شعار الموقع

الحائية - منظومة ابن أبي داود 1 - 5

00:00
00:00
تحميل
24

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الإمام عبد الله بن سليمان بن الأشعث المكنى بأبي بكر, المشهور بابن أبي داود السجستاني رحمه الله تعالى في حائيته:

شرح الشيخ

هذه حائية أبي داود رحمه الله في العقيدة, لنقرأ.

القارئ

تمسك بحبل الله واتبع الهدى

 

ولا تك بدعيًا لعلك تفلحُ

ودن بكتاب الله والسنن التي

 

أتت عن رسول الله تنج وتربحُ

وقل غير مخلوق كلام مليكنا

 

بذلك دان الأتقياء وأفصحوا

ولا تك في القرآن بالوقف قائلاً

 

كما قال أتباع لجهم وأسجحوا

ولا تقل: القرآن خلقٌ قرأته

 

فإن كلام الله باللفظ يوضح

 

 شرح الشيخ

بسم الله, الحمد لله والصَّلَاة والسلام عَلَى رسول الله, وعَلَى آله وصحبه ومن والاه أَمَّا بعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى في هذه المنظومة:

(تمسك بحبل الله واتبع الهدى) هذه وصية من المؤلف رحمه الله أبي داود لطالب العلم أن يتمسك بحبل الله, حبل الله هُوَ دينه, هُوَ كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:103] يعني الزم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتمسك بهما, وعض عليهما بالنواجذ كما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وأن يعض عليها بالنواجذ, قال: «تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور» تسمك بحبل الله الزم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وابتعد عما خالفهما واتبع الهدى, الهدى هُوَ الدين الحق, هُوَ العلم النافع ودين الحق هُوَ العمل الصالح, الهدى هُوَ العلم النافع كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}[الفتح:28]

الهدى هُوَ العلم النافع وهو مأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, ودين الحق هُوَ العمل الصالح, فيقول: تمسك بحل الله, تمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, واتبع الهدى وهو العلم النافع المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

(ولا تك بدعيًا لعلك تفلحُ) لا تكن من أهل البدع, والبدعة هي الحدث في الدين, قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الَّذِي رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فَهُوَ رد» وفي لفظ لمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فَهُوَ رد» البدعة هي الحدث في الدين, يقول: لا تكن بدعيًا, لا تبدع حدثًا في دين الله, تمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خذ بالعلم النافع المأخوذ من الكتاب والسنة, واحذر أن تكون من أهل البدع لعلك تفلح, لكي تفلح والفلاح هُوَ الحصول عَلَى المطلوب والنجاة من المهروب, الفلاح هُوَ أن يحصل الإنسان عَلَى ما يطلبه, ويسلم مِمَّا يخافه, وأعظم شيء يطلبه الإنسان هُوَ رضا الله والتمتع بكرامته ودخول جنته, وأعظم شيء يخافه الإنسان هُوَ غضب الإنسان وسخطه والنَّار, فالذي حصل عَلَى الفلاح حصل عَلَى المطلوب ونجا من المهروب.

ولعل هنا للتعليل والمعنى لكي تفلح, وهذا محقق, والمعنى أنك إذا تمسكت بكتاب الله وسنة رسوله, واتبعت العلم النافع واجتنبت البدع فإنك من أهل الفلاح, هذا معنى البيت, إذا تمسكت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتبعت العلم النافع المأخوذ من الكتاب والسنة, وابتدعت عن البدع فإنك تكون من أهل الفلاح الذين فازوا برضا الله وكرامته وجنته, وسلموا من عذاب الله وسخطه والنَّار.

ثُمَّ قال:

ودن بكتاب الله والسنن التي

 

أتت عن رسول الله تنج وتربحُ

 

دن بمعنى أمر, من الديانة, دن دان يدين يتدين, دن يعني اجعل كتاب الله لك دينًا, كتاب الله هُوَ دنيك, اجعل دينك كتاب الله والسنة الَّتِي جاءت عن رسوله, دن بهما يعني كن متدينًا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, فدين لله والدين يطلق عَلَى التوحيد ويطلق عَلَى الجزاء والحساب, {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4] يعني الجزاء والحساب {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي العبادة.

(دن بكتاب الله) يعني تعبد واعبد الله ووحد الله بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله, اجعل كتاب الله لك دينًا, والسنة الَّتِي عن رسول الله لك دينًا تدين بهما, تعبد الله مخلصًا له الدين, وتدين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, تمتثل أوامر الله وتجتنب نواهيه, بهذا يكون للإنسان دينًا, إذا عبد الله وأخلص له العبادة وعمل بسنة الرَّسُوْل صلى الله عليه وسلم فإنه جعل كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دينًا له, اجعل كتاب الله وسنة رسولك دينًا لك, ودن بكتاب الله والسنن الَّتِي آتتك عن رسول الله.

(تنجو وتربح) تنجوا من عذاب الله وسخطه والنَّار, وتربح تكون من أهل الربح الذين فازروا برضا الله وثوابه, فازوا بجنة الله, هذا أعظم الربح.

أعظم الربح أن تربح رضا الله والتمتع بدار كرامته وجنته, وأعظم ذلك النظر إِلَى وجه الله الكريم, فمن دان بكتاب الله ودان بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه من الناجين ومن الرابحين.

ثُمَّ قال في البيت الثالث:    

وقل غير مخلوق كلام مليكنا

 

بذلك دان الأتقياء وأفصحوا

 

 (وقل غير مخلوق كلام مليكنا) قل كلام الله غير مخلوق, احذر أن تقول أن كلام الله مخلوق, هذا قول أهل البدع أو الجهمية, قال الإمام أحمد: من قال إن كلام الله مخلوق فَهُوَ كافر, كلام الله منزل غير مخلوق, كلام الله صفة من صفاته, كلام الله وعلم الله ومشيئة الله وإرادة الله كل هذه صفات من صفات الله, كلام الله صفة من صفاته ليس مخلوقًا, وأهل البدع من الجهمية والمعتزلة قالوا: إن كلام الله مخلوق وهذا كفر وضلال.

ولهذا قال الأئمة كالإمام أحمد وغيره من قال: إن كلام الله مخلوق فَهُوَ كافر, وهذا تكفير بالعموم عند أهل العلم, يقول: من قال أن كلام الله مخلوق فَهُوَ كافر, من أنكر رؤية الله كافر, لكن فلان بن فلان قال كلام الله مخلوق, هل نكفره؟ نقول: لا, حَتَّى تقيم عليه الحجة, تقوم عليه الحجة وتزيل الشبهة, فإذا أصر حكما بكفره.

لكن واحد ما ندري عنه قد يكون جاهل, قد يكون ما بلغه العلم, قد يكون متأول, قد يكون تاب ما نحكم عَلَى الشخص بأنه كافر, وإنما نحكم عَلَى العموم, ومن قال إن كلام الله مخلوق كافر, لكن فلان بن فلان قال: إن كلام الله مخلوق هل هُوَ كافر؟ نقول: لا, لَابُدَّ أن تقوم عليه الحجة, نأتي به ونقيم عليه الحجة ونبين له, فإذا تضح له الحق وأصر, بعد ذلك يحكم بكفره.

هذا معنى قوله: التكفير يكون بالعموم, التكفير بالنوع لا بالشخص, الشخص لا يكفر حَتَّى تقوم عليه الحجة, ولكن يكفر بالعموم, من ترك الصَّلَاة كافر, لكن فلان بن فلان هذا يجب أن تقوم عليه الحجة, من أنكر رؤية الله كفر, من قال الْقُرْآن مخلوق كفر, بالعموم, لكن مع الشخص المعين لا يكفر حَتَّى تقوم عليه الحجة, توجد الشروط وتنتفي الموانع.

يقول المؤلف رحمه الله: (وقل غير مخلوق كلام مليكنا) قل غير مخلوق كلام الله؛ بَلْ هُوَ صفة من صفاته, أهل السنة يقولون: كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود, منزل الْقُرْآن منزل قال تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}[الزمر:1].

{تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت:2].

{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}[الأنعام:114].  {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل:44].

الْقُرْآن منزل غير مخلوق, كلام الله صفة من صفاته.

يقول:

وقل غير مخلوق كلام مليكنا

 

بذلك دان الأتقياء وأفصحوا

 

بهذا دان الأتقياء جمع تقي, الأتقياء المؤمنون الأتقياء الذين اتقوا الله, واتقوا الشرك والمعاصي, فبينوا بالقول أن كلام الله صفة من صفاته وليس بمخلوق, دانوا ربهم بهذا, يدينون لله بأن كلام الله صفة من صفاته وليس مخلوقًا, هؤلاء هم الأتقياء, وأفصحوا عن ذلك وبينوا ووضحوا للناس, فالأتقياء دانوا بهذا وتدينوا وجعلوا هذا دينًا لهم أن كلام الله منزل غير مخلوق.

قال:  

ولا تك في القرآن بالوقف قائلاً

 

كما قال أتباع لجهم وأسجحوا

 

 (ولا تك في القرآن بالوقف قائلاً) الوقف هذا قول طائفة, طائفة من النَّاس توقفوا قالوا: لا نقول: مخلوق ولا غير مخلوق, يسمون الواقفة, وهذا باطل يقول: لا تتوقف, اجزم بأن كلام الله غير مخلوق, الواقفة مبتدعة الجهمة قالوا: كلام الله مخلوق, وطائفة أخرى قالوا: ما نقول: مخلوق أو غير مخلوق نتوقف, وأهل السنة قالوا: كلام الله منزل غير مخلوق, فالمؤلف يقول: لا تكن مع والواقفة ولا تكن مع الجهمية, لا تكون مع هؤلاء ولا مع هؤلاء, كن مع أهل الحق وأهل السنة.

ولا تك في القرآن بالوقف قائلاً

 

كما قال أتباع لجهم وأسجحوا

 

جهم بن صفوان هذا هُوَ الَّذِي نشر عقيدة نفي الصفات, أول من حفظ عنه مقالة التعطيل في الإسلام هُوَ الجعد بن درهم, جعد بن درهم أول من حفظت عنه مقالة الجهمية أول من حفظ عنه مقالة التعطيل في الإسلام هُوَ الجعد بن درهم, أنكر كلمتين صفتين, قال: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليمًا, فقط, كلمتين, قال: إن الله لم يكلم موسى تكليمًا ولم يتخذ إبراهيم خليلاً.

وهاتان الكلمتان ترجع إليهما جميع الصفات, أنكر أن الله يتخذ إبراهيم خليلاً, الخلة هي نهاية المحبة وغايتها, والله تعالى اتخذ إبراهيم خليلاً واتخذ محمد خليلاً, فإنكاره للخلة والمحبة معناه قطع الصلة بين الله وبين عباده, قال: الخلة معناها الفقر والحاجة, وهذا عام حَتَّى الكافر فقراء محتاجين إِلَى الله, وأنكر أن يكلم الله موسى تكليمًا, أنكر أن يكون الله اتخذ إبراهيم خليلاً وأنكر أن يكون كلم الله موسى تكليمًا, أنكر كلام الله وإذا أنكر كلام الله, وإذا أنكر كلام الله معناه أنكر النوبة والرسالات والكتب المنزلة, معنى هذا أن تكون الرسل عبث والكتب عبث, أنكر الرسالات والكتب المنزلة, وهذا يرجع يشمل جميع -- ((@ كلمة غير مفهومة- 13:45)) – فقتله خالد بن عبد الله القصري أمير العراق والمشرق بواسط, وكان بفتوى من علماء أهل زمانه وهم التابعين, قتله أتى به مقيدًا موثوقًا في يوم عيد الأضحى, وكان خالد بن عبد الله القصري هُوَ الَّذِي يصلي بالناس العيد, ويخطب خطبة العيد عَلَى عادة الأمراء, فصلى بالناس ثُمَّ خطب النَّاس خطبة العيد والجعد بن درهم موثق مقيد, وقال في آخر الخطبة: ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضحي بالجعد بن درهم فإن زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليمًا, ثُمَّ أخذ السكين وذبحه, ثُمَّ يصلى والنَّاس ينظرون.

فأثنى عليه العلماء وشكر العلماء هذه الضحية كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية:

ولذا ضحى بجعد خالد ... القصري يوم ذبائح القربان

إذ قال إبراهيم ليس خليله ... ولا موسى الكليم الداني

شكر الضحية كل صاحب ... سنةٍ لله درك من أخي قربان

كل صاحب سنة ذكر هذه الضحية؛ لِأَنَّ هذه الأضحية تعدل ضحايا كثيرة؛ لِأَنَّهُ بهذا قطع دابر الشر والفساد, قطع للبدع, ولكن مع الأسف قبل أن يموت الجعد بن درهم تلقى عنه هذه المقالة الجهم بن صفوان, الجهم بن صفوان تلقى عنه هذه المقالة عقيدة نفي الصفات.

وبقي مدة الجهم بن صفوان وتسع في نشر عقيدة نفي الصفات, وأخذ عن الصابئة وعن اليهود, يعني أصل هذه المقالة مقالة الجعد مأخوذة عن نبهان بن سمعان, ونبهان بن سمعان أخذها عن طالوت بن أخ لبيد بن الأعصم اليهود الَّذِي سحر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, فترجع هذه المقالة نفي الصفات إِلَى اليهود وإِلَى الصابئة عباد الكواكب وإِلَى المشركين.

فالجهم بن صفوان تلقى هذه المقالة ونشرها عَلَى نطاق أوسع فنسبت العقيدة عقيدة نفي الصفات إِلَى الجهم, يقال عنهم الجهمية, والأصح أن يقال: العقيدة الجعدية, لكن الجعد قتل ولم تطل حياته, والجهم توسع فيها, وانتشرت هذه المقالة عنه حَتَّى نسبت إليه.

وقيد الله للجهم من قتله, قتله سلم بن أحوذ أَيْضًا أمير خرسان, قتله أَيْضًا, فهذه عقيدة الجهم هي عقيدة نفي الصفات, والجهم بن صفوان اشتهر بأربع عقائد خبيثة, عقيدة نفي الصفات, ونشرها وأخذها عنه المعتزلة, ينفي يقول: ليس لله علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا علم وليس له اسم, ليس بعزيز, ولا سميع, ولا بصير, ولا رحيم, تعالى الله عما يقولون.

الأولى: عقيدة نفي الصفات ورثها عنه المعتزلة.

الثانية: عقيدة الإرجاء القول بأن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان ورثها عنه المرجئة.

الثالثة: عقيدة الجبر والقول بأن الإنسان مجبور عَلَى أعماله وليس له اختيار ورثها عنه الجبرية.

الرابعة: القول بفناء الْجَنَّة والنَّار, وأن الْجَنَّة والنَّار تفنيان يوم القيامة, نعوذ بالله.

هذه عقائد خبيثة أربع اشتهرت عن الجهم بن صفوان.

المؤلف يقول:

ولا تك في القرآن بالوقف قائلاً

 

كما قال أتباع لجهم وأسجحوا

 

لا تكن متوقفًا في الْقُرْآن كما قال بَعْض أتباع الجهم, أتباع الجهم منهم من قال: إن الْقُرْآن مخلوق ومنهم من توقف.

هناك مذاهب ثلاثة:

  1. القول بأن الْقُرْآن مخلوق.
  2. القول بالوقف.
  3. وقول أهل السنة الْقُرْآن كلام الله منزل غير مخلوق.

قال:

ولا تقل: القرآن خلقٌ قرأته

 

فإن كلام الله باللفظ يوضح

 

يقول: لا تقل الْقُرْآن خلق (قرأته) لا تقل خلق قرأته, كيف يقول: خلق وتقرأه؟ (فإن كلام الله باللفظ يوضح) كلام الله باللفظ, كلام الله يوضح باللفظ, وليس بمخلوق, وإنما هُوَ كلام الله منزل غير مخلوق, والقارئ يقرأ كلام الله, والسامع يسمع كلام الله, كلام الله مسموع, وكلام الله محفوظ في الصدور, كلام الله معلوم في القلوب, كلام الله مقروء بالألسن, كلام الله مكتوب في المصاحف, هذا كلام الله منزل غير مخلوق.

ولا تقل: القرآن خلقٌ قرأته

 

فإن كلام الله باللفظ يوضح

 

 القارئ  

قال الشيخ العلامة صالح بن الفوزان أبي عبد الله الفوزان حفظه الله تعالى:

بدأ الناظم رحمه الله تعالى نظمه بقوله: تمسك بحبل الله, أي تمسك أَيُّهَا المسلم بحبل الله الَّذِي هُوَ الْقُرْآن والسنة أخذًا من قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:103].

ومن قوله صلى الله عليه وسلم: «فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا, فعليكم بسنتي وسنة الخلاف الراشدين المهديين من بعدي, تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة».

فهذا البيت مأخوذ من الْقُرْآن والسنة وهو التمسك بحبل الله وحبل الله هُوَ الْقُرْآن وسنة الرَّسُوْل صلى الله عليه وسلم أو بعبارة أخرى نقول: حبل الله هُوَ وحيه الَّذِي أنزله عَلَى رسوله صلى الله عليه وسلم سواء كان قرآنًا أو سنة.

وقوله: تمسك بحبل الله أي اعتصم به كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:103].

والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا, أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا, وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» هذه الثلاث منها الاعتصام بحبل الله؛ لِأَنَّهُ يقي من الافتراق والاختلاف, فلا يحصل الاختلاف والافتراق إِلَّا بسبب عدم التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, كافتراق أهل الكتاب مع أن الله أنزل عليهم التوراة والإنجيل, ولكن لما لم يعتصموا بحبل تفرقوا واختلفوا.

ولهذا قال: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران:105]

هذه طريقة أهل الكتاب أنهم تركوا كتاب ربهم فتفرقوا, وهذه نتيجة حتمية لكل من لا يأخذ دينه وعقيدته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, فإن النتيجة الاختلاف والتفرق, قال الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[المؤمنون:52-53].

كلٌ أحدث له مذهبًا ومنهجًا يخالف به غيره, وحصلت فتن عظيمة, وشرور كثيرة لا عاصم منها إِلَّا بالاعتصام من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, ولَاسِيَّما في الأصل والأساس وهو العقيدة, الَّتِي يجمع الله بها ببين النَّاس كما قال تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال:62-63].

 فلا يؤلف بين القلوب كثرة العطاء وكثرة الأموال؛ بَلْ هذه تزيد القلوب نفرة وتباغض مهما أنفقت من الأموال فلن تؤلف بين القلوب, وإنما الَّذِي يؤلف بين القلوب هُوَ الْقُرْآن والسنة, وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى مِمَّا وقع فيه الأمم السابقة من تفرقها بعدماجاءتهاالبينات, فقال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}[البينة:4].

ليس لهم عذر؛ لِأَنَّ الله بين لهم ولكنهم تركوا هذه البينة فتفرقوا, وقال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران:105].

وقال تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[البقرة:213].

ولهذا كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام يصلي من الليل: «اللَّهُمَّ رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك, إنك تهدي من تشاء إِلَى صراط مستقيم» وهذا دعاء عظيم يعصم الله به المسلم من الأهواء والفتن والشرور.

ثُمَّ قال الناظم رحمه الله تعالى: (واتبع الهدى) والهدى هُوَ الَّذِي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[التوبة:33].

والهدى هُوَ العلم النافع, ودين الحق هُوَ العمل الصالح, ونقرأ في آخر الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ  (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:6-7].

الذين أنعم الله عليهم هم الذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح, والمغضوب عليهم هم الذين أخذوا العلم وتركوا العمل, والضالون هم الذين أخذوا العمل وتركوا العلم كالمتصوفة, والعباد الجهال.

والهدى والهداية عَلَى قسمين:

القسم الأول: الهدى بمعنى الدلالة والإرشاد وبيان الحق, وهذه هداية عامة, والله هدى النَّاس جميعًا بمعنى أَنَّهُ بين لهم الحق ووضحه لهم كما قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}[فصلت:17] فهذه هداية دلالة وإرشاد.

القسم الثاني: هداية التوفيق للعمل بالحق والتمسك به, وهذه هداية خاصة لا تكون إِلَّا لأهل الإيمان, ولا يملكها إِلَّا الله سبحانه وتعالى, فلا يملك هداية القلوب إِلَّا الله جل وعلا, قال تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[القصص:56].

وهداية الدلالة والإرشاد يملكها الرسل والأنبياء وأهل العلم, كلهم يدلون عَلَى الحق ويبينونه ويبصرون به, ولهذا قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى:52].

ورُبَّمَا يقول قائل: لماذا قال الله جل وعلا لنبيه في آية: وإنك لتهدي, وقال في الآية الأخرى: إنك لا تهدي من أحببت, أليس هذا تعارضًا؟

الجواب: ليس هذا تعارضًا حاشا وكلا؛ بَلْ قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى:52]. يعني تدل وترشد وتبين, وقوله: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} يعني لا تقدر عَلَى توفيق النَّاس وقبولهم للحق, فهذا لا يقدر عليه إِلَّا الله سبحانه وتعالى. 

فلا تعارض بين الآيتين وإنما تتعارض عند من لا علم عنده, أَمَّا البصير بالقرآن والبصير بالعلم فلا يتعارض عنده الْقُرْآن والسنة, فالقرآن لا يتعارض أبدًا, والسنة لا تتعارض؛ لأنهما تنزيل من حكيم حميد, ولكن الشأن في الَّذِي يفهم ويجمع بين الأدلة.

قوله رحمه الله: (ولا تك بدعيًا) هذا نهيٌ والبدعي نسبة إِلَى البدعة, والبدعة ما أحدث في الدين مِمَّا ليس له أصل في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, والله نهانا عن الابتداع في الدين والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حذرنا من الابتداع في الدين, فالله جل وعلا يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة:3].

فالدين كامل لا يحتاج إِلَى أن تضيف إليه أشياء تستحسنها أو تقلد فيها غيرك, مِمَّا ليس عليه دليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم للتقرب بها إِلَى الله, كالأذكار البدعة والصلوات البدعة, وجميع أنواع التقرب إِلَى الله إذا لم يكن عليه دليل فَهُوَ بدعة, ولو كانت نية صاحبه حسنة ويريد الأجر, ويريد الثواب ولا يريد المخالفة, لكن رأى أن هذا فيه خيرٌ فاستحسنه وهو في الحقيقة ليس فيه خير, لو كان فيه خير لجاء به الكتاب والسنة {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}[مريم:64].

{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}[الأنعام:38].

فكل الخير وكل الهداية في الْقُرْآن والسنة فمن جاء بزيادة ليست في الكتاب والسنة فهي بدعة مردودة, وقال قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فَهُوَ رد».

«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فَهُوَ رد» فلا يجوز الإحداث في الدين أو عمل شيء لم يأت به الرَّسُوْل صلى الله عليه وسلم ويتقرب به على الله, هذا بدعة وكل بدعة ضلالة.

والبدعة في اللغة ما أحدث عَلَى غير مثال سابق, كأن تقول: هذا الشيء بديع يعني جديد, والله جل وعلا يقول: {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[الأنعام:101] أي محدثهما عَلَى غير مثال سباق.

ويقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف:9] يعني ما أنا أول رسول؛ بَلْ قبلي رسلٌ كثيرون, فأنا لست بدعًا يعني جديدًا لم يسبق مثلي في الأمم السابقة, فكيف تنكرون عليّ أني رسول الله وقبلي رسل كثيرون؟

أَمَّا البدعة في الشرع فهي ما أحدث في الدين مِمَّا ليس منه, وليس له دليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, والبدع ليس فيها خير, فهي تبعد عن الله وتغضب الله سبحانه وتعالى, أَمَّا السنن فإنها خير كلها يرضاها الله ويحبها وثيب عليها كما أن الله تعالى يبغض البدعة ويبغض أهلها ويعاقب عليها.

فلا مجال للزيادات والإضافات والاستحسانات واتباع النَّاس عَلَى ما هم عليه حَتَّى نعرف دليلهم, فإن كان عَلَى حق اتبعناهم, قال تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}[يوسف:38].

هذا الاتباع عَلَى الحق, أَمَّا إذا كان عَلَى غير حق فإننا لا نتبعهم وهو كانوا من أفضل النَّاس, والنصارى لما أحدثوا الرهبانية الَّتِي ما كتبها الله عليهم ضلوا بها, وأَيْضًا ما قاموا بها؛ لِأَنَّهُم عجزوا عن أن يقيموا بها؛ لِأَنَّهُم هم الذين حملوا أنفسهم ما لا تطيق, والله تعالى لا يكلف نفسًا إِلَّا وسعها, فعجزوا عنها وتركوها {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}[الحديد:27].

وقوله: (إِلَّا ابتغاء رضوان الله) أي أحدثوها يبتغون بها رضوان الله, فهذا دليل عَلَى أن العبرة بالدليل لا بالمقاصد والنيات فقط.

فالحاصل: أن البدعة شر وإن زعم أصحابها أَنَّهَا خير, وإن قالوا: إن البدعة تنقسم إِلَى أقسام, بدعة حسنة وبدعة سيئة, فنقول: البدع في الدين ليس منها شيء حسن؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «كل بدعة ضلالة» فمن قال: إن من البدعة حسنة فإنه يكون مكذبًا لقول الرَّسُوْل صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» وقوله: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فَهُوَ رد» فلا توجد بدعة حسنة في الدين أبدًا, أَمَّا ما سموه من البدع الحسان كبناء المدارس والربط وتأليف الكتب فنقول: هذه ليست بدعة؛ بَلْ هي مِمَّا حث الدين عليه وهي وسائل إِلَى أمور مشروعة, فقد حث عَلَى الإحسان والعمل الصالح, وفعل الخير وهذه كلها من وسائل الخير وهي معينة عَلَى فعل الخير, فهي ليست بدعة وقد جاء به الدين وحث عليها الرَّسُوْل صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[المائدة:2].

وأما قوله عليه الصلاة والسلام: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» فالمقصود به أَنَّهُ أحيا سنة قد أميت فتبعها النَّاس في ذلك فله أجرها وأجر من اقتدى به فعمل بها, فهذه ليست بدعةً حسنة, وإنما هي سنةٌ حسنة.

ثُمَّ قال حفظه الله: فتعليم العلم النافع وعمل ما يعين عَلَى طلب العلم من فتح المدارس وإنشاء المعاهد والكليات وفتح الربط لطلبة العلم هذا كله مِمَّا يعين عَلَى طلب العلم وهو مأمور به شرعًا, وليس من البدع.

وأما الأمور المبتدعة في غير الدين كصناعة الطائرات والسيارات والمراكب البحرية فهذه أمور مباحة وليست من الابتداع في الدين, والله جل وعلا يقول: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الجاثية:13].

من أجل مصالحكم ومنافعكم فهذه لا تدخل في العبادات, لكن قد يستعان بها لأداء العبادات, فركب السيارات للحج أو لصلة الرحم أو تحصيل المباحات, ونركبها للتجارة والتنزه, وهذه كلها من منافع السموات والأرض الَّتِي أباحها الله لنا فليست بدعة؛ لِأَنَّهَا ليست من الدين؛ بَلْ هي من العادات والمباحات, فلا نسميها بدعةً إِلَّا إن كانت من الناحية اللغوية؛ لِأَنَّهَا شيء جديد؛ ولكنها ظهرت في وقت ولم تظهر فيما قبلها, حيث قدر النَّاس عليها وكانوا من قبل لا يقدرون عليها, فينبغي معرفة هذه الأمور؛ لِأَنَّ أهل الضلال يلبسون عَلَى النَّاس ويقولون: هل كل شيء بدعة؟ فتقول: لا, ليس كل شء بدعة؛ بَلْ البدع هي ما أحدث في الدين مِمَّا ليس منه, وليس له دليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, أَمَّا ما عداها فليس ببدعة وإنما هُوَ مِمَّا أباح الله لعباده, ففرق بين هذا وذاك.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد