قال المؤلف رحمه الله تعالى :
( متن )
ثم الاستثناء في الإيمان و هو أن يقول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله كذا كان يقول عبد الله بن مسعود و به أخذ العلماء من بعده مثل علقمة و الأسود و أبي وائل و مسروق و منصور و مغيرة و إبراهيم النخعي و الأعمش و حماد بن زيد و يزيد بن زريع و بشر بن مفضل و بن معاذ و سفيان بن حبيب و سفيان الثوري و ابن المبارك و الفضيل بن عياض في جماعة و ما سواهم يطول الكتاب بذكرهم و هذا استثناء على يقين قال الله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ و قال النبي ﷺ إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله و قال و قد اجتاز البقيع وإنا إن شاء الله بكم لاحقون فهذا كله استثناء على يقين و لكن يجب أن يعلم كيف يستثني و لأي سبب وقع الاستثناء لأن لا يظن المخالف أن استثناءه من قبل الشك و قد كان سفيان الثوري وابن مبارك يقولان: الناس عندنا مؤمنون بالمواريث و الأحكام و لا ندري كيف هم عند الله و لا ندري على أي دين يموتون لأن الاستثناء واقع على ما يستقبل لأن قول العبد أنا مؤمن إن شاء الله معناه إن قبل الله إيماني و أماتني عليه بمنزلة رجل صلى صلاة فقال: قد صليت و على الله القبول و كذلك الحج و كذلك إذا صام أو عمل عملاً فإنما يقع استثنائه فيه على الخاتمة و قبول الله إياه لا أنه شاك فيما قد قاله و عمله و قد يرى الرجل يصلي فيقال له صليت ؟ فيقول نعم إن قبلت .
( شرح )
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد :
فهذه المسألة هي مسألة الاستثناء في الإيمان و هي من ثمرات الخلاف بين جمهور أهل السنة و المرجئة الخلاف بين أهل السنة و المرجئة، و الاستثناء معناه: هو أن قول أنا مؤمن إن شاء الله هل يجوز أو لا يجوز ؟ أهل السنة يقولون يجوز و المرجئة يقولون لا يجوز هذا هو الخلاصة.
و الآن ندع الكتاب جانباً الآن و نتكلم على هذه المسألة ثم نعود إلى الكتاب
هذه المسألة و هي مسألة الاستثناء في الإيمان و هي قول الإنسان أن مؤمن إن شاء الله فيها خلاف بين الناس فيها ثلاثة أقوال: (طرفان ووسط)
الطرف الأول يجب يقول: يجب الاستثناء يجب أن تقول أنا مؤمن إن شاء الله.
و الطرف الثاني يمنع يقول: لا يجوز أن تقول أنا مؤمن إن شاء الله.
و الطرف الثالث يجيز: يجيز الاستثناء في حالات و يمنعها في حالات يجيزها باعتبار و يمنعها باعتبار. المسألة فيها طرفان و وسط، ( الطرف الأول يوجب الاستثناء، و الطرف الثاني يمنع الاستثناء و الطرف الثالث يجيزه باعتبار و يمنعه باعتبار )و هذا الطرف الثالث هو الصواب و هو قول أهل السنة و الجماعة.
الذين يوجبون الاستثناء طائفتان: طائفة من أهل الكلام من المتكلمين من الكلابية و غيرهم و طائفة من أهل السنة، و كل منهم له مأخذ كل من الطائفتين له مأخذ الذين يوجبون الاستثناء و يقولون يجب أن تقول أنا مؤمن إن شاء الله هذا هو المذهب الأول و هو القول الأول طائفتان طائفة من أهل الكلام و طائفة من أهل السنة لكن وجهة أهل الكلام غير وجهة أهل السنة.
فالطائفة التي من أهل الكلام و يوجبون الاستثناء طائفة من الكلابية أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب ثم تبعهم الحسن الأشعري -الكلابية قبل الأشاعرة و الأشاعرة أخذوا المذهب عنهم فهم أقرب لمذهب الأشاعرة- هؤلاء الذين يقولون يجب الاستثناء تدرج المذهب إلى ثلاث مراحل و كل مرحلة غلا فيها طائفة منهم..
فالطائفة الأولى: يقولون يجب الاستثناء في الإيمان خاصة فتقول أنا مؤمن إن شاء الله في الإيمان فقط، غلت و أوجبت الاستثناء في الإيمان.
و الطائفة الثانية: أوجبت الاستثناء في الأعمال الصلاة و الصوم فتقول صليت إن شاء الله صمت إن شاء الله قرأت إن شاء الله.
و الطائفة الثالثة: غلت حتى أوجبت الاستثناء في الجمادات فيقول هذا كتاب إن شاء الله هذا كرسي إن شاء الله هذا حبل إن شاء الله هذا جبل إن شاء الله فإذا قيل له هذا ما فيه خلاف هذا حبل هذا كرسي!! قال: لو شاء الله أن يغيره غيره و هذا من غلوه و قالوا أن الانسان يستثني في كل شيء.
الطائفة الأولى: الذين استثنوا في الإيمان و هو قول أنا مؤمن إن شاء الله حجتهم أن الإيمان المعتبر عند الله هو ما مات عليه الإنسان و الإنسان ما يدري ما يموت عليه و ما يدري ما العاقبة فالإيمان المعتبر هو ما موافاة الإنسان ربه و إذا كان الإنسان ما يدري ما العاقبة فيجب عليه أن يستثني و يقول أنا مؤمن إن شاء الله يقال إن الإيمان الذي يعقبه كفر لا عبرة به كما أن الكفر الذي يعقبه إيمان فهو المراد, المراد الإيمان الذي يموت عليه الإنسان و إذا آمن الإنسان أو أرتد عن دينه نعوذ بالله فهذا لا يؤثم بل هو مأجور عند الله و الكافر إذا كان كافرا ثم حكم له بالإيمان فهذا هو المطلوب، و من غلوهم أنهم قالوا أن الله يحب الإنسان الذي يعلم أنه يموت على الإيمان و لو كان كافراً، فقالوا إن الله يحب الصحابة و إن كانوا في جاهليتهم و هم يعبدون الأصنام قبل أن يسلموا لأن الله يعلم أنهم يموتون على الإيمان يحبهم في حال كفرهم هذا باطل، و قالوا إن الله يبغض إبليس في حال إيمانه قبل أن يكفر لأن الله علم أنه يموت على الكفر، و قالوا أن الغبض مستحق من الله قديم و لكن هذا باطل ليس بصحيح فالمؤمن يحبه الله في حال إيمانه و الكافر يبغضه الله في حال كفره و العاصي يبغضه الله بقدر ما فيه من الكفر و يحبه بقدر ما فيه من الإيمان , فإذا عصى أبغضه الله و سخط الله عليه و إذا أطاع و كان مؤمنا أحبه الله و إذا أرتد-و العياذ بالله- أبغضه الله فهذا هو مسلكهم.
أما أهل السنة الذين يوجبون الاستثناء في الإيمان فلهم مسلك آخر غير و هو: أن مسمى الإيمان راجع إلى أداء الواجبات و ترك المحرمات هذا هو الإيمان الواجب الإيمان يدخل في مسماه الأقوال و الأعمال و إذا كان الإيمان يشمل جميع الأعمال و هي أداء الواجبات و ترك المحرمات فالإنسان لا يزكي نفسه و لا يجزم بأنه أدى ما عليه بل يتهم نفسه بالتقصير و يجزي على نفسه و يقول أنا مؤمن إن شاء الله إن شاء الله إني أديت ما علي لكن ما أدري أني أديت ما علي تحصيل حاصل الواجبات أو ارتكب المحرمات قالوا و لو جاز للإنسان أن يشهد لنفسه بالإيمان لجاز أن يشهد لنفسه بالجنة و هذا لا يجوز لو جاز أن يقول أنا مؤمن و يجزم بأنه مؤمن لجاز أن يشهد على نفسه بالجنة فإذاً يجب الاستثناء في الإيمان.
و استدلوا الذين اوجبوا الاستثناء في الإيمان استدلوا قالوا جاءت نصوص فيها الاسثناء مع أن الأمر فيه يقين قال الله تعالى: عن الصحابة الذي صدهم المشركون في غزوة الحديبية عن المسجد الحرام و قد جاءوا معتمرين قال الله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ الله استثنى مع أنه يعلم أنهم سيدخلون استثنى مع أن الأمر فيه يقين فدل على وجوب الإستثناء ما دام الله استثنى في شيء متيقن دل على أنه يجب الاستثناء في الإيمان و لو كان الإنسان متيقن أنه مؤمن.
و كذلك أيضا قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح في زيارته للمقابر السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون و في لفظ يقول وإنا إن شاء الله بكم للاحقون فهذا استثناء مع أنه يجزم بأن الإنسان ميت و أن الانسان يلحقه الموت و مع ذلك صار فيه استثناء فدل على وجوب الاستثناء في الإيمان و لو كان الإنسان متيقنا أنه مؤمن.
و كذلك قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح إني لأرجوا أن أكون أخشاكم لله وأتقاكم له فالنبي ﷺ استثنى مع أنه على يقين أنه أخشى الناس و أتقى الناس و مع ذلك استثنى فدل وجوب الاستثناء في المتيقن فيه هذا وجهة من يقول بوجوب الاستثناء.
أما الطائفة الثانية الذين يحرمون الاستثناء و يقولون يحرم و لا يجوز أن تقول أنا مؤمن إن شاء الله هم المرجئة جميع طوائف المرجئة و يشاركهم الخوارج و المعتزلة الذي يقولون أن الإيمان شيء واحد لا يزيد و لا ينقص الذين يقولون إن الإيمان تصديق بالقلب من هم ؟ كما سبق الجهمية يقولون: الإيمان معرفة الرب بالقلب والماترودية و الأشاعرة يقولون: إن الإيمان تصديق بالقلب و الكرامية يقولون إن الإيمان إقرار باللسان و مرجئة الفقهاء يقولون: أن الإيمان تصديق بالقلب و إقرار باللسان و الخوارج يقولون: الإيمان كامل لكن إذا فعل المعصية ذهب الإيمان كله و كذلك المعتزلة كل هؤلاء يقولون ممنوع الاستثناء في الإيمان ما تقول أنا مؤمن إن شاء الله حرام يحرم الاستثناء في الإيمان لماذا ؟ يقولون أن الإيمان شيء واحد لا يزيد و لا ينقص أنت تعرف من نفسك أنك مؤمن تعرف نفسك أنك مصدق فكيف تستثني إذا استثنيت فأنت شاك في إيمانك فلا تشك اجزم و قل أنا مؤمن أنت تعلم أنك مؤمن تعلم أنك قرأت الفاتحة و كما تعلم من نفسك أنك تحب الرسول ﷺ وكما تعلم من نفسك أنك تبغض اليهود و كما تعلم من نفسك أنك صليت و أنك قرأت القرآن كيف تستثني قالوا: لا يجوز الاستثناء لأن من استثنى فقد شك في إيمانه و من شك في إيمانه معناه يكون غير مؤمن، و لهذا يسمون أهل السنة و الجماعة الذين يشكون في إيمانهم الشكاكة يسمونهم الشكاكة يقولون أنتم شكاكة تشكون في إيمانكم، فيمنعون الاستثناء في الإيمان , واضح ؟
أما الطائفة الثالثة: و هم أهل السنة و الجماعة يقولون يجوز الاستثناء في حالات و لا يجوز في حالات يجوز الاستثناء باعتبار و لا يجوز باعتبار يجوز الاستثناء لا يجوز الاستثناء في حالات:
الحالة الأولى: إذا قصد الإنسان الشك في أصل إيمانه هذا لا يجوز أصل الإيمان التصديق إذا قصد الإنسان أن الاستثناء راجع إلى أصل الإيمان فهذا لا يجوز.
الحالة الثانية: إذا استثنى و أراد...
(هذه الحالة الأولى التي لا يجب فيها الاستثناء إذا استثنى و أراد الشك في أصل إيمانه فهذا ممنوع هذا في هذه الحالة)
أما الحالات التي يجوز فيها الاستثناء بل يجب فهي:
أولا إذا أراد أن الاستثناء راجع إلى الأعمال إلى أن الإيمان متعدد شعب متعددة و هي أداء الواجبات و ترك المحرمات و أن الإنسان لا يجزم يؤدي ما عليه و لا يزكي نفسه، فيقول أنا مؤمن إن شاء الله يقول أنا راجع إلى الإيمان الواجب الإيمان الكامل الإيمان المطلق الذي يستحق به الإنسان دخول الجنة و النجاة من النار الإيمان الذي قال الله بأهله إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ و في قوله إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ هنا ما يجزم الإنسان أنه أدى ما عليه و قد قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه الإيمان بضع وسبعون شعبة و في رواية البخاري الإيمان بضع وستون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان و قد تتبع الإمام البيهقي -رحمه الله- شعب الإيمان و ألف كتاب سماه شعب الإيمان و أوصلها إلى تسع و سبعين شعبة, هل يجزم الإنسان بأنه أدى ما عليه ؟ ما يجزم إذا كان الإنسان ما يجزم و لا يزكي نفسه و لا يشهد على نفسه بأنه أدى ما عليه بل يجري على نفسه و لهذا يقول أنا مؤمن إن شاء الله.
إذا أراد أن الإستثناء راجع إلى الإيمان المطلق، ما الفرق بين الإيمان المطلق، في مطلق إيمان و الإيمان المطلق؟ مطلق إيمان و الإيمان المطلق , يعني الكامل الذي يستحق به دخول الجنة و النجاة من النار الذي أدى الواجبات و ترك المحرمات، أما مطلق الإيمان يعني أصل الإيمان، و لهذا الإيمان المطلق لا يطلق على العاصي و مطلق الإيمان يطلق على العاصي , العاصي معه أصل الإيمان و لكن ليس معه كمال الإيمان فالعاصي لا يقال مؤمن بإطلاق و إنما يعطى مطلق الإيمان فيقال: مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته مؤمن ناقص الإيمان مؤمن ضعيف الإيمان لا بد من قيد ولا ينفى عنه الإيمان فلا يقال: ليس بمؤمن و إنما لا بد أن تقيد في النفي و في الإثبات العاصي إذا قلت هو مؤمن و سكت تكون غلطان و إذا قلت ليس مؤمن و سكت تكون غلطان إذاً ماذا أعمل تقيد في الإثبات و في النفي , في الإثبات تقول مؤمن تقيد (بإيش؟!) مؤمن ناقص الإيمان مؤمن ضعيف الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، لأنك إذا قلت مؤمن و سكتت وافقت المرجئة الذي يقولون هو مؤمن كامل الإيمان و لو فعل المعاصي، و كذلك النفي لا تقول ليس بمؤمن و تسكت لأنك إذا قلت ليس بمؤمن وافقت الخوارج و المعتزلة، فتقول ليس بمؤمن حقا ليس بصادق الإيمان, واضح ؟
فإذا العاصي لا يطلق عليه الإيمان عند أهل السنة و لا ينفى عنه الإيمان بل لا بد من التقييد في النفي و في الإثبات، هذه الحالة الأولى.
و الحالة الثانية إذا استثنى و أراد عدم علمه بالعاقبة إذا استثنى و أراد عدم علمه بالعاقبة ما علم شكه ليس في أصل إيمانه، فهذا إذا استثنى و أراد عدم علمه بالعاقبة فلا بأس العاقبة لا يعلمها إلا الله، تقول أنا مؤمن إن شاء الله .
الحالة الثالثة: إذا استثنى و أراد التبرك بذكر اسم الله فيقول أنا مؤمن إن شاء الله.
فيكون هناك ثلاث حالات يستثني و في حالة لا يستثني..
و هذا هو الصواب الذي عليه أهل السنة و الجماعة .
(بعد هذا نعود و نرجع إلى كلام المؤلف نشوف كلام المؤلف الآن بما يتمشى مع أي المذاهب)
يقول المؤلف _رحمه الله_ :
(ثم الاستثناء في الإيمان كل واحد الآن يطالع الكتاب)
ثم الاستثناء في الإيمان و هو أن يقول الرجل أنا مؤمن إن شاء الله هذا الاستثناء , الاستثناء قول إن شاء الله، كذا كان يقول عبد الله بن مسعود و هو صحابي جليل و به أخذ العلماء من بعده أخذ العلماء عن عبد الله بن مسعود و بأنهم يستثنون، مثل علقمة بن قيس النخعي من أصحاب ابن مسعود و الأسود بن يزيد النخعي و أبي وائل شقيق أيضاً من أصحاب ابن مسعود و مسروق كلهم من أهل الكوفة و منصور و مغيرة و إبراهيم النخعي كل هؤلاء من أهل الكوفة أصحاب ابن مسعود و الأعمش و حماد بن زيد و يزيد بن زريع و بشر بن مفضل و معاذ و سفيان بن حبيب و سفيان الثوري و ابن المبارك عبد الله بن مبارك الإمام المشهور و الفضيل بن عياض في جماعة سواهم يطول الكتاب بذكرهم كل هؤلاء ماذا يعملون ؟ يستثنون في مقدمتهم الصحابي الجليل ابن مسعود كلهم يقولون أنا مؤمن إن شاء الله.
إذاً هؤلاء ضد المرجئة , المرجئة يمنعون الاستثناء و عبد الله بن مسعود و أهل السنة يستثنون.
يقول المؤلف -رحمه الله-: بعد ذلك و هذا استثناء على يقين مراده أنه على يقين من أصل الإيمان الإنسان ما يشك في أصل إيمانه أصل الإيمان ما هو ؟ التصديق الإنسان متيقن أنه مصدق لكن الشك في أي شيء الاستثناء ؟ في أداء الواجبات و ترك المحرمات التي هي كمال الإيمان أصل الإيمان ما فيه شك ما أحد يشك في أصل الإيمان المؤمن ما يشك في أصل إيمانه، و لهذا قال المؤلف: هذا استثناء على يقين قد يقول قائل كيف يستثني و هو على يقين؟! قال المؤلف: عندي أدلة الآن كلها أدلة تدل على الاستثناء على يقين، قال الله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ الله استثنى مع أنه يعلم أنهم سيدخلون و مع ذلك استثنى فدل على جواز الاستثناء و إن كان الإنسان متيقناً.
الدليل الثاني: و قال النبي ﷺ إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله إني لأرجو مع أن الرسول ﷺ أتقى يجزم يعلم أنه أفضل الناس و أتقى الناس بدون شك و مع ذلك استثنى.
الدليل الثالث: و قال: و قد اجتاز البقيع وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)يعني بالأموات و هل الإنسان يشك بأنه ميت ما يشك و مع ذلك استثنى قال: فهذا كله استثناء على يقين فدل على جواز الاستثناء و إن كان الانسان متيقناً بأصل إيمانه لكن يستثنى من جهة الكمال من جهة أداء الواجبات و ترك المحرمات. واضح هذا؟
المرجئة أجابوا عن هذه الأدلة الذين يمنعون الاستثناء قالوا إن قوله تعالى لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ قالوا هذا ليس استثناء على يقين هذا شك راجع إلى الخوف و الأمن لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ قالوا: هذا يرجع إلى خوف العبد ليس هذا استثناء على شيء يقين و إنما استثناء ليس راجعاً إلى الدخول و إنما راجع إلى الخوف و الأمن يعني هل يدخلون خافين أم يدخلون آمنين و الجواب أيضا أن هذا ليس بصحيح فإن الله يعلم أنهم يدخلون المسجد الحرام آمنين – وضح هذا؟.
ثم قال المؤلف -رحمه الله- و لكن يجب أن يعلم كيف يستثنى و لأي سبب وقع الاستثناء لئلا يظن المخالف أن استثناءه من قبل الشك.
يقول المؤلف -رحمه الله- ينبغي أن تعلم كيف تستثني و تعلم بأي شيء تستثني لئلا يظن المخالف و هم المرجئة أنك شاك في أصل إيمانك، لا بد أن تبين هذا الشيء الذي تستثني من أجله و لكن يجب أن يعلم الإنسان كيف يستثني و لأي سبب وقع الاستثناء لئلا يظن المخالف من هو المخالف ؟ المرجئة , لئلا يظن المخالف أن استثناءه من قبل الشك يعني أصل الإيمان يقول لا نحن لسنا نستثني في أصل إيماننا لكنا نستثني في أمر آخر غير أصل الإيمان و هو كمال الإيمان أو عدم العلم بالعاقبة.
ثم قال المؤلف رحمه الله و قد كان سفيان الثوري الإمام المشهور و ابن المبارك عبد الله بن المبارك يقولان: الناس عندنا مؤمنون بالمواريث و الأحكام و لا ندري كيف هم عند الله و لا ندري على أي دين يموتون لأن الاستثناء واقع على ما يستقبل، يعني يقول سفيان الثوري و ابن مبارك الإمامان يقولان ايش ؟ الناس عندنا مؤمنون في المواريث و الأحكام يعني في الدنيا , في الدنيا عندنا مؤمنون ما عندنا شك و لا نستثني نعاملهم معاملة المؤمنين في أي شيء ؟ في المواريث و الأحكام في الخطاب يدخل في مؤمنين في المواريث يرث و لو كان عاصيا و لو كان عنده بعض المعاصي يرث من أقاربه و يورث أيضا و يغسل إذا مات و يصلى عليه و يدفن في مقابر المسلمين جميع الأحكام تجري عليه في الدينا هذا ما فيه إشكال لكن الشك إنما هو لا ندري ما العاقبة عند الله و لهذا قال و لا ندري كيف يكون عند الله و لا ندري على أي دين يموتون لأن الاسثناء واقع على ما يستقبل إذا أراد الاستثناء يرجع إلى أي شيء ؟ عدم علمه بالعاقبة و أن العاقبة و أن الانسان إنما يكون مؤمنا بحسب ما يلاقي ربه و الله أعلم بنيات الناس و الله أعلم بحقائق إيمانهم و بصدقهم مع الله و إذا الاستثناء راجع إلى أي شيء ؟ هل هو راجع إلى الأحكام في الدنيا؟ لا لا يرجع إليها فالناس مؤمنون في المواريث و الأحكام يغسلون و يصلى عليهم و يدفنون في مقابر المسلمين و يخاطبون بالمؤمنين في الأوامر و النواهي كل شي مؤمنون لكن الاستثناء يرجع إلى أي شيء الموافاة عند الله ما ندري هل يوافي ربه صادقا في إيمانه أو غير صادق ما ندري هذا لا نعلمه نقول إن شاء الله، هذا معنى قوله و لا ندري كيف هم عند الله و لا ندري على أي دين يموتون يعني ما ندري هل هو على دين الإسلام يكون صادقا أو هو على النفاق بعض الناس يقول أنا مؤمن و يظهر إيمانه و يصلي و يصوم مع الناس و هو منافق هذا ماذا يحكم عليه ؟ مثل المنافقين في عهد النبي ﷺ عبد الله بن أبي و غيره من المنافقين مسلمون في الظاهر و كفرة في الباطن ففي الظاهر يعاملون معاملة المسلمين و لهذا يزوجون و يرثون و يورثون لما مات عبد الله بن أبي كما في صحيح البخاري أتاه النبي ﷺ و استخرجه من حفرته ونفث فيه من ريقه و ألبسه قميصه و صلى عليه و هو رئيس المنافقين فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر و قال يا رسول الله رئيس المنافقين تصلي عليه قال وخر عني دعك عني يا عمر فإني خيرت اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فلو أعلم أني لو زدت عن السبعين سيغفر له لزدت عن السبعين و هذا قبل أن يعلم ثم نزلت الآية بعد أن صلى عليه نزل قوله تعالى وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ هذه العلة وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ فلم يصلي على منافق بعد ذلك في الأول ما نزلت الآية فجاء التعليل , التعليل إنهم كفروا بالله و رسوله، فكان بعد ذلك من عرف كفره لا يصلى عليه و من لم يعرف كفره لا يصلى عليه.
فالمنافقون في زمن النبي ﷺ يعاملون معاملة المسلمين في المواريث و الأحكام يغسلون و يصلى عليهم و يدفنون في مقابر المسلمين و يرثون و يورثون و يزوجون لكن في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، هذا معنى قول الإمامين السفيان الثوري و ابن المبارك الناس عندنا مؤمنون في المواريث و الأحكام و لا ندري كيف هم عند الله و لا ندري على أي دين يموتون لأن الاستثناء واقع على ما يستقبل , و ما يستقبل ما هو ؟ عند الله.
ثم قال المؤلف: لأن قول العبد أنا مؤمن إن شاء الله معناه إن قبل الله إيماني و أماتني عليه فأنا مؤمن معناه معنى أنا مؤمن إن شاء الله إن قبل الله إيماني و أماتني عليه على الإيمان فأنا مؤمن ، قالوا و هذا بمنزلة رجل صلى صلاة فقال قد صليت و على الله القبول صليت و الصلاة صحيحة إن قبلها الله، و كذلك الحج يقول حججت و على الله القبول و كذلك إذا صام أو عمل عملاً فإنما يقع استثناؤه فيه على الخاتمة على ما يختم عليه, على خاتمة حياته، فإنما يقع استثناؤه فيه على الخاتمة و قبول الله إياه.
ثم قال المؤلف لا أنه شك فيما قد قاله و عمله ليس هنا الشك لا يشك في قوله و لا في عمله ما يشك متيقن لكن يستثني لأنه لا يدري ما تكون العاقبة ليس لأنه شاك في أقواله أو أعماله.
ثم قال المؤلف و قد يرى الرجل يصلي فيقال له صليت ؟ فيقول نعم إن قبلت هذا الاستثناء إن قبلت هذا الذي ذهب إليه المؤلف -رحمه الله- و هذا أحد الاعتبارات التي يستثنى فيها و هو عدم العلم بالعاقبة.
و هناك أمر آخر ما ذكره المؤلف و هو مهم و هو أن الاستثناء راجع إلى الإيمان المطلق، الاستثناء راجع إلى أي شيء؟ إلى الإيمان المطلق و هو أن يقول الإنسان أنا مؤمن إن شاء الله يعني أني ما أدري أديت الواجبات أو تركت المحرمات لعلي قصرت في بعض الواجبات أو ارتكبت بعض المحرمات فيكون الإنسان ناقص الإيمان فلا يزكي الإنسان نفسه بل يجري على نفسه و يقول أنا مؤمن إن شاء الله لأن شعب الإيمان متعددة و الواجبات كثيرة و المحرمات كثير فلا أدري هل أديت ما علي أو نقصت فأنا مؤمن إن شاء الله , إن كنت أديت ما أوجب الله علي وتركت ما نهاه الله فأنا مؤمن إن شاء الله هذا ما ذكره المؤلف.
المؤلف ذكر عدم علمه بالعاقبة وهو أمر ثان، وهناك أمر ثالث يستثني و هو إذا أراد التبرك بذكر اسم الله، مثل قول النبي ﷺ وإنا إن شاء الله بكم لاحقون .. واضح؟
فيكون المؤلف ذكر حالة يستثنى فيها و ترك حالتين و بين أنه لا يستثني إذا أراد أصل الإيمان حتى لا يقول المرجئة إنه شاك في إيمانه , و قول المرجئة شكاكة أنتم شاكين في إيمانكم ،نقول لا نحن الآن ما نريد أصل الإيمان فلسنا شاكين في إيماننا و لكن نستثني لهذه الأمور الثلاثة إما لأن الاستثناء راجع إلى الإيمان المطلق أو الاستثناء راجع إلى العاقبة بعدم العلم بالعاقبة أو إلى التبرك بذكر اسم الله .
( متن )
ثم بعد ذلك أن يعلم أن الإسلام معناه غير الإيمان فالإسلام اسم و معناه الملة و الإيمان اسم و معناه التصديق قال الله وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا يريد بمصدق لنا والآي في صحة ما قلناه كثير و منه قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا و يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام و لا يخرجه من الإسلام إلا الشرك بالله أو برفض فريضة من فرائض الله جاحدا بها فإن تركها تهاونا و كسلا كان في مشيئة الله إن شاء عذبه و إن شاء غفر له .
( شرح )
هذه المسألة الثانية من مسائل التوحيد: (المسألة الأولى مسألة الإيمان) و المسألة الثانية مسألة الإسلام و علاقته بالإيمان أيضاً هذه المسألة تحتاج إلى كلام.
( نضع الكتاب جانباً حتى نتكلم على هذه المسألة ثم نعود إلى كلام المؤلف) .
الإسلام و علاقته بالإيمان هل الإسلام هو الإيمان ؟ و الإيمان هو الإسلام ؟ أو الإسلام شيء و الإيمان شيء آخر هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم فيها ثلاثة أقوال بل أربعة:
القول الأول: أن الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام لا فرق بينهم الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام فهما مترادفان فمسمى الإسلام أعمال القلوب و أعمال الجوارح كلها تسمى إسلاما و تسمى إيمانا.
و هذا ذهب إليه طائفتان طائفة من أهل البدع و طائفة من أهل السنة، ذهب إلى هذا القول الخوارج و المعتزلة من أهل البدع، قالوا: الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام، و ذهب إليه طائفة من أهل السنة و على رأسهم الإمام البخاري في صحيحه فإنه قرر في صحيحه في كتاب الإيمان أن الإسلام هو الإيمان و والإيمان هو الإسلام، ..( واضح هذا).
احتجوا بقول الله تعالى في قصة قوم لوط في سورة الذاريات فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قالوا هذا بيت واحد ما في إلا بيت واحد بيت واحد و هو لوط و بنتاه مافي غيره مافي مسلمين غيرهم فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بيت واحد وصفهم بالإسلام و وصفهم بالإيمان فدل على أن الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام.
لكن أجاب الجمهور بأن أهل هذا البيت اتصفوا بالإيمان و اتصفوا بالإسلام، و كون أهل هذا البيت اتصفوا بالإسلام و اتصفوا بالإيمان لا يدل على أن كل البيوت هكذا هذا البيت اتصف بالإسلام و اتصف بالإيمان، لكن بيوت أخرى تتصف بالإسلام و لا تتصف بالإيمان،.. ( واضح هذا؟)
و الطائفة الثانية: قالوا الإسلام هو الكلمة والإيمان العمل، الإسلام هو الكلمة يعني الشهادتان شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و الإيمان هو العمل و على رأس هؤلاء الإمام الزهري يقول الإسلام هو الكلمة يعني النطق بالشهادتين.
و لكن الإمام الزهري -رحمه الله- مراده بأن الإسلام هو الكلمة أن الكافر إذا نطق بالشهادتين تميز عن اليهود و النصارى فحكم بإسلامه و ليس المراد أنه لا يجب عليه إلا هذه الكلمة و أن الإسلام خاص بهذه الكلمة , و لهذا الإمام أحمد رحمه الله امتنع في أحد جوابيه عن القول بأن الإٍسلام هو الكلمة خشية أن يظن أن الإسلام خاص بالكلمة، و الإمام الزهري أجل من أن يخفى عليه ذلك.
و كأن هؤلاء استدلوا بقول الله تعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ قالوا الظالم لنفسه هو المسلم المقتصد هو المؤمن و السابق بالخيرات هو المحسن.
و أجيب بأن الآية ليس فيها دليل على أن الإسلام هو الكلمة إنما المسلم هو الذي خضع و انقاد لله .( واضح هذا؟)
و الطائفة الثالثة قالوا إن الإسلام هو الأعمال الظاهرة و الإيمان هو الأعمال الباطنة الإيمان الأعمال الباطنة الخفية و الإسلام الأعمال الظاهرة و استدلوا بحديث جبريل لما سأل النبي ﷺ عن الإسلام فسره بالأعمال الظاهرة فقال: الإسلام الشهادتان و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الإيمان فسره بالأعمال الباطنة أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره.
و هذا الحديث فيه رد على الذين قالوا إن الإسلام و الإيمان مترادفان لكن قالوا أجاب الذين قالوا إن الإسلام و الإيمان متردافان قالوا المراد الإسلام بالله هذا على حد أن شعائر الإسلام لا إله إلا الله لكن أجيب بأن الأصل ثابت.
و الصواب أن الإسلام و الإيمان إذا افترقا اجتمعا و إذا اجتمعا افترقا ما معنى إذا اجتمعا افترقا و اذا افترقا اجتمعا ؟ هذا القول هو الصواب الذي دل عليه المحققون و الذي تدل عليه النصوص أن الإسلام إذا أطلق وحده دخل فيه الإيمان و الإيمان إذا أطلق وحده دخل فيه الإسلام و إذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة و الإيمان الأعمال الباطنة فيقال لهم إذا اجتمعا افترقا و إذا افترقا اجتمعا إذا اجتمعا الإسلام و الإيمان افترقا صار لكل منهما معنى صار الإسلام الأعمال الظاهرة و الإيمان الأعمال الباطنة و إّذا افترقا جاء الإسلام وحده دخلت فيه الأعمال الظاهرة و الباطنة و إذا جاء الإيمان وحده دخل فيه الأعمال الظاهرة و الباطنة.
و الدليل حديث جبريل , حديث جبريل جمع بين الإسلام و الإيمان و لما جمع بينهما فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة الشهادتان و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و فسر الإيمان بأي شيء ؟ بالأعمال الباطنة أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر لأنهما اجتمعا، لكن إذا افترقا و جاء الإسلام وحده إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ خلاص الإسلام يشمل الأعمال الباطنة و الظاهرة إذا قلت إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا إذا جاء الإيمان بدون الإسلام يفضي إلى الأعمال الظاهرة و الباطنة ( واضح هذا؟)
و الدليل على هذا أدلة كثيرة لما قال النبي ﷺ في الحديث في الصحيحن الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان فأدخل في مسمى الإيمان الأعمال كلها و في حديث عبد قيس في الصحيحين قال آمركم بالإيمان بالله وحده أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تؤدوا خمس ما غنمتم ففسر الإيمان بالأعمال لأن الإيمان جاء وحده فإذا جاء الإيمان وحده دخل فيه الأعمال الباطنة و الظاهرة و إذا جاء الإسلام وحده دخل فيه الأعمال الظاهرة و الباطنة و إذا اجتمعا الإيمان و الإسلام تغير افترقا صار لكل منهما معنى صار الإسلام الأعمال الظاهرة و صار الإيمان الأعمال الباطنة.
و هذا له نظائر مثل الفقير و المسكين فالفقير و المسكين إذا اجتمعا افترقا و إذا افترقا اجتمعا إذا جاء الفقير وحده دخل فيه المسكين و إذا جاء المسكين وحده دخل فيه الفقير و إذا اجتمعا صار لكل واحد منهما معنى مثال افتراقهما قول الله تعالى لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ يشمل الفقير و المسكين ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان شمل الفقير و المسكين و إذا اجتمعا إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ صار لكل واحد منهما معنى فالفقير أشد حاجة لأن الله بدأ به و هو الذي لا يجد شيئا أو يجد أقل من نصف الكفاية من كفاية النفقة و الكسوة و المكسن الذي يجد نصف الكفاية إلا أنه لا يجد الكفاية الكاملة و يكون المسكين أحسن حالاً منه.
و مثله الكفر و النفاق إذا اجتمعا إذا أطلق الكفر دخل فيه النفاق و إذا أطلق النفاق دخل فيه الكفر و إذا اجتمعا صار الكفر الكفر الظاهر و النفاق الكفر في الباطن، و هذا عام.
و يدل على الفرق بين الإسلام و الإيمان ما جاء في الحديث الإسلام العلانية والإيمان في القلب و كذلك أيضاً المعنى اللغوي فإن الإسلام معناه الاستسلام و الانقياد الانقياد و ذل و خضوع ينقاد الإنسان فيؤدي الأعمال و أما الإيمان أصله التصديق تصدق في القلب.
و الذين قالوا إن الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام قالوا الإيمان هو التصديق ثم قالوا الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو التصديق و معنى ذلك أن الإسلام هو التصديق و هذا لا يقوله أحد في اللغة , في اللغة العربية الآن فرق بين الإسلام و الإيمان الإسلام من الاستسلام و الانقياد و الخضوع و الذل، يقال: أسلمت قيادي للشخص إذا خضعت و ذللت له.
و كذلك أيضاً مما يدل على الفرق بينهما قول الله تعالى قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ فرق الله بين الإيمان و الإسلام , قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا إذاً العاصي يسمى مسلما و لا يسمى مؤمنا و المطيع يسمى مؤمنا و لكن البخاري و جماعة رحمهم الله قالوا أن هذه الآية للمنافقين قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا قال استسلمنا و انقدنا للإسلام ظاهراً نفاقاً و لكن الصواب الذي عليه الجمهور و شيخ الإسلام ابن تيمية أنها ليس للمنافقين بل هي لضعفاء الإيمان بدليل ما قبل الآية و ما بعدها لأن الآية فيها وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ثم قال وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا لا ينقص من ثوابكم و لو كانت للمنافقين فالمنافقين ما لهم من ثواب ثم قال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ في أيمانهم هؤلاء المؤمنون كمل و أنتم ضعفاء الإيمان فالصواب أنها لضعفاء الإيمان.
فالمقصود أن المسألة هل الإسلام هو الإيمان و هل الإيمان هو الإسلام فيها عدة أقوال قيل الإسلام هو الكلمة و الإيمان هو العمل و قيل الإسلام و الإيمان مترادفان و قيل الإسلام الأعمال الظاهرة و الإيمان الأعمال الباطنة و الصواب أن الإسلام و الإيمان إذا اجتمعا افترقا و إذا افترقا اجتمعا إذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر إذا أطلق الإسلام دخل فيه الإيمان و إذا أطلق الإيمان دخل فيه الإسلام إذا انفرد أحدهما دخل فيه الآخر إذا أنفرد الإيمان دخل فيه الإسلام و إذا انفرد الإسلام دخل فيه الإيمان و إذا اجتمعا صار لكل واحد منهما معنى، صار الإيمان معناه الأعمال الباطنة و الإسلام الأعمال الظاهرة و قد دلت على هذا نصوص كثيرة .
بعد هذا نعود إلى كلام المؤلف -رحمه الله- ننظر الآن قال المؤلف رحمه الله ثم بعد ذلك أن يعلم أن الإسلام معناه غير الإيمان إذا المؤلف مشى على أي الأقوال على قول الجمهور الصحيح الإسلام غير الإيمان القول الثاني للبخاري و جماعة قالوا إن الإسلام هو الإيمان ما في فرق بينهما و رحمه الله أقر هذا في كتابه الصحيح مع أنه قول مرجوح مع جلالته و إمامته اختار هذا القول المرجوح أن الإسلام هو الإيمان في كتاب الإيمان في البخاري و فيه شرح لهذا الكتاب كتاب الإيمان و هو مسجل شرح لكتاب الإيمان كامل للبخاري في صحيحه , فالبخاري -رحمه الله- يرى أن الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام و هذا خلاف مذهب الجمهور و خلاف ما عليه المحققون.
ثم بعد ذلك أن يعلم أن الإسلام معناه غير الإيمان هذا مشى على ما مشى عليه ابن تيمية فالإسلام اسم و معناه الملة و الملة تعني الدين و الإيمان اسم و معناه التصديق فالإسلام الدين و الإيمان التصديق أكمل التصديق فإذاً هما شيئان.
ثم أراد أن يستدل المؤلف رحمه الله فقال قال الله وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا يريد بمصدق لنا يعني يريد يفسر المعنى فسر الإيمان بأي شيء ؟ بالتصديق فدل على أن الإيمان أصله التصديق.
و الآي في صحة ما قلناه كثير ما معنى الآي ؟ الآيات الآي جمعها آيات يقال آي و يقال آيات قال فالآي في صحة ما قلناه كثير ما هو الذي قاله ؟ الذي قاله إن الإسلام غير الإيمان و منه يعني من الأدلة قوله تعالى قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ما وجه الدلالة على أن الإسلام غير الإيمان ؟ أن الله نفى عنهم الإيمان و أثبت لهم الإسلام فدل على أنهما شيئان، ولو كان الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام لقال نعم أنتم صادقون في قولكم آمنا لأن الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام، و لما نفى الله عنهم الإيمان و أثبت لهم الإسلام دل على أن الإسلام شيء و الإيمان شيء فالإيمان لا يطلق إلا على المطيع الذي أدى الواجبات و ترك المحرمات يقال له مطيع، فإذا كان عاصيا مرتكبا لكبيرة يسمى مسلما و لا يسمى مؤمنا، ما يسمى مؤمنا إلا بالتقيد إما أن نقول مؤمن عاص أو نقول مسلم و نسكت، أما إذا كان مطيع نقول مؤمن و نقول مسلم أيضا فدلت الآية على أي شيء ؟ على التفريق بين الإيمان و الإسلام.
يقول المؤلف -رحمه الله- و يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام متى يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام ؟ إذا عصى , إذا عصى خرج من الإيمان إلى الإسلام إذا كان مطيعا يؤدي الواجبات و ينتهي عن المحرمات هذا لا يخرج من الإيمان يكون مؤمنا فإذا عصى خرج من اسم الإيمان هل المراد يكون كافرا ؟ لا المراد خرج من الإيمان المطلق الكامل خرج من الإيمان المطلق الكامل وصار يسمى مسلما بإطلاق، ولا يقال مؤمن مطلق إلا بقيد يقال مؤمن ضعيف الإيمان مؤمن ناقص الإيمان و الإسلام لا بد له من إيمان يصح به أصل الإيمان لا بد منه، لكن العاصي يسمى مسلما و لا يسمى مؤمنا و لهذا قال المؤلف رحمه الله و يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، طيب لكن متى يخرج من الإسلام ؟ ما يخرج من الإسلام إلا بالكفر و لهذا قال و لا يخرجه من الإسلام إلا الشرك بالله، يخرج من الإسلام بأي شيء ؟ يخرج من الإسلام بالشرك , شرك الربوبية بأن يعتقد أن هناك مدبرا مع الله أو خالقا أو يجعل له صاحبة و ولدا أو يشرك في ألوهية الله بأن يدعو غير الله أو يذبح لغير الله أو يشرك في أسمائه أو يشرك في صفاته فإذا وقع في الشرك خرج من الإسلام أو رد فريضة من فرائض الله جاحدا بها إذا رد فريضة من فرائض الله جاحدا بها يعني أنكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة وجوبه أو تحريمه يخرج مثال ذلك الصلاة فريضة مجمع على وجوبها أو في خلاف ؟ مجمع على وجوبها فإذا أنكر وجوب الصلاة فقد رد فريضة من فرائض الله جاحدا (غيرها مجمع) و مثلها الزكاة لو أنكر وجوب الزكاة كفر أو أنكر وجوب الصوم كفر أو أنكر وجوب الحج كفر أنكر وجوب بر الوالدين كفر مجمع عليه أنكر صلة الرحم كفر. ( واضح هذا؟)
و مثله لو أنكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة تحريمه أنكر تحريم الربا كفر الربا حرام بالإجماع أنكر تحريم الزنا كفر أنكر تحريم شرب الخمر يكفر أنكر تحريم الحكم بغير بما أنزل الله كفر أنكر تحريم شهادة الزور يكفر.
أنكر وجوب الوضوء من أكل لحم الجزور يكفر أو ما يكفر ؟ ما يكفر لأن هذا غير متفق عليه فيه خلاف أو أنكر تحريم الدخان يكفر أو ما يكفر ؟ ما يكفر لأن فيه شبهة و إن كان الصواب أن الدخان حرام لكن بعض الناس عنده شبهة، هناك من يعتقد أنه ليس بحرام فإذاً لا يكفر وإن كان الصواب التحريم، لا بد أن يكون الشيء الذي أنكره مجمع على تحريمه أو وجوبه، و لهذا قال المؤلف: لا يخرج من الإسلام إلا الشرك بالله أو برد فريضة من فرائض الله جاحدا بها.
قال فإن تركها تهاونا و كسلا هل يكفر ؟ قال المؤلف: لا ما يكفر إن تركها تهاوناً و كسلاً كان في مشيئة الله إن شاء عذبه و إن شاء غفر له، هذا الكلام من المؤلف -رحمه الله- فيه تفصيل ليس على إطلاق إذا ترك فريضة من فرائض الله كسلاً و تهاوناً و هو يعلم أنها واجبة فهذا فيه تفصيل أما الصلاة فالصواب أنه يكفر و ولو تركها كسلاً و تهاوناً هذا هو الصواب الذي عليه المحققون و الذي تدل عليه النصوص و أجمع عليه الصحابة حتى و لو لم ينكر وجوبها هذا من أهمية الصلاة ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ قال في صحيح مسلم بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة جعلها الصلاة الحد الفاصل البينية تفصل بين الشيء و بين غيره ثم أتى بالكفر المعرف الذي يستغرق أنواع الكفر و قال العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر و البينية حد فاصل و ثبت في صحيح البخاري في حديث بريدة بن الحُصيب أن النبي ﷺ قال من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله و من حبط عمله هو الكافر و أيضاً ثبت في الحديث الذي فيه النهي عن الخروج على الأمراء قال إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان فإذا كان كفر بواح جاز الخروج و قال في الحديث الآخر لما ذكر أنه يكون عليهم أمراء و أنهم يتلاعنون قالوا: قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة فدل على أنهم إن لم يقيموا الصلاة فهم كفار ينابذون بالسيف لأنهم أتوا كفرا بواحاً و الأدلة في هذا صريحة فالصواب أن الصلاة إذا تركها و لو كسلاً أو تهاوناً يكفر.
أما الزكاة فإذا تركها جحدا لوجوبها كفر أما إذا تركها تهاوناً و كسلاً فالصواب أنه لا يكفر بل يعزر و تؤخذ منه و يؤدب و الدليل على هذا ما جاء في الحديث في قصة أن من ترك الزكاة يعزر : ما من صاحب ذهب، ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه، وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد ولا صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر، وتطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. ثم قال ﷺ: ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
فقوله ثم يرى سبيله إما إلى الجنة و إما إلى النار دليل على أنه ليس بكافر ولو كان كافرا لم يكن له سبيل إلى الجنة بل يكون سبيله إلى النار.
و مثله الصيام على الصحيح و الحج و هذا فيه خلاف قال بعض العلماء أن الزكاة إذا تركها كسلا يكفر كفرا أكبر، و الحج يكفر كفر أكبر إذا تركه و الصوم كذلك و الصواب أن هذا خاص بأي شيء ؟ بالصلاة، أما الزكاة و الصوم والحج فالصواب أنه لا يكفر بتركها كسلاً و تهاوناً هذا هو الصواب الذي تدل عليه النصوص .
المؤلف -رحمه الله- يقرر أنه يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام إذا عصى و لا يخرج من الإسلام إلا بالشرك أو برد فريضة من فرائض الله فإن تركها تهاوناً و كسلاً كان تحت مشيئة الله إن شاء عذبه و إن شاء غفر له قيل إن هذا في غير الصلاة، أما الصلاة فدلت النصوص على أنه يكفر إذا تركها كسلاً و تهاوناً و يدل على هذا الإجماع فقد نقل عبد الله شقيق العقيلي التابعي الجليل إجماع الصحابة على أن ترك الصلاة كفر، قال كان أصحاب محمد ﷺ لا يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة، و نقل هذا الإجماع إسحاق بن راهوية و ابن حزم و جماعة، فدل على أن ترك الصلاة كسلا و تهاوناً يكون كفرا و على هذا لا يشكل النصوص التي جاءت فيها أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة و أنه لا يدخل النار من قال لا إله إلا الله لأن الصلاة شرط في صحة الإيمان و التوحيد فإذا لم يصل فإنها تنتقض عليه كلمة التوحيد ما يكون موحدا إلا إذا صلى إذا ترك الصلاة انتقض توحيده كما لو توضأ ثم أحدث ينتقض الوضوء كما أن الوضوء شرط في صحة الصلاة فكذلك الصلاة شرط في صحة الإيمان و التوحيد هذا هو الصواب.
و المؤلف _رحمه الله_ نص على هذا و أما المتأخرون فإنهم يرون أن ترك الصلاة كسلاً و تهاوناً أنه لا يكون كفراً أكبر و إنما يكون كفراً أصغر و كذلك المرجئة , المرجئة و بعض أهل السنة المتأخرون يرون أن ترك الصلاة كسلاً وتهاوناً لا يكون كفراً أكبر و إنما يكون كفراً أصغر و الصواب أنه يكون كفراً أكبر لما سبق للأدلة و النصوص الواضحة من كتاب الله و سنة رسوله ﷺ و الإجماع الذي نقله إجماع الصحابة الذي نقله عبد الله بن شقيق العقيلي و إسحاق بن راهويه و ابن حزم و غيرهم .