شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من عمدة الفقه 3

00:00
00:00
تحميل
34

21رمضان كتاب الصيام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فنحمد الله سبحانه ونشكره ونثني عليه الخير كله، ونسأله المزيد من فضله، ونسأله القبول والتوفيق للعمل الصالح والتوبة النصوح.

قارئ المتن:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فاللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين أجمعين، قال الإمام الموفق رحمه الله تعالى في كتابه [عمدة الفقه]، وتحت كتاب الصيام، قال رحمه الله تعالى:

ومن أكل يظنه ليلا فبان نهارا فعليه القضاء ومن أكل شاكا في طلوع الفجر لم يفسد صومه وإن أكل شاكا في غروب الشمس فعليه القضاء.

شرح الشيخ:

بسم الله، هذه المسألة إذا أكل ظانا أن الشمس غربت ثم تبين له أنها لم تغرب، أو أكل شاكا في طلوع الفجر، ثم تبين له ... فهذه المسائل فيها تفصيل:

إذا أكل ظانا أن الشمس قد غربت، ثم تبين له أنها غربت فصومه صحيح، وإذا كان شاكا في غروب الشمس ولم يتبين له أنها غربت فعليه القضاء، لأن الأصل بقاء النهار.

وإن أكل شاكا في طلوع الفجر وتبين له أنه طلع فعليه القضاء، وإن أكل شاكا في طلوع الفجر ولم يتبين له فصومه صحيح، لأن الأصل بقاء الليل، عكس المسألة الأولى.

أعد المسألة...

قارئ المتن:

قال رحمه الله تعالى:

ومن أكل يظنه ليلا فبان نهارا فعليه القضاء

الشيخ:

نعم، إذا أكل ليلا يظنه نهارا، فبان، فعليه القضاء، يعني أكل، يظن أن الليل باقٍ، ثم تبين له بعد الفجر، عليه القضاء، والمسألة فيها خلاف، شيخ الإسلام وجماعة يقولون: يُعذر الجاهل بالحال، هذا جاهل بالحال أم جاهل بالوقت؟

هذا جاهل بالوقت، فإنه في هذه الحالة يقولون لا يقضي.

وكذلك إذا أكل شاكا في الغروب، يظن أن الشمس قد غربت ولم يتبين له، أو تبين، ثم طلعت الشمس، فإنه لا يقضي، لماذا؟

قالوا لأنه جاهلٌ بالحال، واستدلوا بقصة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ... قالت أسماء: «أفطرنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم، ثم طلعت الشمس، فسُئل أحد الرواة هل قضوا؟ قال: بدٌ من قضاء»، يعني لا بدٌ من قضاء؟ فهذه المسألة فيها خلاف يفسرها جمهور العلماء على أنه يقضي في الحالتين، وشيخ الإسلام وجماعة والقول الثاني أنه لا يقضي في الحالين، لأنه معذور بالجهل، إذا أكل شاكا في طلوع الفجر، ثم تبين أن الفجر طلع لا يقضي، يقول لأنه جاهل، والجاهل بالوقت معذور كالجاهل بالحال.

ولكن الصواب أنه عليه القضاء، ولكن لا إثم عليه، الصواب الذي عليه جمهور العلماء واللي عليه الفتوى أنه يقضي.

قارئ المتن:

قال رحمه الله تعالى:

ومن أكل شاكا في طلوع الفجر لم يفسد صومه وإن أكل شاكا في غروب الشمس فعليه القضاء.

قال الشارح حفظه الله: أي ومن أكل في آخر الليل يظن بقاء الليل، فتبين أنه أكل بعد طلوع الفجر فعليه القضاء على المذهب، وبه قال جمهور العلماء.

والقول الثاني أنه ليس عليه القضاء، وصومه صحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره، قالوا: ومثله لو أكل يظن أن الشمس غربت ثم تبين أنها لم تغرب، لأنه معذور بجهله.

شرح الشيخ:

لجهله بالحال، الجاهل بالوقت والجاهل بالحال سواء.

قارئ المتن:

وقوله رحمه الله:

(ومن أكل شاكا في طلوع الفجر لم يفسد صومه). قال الشارح حفظه الله: لأن الأصل بقاء الليل.

وقوله رحمه الله: (وإن أكل شاكا في غروب الشمس فعليه القضاء)، قال الشارح حفظه الله: أي فإذا أفطر ثم تبين أن الشمس ما غربت فإنه يقضي، لأن الأصل بقاء النهار، إلى أن يتبين له غروبها، وما ذكره المؤلف رحمه الله هو مذهب الجمهور، وقد جاء في حديث أسماء رضي الله عنها أنها قالت: «أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيمٍ، ثم طلعت الشمس، قيل لهشام: فأُمروا بالقضاء؟ قال: لا، بدٌّ من قضاء».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لا يجب القضاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نُقل فطرهم، فلما لم يُنقل ذلك دل على أنه لم يأمرهم به، فإن قيل: فقد قيل لهشام بن عروة: أُمروا بالقضاء؟ قال: لا، بد من قضاء، قيل: هشامٌ قال ذلك برأيه ولم يروِ ذلك في الحديث، وبقول هشامٍ أخذ الجمهور.

قال المصنف رحمه الله تعالى: باب صيام التطوع:

قال رحمه الله تعالى: (أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم).

شرح الشيخ:

أفضل الصيام صيام داوود عليه السلام، كان يصوم يوما ويفطر يوما، نصف الدهر، وهو النهاية، ولا يجوز أكثر منه، ولهذا لما كان عبد الله بن عمرو بن العاص شابا وكان مجتهدا في العبادة، كان يصوم الأيام كلها، الدهر، ويصلي الليل، أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفق بنفسه، قال له: صم من الشهر ثلاثة أيام، قال: أطيق أفضل من ذلك، قال: صم يوما وأفطر يومين، قال: أطيق أفضل من ذلك، حتى قال له: صم يوما وأفطر يوما، قال: أطيق أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك، قال: صم صوم داود، قال: وما صوم داود؟ قال: نصف الدهر، تصوم يوما وتفطر يوما، قال: أطيق أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك. وعلى هذا فلا يجوز صوم الدهر، جاء في الحديث الآخر أن «من صام الدهر لا صام ولا أفطر»، جاء في حديثٍ ضعيف أن من صام الدهر ضيّقت عليه جهنم.

وأجاز بعض السلف صيام يوم الدهر إذا أفطر الأيام المحرم صومها، مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، وأيام التشريق، ولكن هذا اجتهاد منهم، النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن ... قال: «لا أفضل من ذلك»، فصوم نصف الدهر هذا هو النهاية وهو صوم داود عليه الصلاة والسلام، وهذا إذا كان الإنسان يعني يتيسر له، أما إذا كان يشق عليه، كصاحب عمل أو يكسب عيشة لأولاده لا ينبغي له، يصوم ما يتيسر له، يصوم الاثنين والخميس، يصوم الأيام البيض، يصوم ما يتيسر له، ولا يشق على نفسه، يصوم يوم ويفطر يوم ويخل بالواجبات الأخرى.

وأما بالنسبة لأشهر الأيام، فأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم، المحرم هو أفضل الصيام -صيام التطوع- بعد صيام رمضان، وأفضل صلاة التطوع صلاة الليل بعد صلاة الفريضة.

قارئ المتن:

قال رحمه الله تعالى:

 أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم، وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة، ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله.

شرح الشيخ:

هذه كلها من صيام التطوع، صيام الست من شوال، هذي تطوع، وكذلك صوم تسع ذي الحجة، تسع من أيام ذي الحجة، ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام، فهي أفضل أيام الدهر، تسع ذي الحجة، والعشر الأخيرة من رمضان لياليها أفضل، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أيهما أفضل، عشر ذي الحجة أو العشر الأخيرة من رمضان؟ فأجاب بجواب سديد، فقال: ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لأن فيها ليلة القدر، وأيام العشر الأُول من ذي الحجة أفضل لأن فيها يوم الحج الأكبر، يوم العيد، ويوم عرفة.

قارئ المتن:

قال رحمه الله تعالى:

وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة

الشيخ:

نعم، وصيام يوم عرفة يكفر سنتين، وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة، وهذا لمن اجتنب الكبائر، أما اللي ما اجتنب الكبائر متوعد بالنار، كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والتعامل بالربا، وأكل مال اليتيم، هذه كبائر، المتلبس بها متوعد بالنار، لا بد أن يكون مجتنبًا للكبائر حتى يحصل له هذا الأجر، يقول بعض الناس يقول: أنا أصوم يوم عرفة، وهو يزني أو يسرق، أو يشرب الخمر، أو يأكل أموال الناس، لا، هذا متوعد بالنار هذا، ما يفيده كونه يصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء وهو يفعل الكبائر، لا بد من اجتناب الكبائر.

