بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين, جاء في النداء العام من علماء بلد الحرام قولهم.
(المتن)
الحادي عشر: والإيمان قولًا وعمل, قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح, يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بَعْد:...
عودًا على بدأ من الأخيار من بني إسرائيل ما ثبت في صحيح البخاري أَيْضًا أن صحيح البخاري معلقًا ولكنه أَيْضًا موصول, أن رجلًا من بني إسرائيل استسلف من رجل ألف دينار, فلما أراد أن يسلفه قال: أبغني شهيدًا.
قال: كفى بالله شهيدًا, قال هات لي كفيلًا, قال: كفى بالله كفيلًا, قال: هات لي شهيدًا, قال: كفى بالله شهيد, قال: رضيت, فأعطاه ألف دينار فذهب الرجل وركب البحر وواعده في وقت محدد, يعطيه يرد عليه السلف, الألف دينار يعطيه إياها في وقت محدد, في الوقت المحدد, بينهما وقت محدد.
فذهب الرجل وركب البحر وقضى حاجته, فلما جاء الوقت المحدد لقضاء الدين أو لقضاء القرض السلف طلب الرجل مركبًا في البحر فلم يجد, فكان كل يوم يخرج لعله يجد مركبًا يركب إلى صاحبه حتى يعطيه الألف دينار فلم يجد, فلم لم يجد أتى بخشبة فنقرها, ووضع فيها ألف دينار ووضع الخطاب عليها لصاحبه وزججها لما نقرها جعل عليها خشبة وسمرها وفي وسطها ألف دينار والخطاب.
وقال: اللهم إنك تعلم أني استلفت من فلان ألف دينار, فقال لي: ابغي لي كفيلًا, قال: كفى بالله كفيل, قلت له: ابغي لي شهيدًا, قال: كفى بالله كفيل, وإني جهدت أن أطلب مركب فلم أجد وأني أستودعك إياها يا الله, ثم ألقاها في البحر, رماها في البحر خشبة.
فهذه الخشبة تمشي بالأمواج حتى وصلت إلى الساحل الذي فيه صاحبه, وكان صاحب هذه السلفة يخرج كل يوم إلى البحر لعله يتلقى صاحبه, حتى يعطيه دنانيره, فخرج في يوم حتى أيس منه لم يجد مركبًا فوجد خشبةً قد جاء بها البحر.
فأخذها لتكون حطبًا له لأهل بيته, فلما وصل البيت كسرها ووجد فيها الألف دينار والخطاب, ثم جاء صاحبه ووجد مركبًا وجاء بألف دينار يعطيه مرة ثانية, ما ظن أنها تصل إليه, فأعطاه ألف دينار, قال خذ يا أخي أنا جهدت هذه الألف دينار أن أجد مركب ولم أجد في الوقت المحدد أعذرني هذه الألف دينار.
قال: هل أرسلت شيء, هل فعلت شيء, قال: يا أخي أقول لك: ما وجدت مركبة, قال: إن الدنانير التي أرسلتها بالخشبة قد أوصلها الله إليَّ هذا ثبت في صحيح البخاري هذا من الأخيار, يقول رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (والإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية) هذا هو مسمى الإيمان عند أهل الحق.
أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ, والأنبياء والرسل وأتباعهم من السنة والجماعة أن الإيمان مكون من أربعة أشياء: قول القلب, وقول اللسان, وعمل القلب, وعمل الجوارح, أربعة أشياء.
قول القلب: وهو التصديق والإقرار والمعرفة.
وعمل القلب: وهو النية والإخلاص والصدق والمحبة والرغبة والرهبة والخشوع.
وقول اللسان: وهو النطق كالنطق بالشهادتين, وتلاوة القُرْآنَ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله, قول القلب تصديقه وإقراره واعترافه ومعرفته, إِذًاْ القلب له قول, وهو تصديقه وإقراره واعترافه, واللسان له قول وهو النطق.
وعمل القلب هو النية والإخلاص والصدق والمحبة.
وعمل الجوارح: كالصلاة والصيام والزكاة, وقال: وعمل اللسان, يعني عمل القلب واللسان, يعني قول يسمى عمل ويسمى قول.
(يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية) إذا فعل الإنسان الطاعة زاد إيمانه, إذا فعل المعصية نقص إيمانه, الدليل؛ قول الله U: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح/4].
{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}[المدثر/31].
{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}[مريم/76].
{وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ}[التوبة/124-125], فالإيمان يزيد وينقص ويقوى ويضعف, والكفر يزيد وينقص ويضعف ويقوى هذا هو الصواب الذي عليه أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ وهم أتباع الرسل عَلَيْهِمْ الصلاة والسلام.
أن الإيمان مكون من هذه الأشياء, الإيمان يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح, والكفر يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح والكفر يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح, هذه عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ, خلافًا للمرجئة, المرجئة يقولون: الإيمان ما يكون إلا بالقلب والكفر ما يكون إلا بالقلب.
أبطلوا الإيمان بالجوارح, قالوا: إذا جاء نصوص تدل على أن الجوارح يكون لها إيمان واللسان إيمان هذا مجاز, وإذا جاء أن الكفر يكون باللسان أو بالقلب أو بالجوارح هذا يكون مجاز, المرجئة طائفة منحرفة خرجوا من أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ, فالإيمان يكون بالقلب والتصديق والمعرفة ويكون باللسان حينما يشهد لله بالوحدانية, ويشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وأن محمد رسول الله.
ويكون بالجوارح الصلاة إيمان, قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة/143], أي صلاتكم إلى بيت المقدس سماها إيمان, إِذًاْ الإيمان يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح والكفر أَيْضًا يكون بالقلب كالجحود والشك إذا جحد, أمر معلوم من الضرورة جحد نبيًا من الأنبياء جحد رسول من الرسل جحد وجوب الصلاة, جحد تحريم الزنا, جحد ربوبية الله, جحد أسماء الله وصفاته يكون كافر بهذا الجحود, وهو اعتقاد القلب.
ويكون أَيْضًا بالشك حينما يشك الإنسان في ربوبية الله أو في ألوهيته أو في الجنة أو في النار أو في البعث فهذا يكون كافرا بهذا الشك ويكون أَيْضًا الكفر باللسان إذا نطق بكلمة الكفر كأن سب الله أو سب الرسول r وسب دين الإِسْلَامِ أو استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله يكفر بهذا القول.
يكون الكفر بالقول ويكون بالجحود ويكون بالشك ويكون باللسان ويكون بالعمل, إذا سجد للصنم كفر يكون شرك, ويكون بالترك والرفض إذا ترك دين الإِسْلَامِ لا يتعلم ولا يعبد الله, قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}[الأحقاف/3].
ويكون بالظن كأن يظن أن الله لا ينصر دينه, يظن أن الدين سيضمحل وأنه سيذهب وأن الكفرة سيتسلطون على المسلمين ويقضون على الإسلام هذا ظن كفري: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ}[الفتح/6].
فَإِذًاْ يكون الكفر بالقول, ويكون باللسان ويكون بالقول بالجحود وبالشك ويكون باللسان بالنطق ويكون بالعمل ويكون ماذا؟ ويكون بالرفض والترك, ويكون بالظن والإيمان يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح ويكون بالعمل خلافًا للمرجئة.
المرجئة يقولون: ما في إيمان إلا في القلب, ولا في كفر إلا في القلب أنكروا أن يكون اللسان له إيمان والجوارح لها إيمان وأنكروا أن يكون الكفر بالجوارح أو بالعمل أو بالرفض والترك.
- والمرجئة أربع طبقات أو أربعة فرق:
الفرقة الأولى: مرجئة الجهمية وزعيمهم الجهم بن صفوان يقولون: الإيمان معرفة الرب بالقلب والكفر جهل الرب بالقلب هذا أفسد تعريف للإيمان على وجه الأرض هو تعريف الجهم للإيمان, أفسد وأبطل تعريف للإيمان هو هذا وأخبث تعريف هو تعريف الجهم.
يقول: الإيمان معرفة الرب بالقلب والكفر جهل الرب بالقلب, على هذا التعريف يكون إبليس مؤمن لأنه عرف ربه بقلبه وفرعون مؤمن عرف ربه بقلبه, إبليس قال: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الحجر/36].
وفرعون: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا}[النمل/14], متى يكون كافر عند الجهم؟ إذا جهل ربه بقلبه, هل أحد يجهل ربه بقلبه ويكون اليهود مؤمنون على مذهب الجهم, قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}[البقرة/146].
وأبو طالب مؤمن على مذهب الجهم لأنه قال:
ولقد علمت أن دين محمد خير دار البرية دينًا
هذا أفسد مذهب على وجه الأرض, لتعريف الإيمان هو مذهب الجهم.
بل أن العُلَمَاءِ ألزموه بأنه كافر بهذا التعريف, هو أجهل الناس بربه الجهم ما عرف ربه, وكذلك أبو الحسين الصالحي من القدرية هذا التعريف الأول مرجئة, المرجئة في الجهمية يقولون: ما في إيمان إلا بالمعرفة ولا في كفر إلا بالجهل إذا عرف ربه بقلبه فهو مؤمن وإذا ماذا جهل ربه بقلبه فهو ماذا؟ وعلى هذا عباد الأصنام مؤمنون لأنهم عرفوا ربهم, عباد الأصنام و المنافقون كلهم مؤمنون على مذهب الجهم.
المذهب الثاني: مذهب الكرامية الذين قالوا: الإيمان النطق باللسان إذا نطق باللسان, فقال: آمنت بالله وشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فهو مؤمن ولو كان مكذبًا بقلبه, هذا يلي المذهب الثاني في ماذا؟ يليه في الفساد, يلي مذهب من؟ يلي مذهب الجهمية في الفساد, يقولون الكرامية: أتباع محمد بن الكرام الإيمان النطق باللسان, فَإِذاْ نُطق باللسان فهو مؤمن وإن كان مكذبًا بقلبه فهو يُخلد في النار, فيجمعون بين متناقضين.
فيلزم على قولهم يقول: إذا نطق باللسان فهو كامل الإيمان, وإذا كان مكذب بقلبه خلد في النار, فيلزم على قوله بأن يكون مؤمن كامل الإيمان مخلد في النار, مؤمن كامل الإيمان لأنه نطق بلسانه ومخلد في النار لأنه كذب بقلبه, فيجمعون بين أمرين متناقضين.
المذهب الثالث: مذهب الأشاعرة والماتريدية يقولون: الإيمان هو التصديق في القلب مجرد التصديق بالقلب, والمحققون من العُلَمَاءِ كشيخ الإسلام ابن تيمية يقول: يعسر التفريق بين التصديق المجرد والمعرفة, فيقول مذهب الأشاعرة والماتريدية قريب من مذهب الجهم تصديق مجرد ما معه شيء هو المعرفة ما في فرق بينهم وبين المعرفة.
يقولون: التصديق في القلب وأما الإقرار باللسان يقولون: هذا ركن زائد عن الإيمان ولو ما أقر بلسانه, إذا صدق الإيمان وهذا رواية عن الإِمَامِ أبي حنيفة, رواية عن أبي حنيفة أن الإيمان التصديق في القلب.
المذهب الرابع: مذهب مرجئة الفُقَهَاءِ أن الإيمان شيئان:
- إقرار باللسان.
- تصديق بالقلب.
وهذا مذهب الإِمَامِ أبو حنيفة وعليها جماهير أصحابه, فالإِمَامِ أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له روايتان, الرواية التي عليها أكثر أصحابه أن الإيمان شيئان, نطق باللسان وتصديق بالقلب والعمل مطلوب لكنه ليس من الإيمان, يعني هم طائفة من أهل السنة مرجئة الفُقَهَاءِ طائفة من أهل السنة لكن خالفوا أهل السنة بأي شيء.
خالفوه في اللفظ ولا في المعنى؟ في اللفظ, المعنى متفقون, متفقون على أن الأعمال مطلوبة, الواجبات واجبات والمحرمات محرمات, ومن فعل الواجبات والطاعات مثاب وممدوح ويُثنى عليه وله الأجر والثواب عندهم, ومن فعل المعاصي والكبائر معاقب ويُقام عليه الحد, لكن ما نسميه إيمان.
العمل ما نسميه إيمان, العمل ما نسميه إيمان ماذا نسميه؟ نقول: نسميه بر ونسميه تقوى ولا نسميه إيمان, الإيمان شيئان نطق باللسان وتصديق بالقلب وأتوا أهل السنة قالوا: نسميه إيمان, العمل نسميه إيمان وبر وتقوى وهدى.
- فتكون المرجئة كم طائفة؟ أربعة طوائف:
- مرجئة الجهمية.
- مرجئة الكرامية.
- مرجئة الأشاعرة والماتدريدية ورواية عن الإِمَامِ أبي حنيفة.
- مرجئة الفُقَهَاءِ وهم طائفة من أهل السنة يقولون: الإيمان شيئان, إقرار باللسان وتصديق بالقلب.
وأهل السنة, جمهور أهل السنة انفصلوا عن ماذا؟ عن جميع الطوائف جمهور أهل السنة وكل الطوائف المرجئة يقولون: الإيمان لا يزيد ولا ينقص شيء واحد في القلب هو التصديق ويقولون: إيمان أهل الأرض وأهل السماء واحد, إيمان جبريل وميكائيل وإيمان أبي بكر وعمر كإيمان الفاسق واحد.
فَإِذا ما الفرق بينهم والفاسق؟ الفرق في العمل, الفاسق ما عنده عمل وهذا عنده عمل ولكن مرجئة الفُقَهَاءِ في اختلافهم مع الجمهور, وإن كان اتفقوا معهم في المعنى وخالفهم إلا أنه له آثار تترتب عليه منها أن مرجئة الفُقَهَاءِ فتحوا باب للمرجئة المحضة.
لما قالوا: إن الإعمال ليست من الإيمان وإن كانت مطلوبة جاءت المرجئة المحضة كالجهمية قالوا: الأعمال ليست مطلوبة, ما يحتاج عمل يكفي التصديق ومنها أنهم فتحوا باب للفساق, فلما قالوا مرجئة الفُقَهَاءِ: إن الإيمان هو التصديق بالقلب وأن الناس يتساوون فيه وإيمان أهل السماء والأرض واحد, جاء الفاسق السكير العربيد فيقول: أنا مؤمن كامل الإيمان إيماني كإيمان جبريل وميكائيل وكإيمان أبي بكر وعمر.
فَإِذاْ قيل لك كيف أنت إيمانك مثل إيمان أبي بكر وعمر؟ أبو بكر له أعمال عظيمة, قال: ما لك دعوة في الأعمال أنا مصدق وأبو بكر مصدق والتصديق واحد والإعمال شيء آخر, وكذلك أَيْضًا من الآثار التي تترتب على الاختلاف الاستثناء في الإيمان وهو القول أنا مؤمن إن شاء الله.
فالمرجئة يقولون: لا تقول أنا مؤمن إن شاء الله, تشك في إيمانك إيمان التصديق أن تعرف نفسك أنك مصدق تعرف نفسك أن مصدق كما تعرف أنك نفسك تحب اليهود وتبغض اليهود لا تقل: إن شاء الله, تشك في إيمانك من يقول: إن شاء الله يسمونه شك يسمونه أهل السنة شكاكة يُشكوا في إيمانهم.
وأما الفُقَهَاءِ جمهور أهل السنة يقولوا: يجوز الاستثناء باعتبار ويمتنع باعتبار إن قصد الشك في أصل إيمانه ممنوع, وإذا قصد التبرك بذكر اسم الله فلا بأس وإذا قصد أن الإيمان متعدد وأن الواجبات واجبات ولا يجزم الإنسان بأنه أدى ما عليه ولا يزكي نفسه.
فيقول: إن شاء الله فلا بأس فهذا مشروع أنا مؤمن إن شاء الله وهذا يرجع إلى الأعمال, ما تدري أنك ما تجزم بأنك أديت ما عليك, الأعمال متعددة والتقصير حاصل, والإنسان يدري بنفسه: أنا مؤمن إن شاء الله.
(المتن)
قولهم الثاني عشر, ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بمجرد المعصية, ولا نسلب الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية، ولا نخلده في النار كما تقول المعتزلة، ولا نكفره بالكبائر كما تقول الخوارج، إنما نقول: هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.
(الشرح)
هذا الذي قضاه العلماء هو معتقد أهل السنة والجماعة, سبق البارحة أن الإيمان قول وعمل, قول القلب وقول اللسان, وعمل القلب واللسان وعمل الجوارح وأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية سبق الأدلة في هذا, ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم قالوا: لا نكفر أحدا من أهل القبلة بمجرد المعصية.
يعني: لا يكفر الإنسان بمجرد المعصية وإنما يكفر إذا فعل مكفرًا, كأن يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام أو يعمل شركًا في العبادة أما المعصية المجردة فلا يكفر بها الإنسان هذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة إذا زنا أو سرق أو شرب الخمر أو عاق الوالدين أو قطع الرحم أو تعامل بالربا أو اغتاب أحدًا أو نم على أحد, أو شرب الخمر أو أكل مال أو أكل الرشوة فلا يكفر إلا إذا استحله, إذا اعتقد أن الزنا حلال أو الربا حلال أو الخمر حلال أو عقوق الوالدين حلال أو قطع الرحم حلال يكفر لأنه مكذب لله ولرسوله لأن هذه الأمور معلوم من الدين بالضرورة تحريمها, معلوم من الدين بالضرورة تحريم الخمر وتحريم الزنا والربا والخمر وعقوق الوالدين هذه أمور معلوم تحريمها من الدين بالضرورة.
من استحلها فقد كذب الله ورسوله ومن كذب الله ورسوله فقد كفر, أما من فعلها ويعلم أنها حرام ويعلم أنه عاصي ويعلم أنه مستحق العبادة لكن فعلها لطاعة الهوى والشيطان غلبت نفسه وهواه فشرب الخمر, غلبه الشهوة المحرمة فزنا ويعلم أن الزنا حرام ويعلم أن الخمر حرام, غلبته نفسه فأكل التعامل بالربا.
حبًا في المال ويعلم أن الربا حرام فهذا عاصي ضعيف الإيمان مرتكب للكبيرة لكن لا يكفر أما إذا قال الزنا: حلال أو الربا حلال أو الخمر حلال هذا يكفر ولو ما فعل الزنا ولو ما فعل الربا لأنه استحل أمر معلوم من الدين بالضرورة.
هو مكذب لله ولرسوله, عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفرون أحدا بذنب مجرد الذنب إلا إذا كان هذا الذنب شركًا في العبادة كمن يدعو غير الله أو يذبح لغير الله أو ينذر لغير الله أو يطوف ببيت غير بيت الله تقربا لذلك البيت أو يصلي لغير الله أو يركع لغير الله أو يسجد لغير الله أو يكون ناقضًا من نواقض الإسلام كأن يُنكر أمرا معلوم من الدين بالضرورة.
ينكر رسالة النبي r يقول: أن رسالته كذا, يشرك في الربوبية أو في الألوهية أو يجحد ملك من الملائكة أو رسول من الرسل أو نبي من الأنبياء أو يجحد البعث أو الجنة أو النار, هذا فعل ناقض من نواقض الإسلام.
إذا فعل ناقض من نواقض الإِسْلَامِ أو فعل شرك في العبادة يكفر, أما المعصية وحدها دون استحلال لها فلا يكفر هذه عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ, أما الخوارج يكفرون بالمعصية, الخوارج يقولون: إذا فعل الكبيرة كفر خرج من الإيمان ودخل في الكفر ويستحلون دمه وماله ويخلدونه في النار في الآخرة هذا مذهب باطل.
مذهب الخوارج مذهب باطل الخوارج قوم ضلال قوم مبتدعة والمعتزلة يوافقونه في الخلود في النار ويقولون أنه مخلد في النار لكن في الدنيا يقولون: خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر, ما يكفرونه ولا يستحلون دمه ولا ماله بل يقولون في منزلة بين المنزلتين نسميه فاسق لا مؤمن ولا كافر خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر, وفي الآخرة يوافقون الخوارج على أنه مخلد في النار.
هذان المذهبان باطلان, ويقال منهم المرجئة, المرجئة المحضة يقولون: مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان لا يضره ارتكاب الكبائر وشعب الكفر شيئًا, إذا صدق وآمن كفاه ذلك ولم يفعل شيئًا من الطاعات ولو فعل جميع المحرمات والكبائر هذا مذهب باطل وهذا باطل.
على طرفي نقيض المرجئة غلوا فقالوا: إن مرتكب الكبيرة لا يضره ولا يخدش إيمانه أي كبيرة بل لو فعل نواقض الإِسْلَامِ.
ما دام أنه مؤمن مصدق وهذا باطل يقابله الخوارج المعتزلة يقولون: إذا ارتكب الكبيرة كفر وخرج من الملة وخُلد في النار هذان مذهبان باطلان متقابلان والحق الوسط قول أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ الذين هم أتباع الرسل, يقولون: (إن مرتكب الكبيرة إذا لم يستحلها عاصي وفاسق وضعيف الإيمان ولكن لا يكفر ولا يخرج من ملة الإِسْلَامِ) بل هو مُخاطب يخاطب بنصوص, يا أيها الذين آمنوا, داخل في الخطاب ويُقام عليه الحد ويعذر ويُغسل ويُصلى عليه إذا مات ويُغسل في مقابر المسلمين ويرث ويورث لأنه مؤمن وإن كان ناقص الإِسْلَامِ ضعيف الإيمان.
قالوا: (ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بمجرد المعصية) يَعْنِي: ما لم يستحلها إذا كانت كبيرة, قال: (ولا نسلب الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية) الفاسق الملي, الفاسق تعريف الفاسق: هو من ارتكب كبيرة أو داوم على الصغيرة هذا يُسمى فاسق سُمي فاسق من الفسق وهو الخروج عن الطاعة.
ومنه سُميت الفأرة فويسقة لأنها خرجت عن طبيعة غيرها بالإيذاء, ومنه قول النبي r: «خمسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ في الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ، وَالْغَرُابُ، والكَلْبُ العقور، والْحَدْأَةُ», هذه سُميت فاسق تُقتل في الحل والحرام لِمَاذَا؟ لخروجها عن طبيعة غيرها بالإيذاء لأنها مؤذية, فالحية تلدغ الناس وكذلك العقرب, والفأرة تخرب الأشياء, تخرب الأطعمة وتنقض الأشياء والغراب يأكل سنبل الزرع وينقض الدبرة التي هي الجرح الذي في ظهر البعير, والحداة تخطف الأشياء, والكلب العقور يعقر الناس.
هذه تُقتل في الحل والحرام لِمَاذَا؟ لأنها مؤذية خرجت عن طبيعة الحيوان بالإيذاء فُسميت فاسقة خرجت من الفسق, ومنه فسقت التمرة, إذا خرجت فالفسق يُسمى الخروج فمن عقيدة أهل السنة أنهم لا يسلبون الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية.
الفاسق الملي, الفاسق: العاصي الذي فعل كبيرة أو داوم على الصغيرة مثل الزاني فاسق شارب الخمر فاسق والمرابي فاسق, آكل الرشوة فاسق, الذي يغتاب الناس فاسق, لِمَاذَا سُموا فسقة؟ لأنهم فعلوا كبيرة من كبائر الذنوب وقوله: الملي يعني الذي هو داخل في ملة الإِسْلَامِ, الفاسق الملي الذي هو داخل تحت دائرة الإِسْلَامِ.
تحت ملة الإِسْلَامِ, (ولا نسلب الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية) فلا نقول: أنه ليس بمؤمن لا مؤمن ولا نعطيه اسم الإيمان الكامل هنا يعني هذا العبارة التي قالها العُلَمَاءِ عن أهل العلم كشيخ الإِسْلَامِ ابن تيمية لكن فيها نقص ويُزاد فيها لا نسلب الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية ولا نعطيه اسم الإيمان المطلق.
لا نسلبه اسم الإيمان بالكلية ولا نعطيه اسم الإيمان المطلق في عندنا إيمان مطلق ومطلق إيمان, فالفاسق لا يُعطى الإيمان المطلق ويُعطى مطلق الإيمان ما الفرق بينهم؟ إيمان مطلق ومطلق إيمان, الإيمان المطلق هو الكامل, الكامل الذي يستلزم أداء الواجبات وترك المحرمات هذا لا نعطيه الفاسق العاصي.
ولا نسلبه اسم مطلق الإيمان, مطلق الإيمان أصل الإيمان بل نقول: فلا نقول هو مؤمن ولا نقول ليس بمؤمن, الفاسق شارب الخمر والعاق بوالديه وقاطع الرحم لا نسلبه اسم الإيمان المطلق فلا نقول: ليس بمؤمن ولا نعطيه اسم الإيمان لا نسلب عنه أصل الإيمان مطلق الإيمان فلا نقول: ليس بمؤمن.
ولا نعطيه اسم الإيمان المطلق فلا نقول: هو مؤمن, ماذا نعمل؟ لابد من التقييد في النفي والإثبات, الفاسق إذا قلت مؤمن أخطأت وإذا قلت ليس بمؤمن أخطأت ماذا نعمل؟ الفاسق الزاني هل هو شخص مؤمن, غلطان وإذا قلت: ليس بمؤمن غلطان أَيْضًا, الصواب قيد في النفي والإثبات.
فأنت تقول: هو مؤمنًا فاسق الإيمان, مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته, أو تقول: مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن عاصي وفي النفي ما تقول: ليس بمؤمن ليس بصادق الإيمان ليس بمؤمن حقًا, فَإِذًا الفاسق لا يُسلب مطلق الإيمان الذي هو أصل الإيمان ولا يُعطى الإيمان المطلق, بل يُقيد في النفي والإثبات.
فلا يُقال: ليس بمؤمن لأن هذا فيه موافقة لمن؟ للخوارج والمعتزلة, إذا قلت: ليس بمؤمن وافقت الخوارج المعتزلة والخوارج والمعتزلة قوم ضلال, وإذا قلت: هو مؤمن وافقت المرجئة, إِذًاْ كيف التخلص من الطائفتين؟ بالتقييد, قيد في النفي والإثبات.
في الإثبات تقول: هو مؤمن عاصي, هو مؤمن ناقص الإيمان هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.
وفي النفي: ليس بصادق الإيمان ليس بمؤمن حق, قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال/2-4].
هؤلاء المؤمنون حقَّا, أدوا الواجبات ونهوا عن المحرمات, لكن الفاسق العاصي ليس بمؤمن حقا ناقص إيمانه ناقص فُيقال: ليس بمؤمن حقا فليس بصادق الإيمان لأنه الله قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات/15].
هؤلاء الصادقون في إيمانهم, لكن العاصي ليس بصادق الإيمان, فَإِذًاْ الفاسق الملي لا يُسلب مطلق الإيمان ولا يُعطى الإيمان المطلق.
وما الفرق بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان؟ الإيمان المطلق الكامل, مطلق الإيمان أصل الإيمان, لا يُعطى الإيمان المطلق الكامل ولا يُسلب عنه أصل الإيمان, بل يُقيد في النفي والإثبات, في الإثبات يُقال: مؤمن عاصي مؤمن ناقص الإيمان, مؤمن ضعيف الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.
في الإثبات ما تقول: ليس بمؤمن لأنك داخل في الخوارج والمعتزلة, هم يقولون: ليس بمؤمن تقول: ليس بصادق الإيمان, ليس بمؤمن حقا, هذا معنى قولهم: (ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بمجرد المعصية) لأنك إذا كفرت أحد بمجرد المعصية وافقت من؟ الخوارج قالوا: كافر يُستحل دمه وماله, ووافقت ماذا المعتزلة الذين سلبوا عنه اسم الإيمان.
(ولا نسلب الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية) مثل المعتزلة سلبوا عنه اسم الإيمان وكذلك الخوارج, (ولا نخلده في النار) كما تقول المعتزلة والخوارج أَيْضًا, ما نقول هو: خالد في النار, ماذا نقول؟ هل الفاسق خالد في النار؟ نقول: لا, الفاسق تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له, وأدخله الجنة من أول وهلة بإيمانه وإسلامه, كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء/48].
وإن شاء الله U عذبه بذنوبه على قدر معصيته, فَإِذاْ طُهر من المعصية خرج أُخرج من النار بأي شيء يخرج؟ بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين, يخرج بالشفاعة النبي r يشفع أربعة شفاعات, في كل مرة يحد الله له حدًا ويشفع بقية الأنبياء ويشفع الملائكة ويشفع الشهداء ويشفع الصالحون.
ويشفع الأفراد, وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين, فالموحد لا يمكن أن يبقى في النار أبدًا ولو طال مكثه, بعض العصاة يطول مكثهم بسبب كثرة جرائمهم ومعاصيهم أو بسبب فحشها وغلظها مثل القاتل, القاتل أخبر الله أنه يخلد, قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء/93].
هذا الخلود, القاتل إذا لم يستحل القتل ليس بكافر أما إذا استحله رأى أن القتل حلال هذا ردة عن الإِسْلَامِ لأنه مكذب لله ولرسوله لكن إذا لم يستحله فهو عاصي ناقص الإيمان وخلوده هذا ليس خلودًا مؤبدًا.
بل خلود له نهاية, خلود مؤمد الخلود خلودان خلود مؤبد لا نهاية له هذا خلود الكفرة وخلود مؤمد له أمد ونهاية هذا خلود بعض العصاة, والعرب تقول: "أقام فيها فأخلد" يعني طال مكثه, فالخلود خلودان, خلود مؤبد لا نهاية له هذا خلود الكفرة في النار, وخلود مؤمد له أمد ونهاية ينتهي هذا خلود بعض العصاة الذين اشتدت جرائمهم وفحشت جرائمهم كالقاتل.
هذا معنى قول المؤلف: (ولا نكفر قول أحدا من القبلة بمجرد المعصية ولا نسلب الفاسق الملي) عرفنا الفاسق الملي لِمَاذَا سُمي ملي؟ لأنه داخل تحت ملة الإِسْلَامِ, الملي يعني داخل تحت ملة الإِسْلَامِ, (ولا نسلب الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية ولا نخلده في النار كما تقول المعتزلة وكما تقول الخوارج) كلهم يخلدونه في النار.
(ولا نكفره بالكبائر كما تقول: الخوارج) الخوارج يكفرون بالكبائر يقولون ماذا؟ خرج من الإيمان ودخل في الكفر ويستحلون دمه وماله في الدنيا وفي الآخرة يخلدونه في النار والمعتزلة هل يكفرونه؟ لا يقولون: خرج من الإيمان لكن ما دخل في الكفر النصوص دلت على أنه ينتهي إيمانه لكن ما في دليل عندنا يدل على أنه كفر.
فهذا نعمل على قول الله يجعله بينهما, نسميه فاسق لا مؤمن ولا كافر في منزلة بين المنزلتين, ولهذا من أصول المعتزلة المنزلة بين المنزلتين, أصول الدين عند أهل الحق ما هي؟ خمسة,
الإيمان بالله ويدخل فيها الإيمان بالقدر, والإيمان بالملائكة, والإيمان بالكتب, والإيمان بالرسل, والإيمان باليوم الآخر.
المعتزلة؛ بدلوا هذه الأصول بأصول عندهم من التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل أصل ستروا تحته معنىً باطلًا فستروا تحت التوحيد نفي الصفات والقول بخلق القُرْآنَ وأن الله لا يُرى في الآخرة هذا التوحيد عندهم, والعدل ستروا تحته التكذيب بالقدر وأن الله لا يقدر أن يهدي ضالًا ولا يضل مهتديا.
والمنزلة بين المنزلتين ستروا تحت القول بأن مرتكب الكبيرة خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر, وإنفاذ الوعيد ستروا تحتها القول بخلود العصاة في النَّارِ, والأمر بالمعروف سترته تحتها إلزام الناس باجتهادهم الباطل.
والأمر بالمعروف ستروا تحتها الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي هذه أصول المعتزلة الخمسة الذي بدلوا بها أصول الدين عند أهل السنة, قال: (ولا نكفره بالكبائر) كما تقول: الخوارج يعني وكما تقول: المعتزلة وإنما نقول: (هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته كما سبق).
(المتن)
قالوا رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: الثالث عشر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما جاءت به الشريعة واجب.
(الشرح)
(والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما جاءت به الشريعة واجب) المعروف ما هو المعروف؟ المعروف هو كل شيء عُرف حسنه عقلًا وشرعًا, والمنكر كل شيء عُرف نكارته شرعًا وعقلًا ويدخل في المعروف جميع الواجبات وأعلى المعروف التوحيد والإيمان.
يؤمر الرسل بالتوحيد والإيمان, أعظم المعروف وأعلاه ورأسه وأساسه التوحيد والإيمان ثم يليه الطاعات, الأمر بالصلاة, الأمر بالزكاة بالصوم بالحج بر الوالدين بصلة الأرحام بالجهاد, وأعظم المنكرات وأعلاها وأشدها الشرك والكفر هذا أعظم المنكرات.
ثم يليه قتل النفس بغير حق ثم الزنا ثم عقوق الوالدين ثم قطيعة الرحم, ثم التعامل بالربا, ثم شرب الخمر ثم الغيبة ثم النميمة, ثم الزنا والسرقة كل هذه منكرات فَإِذًاْ من عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما جاءت به الشريعة وأنه واجب.
واجب حتى يزول المنكر, يجب إنكار المنكر حتى يزول وهو واجب كفائي, واجب على الأمة كلها أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فَإِذاْ تركت الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثمت كلها, وإذا قام به بعضها سقط الآثم عن الباقيين.
الدليل قول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران/104], {وَلْتَكُنْ}[آل عمران/104], هذا أمر, {أُمَّةٌ}[آل عمران/104].
والمعنى: لتنتصب منكم طائفة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وأخبر الله أنهم هم المفلحون, قال: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران/104].
هذا هم أهل الفلاح, أهل الفلاح من هم؟ الموحدون المؤمنون الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
قال U في الآية الأخرى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران/110], إِذًاْ الخيرية حصلت بأي شيء؟ بهذه الأمور الثلاثة بالإيمان بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فمن حقق هذه الأصول الثلاثة حصلت له الخيرية ومن ضيعها فاتته الخيرية.
الخيرية تحصل بهذه الأمور الثلاثة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران/110], والإيمان بالله هو الأصل لكن قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأهميتهما الإيمان وإلا فلا يصح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالإيمان بالله.
لا يصحان إلا بالإيمان بالله, لكن لأهميتهما قدمهم الله تعالى, وعرفنا المعروف جميع الواجبات والمستحبات يأمر به المسلم وأعلى المعروف وأعظمه التوحيد والإيمان, ثم الصلاة والصيام والزكاة, ثم يأمر الإنسان بالمعروف, من المعروف مستحبات سنة الضحى, صيام ثلاثة أيام من كل شهر, الإحسان إلى الناس, بذل المعروف.
كل هذا داخل في الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر أَيْضًا كذلك المكروهات كراهة التنزيه ينهى عنها الإنسان.
(المتن)
قالوا رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: الرابع عشر ونعتقد إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجار.
(الشرح)
الرابع عشر: عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ, (إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الـأمراء, أبرارًا كانوا أو فجار) يَعْنِي: مع ولاة الأمور والمعنى أن المسلم ما يخرج على ولي الأمر بالمعاصي بل يسمع لهم ويطيع في طاعة الله وإن كان لا يطيعه في المعاصي لكن لا يخرج عليهم ولا يقاتلهم ولا يؤلب الناس عليهم.
وإذا رأى أمرًا يكرهه ماذا يعمل؟ يصبر كما سيأتي في التي بعدها, لذلك من عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ إقامة الحج والجهاد والجمعة والأعياد مع الأمراء, الأمير ولي الأمر, أمير البلد وولي الأمر إذا قام الحج يكون أمير الناس في الحج وإمامهم وينظم الحج ويرتب, يجب طاعته في هذا, يعني هذا فيه مصلحة وليس للناس أن يخرجوا على ماذا؟ على الأمير أو على ولي الأمر بل عليهم أن يطيعوه في إقامة الحج, ولو كان فاجرًا في نفسه ولو كان عاصي معصيته عليه.
لكن طاعته في غير معصية الله هذا فيه مصلحة وفيه اجتماع الأمة, تكون أمة واحدة مترابطة هذا يجعلهم إخوة متحابين متآلفين يكونوا قوة أمام الأعداء بخلاف ما إذا خرجوا عليه صاروا متفرقين أحزابا وشيعا, فالحج إذا أقامه ولي الأمر نقيمه معه نسمع ونطيع
وكذلك الجهاد يقيموا الجهاد وينظموا الجيوش وقواد الجيش ويرتبها.
ونسمع له ونطيع ولو كان فاسقًا, ولو كان فاجرًا فجوره على نفسه, لكن هذا فيه مصلحة الأمة والجمع والأعياد إذا صلى ولي الأمر بالناس الجمعة يُصلى خلفه ولو كان فاجرًا ولو كان عاصيًا, لأنه ولي الأمر والصلاة صحيحة, ما دام فجوره لا يصل لحد الكفر, فإن الصلاة خلفه صحيحة.
ومن ترك الصلاة خلف ولي الأمر فهو فاسق فهو خارج عن معتقد أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ, مخالف للسنة والجماعة وليُصلى خلف ولي الأمر, أما غير ولي الأمر فهل يُصلى خلف فاسق؟ إذا صلى الجمعة فاسق غير ولي الأمر, يُصلى خلفه أو لا؟
إذا كان يحصل في ترك الصلاة خلفه مفسدة فُتصلي خلفه, بأن كان لو صليت خلف غيره يقوم عليه أناس ويقاتلونه ويقولون: لولا أن فلان تخلف ما صلى عنه, لولا أن لا تصح الصلاة خلفه لما صلى فلان, لما ترك الصلاة خلفه, إذا كان يترتب على هذا مفسدة تصلي خلفه وكذلك إذا لم يوجد جمعة غيره في البلد تصلي خلف فاسق ولا تصلي في بيتك.
ومن صلى في بيته وترك الصلاة فاسق ولا توجد جمعة غيرها فهو مبتدع, أما إذا وُجد جمعة أخرى يصلي إمامها عدل, والجمعة الأخرى يصلي إمام فاسق وليس ولي الأمر ولا يحصل مفسدة فلا تصلي خلفه, تصلي خلف العادل.
وإن صليت خلف الفاسق, فهل تصح الصلاة أو لا تصح؟ في خلاف بين العُلَمَاءِ من العُلَمَاءِ قال: تصح ومنهم من قال: لا تصح ومنهم من قال: تصح مع الكراهة, ومنهم من قال: يصليها ثم يعيدها والصواب أنها صحيحة, لأنه مسلم ومن صحت صلاته صحت الصلاة خلفه.
لكن الصلاة خلف العادل أولى, وكذلك العيد إذا صلى الإِمَامِ بالناس العيد يُصلى خلفه ومن لم يصلي خلفه فهو مبتدع, فهذا عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ أنه يعتقد إقامة الحج وإقامة الجهاد وإقامة الجمعة والأعياد مع الأمراء وولاة الأمور أبرارًا كانوا فجار.
أبرار جمع بر وهو المؤمن التقي أو فجارًا العصاة سواء كانوا عصاة أو مطيعين, لِمَاذَا؟ لأن الالتفاف حولهم ومتابعتهم في إقامة الحج وإقامة الجهاد وإقامة الجمعة والجهاد فيه قوة للمسلمين وفيه اجتماع للكلمة, وفيه هيبة للأعداء وفيه أَيْضًا حقن لإزالة الفتن والفوضى والاضطرابات والاختلاف والإسلام يريد المسلمين أن يكونوا أمة واحدة مترابطين متحابين ومتآلفين لا يحصل بينهم نزاع ولا شقاق.
فمصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على المفسدة التي تحصل من ولي الأمر وكونه فاجر أو فاسق هذه مفسدة تُغتفر, لكن الخروج عليها مفسدة أعظم يحصل فيها اختلال الأمن وإراقة الدماء فأيهم أعظم فساد؟ تُرتكب المفسدة الصغرى وهي الصبر على فجوره, وتُدفع المفسدة الكبرى وهي مفسدة التفرق والاختلاف.
(المتن)
قالوا رحمهم الله الخامس عشر: وندين بالسمع والطاعة لهم في غير معصية, عدلوا أو جاروا ما أقاموا الصلاة.
(الشرح)
هذه عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ, (وندين لهم) يعني نعتقد أن السمع والطاعة دين, (ندين لهم بالسمع والطاعة في غير المعصية) يعني نسمع ونطيع ولاة الأمور إذا أمرونا بطاعة الله, أمرونا بالصلاة بالصيام بالحج, وإذا أمرونا بالمعصية لا نطيعهم, في قوله النبي r: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
إنما طاعته لها, إذا أمرك ولي الأمر تشرب الخمر لا تطيعه, إذا أمرك تقتل إنسان بغير حق لا تطيعه, لكن لا تخرج عليه لا تطيعه في هذه القضية في خصوص المعصية لكن لا تخرج عليه ولا تقلب الناس عليه, تطيعه في ما عدا المعصية تطيعه في الأمور المباحة تطيعه في طاعة الله ولا تطيعه في المعصية.
ولكن لا تخرج عليه ولا تقلب الناس عليه, لِمَاذَا؟ لأن الخروج عليه يترتب عليه مفاسد عظيمة يترتب عليه الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي, صحيح المعصية مفسدة لكن أعظم منها مفسدة الخروج على ولاة الأمور.
فالخروج على ولاة الأمور يترتب عليه مفاسد, انشقاق الناس ينقسمون قسمين, قسم مع ولاة الأمور وقسم مع غيرهم, وولي الأمر لا يسكت بل يقاتل من خرج عليه يحصل قتال ونزاع ويرقَ الدماء واختلال الأمن وتربص الأعداء الدوار بالمسلمين يتدخل الأعداء والكفرة هذه مفاسد عظيمة, وتحصل فتن وحروب طاحنة تقتضي على الأخضر واليابس لا أول لها ولا أخر.
هذه مفسدة أيها أعظم مفسدة معصية ولي الأمر.
معصية ولي الأمر عليه, معصيته عليه والنصيحة مبذولة من قبل أهل الحل والعقد ومن قول العُلَمَاءِ فإن قبل فالحمد لله وإن لم يقبل أدى الناس ما عليهم, إِذًاْ عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ عدم الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي.
ويدل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي r قال: «من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات فميتته جاهلية», رواه مسلم في صحيحه, وهذا دليل على أن الخروج على ولاة الأمور كبيرة من كبائر الذنوب لأنه يموت موتة الجاهلية ظاهره الكفر لكن المراد أنه مرتكب كبيرة.
«من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات فميتته جاهلية», إذا خرج على ولي الأمر وفارق الجماعة ومات متوعد بأن يكون ميتته جاهلية, يكون مرتكب للكبيرة, فَإِذًاْ الواجب عدم الخروج على ولاة الأمور, السمع والطاعة لهم في المعروف والسمع والطاعة لهم في ماذا؟ في الأمور المباحة, مثل ماذا الأمور المباحة؟ كثيرة الأنظمة وأنظمة المرور هذه من الأمور المباحة وغيرها من الأنظمة.
والطاعة معروف أن ما أمر الله به وأمر به الرسول, المعصية لا يُطاع فيها لا يُطاع في خصوص المعصية لكن لا يخرج عليه, المعصية لا يُطاع فيها أحد أبدًا لقول النبي r: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق», إذا أمر ولي الأمر بالمعصية شرب الخمر ما تطيعه, لكن لا تخرج عليه وتقلب الناس عليه, لا تطيعه في خصوص المعصية وتطيعه في الطاعة وفي الأمور المباحة.
كذلك الأب إذا أمر ابنه بالمعصية لا يطيعه, الأب قال لابنه: اشتري لي خمرًا أو دخانًا هل يطيعه؟ لا ما يطيعه, لكن لا يتمرد عليه, لا يتمرد على أبيه, ولا يعتبره أب؟ لا يعتبره أب ويحترمه ويقدره ويحسن إليه وينفق عليه ويعالجه ويرأف به لكن لا يطيعه في خصوص المعصية ويتلطف معه.
يقول يا والدي: هذا ما يجوز أطيعك في المعصية هذا محرم عليَّ, يخاطبه بخطاب لين لأن الأب له حق عظيم, أنت والدي وأقدرك وأدعو لك لكن لا يطيعه في المعصية, الزوجة إذا أمرها زوجها بالمعصية لا تطيعه لكن لا تتمرد عليه وتخرج عن طاعته لا, لا تطيعه بخصوص المعصية.
العبد إذا أمره سيده بالمعصية لا يطيعه, لكن لا يتمرد عليه يخرج عن طاعته لا, كولي الأمر أمر بالمعصية لا يُطاع في خصوص المعصية لكن لا يتمرد عليه ويخرج لا يطيعه فيما عدا المعصية, حتى أمير البلد أَيْضًا, الجيش إذا أمر أفراد الجيش وهو في الطريق في المعصية لا يطيعونه.
وفي هذا قصة ثبتت في صحيح البخاري, وهو أن نبي r آمر رجلًا من الأنصار على سرية في الجيش, سرية خرجت فآمر عليهم رجلًا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فلما كان في بعض الطريق هذه القصة ثابتة في صحيح البخاري, لما كان في أثناء الطريق أغضبوا أميرهم, أغضب بعضهم أميرهم.
فقال لهم: أليس رسول الله r قد أمركم بطاعتي؟ قالوا: بلى, قال: اجمعوا لي حطبًا, فجمعوا له الحطب, ثم قال: أججوها نارًا, فأججوها نارًا, ثم قال: ادخلوا فيها, ادخلوا في النار, فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: إنما أمنا بالله ورسوله, كيف ندخل النار؟ فتركوه حتى سكن غضبه, فلما رجعوا إلى النبي r أخبروه, فقال: «لو دخلوها ما خرجوا منها, إنما الطاعة في المعروف».
لو دخلوها ما خرجوا منها, هذا وعيد يعني لو دخلوها استمر عذاب الدنيا بعذاب الآخرة هذا معناه هذا من باب الوعيد, يعني أنهم ارتكبوا كبيرة لو دخلوها ما خرجوا منها, إنما الطاعة في المعروف هذا قائد الجيش أمر بالمعصية هذه معصية كون الإنسان يحرق نفسه يدخل النار هذه معصية فلا يُطاع.
هذا في قولهم: (وندين بالسمع والطاعة لهم في غير معصية عدلوا أو جاروا ما أقاموا الصلاة) يعني ما داموا يقيموا الصلاة, ودليل هذا الحديث الصحيح أن النبي r قال: أمر بالسمع والطاعة, قال في حديث عوف بن مالك الأشجعي: «خِيَار أئمتكم الَّذين تحبونهم ويحبونكم»، أئمة يعني ولاة الأمور.
«وتصلون عَلَيْهِم وَيصلونَ عَلَيْكُم) يعني تدعون لهم ويدعون لكم, «وشرار أئمتكم الَّذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، أَفلا ننابذهم؟ قَالَ: لَا مَا أَقَامُوا فِيكُم الصَّلَاة، لَا مَا أَقَامُوا فِيكُم الصَّلَاة».
وهذا الحديث يدل على أنهم إذا كانوا يقيمون الصلاة فهم مؤمنون, ومنطوقه ومفهومه أنهم إذا لم يقيموا الصلاة فهم كفار يخرجون عليهم, فهذا من أدلة من قال: إن ترك الصلاة كفر وإذا ضممت هذا إلى الحديث الآخر الذي فيه النبي r أمر بطاعة ولاة الأمور وعدم الخروج عليهم قال: «إِلَّا أَن تروا كفرًا بواحًا عنْدكُمْ فِيهِ من الله برهَان».
«كفرًا», لا فسق, «بواحًا» يَعْنِي: واضح لا لبس فيه, «عنْدكُمْ فِيهِ من الله برهَان» عليه دليل, قال: لما سألوه أن نخرج على ولاة الأمور؟ قال: «إِلَّا أَن تروا كفرًا بواحًا عنْدكُمْ فِيهِ من الله برهَان» هذه يخرج عنها متى يخرج؟ إذا وجد كفر لا فسق, بواح واضح لا لبس ما فيه إشكال إذا كان فيه إشكال أو شبهة لا.
«عندكم فيه من الله برهان» دليل واضح من الكتاب والسنة, هذه ثلاثة شروط كم شرط؟ الثلاثة شروط للخروج عن ولاة الأمور, أو خمسة شروط:-
الشرط الأول: أن يفعل كفرًا لا معصية.
الشرط الثاني: أن يكون كفر بواح وما معنى بواح؟ واضح لا لبس فيه, ولا شك ولا شبهة.
الشرط الثالث: أن يكون دليله واضح من الكتاب والسنة.
الشرط الرابع: وجود البديل المسلم الذي يحل محله, أما إذا كان ما في بديل يأتوا بكفار مكان بدل كافر وما الفائدة؟ يعني يبقى عليه الأول وجود البديل الذي يحله محله.
الشرط الخامس: القدرة والاستطاعة, فَإِذاْ كان يحكم الناس بالحديد والنار ولا لهم استطاعة: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة/286].
إذا وُجد الشروط الخمسة جاز الخروج وإلا فإنه يبقى ويبقى ويتعاون معه فيما يخفف الشر حتى يفتح الله وييسر الله هذه خمسة شروط.
فَإِذاْ ضممت هذا الحديث: «إِلَّا أَن تروا كفرًا بواحًا عنْدكُمْ فِيهِ من الله برهَان» مع حديث: «ما أقاموا فيكم الصلاة» دل على إن إقامة الصلاة كفرًا بواح, هنا قال: إذا قاموا الصلاة يجوز الخروج عليه وهنا يقول لا يجوز إلا تروا كفرًا بواحد دل على أن ترك الصلاة كفر بواح.
وهذا من أقوى الأدلة على أن ترك الصلاة كفر.
(المتن)
قالوا رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى السادس عشر: ونحافظ على الجماعة.
(الشرح)
طيب, (ونحافظ على الجماعة) من عقيدة أهل السنة المحافظة على الجماعة, الجماعة هم أهل الحق, أهل السنة, الذين يلزمون الحق وهم الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان في لزوم السنة والتمسك بها والحذر من البدعة, نحافظ عليها نكثر سوادهم ونكون معهم ونبتعد عن أهل البدع نكون مع أهل السنة لا نكون مع المعتزلة ولا مع الخوارج.
ولا مع المرجئة ولا مع القدرية ولا مع الجهمية ولا مع الرافضة, نكون ماذا؟ نكون مع الجماعة وأهل السنة من هم الجماعة؟ فسره النبي في قوله: «من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي».
قال r في الحديث: «افترقت اليهود على أحدى وسبعين وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة» وفي لفظٍ: «وهي الجماعة».
«قلنا: من هي يا رسول الله؟, قال: من كان على مثل ما أنا عليه في اليوم وأصحابي» من كان على مثل ما عليه الرسول وأصحابه هذه الجماعة ما فيه بدعة, المحافظة على العقيدة, المحافظة على الواجبات, ترك المحرمات, عدم وجود البدع, إِذًاْ من عقيدة أهل السنة المحافظة على الجماعة.
الجماعة هم أهل الحق, وهم أهل السنة هم الصحابة والتابعون والأئمة والعلماء ومن بعدهم.
(المتن)
قالوا رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: السابع عشر: وندين الله بالنصح للأئمة خاصة وللأمة عامة, ونبرأ إلى الله من طريق الخوارج والمعتزلة الذين يرون الخروج على الأئمة بمجرد الجور والمعصية, قالوا: فهذا الذي ندين الله به.
(الشرح)
يقول: (السابع عشر: وندين الله بالنصح للأئمة خاصة) المراد بالأئمة ولاة الأمور (وللأمة عامة) يعني جميع المسلمين, يعني من عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ النصح لولاة الأمور, كيف يعني النصح لولاة الأمور؟ يكون بأي شيء؟ النصح لولاة الأمور بطاعتهم في طاعة الله وطاعته في الأمور المباحة, وعدم الخروج عليهم والدعاء لهم والتعاون معهم في الخير هذا من النصح لولاة الأمور.
والنصح للأمة عامة لجميع المسلمين, ننصح لهم بأن نحب الخير لهم ونكره لهم الشر ونعظ الجاهل ونطعم الجائع ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونحض على الخير وننهى عن الشر, إِذًاْ عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ ندين الله بالنصح للأئمة يعني ولاة الأمور خاصة.
(وللأمة عامة, ونبرأ إلى الله من طريق الخوارج والمعتزلة الذين يرون الخروج على الأئمة بمجرد الجور والمعصية) يعني يقول: نبرأ إلى الله من طريق الخروج والمعتزلة وفي طائفة ثالثة أَيْضًا وهي الرافضة, كلهم هذه الطوائف يرونا الخروج على ولاة الأمور, (ونبرأ إلى الله من طريق الخوارج والمعتزلة الذين يرونا الخروج على الأئمة) الأئمة من هم؟ ولاة الأمور, (بمجرد الجور والمعصية) الجور الظلم.
فالخوارج يقولون: إذا جار ولي الأمر وظلم وجب قتله وخلعه والخروج عليه لأنه كافر, إِذًاْ الخوارج يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي ولا لا بالجور؟ نعم لِمَاذَا؟ لأن عقيدتهم أنه يكفر بالمعصية, كيف يبقى كافر إِذًاْ يجب قتله وخلعه وإزالته من الإمامة, والمعتزلة كذلك لأن من أصولهم النهي عن المنكر.
والنهي عن المنكر, ستروا تحتها القول بالخروج على ولاة الأمور بالمعاصي, إذا فعل ولي الأمر معصية وكبيرة عند المعتزلة يجب الخروج عليه وهذا من النهي عن المنكر, والرافضة كذلك عندهم ليس الإمامة لا تكون إلا للإمام المعصوم, وهو غير وهم الأئمة الاثني عشر, يكونون أئمة منصوصين معصومين نص عليهم النبيr.
ولكن أهل السنة أخفوا هذه النصوص وستروها وولوا أبو بكر وعمر زورًا وبهتانًا, ثم ولى عمر زورًا وبهتانًا, ثم ولى عثمان زورًا وبهتانًا ثم وصلت إلى الخليفة الأول, قالوا: أول خليفة نص عليه الرسول r علي بن أبي طالب, ثم الحسن بن علي, ثم الحسين بن علي, ثم البقية كلهم من نسل الحسين, الرابع علي بن الحسين زين العابدين, ثم محمد بن علي الباقر, ثم جعفر بن محمد الصادق, ثم موسى بن جعفر الكاظم, ثم علي بن موسى الرضا, ثم محمد بن علي الجواد, ثم علي بن محمد الهادي, ثم الحسن بن علي العسكري ثم الثاني عشر الخلف الحجة المهدي المنتظر محمد بن الحسن الذي دخل سرداب ساموراء في العراق سنة مائتين وستين ولم يخرج إلى الآن.
إلى الآن, ويقولون: سيخرج, أين يخرج, كم عمر؟ شيخ الإِسْلَامِ ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قول: مضى له في زمنه أربعمائة سنة, ونحن نقول: مضى في زمننا ألف ومائتين سنة ولم يخرج, وهو شخص خرافة وهمي ليس له أصل لأن أبوه الحسن مات عقيمًا ولم يولده.
أبوه الحسن مات عقيمًا, واختلقوا له ولد وسموه محمد وأدخلوه السرداب وقالوا: سيخرج هذا دينهم يرون إن هذه الأئمة هم المعصمين, ما عداهم يجب قتله والخروج عليه, إِذًاْ نبرأ إلى الله من طريقة الخروج والمعتزلة والرافضة الذين يرون الخروج على ولاة الأمور.
لأن هذه الطوائف الثلاثة يرون أن ولي الأمر يجب قتله وخلعه وإزالته, الخروج لأنه كفر والمعتزلة لأنه خرج من الإيمان والرافضة أنه ليس بمعصوم ما فيه إمام معصوم, والمعصومين هم اثني عشر ما عداهم ليس بمعصوم فيجب إزالته والخروج عليه, ويُولى إمام معصوم, (ونبرأ إلى الله من طريق الخوارج والمعتزلة الذين يرون الخروج على الأئمة بمجرد الجور والمعصية) الجور يعني الظلم.
(المتن)
قالوا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: فهذا الذي ندين الله به ونعتقده وندعوكم إليه وحسبنا فيه كتاب الله وسنة رسوله r وسلف الأئمة الذين شهد لهم رسول الله r بالخير, قال r: «تَركْتُ فيكُمْ ما إن تمسكتم لنْ تَضِلُّوا: كتابَ الله، وسنّة رسولِهِ».
وقال: «خير القرون قرني ثُمَّ الذين يلونهم ثُمَّ الذين يلونهم».
(الشرح)
يقول رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فهذا الذي ندين الله به ونعتقده وندعوكم إليه) يَعْنِي: ما سبق من فقرات سبعة عشر فقرة, يقول: هذا السبعة عشرة فقرة هي التي ندين الله به, ندين ما معنى ندين الله؟ يعني نعتقده دينًا, نعتقد أن هذه الأمور دين ندين الله به ونرجو ثواب الله على ذلك ونرجو أن نلقى الله ونحن نعتقد هذا العقيدة.
هذا ندين الله, نعتقد هذه الأمور دينًا نعتقده دينًا يقربنا إلى الله U هذا التي مضت كم فقرة؟ سبعة عشرة فقرة, يقول: (هذا الذي ندين الله به ونعتقده وندعوكم إليه) نعتقده نحن وندين الله به وندعوكم أيها المسلمون لاعتقاده, لأننا نحب لكم ما نحب لأنفسنا, نحن نعتقد هذا وندين الله به وندعوكم إلى أن تعتقدوه وتدينوا إلى الله به.
قال: (وحسبنا فيه كتاب الله وسنة رسوله r) يكفينا, حسبنا يعني يكفينا كتاب الله وسنة رسوله, من عمل بالكتاب والسنة فقد نجا, هما سبيل النجاة وطريق السعادة الكتاب والسنة, (وحسبنا فيه كتاب الله وسنة رسوله وسلف الأئمة الذين شهد لهم رسول الله r بالخير).
يعني يكفينا كتاب الله وسنة رسوله وطريقة السلف الذين شهد لهم رسول الله r بالخير قال في الحديث قال: «خير الناس قرني ثم الذي يلونهم ثم الذين يلونهم» إِذًاْ خير القرون المفضلة, القرون المفضلة ثلاثة:-
قرن النبي r اللي فيه الصحابة, ثم قرن التابعين, ثم قرن أتباع التابعين, الذين شهد لهم رسول الله r بالخير قال رسول الله r: «تَركْتُ فيكُمْ ما إن تمسكتم به لنْ تَضِلُّوا: كتابَ الله، وسنّة رسولِهِ», من تمسك بهما فهو ماذا؟ فهو المهتدي.
وقال: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» فتكون القرون المفضلة ثلاثة:
القرن الأول: الَّذِي فِيه الرسول r.
القرن الثاني: التابعين.
القرن الثالث: أتباع التابعين.
(المتن)
قالوا رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: فتمسكوا بدينكم، فهذا زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، زهيت فيه الحياة بزخرفها، وثمل الناس بنشوتها، وكثر الدخيل في الإسلام، وأوقع في القلوب الضعيفة ما أوقع من الأوهام، وتحقق فيه قول ابن مسعودt: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة، يربو فيها الصغير، ويهرم عليها الكبير، وتتخذ سنة يجري الناس عليها، فإذا غير منها شيء قيل غيرت السنة، قيل متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا كثر قراؤكم، وقل فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقل أمناؤكم، وتُعلم لغير الدين.
(الشرح)
وهذا الأثر رواه الدارمي وزاد: (وَالْتُمِسَتْ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ) يقولون رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: (تمسكوا بدينكم( هذا من النصح, (فهذا زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر) يشير إلى الحديث, الحديث الذي فيه: «أنه في آخر الزمان يكون القابض على دينه كالقابض على الجمر».
«القابض على الجمر» ماذا يحصل له؟ حرارة وشدة يتحمل, كذلك المؤمن في آخر الزمان يتحمل بكثرة الفتن والمعاصي الذي لا يستطيع تغييرها مثل الآن, الآن قالوا العُلَمَاءِ هم في زمانهم, متى كتبوا هذا؟ قبل يمكن سبعين سنة أو ثمانين ما حصل في زمانهم الفتن التي عندنا الآن, الفتنة الآن القنوات الفضائية الآن.
التي دخلت كل بيت الآن والقنوات الفضائية التي تعلم السحر, وتدعوا إلى السحر يكون في الشاشة طلاسم يقرأها ويسحر الناس ما يدري يأتي إنسان ويأخذ هذه الطلاسم ويسحر لأنها أسماء شياطين (...), فهذه الفتن يُنشر في القنوات الفضائية التشكيك في دين الإِسْلَامِ, التشكيك في الربوبية التشكيك في الألوهية التشكيك في الجنة والنار.
تعليم دين اليهودية, تعليم النصرانية, تعليم الإجرام والزندقة تعليم الزنا تُنشر صورة المرأة عارية كما ولدتها أمها, هذه فتن عظيمة ما كانت موجودة في عهدهم كيف لو رأوا هذا, فتن في الجوالات الآن الكاميرا الآن تُنقل الصور تناقلها الآن صورة المرأة للطلاب والطالبات والنساء بل كل ما يُنشر في الدشوش ينشر في شاشة الجوال هذه فتن عظيمة هذه التي يقع فيها.
هم قالوا هذا قبل أن يروا هذه الفتن, كيف لو رأوا هذه الفتن الآن؟! وكذلك أَيْضًا غيرها من الفتن الآن فتن عظيمة فتن الملاهي, فتن الأغاني, فتن الشرور وفتن الحروب وفتن الشهوات وفتن الشبهات, يقول: تمسكوا بدينكم, فهذا زمان القابض فيه على الجمر.
على دينه كالقابض على الجمر يشير إلى الحديث أنه في آخر الزمان يكون «القابض على دينه, كالقابض على الجمر» وفي آخره, في الحديث الآخر: «القابض على دينه له أجر خمسين, قالوا: يا رسول الله منا أو منهم؟ قال: منكم» من الصحابة, قال: «تجدون على الخير عونًا ولا يجدون على الخير عونًا».
يعني في آخر الزمان ما يجد أحد يساعده, ولكن أنتم تجدون على الخير عونًا فلهذا له أجر خمسين منكم, هل معنى ذلك أنه أفضل من الصحابة؟ لا, معناه أنه في خصوصية الصبر أجره خمسين لكن الصحابة فاقوا بمزية الصحبة, صحبة النبي r لا يلحقهم من بعدهم.
وكذلك أَيْضًا مزية الجهاد مع رسول الله في سبيل الله, تبليغ الدعوة كونهم بين الرسول بين ظهرانيهم يعلمهم كتاب الله هذه الصحابة أفضل الناس الأنبياء لا يلحقهم أحد, لا يلحقهم بعدهم في ظل الصحبة في ظل الجهاد مع النبي r وتبليغ الدعوة لكن هذه المزية التي في آخر الزمان, مزية في خصوص الصبر, «له أجر خمسين, قد تجدوا على الخير عونًا ولا يجدون على الخير عونًا», هذا في آخر الزمان.
قال: (زهيت فيه الحياة بزخرفها) تزهت الناس ظهرت وهذا في زمانهم, لكن في زماننا الآن أشد وزمان لما كتبوا هذا ما كان في جوالات وفي تلفاز ولا في دشوش ولا في هذه الشرور كلها, (...) ما في شيء من هذه الفتن, الآن (زهيت فيه الحياة بزخرفها وثملت الناس بنشوتها) يعني أسكرت الناس, مثل الذي يشرب الخمر يكون ماذا؟ يسكر من نشوة الخمر, فكذلك الناس يسكرون من الدنيا مثل السكران لما تُفتح الدنيا وصار لا يبالي يكون في عنده نشوة ويحصل ماذا؟ يحصل له مال في وقت سريع, يحصل له نشوة مثل النشوة التي تحصل من الخمر, مثل المساهمات الآن سرعة في لحظة الآن تكسب ملايين وفي لحظة تخسر هذه نشوة.
نشوة في الربا, نشوة في البيوع, البيع والشراء يحصل نشوة مثل النشوة التي تحصل للسكران, الدنيا لها نشوة, الدنيا خمر تلهي الإنسان وتسكر الإنسان ويلهو بها عن طاعة الله وعن ذكر الله هذا معنى قوله: (زهيت فيه الحياة بزخرفها وثملت الناس بنشوتها) كما يسكر الخمر كالثمل الثمل السكران بنشوة الخمر (وكثر الدخيل في الإسلام كثر من يدخل الإِسْلَامِ وليس من أهله وأُدخل على الدين ما ليس منه).
(وأوقع في القلوب الضعيفة, ما أوقع من الأوهام) يعني وقع في القلوب الضعيفة أوهام ليست من الإِسْلَامِ في شيء, قال: (وتحقق فيه) في زمنه وزماننا أولى, تحقق فيه قول ابن مسعودt ماذا قال؟ (كيف أنتم إذا لبستكم فتنة، يربو فيها الصغير، ويهرم عليها الكبير، وتتخذ سنة يجري الناس عليها، فإذا غُير منها شيء قيل غُيرت السنة).
فتنة هذه فتنة يُولد عليها الصغير ويهرم عليها الكبير, الكبير يهرم على الفتنة والصغير يُولد عليها, ما هي هذه الفتنة؟ جاء في الحديث: «إن هذه الأمة جُعلت عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها» هذه الفتن التي يُولد عليها الصغير ويهرم عليها الكبير, فتن الحروب فتن الشهوات فتن الشبهات فتن الملاهي, فتن القنوات هذه أصبحت الآن الواحد يموت على القنوات ويولد على القنوات.
الآن شيء عادي, شيء طبيعي, مع أن فيها الشر والبلاء والسم الزعاف الذي يقضي على الدين والخلق, هذا عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل يقول: (كيف أنتم إذا لبستكم فتنة) يَعْنِي: فتنة في الدين, (يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير وتتخذ سنة) مثلما يقول بعض الناس.
الآن يقول: أصبح الآن جزء من الحياة التلفاز والدش جزء من الحياة ما يستغنى عنه الإنسان, والجوال والكاميرا جزء من الحياة, فَإِذاْ غُير غُيرت السنة, واحد ما عنده شكل هذا مسكين غير ما يمشي مع الناس, ما عنده جوال ولا كاميرا ولا عنده تلفاز ولا كذا, هذا مسكين غير سير الحياة.
هذا عبد الله بن مسعود يقول ماذا؟ : (كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير وتتخذ سنة, يجري الناس عليها، فإذا غير منها شيء قيل غيرت السنة, قيل متى ذلك يا أبا عبد الرحمن) متى يحصل هذا, في علامة نعرفها؟ قال: نعم هناك علامة, ما هي؟
قال: (إذا كثر قراؤكم، وقل فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقل أمناؤكم، وتُعلم لغير الدين) كم خصلة؟ إذا كثر القراء, اللي يحفظون القُرْآنَ ويكتبون ويقرءون الآن, في لفظ آخر إذا فشا القلم في الذكور والإناث, فشا القلم الكتابة الآن الكل يقرأ ويكتب الذكور والإناث, فشا القلم وكل يقرأ, يقرءون الصحف والمجلات, ولا يُسمى عالم, فكل يقرأ ويكون معه شهادة يُسمى طالب؟ لا, قد يكون جاهل مركب وهو يقرأ ومعه شهادة ويقرأ الصحف لكنه جاهل مركب في الدين إذا كثر القراء, أو يقرأ القُرْآنَ ولكنه لا يعمل به أو لا يفهم معناه, ماذا يفيده؟.
إذا كثر القراء وقل الفُقَهَاءِ, الفقيه الذي يعلم المعاني, معاني كلام الله ومعاني كلام الرسول هذا فقيه, يتعلم ويتفقه في الدين ويتبصر في الشريعة ويفهم المعاني حتى يعمل بها.
هؤلاء قراء لكن ليس عندهم فقه في الدين, (إذا كثر قراؤكم، وقل فقهاؤكم) الخصلة الثلاثة: (وكثرت أموالكم) الآن موجودة كثرت الأموال في أيد كثيرًا من الناس كثرت الأموال, (وقل أمناؤكم) ما في أمين خيانة, يعني كثرة الخيانة, (وتُعلم لغير الدين) تعلم الناس لغير الدين لأجل ماذا؟ لأجل الدنيا تعلم حتى يحصل دكتوراه أو فوق الدكتوراه حتى يحصل على ماذا؟ يحصل على مرتبة على وظيفة على جائزة على كذا.
يحصل على أموال, يحصل على جاه, يحصل على سمعة, يحصل على مكانة في المجتمع لغير الدين تُعلم لِماذا؟ لغير الله لأجل الدين, لأجل الجاه أو المركز أو المال أو الدرجة أو الشهادة أو الوجاهة أو غير ذلك, تُعلم لغير الدين.
هذه الأمور حصلت أو ما حصلت التي ذكرها أبو عبد الرحمن, وقعت كلها, كثر القراء وقل الفُقَهَاءِ وكثرت الأموال وقل الأمناء وتُعلم لغير الدين, والعلماء ذكروا في زمانهم متى كتبوا هذا؟ عام 1344 كم سنة؟ 83 سنة في ذلك الوقت ما في تلفاز ولا في قنوات فضائية ولا جوالات ولا شيء.
ما في إلا الإذاعات فقط, حتى التسجيلات أَيْضًا ما انتشرت كذلك, فكيف ماذا حصل الآن؟ أمور عظيمة, ولا في ذلك الوقت ما في تبرج ولا في اختلاط بين رجال والنساء ولا قل الحياء في كثير من النساء ولا كثرت الفواحش والمنكرات, في أَيْضًا هذا الأثر يقول رواه الدارمي وفي زيادة: (والتمست الدنيا بعمل الآخرة) تُطلب الدنيا بعمل الآخرة, يعني يتعلم أمور الدنيا حتى يحصل على الدنيا.
(المتن)
قالوا رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: معلوم أنه كلما تقادم عهد أمة بنبيها ألقى الشيطان في أفرادها تعاليم تظن فيما بعد أنها من الدين، والدين منها براء يريد بذلك إماتة السنة وطمس معالمها.
(الشرح)
(معلوم أنه كلما تقادم عهد أمة بنبيها ألقى الشيطان في أفرادها تعاليم تظن فيما بعد أنها من الدين، والدين منها براء يريد بذلك إماتة السنة وطمس معالمها) (ومعلوم أنه كلما تقادم عهد أمة بنبيها) معنى تقادم؟ يعني بعد عهد الأمة بنبيها.
كلما زادت السنين بعدنا عن النبي, كم مضى على هجرة النبي؟ 1427 سنة طالت العهد وكلما تفرغ السنين تقادم العهد هذا معنى تقادم العهد, وما معنى تقادم العهد؟ يعني بعد المسافة بعد السنين كثرة السنين بيننا وبين النبي.
(ومعلوم كلما تقادم عهد أمة بنبيها ألقى الشيطان في أفرادها) ومن ذلك يدل على ذلك ما ثبت في الصحيح البخاري من حديث أنس t أن النبي r قال: «لا يأتي زمانٌ إلا والذي بعده شر منه سمعته من نبيكم r», هذا قول أنس, يعني كل ما تقدم كل سنة يزيد الشر كل سنة يزيد الشر وهكذا حتى تقوم الساعة.
(معلوم أنه كلما تقادم عهد أمة بنبيها ألقى الشيطان في أفرادها تعاليم تظن فيما بعد أنها من الدين، والدين منها براء) الشيطان يُلقي في أفرادها أمور ويبتدع لهم بدع, (حتى يظن الناس أنها من الدين والدين منها براء) ليست من الدين لكن بسبب البعد عن عهد النبي r والبعد عن أهل الخير واستيلاء الأشرار ظنوا أنها من الدين.
قال: (يريد بذلك إماتة السنة وطمس معالمها) تموت السنة ويُطمس معالمها ويحل محلها البدع ويظن الناس أن هذا من الدين.
(المتن)
قالوا رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «خط رسول اللهr خطًّا بيده ثم قال: هذا سبيل الله مستقيمًا، ثم خط خطوطاً عن يمين ذلك الخط وعن شماله، ثم قال: هذه السبل ليس فيها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه»، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام/ 153].
(الشرح)
هذا الحديث صحيح, رواه الإِمَامِ أحمد وابن أبي عاصم والحاكم وقال صحيح الإسناد وأخرجه الدارمي, وهو حديث صحيح, يقول: ابن مسعود قال: «خط رسول اللهr خطًّا بيده ثم قال: هذا سبيل الله مستقيمًا» وهذا من الأمثال التي ضربها النبي r.
التمثيل بالفعل ينتقل الإنسان من المثل الحسي إلى المثل المعنوي, قال الله U: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت/43].
فالمثل الحسي يُضرب للمثل المعنوي فالمثل الحسي أمامك تنتقل منه إلى المثل المعنوي, فالرسول r: «خط خطًا مستقيم, قال: هذا سبيل الله مستقيمًا, ثم خط خطوطًا عن يمين ذلك الخط وعن شماله، ثم قال: هذه السبل ليس فيها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه» يَعْنِي: الخط المستقيم هذا دين الإِسْلَامِ والخطوط عن يمينه وعن شماله هذه خطوط متعرجة منحرفة, خطوط الباطل هذه كل خط عليه شيطان يدعو إليه.
ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوه}[الأنعام/ 153], طريق الحق الصراط المستقيم هو دين الله, هو الإِسْلَامِ وما جاء به محمد r وما جاء به القُرْآنَ هذا سبيل الله وهو الصراط المستقيم الذي نسأَلُ الله بكل ركعة أن يهدينا الصراط المستقيم, والعاملين عليه وهو العلم والعمل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ}[الأنعام/ 153].
ولا تتبعوا السبل المتعرجة يمين وشمال: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام/153]و هذا حث على الاستقامة على الإسلام وتحذير من السبل المعوجة, وهي طرق أهل الباطل وأهل البدع.
(المتن)
وقالوا رحمهم الله: وقالr : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة».
(الشرح)
هذا الحديث رواه الإِمَامِ أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والدارمي يقول النبي r: «عليكم بسنتي» بمعنى: الزموا سنتي, الإغراء والحث على لزوم السنة, «عليكم بسنتي» يعني الزموا سنتي, وسنة الرسول r هي ما شرعها للأمة من قول أو فعل أو تقرير, أقوال النبي r وأفعاله وتقريراته هذه سنته.
(المتن)
قولهم: وورد عنه r: «أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة» وفي حديث عنه صلى الله عليه وسلم, أنه قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي».
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فورد في بيان علماء البلد الحرام هذا الحديث الذي فيه الحث على لزوم السنة والجماعة, وهم أهل الحق من الصحابة والتابعون, قالوا: وورد عنه r: (أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة) والحديث مروي من طرق كثيرة عن أنس وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعوف بن مالك وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم.
وفي حديث عنه r: «أنه قال: هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي», هذا الحديث فيه بيان أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهذه الواحدة فسرها النبي r قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي», وفي لفظ: «وهي الجماعة».
وفيه الحث على لزوم السنة, لزوم الجماعة والحث على اتباع هدي النبي r وهدي أصحابه, لأنهم هم الناجون هم الفرقة الناجية, وما عداهم فإنهم هالكون هذه الفرق متوعدة بالنار, لأنهم عصاة مبتدعة ولا يظن ذلك أن يكونوا كفرة بدليل أن العُلَمَاءِ قالوا: إن الجهمية خرجوا من السبعين فرقة لكثرت بدعهم وكذلك الرافضة وكذلك القدرية النفاة الذين ينفون علم الله.
قالوا: هؤلاء خارجون من الثلاث وسبعون فرقة لكفرهم وضلالهم فضل على أن هذه الفرقة مبتدعة فيه الحث على لزوم السنة ولزوم هدي النبي r ولزوم الجماعة جماعة المسلمين, والتحذير من الشذوذ والتفرق.
(المتن)
قالوا رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: وقوله r: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة» نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هداها، ويهب لنا من لدنه رحمة، إنه على ما يشاء قدير، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.
(الشرح)
وقال r: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة» وهذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة, وهو حديث صحيح وفيه بشارة أن الخير يبقى في هذه الأمة وأن الخير لا يُزال من هذه الأمة وأن الحق لا يضمحل ولا يزول.
بل الحق باقيٍ إلى قيام الساعة, لا تزال طائفة على الحق مستمرة إلى قيام الساعة وهي على الحق, لكن هذه الطائفة يكثرون ويقلون ويتفرقون ويجتمعون, قال بعض العُلَمَاءِ هذه الطائفة هم أهل الحديث, وقال الإِمَام أحمد لما سُئل إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم.
قال العُلَمَاءِ إن هذه الطائفة هم المتمسكون بالسنة وفي مقدمتهم أهل الحديث وكل من كان على الحق من أهل السنة وقد يكون من أهل السنة المزارع والتاجر ومن بيده حرفة يكون منهم النجار والحداد والجزار يكون متمسك على السنة, متمسك بالسنة لزم الحق وإن كان له مهنة قد يكون من لزم الحق مزارع قد يكون جزار قد يكون نجار, قد يكون تاجر, لكن في مقدمتهم المحدثون وأهل العلم, أهل العلم في مقدمتهم.
فمن لزم الحق واتبع هدي النبي r وهدي أصحابه فهو منهم أيًا كان لكن في مقدمتهم العلماء وكذلك غير العُلَمَاءِ من لزموا الحق من المزارعين من التجار من أصحاب الحرف والصناعات من لزم الحق هو من أهل السنة.
(نسأل أن يجعلنا منهم) اللهم اجعلنا منهم, (وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إن هدانا وأن يهب لنا منه رحمة إن هو الوهاب) كما قال تعالى عن الراسخين في العلم أنه قال: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران/8].
وقولهم: أنه على ما يشاء قدير, لو قالوا: أَنَّهُ عَلَى كُلّ شيءٍ قدير لكان أولى.
لأن كلمة على ما يشاء موهمة, يقولها المعتزلة القدرية يقولون: أنه على ما يشاء قدير ولا يقولون: أنه على كل شيء قدير لِمَاذَا؟.
لأنهم يرون أن أفعال العباد لا يقدر عليها الله, أفعال العباد, العباد هم الخالقون لأفعالهم وهم الذين يخلقون أفعالهم من الطاعات والمعاصي استقلالًا ولا يقدر الله عليها فهم يقولون أنه على ما يشاء قدير وأما أفعال العباد فلا يشاءها فلا يكون عليها قديرًا وهذا باطل فلهذا نقول: إنه على كل شيء قدير؛ حتى لا يحصل هذا الوهم.
وأما قول الله تعالى: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}[الشورى/29], قوله: على ما يشاء مقيد بالجمع: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ}[الشورى/29], جمعهم وأما قولهم: أنه على ما يشاء قدير فهذا يوهم أن شيئًا لا يقدر عليه الله وهي أفعال العباد وهذا باطل.
الأسلم أن نقول: إنه على كل شيء قدير, كما قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة/120].
وبهذا نكون انتهينا من هذه الرسالة.