إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبد الله ورسوله وصفيه وخليله من خلقه صلى الله وبارك عليه وعلى آله وعلى إخوانه من النبين والمرسلين وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله وأسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا كما أسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما وألا يجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما كما نسأله سبحانه أن يجعل جمعنا هذا جمع خير وعلم ورحمة تنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده
ثبت في صحيح مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده"
أيها الإخوان إن مجالس الذكر ومجالس العلم وهي منظمة لأجل الذكر مجالس عظيمة يحبها الله ورسوله والملائكة تتبعها فإذا وجدتها قال بعضهم لبعض هذه ضالتكم وما ذاك إلا أن العلم الشرعي هو أفضل العلوم به يتبصر الإنسان ويتفقه في شريعة الله به يعرف الإنسان ربه به يعرف أسماء الله وصفاته ويتعبد بها الذي هو أشرف العلوم به يعرف الإنسان الحلال والحرام به يعرف الأوامر والنواهي ويتعبد لله بما أمر وبما شرع في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أفضل ما أنفقت فيه الأوقات إنما في طلب العلم؛ تعلم العلم وتعليمه وهو من أفضل القربات وأجل الطاعات وأشرف العلوم العلم بالله عز وجل وأسمائه وصفاته تعرف ربك سبحانه وتعالى بأنه واجب الوجود لذاته وأنه سبحانه فوق العرش وأنه الرب وغيره مربوب وأنه الخالق وغيره مخلوق وأنه المالك وغيره مملوك وأنه المدبر وغيره مدبر
بالعلم بالله تعرف أسماء الله وصفاته تعلم أن الله عليم وأنه عزيز وأنه حكيم وأنه قدير وأنه جبار وأنه قهار وأنه فوق العرش وأنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له وأنه يحب الملحين من عباده في الدعاء وأنه سبحانه خزائنه ملأى ويده ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار تعرف أن الله تعالى يجيب الدعاء تعرف أنك لا استطاعة لك في أي عمل وفي أي حركة إلا بالله عز وجل وأن فقرك فقر ذاتي إلى الله كما أن غنى الله غنى ذاتي أنت فقير بالذات إلى الله عز وجل كل الخلائق كلها فقيرة بالذات إلى الله
لولا الله ما قامت السماوات والأرض وما وجد العباد " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إن الله كان حليما غفورا " الله تعالى هو خالق العرش وحملته وهو الحامل للعرش هو الذي حمل العرش بقوته وقدرته سبحانه لا إله إلا هو هو مستحق للعبادة تعرف أن الله هو المعبود بحق وغيره معبود بالباطل كل ما عبد في الأرض من المعبودات فبالباطل والعبادة الحق هي عبادة الله عز وجل كما قال الله عز وجل {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون به هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير "
هذا أشرف العلوم أن تعلم ربك وأسماءه وصفاته وأفعاله لتعبد الله بذلك ثم العلم بأمر الله وبدينه وبشرعه بالأوامر والنواهي تعرف الحلال والحرام وتتعبد الله بما شرع وأنزل كتبه وأرسل رسله ليعبد سبحانه وليعرف بأسمائه وصفاته وليعلم الناس أن الله عليم بكل شيء وأنه محيط بكل شيء وليعرفوه بأسمائه وصفاته وليعبدوه {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " "لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} أشرف العلوم العلم بالله وبأسمائه وصفاته
ثم العلم-النوع الثاني-العلم بدينه وبشرعه بالأوامر وبالنواهي ثم العلم بالجزاء يوم القيامة؛ جزاء الموحدين وما لهم من عاقبة حسنة في الدنيا والعقبى في الآخرة وجزاء من ترك التوحيد أو انتقص شيئا منه في العقبى وفي الأخرى
هذا أشرف العلم ولذلك الله تعالى نوه بالعلماء وبين فضل العلماء ومزيتهم على غيرهم ورفعهم على غيرهم درجات قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} "والعلماء هم ورثة والأنبياء والأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" ورأى هريرة رضي الله عنه أناسا من التابعين خارج المسجد يتكلمون فقال أنتم هاهنا وميراث محمد صلى الله عليه وسلم يقسم في المسجد فأسرعوا يهرعون إلى المسجد فلم يجدوا شيئا يقسم فرجعوا إلى أبي هريرة قالوا يا أبا هريرة ما وجدنا شيئا يقسم قال ما رأيتم قالوا رأينا حلقات –دروس- قال هذا ميراث محمد هذا ما ورث محمد صلى الله عليه وسلم ميراث محمد ليس الدنيا إنما العلم
ولهذا الأنبياء بعثوا لهداية الناس ولم يبعثوا لجمع الدنيا لهذا ما يورث الأنبياء ما يورثون ما تركوه صدقة قال عليه الصلاة والسلام " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " لأنهم ما بعثوا للدنيا بعثوا لهداية الناس والنبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي وله أرض وقف في خيبر وجاءت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي تطلب ميراثها من أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر فقال أبو بكر رضي الله عنه النبي ما يورث عندما قال "نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة" فبقي في نفسها شيء على أبي بكر رضي الله عنه وأبو بكر هو المصيب وفاطمة رضي الله عنها هي سيدة نساء أهل الجنة لكن غلطت وظنت أن النبي صلى عليه وسلم يورث وبين لها الصديق صلى الله عليه وسلم أنه لا يورث ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يورث لكان لزوجاته الثمن ولابنته فاطمة النصف والباقي لعمه العباس -لوكان يورث- لكنه ما يورث الأنبياء ما يورثون إنما ورثوا العلم والله تعالى قرن شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته على أجل مشهود به وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية فهي أعظم شهادة أعظم شهادة الشهادة لله تعالى بالوحدانية من الشاهد؟ المشهود له هو الله بالوحدانية والشاهد الله ثم الملائكة ثم العلماء والشهادة هي شهادة لله تعالى بالوحدانية قال الله تعالى "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله هو العزيز الحكيم" هذه الشهادة العظيمة استشهد فيها العلماء هذا يدل على فضلهم ومزيتهم وفي مقدمة العلماء الرسل الرسل هم اعلم الناس بالله اعلم الناس بالله هم الرسل عليهم السلام ونبينا صلى الله عليه وسلم اعلم الناس وأتقى الناس وأخشى الناس قال عليه الصلاة والسلام " إني لأعلمكم بالله وأخشاكم له "" إن أعلمكم بالله وأخشاكم له لأنا " أو كما قال عليه الصلاة والسلام ومن كان به اعرف فهو منه أخوف ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما كان اعرف الناس بالله يتعبد عبادة عظيمة لا يستطيعها الناس كان صلى الله عليه وسلم يصلي الليل حتى تتفطر قدماه من طول القيام تتشقق عليه الصلاة والسلام فقالت له عائشة " يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا " يفعل هذا تعبدا لله وشكرا له ولتتأسى به أمته عليه الصلاة والسلام وصلى وراءه حذيفة فأطال الصلاة فقال لقد هممت بأمر سوء قالوا وما أردت؟ أن أجلس وأدعه ما استطعت من يستطيع النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة البقرة وآل عمران والنساء خمسة أجزاء مع الترتيل والتدبر لا يمر بآية رحمة إلا وقف يسأل ولا يمر بآية عذاب إلا وقف يتعوذ ولا يمر بآية تسبيح إلا وقف يسبح مع التدبر ثم ركع فكان ركوعه قريبا من قيامه ما يستطيع أحد ثم سجد فكان سجوده كذلك
تقول عائشة كان يسجد السجدة قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية طول السجدة قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية لأنه اعرف الناس بالله عز وجل ومن كان منه اعرف كان منه أخوف وكان إذا وهو يصلي يسمع في صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء المرجل القدر الذي يغلي تحت النار من البكاء صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يملك عينيه إذا صلى بالناس رضي الله عنه هكذا
العلم يورث الخشية لله عز وجل فأعلم الناس بالله هم الأنبياء هم مقدمة العلماء وأعلم الأنبياء الرسل وأعلم الرسل بالله أولو العزم الخمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام هم أولو العزم الخمسة ذكرهم الله في آيتين في سورة الأحزاب {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابن مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}وفي سورة الشورى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا} هؤلاء هم اعلم الناس وأفضل الناس ولهم من القوة والتحمل ما ليس بغيرهم حتى أمر نبينا صلى الله عليه وسلم أن يتأسى بهم قال{اصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} فأعلم الناس بالله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أتقى الناس وأعبد الناس وأفضل الناس وأخشى الناس هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد الناس قال" أنا سيد ولد آدم ولا فخر ثم يليه جده إبراهيم ثم يليه موسى الكليم ثم بقية أولو العزم نوح وعيسى ثم بقية الرسل ثم الأنبياء يلونهم ثم الصديقون
جمع الصديق على وزن فعيل وفى مقدمتهم الصديق الأكبر أبو بكر والصديق هو المؤمن الذي قوي إيمانه وتصديقه حتى أحرق الشبهات والشهوات فلا يصر على معصية من قوة الإيمان والتصديق لا يصر على معصية الصديقين يلون الأنبياء ولما تراءى الناس النجم في السماء قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن أهل الجنة ليترءاون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون النجم الغابر في الأفق المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم بين أهل الجنة هم درجات "لأن أهل الجنة كلهم يدخلون الجنة برحمة الله وبالتوحيد ثم يتقاسمون الدرجات بالأعمال درجات فوق بعض هم يتفاوتون والنبي صلى الله عليه وسلم له الوسيلة وهي أعلى درجة في الجنة " فقالوا يا رسول الله هذه المنازل البعيدة المرتفعة تلك منازل الأنبياء لا ينالها غيرهم فقال عليه الصلاة والسلام بلي والذي نفسى بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا برسله ينالونها "رجال آمنوا وصدقوا برسله الصديقون هذا الصديق الذي لا يصر على معصية ولا يتخلف عن طاعة ثم يأتي الشهداء جمع شهيد والشهيد هو الذي قتل في المعركة قاتل لإعلاء كلمة الله أغلى ما يملكه روحه التي بين جنبيه بذلها رخيصة ثمنا للجنة باعها لله " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " ولهذا الشهيد تغفر ذنوبه ويأمن من الفتان قيل يا رسول الله هل يفتن الشهيد في قبره فقال صلى الله عليه وسلم " كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة " والشهيد أسلف جسده لله فعوض الله روحه جسدا آخر تتنعم (16,10) كما في الحديث الصحيح "إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش " المؤمن تنقل روحه في الجنة إذا مات ولها صلة بالجسد والكافر تنقل روحه إلى النار ولها صلة بالجسد الروح ما تموت الروح كتب لها البقاء فالجسد يبلى ويكون ترابا والروح باقية في نعيم أو في عذاب والمؤمن تنقل روحه إلى الجنة ولها صلة بالجسد وينال الجسد والروح ما قدر له والكافر تنقل روحه إلى النار ولها صلة بالجسد لكن تنعم روح الشهيد أعلي وأعظم من تنعم روح المؤمن غير الشهيد فالمؤمن تتنعم روحه وحدها تأخذ شكل طائر كما في الحديث "نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة" حتى يبعثها الله أو كما جاء في الحديث حتى يرجعه الله إلى جسده نسمة المؤمن طائر يعلق يعني يأكل في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم القيامة وأما الشهداء فإن أرواحهم تتنعم بواسطة حواصل طير خضر في الحديث "إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة فترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش " فتنعم روح الشهيد أكمل من تنعم روح المؤمن غير الشهيد لأن الشهيد أتلف جسده لله فعوض الله روحه جسدا آخر تتنعم ما شاء ثم يلي الشهداء الصالحون وهم المؤمنون سائر المؤمنين وهم ثلاث طبقات الطبقة الأولى السابقون بالخيرات وهم الذين أدوا الفرائض والواجبات ثم تقربوا إلى الله بالنوافل والمستحبات وتركوا المحرمات وتركوا أيضا المكروهات كراهة تنزيه وتركوا التوسع في المباحات هؤلاء السابقون ثم المقتصدون أصحاب اليمين اقتصروا على أداء الواجبات والفرائض لكن ما عندهم نشاط في فعل المستحبات والنوافل واقتصروا على ترك المحرمات لكن ما عندهم نشاط في ترك المكروهات كراهة تنزيه والتوسع بالمباحات وكل من السابقين المقربين وأصحاب اليمين يدخلون الجنة من أول وهلة لأنهم أدوا ما عليهم بقي القسم الثالث الظالمين لأنفسهم هم مؤمنون موحدون وحدوا الله وأخلصوا له العبادة ماتوا على التوحيد ولم يقع في عملهم شرك لكن قصروا في بعض الواجبات أو ارتكبوا بعض المحرمات وماتوا من غير توبة هؤلاء الظالمون لأنفسهم ظلموا أنفسهم بأي شيء بالتقصير في بعض الواجبات أو بفعل المحرمات التوحيد سليم توحيدهم سليم ماتوا على التوحيد ما عندهم شرك لكن أضعف هذا التوحيد فعل المعاصي فهم على خطأ منهم من يعفى عنه دخلوا في قوله " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " ومنهم من يعذب في قبره كما في قصة حديث ابن عباس " لما مروا بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فقال يخفف عنهما لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " ومنهم من تصبه أهوال وشدائد في موقف القيامة ومنهم من يؤمر بدخوله في النار فيشفع فيه فيشفع الله فيه الشفعاء قبل أن يدخل النار فلا يدخلها ومنهم من يدخل النار ويعذب بل تواترت الأخبار أنه يدخل النار جملة من أهل التوحيد وأهل الصلاة مؤمنون موحدون مصلون ولا تأكل النار موضع السجود لماذا دخلوا النار دخلوها بالكبائر وماتوا من غير توبة مؤمن موحد ومصلي هذا مات على الزنا من غير توبة هذا مات على الربا من غير توبة هذا مات على عقوق الوالدين هذا مات على قطيعة الرحم هذا مات على الغيبة وعلى النميمة إلى غير ذلك من الكبائر فهؤلاء يشفع الله فيهم الشفعاء وثبت في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع أربع مرات فكل مرة يحد الله له حدا بالعلامة يقول الله له أخرج من كان في قلبه مثقال برة أو حبة من إيمان ثم يقال له أخرج من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل مثقال برة مثقال حبة خردل ثم أدنى مثقال حبة من خردل ثم يقال في المرة الرابعة أخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من الإيمان فيخرجهم بالعلامة وهذا يدلك على أي شيء؟ يدلك على أن الإيمان لا ينتهي بالمعاصي المعاصي قد تضعف الإيمان حتى لا يبقى منها أدنى أدنى مثقال حبة من خردل لكن ما ينتهي متى ينتهي إذا جاء الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر أو النفاق الأكبر هو الذي يقضي على التوحيد أما المعاصي ولو عظمت ما تقضي على التوحيد لكن تضعفه حتى يبقى جزء منه يخرج به من النار وكذلك الأنبياء يشفعون وكذلك الملائكة يشفعون وكذلك الأفراط يشفعون الصالحون يشفعون وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته فيقول الرب سبحانه شفعت الملائكة وشفع الأنبياء ولم يبقى إلا رحمة أرحم الراحمين فيخرج قوما من النار لم يعمل الخير قط يعني زيادة على التوحيد والإيمان هكذا هذا التوحيد وهؤلاء المؤمنون هذه طبقاتهم قال الله تعالى {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا}وهذا العلم الشرعي فضله عظيم وصاحب العلم الشرعي محسود حسد غبطة قال عليه الصلاة والسلام لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله علما فهو يعلم آناء الليل وآناء النهار –وفي لفظ: رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها- ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار" والعلم له فضل وله مزية حتى الحيوانات المتعلمة لها مزية الكلب المعلم له خصائص يجوز أكل صيد ما صاده الكلب المعلم ولا يجوز أكل ما صاده الكلب غير المعلم مزية العلم كل يتمنى العلم وكل ينفر من الجهل فجدير بالمؤمن وطالب العلم أن تكون له عناية في طلب العلم والتعلم وأخذ العلم من أفواه العلماء ومن الكتب كتب أهل العلم بعض السنن العقيدة والسؤال عما أشكل عليه وسؤال الله أن يرزقه العلم فإن بالرزق يرزقه الله الرزق نوعان رزق القلوب ورزق الأبدان رزق الأبدان هذا عام للناس والدواب والحيوانات والآدميين من طعام وشراب والثاني رزق القلوب وهو العلم
اللهم رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني الذكر هذا رزق القلوب ورزق الأبدان رزق الأبدان الطعام والشراب والحيوانات ورزق القلوب العلم نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ويرزقنا البصيرة في دينه والفقه في شريعته إنه ولي ذلك والقادر عليه
وهذا اليوم العلمي كما سمعتم مخصص لسورة الفاتحة هذه السورة العظيمة التي لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها سورة عظيمة جمع فيها جميع ما في القرآن من المعاني والحكم جمع ما في الكتب المنزلة التي أنزلها الله على الأنبياء كله جمع ما فيه في القرآن وجمع ما في القرآن في الفاتحة وجمع ما في الفاتحة في قوله إياك نعبد هي السر الذي لأجله خلق الله الخلائق إياك نعبد إياك نعبد فيه تقديم الظرف وهو يفيد الحصر والمعنى نعبدك ولا نعبد إلا إياك ومعنى إياك نعبد هو معنى لا إله إلا الله بالنفي والإثبات ما في توحيد إلا بأمرين نفي وإثبات لا يمكن التوحيد إلا بأمرين النفي والإثبات فإن قال الإنسان أنا أعبد الله هل أنا موحد نقول لا ما يكفي تعبد الله وتنفي العبادة عن غيره لابد من النفي لأنك قد تعبد الله وتعبد غيره مثل المشركين كانوا يعبدون الله ويعبدون غيره ويعبدون الأصنام والأوثان ما يكفي كونك تعبد الله بل تعبد الله وتنفي العبادة عن غيره فالتوحيد قائم على أصلين