قارئ المتن:

قال رحمه الله تعالى:

وصيام يوم عرفة كفارة سنتين ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه

الشيخ:

صيام يوم عرفة كفارة سنتين، صيام يوم العاشر من محرم يكفر سنة، ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه، يعني الحاج لا يستحب له أن يصوم يوم عرفة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حج مفطرا، ولما شك الناس في صيامه أرسلت إليه بعض أزواجه لبنا فشربه، رفعه وشربه والناس ينظرون، فعرفوا أنه مفطر.

واختلف العلماء، هل يجوز صوم يوم عرفة للحاج أو لا يجوز على قولين:

منهم من قال يحرم.

ومنهم من قال مكروه، وهو مكروه، لماذا؟ لأن يوم عرفة يوم يشرع فيه الدعاء في عشية عرفة، والصائم يضعف، يضعفه الصوم، فشُرع للحاج أن يكون مفطرا حتى يكون أعون له على الدعاء في عشية يوم عرفة.

قارئ المتن:

قال رحمه الله تعالى:

ويستحب صيام أيام البيض والاثنين والخميس.

شرح الشيخ:

أيام البيض هي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، سميت بالأيام البيض لبياض القمر فيها، لأنه يستدير القمر، ويوم الاثنين والخميس كذلك، سئل النبي عن يوم الاثنين قال: «ذاك يوم وُلدت فيه، ويوم بعثت فيه، ويوم الخميس والاثنين يومان تعرض فيه الأعمال إلى الله، وأحب أن يعرض عملي أنا صائم».

قارئ المتن:

قال رحمه الله تعالى:

أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما.

قال الشارح حفظه الله: أفضل الصيام صيام داود عليه السلام؛ لما ثبت أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: "والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت"، فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي، قال: فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر.

شرح الشيخ:

يعني صوم ثلاثة أيام من كل شهر كل يوم بعشرة، كأنه صام الدهر.

قارئ المتن:

 قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يوماً وأفطر يومين، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام، وهو أفضل الصيام، فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك»، وهذا إذا كان الإنسان عنده نشاط، أما إذا كان الصيام يخل بالواجبات الأخرى، ويضعفه عن القيام بالعمل والكسب لأولاده فلا يصومه، ويكتفي الإنسان بصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو بصوم الاثنين والخميس على حسب الاستطاعة

شرح الشيخ:

يعني ما ينبغي للإنسان يهمل أولاده والكسب، يصوم يوما ويفطر يوما ويكون عالة على الناس، لا، إذا كان يشق عليه فالحمد لله، يصوم على حسب استطاعته ويكسب، يعمل، يشتغل ويكسب لأولاده.

قارئ المتن:

قال رحمه الله تعالى:

 (وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم)، قال الشارح حفظه الله:

جاء هذا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم».

قال المؤلف رحمه الله: (وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة)، قال الشارح حفظه الله:

لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»، والصيام من العمل الصالح، والمقصود بالعشرة الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة، وأما اليوم العاشر فهو يوم العيد، ولا يُصام كما سيأتي.

قال المؤلف رحمه الله: (ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله)، قال الشارح حفظه الله:

جاء الترغيب أيضًا في صيام ست من شوال؛ كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه عند مسلم في صحيحه: «من صام رمضان، وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر».

قال الشارح حفظه الله: وإنما جُعلت كصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها، فصيام شهر رمضان بعشرة أشهر، والست بشهرين، ويصومها متفرقة أو مجتمعة بعد العيد.

مسألة: إذا كان على المرأة قضاء من رمضان، فهل تقضي أولا أو تصوم الأيام الست؟

الصواب أن المرأة تبدأ بالقضاء، فإذا بقي شيء من شوال صامته، وإلا فالله تعالى يأجرها على نيتها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان وأتبعه بست من شوال»، فينبغي أن تصوم شوال بعد أن تتم صيام رمضان بقضاء ما فاتها.

قال المؤلف رحمه الله: (وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة)، قال الشارح حفظه الله:

ففي حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وصوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها».

ويجوز صومه مفردا ومجتمعا على المذهب، والسنة أن يصوم التاسع معه لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع».

قال المؤلف رحمه الله: (وصيام يوم عرفة كفارة سنتين، ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه)، قال الشارح حفظه الله:

جاء هذا أيضا في حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والسنة المستقبلة».

وقوله: (ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه) أي وأما الحاج فلا يستحب أن يصوم يوم عرفة لما ثبت عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره، فشربه، ولأن صومه يُضعِف عن الدعاء والذكر في آخر يوم عرفة، وعشية يوم عرفة هي أفضل الأوقات، والصيام يضعفه في آخر النهار، فلهذا لم يُستحب للحاج صيامه.

شرح الشيخ:

واختلفوا هل يحرم أو يكره؟

على قولين:

النبي نهى عن صوم عرفة بعرفة، قال بعض العلماء حرام، وقال بعضهم مكروه، المشهور عند الجمهور أنه مكروه.

قارئ المتن:

قال المؤلف رحمه الله:

(ويستحب صيام أيام البيض والإثنين والخميس)، قوله: (ويستحب صيام أيام البيض) قال الشارح حفظه الله: يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بذلك، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: «أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر»، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: «أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر»، وعن  أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صمت فصم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر» فإن تيسر للإنسان أن يصوم الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فهو الأفضل، وإن لم يتيسر صام ثلاثة أيام في أي وقت من الشهر.

 وقوله رحمه الله: (والإثنين والخميس)، قال الشارح حفظه الله:

أي ويستحب صيام الاثنين والخميس، وفي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الإثنين ويوم الخميس وسئل عن ذلك فقال: «هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم، ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الاثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أُنزل عليّ فيه».

قال المؤلف علينا وعليه رحمة الله: (والصائم المتطوع أمير نفسه: إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه).

شرح الشيخ:

الصائم يصوم تطوعا إن شاء أتم صومه وإن شاء أفطر، وليس عليه إثم، لكن الأفضل أن يتم صومه، يعني لو صام مثلا التطوع وأراد أن يفطر لا حرج، بخلاف الحج والعمرة فإذا أحرم بالحج ولو تطوعا أو بعمرة تطوع لا بد من الإتمام، لا يجوز له الخروج منه، لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾[البقرة:196]، لكن الصلاة لو قطعها ما عليه إثم ولا يجب قضاؤها، والصوم إذا قطع التطوع ما عليه إثم، لكن الأفضل عدم القطع إلا لحاجة.

قارئ المتن:

قال الشارح حفظه الله: أي من صام صيام تطوع فهو أمير نفسه، إن شاء استمر في صومه، وإن شاء أفطر، ولا شيء عليه، وذلك لحديث أم هانئ رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعا بشرابٍ فشرب، ثم ناولها فشربت، فقالت: يا رسول الله، أما إني كنت صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر»، ويدل على مشروعية الفطر لمن صام متطوعا أيضا حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فقالت: «يا رسول الله، أُهدي لنا حيس، فقال: أرنيه، فلقد أصبحت صائما، فأكل صلى الله عليه وسلم».

شرح الشيخ:

يعني أفطر، والحيس تمر وسمن وأقِط يخلط، التمر والسمن والأقط هو الحيس إلا أنه لم يختلط.

قارئ المتن:

قال الشارح حفظه الله: فينظر في الأصلح، فإذا كان الأصلح أن يفطر كمن جاءه ضيف وكان يتكدر من صومه فالأفضل أن يفطر، وكذلك إذا دعي إلى وليمة وكان يشق عليهم صومه، فإنه يفطر، وإن رأى أن يستمر في صومه دعا لهم وأتم صومه.

قال المؤلف رحمه الله: (وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة، فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما).

شرح الشيخ:

 مع ذلك يعني سائر التطوعات لا يجب إتمامها، إذا صام تطوعا له أن يفطر، إذا صلى وقطع الصلاة لحاجة لا بأس، إذا طاف بالبيت سبعة أشواط وقطعه لحاجة لا بأس، إلا الحج والعمرة، إذا دخل في الحج ولو تطوعا لازم يكمله، وإذا أفسده وجب عليه، وإذا أخل به مثلًا بالجماع يجب عليه قضاءه من العام القادم ولو كان تطوعا، وكذلك العمرة، لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾[البقرة:196]، هذا خاص، الحج والعمرة، فإذا دخل فيهما ولو تطوعا لا بد من إتمامهما، أما الصلاة والصوم والطواف يجوز له أن يقطعه، لا بأس بقطعها، لكن الأفضل إتمامها.

قارئ المتن:

قال الشارح حفظه الله:

وسائر التطوع مثل الصيام إن قطعها فلا بأس وليس عليه أن يقضيه، لكن الأولى ألا يقطعه إلا بعذر، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾[محمد:33]، ويستثنى من ذلك الحج والعمرة، فإنه إذا أحرم بالحج أو بالعمرة وجب عليه إتمامهما، وليس له أن يتحلل حتى يتمهما، إلا أن يكون محصَرا فيتحلل كما سيأتي، لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾[البقرة:196].

شرح الشيخ:

يتحلل يعني بأن يذبح شاة ثم يتحلل في مكانه، فإن لم يجد صام عشرة أيام ثم يتحلل، يعني المحصر الممنوع، لو مُنع من دخول ... مُنع مثلا من الطواف، أو منع من عرفة، أو منع من دخول مكة، وهو قد أحرم، ولم يشترط، فإنه لا يتحلل إلا إذا ذبح شاةً، يشتري شاة ويذبحها ويتحلل، فإن لم يجد أو عجز عنها صام عشرة أيام وهو محرم، وبعد عشرة أيام يتحلل.

قارئ المتن:

قال المؤلف علينا وعليه رحمة الله:

(ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم الأضحى)، قال الشارح حفظه الله: يحرم صيام يوم الفطر ويوم الأضحى، لأن المسلمين فيهما في ضيافة الله عز وجل، وفيه يأكل الناس من نسك ضحاياهم، وقد ثبت النهي عن صيامهما؛ فعن أبي عبيد رحمه الله أنه قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: "هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما، يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم".

شرح الشيخ:

عن الصحابي عن من؟

القارئ: أبي عبيد.

الشيخ: أبي عبيدة؟

القارئ: لا، مكتوب أبي عبيد

الشيخ: من أبو عبيد؟

القارئ: أبي عبيد قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب ...

قارئ المتن:

قال المؤلف رحمه الله: (ونهى عن صوم أيام التشريق إلا أنه رخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي)

شرح الشيخ:

يعني خمسة أيام في السنة يحرم صومها، ما هي؟

يوم الفطر ويوم الأضحى، هذه يحرم صومها على كل حال.

وأما يوم التشريق يجوز صومها لصنف واحد من الناس، وهو الحاج المتمتع إذا لم يجد هدي، وفات عليه أن يذبح قبل العيد، ولم يجد هديا أو لم يجد الثمن، فإنه يصوم ثلاثة أيام التشريق، والأولى يصومها قبل العيد، لكن فاتت عليه، ما صامها قبل العيد، فيصوم ثلاثة أيام التشريق وسبعة إذا رجع إلى أهله، هذا عائشة و ... (00:29:28) أنه قال: لم يرخص في أيام التشريق أن يُصمْن إلا لمن لم يجد الهدي.

قارئ المتن:

قال الشارح حفظه الله: أيام التشريق هي: يوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، ويحرم صومها إلا للحاج إذا لم يجد الهدي، ولم يصم الأيام الثلاثة قبل العيد، فإنه يُرخّص له في صيام أيام التشريق، وذلك لما ثبت عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي"، فما عدا من لم يجد الهدي يحرم عليه صيام هذه الأيام، وعلى هذا تكون الأيام التي يحرم صومها في السنة خمسة: يوم الفطر، ويوم الأضحى، وهما يحرم صومهما على أي حال، وأيام التشريق الثلاثة، فهذه يحرم صومها إلا لمن لم يجد الهدي من المتمتعين أو القارنين ممن لم يصمها قبل يوم العيد.

شرح الشيخ:

يوم الفطر ويوم الأضحى هذه لا يجوز صومها بأي حال من الأحوال، يوم عيد الفطر ويوم الأضحى يومان يحرم صومهما على كل أحد، لا يجوز بأي حال من الأحوال، أيام التشريق الثلاثة يحرم صومها إلا للمتمتع والقارن إذا لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة قبل أيام التشريق قبل العيد.

قارئ المتن:

قال الشارح حفظه الله: وأما يوم السبت فالصواب أنه يصح الصوم فيه، وما ورد في النهي عن صوم السبت كحديث: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه» فهو ضعيف عند أهل العلم.

الشيخ: نقف على صيام يوم السبت؛ لأن صوم السبت فيه كلام ... .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد