرك الأسفل من النار تطبق عليهم فلا يخرجون منها أبد الآبدين قال الله تعالىإِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ يعني مطبقة مغلقة و قال سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ و قال سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ و قال سبحانه: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا و قال سبحانه: لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا و الأحقاب المدد المتناوبة كل ما انتهى حقب يعقبه حقب إلى ما لا نهاية نسأل الله السلامة و العافية .

هذا هو معتقد أهل السنة في باب الإيمان الذي هو أول و بداية ثم ارتقاء و زيادة قال الله الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ  هذا دليل على الزيادة أن الإيمان يزيد و فيه الرد على المرجئة الذين يقولون أن الإيمان لا يزيد و لا ينقص نص فزادهم إيماناً و قال   وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا نص و قال تعالى لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ

وهناك آيات ما ذكرها المؤلف كقوله سبحانه إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ و قوله سبحانه وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ۝ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ  فالإيمان يزيد و الكفر يزيد فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ 

و استدل أيضاً بأثر من آثار الصحابة و قال معاذ بن جبل: لرجل اجلس بنا نؤمن ساعة يعني نذكر الله نزداد ايمانا و آثار الصحابة في هذا كثير لكن هذا أثر قال يقول معاذ لرجل اجلس بنا نؤمن ساعة، ما معنى نؤمن ؟ يعني نزداد إيمانا فيجلسون و يذكرون الله يجلسون و يقرئون القرآن فيزيدهم إيمانا، و في آثار عن ابن مسعود و غيرهم ذكرها العلماء و ساقوها في كتبهم ذكرها أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الإيمان و غيرهم و المؤلف اقتصر على أثر معاذ .

و من ذلك ما ذكره البخاري -رحمه الله- معلقاً جزوماً به قال ثلاث من كن فيه فقد استكمل دينه الإنصاف من نفسك و الإنفاق مع الإِقْتَارِ، و بذل السلام للعالم , هذا الحديث ذكره البخاري -رحمه الله- معلقاً جزوماً به يعني الانصاف من نفسه ينصف الإنسان من نفسه يقول الحق و لو على نفسه والإنفاق مع الإِقْتَارِ، و لو كان ماله قليلا وبذل السلام للعالم يعني جميع الناس كل من لقيت تسلم عليه بعض الناس ما يسلم إلا  على من يعرف و من لم يعرف لا يسلم عليه، بذل السلام للعالم ثلاث من كم فيه فقد استكمل الإيمان بذل السلام للعالم و الانصاف من نفسك و الانفاق مع الإِقْتَارِ،.

نقف على الاستثناء في الإيمان .

وفق الله الجميع لطاعته و رزق الله الجميع العلم النافع و العمل الصالح .

الطالب/ س:(1:7:50)

الشيخ/ الجواب:

يعني كل ما زاد الإنسان الأعمال الصالحة ما لها نهاية، كل ما زادت الأعمال الصالحة زاد الإيمان، هل تستطيع تقصر الأعمال الصالحة تقول انتهت وإلا ما تنتهي؟ ما تنتهي، إذا قرأت القرآن زاد الإيمان وإذا زدت زاد وإذا زدت وإذا قرأت مرتين و ثلاث وهكذا في نهاية وإلى ما في نهاية؟! تصدقت بدرهم وبمئة وبمئتين وبمليون ومليونين انتهى وإلا في زيادة؟! في زيادة، وصلاة الليل وصلاة الضحى والدعوة إلى الله دعوت اليوم إلى الله مره زاد إيمانك لو دعيت مره أو مرتين أو عشر أو مئة زاد وهكذا، بلا نهاية .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد