18رمضان كتاب الصيام
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فنحمد الله سبحانه وتعالى ونشكره، ونثني عليه الخير كله، ونسأله المزيد من فضله، ونسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، وألا يجعل فينا ولا منا شقيًّا ولا محروما، كما أسأله سبحانه أن يجعل جمعنا هذا جمع خير وعلم ورحمة تنزل عليه السكينة، وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة، ويذكره الله فيمن عنده.
أيها الإخوان، نحن في شهر رمضان المبارك، نحمد الله سبحانه وتعالى أن بلغنا هذا الشهر الكريم، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم فيه الجد والنشاط، وأن يعيذنا من الكسل والتفريط والإضاعة.
أيها الإخوان، إن شهر رمضان مغنمٌ عظيم، وموسمٌ عظيم، وبلوغ شهر رمضان وصيامه والعمل الصالح فيه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه، فليحمد الإنسان ربه على هذه النعمة، ولو قيل لأهل القبور تمنوا لتمنوا يوما من رمضان، ونحن في الأمنية، فعلينا جميعا أن نفرح ونغتبط بهذا الخير العظيم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾[يونس:58]، وعلينا أن نستغل هذا الموسم العظيم بما يقربنا من الله عز وجل بعمل الطاعات المتنوعة، فإن الله سبحانه وتعالى شرع للمؤمنين أنواع متنوعة.
هذا الشهر العظيم خصه الله بخصائص:
منها أنه سيد الشهور.
ومنها أن الله اختاره لأن يكون أداء هذا الركن العظيم وهو الصيام في هذا الشهر، ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام»، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم صيام رمضان الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو يتأدى في هذا الشهر.
الأمر الخامس هذا الشهر العظيم من خصائصه أن الله أنزل فيه القرآن، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾[البقرة:185]، قال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾[القدر:1]، ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾[الدخان:3].
وكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل سنة مرة في شهر رمضان، ودارسه في السنة الأخيرة مرتين، فهذا يدل على أن هذا الشهر عظيم وله خصوصية في تلاوة القرآن، وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ حرفا من كتابنا فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألِف لام ميم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف»، إذا قرأت: ﴿الم﴾ فهذه ثلاثة حروف بثلاثين حسنة إذا تقبل الله، وهذا في غير رمضان.
كذلك أيضا من خصائص هذا الشهر أن الله تعالى شرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم شرع في قيام رمضان جماعة، قيام الليل مشروع في كل ليلة من السنة، ولكن قيام رمضان جماعة، صلاة الجامعة خاصة من خصائص رمضان، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» هذه بشارة لي ولك ولكل مؤمن، بشارة بهذا الخير العظيم، «من صام رمضان إيمانا واحتسابا» يعني إيمانا بالله ورسوله، واحتساب الأجر والثواب، ورضًا بشرعيته، لا عن رياء ولا عن تقليد ولا عن متابعة للناس، ولا يصوم عن العادة أو لأنه يرى الناس يصومون، أو لأنه لا يحب مخالفة الناس، أو أنه وُلد بين أبوين يصومانه، أو يصومه متبرما أو مستثقل لصيامه، أو مستطيل لأيامه، لا، بل يصوم لا على العادة والتقليد، بل على الاتباع والرغبة والرهبة.
كذلك مما اختص به رمضان أن الله تعالى جعل فيه ليلة القدر، وهي مختصة بالعشر الأواخر، قال عليه الصلاة والسلام: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»، وهذه ليلة عظيمة شريفة، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر، ثلاثين سنة وثلاثة أو أربعة أشهر، قالت عائشة رضي الله عنها: «يا رسول الله، إن علمت أي ليلة هي ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني».
فينبغي للمسلم أن يحفظ صيامه عما يبطله وعما يجرحه وعما ينقصه، يحفظ العينين من النظر إلى الحرام، يحفظ الأذن من سماع الحرام، يحفظ اليد من تناول الحرام ومن الأذى والبطش بالحرام، يحفظ الرجل من المشي إلى الحرام، يحفظ القلب من تمني الحرام، أما إن كان الإنسان الذي يطلق بصره ولسانه ويديه في الحرام ما قيمة هذا الصوم؟
صومه ضعيف، ملطخ، لا يقوى على تكفير السيئات ولا على رفع الدرجات، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، وقال بعض السلف: "أهون الصيام ترك الطعام والشراب"، وقال جابر رضي الله عنه: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الحرام، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواءً"، لا بد من المحافظة على الصلوات الخمس جماعة في المساجد، أما إذا كان سيضيع الصلوات مثلما يفعل بعض الناس، ينام عن الفجر ويصلي بعد الشمس، يجمع الظهر والعصر ويصلي قرب غروب الشمس، هذا ضيع فريضة الصلاة، فريضة الصلاة أهم، هي الركن الثاني من أركان الإسلام، كذلك الواجبات الأخرى، بر الوالدين، صلة الأرحام، أداء العمل الرسمي، الوظيفة الحكومية، أو في شركة أو مؤسسة، العقد بينك وبين الشركة أو الحكومة لا بد أن تؤدي هذا العمل من أول الدوام إلى آخره، بعض الناس يتساهل ويتهاون في هذا، فلا بد من أداء الواجبات وترك المحرمات.
ثم بعد ذلك يكثر الإنسان من الأعمال الصالحة، الإكثار من تلاوة القرآن بتدبر (00:05:53)، تفطير الصوام، الصدقة، الإحسان إلى الناس، المحافظة على السنن الرواتب، تلاوة القرآن، بذل المعروف، كف الأذى، الإحسان إلى الناس، وهكذا، الإكثار من التسبيح والتهليل والتكبير، سبحان الله والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس»، قال عليه الصلاة والسلام: «الباقيات الصالحات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر»، قال عليه الصلاة والسلام: «من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة»، قال عليه الصلاة والسلام: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم»، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد عشر مرات كان كمن أعتق أربع أنفس من ولد إسماعيل»، قال عليه الصلاة والسلام: «من قال في يوم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة كتب الله له مائة حسنة، ومحا عنه مائة سيئة، وكان كمن أعتق عشرة أنفس من ولد إسماعيل، وكان في يومه في حرزٍ من الشيطان، ولم يأتِ أحد بأفضل منه إلا من قال مثلما قال أو زاد» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
كذلك التوبة النصوح، التوبة فريضة الله على عباده، التوبة معناها الإقلاع عن المعاصي، والندم على ما مضى، والعزم الصادق الجازم على عدم العودة إليها، ورد المظلمة إلى أهلها، يتب قبل الموت، قبل طلوع الشمس من مغربها، يعني التوبة واجبة على كل أحد، يجدد الإنسان التوبة، يتلقى هذا الشهر بالتوبة النصوح والعمل الصالح، وليس بعد التوبة النصوح إلا تكفير السيئات ورفع الدرجات والفلاح، قال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[النور:31]، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾[التحريم:8].
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعمل الصالح والتوبة النصوح في هذا الشهر الكريم، وأن يرزقنا فيه الجد والنشاط، وأن يعيذنا من الكسل والتفريط والإضاعة، إنه ولي ذلك وهو القادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا نبينا محمد.
ونبدأ درسنا هذا المساء من كتاب الصيام من كتاب عمدة الفقه لعبد الغني المقدسي، وعليه شرح وتعليق ما تيسر.
قارئ المتن:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فاللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين أجمعين، قال المصنف علينا وعليه رحمة الله في كتابه عمدة الفقه:
كتاب الصيام
يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم.
شرح الشيخ:
يجب الصيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم، هذه شروط الصوم.
لا بد أن يكون مسلما: فالكافر لا يصح منه الصوم في حال كفره، بل يؤمر بالإسلام، فإذا دخل الإسلام وشهد لله بالوحدانية وللنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة فإنه يصح منه الصوم، وليس معنى ذلك أنه لا يُعاقب على ترك الصوم، بل يعاقب على ترك الصوم وترك الصلاة، لكن لا يصح منه الصوم في حال كفره، فالكافر قد يصوم، اليهود يصومون، قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ووجد اليهود يصومون اليوم العاشر من شهر محرم، وكانت قريش تصومه في الجاهلية، لكن لا يصح منهم، لا بد أن يكون مسلما، وإن كان هو مطالب به يوم القيامة.
مسلم بالغ: الصبي لا يجب عليه الصوم، لكن يؤمر به إذا كان يستطيع حتى يتمرن ويتعود عليه، كان السلف رضوان الله عليهم يصوّمون أولادهم الصغار ويعطونهم اللعبة من العهن، من الصوف، حتى يتلهوا بذلك إلى وقت الإفطار.
مسلم بالغ عاقل: فاقد العقل لا يجب عليه الصوم، المجنون ومن ذهب عقله ومن خرّف، هذا لا يجب عليه الصوم، رُفع عنه القلم، ولا يصح منه الصوم، الصوم لا يصح إلا مع العقل.
مسلم بالغ عاقل قادر: المريض الذي لا يستطيع لا يجب عليه الصوم، لكن إن استطاع بعد ذلك صام، قضى، وإلا أطعم عن كل يوم مسكينا.
مسلم بالغ عاقل قادر مقيم في البلد: فالمسافر لا يجب عليه الصوم، فيجوز له الفطر، وعليه أن يقضي الأيام التي أفطرها إذا قدِم من سفره.
كذلك أيضا الحائض والنفساء: لا يصح منهما الصوم في حال نزول الدم، ولكنهما تقضيان الصيام بعد ذلك.
فهذه شروط الصوم.
قارئ المتن:
قال رحمه الله تعالى:
ويؤمر به الصبي إذا أطاقه، ويُضرب عليه ليعتاده.
شرح الشيخ:
يُؤمر به الصبي من باب التمرين، كما أنه يؤمر بالصلاة: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع»، يؤمر بالصيام، ويضرب عليه إذا أطاقه حتى يتمرن ويتعود وإن كان ليس بواجبٍ عليه، لأنه لو تُرك حتى بلغ لا يستجيب، كذلك الصلاة، يؤمر بالصلاة لسبع، لو تركته حتى يبلغ خمس عشر سنة أو عشرين سنة ما صلى، لكن تمرنه، تدريب وتمرين، أن يضرب حتى يتمرن، وكذلك الصيام.
قارئ المتن:
قال رحمه الله تعالى:
ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان ورؤية هلال رمضان ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه.
شرح الشيخ:
نعم، يجب صوم رمضان بواحدٍ من ثلاثة:
إذا رؤي الهلال في المغرب فإنه يُصام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».
والأمر الثاني إكمال شعبان ثلاثين يوما لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما».
الثالث إذا حال دون رؤيته غيمٌ أو قتر فهذا في المذهب مذهب الحنابلة، والقول الثاني أنه لا يصام ليلة الثلاثين إذا كان حال دونه غيم أو قتر، وهذا هو الصواب.
فهذه المسألة.. الأمر الثالث هذا فيه خلاف بين أهل العلم، وهو مذهب عند الحنابلة أنه يُصام إذا كان ليلة الثلاثين من شعبان وحال دونه غيم أو قتر يصام من باب الاحتياط لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن غم عليكم فاقدروا له»، وفسروا (فاقدروا له) ضيقوا له، ضيقوا شعبان واجعلوه تسعا وعشرين.
والقول الثاني أنه لا يصام لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما»، ومعنى (اقدروا له) أي احسبوا له الأيام وأكملوا الشهر، وهذا هو الصواب وهو الذي عليه العمل، وعليه الأئمة الثلاثة، أنه ليلة الثلاثين من شعبان إذا حال دونه غيم أو قتر لا يصام، فتكون يصام بأحد أمرين:
إما رؤية الهلال.
أو إكمال الشهر السابق ثلاثين يوما.
قارئ المتن:
قال رحمه الله تعالى:
وإذا رأى الهلال وحده صام فإن كان عدلا صام الناس بقوله ولا يفطر إلا بشهادة عدلين ولا يفطر إذا رآه وحده.
شرح الشيخ:
إذا رأى واحد الهلال يلزمه الصوم، فإن كان عدلا هذا الشخص الذي رآه صام الناس لرؤيته، وإن كان غير عدل لا يصومون برؤيته، ما يقبلونه، لكن هو يلزمه بالصوم.
أما إذا رآه اثنان عدلان فإنه يجب قبول قولهما ويصوم الناس بخبر هذين العدلين.
وإذا رأى هلال شوال كذلك أيضًا لا يُفطر، ولكن يفطر مع الناس.
قارئ المتن:
قال رحمه الله تعالى:
وإذا رأى الهلال وحده صام فإن كان عدلا صام الناس بقوله
شرح الشيخ:
إذا كان عدلا صام الناس بقوله، وإن لم يكن عدلا صام وحده.
ولا يفطر إلا بشهادة عدلين
شرح الشيخ:
إذا صام الناس لرؤية واحد لا يفطرون إلا بشهادة عدلين في آخر الشهر، الشهر لا يقبل فيه إلا اثنان، وأما دخول الشهر واحد عدل.
قارئ المتن:
ولا يفطر إذا رآه وحده.
وإن صاموا بشهادة اثنين
شرح الشيخ:
ولا يفطر إذا رآه وحده ورُد قوله فلا يفطر، لا يفطر مع الناس.
قارئ المتن:
قال رحمه الله تعالى:
وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا إلا أن يروه أو يكملوا العدة.
شرح الشيخ:
إذا صام الناس لأنهم رأوا الغيم أو برؤية واحد، فلا يفطرون إلا بشهادة عدلين.
قارئ المتن:
قال رحمه الله تعالى:
وإن اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه وإن وافق قبله لم يجزئه.
شرح الشيخ:
الأسير يعني السجين، المسجون في بلاد الكفار أو في غيرهم ولا يدري الأشهر ولا يُخبر، يتحرى على حسب غلبة ظنه ويصوم، فإن تبين له بعد ذلك أنه صام قبل رمضان يعيد، وإن تبين أنه صام في رمضان أو بعده فصومه صحيح.
قارئ المتن:
قال الشارح حفظه الله تعالى:
قوله (كتاب الصيام): الصيام في اللغة هو الإمساك مطلقا عن الطعام والشراب والكلام والنكاح والسير، ويقال للساكت صائم، قال تعالى حكاية عن مريم رضي الله عنها: ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾[مريم:26]، يعني سكوتا.
شرح الشيخ:
مادة الصوم تدل على السكوت والوقوف، الساكت يسمى صائم، ولذلك مريم قيل لها قولي نذرت للرحمن صوما، يعني لا أكلم أحدا، لما جاءت بابنها.
قارئ المتن:
قال الشارح حفظه الله:
وقال ابن قتيبة رحمه الله: الصيام هو الإمساك عن المطعم والمشرب والرفث، ومنه يقال: خيلٌ صيام إذا كانت واقفة لا تعتلف ولا تعمل، ويقال: صام النهار إذا قام قائم الظهيرة، لأن الشمس إذا صارت في كبد السماء وقت الزوال كأنها تقف عن السير، فيقال عند ذلك صام النهار.
شرح الشيخ:
هذا في الرؤية، الشمس لا تقف، لكن في الرؤية.
قارئ المتن:
قال حفظه الله:
فالمادة تدل على الوقوف والسكوت.
شرح الشيخ:
مادة الصوم، (صَوَمَ) تدل على السكوت والوقوف في اللغة العربية.
قارئ المتن:
قال حفظه الله:
أما في الشرع فالمراد بالصيام الإمساك بنية عن أشياء مخصوصة في زمن مخصوص من شخص مخصوص.
شرح الشيخ:
نعم، الإمساك في وقت مخصوص من شخص مخصوص عن أشياء مخصوصة.
الإمساك عن أشياء مخصوصة: المفطرات: الأكل والشرب والجماع وجميع المفطرات.
في وقت مخصوص: من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
من شخص مخصوص: من الشخص المكلف القادر الذي تتوفر فيه الشروط.
قارئ المتن:
قال حفظه الله:
فالإمساك هو عن الأكل والشرب والمفطرات، وهو بنية، إذ من غير النية لا يسمى صياما.
شرح الشيخ:
الإمساك بنية: الإمساك عن المفطرات بنية من أشياء مخصوصة في وقت مخصوص من شخص مخصوص، لا بد من نية، لأن العبادات لا بد لها من نية، وإلا لو ترك الإنسان الطعام والشراب من طلوع الفجر ولم ينوِ لم يكن صائمًا.
قارئ المتن:
قال حفظه الله:
عن أشياء مخصوصة هي الأكل والشرب والجماع والمفطرات، في زمن مخصوص وهي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، من شخص مخصوص فهو المسلم البالغ العاقل الذي ليس به مانع من الصوم، فليس للحائض أو النفساء صيام كما سيذكره المؤلف رحمه الله.
ثم قال علينا وعليه رحمة الله:
يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم.
قال الشارح حفظه الله:
قوله: (يجب صيام رمضان): صيام رمضان ركن من أركان الإسلام، وقد دل على وجوبه الكتاب والسنة والإجماع.
فأما الكتاب فمنه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة:183]، وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾[البقرة:185].
وأما السنة فمنها حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج وصوم رمضان».
وقد أجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان، وقد ذكر المؤلف رحمه الله هنا شروط وجوب الصوم، فقوله (على كل مسلم) هذا هو الشرط الأول، فصوم رمضان يجب على المسلم، فالكافر لا يصح منه الصوم لو صام حتى يدخل في الإسلام، لأن الصيام لا يصح إلا بعد الإيمان، وليس معنى ذلك أنه لا يحاسب ولا يعاقب على الصوم، بل يعذب يوم القيامة على ترك الصوم والصلاة وعلى ترك الإسلام.
قال الشارح حفظه الله تعالى:
فالمعنى أنه لو صام في حال كفره ما صح صومه حتى يدخل في الإسلام، وهذا هو الشرط الأول، أن يكون مسلما.
وقوله رحمه الله (بالغ): قال الشارح حفظه الله:
أي الشرط الثاني البلوغ، فالصبي لا يجب عليه الصوم، لكن لو صام وهو صبي صح صومه، ويأمره به وليه إذا كان يطيقه ليتدرب عليه، وكان السلف رضوان الله عليهم يصوّمون أولادهم الصغار إذا كانوا يطيقون ويعطونهم لعبة من العهن يتلهون بها إذا جاعوا حتى يأتي وقت الإفطار.
وقوله رحمه الله: (عاقل)، قال الشارح حفظه الله:
هذا هو الشرط الثالث: أن يكون عاقلا، فالمجنون وفاقد العقل لا يجب عليهم الصوم لما ثبت عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ».
وقوله رحمه الله: (قادر)، قال الشارح حفظه الله:
الشرط الرابع أن يكون قادرا على الصوم، فإن كان عاجزًا كالمريض لا يجب عليه الصوم، فيفطر ويقضي الأيام لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[البقرة:184]، فيجب الصوم على المسلم الصحيح القادر على الصوم.
ويضاف أيضًا شرط خامس: أن يكون مقيما، فإذا كان مسافرا فلا يجب عليه الصوم في حال السفر، لكن عليه القضاء، ولو صام فلا بأس إذا كان لم يشق عليه ويجزئه، فإن شق عليه فهو مكروه في حقه.
قال المؤلف علينا وعليه رحمة الله:
(ويؤمر به الصبي إذا أطاقه، ويضرب عليه ليعتاده). قال الشارح حفظه الله: قوله: (ويؤمر به الصبي إذا أطاقه) وذلك حتى يتدرب عليه، فقد كان السلف يأمرون به صبيانهم كما يأمرونهم بالصلاة.
وقوله: (ويضرب عليه ليعتاده) قال الشارح حفظه الله، وهذا يستدل له من قوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع»، وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار، أي فإذا شهد زوراً يضرب وهو صغير حتى لا يتعود الكذب، ونحن في جل ما يصدر منه.
شرح الشيخ:
«مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر»، إذا كان يضرب على الصلاة لسبع، فكذلك يضرب على الصيام حتى يتعود، وكذلك إذا كان يُضرب على الشهادة والعهد، إذا شهد زورًا أو حلف يُضرب حتى يتعود على خصال الخير والأخلاق الحميدة، وإلا إذا تُرك يسوء خلقه.
قارئ المتن:
قال المؤلف علينا وعليه رحمة الله:
ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان، ورؤية هلال رمضان، ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه.
قال الشارح حفظه الله:
يجب صوم رمضان بواحد من أمور ثلاثة:
الأمر الأول: إكمال شعبان ثلاثين يوما، فإذا رؤي هلال شعبان ثم كمّل ثلاثين يوما وجب صوم رمضان، لأن الشهر لا يزيد عن ثلاثين كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين».
شرح الشيخ:
يعني الرسول قال: «إنا أمة أمية» بالأكثرية، هذا وصف الأغلبي هذا وصف لأغلب العرب، أنهم كانوا أميين لا يقرءون ولا يكتبون ولا ينافي هذا أن يكون فيهم حُسَّاب وكُتّاب، وليس معنى ذلك أنه يجب على الناس أن يكون أميين، لا، بل القراءة والكتابة مطلوبة، قال تعالى أول ما أنزل قال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾[العلق:1]، لكن النبي صلى الله عليه وسلم الأمية في حقه كمال، قال: «الشهر هكذا» عشر، وهكذا وهكذا ثلاثين، يعني مرة ثانية، وقال: وهكذا وهكذا وخنس بإصبعه، تسعا وعشرين، يعني أن الشهر يكون مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين، الشهر الهلالي، القمر الهلالي لا يزيد على ثلاثين ولا ينقص عن تسع وعشرين.
قارئ المتن:
قال الشارح حفظه الله:
الأمر الثاني: إذا رؤي هلال رمضان فيجب الصوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته».
الأمر الثالث: إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان غيم أو قتر، فإن الناس يصبحون صياماً أما إن كانت ليلة الثلاثين من شعبان صحواً ولم ير الهلال فلا يصام، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُم عليكم فاقدروا له».
وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «فاقدروا له» على قولين:
القول الأول: أي ضيّقوا له فاجعلوه تسعاً وعشرين؛ وكما قال تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾[الطلاق:7]، أي: ضيق عليه رزقه، وهذا هو المذهب، وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا كان شعبان تسعا وعشرين نُظر له، فإن رؤي فذاك، وإن لم يُر...
شرح الشيخ:
نُظِر له، وفي بعض الآثار أنه يأمر غلامه، يقول: انظر الهلال.
قارئ المتن:
فإن رؤي فذاك، وإن لم يُرَ ولم يحل دون منظره سحابٌ ولا قترة أصبح مفطرا، فإن حال دون منظره سحابٌ أو قترة أصبح صائما.
القول الثاني: أن معناه: قدّروا له أو اقدروا له تمام العدد ثلاثين يوما، قال: ويؤيده الرواية الأخرى: «فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما»، والروايات يفسر بعضها بعضا، وهذا هو الصواب الذي عليه العمل، وبناء عليه لا يصبحون صائمين إذا حال دونه غيمٌ أو قترٌ ليلة الثلاثين من شعبان، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، وهذا هو الصواب.
وروي عن الإمام أحمد رحمه الله روايةً ثالثة أنه إن صام الإمام صام الناس وإن لم يصم الإمام لم يصم الناس، فالناس تبعٌ للإمام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون، والأضحى يوم تضحون».
والصواب أنه لا يصام إلا بأحد أمرين: إما إكمال شعبان ثلاثين يوماً، أو رؤية هلال رمضان، وأما اختيار المؤلف رحمه الله فهو قول مرجوح كما ذكرنا.
قال المؤلف علينا وعليه رحمة الله:
وإذا رأى الهلال وحده صام، فإن كان عدلاً صام الناس بقوله، ولا يفطر إلا بشهادة عدلين ولا يفطر إذا رآه وحده، وإن صاموا بشهادة اثنين. قال الشارح حفظه الله:
وقوله: (وإذا رأى الهلال وحده صام، فإن كان عدلاً صام الناس بقوله) أي لو رأى شخص الهلال فإنه يصوم، ويصوم الناس بقوله إذا كان عدلا، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى الهلال، فأخبر الناس النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام، ولقصة الأعرابي أنه رأى الهلال فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «تشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أذِّن يا بلال في الناس أن يصوموا غداً»، وقيل: لا يصوم وحده لو رآه حتى يصوم الناس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون».
وقوله رحمه الله: (ولا يفطر إلا بشهادة عدلين)، قال الشارح حفظه الله:
أي وأما الفطر من رمضان فيشترط له شهادة عدلين، قال الترمذي رحمه الله: ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يُقبل فيه إلا شهادة رجلين.
شرح الشيخ:
يعني الصيام يُقبل شهادة واحد إذا كان عدلا، وأما الفطر فلا يقبل إلا بشهادة اثنين، يعني لا يفطر الناس من رمضان إلا بشهادة اثنين، وأما الصيام فإنه يكفي شهادة واحد عدل.
قارئ المتن:
قال الشارح حفظه الله:
وقيل لا يصوم وحده ولو رآه حتى يصوم الناس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون».
وقوله رحمه الله: (ولا يفطر إلا بشهادة عدلين)، قال الشارح حفظه الله:
أي وأما الفطر من رمضان فيشترط له شهادة عدلين، قال الترمذي رحمه الله: "ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يُقبل فيه إلا شهادة رجلين"، وقال ابن عبد البر رحمه الله: "أجمع العلماء على أنه لا يقبل في رؤية هلال شوال إلا رجلان عدلان، فدخول رمضان يكفي فيه شهادة واحدٍ عدل، بخلاف الفطر فلا بد فيه من شهادة اثنين، لما روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، (00:31:28) لها، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا» رواه النسائي رحمه الله.
قال الشارح حفظه الله:
فإن رأى الهلال وحده وصام ورُدَّت شهادته، فإنه لا يفطر إلا مع الناس ولو زاد على الثلاثين.
مسألة:
شهادة النساء في رؤية الهلال هل هي كشهادة الرجل؟
الظاهر أن شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد إلا في الأشياء التي هي من خصائص المرأة، مثل الرضاع والبكارة فتجوز فيها شهادة امرأة واحدة كشهادة رجل، وهذا هو الأصل.
شرح الشيخ:
نعم، لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾[البقرة:282]، الأصل أن شهادة امرأتين بشهادة واحد، هذا في جميع الأشياء إلا ما هو من خصائص النساء، كالبكارة والثيوبة وما أشبه ذلك، هذه يقبل فيها امرأةَ عدلٍ واحدة، يعني هل تقول تكون هذه المرأة بكر أو غير بكر، تكفي شهادة واحدة لأن هذا من خصائص النساء، وما عدا ذلك في الأموال وغيرها تكون شهادة امرأتين بشهادة واحد.
قارئ المتن:
قال المؤلف علينا وعليه رحمة الله: (وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا إلا أن يروه أو يكملوا العدة).
شرح الشيخ:
يعني إن صاموا لأجل الغيم أو صاموا بشهادة واحد.
قارئ المتن:
قال الشارح حفظه الله:
أي أنه إذا كانت ليلة الثلاثين من رمضان غيما أو قترا أو شهد واحد برؤية الهلال لم يفطروا أيضا حتى يكملوا الثلاثين أو يُرى الهلال.
قال المؤلف علينا وعليه رحمة الله: (وإن اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام، فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه، وإن وافق قبله لم يجزئه).
أي من كان أسيرًا في بلاد الكفار ولا يعرف الأشهر، أو سأل الكفار ولم يخبروه، فإنه يتحرى ويصوم، فإن تبين بعد ذلك أنه صام في الشهر أو بعده صح، وإن تبين له أنه صام قبل دخول رمضان فإنه يعيد، لأنه أدى العبادة قبل دخول وقتها بخلاف الصلاة فلا يعيدها، لأن الصيام لا يتكرر كالصلاة.
شرح الشيخ:
هذا يدل على أن دخول الوقت مهم، لا بد من دخول الوقت، فبعض الناس يتساهل، لا ينبغي التساهل، ولا بد من تحقق دخول الوقت، فلو صلى مثلا قبل دخول الوقت ولو بلحظة، ولو بدقيقة أو لحظة أو لحظات، ما صحّت الصلاة، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾[النساء:103]، مفروضا في الأوقات، وكذلك رمضان، لو صام الأسير قبل رمضان، تبين أنه صام في شعبان أو في رجب لا يصح، يعيد، لا بد أن يكون صومه بعد دخول الوقت في رمضان أو بعد رمضان.
قارئ المتن:
قال المصنف علينا وعليه رحمة الله:
باب أحكام المفطرين في رمضان:
ويباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرر به، والمسافر الذي له القصر، فالفطر لهما أفضل وعليهما القضاء وإن صاما أجزأهما.
الشيخ:
لعلنا نأخذ الأسئلة، نقف على أحكام الفطرين.