الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا ولمشايخه ولوالديه يا رب العالمين
قال الإمام شيخ الإسلام وحجة الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى:
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما وصفه به خلقه، الذي لا يبلغ شكر نعمته إلا بنعمته، ولا تنال طاعته إلا بمعونته والحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى، ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا. صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } [الأحزاب: 70-71] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) } [آل عمران: 102-107] .
الشيخ بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ المؤلف رحمه الله كثيرا ما يفتتح كتبه بخطبة الحاجة لكن هنا ما الكمال الآيات التي في سورة النساء وسورة الأحزاب لكن كثيرا ما يفتتح كتبه بخطبة الحاجة وهي تقال في كل حاجة وخصوصا عند عقد النكاح قبل عقد النكاح الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم يقرأ الآيات الثلاث يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ في سورة آل عمران يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ أول سورة النساء يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا في سورة الأحزاب هذا يسمى خطبة الحاجة يخطب بها ثم بعد ذلك يعقد النكاح يقول زوجتك وتقال في كل حاجة في خطبة الجمعة وفي افتتاح الرسائل الخطب
سؤال هي واجبة
الشيخ لا مستحبة
سؤال ما يميز أهل السنة سبحانه الله التذلل بين يدي الحاجة والترضي و.
الشيخ نعم صحيح ينزل حاجته بالله عز وجل يبدأ بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله والترضي عن الصحابة ويستعين بالله لأنه محتاج إلى الله ولا حول ولا قوة له إلا بالله ما في شك نعم هذه صفات المؤمنين
سؤال المؤلف رحمه الله يقول سنة تسعين وستمائة معناه
الشيخ وفاته سبعمائة وعشرين
طالب سبعمائة وثمان وعشرين
طالب معنى هذه عمرة كان ثلاثين سنة يقول بعيد تسعين وستمائة
طالب المحققون استظهروا أنه ألفها بين سبع مائة وخمسة وسبع مائة وسبعة بعد حبسه في مصر
الشيخ أفتى قبل العشرين.. وتسعة عشر أفتى وانتقد الكبار
قال رحمه الله
أما بعد فإني كنت سئلت من مدة طويلة، بعيد سنة تسعين وستمائة عن الآيات والأحاديث الواردة في صفات الله، في فتيا قدمت من حماة فأحلت السائل على غيري فذكر أنهم يريدون الجواب مني لا بد فكتبت الجواب في قعدة بين الظهر والعصر وذكرت فيه مذهب السلف والأئمة المبني على الكتاب والسنة
الشيخ وهي العقيدة الواسطية في قعدة تواضع رحمه الله يقول أحلتهم إلى غيري وقلت الكتابة في العقائد مكتوب من أهل العلم يعني لا حاجة فألحوا قالوا نريد جوابا منك
سؤال الحموية أم؟
الشيخ لا الواسطية أو قال من حماة نعم الحموية الواسطية هي التي كتبها في قعدة بعد العصر بين الظهر والعصر نعم الواسطية بعد العصر وهذه من حماة بين الظهر والعصر رحمه الله
وذكرت فيه مذهب السلف والأئمة المبني على الكتاب والسنة المطابق لفطرة الله التي فطر الناس عليها ولما يعلم بالأدلة العقلية، التي لا تغليط فيها، وبينت ما يجب من مخالفة الجهمية المعطلة ومن قابلهم من المشبهة الممثلة إذ مذهب السلف والأئمة أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل قال نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله تعالى من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، فليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيهًا وكان السلف والأئمة، يعلمون أن مرض التعطيل، أعظم من مرض التشبيه، كما يقال: المعطل أعمى، والمشبه أعشى، والمعطل يعبد عدمًا، والمشبه يعبد صنمًا
الشيخ لأن المشبه يعبد موجودا وإن كان صنما ولكن.. يعبد عدما صار أشد التعطيل أشد من التشبيه فرق بين الإنسان يعبد موجودا وبين يعبد عدما وإن كان كل منهما كفر وضلال لكن الكفر يتفاوت قال تعالى " الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ " نسأل الله السلامة والعافية
فكان كلامهم وذمهم للجهمية المعطلة أعظم من كلامهم وذمهم للمشبهة الممثلة مع ذمهم لكلا الطائفتين وحصل بعد ذلك من الأهواء والظنون ما اقتضى أن اعترض قوم على خفي هذه الفتيا بشبهات مقرونة بشهوات وأوصل إليّ بعض الناس مصنفًا لأفضل القضاة المعارضين وفيه أنواع من الأسئلة والمعارضات، فكتبت جواب ذلك وبسطته في مجلدات ثم رأيت أن هؤلاء المعترضين ليسوا مستقلين بهذا الأمر، استقلال شيوخ الفلاسفة والمتكلمين فالاكتفاء بجوابهم لا يحصل ما فيه المقصود للطالبين وآثار الكلام فيها الشبه المعارضة لما أنزل الله من الكتاب حتى صارت السنة تُضِلُّ ما شاء الله من الفضلاء وأولي الألباب في هذا الباب، وحصل من الاشتباه والالتباس، ما أوجب حيرة أكثر الناس واستشعر المعارضون لنا أنهم عاجزون عن المناظرة التي تكون بين أهل العلم والإيمان فعدلوا إلى طريق أهل الجهل والظلم والبهتان وقابلوا أهل السنة بما قدروا عليه من البغي باليد عندهم واللسان نظير ما فعلوه قديمًا من الامتحان وإنما يعتمدون على ما يجدونه في كتب المتجهمة المتكلمين وأجل من يعتمدون كلامه هو أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي
الشيخ الذي هو كتابه تأسيس التقديس هذا الكتاب نقد له كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية أعظم ما يعتمدون عليه كتاب الرازي تأسيس التقديس
سؤال أقرب إلى التجهم هو؟
الشيخ جهمي هو أشعري لكن انتقل إلى الجهمية انتقل متأخر أشعري وصار جهميا والرازي له كتاب السر المكتوم في عبادة النجوم لكنه تاب ذكر شيخ الإسلام أنه تاب وترحم عليه رحمه الله في آخر حياته تاب كتابه مفاتح الغيب في التفسير قالوا فيه كل شيء إلا التفسير إن شئت علم الفلك علم الطب علم الهندسة علم النجوم علم الكواكب كل شيء إلا التفسير
طالب السر المكتوم في عبادة النجوم ما له أثر هذا الكتاب
الشيخ يمكن بين السحرة يوجد السحرة وعباد..
إمام هؤلاء المتأخرين فاقتضى ذلك أن أتم الجواب عن «الاعتراضات المصرية الواردة على الفتيا الحموية» بالكلام على ما ذكره أبو عبد الله الرازي في كتابه الملقب «بتأسيس التقديس» ليتبين الفرق بين البيان والتلبيس ويحصل بذلك تخليص التلبيس، ويعرف فصل الخطاب فيما في هذا الباب، من أصول الكلام التي كثر بسببها بين الأمة النزاع والخصام
الشيخ تخليص التلبيس بعضهم سماه نقد التأسيس والثالث بيان تلبيس الجهمية تخليص التلبيس نقد التأسيس هذه كلها أسماء له بيان تلبيس الجهمية الأخير هذا
التي كثر بسببها بين الأمة النزاع والخصام حتى دخلوا فيما نهوا عنه من الاختلاف في الكتاب والقول على الله بغير علم الخطأ من الصواب بل في أنواع الشك بغير بيان من الله ولا دليل، ودخلوا فيما يخالف النصوص من البراهين العقلية المعارضة وإذا حققت القضايا العقلية الصريحة، ظهر دلالتها على فساد ما عارضوا به النصوص الصحيحة التي التبست على كثير ووقع بها التلبيس وأنا أذكر ما ذكره أبو عبد الله الرازي من مذاهب أهل النفي والتعطيل وما السبب الذي ضلوا به عن السبيل لتقام المناظرة مقام عدل وإنصاف وإن كان المخالف من أهل الجهل والانحراف قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] وقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46] وأكثر الطالبين للعلم والدين ليس لهم قصد من غير الحق المبين
الشيخ يعني لا يقصدون إلا الحق
لكن كثرتْ في هذا الباب الشبه والمقالات واستولت على القلوب أنواع الضلالات حتى صار القول الذي لا يشك من أوتي العلم والإيمان أنه مخالف للقرآن والبرهان بل لا يشك في أنه كفر بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من رب العالمين قد جهله كثير من أعيان الفضلاء فظنوا أنه من محض العلم والإيمان بل لا يشكون في أنه مقتضى صريح العقل والعيان ولا يظنون أنه مخالف لقواطع البرهان ولهذا كنت أقول لأكابرهم: لو وافقتكم على ما تقولونه لكنت كافرًا مريدًا -لعلمي بأن هذا كفر مبين- وأنتم لا تكفرون لأنكم من أهل الجهل بحقائق الدين ولهذا كان السلف والأئمة يكفرون الجهمية في الإطلاق والتعميم وأما المعين منهم فقد يدعون له ويستغفرون له لكونه غير عالم بالصراط المستقيم وقد يكون العلم والإيمان ظاهرًا لقوم دون آخرين وفي بعض الأمكنة والأزمنة دون بعض بحسب ظهور دين المرسلين فلهذا ذكرت ما ذكره «أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي» المعروف بابن خطيب الري الإمام المطلق في اصطلاح المقتدين به من أهل الفلسفة والكلام المقدَّم عندهم على من تقدمه من صنفه في الأنام القائم عندهم بتجديد الإسلام
الشيخ يسمونه مجدد الإسلام الرازي
حتى قد يجعلونه في زمنه ثانيَ الصديق في هذا المقام لما ردّه في ظنهم من أقاويل الفلاسفة بالحجج العظام والمعتزلة ونحوهم ويقولون: إن «أبا حامد» ونحوه لم يصلوا إلى تحقيق ما بلغه هذا الإمام فضلًا عن «أبي المعالي» ونحوه
الشيخ أبو حامد الغزالي ما وصل إلى ما وصل إليه الرازي فضلا عن أبي المعالي الجويني
ممن عندهم فيما يعظمونه من العلم والجدل بالوقوف على نهاية الإقدام وإن «الرازي» أتى في ذلك من نهاية العقول والمطالب العالية بما يعجز عنه غيره من ذوي الإقدام حتى كان فهم ما يقوله عندهم هو غاية المرام وإن كان فضلاؤهم مع ذلك معترفين بما في كلامه من كثرة التشكيك في الحقائق وكثرة التناقض في الآراء والطرائق وأنه موقع لأصحابه في الحيرة والاضطراب غير موصل إلى تحقيق الحق الذي تسكن إليه النفوس وتطمئن إليه الألباب لكنهم لم يروا أكمل منه في هذا الباب
الشيخ موجود غيره ما عندهم طمأنينة كاملة من كلامه
فكان معهم كالملك مع الحجَّاب وكان له من العظمة والمهابة في قلوب الموافقين له والمخالفين ما قد سارت به الركبان لما له من القدرة على تركيب الاحتجاج والاعتراض في الخطاب وها نحن نذكر ما ذكره «أبو عبد الله الرازي» في كتابه الذي سماه «تأسيس التقديس»
الشيخ عند بعض العلماء يسمى تنجيس التقديس
وضمنه الرد على مثبتي الصفات القائلين بالعلو على العرش وبالصفات الخبرية الواردة في الأحاديث والآيات فإنه استقصى في هذا الباب الحجج التي للجهمية من السمعيات والعقليات وبالغ فيها بأعظم المبالغات
الشيخ السمعيات الكتاب والسنة لأنها تسمع والعقليات الأدلة العقلية لأنها تعقل
إذ صنف الكتاب مفردًا في ذلك مجردًا في أمور الذات وتأول فيه الآيات والأحاديث الواردة في ذلك بما ذكره من أباطيل التأويلات وذكر فيه ما ذكره من حجج مخالفيه وأجاب عنها بما أمكنه من الجوابات فكان عمدتهم في هذا الباب فإذا عرف نهاية ما عند القوم من الدلائل والمقالات
الشيخ يعني ما عندهم ما يسمونه الأدلة العقلية هذه نهايتهم بعد ذلك من هداه الله تبين له أنه مخالف للكتاب والسنة هذا نهاية ما عندهم
كانت معرفة ذلك من أعظم نعم الله على من هداه من أهل العلم والإيمان فإنه يزداد بذلك يقينًا واستبصارًا فيما جاء به القرآن والبرهان ويتمكن من ذلك من نصر الله ورسوله بالغيب وبيان ما في هؤلاء المخالفين للكتاب والسنة من العيب ونحن ننبه عندما يذكره من أصول الكلام على توصله إلى معرفة حقيقة ذلك المقام وهذا الكتاب الذي صنفه الرازي على عادته وعادة أمثاله من المتفلسفة والمتكلمين
الشيخ يعني تأسيس التقديس
في تصنيف الكتب لعظماء الدنيا من الملوك والوزراء
الشيخ إن أراد يؤلف الكتاب الفلاني يؤلفه للملك الفلاني يهديه له حتى يأخذ عليه كذا مثل منهاج السنة الذي رده على الرافضي ابن المطهر الحلي كتابه كذا مهديه لبعض الملوك خدابنده يهدونه ويأخذون.. عنه وهذا كذلك تأسيس التقديس
لعظماء الدنيا من الملوك والوزراء والقضاة والأمراء وذويهم ليُنَفِّقُوا بجاه هؤلاء كلامهم حقًّا كان أو باطلًا وسواء قصدوا به وجه الله أو قصدوا به العلو في الأرض أو الفساد وكان ملك الشام ومصر في زمانه الملك العادل أبو بكر بن أيوب فصنفه وأهداه له ظنًا أنه بجاهه ينتشر واعتقادًا فيه أنه يختار مذهب أهل النفي ولم يكن الملك من هؤلاء النفاة كما أخبر بذلك عنه ابنه الأشرف وغيره بل ظهر من سيرته ما يدل على محبة وتعظيمه لأهل الإثبات والله أعلم بحقيقة ما له في الدقائق المشكلات والمعروف عنه وعن أهل بيته من تعظيم الحديث وأهله والقيام بإحياء ذلك ينافي الطريقة التي نصرها الرازي في «تأسيس تقديسه» وإن كان في أهل بيته من يميل إلى النفي ومنهم من يميل إلى الإثبات فلعله كان في بعض حاشيته من يميل إلى النفي وكان للرازي من الشهرة ما أوجب استعانة النفاة به والله أعلم بأمثال هذه الأحوال وقد ذكر في خطبة كتابه ما هو من جنس خطب الجهمية التي كان يخطب بمثلها أحمد بن أبي دؤاد على طريقة بشر المَرِيسي وذويه فقال في خطبته
الشيخ هذه خطبة الرازي في تأسيس التقديس
«المتعالية عن شوائب التشبيه والتعطيل صفاته وأسماؤه» وهذا حق ثم قال: «فاستواؤه: قهره واستيلاؤه
الشيخ يعني الاستواء فسره بالقهر
ونزوله: بره وعطاؤه
الشيخ النزول فسره بالبر تأويل أنكر الاستواء وأنكر النزول
ومجيئه: حكمه وقضاؤه
الشيخ المجيء وجاء ربك الحكم والقضاء تأويل
ووجهه: وجوده أو جوده وحباؤه
الشيخ الوجه فسره بالذات يعني قال ما أريد وجه الله قالوا (25.27) وبعضهم قالوا الوجه زائدة ويبقى وجه ربك يعني ربك والوجه زائدة
وعينه: حفظه وعونه: اجتباؤه وضحكه: عفوه أو إذنه وارتضاؤه ويده: إنعامه وإكرامه واصطفاؤه»
الشيخ يعني الصفات كلها أولها
ثم قال: «وإني وإن كنت ساكنًا في أقصى بلاد المشرق إلا أني سمعت أهل المشرق والمغرب مطبقين متفقين على أن السلطان المعظم العالم العادل المجاهد سيف الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين أفضل سلاطين الحق واليقين «أبا بكر بن أيوب» لا زالت آيات راياته في تقوية الدين الحق والمذهب الصدق متصاعدة إلى عَنَان السماء
الشيخ يريد يهدي له الكتاب حتى يؤيده
وآثار أنوار قدرته ومكنته باقية بحسب تعاقب الصباح والمساء أفضل الملوك وأكمل السلاطين في آيات الفضل وبينات الصدق وتقوية الدين القويم ونصرة الصراط المستقيم فأردت أن أتحفه بتحفة سنية وهدية مرضية فأتحفته بهذا الكتاب
الشيخ تأسيس التقديس أهداه هذا الكتاب
الذي سميته «بأساس التقديس» على بعد الدار وتباين الأقطار»
الشيخ أساس التقديس أو تأسيس التقديس
عنوان جانبي تعقيب المؤلف على خطبة الرازي في أساس التقديس قال رحمه الله تعالى:
قلت: وفي إظهاره من جهة المشرق ما لم يرد به الكتاب والسنة بل يخالف ذلك مطلقًا، من اجتناب ذلك واتقائه حيث قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم إخباره بأن الفتنة ورأس الكفر من المشرق الذي هو مشرق مدينته كنجد وما يشرق عنها كما في الصحيحين عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: «ألا إن الفتنة من ههنا -يشير إلى المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان» وفي رواية «قال -وهو مستقبل المشرق-: إن الفتنة ههنا ثلاثًا» وذكر في رواية لمسلم: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة قال: «رأس الكفر من ههنا ومن حيث يطلع قرن الشيطان» وأخرجاه من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول: «ألا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان» ورواه البخاري من حديث عبد الله بن عون عن نافع عن ابن عمر ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا قال: اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا فأظنه قال في الثالثة: هناك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان» وفي الصحيحين من حديث الأعمش عن أبي صالح ذكر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبًا وأرق أفئدة والإيمان يماني والحكمة يمانية ورأس الكفر قبل المشرق» وفي رواية: «والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة والوقار في أهل الغنم» ورواه البخاري من حديث أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمان يماني، والفتنة ههنا، ههنا حيث يطلع قرن الشيطان» ورواه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمان يمان والكفر قبل المشرق والسكينة في أهل الغنم والفخر والرياء في الفدّادين أهل الخيل والوبر» ورواه مسلم أيضًا من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جاء أهل اليمن، أرق أفئدة وأضعف قلوبًا، الإيمان يمان، الحكمة يمانية، السكينة في أهل الغنم، والفخر والخيلاء في الفدَّادين أهل الوبر، قبل مطلع الشمس» ولا ريب أنه من هؤلاء ظهرت الردَّة وغيرها من الكفر من جهة «مسيلمة الكذاب» وأتباعه و«طليحة الأسدي» وأتباعه و«سجاح» وأتباعها، حتى قاتلهم «أبو بكر الصديق» ومن معه من المؤمنين، حتى قتل من قتل، وعاد إلى الإسلام من عاد مؤمنًا أو منافقًا
عنوان قال «الرازي»: «ورتبت الكتاب على أربعة أقسام، القسم الأول: في الدلائل الدالة على أنه تعالى منزه عن الجسمية، والحيز وفيه فصول
الفصل الأول: في تقرير المقدمات التي يجب إيرادها قبل الخوض في الدلائل وهي ثلاثة
المقدمة الأولى ادعاء الرازي إثبات الوجود لا يشار إليه بالحس
الشيخ والكتاب كله هكذا العناوين الجانبية مع هذه المقدمة تطلع كتيب مستقل مع المقدمة تعطيك تصور عن الكتاب
قال رحمه الله تعالى وهي ثلاثة
المقدمة الأولى: اعلم أنا ندعي وجود موجود لا يمكن أن يشار إليه بالحس أنه ههنا أو هنالك أو نقول: إنا ندعي وجود موجود غير مختص بشيء من الأحياز والجهات أو نقول: إنا ندعي وجود موجود غير حال في العالم ولا مباين عنه في شيء من الجهات الست التي للعالم وهذه العبارات متفاوتة والمقصود من الكل شيء واحد»
رد المؤلف على الرازي في دعواه أن للعالم ست جهات
الشيخ العالم له جهتان علو وسفل كل العالم الثابت الآن ما فيه إلا جهتين علو وسفل الست إنما هي للمتحرك مثل ما للآدميين الامام والخلف واليمين والشمال وهذه إذا تغيرت تتغير صار الامام خلف لكن السماء والأرض ما لها إلا علو وسفل الأرض علو وسفل في السماوات كلها ثابتة كل الموجودات الآن في الاجرام كلها الآن ثابتة ما لها إلا علو وسفل أما الجهات الست هذه للحيوانات المتحركة والآدميون الذين يتحركون لهم الجهات الست أمام وخلف ويمين وشمال
سؤال والإنسان
الشيخ نعم والإنسان متحرك
قال قلت: قوله: «من الجهات الست التي للعالم» قد يستدرك عليه كما قرره في هذا الكتاب وغيره فإن العالم ليس له ست جهات بل ليس له إلا جهتا العلو والسفل فقط وإنما الجهات الست للحيوان كالإنسان وغيره من الدواب الذي يؤم جهة فيكون أمامَها ويُخَلِّفُها فتكون خلفه وتحاذي أعلاه وأسفله ويمينه وشماله فلو قال من الجهات الست وسكت لكان أجود لأن الجهات الست حينئذٍ تكون للإنسان ونحوه أو لو قال: من الجهات الست التي للحيوان ولكن المقصود بكلامه معروف وهو دعواه ودعوى موافقيه النفاة وهم الجهمية عند السلف وأهل الحديث وأتباعهم فإن أول من أظهر هذه المقالة المنافية للإسلام ودعا إليها واتبع عليها «الجهم» فمقصوده ذكر دعواه ودعوى هؤلاء النفاة معه وجود موجود غير حال في العالم ولا مباين له
الشيخ ماذا يكون؟ يكون عدم هكذا يقول لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايث له ولا متصل به ولا منفصل عنه ماذا يصير لو تصف المعدوم بأكثر من ذلك لما استطعت لا داخل العالم ولا خارجه هذا مستحيل نفي النقيضين لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايث له محايث من الداخل لا داخل ولا خارج ولا متصل ولا منفصل ماذا يكون مستحيل هذا هذا هو المستحيل نسأل الله السلامة والعافية والجهمية والمتأخرون يقولون بهذا الجهمية طائفتان الجهمية الحلولية قالوا حال في كل مكان والجهمية النفاة هم الذين ينسبون النقيضين لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايث له أيهما أشد كفرا النفاة أكثر النفاة المتأخرين أشد كفرا وإن كان كل من القولين كفر مقالة كفرية لكن هذه أشد
طالب معدوم
الشيخ بل مستحيل أشد من المعدوم سلب النقيضين هذا أشد من العدم نسأل الله السلامة والعافية
قال «الرازي» : «ومن المخالفين من يدعي: أن فساد هذه المقدمات معلوم بالضرورة وقالوا: لأن العلم الضروري حاصل بأن كل موجودَيْن فإنه لا بد وأن يكون أحدهما حالًّا في الآخر أو مباينًا عنه مختصًّا بجهة من الجهات الست المحيطة به قالوا: وإثبات موجودَيْن على خلاف هذه الأقسام السبعة باطل في بديهة العقل» قلت: الذي يدعيه هؤلاء: أن كل موجودَيْن فإنه لا بد وأن يكون أحدهما حالًّا في الآخر أو مباينًا له ويلزم من ذلك أن يكون مختصًّا بعينِ غيره ولا يجب أن يقولوا: إنه لا بد أن يختص بجهة من الجهات الست المحيطة به إلا أنه يجب أن يكون لكل موجود ست جهات وهذا ليس مما يعلم ولا يقوم عليه دليل شرعي ولا عقلي وإن كان قد يَظُنُّ هذا بعض الناس ظنًّا لا دليل عليه بل المعلوم لكثير من الناس بالأدلة الشرعية والعقلية أن العالَمَ ليس له ست جهات بل جهتان العلو والسفل وفي الجملة فمن المعلوم بالضرورة لكل أحد إمكان وجود جسم مستدير وأنه ليس له ست جهات بل جهة أعلاه ومحيطه وجهة سفله ومركزه ومعلوم أن الموجود مع هذا الجسم لا يقول عاقل: إنه يجب أن يكون مختصًا بجهة من الجهات الست المحيطة به إذ ليس له ست جهات بل لا يحيط به إلا جهة واحدة فالمباين له لا يكون مختصًا إلا بجهة واحدة لا بست جهات فهؤلاء يقولون: إثبات موجودين على خلاف هذين القسمين يكون باطلًا بالضرورة وهو أن يكون أحدهما حالًّا في الآخر محايثًا له أو مباينًا له منفصلًا عنه سواء كان مباينته بجهة واحدة أو جهات متعددة إذا عرف ذلك فالقول بأن هذا القول المتضمن إثبات موجودين لا متحايثين ولا متباينين باطل بالضرورة معلوم الفساد بالفطرة وهو قول عامة أئمة الإسلام وأهل العلم كما صرحوا بذلك في مواضع لا تحصى من كلامهم وذكروا أن هذا النفي الذي ذكره جهم مما يعلم بفطرة الله التي فطر الناس عليها أنه باطل محال متناقض لوصفه لواجب الوجود بما هو ممتنع الوجود فهم مع إقرارهم بوجوده وصفوه بما هو نفي وتعطيل وسلب لوجوده وهو قول عامة أهل الفطر السليمة من جميع أصناف بني آدم من المسلمين واليهود والنصارى والمشركين وغيرهم وقد ذكرنا بعض ما في ذلك من كلام الأئمة في غير هذا الموضع
الشيخ يعني الأجرام الآن والسماوات كلها ما لها جهات إلا جهة العلو والسفل هم يقولون هذا العالم مباين للرب لا مباين ولا محايث لا متصل ولا منفصل هذا سلب هذا عدم هذا العالم السماوات والأرضين وغيرها كلها ليس لها إلا العلو والسفل فيها مباينة الله تعالى هذه المخلوقات سقفها عرش الرحمن والله تعالى فوق العرش وتنتهي المخلوقات هو يقول لا لا محايث ولا مباين الله الرب لا داخل ولا خارج ولا متصل ولا منفصل ولا محايث له ولا مباين هذا هو العدم وليس له جهات الاستواء له جهة العلو والسفل الأرض كذلك هذا علو وهذ سفل فقط ما في أمام ولا خلف ولا يمين ولا شمال هذا للحيوانات والآدميين المتحركين الذي يتحرك كلها أمام وخلف ويمين وشمال وفوق وتحت
نقل المؤلف لكلام عبد العزيز الكناني في رده على الجهمية وتكفيرهم قال رحمه الله تعالى:
كما قال عبد العزيز بن يحيى الكناني المشهور، صاحب الشافعي، صاحب «الحيدة» في كتاب «الرد على الزنادقة والجهمية» قال رحمه الله تعالى:
باب قول الجهمي في قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] زعمت الجهمية أن قول الله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] إنما المعنى: استولى كقول العرب: استوى فلان على مصر استوى فلان على الشام يريد: استولى عليها فإن البيان لذلك بأن يقال له: هل يكون خلقٌ من خلقِ الله تعالى أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه؟ فإذا قال: لا قيل له: فمن زعم ذلك فهو كافر يقال له: يلزمك أن تقول: العرش قد أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه ذلك أن الله تعالى أخبر أنه خلق العرش قبل خلق السموات والأرض قال الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[هود: 7] فأخبر أن العرش كان على الماء قبل خلق السموات والأرض ثم خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرًا وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [غافر: 7] وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة: 29]وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11]فأخبر أنه استوى على العرش فيلزمك أن تقول: المدة التي كان العرش فيها قبل خلق السموات والأرض ليس الله بمستول عليه إذ كان استوى على العرش معناه عندك: استولى فإنما استوى بزعمه في ذلك الوقت لا قبله وقد روى عِمرَان بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقبلوا البشرى يا بني تميم» قالوا: قد بشرتنا فأعطنا قال: «اقبلوا البشرى يا أهل اليمن» قالوا: قد قبلنا فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال: «كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء وكتب في اللوح ذكر كل شيء» وروي عن أبي رزين العُقَيلي وكان يعجب النبي صلى الله عليه وسلم مسألته أنه قال: يا رسول الله أين كان الله ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: «كان في عماء فوقه هواء وتحته هواء ثم خلق عرشه على الماء» فقال يعني الجهمي
الشيخ عماء يعني السحاب الرقيق كان في عماء يعني فوق العماء وهذا العماء ما فوقه هواء وما تحته هواء والله تعالى فوقه
فقال يعني الجهمي أخبرني كيف استوى على العرش؟ أهو كما يُقال: استوى فلان على السرير فيكون السرير قد حوى فلانًا وحده إذا كان عليه فيلزمك أن تقول: إن العرش قد حوى الله وحده إذا كان عليه لأنَّا لا نعقل الشيء على الشيء إلا هكذا
باب البيان لذلك يقال له: أما قولك كيف استوى؟ فإن الله لا يجري عليه كيف وقد أخبرنا أنه استوى على العرش ولم يخبرنا كيف استوى فوجب على المؤمنين أن يصدقوا ربهم باستوائه على العرش وحَرَّمَ عليهم أن يصفوا كيف استوى لأنه لم يخبرهم كيف ذلك ولم تره العيون في الدنيا فتصفه بما رأت وحَرَّم عليهم أن يقولوا عليه من حيث لا يعلمون فآمنوا بخبره عن الاستواء ثم ردوا علم كيف استواؤه إلى الله ولكن لزمك أيها الجهمي أن تقول إن الله عز وجل محدود وقد حوته الأماكن إذ زعمت في دعواك أنه في الأماكن
الشيخ إذ يعني حين حين زعمت قد تكون أوضح
لأنه لا يُعقل شيء في مكان إلا والمكان قد حواه كما تقول العرب: فلان في البيت والماء في الجُبِّ والبيت قد حوى فلانًا والجُبُّ قد حوى الماء ويلزمك أشنع من ذلك لأنك قلت أفظع مما قالت النصارى وذلك أنهم قالوا: إن الله عز وجل حلّ في عيسى وعيسى بدن إنسان واحد فكفروا بذلك وقيل لهم: ما أعظم الله تعالى إذ جعلتموه في بطن مريم! وأنتم تقولون: إنه في كل مكان وفي بطون النساء كلها وبدن عيسى وأبدان الناس كلهم
الشيخ يعني ذلك كفر جزئي وهم كفر عام فصار أعظم مقالة أعظم من مقالة النصارى نعوذ بالله نسأل الله السلامة والعافية
طالب هذا يلزم من قال بالحلول
الشيخ نعم يلزم من قال بالحلول يعني النصارى قالوا حل في بدن واحد وهؤلاء قالوا الحلف في الجميع الحلول نوعان حلول خاص وحلول عام وكذلك الاتحادية والاتحادية كفرهم أعظم من كفر الحلولية الاتحادية من قال عنهم يقول لا أنت لا تعرف المذهب لا تعرف سر المذهب الحلولية يقولون اثنان أحدهما حل في الآخر ونحن نقول لا اثنية ولا تعدد يقول ما في شيء واحد اتحد أو امتزج وصار شيئا واحدا يسمى المسيح نحن ما نقول الحلول هم يقولون الذي يقول عن الاتحادية أنتم حلولية يقول ما عرفتم المذهب ما نوافقكم على هذا كفر وضلال الذي يقول حلول عندهم كافر الاتحاد اتحد وامتزج وصار شيئا واحدا لا اثنينية ولا تعدد الحلولية يقولون بالتثنية نسأل الله السلامة والعافية يعني أشد وكذلك الاتحادية قالوا فيه اتحاد عام واتحاد خاص اتحاد المسيح واتحاد كل شيء فصار أربع مذاهب حلولية القول بالحلول الخاص والحلول العام والاتحاد الخاص والاتحاد العام أعظمهم كفرا القول بالاتحاد العام ثم الاتحاد الخاص ثم الحلول العام ثم الحلول الخاص نسأل الله السلامة والعافية
ويلزمك أيضًا أن تقول: إنه في أجواف الكلاب والخنازير لأنها أماكن وعندك أنه في كل مكان تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا! فلما شنعت مقالته قال: أقول إن الله في كل مكان لا كالشيء في الشيء ولا كالشيء على الشي، ولا كالشيء خارجًا عن الشيء ولا مباينًا للشيء
الشيخ ماذا يصير ليس عدم أشد من العدم يسمى هذا استحالة مستحيل ممتنع الممتنع أشد أشد من المعدوم الممتنع هو المستحيل فالجهمية الذين فروا من المشبهة الذين شبهوا الله بالموجود شبهوا بالمعدوم ثم شبهوا بالمستحيل الممتنع نعوذ بالله
باب البيان لذلك: يقال له: أصل قولك القياس والمعقول فقد دلَّلت بالقياس والمعقول على أنك لا تعبد شيئًا، لأنه لو كان شيئًا ما خلا في القياس والمعقول أن يكون داخلًا في الشيء أو خارجًا منه فلما لم يكن في قولك شيءٌ استحال أن يكون كالشيء في الشيء أو خارجًا من الشيء فوصفت شيئًا لا وجود له وهو دينك وأصل مقالتك التعطيل»
تعقيب المؤلف على ما نقله من كتاب الرد على الجهمية للإمام عبد العزيز الكناني قال:
قلت: فقد بيَّن أن القياس والمعقول يوجب أن ما لا يكون في الشيء ولا خارجًا منه فإنه لا يكون شيئًا وأن ذلك صفة المعدوم الذي لا وجود له فالقياس: هو الأقيسة العقلية والمعقول: هو العلوم الفطرية وذكر بعد هذا كلامًا في تمام هذه المسألة لا يناسب هذا المكان
نقل المؤلف
الشيخ قف على هذا بركة