الأصل الأول نفي العبادة عن غير الله نفي التأله والعبادة لغير الله بأن تعتقد ببطلان عبادة ما سوى الله وتتركها وتنفيها وتبغضها وتعادي أهلها وتكفرهم هذا هو الكفر بالطاغوت براءة من كل معبود وعبادة ما سوى الله ثم تفرد الله بالعبادة تتحلى ثم تتخلى التخلية قبل التحلية الأول تتخلى عن عبادة ما سوى الله وتنكر عبادة من سوى الله ثم تتحلى بالإيمان بالله التخلي قبل التحلي هذه السورة العظيمة هي سبع آيات بالاتفاق اتفق العلماء على أنها سبع آيات ولكن اختلفوا في عدها على قولين القول الأول أن الآية الأولى بسم الله الرحمن الرحيم والآية الثانية الحمد لله رب العالمين والآية الثالثة الرحمن الرحيم والآية الرابعة مالك يوم الدين والآية الخامسة إياك نعبد وإياك وإياك نستعين والآية السادسة اهدنا الصراط المستقيم والآية السابعة طويلة صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين هذا الذي ذهب إليه بعض العلماء وهو الموجود في المصاحف الآن والمصحف لو فتحته الآن تجد بسم الله الرحمن الرحيم رقم واحد المصاحف الموجودة على هذا القول أن البسملة هي الآية الأولى القول الثاني أن الآية سبع آيات وليست البسملة منها البسملة ليست آية من الفاتحة وإنما الآية الأولى الحمد لله رب العالمين والآية الثانية الرحمن الرحيم والآية الثالثة مالك يوم الدين والآية الرابعة إياك نعبد وإياك وإياك نستعين والآية الخامسة اهدنا الصراط المستقيم والآية السادسة صراط الذين أنعمت عليهم والآية السابعة غير المغضوب عليهم ولا الضالين أي القولين أصوب الصواب القول الثاني وأن البسملة ليست آية من الفاتحة وإنما قراءتها مستحبة التعوذ والبسملة مستحب هذا هو الصواب والدليل على هذا ما ثبت في صحيح مسلم أولا سورة الفاتحة لها أسماء من أسمائها الفاتحة ومن أسمائها فاتحة الكتاب من أسمائها أم القرآن أم الكتاب من أسمائها الحمد من أسمائها الصلاة من أسمائها الشافية من أسمائها السبع المثاني إذا كانت هذه الأسماء تدل على العناية بهذا الشيء الرسول صلى الله عليه وسلم له أسماء محمد وأحمد والحاشر والمقفي السيف يقال له ثلاثمائة اسم والأسد يقال له خمسمائة اسم الهزبر والضرغام والله تعالى له أسماء كثيرة لا تحصى أسماء الله هل استطاع أحد أن يحصي أسماء الله لا قال بعض العلماء لله ألف اسم لكن الحديث حديث ابن مسعود دل على أن هناك أسماء استأثر الله بها في علم الغيب عنده لا يعلمها أحد في حديث ابن مسعود "اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك "إذا في أسماء استأثر الله بها في علم الغيب عنده لا يعلمها أحد فمن أسمائها الصلاة سميت الصلاة لأنها جزء من الصلاة والشيء يسمى بجزئه ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى –حديث قدسي يعني من قول الله لفظا ومعنى إذا قال النبي قال الله هذا يسمى حديث قدسي من كلام الله لفظا ومعنى مثل حديث أبي ذر قال الله يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي" قال الله –حديث أبي هريرة-" قال الله أنا أغنى الشركاء عن الشرك " هذا من كلام الله لفظا ومعنى مثل القرآن إلا أن كلام الله يتفاضل والقرآن له أحكام يقرأ في الصلاة ويتعبد بتلاوته ولا يمسه إلا متوضئ وأما الحديث القدسي فلا يقرأ بالصلاة ولا يتعبد بتلاوته ولا يقرأ في الصلاة يقول الله تعالى في هذا الحديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين قسمت الصلاة يعني الفاتحة سماها الصلاة لأنها جزء من الصلاة قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي فإذا قال الرحمن الرحيم قال الله أثنى علي عبدي فإذا قال مالك يوم الدين قال الله مجدني عبدي فإذا قال العبد إياك نعبد وإياك نستعين قال الله هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل وإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليه غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل وجه الدلالة أنه قال فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين لو كانت البسملة هي الآية الأولى لقال فإذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم قال فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال حمدني عبدي فدل على أن الآية الأولى هي الحمد لله رب العالمين وليست بسم الله الرحمن الرحيم وهذا هو الصواب من القولين خلاف ما هو موجود في المصاحف أن الآيات آيات الفاتحة سبع بدون البسملة والبسملة والتعوذ سنة والبسملة قيل إنها آية من أول كل سورة وقيل إنها آية الفصل بين السور وقيل إنها بعض آية في كلام لأهل العلم في أقوال لأهل العلم لكن الصواب أنها ليست آية من الفاتحة ومن خصائص الفاتحة أنه لا بد من قراءتها أنها تقرأ في الصلاة لابد من قراءتها هذا هو الصواب الذي عليه الجماهير خلافا لبعض الأحناف القائلين بأنه يجوز أن تقرأ في الصلاة غير الفاتحة لقوله تعالى فاقرءوا ما تيسر منه ولقوله للمسيء في صلاته اقرأ ما تيسر من القرآن فاستدلوا بهذا وقالوا لو قرأ الفاتحة كفاه لكن هذا قول ضعيف مرجوح الصواب الذي عليه الجماهير أنه لا بد من قراءة الفاتحة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب لا بد من قراءتها وهي ركن في حق الإمام والمنفرد ركن في حق الإمام والمنفرد لو تركها الإمام أو المنفرد لم تصح صلاته ركن في الصلاة لا تصح الصلاة لمن ترك الفاتحة إماما أو منفردا لكل ركعة الصواب لكل ركعة قال بعض العلماء يكفي في بعض من الركعات والصواب لا بد من قراءتها في كل ركعة وأما المأموم ففيه خلاف فيه ثلاثة أقوال لأهل العلم
القول الأول أنها لا تجب على المأموم لا في الصلاة الجهرية ولا في الصلاة السرية وهذا قول ضعيف
القول الثاني أنها تجب في الصلاة السرية والصلاة الجهرية
القول الثالث أنها تجب في الصلاة السرية ولا تجب في الصلاة الجهرية جمهور العلماء على أن قراءة الفاتحة في الجهرية لا تجب وأن عليه أن يسمع يستمع وينصت ولهم أدلة والقول الثاني لأهل العلم أنه يجب قراءتها على المأموم ولو في الجهرية فإن كان للإمام سكتات قرأ في السكتات وإلا سردها واستمع ثم استمع لعموم قوله " لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب " ولقوله صلى الله عليه وسلم " لعلكم تقرءون خلف الإمام قالوا نعم قال لا صلاة إلا بأم القرآن لأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها " وهذا هو الصواب الذي أفتي به وهو اختيار الإمام البخاري وجماعة وهو اختيار سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله وهو الأحوط والأبرأ للذمة أنها لا تسقط عن المأموم إلا إذا جاء والإمام راكع إذا جاء والإمام راكع أو جاء في آخر القيام ولم يتمكن سقطت عنه لحديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف ودب دبيبا حتى دخل في الصف فلما سلم قال النبي صلى الله عليه وسلم " زادك الله حرصا ولا تعد " ولما يأمره بقضاء الركعة لا تعد تركع قبل الصف فتسقط إذا جاء والإمام راكع فتسقط إذا جاء في آخر التشهد فتسقط إذا نسيها على المأموم وتسقط إذا قلد من يقول من أهل العلم بعدم وجوبها فهي واجب مخفف في حق المأموم هذا هو الصواب أنها واجب في حق المأموم وذهب الإمام البخاري وجماعة أنها لا تسقط إذا جاء والإمام راكع يقضي الركعة عند البخاري وجماعة عند البخاري وجماعة والبخاري له مؤلف سماه جزء قراءة خاص يرى أن الفاتحة لا تسقط بحال إذا جاء والإمام راكع يقضي تلك الركعة لأنه ما قرأ الفاتحة ولكن الصواب جمعه بين الأدلة وكما سمعتم أنها واجب مخفف تسقط في حالات إذا جاء والإمام راكع أو جاء في آخر القيام ولم يتمكن من قراءتها أو نسي قراءتها أو قلد من يقول من أهل العلم أفتاه أحد من أهل العلم بأنها لا تجب فقلده في هذه الحالة تسقط
والفاتحة مشتملة على إحدى عشرة شدة لا بد من الإتيان بها ولو ترك حرف منها ما صحت الصلاة إحدى عشر شدة فيها كيف تعدها الحمد لله هذه الشدة الأولى رب العالمين الرحمن الرحيم الدين إياك نعبد وإياك نستعين الصراط الذين ولا الضالين الضاد واللام إحدى عشر شدة وإذا لحن في قراءة الفاتحة فله حالتان الحالة الأولى أن يكون لحنا يحيل المعنى هذا يبطل الصلاة لا بد أن يأتي بها يصحح الخطأ ولا تبطل الصلاة اللحن الذي يحيل المعنى مثال ذلك اللحن الذي يحيل المعنى لو قال إياك نعبد خطاب للأنثى ترد عليه تقول إياك وهو يقرأ الإمام قال إياك قل إياك إذا عدلها قرأها صحيحة صحت الصلاة وإذا استمر وقال إياك ما صحت الصلاة واختلف المعنى غير المعنى خطاب للأنثى إياك وكذلك إذا قال أهدنا الصراط المستقيم هي اهدنا من الهداية وأهدنا من الهدية قال أهدنا الصراط المستقيم ترد عليه تقول اهدنا فإذا قال أهدنا قل اهدنا فإذا قال أهدنا واستمر ما صحت الصلاة غير المعنى ما عدل ومثال أيضا صراط الذين أنعمت عليهم لو قال أنعمت عليهم نسب النعمة إليه هو الله هو المنعم إذا قال أنعمت عليه ترد عليه تقول أنعمت عليهم فإذا قال أنعمت تقول أنعمت قل أنعمت فإن عدل صحت الصلاة وإن استمر على الخطأ ما صحت الصلاة لا بد من الانتباه لهذا أما اللحن الذي لا يحيل المعنى فهذا لا يبطل الصلاة مثل الحمد لله رب العالمين أو قال صراط الذين أنعمت عليهم أو قال مالك يوم الدين هذا لحن لكن لا يغير المعنى لكن ما ينبغي للإنسان أن يلحن ويكون إماما للناس الإمام ينبغي أن يضبط قراءة الفاتحة وهذه الفاتحة أمرها عظيم خطرها جسيم فيها إثبات جميع المحامد لله عز وجل وأن الله تعالى هو المستحق لجميع أنواع المحامد (ال) للاستغراق جميع أنواع المحامد كلها ملك لله وفيه إثبات ربوبية الله هو رب العالمين الله هو الرب وغيره مربوب وهو الخالق وغيره مخلوق قال مالك يوم الدين وفي قراءة ملك يوم الدين فهو المالك سبحانه وتعالى وغيره مملوك والعالمين كل ما سوى الله عالم كل ما سوى الله عالم الآدميين والجن والبهائم والحيوانات والسماوات والأرضين والبحار كلها عالم كل ما سوى الله عالم وأنا وأنت واحد من ذلك العالم وكل هذه العوالم مربوبة لله الله سبحانه وتعالى مربيها خالقها وموجدها ومدبرها وهو المتصرف فيها الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين يوم القيامة وهو الجزاء والحساب خصص يوم الدين بالملك لأنه تنقطع الأملاك يوم القيامة وليس لأحد التصرف إلا لله وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله الأملاك كلها تنقطع لا يملك الدنيا فيه في ملوك وفي رؤساء لكن في يوم القيامة ما في. مالك يوم الدين " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " إياك نعبد نخصك بالعبادة وهي اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة جميع أنواع العبادة لله الدعاء والذبح والنذر والصلاة والصيام والزكاة والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وكف الأذى كل هذا تعبد لله إياك نعبد وإياك نستعين نخصك بالاستعانة إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم اهدنا يعني أرشدنا ودلنا ووفقنا والواضح منها هداية التوفيق والإلهام فهو الموفق وهو الملهم اهدنا الصراط المستقيم والهداية أنواع الهداية الأولى هداية عامة تشمل جميع المخلوقات الآدميين والحيوانات وغيرها هذه الهداية العامة "الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" من ذلك هداية الطيور إلى أوكارها وهداية الطفل إلى ثدي أمه "والذي قدر فهدي"
والنوع الثاني هداية خاصة بالآدميين وهي هداية الدلالة والإرشاد هداية الدلالة والإرشاد والبيان والإيضاح هذه تكون هداية عامة ويملكها الأنبياء والصالحون يدعون إلى الله " وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم " يعني ترشد وتدل والثانية هداية التوفيق والإلهام والسلام هذه لا يملكها إلا الله في قوله {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " عندما توفي أبو طالب الله تعالى عزاه وأنزل {إنك لا تهدي من أحببت} لما توفي على الشرك
والرابعة هداية أهل الجنة إلى بيوت الجنة وهداية أهل النار إلى مكانهم في النار {فاهدوهم إلى صراط الجحيم} في الكفار وفي المؤمنين سيهديهم ويصلح بالهم في الحديث " أن الرجل أهدى لبيته في الجنة منه إلى بيته في الدنيا " أو كما جاء في الحديث
اهدنا الصراط المستقيم الصراط المستقيم هو دين الإسلام ودين الإسلام هو ما جاء به الرسل عليهم السلام وهو الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه
صراط الذين أنعمت عليهم الذين أنعم الله عليهم من هم أربعة أقسام مذكورون في سورة النساء النبيون والصديقون والشهداء والصالحون أنعمت عليهم
غير صراط المغضوب عليهم المغضوب عليهم الذين يعلمون ولا يعملون وفي مقدمتهم اليهود ولا الضالين ولا صراط الضالين وهم الذين يتعبدون على جهل وضلال وفي مقدمتهم النصارى فالسورة فيها إثبات ربوبية الله رب العالمين وفيها إثبات الألوهية لقوله لله الإله هو المألوه المعبود قال ابن عباس الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ويؤخذ توحيد العبادة من قوله لله ومن قوله إياك نعبد وتوحيد الربوبية رب العالمين وتوحيد الأسماء والصفات من الحمد لأن الله تعالى محمود على ما له من صفات الكمال
الرحمن الرحيم فيه إثبات اسم الرحمن واسم الرحيم وصفة الرحمة وأن الله تعالى ذو رحمة يرحم بها عباده وفيها إثبات العبادة لله عز وجل وفيها إثبات الوحدانية لله عز وجل وإثبات الربوبية وإثبات الأسماء والصفات وكذلك إياك نعبد فيها إثبات الملائكة وإثبات الكتب والرسل لأنها تعبد لله تعالى بما شرع وبما أنزله في كتابه أنزل علينا أخبار عن الملائكة وعن الكتب وعن الرسل اهدنا الصراط المستقيم فيها رد على أهل البدع جميعا القدرية والجبرية وعلى أهل البدع اهدنا الصراط المستقيم ليس فيه بدعة مستقيم
صراط الذين أنعمت عليهم قسم الناس ثلاثة أقسام منعم عليهم ومغضوب عليهم وضالون المغضوب غير المنعم عليهم هم الذين يعلمون ولا يعملون
هذا هم الرسل وأتباعهم منعم عليهم يعلمون ويعملون والذي يعلم ويعمل يسمى راشد والطائفة الثانية المغضوب عليهم وهم الذين يعلمون ولا يعملون وهذا يسمى غاوي يسمى غاوي الذي يعلم ولا يعمل غاوي
والطائفة الثالثة الذين يعملون بلا علم وهنا يسمى ضال الناس ثلاث أقسام راشد وغاوي وضال فأنت تسأل الله أن يهديك طريق المنعم عليهم حتى تكون من الراشدين وتسأل الله أن يجنبك طريق المغضوب عليهم كاليهود وأشباههم قال سفيان بن عينة "من فسد من علمائنا ففيه شبه باليهود ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى " وقد برأ الله سبحانه نبيه الكريم من داء الغواية والضلالة فقال سبحانه وتعالى " والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى " ليس ضالا ولا غاويا بل هو راشد عليه الصلاة والسلام وفيها أيضا في هذه السورة إثبات الربوبية وإثبات الألوهية وإثبات الصفات وإثبات الملائكة والكتب وإثبات الرسل وإثبات اليوم الآخر مالك يوم الدين والجزاء على الأعمال وهذه السورة أيضا تسمى الشافية رقية يرقى بها كما في صحيح البخاري في قصة الصحابة الذين استضافوا قوما من العرب فلم يضيفوهم فلما تجاوزوهم لدغ سيدهم لدغته عقرب فالتمسوا له الأطباء ولم يستفد فجاءوا إلى الصحابة فقالوا إن سيدنا لدغ هل عندكم راق فنرقيه قالوا نعم ولكن لا نرقيه إلا بجعل –أجرة- لأننا استضفناكم ولم تضيفونا لؤما فاتفقوا معهم على ثلاثين رأس من الغنم فجاء أحد الصحابة وأخلى بالعضو الذي لدغ فيه وشد وجعل يتفل ويقرأ الحمد لله رب العالمين ويتفل حتى صار السم يسيل ويخرج يتفل الحمد لله رب العالمين الحمد لله رب العالمين حتى صار السم خرج فقام الرجل كأنما نشط من عقال فاستاقوا ثلاثين رأسا من الغنم تورع الصحابة وقالوا لا نحدث شيئا حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فلما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وقال وما يدريك أنها رقية خذوها واضربوا لي معكم بسهم ليطيب نفوسهم عليه الصلاة والسلام أخذ العلماء من هذا فائدة أنه مشروعية الرقية بفاتحة الكتاب مشروعية الرقية بفاتحة الكتاب والثاني جواز الرقية بالفاتحة بجعل الثالث جواز أخذ الأجرة على الرقية وجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن لما ذكر في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله فهي رقية فيه مشروعية الرقية بفاتحة الكتاب وهذا الصحابي الذي رقى هذا الرجل ما كان يعرف شيئا من القرآن ما كان يحفظ فقال له أصحابه يا فلان ما نعلم أنك تحفظ شيئا من القرآن قال والله ما رقيت إلا بأم الكتاب قرأت الفاتحة لأنها رقية عظيمة وهي فيها هذه الأسرار العظيمة ولكن الرقية لها تأثير في شرطين شرط في الراقي وشرط في المرقي الشرط في الراقي أن يكون أن يقرأها بإيمان وصدق وإخلاص وتدبر ويقين بأنها مؤثرة والشرط الثاني في المريض أن يكون منفعلا في القراءة وأن يثق بالله عز وجل وأن يكون جازما بأنها مؤثرة وألا يكون القارئ أو المريض يعملها من باب التجربة أو الظن لا لابد من اليقين وتؤثر بهذا وابن القيم رحمه الله يقول إن هذه السورة لها سر عجيب يمكن أن نقرأ إن شاء الله كلامه يقول إنه أصابه أمراض وأوجاع وهو في مكة وفقد الطبيب والدواء فكنت آخذ من ماء زمزم وأقرأ فيه مرارا وأشربها فيحصل الشفاء كنت مرارا تصيبني أوجاع وآلام وليس عندي دواء ولا طبيب فأقرأ الفاتحة وأكررها بماء زمزم وأشرب فأجد لذلك تأثيرا عجيبا ونحن إن شاء الله سوف نقرأ ما كتبه في السورة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله كتب عليها كتابة جيدة وقبلها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب له أيضا كتابة على هذه الفاتحة العظيمة والحافظ ابن كثير أطال في هذا نقرأ ما تيسر منها إن شاء الله نقرأ للإمام الشيخ عبد الرحمن السعدي .
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والمستمعين وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين
قال الإمام عبد الرحمن السعدي رحمه الله تفسير سورة الفاتحة وهي مكية
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضالين}.
أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى، لأن لفظ {اسم} مفرد مضاف، فيعم جميع الأسماء الحسنى
الشيخ: نعم هذه قاعدة عند أهل العلم معروفة عند الأحناف الاسم المفرد المضاف يعم بسم الله بسم مفرد مضاف يعم جميع الأسماء يعم جميع الأسماء الحسنى يعني أبتدئ بكل اسم لله وهذا مستفاد من إضافة إفراد الاسم وإضافته.
{اللَّهِ} هو المألوه المعبود، المستحق لإفراده بالعبادة، لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.
هذا معنى الله أصلا معنى الله الإله وحذفت الهمزة والتقت اللام واللام ففخم الله والله أصلها الإله على وزن فعال بمعنى فعال بمعنى مفعول بمعنى مألوه فالإله هو المألوه المعبود الذي تألهه القلوب محبة وإجلالا وخوفا ورجاء وتعظيما وهو مستحق لإفراده بالعبادة لما له من صفات الألوهية وصفات الكمال ولما له من الإنعام على عباده خلافا لما فسره به بعض النحاة قالوا الإله هو الخالق الله هو الخالق لا إله إلا الله قالوا لا خالق إلا الله هذا باطل لو كان المعنى لا خالق إلا الله صار كفار قريش مؤمنين يقولون لا خالق إلا الله ولا يتبين عظمة هذه الكلمة عندما تنفي الألوهية عن غير الله إلا أن يفسر الإله بالمعبود الإله هو المعبود ونسأل الله الخالق الخالق هذه أقر بها المشركون .
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء وعمت كل حي وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة ومن عداهم فلهم نصيب منها.
الشيخ :نعم اسمان دالان الرحمن الرحيم فيه إثبات اسم الله الرحيم وأنه من أسماء الله ويعبد ويقال عبد الرحمن وعبد الرحيم فهما اسمان من أسماء الله بالاتفاق لا خلاف يقال من أسماء الله الرحمن من أسمائه الرحيم والرحمن مشتمل على صفة الرحمة ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء وعمت كل حي وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله في قوله تعالى {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآيتنا مؤمنون} وأما غير المؤمنين لهم نصيب من الرحمة الكفار لهم نصيب من الرحمة من رحمة الله لهم أن الله خلقهم وأوجدهم وأن الله يرزقهم ويعافيهم ويمدهم بالمال والصحة والولد وهم كفار وهم يشركون بالله ويزعمون أن لله ولدا كما قال الله في الحديث قول الله " شتمني عبدي وليس له ذلك يقول إن لي ولد وأنا الإله الأحد الصمد "يشركون بالله وينسبون له العظائم ومع ذلك هو يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم المال والولد أما الرحمة المطلقة فهي خاصة بالمتقين رحمة في الدنيا والآخرة هذه للمتقين "ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا مؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي " فهي كتبها الله للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله هؤلاء لهم الرحمة المطلقة ومن عداهم من غير المتقين لهم نصيب من الرحمة كما سبق.
واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها الإيمان بأسماء الله وصفاته وأحكام الصفات. فيؤمنون مثلا بأنه رحمن رحيم ذو الرحمة التي اتصف بها المتعلقة بالمرحوم. فالنعم كلها أثر من آثار رحمته وهكذا في سائر الأسماء. يقال في العليم: إنه عليم ذو علم يعلم كل شيء قدير ذو قدرة يقدر على كل شيء.
الشيخ :نعم هذه القواعد المتفق عليها وهي الإيمان بأسماء الله وصفاته وأحكام الصفات يؤمنون مثلا بالاسم فيقولون من أسماء الله الرحمن الرحيم ويؤمنون بالصفة فيقولون متصف بالرحمة ويؤمنون بأثرها وأنها متعلقة بالمرحوم فالنعم كلها من عند رحمته ولهذا الأشاعرة يفسرون الرحمة بالإنعام وهذا غلط كما سيأتي في الجلالين يقول الرحمن المنعم فسروها النعمة أثر من آثار الرحمة وليس الرحمة من آثار الرحمة الإنعام وتفسير الرحمة بالإنعام هذا تفسير بالأثر فلابد من إثبات الاسم لله الرحمن الرحيم ولابد من إثبات الصفة وأنه ذو الرحمة الواسعة ولابد من تعلقها بالمخلوقين فتقول رحمته وسعت كل شيء وعمت كل حي ذو رحمة اتصف بها وهي متعلقة بالمرحوم والنعم كلها أثر من آثار رحمته أثر من آثار الرحمة والرحمة وصف قائم به سبحانه وتعالى والنعم أثر من آثارها وهكذا في سائر الأسماء العليم من أسماء الله العلم ويقال إنه متصف بالعلم اسم الله العليم هذا اسمه ويقال عبد العليم وهو متصف بالعلم وهذا العلم يعلم به كل شيء قدير من أسماء الله القدير ولابد من إثبات الصفة ذو قدرة ويتعلق بالمخلوق أنه يقدر على كل شيء.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ} هو الثناء على الله بصفات الكمال وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل فله الحمد الكامل بجميع الوجوه.
الشيخ: نعم لأن –ال- للاستغراق تستغرق جميعا أنواع المحامد كلها لله والثناء على الله بصفات الكمال العلم الرحمة القدرة والبصر وغير ذلك والثناء على الله بأفعاله الدائرة بين الفضل وبين العدل الفضل هو النعم التي أنعم الله بها والعدل ما كتبه الله على عباده من الأقدار هي عدل فالله تعالى له الحمد الكامل بجميع الوجوه له الحمد على ما اتصف من صفات الكمال وله الحمد على أفعاله الدائرة من الفضل والعدل فله الحمد بجميع الوجوه.
{رَبِّ الْعَالَمِينَ} الرب هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه لهم وإعداده لهم الآلات وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة التي لو فقدوها لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة فمنه تعالى.
الشيخ: نعم هذا الرب فإنه المربي المربي لجميع العالمين والعالم من هم سوى الله السماوات والأرضين والبحار والأشجار والأنهار والحيوانات والطيور والآدميين والجن والإنس كل هؤلاء عالم مربيهم بأي شيء خلقه خلقهم وأعد لهم الآلات التي تقوم حياتهم بها وأنعم عليهم بالنعم عظيمة التي لو فقدوها لم يكن لهم البقاء من النعم النفس لو فقدها الناس ماتوا الطعام والشراب لو فقدوه ما بقي وهكذا.
وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة. فالعامة: هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا. والخاصة: تربيته لأوليائه فيربيهم بالإيمان ويوفقهم له ويكمله لهم ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير والعصمة عن كل شر. ولعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
الشيخ :نعم تربية الله لخلقه نوعان تربية عامة وهذا يشمل خلقه لهم خلقهم وأوجدهم ورزقهم وهداهم إلى ما فيه من صلاحهم وما ضروري إلى بقائهم هدى الطيور إلى أوكارها هدى الطفل إلى ثدي أمه هدى الأنعام إلى مراعيها أوجد لهم الماء أوجد لهم المرعى أوجد لهم الطعام والشراب من الحيوانات والطيور والآدميين وغيرها هذه تربية عامة جميع المخلوقات رباهم وخلقهم وأوجد لهم ما فيه بقاؤهم والثانية خاصة للمؤمنين تربيتهم تربية لأولاد المؤمنين يربيهم بالإيمان ويوفقهم للعمل الصالح يدفع عنهم الصوارف يوفقهم لحسن الخاتمة يربيهم بأن يوفقهم لكل خير ويعصمهم من كل شر هذا خاصة بالمؤمنين المتقين هذه تربية خاصة والمؤلف لعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب يا رب يا رب يا رب يا رب فإن مطالبهم كلها داخلة في التربية الخاصة لأن من الأسماء الخاصة بالله الرب الله الإله هذا خاص ما يقال الرب باللفظ إلا لله الله علم على ربنا سبحانه ما أحد يسمى به الرحمن خاص بالله ولهذا لما تسمى مسيلمة الكذاب برحمن اليمامة لزمه وصف الكذب لصق به فلا يقال إلا قال مسيلمة الكذاب الأسود العنسي كذاب لكن ما تسمى بالرحمن ولم يلصق به اسم الكذب لكن هذا يعني هذا عقوبة وذم عاجل لهذا الذي تسمى باسم الرحمن مسيلمة الكذاب الرحمن خاص بالله الله لا يسمى به غيره خاص به الرب الإله الخالق الرازق لكن هناك أسماء مشتركة كالسميع والبصير والعليم والحكيم والخبير هذه أسماء مشتركة إذا سمي الله بها فله الكمال العزيز السميع البصير إذا سمي بها المخلوق فلا بأس به يقول أكثر أدعية الأنبياء يا رب يا رب يا رب لأن المطالب كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة نعم.
فدل قوله {رَبِّ الْعَالَمِينَ} على انفراده بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار.
الشيخ: رب العالمين العالم ما سوى الله دل على أنه هو المنفرد بالخلق والتدبير لا يشبهه أحد في الخلق لا خالق مع الله وكذلك التدبير ليس للكون في هذا الكون مع الله والنعم وكمال غناه وهو المنفرد بالخلق والتدبير وهو المنفرد بالإنعام على العالم وهو الكامل في غناه بخلاف المخلوق فإن فقره فإن وصف الفقر الذاتي رب العالمين يعني انفرد بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه بكل وجه واعتبار.
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى ويثيب ويعاقب ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات وأضاف الملك ليوم الدين وهو يوم القيامة يوم يدان الناس فيه بأعمالهم خيرها وشرها لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه وعدله وحكمته وانقطاع أملاك الخلائق. حتى إنه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا والعبيد والأحرار. كلهم مذعنون لعظمته خاضعون لعزته منتظرون لمجازاته راجون ثوابه خائفون من عقابه فلذلك خصه بالذكر وإلا فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام.
الشيخ :نعم مالك يعني الله تعالى مالك مالك يوم الدين ولغيره وهو المتصرف في خلقه في الدنيا الآن الله تعالى يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك {تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء} ولا أحد يمتنع من حكمه القدري قدر الله قدر على هذا الموت يموت ولا يمتنع قدر الله على هذا المرض يمرض قدر على هذا العز يكون عزيز ولا أحد يذله قدر على هذا الذل يكون ذليل هذه أحكام الله القدرية له الحكم لا يشاركه أحد كما أن له الحكم الشرعي يحكم بين عباده بشرعه بما أنزله الأنبياء ورسله من الكتب المنزلة كما أنه يحكم بحكم الجزاء يوم القيامة لنفسه سبحانه وتعالى يجازي الناس بأعمالهم يوم القيامة هذه الأحكام ثلاثة أنواع الأحكام القدرية والأحكام الشرعية والأحكام الجزائية أحكام قدرية ما يقدره الله على عباده ما أحد يمتنع في الدنيا على الصغير والكبير والملك والمملوك ما أحد يمتنع من الأقدار حكم قدري الثاني حكم شرعي الأحكام الشرعية في الكتاب والسنة الحلال والحرام والأوامر والنواهي والثالث الأحكام الجزائية يوم القيامة يجازي المؤمن والمحسن بإحسانه والمسيء بإساءته{فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا " يره لكن في الدنيا هناك ظلمة وهناك مظلومين وهناك من أخذ حقه وهناك من أخذ الحق وهناك من يتصرف لكن في يوم القيامة ما عاد فيه تصرف التصرف لله تنقطع الأملاك ولا أحد يتصرف ولا يقدر أحد الشيطان يخطب خطبة في أهل النار ويتبرأ منهم ويقول أنا ما لي سلطان عليكم إلا أني دعوتكم فاستجبتم لي " فقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم فلا تلومني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي" انتهى الأمر والملاومة بين المستضعفين وبين المستكبرين في النار كذلك وأسروا الندامة لما رأوا العذاب في ملاومة لكن ما في أحد يتصرف التصرف لله " وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " فلهذا خص يوم الدين قال مالك يوم الدين لأن في يوم الدين ما لأحد تصرف تنتهي الأملاك ولا أحد يستطيع عمل شيء في يوم القيامة خلاص ما فيه إلا الجزاء الآن ما في عمل انتهت الأعمال بقي الجزاء الدنيا دار عمل والآخرة دار الجزاء كل واحد ينتظر الجزاء فلهذا خص قال مالك يوم الدين وإلا فهو مالك الأيام كلها سبحانه وتعالى فالمالك هو من اتصف بصفة الملك والآية فيها قراءتان ملك يوم الدين ومالك يوم الدين ملك ومالك يوم الدين ومالك يوم الدين من آثار ملكه أنه يأمر سبحانه وتعالى وينهى ويثيب ويعاقب ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات فأضاف الملك يوم الدين وهو يوم القيامة يوم يدان الناس بأعمالهم خيرها أو شرها لأنه في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه وكمال عدله وكمال حكمته وانقطاع أملاك الخلائق حتى إنه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا والعبيد والأحرار ما في الفوارق تزول هنا كلهم مذعنون لعظمته خاضعون لعزته منتظرون لمجازاته كلهم منتظرون لمجازاته راجون ثوابه خائفين من عقابه كلهم جميعا الأحرار والعبيد والملوك والمملوكين قال بعض العباد كذا في المقبرة يقول أردت أن أفرق بين عظام الملوك وغير الملوك فلم أقدر كلهم سواء نعم.
وقوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة لأن تقديم المعمول يفيد الحصر وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه. فكأنه يقول: نعبدك ولا نعبد غيرك ونستعين بك ولا نستعين بغيرك. وقدم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص.
الشيخ :نعم إياك نعبد وإياك نستعين هذه هي السر هذه أعظم آية هذه جمع ما في الفاتحة في إياك نعبد هذا السر في خلق المخلوقات إياك نعبد وهي تفيد النفي والإثبات فهذا المستفاد من تقديم الظرف فإنه يفيد الحصر لو قال نعبدك ما أفاد الحصر لكن قال إياك نعبد فإياك نعبد ولا معبود غيرك نعبدك ولا نعبد غيرك وصار معنى إياك نعبد هو معنى لا إله إلا الله نفي وإثبات فكان بذلك التوحيد التوحيد ما يكون إلا بالنفي والإثبات ما يمكن توحيد بإثبات ولا بنفي لابد من الأمرين نفي وإثبات نفي العبادة عن غير الله وهذا هو الكفر بالطاغوت وإثباته لله وهو الإيمان بالله {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد ستمسك بالعروة الوثقي} التوحيد قائم على أصلين الأصل الأول الكفر بالطاغوت وهو نفي العبادة عن غير الله البراءة من كل من سوى الله والثاني إثبات الإيمان والعبادة لله وحده وإياك نعبد نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة لأن تقديم المعمول يفيد الحصر وهو أن يثبت الحكم للمذكور وينفيه عما سواه يثبت الحكم وهو العبادة لله وينفى عما سواه وهو خاص بالله يثبت الحكم وهو الاستعانة بالله وينفى عما سواه قال فكأنه يقول نعبدك ولا نعبد غيرك ونستعين بك ولا نستعين بغيرك نعم وقدم العبادة .
وقدم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده و{العبادة} اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة. و{الاستعانة} هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به في تحصيل ذلك.
الشيخ :نعم قدم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص لأن الاستعانة نوع من العبادة الاستعانة نوع داخلة في العبادة فقدم العبادة لأنها أعم والاستعانة أخص لأنها نوع منها قال إياك نعبد وإياك نستعين وأيضا اهتمام بتقديم حق الله تعالى وهو العبادة على حق عبده كأن الاستعانة يطلب العون من الله لنفسه والعبادة حق الله فقدم حق الله على حق العبد حق الله العبادة حق العبد الإعانة والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال وهذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه سواء كان قول أو عمل ظاهر أو باطن من أعمال القلوب أو أعمال الجوارح أو من أقوال اللسان كل ما يحبه الله ويرضاه من قول أو عمل قلبي أو لساني أو جارحي كلها هذه هي العبادة قال بعض أهل العلم العبادة اسم جامع كما قال بعض العلماء العبادة هو ما أمر به شرعا من غير افتراض عرفي ولا اقتضاء عقلي يعني العبادة هي ما أمر الله به ونهى عنه كل ما أمر الله به تفعله فعله إما واجب أو مستحب وما نهى الله عنه تتركه إما محرم وإما مكروه هذه هي العبادة الأوامر والنواهي تفعل الأوامر وتترك النواهي العبادة اسم جامع لكل ما يحبه ويرضاه منها الأقوال الظاهرة والباطنة أما الاستعانة فهي الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به في تصحيح ذلك الاستعانة هي الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله مع ثقته في تحصيل ذلك تستعين بالله في حصول ما ينفعك بدفع ما يضرك مع الثقة في الله أن هذا سيحصل نعم.
والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية، والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما. وإنما تكون العبادة عبادة، إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله. فبهذين الأمرين تكون عبادة، وذكر {الاستعانة} بعد {العبادة} مع دخولها فيها، لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى. فإنه إن لم يعنه الله، لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر، واجتناب النواهي.
الشيخ :نعم القيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور من عبد الله وأفرده بالعبادة واستعان به هذه وسيلة للنجاة من النار ووسيلة لدخوله الجنة هذه الوسيلة قال (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) سبب فالمؤمنون يدخلون الجنة برحمة الله لكن بالسبب فمن جاء بالسبب نالته الرحمة ومن لم يأت بالسبب لا تناله قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل إذا الدخول دخول الجنة برحمة الله لكن له سبب ما هو السبب العمل الصالح فمن جاء بالسبب نالته الرحمة ومن لم يأت بالسبب لم تنله الرحمة " ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " كما أن الكفر والمعاصي سبب في دخول النار فكذلك التوحيد والطاعات سبب في دخول الجنة ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون والباء سببية وأما قوله لن يدخل الجنة بعمله الباء عوض هكذا أهل السنة المعتزلة عكسوا قالوا ادخلوا الجنة بما كنتم الباء باء العوض قالوا الإنسان يدخل الجنة بعمله وقالوا العبد هو الذي يخلق فعل نفسه ويجب على الله عقلا أن يثيبه فقالوا الباء باء العوض عكسوا وقالوا لا يدخل الجنة عوضا عن عمله لا يدخل الجنة بسب العمل عكسوا والصواب أن الباء التي سلط عليها النفي باء العوض لن يدخل الجنة عوضا عن عمله وأما الباء التي في الإثبات فهي باء السببية ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون هذه باء السببية لأنها في الإثبات وأما الباء التي سلط عليها النفي فهي باء العوض لن يدخل الجنة أحد بعمله يعني عوضا عن عمله نعم يقول المؤلف وإنما تكون لا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما لا سبيل لنجاة الإنسان نجاة الإنسان وسلامته من النار ومن عذاب القبر إلا بالعبادة والاستعانة فمن عبد الله حق عبادته سلم لكن متى تكون العبادة بشرطين الشرط الأول أن تكون مأخوذة عن رسول الله والشرط الثاني أن يكون مقصودا بها وجه الله الإخلاص والمتابعة تسمى عبادة فإذا كان مقصودا بها وجه الله أي مقصود بها الله يعني الله سبحانه وتعالى أراد بها وجه الله لا يريد بها شيئا آخر والثاني أن تكون هذه العبادة موافقة لشرع الله أتى بها الرسول عليه الصلاة والسلام هذا معناه وإنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة من رسول الله مقصود بها وجه الله وبهذين الأمرين تكون عبادة قال المؤلف ذكر من الحكمة في ذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها قال لاحتياج العبد في جميع عباداته للاستعانة بالله العبد محتاج في جميع عبادته إلى أن يعينه الله لأنه إن لم يعنه ما استطاع لأنه إن لم يعنه ما استطاع لأنه إن لم يعنه ما حصل له لا يستطيع فعل الأوامر إلا بالإعانة لا يستطيع ترك النواهي إلا بالإعانة ولهذا إذا قال المؤذن حي على الصلاة تقول لا حول ولا قوة إلا بالله يعني لا أستطيع أن أجيب النداء أو أتحول من حالة إلى حالة إلا بإعانة من الله .
ثم قال تعالى: {اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أي: دلنا وأرشدنا، ووفقنا للصراط المستقيم، وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله، وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به، فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط. فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط، تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته، لضرورته إلى ذلك.
وهذا الصراط المستقيم هو: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. {غَيْرِ} صراط {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. وغير صراط {الضالين} الذين تركوا الحق على جهل وضلال، كالنصارى ونحوهم.
الشيخ :نعم ثم قال تعالى اهدنا الصراط المستقيم أي دلنا وأرشدنا ووفقنا إلى الصراط المستقيم وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله وإلى جنته وهو معرفة الحق والعمل به هو دين الإسلام وهو ما جاء به الرسول من العلم والعمل هذا هو الصراط المستقيم قال بعض أهل العلم بعض المفسرين الصراط المستقيم هو الرسول وقيل هو دين الإسلام وهو كله حق فدين الإسلام هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصراط المستقيم وهو دين الإسلام وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معرفة الحق والعمل به هذا هو الصراط المستقيم ومعنى اهدنا دلنا وأرشدنا ووفقنا إلى الصراط المستقيم وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله وإلي جنته وهو معرفة الحق والعمل به فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام يعني ثبتنا على دين الإسلام ثبتنا على دين الإسلام وترك ما سواه من الأديان والهداية في الصراط تشمل الهداية في جميع التفاصيل الدينية علما وعملا فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد قال بعض العلماء يورد السؤال يقول اهدنا الصرط المستقيم والمسلم قد هدي كيف يسأل كيف يسأل الهداية وقد هدي كيف يسأل الهداية وقد هدي ثم يقول المراد أن يثبتنا ولكن ليس هذا الواضح بل الإنسان محتاج إلى لهداية هناك شيء لا يعلمه يحتاج إلى أن يهديه الله ويوفقه وهناك شيء يعلمه ولكن لم يوفق للعمل به يسأل الله الهداية للعمل به كل شيء تعلمه وتعمله؟ تعلم صلاة الليل أنها نافلة فضل ولا تصليها تعلم مثلا فضل صلاة الضحى ولا تصلي الضحى تعلم مثلا فضل صيام ستة أيام من شوال أنت تسأل الله أن يهديك للعمل للعلم وللعمل في شيء هديت للعلم به لكن لم تهدى للعمل به تسأل الله أن يهديك العمل به وفي شيء هديت للعلم به والعمل به ولم يثبتك عليه اهدنا الصراط المستقيم يعني دلنا وأرشدنا ووفقنا على الصراط المستقيم وثبتنا على دين الإسلام ثبتنا على دين الإسلام ووفقنا للعلم والعمل ووفقنا للعلم بما جهلنا وللعمل بما علمناه ولم نعمل به فالصراط المستقيم هو الطريق الواضح والموصل إلى الله وجنته وهو دين الإسلام وهو ما جاء به الرسول وهو معرفة الحق والعمل به المؤلف فاهدنا إلى الصراط المستقيم واهدنا في الصراط اهدنا إلى الصراط هذا الهداية إلى لزوم دين الإسلام اهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط يعني اهدنا إلى جميع التفاصيل الدينية علما وعملا اهدنا لما لم نعلمه وعلمناه واهدنا إلى ما علمناه ولم نعمل به اهدنا للعمل به هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها نعم وحاجة العبد إلى هذا الدعاء أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب بل أعظم من حاجته إلى النفس الذي يتردد بين جنبيه لأنه إذا فقد الطعام والشراب أو فقد النفس مات الجسد والموت لا بد منه إن عاجلا أو آجلا وهكذا ولا يضر الإنسان الموت إذا مات وهو مستقيم على دينه لكن إذا فقد الهداية مات روحه وقلبه وصار إلى النار فصار الحاجة إلى الدعاء أعظم من الحاجة إلى الطعام وحاجته إلى الهداية أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب بل أعظم من حاجته إلى النفس الذي يتردد بين جنبي الإنسان قال المؤلف ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو به بكل ركعة من ركعاته في الصلاة هذا من رحمة الله بنا من رحمة الله وإحسانه أن أوجب علينا هذا الدعاء ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به كل ركعة في كل ركعة في صلاته لضرورته لذلك يعني الإنسان يدعو بهذا الدعاء كم في اليوم والليلة سبعة عشر مرة في الفرائض عدا النوافل سبعة عشر مرة في الفرائض نقول اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين لضرورة ولاضطرار يعني المضطر لذلك ليست المسألة حاجة بل ضرورة الضرورة هي التي لا يستطيع الإنسان أن ينفك عنها أما الحاجة قد يستغني عنها لكن الضرورة لا ينفك عنها الإنسان مضطر إلى أن يسأل الله الهداية أشد من ضرورته إلى لطعام والشراب أن تضطر إلى شراء الطعام ولا لا تضطر تضطر لو لم تجد شيئا يومين ما أكلت تقول أنا مضطر آكل والنفس مضطر إليه أم لا كذلك الهداية سؤال الله الهداية أنت مضطر إليه أشد وفوق ضرورتك إلى النفس وفوق ضرورتك إلى الطعام والشراب هذا من رحمة الله بعباده أن أوجب علينا أو فرض علينا أن ندعو بهذا الدعاء في اليوم والليلة سبعة عشر مرة في الفرائض غير النوافل سبعة عشر مره كم الفرائض الآن الفجر ركعتان والظهر أربع هذه ست والعصر أربع هذه عشر والمغرب ثلاث ثلاثة عشر والعشاء أربع سبعة عشر سبعة عشر مرة كل ركعة تدعو بهذا الدعاء اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين تسأل الله أن يهديك الصراط المستقيم تسأل الله أن يوفقك لزوم الإسلام تسأل الله أن يوفقك لما جهلت علما وعملا تسأل الله أن يجنبك طريق الغواية وهو ترك العمل مع العلم تسأل الله أن يجنبك الضلال وهو التعبد على جهل وضلال وهذا الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعم الله عليهم من هم الذين أنعم الله عليهم أربع طوائف ذكرهم الله في سورة النساء قال تعالى{ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} غير صراط المغضوب عليه المغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود وأشباههم وهم من فسد من علماء هذه الأمة عرفوا الحق وتركوه هذا المغضوب عليهم حل عليهم الغضب أمة الغضب الأمة الغضبية وهم اليهود وغير صراط الضالين الذين تركوا الحق على جهل وضلال كالنصارى وأشباههم نعم فهذه السورة.
فهذه السورة على إيجازها قد احتوت ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة يؤخذ من لفظ: {اللَّهِ} ومن قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وتوحيد الأسماء والصفات وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى التي أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه وقد دل على ذلك لفظ {الْحَمْدُ} كما تقدم.
الشيخ :نعم يقول المؤلف هذه السورة احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من القرآن تضمنت أنواع التوحيد الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات توحيد الربوبية رب العالمين العالمين كل من سواه هو مربيهم يعني خلقهم وأوجدهم وأعطاهم ما يحتاجون ما يحتاجون في بقائهم وتوحيد الألوهية إفراد الله بالعبادة يؤخذ من قوله لله يعني الله هو المألوه المعبود ومن قوله إياك نعبد نعبدك ولا نعبد غيرك وتوحيد الأسماء والصفات وهي إثبات صفات الكمال لله تؤخذ من لفظ الحمد لأنه هو المحمود على شيئين على أمرين الأمر الأول على اتصافه بصفات الكمال هذا اتصافه بصفة الكمال اتصافه بالعلم والقدرة والسمع والبصر والرحمة واتصف بصفات الجمال والجلال والكمال والمحمود على نعمه التي أوصلها إلى عباده سبحانه وتعالى نعم.
وتضمنت إثبات النبوة في قوله: {اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.
الشيخ: اهدنا الصراط المستقيم كيف نعرف الصراط المستقيم إلا عن طريق الرسول عليه الصلاة والسلام لولا الرسل ما عرفنا الصراط المستقيم إذا فيه إثبات النبوة نعم.
وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وأن الجزاء يكون بالعدل، لأن الدين معناه الجزاء بالعدل.
الشيخ: نعم إثبات الجزاء على الأعمال إثبات القيامة والجزاء على الأعمال مالك يوم الدين يوم الجزاء والجزاء يكون يوم القيامة يكون بالعدل الجزاء يكون بالعدل لأن الله تعالى من أسمائه الحكم العدل يعني الدين معناه الجزاء بالعدل نعم.
وتضمنت إثبات القدر وأن العبد فاعل حقيقة خلافا للقدرية والجبرية.
نعم تضمنت إثبات القدر وأن العبد فاعل حقيقة خلاف القدرية الذين يقولون العبد يخلق فعل نفسه من دون الله وخلاف الجبرية الذين يقولون العبد مجبور كالريشة في الهواء طائفتان ضالتان الجبرية يقول أفعال العباد كلها اضطرارية مضطر يقولون لأنه مسير مجبور على العمل فالعبد الذي يفعل الآن بغير اختياره كل أفعاله مجبور عليها فيقولون إن العبد وعاء للأفعال والله تعالى هو الذي يجريها فيقولون إن العبد كالكوز الذي يصب فيه الماء فالعباد كالكوز والله كصباب الماء فيه حتى قالوا إن الله هو الصائم والقائم أعوذ بالله العبد ماله اختيار ولا فرق بين الأفعال الاختيارية والأفعال الاضطرارية حركة النائم والحركة العادية سواء عندهم هذا ضلال لا الناس يفرقون بين حركة المرتعش وحركة النائم التي يفعلها باضطرار والحركة التي يفعلها باختياره وقابلهم القدرية قالوا العبد هو الذي يخلقها من نفسه من دون الله استقلالا ولذا قالوا يجب على الله عقلا أن يثيب المطيع ويعاقب العاصي قالوا هذا عرق جبينه وما لله فضل يجب عليه أن يثيبه مقابل هؤلاء وأما أهل السنة قالوا العبادة هي من الله خلقا وإيجادا ومن العبد فعلا وتكسبا وتسببا وكسبا العبد هو الذي باشرها باختياره فنسبت إليه والله تعالى خالق العباد وخالق أفعالهم فالله خلقكم وما تعملون هذه الطوائف الثلاثة أهل السنة والجبرية والقدرية القدرية يقولون العبد يخلق فعل نفسه والجبرية يقولون العبد مجبور ماله اختيار مضطر وأهل السنة الله يقولون الله تعالى هو خالق العباد وخالق أفعالهم وأفعالهم تنسب إليهم فعلوها باختيارهم فالله تعالى يكلف القادر وفاقد العقل لا يكلفه وكذلك الناس يفرقون بين الإنسان إذا كان له عبدان عبد أعمى وعبد غير أعمى فالأعمى لا يكلفه سيده يقول له ينقط المصحف يشكل المصحف ما يبصر لكن يكلف المبصر وهكذا فهذه السورة تضمنت الرد على هؤلاء لأن الله تعالى كلف العباد وهداهم إلى الصراط المستقيم وهم يفعلون باختيارهم نعم.
بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله: {اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأنه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك.
الشيخ: تضمنت الرد على جميع أهل البدع القدرية والأشاعرة وغيرهم والجهمية كلهم قال اهدنا الصراط المستقيم لأنهم ضلوا عن الصراط المستقيم والصراط المستقيم معرفة الحق والعمل به وكل مبتدع ضال مخالف للصراط المستقيم ففي الآية رد عليهم نعم.
وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى، عبادة واستعانة في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالحمد لله رب العالمين.
الشيخ: تضمنت إخلاص الدين لله عبادة واسعة قوله إياك نعبد وإياك نستعين تكون هذه السورة فيها الرد على جميع أهل البدع وفيها تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام منعم عليهم ومغضوب عليهم وضالين وفيها إثبات الربوبية وإثبات الأسماء والصفات وإثبات الألوهية وإثبات النبوة وإثبات المعاد والرد على جميع أهل البدع وفيه إثبات الملائكة والكتب المنزلة والرسل جميع أصول الإيمان كلها دلت عليها هذه الآية وفيها الرد على جميع أهل البدع فلنقرأ كلام الجلالين تفسير الجلالين
قال الإمام جلال الدين المحلي سورة الفاتحة.
قال الإمام جلال الدين المحلي سورة الفاتحة
سورة الفاتحة مكية سبع آيات بالبسملة إن كانت منها والسابعة صراط الذين إلى آخرها وإن لم تكن منها فالسابعة غير المغضوب عليهم إلى آخرها ويقدر في أولها قولوا ليكون ما قبل إياك نعبد مناسبا له بكونه من مقول العباد.
الشيخ :عندك قولين فيها قول سبع آيات بالبسملة القول الأول هو أن البسملة هي الآية الأولى وهذا قول مرجوح والعمل على الثاني لو كانت الآية الأولى البسملة من ترك البسملة ما حكم صلاته باطلة ترك آية بل لو ترك حرف بطلت فما بال الذي ترك آية والكثير من الأئمة الآن في الصلاة الجهرية تسمعه لا يبسمل أن تسمع بعض أهل العلم حينما يقولون الله أكبر الحمد لله رب العالمين بسمل الإمام ولا ما بسمل ما بسمل صلاته باطلة على هذا القول على القول الأول لكن على الصواب ليست باطلة ترك البسملة سنة ترك سنة الله أكبر الحمد لله رب العالمين ما فيه فرصة لكن أن تقول الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين لكن ما في أن تسمعه وصل التكبير ما بسمل فتكون الصلاة باطلة على القول الأول ما بسمل لكن الصحيح أن البسملة ليست آية وأن أول آية الحمد لله رب العالمين المؤلف يقول سبع آيات بالبسملة إن كانت منها تكون السابعة صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين طويلة وإن لم تكن منها تكون السابعة غير المغضوب والسادسة صراط الذين أنعمت عليهم ويقدر في قولها قولوا اهدنا الصراط المستقيم ليكون ما قبل إياك نعبد مناسبا له بكونه من مقول العباد إياك نعبد وإياك نستعين العباد يخاطبون ربهم إياك نعبد وإياك نستعين ثم يقول لهم قولوا اهدنا الصراط المستقيم هذه كان المؤلف نعم .
الحمد لله جملة خبرية قصد بها الثناء على الله بمضمونها من أنه تعالى مالك لجميع الحمد من الخلق أو مستحق لأن يحمدوه.
الشيخ: نعم الحمد لله والجملة خبرية قصد بها الثناء على الله أن تخبر عن الله بأنه له الحمد وهو مالك لجميع الحمد من الخلق أو مستحق له بل هو مستحق كلمة أو مالك لجميع الحمد من الخلق ومستحق لأن يحمدوه كلمة أو هنا للتخيير الأولى ومستحق وهو سبحانه مالك لجميع الحمد جميع المحامد مالكها ومستحق لها الحمد جميعا لله ملكا واستحقاقا فأو للتخيير ليست واضحة بل الأولى أن يقول ومستحق مالك لجميع الحمد من خلقه ومستحق لأن يحمدوه فجميع المحامد كلها ملك لله وهي لله ملكا واستحقاقا نعم.
والله علم على المعبود بحق.
الشيخ: الله علم على المعبود بحق هو الله لأن غيره معلوم بباطل قال تعالى "ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل" المعبود بحق هو الله والله علم عليه علم على ربنا سبحانه وتعالى لا يسمى به غيره الله يعني المألوه المعبود الله أصلها الإله على وزن الفعال بمعنى مألوه الإله بمعنى المألوه يعني الذي تألهه القلوب محبة وإجلالا وتعظيما قال ابن عباس "الله ذو الألوهية على خلقه أجمعين ذو الألوهية والعبادة على خلقه أجمعين ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين فهو المعبود بحق وغيره معبود بباطل نعم.
"رب العالمين" أي مالك جميع الخلق من الإنس والجن والملائكة والدواب وغيرهم.
الشيخ: نعم هو رب يعني مربيهم يعني مالكهم ومربيهم يعني خالقهم وموجدهم ومالكهم جميع الخلق من الإنس والجن والملائكة والدواب كلهم خلقهم الله ورباهم بنعمه أعطاهم من نعمه ما يكون به وجودهم وبقاؤهم من تربيته أنه خلقهم وأوجدهم من تربيته أنه أعطى العباد ما يحتاجونه أعطاهم ما يحتاجون من النعم من المطاعم والمشارب والملابس مثلهم في الحياة كذلك الدواب والحشرات وغيرها فهو مربيهم بنعمه موجدهم ومربيهم بنعمه ومالكهم كونه مالك فيه قصور المراد تربية تشمل الخلق والإيجاد وإعطاء النعم مع الملك نعم.
وكل منها يطلق عليه عالم يقال عالم الإنس وعالم الجن إلى غير ذلك.
الشيخ: يعني العوالم كلها الإنس عالم والجن عالم والدواب عالم والحشرات كذلك وأمم الدواب عوالم الآن أمة القردة أمة الخنازير عالم أمة الطيور " وما من دابة في الأرض ولا طائر "كلها عوالم والله تعالى رب الجميع هذه العوالم كلها عالم الإنس عالم الجن عالم الحيوان نعم.
وغلب في جمعه بالياء والنون أولي العلم على غيرهم وهو من العلامة.
الشيخ: يعني غلب بأن يقول العالمين هذا غلب على أولي العلم الذين عندهم علم من الإنس والجن والملائكة غلب عليهم فقال العالمين يشمل من له علم فلا يشمل الدواب والحيوانات لأن ما عندها علم من باب التغليب وإلا الأصل شامل الجميع مشتق من العلامة لما سمي العالم عالم من العلماء لأنه علامة على موجده علامة على أن الله أوجده عالم علامة نعم.
وهو من العلامة لأنه علامة على موجده. الرحمن الرحيم أي ذي الرحمة وهي إرادة الخير لأهله.
الشيخ :نعم الرحمن الرحيم أي ذي الرحمة وهي إرادة الخير هذا تأويل من الأشاعرة إرادة الخير الرحمة غير الإرادة الإرادة صفة والرحمة صفة أخرى لأن فسره بالإرادة لأن الأشاعرة تثبت سبع صفات الكلام والبصر والسمع والعلم والقدرة والإرادة يثبتون سبع وينفون الباقي فلما صارت الرحمة ليست من الصفات التي يثبتونها ردها إلى السبب فسره بالإرادة وهذا خطأ وأحيانا يفسرونها بالأثر الرحمة هي الإنعام والإنعام أثر الصواب أن الرحمة أن الآية في إثبات الرحمة لله عزوجل رحمة تليق بجلاله وعظمته كما سبق فيه إثبات صفة الرحمة إثبات اسم الرحيم إثبات صفة الرحمة وإثبات متعلقها يعني يرحم بها عباده أما إرادة الخير فهي صفة أخرى الإرادة غير صفة الرحمة وكذلك تفسيرها بالإنعام كل هذا من أقوال الأشاعرة نعم.
مالك يوم الدين أي الجزاء وهو يوم القيامة وخص بالذكر لأنه لا ملك ظاهرا فيه لأحد إلا لله تعالى بدليل "لمن الملك اليوم؟ لله" ومن قرأ مالك فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة أي هو موصوف بذلك دائما "كغافر الذنب" فصح وقوعه صفة للمعرفة.
الشيخ :نعم يقول مالك يوم الدين يقول فيها قراءتان قراءة ملك يوم الدين وقراءة مالك يوم الدين والدين هو الجزاء الدين له معاني يطلق على الجزاء ويطلق على العبادة مخلصين له الدين يعني مخلصين له العبادة والدين يطلق على جزاء الأعمال يطلق على العبادة لا إله إلا الله مخلصين له الدين مخلصين له العبادة وهنا مالك يوم الدين يوم الجزاء وهو يوم القيامة مالك يوم الدين لم نخصه بالذكر الله يملك يوم الدين وغير يوم الدين كل الأيام يملكها أيام الدنيا ما يملكها يملكها لماذا يخص قال وخص بالذكر لأنه لا ملك ظاهرا فيه لأحد إلا لله ما في ملك ظاهر يوم القيامة إلا لله لكن في الدنيا فيه في ملوك في الدنيا في رؤساء فلما كان تزول الأملاك يوم القيامة ولا يكون ملك إلا لله خص بالذكر قال مالك يوم الدين وخص بالذكر لأنه لا ملك ظاهرا في هذا اليوم إلا له بدليل قوله تعالى لمن الملك اليوم ثم جاء الجواب للواحد القهار أما القراءة الثانية مالك يوم الدين يكون معناها مالك الأمر كله في يوم القيامة مالك الأمر كله في يوم القيامة أيهم موصوف بذلك اليوم يعني ملكه مستمر هذا معناه ملك مستمر دائما مثل غافر الذنب مستمر فلذا صح وقوعه صفة المعرفة أين المعرفة الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين صح ماذا وقوعه صفة للمعرفة مع أنه ليس معرفة لأن المراد الاستمرار فلما كان المراد بالاستمرار صح وقوعه للمعرفة مثل غافر الذنب مالك يوم الدين لما قصد به هذا الاستمرار وأنه موصوف بذلك دائما وأنه موصوف بالاستمرار دائما صح وقوعه صفة للمعرفة مثل غافر الذنب يعني الاستمرار وأنه غافر الذنب دائما نعم.
إياك نعبد وإياك نستعين أي نخصك بالعبادة من توحيد وغيره ونطلب منك المعونة على العبادة وغيرها.
الشيخ: نعم إياك نعبد نخصك بالعبادة قولنا نخصك هذا مستفاد من تقديم الظرف نخصك بالعبادة من توحيد وغيره من العمل الذي هو من التوحيد الأعمال كلها من صلاة وصيام وصدقة وحج ونطلب منك المعونة على العبادة وعلى غيرها حتى على الأمور المباحة نعم.
اهدنا الصراط المستقيم أي أرشدنا إليه ويبدل منه. صراط الذين أنعمت عليهم بالهداية ويبدل من الذين لصلته به.
الشيخ :نعم يقول اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم اهدنا الصراط أرشدنا إليه يعني هذا فيه قصور يعني وفقنا وأرشدنا وثبتنا يعني اهدنا أوسع من هذا أرشدنا وثبتنا ووفقنا كل هذه المعاني يبدل منه صراط الذين أنعمت عليهم يعني الصراط المستقيم بدل يبدل منه صراط الذين أنعمت عليهم يعني الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعمت عليهم بدل منه صراط الذين أنعمت عليهم بأي شيء أنعمت عليهم بالهداية أنعم عليهم بالهداية ويبدل من صراط الذين بصلته غير المغضوب عليهم غير المغضوب عليهم بدل من الذين أنعمت عليهم يبدل من صراط الذين أنعمت عليهم غير صراط المغضوب عليهم يعني بدل منه وهم اليهود ولا غير صراط الضالين وهم النصارى نعم.
"غير المغضوب عليهم" وهم اليهود.
الشيخ: وهذا مثال وليس المراد ماذا أنه خاص بهم بل مثال كل من ترك العمل مع العلم يكون مثلهم ولهذا قال سفيان بن عيينة "من فسد من علمائنا ففيه شبه باليهود يعني هذا مثال وليس المراد العموم كان يأتي عجمي ما يعرف الخبز فتأتي بالرغيف وتقول هذا الخبز تقول لهذا الأعجمي هذا الخبز مرادك أنه ما في خبز إلا هذا الرغيف أم مرادك المثال مثال كذلك هم اليهود مثال معهم غيرهم هذا مثال مثال السيء اليهود الذين يعلمون ولا يعملون ولا الضالين هم النصارى مثال أيضا كل ما يتعبد على جهل وضلال نعم.
"ولا" وغير "الضالين" وهم النصارى ونكتة البدل.
الشيخ: ولا يعني معناها ولا الضالين يعني تقديرها وغير الضالين غير المغضوب عليهم وغير الضالين وهم النصارى.
ونكتة البدل أفادت أن المهتدين ليسوا يهودا ولا نصارى.
الشيخ: نعم المهتدون وهم المنعم عليهم نكتة البدل أفاد أن المهتدين وهم المنعم عليهم ليسوا يهودا ولا نصارى.
طيب ما كتبه الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يكتب عني رسالة قيمة يعني تدل على نصحه وإخلاصه رحمه الله وحبه لهداية الناس رحمه الله نعم.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ورضي عنه بمنه وكرمه.
اعلم أرشدك الله لطاعته، وأحاطك بحياطته، وتولاك في الدنيا والآخرة، أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها، فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه، ويدل على هذا قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} ففسر السهو بالسهو عن وقتها أي إضاعته والسهو عمّا يجب فيها، والسهو عن حضور القلب، ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا " فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: " يرقب الشمس " وبإضاعة الأركان بذكره النقر، وبإضاعة حضور القلب بقوله: " لا يذكر الله فيها إلا قليلا ".
الشيخ: هذه الرسالة رسالة عظيمة خرجت من القلب روي أن الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود كتب إليه يسأله أن يكتب إليه تفسير سورة الفاتحة فكتب له الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله افتتح بقوله اعلم أرشدك الله لطاعته وأحاطك بحياطته وتولاك في الدنيا والآخرة هذا من نصحه يعلمك ويدعو لك الدعاء أرشدك الله جعلك راشدا تعلم الحق وتعمل به أرشدك الله لطاعته وأحاطك بحياطته وتولاك في الدنيا والآخرة في أعظم من الدعوات هذه؟ يعلمك يدعو لك ويعلمك هذا من نصحه يرحمه الله اعلم أيها المتعلم أرشدك الله خبر بمعنى الدعاء بمعنى اللهم أسأل الله أن يرشدك إلى طاعته وأسأل الله أن يحيطك بحياطته وأسأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة هذا معناه خبر بمعنى الدعاء اعلم أرشدك الله فيعني كأنه يقول اللهم أسأل الله أن يرشدك لطاعته وأسأل الله أن يحيطك بحياطته وأسأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة ومن تحققت له هذه الدعوات فهو السعيد من أرشده الله لطاعته وأحاطه بحياطته وتولاه في الدنيا والآخرة سلم من الشرور وحاز على كل خير
علم تيقن العلم هو ما يعلمه القلب ويتيقنه الإنسان لأن المدركات إما علم وإما شك وإما وهم فالعلم ما يعلمه الإنسان بقلبه ما يتيقين والشك هو ما يتردد فيه بين أمرين والغالب إذا تردد بين أمرين فالغالب يسمى ظن والمرجوح يسمى وهم إما وهم وإما ظن وإما شك وإما علم فيقول المؤلف لا تشك ولا تتوهم ولا تظن بل تيقن اعلم أن مقصود الصلاة روحها اعلم يعني تيقن لا تشك ولا تظن ولا توهم بل تيقن تيقن أن مقصود الصلاة وروحها ولبها ما هو إقبال القلب على الله تعالى فيها هذا مقصود الصلاة وهذا روحها وهذا لبها إذا ما أقبل القلب على الله فماذا تكون الصلاة ما فيها روح ولا لب ماذا يصير الجسد الذي ما فيه روح ماذا يصير ميت والشاهد خذ اللب والباقي القشر ماذا يبقى ما يستفاد منه كذلك الصلاة إذا ما فيها إقبال القلب على الله فقدت روحها ولبها اعلم أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه ميت الجسد الذي ما فيه روح ميت هل الميت يجيبك الآن تستفيد الميت بمجرد أن يموت ينقل إلى المقبرة لا يجيب جسد بلا روح الصلاة بلا قلب كالجسد بلا روح الدليل الشيخ ما يكتب شيء إلا بالدليل قال الدليل قول الله تعالى {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} توعد الله المصلين بالويل وهو شدة العذاب والهلاك من هم الذين هم عن صلاتهم ساهون إذا كان الذي يصلي مع السهو توعده بالويل فالذي لا يصلي ماذا يكون حكمه أعظم وأعظم المصلي الذي يسهو عن صلاته متوعد بالويل والذي لا يصلي أعظم وأعظم السهو ما المراد بالسهو قال المؤلف السهو فسر بأمور بالسهو عن الوقت وفسر بالسهو عما يجب فيها وفسر بالسهو عن حضور القلب فسر بثلاثة أشياء
الأول أن يسهو عن الوقت بمعنى يؤخر الصلاة عن وقتها حتى يخرج الوقت هذا سهو
وفسر بالسهو عما يجب فيها يضيع الأركان والواجبات تضييع الأركان والواجبات
وفسر بالسهو عن حضور القلب تصلي بلا قلب وقلبه في كل وادي إذا هذا متوعد بالويل وهو يصلي إذا لم يكن قلبه حاضرا بطاعة الله إذا كان يضيع الأركان والواجبات متوعد بالويل إذا كان يؤخر الصلاة متوعد بالويل الدليل قال أيضا الدليل أولا الآية وفيه دليل الحديث الذي في صحيح مسلم الذي أصح كتاب بعد كتاب الله قال النبي صلى الله عليه وسلم: ("تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق كررها ثلاثا يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان متى هذا عند غروبها يرقب الشمس ما يصلي العصر إلا عند الغروب متى تكون بين قرني الشيطان عند غروبها وعند طلوعها تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا).
والحديث رواه مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ورواه أيضا الترمذي والنسائي فقال فوصفه بإضاعة الوقت أين إضاعة الوقت قوله يرقب الشمس أخر الصلاة إلا قرب غروب الشمس ووصفه بإضاعة الأركان قوله ينقر نقر الغراب ما يطمئن ما يطيل في الركوع ولا في السجود ولا في قوم ولا رفع وبإضاعة حضور القلب بقوله لا يذكر الله فيها إلا قليلا فهذه من صفات المنافقين من صفات المنافقين تأخير الصلاة عن وقتها وعدم حضور القلب وعدم ذكر الله إلا قليلا فهذه من صفات المنافقين فما ينبغي لمسلم أن يتصف بصفات المنافقين ينبغي أن يحافظ على الوقت بأن يصلي الصلوات في أوقاتها ويحافظ على الجماعة الرجل ثم أيضا يحافظ أيضا على أركانها وواجباتها يؤديها ويحافظ على حضور القلب يجاهد نفسه على حضور القلب حتى لا يتشبه بالمنافقين نعم.
إذا فهمت ذلك فافهم نوعا واحدا من الصلاة، وهو قراءة الفاتحة لعل الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة المكفرة للذنوب.
الشيخ: إذا فهمت ذلك وأنه يجب حضور القلب استدرك نوعا واحدا من الصلاة وهي قراءة الفاتحة لعل الله أن يجعل صلاتك كالصلاة المقبولة المضاعفة والمكفرة للذنوب نعم.
ومن أحسن ما يفتح لك الباب في فهم الفاتحة حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في صحيح مسلم، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله: حمدني عبدي. فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضالين} قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " انتهى الحديث.
الحديث حديث قدسي من كلام الله لفظا ومعنى لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول قال الله من قوله من قول الله قسمت الصلاة يعني الفاتحة لأن من أسماء الفاتحة الصلاة من أسمائها الصلاة لماذا سميت الفاتحة الصلاة لأنها جزء من الصلاة يقال فلان ركع ركعتين يعني صلى ركعتين تسمى ركعتين يعني صلى ركعتين هذه معروفة معناه ما أتى إلا بالركوع أم أتى ببقية الركعة أتى بالركعة لكن عبر عنها بالركوع جزء منها قسمت الصلاة يعني الفاتحة فهي بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله من فوق عرشه يجيبك رب العالمين من فوق عرشه قال حمدني عبدي فإذا قال الرحمن الرحيم قال الله يجيبكم من فوق عرشه أثنى علي عبدي فإذا قال مالك يوم الدين قال الله مجدني عبدي من التمجيد من التوسع في الثناء فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال الله هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل إياك نعبد لله وإياك نستعين للعبد فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل إذا هذا دعاء يسأل العبد ربه انتهى الحديث نعم.
فإذا تأمل العبد هذا، وعلم أنها نصفان: نصف لله وهو أولها إلى قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، ونصف للعبد دعاء يدعو به لنفسه، وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله تعالى، وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة، وأنه سبحانه من فضله وكرمه ضمن إجابة هذا الدعاء إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب، تبين له ما أضاع أكثر الناس.
قد هيئوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل.
إذا تأمل العبد هذا لعلم أنها نصفان الفاتحة نصف لله ونصف للعبد النصف الأول لله ثناء {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ} هذا كله ثناء على الله ثم النصف الثاني لك {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضالين} دعاء تسأل الله الاستعانة لك تسأل الله أن يهديك الصراط المستقيم وتأمل النصف الذي قبل الدعاء الذي علمه هو الله من الذي علمك هذا هو الله والله تعالى هو الخالق وهو عالم بما يصلح النفوس من الذي علمك هذا فلان ولا فلان لا الله وأمرك أن تدعو به وتكرره في كل ركعة من الذي أمرك هو الله كل ركعة تدعو بهذا الدعاء اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وأنه سبحانه من فضله وكرمه ضمن إجابة هذا الدعاء متى إذا دعوت به بإخلاص وحضور قلب إذا دعوت بإخلاص وحضور القلب فالدعاء مضمون وحينئذ يتبين لك ما أضاع أكثر الناس أكثر الناس أضاع حضور القلب
قد هيئوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل.
قد هيئت لأمر عظيم استعد لما هيئت له من خدمة الله عز وجل وعبادته اربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل تكون مع رعاع الناس الذين لا يفهمون كن مع الأتقياء مع الأذكياء نعم.
وها أنا أذكر لك بعض معاني هذه السورة العظيمة لعلك تصلي بحضور قلب، ويعلم قلبك ما نطق به لسانك، لأن ما نطق به اللسان ولم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح كما قال تعالى: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِم}.
المؤلف قال سأذكر لك بعض المعاني السورة عظيمة لو كتب عليها مجلدات قال لعلك تصلي بحضور قلب ركز المؤلف على حضور القلب ومحل غير الرب القلب ويعلم قلبك ما نطق به لسانك عليك أن تتدبر ما تقرأه باللسان تدبره بالقلب لا تكون غافل "لأن ما نطق ولم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح" شيء ينطق به اللسان والقلب ما ينتبه ما فيه فائدة الدليل قول الله تعالى للمنافقين {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم} هل اعتبر أم ما اعتبر؟ ما اعتبر {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم} الله تعالى اعتبر القول باللسان بدون القلب أنه ضائع نعم.
وأبدأ بمعنى الاستعاذة، ثم البسملة، على طريق الاختصار والإيجاز، فمعنى (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) : ألوذ بالله، وأعتصم بالله، وأستجير بجنابه من شر هذا العدو، أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، لأنه أحرص ما يكون على العبد إذا أراد عمل الخير من صلاة أو قراءة أو غير ذلك، وذلك أنه لا حيلة لك في دفعه إلا بالاستعاذة بالله لقوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ}؛ فإذا طلبت من الله أن يعيذك منه، واعتصمت به، كان هذا سببا في حضور القلب. فاعرف معنى هذه الكلمة ولا تقلها باللسان فقط كما عليه أكثر الناس.
الشيخ: يعني هذا تفسير قول أعوذ بالله من الشيطان معنى أعوذ ألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا الله وأستجير بجنابك من شر هذا العدو ما هو؟ الشيطان أن يضرني في ديني أو يضرني في دنياي أو يصدني عن فعل الخير أو يحثني على فعل الشر أو غير ذلك وذلك أنه لاحيلة لك في دفعه إلا بالاستعانة بالله لقوله تعالى {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} العدو من الإنس فيه حيلة تصانعه تعطيه هدية تتلطف معه ويزول شره لكن شيطان الجن ما فيه حيلة ما يقبل هدية ولا يقبل مصانعة ما فيه إلا الاستعاذة بالله من شره ما فيه حيلة الشيطان الإنسي فيه حيلة قال تعالى {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} ادفع بالتي هي أحسن تكلم عليك بكلام سيء رد عليه بكلام طيب بدعاء وهدية خلاص ينقلب العداوة صداقة في حينها لكن الشيطان ما فيه حيلة ما ينفع تعطيه هدية ما يقبل تكلم معه ما يقبل ما فيه إلا الالتجاء إلى الله والاستعاذة بالله منه لا حيلة إلا بالاستعاذة بالله لقوله تعالى إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم فإذا طلبت من الله أن يعيذك منه واعتصمت بالله كان هذا سببا في حضور القلب فاعرف معنى هذه الكلمة ما هي " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " اعرف معناها ولا تقلها باللسان فقط أعوذ ألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا الله من شر هذا العدو الذي يريد أن يفسد علي عبادتي نعم.
وأما البسملة فمعناها أدخل في هذا الأمر من قراءة أو دعاء أو غير ذلك (بِسْمِ اللَّهِ) لا بحولي ولا بقوتي، بل أفعل هذا الأمر مستعينا بالله، متبركا باسمه تبارك وتعالى، هذا في كل أمر تسمي في أوله من أمر الدين أو أمر الدنيا، فإذا أحضرت في نفسك أن دخولك في القراءة بالله مستعينا به، متبرئا من الحول والقوة، كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب، وطرد الموانع من كل خير.
هذا معنى البسملة بسم الله الرحمن الرحيم الباء يقال معناها أدخل في هذا الأمر هذا الأمر الذي تريده من قراءة أو دعاء أو غيره وكذلك الأكل وغيره أو الكتابة أدخل في هذا الأمر مستعينا بالله بسم الله لا بحولي ولا قوتي بل أفعل هذا الأمر مستعينا بالله متبركا باسمه تعالى هذا في كل أمر تسمي في أوله من أمر الدين أو من أمر الدنيا الصلاة بسم الله مثلا بسم الله الرحمن الرحيم الأكل بسم الله الرحمن الرحيم الكتابة أي عمل تعمله فاستعن بالله من أمور الدين ومن أمور الدنيا فإذا أحضرت في نفسك أن دخولك في القراءة بالله مستعينا به متبرئا من الحول والقوة كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب تدخل في القراءة لله مستعينا متبرئا من حولك وقوتك فيكون هذا أكبر الأسباب في حضور القلب وطرد الموانع نعم .
(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): اسمان مشتقان من الرحمة أحدهما أبلغ من الآخر، مثل العلام والعليم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، أي أكثر من الآخر رحمة.
الشيخ: نعم الرحمن مشتق من الرحمة الرحمن الرحيم أحدهما أبلغ من الآخر وهو الرحمن الرحمن أبلغ مثل العلام والعليم قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، أي أكثر من الآخر رحمة ولهذا قال "رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما" قال في الرحيم {كان بالمؤمنين رحيما} وأما الرحمن فهي أعم نعم.
وأما الفاتحة فهي سبع آيات: ثلاث ونصف لله، وثلاث ونصف للعبد.
الشيخ: ثلاث ونصف لله ماهي {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ} هذه لله الباقي ثلاث آيات ونصف {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضالين} هذه للعبد نعم.
فأولها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فاعلم أن الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، فأخرج بقوله الثناء باللسان الثناء بالفعل الذي يسمى لسان الحال، فذلك من نوع الشكر. وقوله: على الجميل الاختياري أي الذي يفعله الإنسان بإرادته، وأما الجميل الذي لا صنع له فيه مثل الجمال ونحوه فالثناء به يسمى مدحا لا حمدا.
الشيخ: هذا هو الفرق بين الثناء والحمد الثناء يكون باللسان ويكون بالفعل اللسان يكون بالفعل يسمى لسان الحال وعلى الجميل الاختياري الذي يفعله الإنسان بإرادته الكرم الشجاعة والإحسان أما الجمال الذي لا صنع للإنسان فيه مثل كونه طويل كون بشرته بيضاء هذا ماله صنع فيه إذا أردت أن تمدح إنسان تقول طويل أبيض هذا يسمى حمد ولا مدح يسمى مدح لأنه لا صنع له ماله اختيار في أن يكون أبيض أو يكون بشرته كذا أو كونه طويل هذا لا صنع للإنسان فيه لكن الإنسان كونك تفعل أنت تكون كريم تكون محسن هذا لك اختيار.
قال رحمه الله والفرق بين الحمد والشكر: أن الحمد يتضمن المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه سواء كان إحسانا إلى الحامد أو لم يكن، والشكر لا يكون إلا على إحسان المشكور، فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر، لأنه يكون على المحاسن والإحسان، فإن الله يحمد على ما له من الأسماء الحسنى وما خلقه في الآخرة والأولى، ولهذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} الآية وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} إلى غير ذلك من الآيات.
الشيخ :نعم هنا الفرق بين الحمد والشكر أن الحمد يتضمن الحمد والثناء على المحمود بذكر محاسنه سواء كان إحسان الحامد أو لم يكن يعني تمدح المحمود سواء كان أحسن إليك أو لم يكن أحسن إليك والشكر لا يكون إلا على الإحسان الشكر يكون على النعمة إذا كان له نعمة تشكره وإذا لم يكن له ما يكون شكرا الشكر على النعمة خاص فيكون أيهم أوسع الحمد أوسع الحمد ثناء عليه على الإحسان وغير الإحسان والشكر خاص بالإحسان من جهة أخرى الشكر يكون أعم يكون باللسان وبالقلب وبالجوارح والثناء لا يكون إلا باللسان كل واحد عام من وجه وخاص من وجه ولذلك قال هنا فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر لأنه لا يكون على المحاسن وعلى الإحسان فإن الله يحمد على ماله من الأسماء الحسنى ويحمد على ما خلقه في الآخرة والأولي لهذا قال {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} {قال الحمد لله الذي خلق السموات والأرض} نعم.
وأما الشكر فإنه لا يكون إلا على الإنعام فهو أخص من الحمد من هذا الوجه، لكنه يكون بالقلب واليد واللسان، ولهذا قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً}. والحمد إنما يكون بالقلب واللسان، فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه، والحمد أعم من جهة أسبابه.
الشيخ: نعم الشكر لا يكون إلا على الإنعام وهو أخص من الحمد من هذا الوجه لأن الحمد يكون على الإنعام وغير الإنعام أيهما أعم الحمد لكنه الشكر يكون بالقلب وباليد وباللسان كما قال الله تعالى {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً} قال الشافعي
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير محجبا
والحمد يعني كل ما القلب واللسان فأيهم أوسع الشكر أوسع يكون بالقلب واللسان والجوارح فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه أنواعه كم من الشكر يكون بالقلب وباللسان وباليد والحمد أعم من جهة الأسباب ما هو أسبابه الثناء على المحمود بإنعامه وبغير إنعامه أعم من جهة الأسباب أسبابه يعني الله تعالى يحمد على ماله من الصفات وعلى ما له من الإنعام نعم.
والألف واللام في قوله (الْحَمْدُ) للاستغراق، أي جميع أنواع الحمد لله لا لغيره فأما الذي لا صنع للخلق فيه مثل خلق الإنسان، وخلق السمع والبصر والسماء والأرض والأرزاق وغير ذلك فواضح، وأما ما يحمد عليه المخلوق مثل ما يثنى به على الصالحين والأنبياء والمرسلين، وعلى من فعل معروفا خصوصا إن أسداه إليك، فهذا كله لله أيضا بمعنى أنه، خلق ذلك الفاعل، وأعطاه ما فعل به ذلك، وحببه إليه وقواه عليه، وغير ذلك من أفضال الله الذي لو يختل بعضها لم يحمد ذلك المحمود، فصار الحمد لله كله بهذا الاعتبار.
الشيخ :نعم الحمد لله الألف واللام للاستغراق جميع أنواع الحمد كلها لله لا لغيره الذي لا صنع للمخلوقين فيه ما فيه إشكال خلق الإنسان خلق السمع خلق البصر خلق السماء خلق الأرض كلها واضحة الله ليس له شريك لكن إذا جاء شخص وأثنى عليك كيف يكون لله جاء شخص وأثنى على شخص وجاء فلان الذي يمدحه هذا لله كيف يكون لله الله هو الذي خلق هذه السماء والله هو الذي حرك قلبه وهو الذي أقدره على هذا فصار العبد يرجع لله لأنه هو الذي خلقه وأوجده وأعطاه القدرة وحرك قلبه حتى أتاني فصار العبد كله لله هذا يكون بمعنى خلق الفاعل وأعطاه وحببه إليه وقواه عليه فصار الحمد كله لله من هذه الجهة نعم
وأما قوله: {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فالله علم على ربنا تبارك وتعالى، ومعناه: الإله أي المعبود لقوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} أي المعبود في السماوات والمعبود في الأرض {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} الآيتين.
الشيخ: نعم الآية الله علم على ربنا تبارك وتعالى لا يسمى به غيره الله الرب الإله الخالق الرازق كل هذا لا يطلق إلا على الله ومعنى الإله المعبود
وهو الله في السموات وفي الأرض يعني المعبود في السماوات والأرض هذه الآية التي استدل بها الجهمية على أن الله في كل مكان رد عليهم الإمام أحمد وقال هل من الآيات التي وجدها الجهمية ولكن معنى وهو الله في السموات وفي الأرض يعني أن الله معبود في السماء ومعبود في الأرض وأما هو سبحانه فوق العرش كما في قوله {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} يعني معبود في الأرض ومعبود في السماء والله تعالى فوق العرش قال ثم استوى على العرش سبحانه "إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا" وهو المعبود في السماء وهو المعبود في الأرض نعم.
وأما الرب فمعناه المالك المتصرف.
الشيخ: نعم الرب معناه المالك المتصرف المدبر.
وأما (العالمين) فهو اسم لكل ما سوى الله تبارك وتعالى؛ فكل ما سواه من ملك ونبي وإنسي وجني وغير ذلك مربوب مقهور يتصرف فيه، فقير محتاج؛ كلهم صامدون إلى واحد لا شريك له في ذلك، وهو الغني الصمد.
الشيخ: نعم العالمين اسم لكل ما سوى الله كل ما سوى الله عالم كل ما سوى من ملك أو نبي كل مربوب مقهور يتصرف فيه الله فقير كلهم صامدون لله والله تعالى هو الغني الصمد.
وذكر بعد ذلك {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وفي قراءة أخرى (ملك يوم الدين). فذكر في أول هذه السورة التي هي أول المصحف الألوهية والربوبية والملك. كما ذكره في آخر سورة في المصحف {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاس}.
الشيخ : نعم الربوبية والألوهية ذكرت في أول القرآن وفي آخره في أول سورة في القرآن الفاتحة الحمد لله رب العالمين لله هذه الألوهية رب هذه الربوبية مالك يوم الدين هذا الملك وفي آخر سورة في القرآن {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاس} ذكر الربوبية والملك والألوهية ذكر في الفاتحة الربوبية رب العالمين الألوهية الله الملك مالك يوم الدين في آخر سورة في المصحف{قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس} المؤلف يقول انظر الربوبية والألوهية والملك ذكر في أول سورة تطرق سمعك وفي آخر سورة من القرآن نعم.
فهذه ثلاثة أوصاف لربنا تبارك وتعالى ذكرها مجموعة في موضع واحد في أول القرآن; ثم ذكرها مجموعة في موضع واحد في آخر ما يطرق سمعك من القرآن؛ فينبغي لمن نصح نفسه أن يعتني بهذا الموضع ويبذل جهده في البحث عنه، ويعلم أن العليم الخبير لم يجمع بينها في أول القرآن ثم في آخره إلا لما يعلم من شدة حاجة العباد إلى معرفتها، ومعرفة الفرق بين هذه الصفات; فكل صفة لها معنى غير معنى الصفة الأخرى، كما يقال: محمد رسول الله، وخاتم النبيين، وسيد ولد آدم فكل وصف له معنى غير ذلك الوصف الآخر.
الشيخ: نعم يقول هنا المؤلف ينبغي للإنسان أن يتأمل الربوبية والملك والألوهية ذكر في أول القرآن وفي آخره وما ذكرها الله مجموعة إلا لأمر عظيم فينبغي أن ننتبه لهذا الموطن يعتني بهذا الموضع ويبذل جهده ويعلم أن العليم الخبير لم يجمع بينهم في أول القرآن ثم في آخره إلا لما يعلم من شدة حاجة العباد لمعرفته معرفة الفرق بين هذه الصفات كل صفة لها معنى غير معنى الصفة الأخرى الرب هو مربي العباد الرب مربيهم بنعمه والإله هو المعبود والمالك هو مالكهم وهو المتصرف فيهم كل واحدة لها معنى كما يقال محمد رسول الله وخاتم النبيين محمد رسول الله إثبات الرسالة وخاتم النبيين إثبات النبوة ومن أسمائه العاقب الذي جاء بعد الأنبياء المعقب والحاشر الذي يحشر الناس على عقبه كل صفة لها معنى لها معنى آخر كما يقال الفاتحة الشافية السبع المثاني وهكذا أم القرآن كل صفة لها معنى فكذلك نحن هنا صفة الألوهية غير صفة الربوبية غير صفة الملك كما يقال خاتم النبيين سيد ولد آدم لأنه سيدهم خاتم النبيين يعني لا نبي بعده سيدهم يعني هو أحسنهم وأفضلهم محمد رسول الله إثبات الرسالة وهكذا نعم .
إذا عرفت أن معنى الله هو الإله; وعرفت أن الإله هو المعبود، ثم دعوت الله أو ذبحت له أو نذرت له فقد عرفت أنه الله. فإن دعوت مخلوقا طيبا أو خبيثا، أو ذبحت له أو نذرت له فقد زعمت أنه هو الله. فمن عرف أنه قد جعل "شمسان" أو "تاجا" برهة من عمره هو الله، عرف ما عرفت بنو إسرائيل لما عبدوا العجل، فلما تبين لهم ارتاعوا، وقالوا ما ذكر الله عنهم: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
الشيخ :نعم يقول المؤلف يعرف معنى الله هو الإله والإله هو المعبود فإذا دعوت الله أو ذبحت له ما ذبحت فقد عبدت الله وعرفت أنه المعبود لكن إذا دعوت مخلوقا معناه جعلته إلهك عبدته من دون الله زعمت أنه هو الله هو المعبود فمن عرف أن قد جعل شمسان أو تاجا هذه أناس يعبدون في زمن الشيخ محمد رحمه الله ادعى لهم الولاية يعبدهم الناس قال من جعل شمسان أو تاجا برهة هو الله يعني عبدهم أو ذبح لهم نذر لهم عرف ما عرفت بنو إسرائيل لما عبدوا العجل عبدوا العجل وعرفوا أنهم أخطئوا لما جاءهم موسى لما كان عندهم قبل أن يأتي موسى كانوا يعبدون العجل وهارون نصحهم لكن ما استطاع كادوا يقتلوه فلما جاء موسى وحرق العجل عرفوا أنه ما رب ارتاعوا أصابهم الروع كما قال ولما سقط في أيديهم ارتاعوا وأصابهم الرعب قال فلما ذاب ارتاعوا وخافوا وتبين لهم أنهم أشر {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} نعم.
وأما الرب فمعناه المالك المتصرف، فالله تعالى مالك كل شيء وهو المتصرف فيه، وهذا حق، ولكن أقر به عباد الأصنام الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكر الله عنهم في القرآن في غير موضع كقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} إلى قوله {فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}. فمن دعا الله في تفريج كربته وقضاء حاجته، ثم دعا مخلوقا في ذلك، خصوصا إن اقترن بدعائه نسبة نفسه إلى عبوديته مثل قوله في دعائه (فلان عبدك) أو قول (عبد علي) أو (عبد النبي أو الزبير) فقد أقر له بالربوبية. وفي دعائه عليا أو الزبير بدعائه الله تبارك وتعالى وإقراره له بالعبودية، ليأتي له بخير أو ليصرف عنه شرا، مع تسمية نفسه عبدا له، فقد أقر له بالربوبية، ولم يقر لله بأنه رب العالمين كلهم، بل جحد بعض ربوبيته. فرحم الله عبدا نصح نفسه، وتفطن لهذه المهمات، وسأل عن كلام أهل العلم، وهم أهل الصراط المستقيم، هل فسروا السورة بهذا أم لا؟
الشيخ :نعم في قول الرب المالك المتصرف الله تعالى هو مالك كل شيء وهو المتصرف فيه هذا حق لكن أقر هذا به عباد الأصنام ولا يكفي للتوحيد حتى يوحد الله بالعبادة كما ذكر الله " قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ" قال فمن دعا الله في تفريج كربته وقضاء حاجته ثم دعا مخلوقا فقد أقر له بالربوبية خصوصا إذا نسب نفسه إليه إذا قال عبد فلان قد أقر لهذا المخلوق بالربوبية ولم يقر بأن الله رب العالمين إذا دعا علي أو الزبير فقد أقر له بالعبودية ليأتي له بخير أو يسلم من شر خصوصا إذا سمى نفسه عبدا له قال عبد فلان ولم يقر لله بأنه رب العالمين كلهم بل جحد شيئا من ربوبية الله ثم قال العلماء رحم الله عبدا نصح نفسه وتفطن لهذه المهمات وسأل أهل العلم عما أشكل عليه أهل العلم هم أهل الصراط المستقيم نعم .
وأما الملك فيأتي الكلام عليه; وذلك أن قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وفي القراءة الأخرى {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}.
الشيخ: نعم الملك يعني مالك يوم الدين وفي قراءة ملك يوم الدين معناه عند جميع المفسرين أن المراد أن الله تعالى أنه لا يتصرف أحد فيه ذلك اليوم إلا لله وأن الأمر كله لله قال{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّه}وسيأتي المؤلف يتكلم عن هذا وعن قول البوصيري أنه التجأ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ونسي ربه .
قال رحمه الله فمن عرف تفسير هذه الآية وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها، وبسبب الجهل بها دخل النار من دخلها. فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعنى والإيمان بما صرح به القرآن، مع قوله صلى الله عليه وسلم: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا" من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تحلى باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ... محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فمن عرف تفسير هذه الآية يعني قول مالك يوم الدين مالك يوم الدين وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم يعني التخصيص هو أنه في يوم القيامة وهو يوم الدين تنقطع الأملاك التي كانت في الدنيا ولا يملك أحد لأحد شيئا وإنما الملك والأمر لله كما قال الله تعالى{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّه} قال فمن عرف تفسير هذه الآية مالك يوم الدين وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم لماذا خصص مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره لأنها تنقطع الأملاك في ذلك اليوم تنقطع الأملاك التي كانت في الدنيا ولا يملك أحد لأحد شيئا يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله هذا هو سبب التخصيص من عرف تفسير هذه الآية مالك يوم الدين وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم مالك يوم الدين مع أنه مالك ليوم الدين ولغيره عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسب معرفتها دخل الجنة من دخلها وبسب الجهل بها دخل النار من دخلها فيا لها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر عشرين سنة لم يوفها حقها فأين هذا المعنى والإيمان مما صرح به القرآن في قوله يوم "لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله" هذا المراد مع قوله صلى الله عليه وسلم "يا فاطمه يا بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا سليني من مالي ما شئت " الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لفاطمة ما أملك لك شيئا إذا كان رسول الله ما يملك كيف
مالك يوم الدين المؤلف قال اعرف تفسير الآية مالك يوم الدين وأن الله خصص يوم الدين لأنه تنقطع الأملاك ولا أحد يتصرف يوم الدين لكن في الدنيا فيه ظلمة فيه ملوك وفيه من يتجاوز الحدود لكن في يوم القيامة ما أحد يتصرف الملك يومئذ لله خصص بالملك هذا اليوم مع أنه سبحانه مالك كل شيء وعرف أن تخصيصه لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها، وبسبب الجهل بها دخل النار يعني من آمن بالله وآمن بيوم المعاد وأن الله هو المتصرف دخل الجنة أما من لم يؤمن بيوم الدين ولم يعلم هذه المسألة يدخل النار من قال أحد يتصرف مع الله فقد كفر بالله وكفر بهذه الآية قال فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها فأين هذا المعنى والإيمان بما صرح به القرآن بماذا صرح القرآن صرح القرآن بأنه لا تملك نفس لنفس شيئا {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّه}وضم له مع قول النبي لفاطمة "يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا " ما أقدر أنفعك شيئا ما أقدر يوم القيامة ما أقدر لا أقدر هناك شيئا لكن في الدنيا سليني أعطك لكن في يوم القيامة ما أغني عنك من الله شيئا ضمه إلى قول البوصيري يخاطب الرسول يقول :
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تحلى باسم منتقم
شوف هذا فيه سب لله يقول أنت يا محمد ما يضيق جاهك بي يوم القيامة إذا الكريم وهو الله اتصف بصفة المنتقم ما في إلا انتقام والعذاب ألجأ إليك يا محمد هكذا يقول الكريم وهو الله اتصف باسم الانتقام ما في إلا الانتقام والعذاب إذا مالي إلا الرسول مالي إلا أنت يا رسول الله لن يضيق رسول الله جاهك بي لأن الكريم خلاص ما في أمل في الكريم الكريم هو الله اتصف باسم منتقم ما في إلا انتقام وعذاب إذا ما في إلا الرسول انظر كيف والعياذ بالله أليس هذا سب لله ولن يضيق رسول الله جاهك بي يا رسول الله ما يضيق جاهك بي إذا كان الكريم تحلى باسم منتقم وما فيه إلا انتقام أنت يا رسول الله الملجأ .
فإن لي ذمة منه بتسميتي ... محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم
وأنا اسمي محمد ورسول الله محمد ثم قال البيت الثالث.
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
إن لم تأخذ يوم المعاد بيدي يا رسول الله وإلا فإني هالك نسي ربه لاحول ولا قوة إلا بالله وأيضا يقول في الأبيات.
فإنَّ مِن جُودِك الدُّنيا وضَرَّتها
يخاطب الرسول من جودك يا محمد الدنيا وضرتها تملك الدنيا وضرتها تملك الدنيا والآخرة ماذا بقي لله إذا كان الرسول يملك الدنيا والآخرة فماذا بقي لله هل بقي لله شيء فإن من جودك الدنيا وضرتها الآخرة
ومِن عُلومِك عِلمَ اللَّوحِ والقَلَمِ
علم اللوح المحفوظ وعلم القلم الذي كتب المقادير نعوذ بالله من هذا الغلو غلو غلو في مخلوق يقول إن هذا المخلوق إن الرسول يملك الدنيا والآخرة ماذا بقي ما بقي لله شيء ويقول يا رسول الله إن لم تأخذ بيدي فإني هالك والله ما فيه أمل لأنه اتصف باسم منتقم ما في إلا انتقام وعذاب إذا ما في إلا الرسول لن يضيق يا رسول الله جاهك بي
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
نعوذ بالله من هذا الغلو هذه البردة بعض الناس يقرءونها في الصباح والمساء ورد جعلوها ورد صباح ومساء شرك ويقرءونها في المولد احتفال المولد يقرءون هذه القصيدة نسأل الله السلامة والعافية المؤلف تكلم تعليق عليها نعم.
قال رحمه الله فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعي أنه من العلماء، واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن.
انظر هذا افتتن بهذه القصيدة الناس يقرءونها صباح مساء ويدعون العلم واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن يكررونها ولا يقرءون القرآن يكررون هذه البردة ويقرءونها ورد صباحا ومساء وهي شرك نعم.
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وقوله: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا" لا والله، لا والله لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق، وأن فرعون صادق، وأن محمدا صادق على الحق، وأن أبا جهل صادق على الحق. لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان.
الشيخ :تأمل الإنسان من نصح نفسه من فتن بهذه البردة هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات أن يقول أن الرسول يملك الدنيا والآخرة وأنه إن لم يأخذ بيده هلك مع قول الله لا تملك نفس لنفس شيئا لا تملك نفس نكرة في سياق النفي أي نفس ومنها نفس محمد لا تملك نفس لنفس شيئا النكرة عند الأصوليين في سياق النفي تعم أي نفس يشمل نفس محمد {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} فنفس الرسول لا يملك لأحد شيئا حتى قال لابنته فاطمة أخص الناس به قال سليني من مالي ما شئت في الدنيا أعطيك لكن لا أغني عنك من الله شيئا يوم القيامة ما أملك شيئا وهذا يقول يا رسول الله خذ بيدي وأنا هالك إن لم تأخذ بيدي وأنت تملك الدنيا والآخرة نعوذ بالله يقول المؤلف هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بهذه الآية هل يجتمع في قلب مسلم هل يجتمع قوله {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}.ثم قول الرسول "سليني ما شئت " وقول البوصيري خذ بيدي يا رسول الله وإلا فإني هالك ولن يضيق يا رسول الله جاهك بي المؤلف حلف ثلاث مرات لا يجتمعان لا يجتمعان التصديق بالبردة والتصديق بالآية قال لا والله لا والله لا والله كم مرة ثلاث مرات حلف أنه لا يجتمع لا يجتمع في قلب إنسان التصديق بهذه الأبيات والتصديق بالآية الكريمة وبالحديث "لا تملك نفس لنفس شيئا" " لا أغني عنك من الله شيئا " وهذا يقول إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فإني هالك لا والله لا والله ما يمكن أن يجتمعا إلا أن يجتمع في قلب إنسان أن موسى صادق وأن فرعون صادق هل يجتمع في قلب واحد موسى صادق وفرعون صادق هل يمكن ما يجتمع فكذلك هذا لا يجتمع كذلك محمد صادق وأبو جهل صادق محمد صادق على الحق وأبو جهل صادق على الحق هل يجتمعان ما يمكن قال لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان الغراب أسود هل يمكن أن يشيب ويصير أبيض ما يمكن ممكن الغراب يصير أبيض ما يمكن لا يجتمعان إلا لو شابت مفارق الغربان لو صار الغراب مفارقه أبيض يمكن هذا لا يمكن نعم.
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة، ومن فتن بها عرف غربة الإسلام، وعرف أن العداوة واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا، ليس عند التكفير والقتال، بل هم الذين بدءونا بالتكفير والقتال، بل عند قوله: {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} وعند قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} وقوله {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ}. فهذا بعض المعاني في قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بإجماع المفسرين كلهم. وقد فسرها الله سبحانه في سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} كما قدمت لك.
الشيخ: نعم يقول من عرف البردة هي القصيدة التي منها الأبيات من فتن بها عرف غربة الإسلام وعرف أن العداوة استحلال دمائنا وأموالنا لأن استحلوا دماء الشيخ وأمواله ليس عن تكفير القتال بل هم الذين بدءونا بالتكفير والقتال لأن الشيخ ينهاهم عن دعاء غير الله ولا تدعوا مع الله أحدا وينهاهم وعند قوله {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}. دعاء الصالحين وعبادة من دون الله ينهاهم فلذلك كفروا الشيخ وقول الله {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} قال هذه بعض المعاني في قول مالك يوم الدين بأقوال جميع المفسرين وقد فسر الله في سورة إذا السماء انفطرت {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} نعم
واعلم أرشدك الله أن الحق لا يتبين إلا بالباطل كما قيل:
... وبضدها تتبين الأشياء ...
فتأمل ما ذكرت لك ساعة بعد ساعة، ويوما بعد يوم وشهرا بعد شهر، وسنة بعد سنة لعلك أن تعرف ملة أبيك إبراهيم ودين نبيك صلى الله عليه وسلم فتحشر معهما; ولا تصد عن الحوض يوم الدين، كما يصد عنه من صد عن طريقهما ولعلك أن تمر على الصراط يوم القيامة، ولا تزل عنه كما زل عن صراطهما المستقيم في الدنيا من زل، فعليك بإدامة دعاء الفاتحة مع حضور قلب وخوف وتضرع.
الشيخ: نعم المؤلف قال اعلم أرشدك الله دعاء أن الحق لا يتبين إلا بالباطل فلا يتبين التوحيد إلا بضده الشرك كما قيل:
... وبضدها تتبين الأشياء...
والمؤلف يقول تأمل ساعة بعد ساعة، ويوما بعد يوم وشهرا بعد شهر يعني تأمل مرة بعد مرة لا تستعجل حتى يتبين لك الحق لعلك أن تعرف ملة أبيك إبراهيم ودين نبيك وتحشر معهما ولا تصد عن الحوض يوم الدين كما يصد عنه المرتدين الذين ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إني واقف على الحوض وإن يؤتى بأقوام فينادون كما تنادى الإبل العطاش فأقول ربي أصحابي أصحابي فيقول الله تعالى إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم فأقول سحقا سحقا لمن غير من بعدي" قال حتى لا تصد عن الحوض يوم الدين كما يصد عنه من صد عن طريقهما من صد عن طريقهما في الدنيا صد عن الحوض ولعلك أن تمر عن الصراط يوم القيامة ولا تزل عنه كما زل عن صراطهم المستقيم في الدنيا من زل ثم قال فعليك بإدامة دعاء الفاتحة مع حضور قلب وخوف وتضرع نعم.
وأما قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع، والخوف والذل. وقدم المفعول وهو إياك، وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة; والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، فالأول التبرؤ من الشرك، والثاني التبرؤ من الحول والقوة فقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي إياك نوحد، ومعناه أنك تعاهد ربك ألا تشرك به في عبادته أحدا، لا ملكا ولا نبيا ولا غيرهما، كما قال للصحابة: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} فتأمل هذه الآية واعرف ما ذكرت لك في الربوبية، أنها التي نسبت إلى "تاج" و"محمد بن شمسان" فإذا كان الصحابة لو يفعلونها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن فعلها في تاج وأمثاله؟ وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هذا فيه أمران: أحدهما سؤال الإعانة من الله، وهو التوكل والتبري من الحول والقوة. وأيضا طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد.
نعم هذا الكلام على قول إياك نعبد وإياك نستعين فالعبادة كمال الحب وكمال الخضوع والخوف والذل العبادة قائمة على ركنين كمال الحب وكمال الخضوع كمال الحب والتعظيم وكمال الخضوع والذل إذا اجتمعا فهي العبادة وإذا انفردا فلا تكون عبادة قد تحب شخص لكن ما تخاف منه وقد تخاف من إنسان لكن لا تحبه فالإنسان يحب الوالدين يحب المال لكن ما في ذل وخضوع ويخاف من اللص لكن لا يحبه فإذا اجتمعا كمال الحب وكمال الذل العبادة قائمة على ركنين غاية الحب مع غاية الذل كما قال العلامة ابن القيم وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبان وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القطبان عباده الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبان فعليهم فلك العبادة دائر يدور على المحبة غاية المحبة وغاية الذل وما الذي يديرهما ومداره بالأمر أمر رسوله لا بالهوى والنفس والشيطان فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع قدم المفعول إياك نعبد وإياك وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك ولا نتوكل إلا عليك هذا هو كمال الطاعة كمال الطاعة يلزم من كمال الألوهية هو الطاعة يلزم هذا تخضع وتذل لا بد أن تطيع ما يمكن لو كنت صادقا لأطعته إن المحب لما يحب مطيع
أتعصي الإله وتزعم حبه ما ذاك في إمكان
لو كنت صادقا لأطعته إن المحب لما يحب مطيع
{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} لما ادعى قوم محبة الله امتحنهم الله بهذه الآية هذه الآية تسمى آية المحنة آية الامتحان ادعى قوم أنهم يحبون الله فامتحنهم الله بها قل إن كنتم تحبون الله فيه دليل ما هو الدليل؟ فاتبعوني من كان متبعا للرسول فهو صادق في زعمه ومن كان لا يتبع الرسول فهو كاذب ادعاء ما يقبل إلا بدليل قال والدين كله يرجع إلا هذين المعنيين العبادة والاستعانة الأول التبرؤ من الشرك إياك نعبد والثانية التبرؤ من الحول والقوة إياك نستعين إياك نعبد أي إياك نوحد ومعناها أنك تعاهد ربك ألا تشرك به شيئا في عبادة أحد هذا معناه إياك نعبد أن تعاهد الله أنك لا تشرك به لا ملك ولا نبي ولا غيرهم كما قال الله للصحابة {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} كفر اتخاذ الملائكة والنبين أربابا فتأمل هذه الآية واعرف ما ذكرت لك في الربوبية، أنها التي نسبت إلى "تاج" و"محمد بن شمسان" هذه أسماء ناس معظمين في زمن الشيخ تعبد من دون الله تاج وشمسان يدعون لهم الولاية فإذا كان الصحابة لو فعلوها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن فعلها في تاج وأمثاله؟ وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هذا فيه أمران: أحدهما سؤال الإعانة من الله، وهو التوكل والتبري من الحول والقوة يعني ليس لي حول ولا قوة أنت يا الله تعينني إن أعنتني قدرت والثاني طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد أنها لك أيها العبد نعم.
وأما قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فهذا هو الدعاء الصريح الذي هو حظ العبد من الله، وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقه هذا المطلب العظيم، الذي لم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه، كما من الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بقوله: {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} والهداية ها هنا التوفيق والإرشاد. وليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة، فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله.
الشيخ :الله أكبر يا سلام {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فهذا هو الدعاء الصريح الذي هو حظ العبد من الله، وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقك هذا المطلب العظيم هذا المطلب العظيم الذي لم يعطه أحد في الدنيا والآخرة لم يعط أحد أفضل منه أفضل ما أعطي الإنسان {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} الأنبياء هدوا إلى الصراط المستقيم أعطوا أفضل شيء الأنبياء هدوا إلى هذا وأن تسأل الله أن تكون معهم من النبيين والصديقين صراط الذين أنعم عليهم النبيين والصديقين والشهداء والصالحين أفضل مطلب يعطاه الإنسان ما هو الهداية لم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه وقد من الله على رسوله بعد الفتح بالهداية وقال {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} الهداية ها هنا التوفيق والإرشاد التوفيق أن الله تعالى هو الموفق وأن يجعلك تقبل الحق وترضاه وتختاره هذه لا يملكها إلا الله {إنك لا تهدي من أحببت} من هو الموفق هو الله لكن الرسول يستطيع هداية الدلالة والإرشاد "وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم" والدعاء يملك هداية الإرشاد والدلالة ينصحون ويضعون يملكون لكن من الذي يخلق الهداية في القلب يختار ويهدي هذا خاص بالله اهدنا الصراط المستقيم ولهذا قال الله تعالى نفى عن نبيه "إنك لا تهدي من أحببت" فإذا قال شخص كيف الهداية أثبتت للرسول ونفيت عنه نفيت وقال إنك لا تهدي" وأثبتت وقال "وإنك لتهدي" نقول الهداية هدايتان التي نفيت عن الرسول غير التي أثبتت أثبت للرسول هداية الدلال والإرشاد والوعظ والنصح والتي نفيت عنه هداية التوفيق والإلهام وخلق الهداية في القلب وجعله يختار الحق ويرضى به وهذا إلى الله {إنك لا تهدي من أحببت} نزلت لما مات أبو طالب على الشرك سلاه وقال {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} وأما هداية الدلالة أثبتها الله {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} وقال وليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة يعني مضطر إلى الهداية فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم النافع والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله هذه الهداية تتضمن العلم النافع والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى هذه الهداية نسأل الله أن يهدينا وإياكم إلى الصراط المستقيم اللهم اهدنا فيمن هديت نعم.
والصراط الطريق الواضح والمستقيم الذي لا عوج فيه، والمراد بذلك الدين الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأنت دائما في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم وعليك من الفرائض أن تصدق الله أنه هو المستقيم، وكلّ ما خالفه من طريق أو علم أو عبادة فليس بمستقيم، بل معوج. وهذه أول الواجبات من هذه الآية، وهو اعتقاد ذلك بالقلب. وليحذر المؤمن من خدع الشيطان، وهو اعتقاد ذلك مجملا وتركه مفصلا، فإن أكثر الناس من المرتدين يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق وإنّ ما خالفه باطل، فإذا جاء بما لا تهوى أنفسهم فكما قال تعالى: {فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ}.
الشيخ :نعم الصراط هو الطريق الواضح والمستقيم الذي لا عوج فيه ما هو الصراط المستقيم هو الدين الذي أنزله الله على رسوله هو دين الإسلام وهو صراط المنعم عليهم وهو العلم النافع والعمل الصالح والمنعم عليهم هم رسول الله وأصحابه وأنت دائما في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم عليك من الفرائض أن تصدق الله أنه هو المستقيم فرض عين أن تصدق أن الصراط المستقيم هو دين الإسلام وهو ما جاء به الرسول فرض عليك تصدق الله أن الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه وكل من خالف من طريق أو عبادة فهو طريق معوج المستقيم هو دين الإسلام وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء في الكتاب والسنة وما سواه معوج هذه أول واجباتنا أن تصدق الله تعتقد بالقلب أن ما جاء به الرسول هو الحق وما خالف هو الباطل يقول وليحذر من خدع الشيطان وهو اعتقاد ذلك مجملا وتركه مفصلا بعض الناس يصدق الرسول إجمالا بدون تفصيل فإذا قال بعض الناس...هو على الحق ما جاء به الحق لكن إذا جاءت مسألة تخالف هواهم ما قبلوها تفصيل لا ما يصدق تفصيلا لكن يصدقون إجمالا يحذر المؤلف لا احذر بعض الناس الذين يصدقون إجمالا ولا يقولون تفصيلا فإن أكثر الناس من المرتدين يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق وإنّ ما خالفه باطل فإذا جاء بما لا تهوى أنفسهم ما أطاعوا فكما قال تعالى: {فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ} نسأل الله السلامة والعافية نعم.
وأما قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضالين} فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم، والضالون العاملون بلا علم، فالأول صفة اليهود والثاني صفة النصارى وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون، ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم، وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات، فيا سبحان الله كيف يعلمه الله ويختار له، ويفرض عليه أن يدعو به دائما مع ظنه أنه لا حذر عليه منه، ولا يتصور أنه يفعله، هذا من ظن السوء بالله. والله أعلم، هذا آخر الفاتحة.
الشيخ :غير المغضوب عليهم ولا الضالين المغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم ويدخل في ذلك اليهود وليست خاصة باليهود كل من لم يعمل بعلمه فهو مغضوب عليه والضالون العاملون بلا علم فالأول صفة اليهود والثاني صفة النصارى يقول المؤلف وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون كان هذا خلاص هذا اليهود والنصارى لسنا منهم ممكن تكون منهم إذا ما عملت بعلمك تكون منهم وإذا تعبدت على ضلال تكون منهم و ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء يقر بأن الله فرض عليه أن يدعو بهذا الدعاء سبع عشرة مرة في اليوم والليلة هذه فرض عليك كيف فرض عليك تدعو بهذا الدعاء وأنت سليم لو كنت آمن ما دعوت بهذا الدعاء لكن يخشى عليك فأن تدعو حتى لا تزل بك القدم لست آمنا بعض الناس يقول لا هذا ليس لي هذا باليهود والنصارى وما نحن منهم لسنا منهم لا قد تكون منهم إذا ما عملت بعلمك صرت منهم ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء فرض في كل ركعة ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات ثم يقول يا سبحان الله كيف يعلمه الله ويختار له ويفرض عليه أن يدعو به دائما مع ظنه أنه لا حذر عليه منه كيف يأمرك الله أن تتعوذ من طريق المغضوب عليهم ولا الضالين سبعة عشر مرة وأنت آمن لا يمكن لست آمنا لو كنت آمنا ما دعوت كيف يفرض عليك أن تدعو وأنت لا حذر عليك منه ولا يتصور أن تفعله قال هذا من ظن السوء بالله
قال رحمه الله أما آمين فليست من الفاتحة، ولكنها تأمين على الدعاء، معناها: "اللهم استجب"، فالواجب تعليم الجاهل لئلا يظن أنها من كلام الله والله أعلم.
الشيخ: آمين معناها الله اللهم استجب ليست من الفاتحة ولكنها دعاء دعاء بالاستجابة.
وهذه مسائل مستنبطة من سورة الفاتحة; استنبطها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
الأولى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فيها التوحيد.
الشيخ: فيها التوحيد {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هي التوحيد هي تخصيص الله بالعبادة يعني نعبدك ولا نعبد غيرك {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هذا التوحيد نعم.
الثانية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فيها المتابعة.
الشيخ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم} ما يكون الصراط مستقيم إلا بما جاء به الرسول فإذا لابد من أمرين ما تصح العبادة أبدا إلا بالأمرين التوحيد والمتابعة التوحيد هو الإخلاص لله والمتابعة على هدى الرسول ف {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فيها هذا الأصل الأول التوحيد والإخلاص و{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم} فيها المتابعة إذا هذان الشرطان لصحة العبادة لابد منهما نعم.
الثالثة: أركان الدين: الحب والرجاء والخوف، فالحب في الأولى، والرجاء في الثانية، والخوف في الثالثة.
الشيخ :يعني أركان الدين أو أركان المحبة ثلاثة الحب والرجاء والخوف الحب في قول الله {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}والرجاء في قول {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} والخوف في قول {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} الثلاثة هي أركان العبادة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}الحمد الثناء على المحمود مع محبته {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} رجاء ترجو رحمة الله{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} خوف من عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو الموحد وقد غلط في هذا بعض الطوائف الصوفية يعبدون الله بالحب وحده من دون خوف ومن دون رجاء هذه زندقة ما أعبد الله بالخوف والرجاء تصير نفعي ما تنظر إلا أن تنفع نفسك فقط لا نفعي أنت حتى بعضهم يفضل العذاب يقول العذاب للمخالف مخالف لفطرته يقول أنا ما أريد أنا أحب حبه لذاته لا خوف ولا رجاء الذي ما يعبده إلا بالخوف والرجاء نفعي عبد سوء ولهذا يقول الصوفية تذكر كتب البعض عن الصوفية رابعة العدوية قالت ما عبدت الله خوفا من ناره ولا طمعا في جنته فأكون كأسير السوء وإنما عبدته حبا لذاته وشوقا إليه هذه يقول العلماء زندقة الزنديق كيف ما تحب الله خوفا ورجاء الله تعالى قال الأنبياء أكمل الناس ماذا قال عنهم لما ذكر في سورة الأنبياء موسى وهارون وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ولوط ونوح وداود وسليمان وذا النون واليسع { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}رغبا هذا الرجاء ورهبا هو الخوف الأنبياء يدعون الله خوفا ورجاء وهذا يقول ما أدعو خوف ولا رجاء هذا أسير السوء أكون كأسير السوء قال الله تعالى{ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} إنهم المتقون يدعون ربهم خوفا وطمعا قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} هذا نفعي عبد سوء أنا عبدته حبا لذاته وشوقا إليه فمن عبد الله بالحب وحده قال العلماء زنديق ومن عبده بالخوف وحده هذه طريقة الخوارج ولهذا كفروا الناس المسلمين بالمعاصي وخلدوهم في النار عبدوا بالخوف ومن عبده بالرجاء هم المرجئة يقول أحدهم لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة عبدوا الله بالرجاء والعلماء من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عبد الله بالخوف وحده فهو خارجي حروري ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ ومن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد هذا من قول الشيخ رحمه الله أركان الدين: الحب والرجاء والخوف، فالحب في الأولى{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} والرجاء في الثانية{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} والخوف في الثالثة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} نعم.
الرابعة: هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى، أعني استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين.
الشيخ :نعم هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى ما هي الآية الأولى {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين كيف هلكوا بذلك هلاك الأكثر بالجهل بالآية الأولى استغراق الحمد أكثر الناس ما حمدوا الله على ماله من الصفات وعلى ما له من الإنعام فهلكوا وكذلك بعض الناس صرفوا الربوبية لغير الله جحد القول بربوبية الله فهلك أكثر الناس لم يستغرق الحمد لله لم يقل المحامد كلها لله ملكا واستحقاقا استغراقا بل يحمد بعض الناس ويسقط له شيئا من الحمد كذلك استغراق ربوبية الله للعالم بعض الناس جحدوا ربوبية الله نوع من الربوبية نعم.
الخامسة: أول المنعم عليهم وأول المغضوب عليهم والضالين.
الشيخ: أول المنعم عليهم هو الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من هذه الأمة وكذلك الرسل من الأمم السابقة أول المنعم عليهم الرسل وأتباعهم والرسول من هذه الأمة وأصحابه وأول المغضوب عليهم اليهود بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به "فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين" وأول الضالين النصارى الذين لم يتبعوه بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم نعم.
السادسة: ظهور الكرم والحمد في ذكر المنعم عليهم.
الشيخ: السادسة: ظهور الكرم والحمد في ذكر المنعم عليهم وهذا فيه كرم الله تعالى وحمده على إنعامه على عباده على الرسل وأتباعهم فله الحمد ظاهرا وباطنا سبحانه وتعالى وهذا من كرمه وإحسانه سبحانه وتعالى نعم.
السابعة: ظهور القدرة والمجد في ذكر المغضوب عليهم والضالين.
السابعة: ظهور القدرة والمجد في ذكر المغضوب عليهم والضالين المجد عظمة الصفات وسعتها في كرمه صفاته واسعة سبحانه وتعالى ومن صفاته عدله سبحانه وتعالى لأن غضب على هؤلاء أنعم على هؤلاء وغضب على هؤلاء هذا فيه ظهور قدرة الله ومجده وعظمة صفاته والمجد في لغة العرب كثرة الأوصاف بالكمال وكثرة أفعال الخير وهو متصف بهذا وذاك كما أنه الرحمن الرحيم وهو القهار وهو الجبار وهو المنتقم عظمة الصفة في سعته في كرمه تظهر قدرته ومجده وعظمة صفاته في ذكر المغضوب عليهم الضالين كما أنعم على هؤلاء غضب على هؤلاء نعم.
الثامنة: دعاء الفاتحة مع قوله لا يستجاب الدعاء من قلب غافل.
الشيخ: نعم الثامنة: دعاء الفاتحة {اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضالين} قوله: لا يستجاب الدعاء من قلب غافل يعني ينبغي أن تحضر قلبك تتأمل من هم المغضوب عليهم الذين لا يعملون والنصارى الذين يتعبدون على جهل الاسم الدال على أوصاف عديدة لا تصفه بصفة معينة كالمجد صفة المجد فهو دال على معناه كالمجيد والعظيم والصمد نعم.
التاسعة: قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فيه حجة الإجماع.
الشيخ: حجة الإجماع الذين أنعم الله عليهم هم المؤمنون قال الله تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ} فمن اتبع غير سبيل المؤمنين وانحرف عن صراط المنعم عليهم فقد خالف الإجماع نعم.
العاشرة: ما في الجملة من هلاك الإنسان إذا وكل إلى نفسه.
الشيخ: نعم إذا وكل الإنسان إلى نفسه فإنه هالك ولهذا {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نستعين بك يا الله أعنا على القيام بما أمرتنا به وإلا فلا قدرة لنا نعم.
الحادية عشرة: ما فيها من النص على التوكل.
الشيخ: نعم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نص على التوكل التوكل على الله والاعتماد عليه.
الثانية عشرة: ما فيها من التنبيه على بطلان الشرك.
الشيخ: نعم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} فيها التنبيه على بطلان الشرك في بطلان الشرك إياك نعبد ولا نعبد سواك نعم.
الثالثة عشرة: التنبيه على بطلان البدع.
الشيخ: في قوله {اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} من البدع التخلف عن الصراط المستقيم.
الرابعة عشرة: آيات الفاتحة كل آية منها لو يعلمها الإنسان صار فقيها، وكل آية أفرد معناها بالتصانيف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الشيخ: آيات الفاتحة كل آية منها لو علمها الإنسان صار فقيها نعم الربوبية الألوهية {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} كل آية يفرد معناها بالتصانيف.
هذه السورة في الخلاصة سورة عظيمة لم تنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها قال الحافظ بن كثير هنا فصل الحافظ بن كثير في فصل قصير فيه بيان ما اشتملت عليه السورة قال:
فصل اشتملت هذه السورة الكريمة - هذا كلام الحافظ بن كثير- وهي سبع آيات على حمد الله وتمجيده والثناء عليه ، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا ، وعلى ذكر المعاد وهو يوم الدين ، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه ، والتبرؤ من حولهم وقوتهم ، وإلى إخلاص العبادة لله وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى ، وتنزهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل ، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم ، وهو الدين القويم ، وتثبيتهم عليه حتى يفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة ، المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين، والصديقين، والشهداء،والصالحين
واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة ، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة ، والتحذير من مسالك الباطل ؛ لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة ، وهم المغضوب عليهم والضالون . وما أحسن ما جاء إسناد الإنعام إليه في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وحذف الفاعل في الغضب في قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وإن كان هو الفاعل لذلك في الحقيقة، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}، وكذلك إسناد الضلال إلى من قام به، وإن كان هو الذي أضلهم بقدره، كما قال تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}. وقال {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه سبحانه هو المنفرد بالهداية والإضلال، لا كما تقوله الفرقة القدرية ومن حذا حذوهم، من أن العباد هم الذين يختارون ذلك ويفعلونه، ويحتجون على بدعتهم بمتشابه من القرآن، ويتركون ما يكون فيه صريح في الرد عليهم، وهذا حال أهل الضلال والغي، وقد ورد في الحديث الصحيح: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم". يعني في قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ}، فليس بحمد الله لمبتدع في القرآن حجة صحيحة؛ لأن القرآن جاء ليفصل الحق من الباطل مفرقا بين الهدى والضلال، وليس فيه تناقض ولا اختلاف؛ لأنه من عند الله تنزيل من حكيم حميد.
في كلام هنا كلام لابن القيم نقله الحافظ بن حجر عن خاصية سورة الفاتحة وما لها من التأثير وفي العلاج قال الحافظ بن حجر قال ابن القيم:
" إِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِبَعْضِ الْكَلاَمِ خَوَاصَّ وَمَنَافِعَ، فَمَا الظَّنُّ بِكَلاَمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ-هذا كلام ابن القيم-، ثُمَّ بِالْفَاتِحَةِ الَّتِي لَمْ يَنْزِل فِي الْقُرْآنِ وَلاَ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ مِثْلُهَا، لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ مَعَانِي الْكِتَابِ؟ فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ أُصُول أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَجَامِعِهَا، وَإِثْبَاتِ الْمَعَادِ، وَذِكْرِ التَّوْحِيدِ، وَالاِفْتِقَارِ إِلَى الرَّبِّ فِي طَلَبِ الإْعَانَةِ وَالْهِدَايَةِ مِنْهُ، وَذِكْرِ أَفْضَل الدُّعَاءِ، وَهُوَ طَلَبُ الْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَال مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَعِبَادَتِهِ بِفِعْل مَا أَمَرَ بِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَالاِسْتِقَامَةِ عَلَيْهِ، وَلِتَضَمُّنِهَا ذِكْرَ أَصْنَافِ الْخَلاَئِقِ، وَقِسْمَتَهُمْ إِلَى مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَل بِهِ، وَمَغْضُوبٍ عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ، وَضَالٍّ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لَهُ، مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَالشَّرْعِ، وَالأْسْمَاءِ، وَالْمَعَادِ، وَالتَّوْبَةِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ، وَإِصْلاَحِ الْقَلْبِ، وَالرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ أَهْل الْبِدَعِ، وَحَقِيقٌ بِسُورَةٍ هَذَا بَعْضُ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا مِنْ كُل داء. والله أعلم ".
يقول ابن القيم رحمه الله أيضا:
" وَمِنَ المَعْلُومِ أنَّ بَعْضَ الكَلامِ لَهُ خَواصُّ ومَنافِعُ مُجَرَّبَةٌ، فَما الظَّنُّ بِكَلامِ رَبِّ العالَمِينَ، الَّذِي هو الشِّفاءُ التّامُّ، والعِصْمَةُ النّافِعَةُ، والنُّورُ الهادِي، والرَّحْمَةُ العامَّةُ "ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأي تأثيرا عجيبا في الشفاء
وحول تأثير سورة الفاتحة والرقيا بها في علاج ذوات السموم والسر في النفث والتفل يقول ابن القيم رحمه الله ما نصه:
" وَفِي تَأْثِيرِ الرُّقَى بِالْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا فِي عِلَاجِ ذَوَاتِ السُّمُومِ سِرٌّ بَدِيعٌ، فَإِنَّ ذَوَاتِ السُّمُومِ أَثَّرَتْ بِكَيْفِيَّاتِ نُفُوسِهَا الْخَبِيثَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَسِلَاحُهَا حُمَاتُهَا الَّتِي تَلْدَغُ بِهَا، وَهِيَ لَا تَلْدَغُ حَتَّى تَغْضَبَ، فَإِذَا غَضِبَتْ ثَارَ فِيهَا السُّمُّ، فَتَقْذِفُهُ بِآلَتِهَا، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، وَلِكُلِّ شَيْءٍ ضِدًّا، وَنَفْسُ الرَّاقِي تَفْعَلُ فِي نَفْسِ الْمَرْقِيِّ، فَيَقَعُ بَيْنَ نَفْسَيْهِمَا فِعْلٌ وَانْفِعَالٌ، كَمَا يَقَعُ بَيْنَ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ، فَتَقْوَى نَفْسُ المرقِي وَقُوَّتُهُ بِالرُّقْيَةِ عَلَى ذَلِكَ الدَّاءِ فَيَدْفَعُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَمَدَارُ تَأْثِيرِ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَدْوَاءِ عَلَى الْفِعْلِ وَالِانْفِعَالِ، وَهُوَ كَمَا يَقَعُ بَيْنَ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ الطَّبِيعِيَّيْنِ، يَقَعُ بَيْنَ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ الرُّوحَانِيَّيْنِ، وَالرُّوحَانِيُّ، وَالطَّبِيعِيُّ، وَفِي النَّفْثِ وَالتَّفْلِ اسْتِعَانَةٌ بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ وَالْهَوَاءِ، وَالنَّفَسِ الْمُبَاشِرِ لِلرُّقْيَةِ، وَالذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ، فَإِنَّ الرُّقْيَةَ تَخْرُجُ مِنْ قَلْبِ الرَّاقِي وَفَمِهِ، فَإِذَا صَاحَبَهَا شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ بَاطِنِهِ مِنَ الرِّيقِ وَالْهَوَاءِ وَالنَّفَسِ، كَانَتْ أَتَمَّ تَأْثِيرًا، وَأَقْوَى فِعْلًا وَنُفُوذًا، وَيَحْصُلُ بِالِازْدِوَاجِ بَيْنَهُمَا كَيْفِيَّةٌ مُؤَثِّرَةٌ شَبِيهَةٌ بِالْكَيْفِيَّةِ الْحَادِثَةِ عِنْدَ تَرْكِيبِ الْأَدْوِيَةِ يقول أيضا:
" وَبِالْجُمْلَةِ: فَنَفْسُ الرَّاقِي تُقَابِلُ تِلْكَ النَّفُوسَ الْخَبِيثَةَ، وَتَزِيدُ بِكَيْفِيَّةِ نَفْسِهِ، وَتَسْتَعِينُ بِالرُّقْيَةِ وَبِالنَّفْثِ عَلَى إِزَالَةِ ذَلِكَ الْأَثَرِ، وَكُلَّمَا كَانَتْ كَيْفِيَّةُ نَفْسِ الرَّاقِي أَقْوَى كَانَتِ الرُّقْيَةُ أَتَمَّ، وَاسْتِعَانَتُهُ بِنَفْثِهِ كَاسْتِعَانَةِ تِلْكَ النُّفُوسِ الرَّدِيئَةِ بِلَسْعِهَا.
وَفِي النَّفْثِ سِرٌّ آخر فَإِنَّهُ مِمَّا تَسْتَعِينُ بِهِ الْأَرْوَاحُ الطَّيِّبَةُ وَالْخَبِيثَةُ، وَلِهَذَا تَفْعَلُهُ السَّحَرَةُ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْإِيمَانِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَتَكَيَّفُ بِكَيْفِيَّةِ الْغَضَبِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَتُرْسِلُ أَنْفَاسَهَا سِهَامًا لَهَا، وَتَمُدُّهَا بِالنَّفْثِ وَالتَّفْلِ الَّذِي مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الرِّيقِ مُصَاحِبٌ لِكَيْفِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ، وَالسَّوَاحِرُ تَسْتَعِينُ بِالنَّفْثِ اسْتِعَانَةً بَيِّنَةً، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِجِسْمِ الْمَسْحُورِ، بَلْ تَنْفُثُ عَلَى الْعُقْدَةِ وَتَعْقِدُهَا، وَتَتَكَلَّمُ بِالسِّحْرِ فَيَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الْمَسْحُورِ بِتَوَسُّطِ الْأَرْوَاحِ السُّفْلِيَّةِ الْخَبِيثَةِ، فَتُقَابِلُهَا الرُّوحُ الزَّكِيَّةُ الطَّيِّبَةُ بِكَيْفِيَّةِ الدَّفْعِ، وَالتَّكَلُّمِ بِالرُّقْيَةِ وَتَسْتَعِينُ بِالنَّفْثِ، فَأَيُّهُمَا أقوى كَانَ الْحُكْمُ لَهُ، وَمُقَابَلَةُ الْأَرْوَاحِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ، وَمُحَارَبَتُهَا وَآلَتُهَا مِنْ جِنْسِ مُقَابَلَةِ الْأَجْسَامِ، وَمُحَارَبَتُهَا وَآلَتُهَا سَوَاءٌ، بَلِ الْأَصْلُ فِي الْمُحَارَبَةِ وَالتَّقَابُلِ لِلْأَرْوَاحِ وَالْأَجْسَامِ آلَتُهَا وَجُنْدُهَا، وَلَكِنْ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْحِسُّ لَا يَشْعُرُ بِتَأْثِيرَاتِ الْأَرْوَاحِ وَأَفْعَالِهَا وَانْفِعَالَاتِهَا لِاسْتِيلَاءِ سُلْطَانِ الْحِسِّ عَلَيْهِ، وَبُعْدِهِ مِنْ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ وَأَحْكَامِهَا وَأَفْعَالِهَا. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الرُّوحَ إِذَا كَانَتْ قَوِيَّةً وَتَكَيَّفَتْ بِمَعَانِي الْفَاتِحَةِ، وَاسْتَعَانَتْ بِالنَّفْثِ وَالتَّفْلِ، قَابَلَتْ ذَلِكَ الْأَثَرَ الَّذِي حَصَلَ مِنَ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ فَأَزَالَتْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.".
" وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَوْضِعَ الرُّقْيَةِ مِنْهَا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ أَقْوَى أَجْزَاءِ هَذَا الدَّوَاءِ، فَإِنَّ فِيهِمَا مِنْ عُمُومِ التَّفْوِيضِ وَالتَّوَكُّلِ، وَالِالْتِجَاءِ وَالِاسْتِعَانَةِ، وَالِافْتِقَارِ وَالطَّلَبِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ أَعْلَى الْغَايَاتِ، وَهِيَ عِبَادَةُ الرَّبِّ وَحْدَهُ، وَأَشْرَفِ الْوَسَائِلِ وَهِيَ الاستعانة بِهِ عَلَى عِبَادَتِهِ، مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا
يقول ابن القيم
وَلَقَدْ مَرَّ بِي وَقْتٌ بِمَكَّةَ سَقِمْتُ فِيهِ، وَفَقَدْتُ الطَّبِيبَ وَالدَّوَاءَ
كان في مكة صار مريض ولا عنده دواء ولا طبيب ماذا يعمل يقول
وَلَقَدْ مَرَّ بِي وَقْتٌ بِمَكَّةَ سَقِمْتُ فِيهِ، وَفَقَدْتُ الطَّبِيبَ وَالدَّوَاءَ فَكُنْتُ أَتَعَالَجُ بِهَا-الفاتحة- آخُذُ شَرْبَةً مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَأَقْرَؤُهَا عَلَيْهَا مِرَارًا، ثُمَّ أَشْرَبُهُ فَوَجَدْتُ بِذَلِكَ الْبُرْءَ التَّامَّ، ثُمَّ صِرْتُ أَعْتَمِدُ ذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْجَاعِ فَأَنْتَفِعُ بِهَا غَايَةَ الِانْتِفَاعِ.".
وفق الله الجميع لطاعته وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم