شعار الموقع
شعار الموقع

الرسالة المدنية 1 من بداية الرسالة إلى قوله: "فإذا كانت المخلوقات الغائبة ليس مثل هذه الموجودة مع اتفاقهما في الأسماء...".

00:00

00:00

تحميل
104

الرسالة المدنية 1

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن سيدنا و نبينا و إمامنا و قدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني , أشهد أنه رسول الله إلى الثقلين الجن و الإنس و العرب و العجم و أشهد أنه خاتم النبيين لا نبي بعده و أنه بلغ الرسالة و أدى الأمانة و نصح الأمة و جاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين فصلوات الله و سلامه عليه و على إخوانه من النبيين و المرسلين و على آله و على أصحابه و على أتباعه بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد:

فالرسالة هي جواب الشيخ لسؤال , سؤال وجه إلى الشيخ العلامة حمد بن ناصر رحمه الله سؤال عن آيات الصفات ما موقف المسلم و طالب العلم منها و السؤال أيضا عن اعتقاد الشيخ محمد رحمه الله و مذهبه في الصفات و مذهب أيضا الشيخ حمد بن ناصر و يسأله عن موقف المسلم من آيات الصفات و أحاديثها و يسأل عن مذهبه و مذهب إمامه محمد بن عبد الوهاب رحمه الله و هل تمر الصفات كما جاءت أم تؤول و طلب السائل بسط الكلام فأجاب المؤلف بهذه الرسالة فكلها جواب الشيخ عن سؤال موجه للشيخ حمد بن ناصر .

( متن )

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين :

ما قولكم أدام الله النفع بعلومكم في آيات الصفات، والأحاديث الواردة في ذلك: مثل قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، ومثل قوله: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، وقول النبي ﷺ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وقوله ﷺ: قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن، إلى غير ذلك مما ظاهره يوهم التشبيه؟!

فأفيدونا عن اعتقاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في ذلك؟ وكيف مذهبه؟ ومذهبكم من بعده؟ هل تقرون ما ورد في ذلك على ظاهره مع التنزيه؟ أم تؤولون؟ وأبسطوا الكلام على ذلك، وأجيبوا جوابا شافيا.

وصلى الله على سيدنا محمد، وآله، وصحبه وسلم.

( شرح )

هذا السؤال الذي وجه للشيخ حمد بن ناصر معمر , سؤال عن آيات الصفات مثل قوله تعالى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى هذا فيه إثبات صفة الاستواء , و حديث يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فيه إثبات صفة النزول لله و حديث قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن هذا فيه إثبات الأصابع لله

 يقول ( إلى غير ذلك مما ظاهره يوهم التشبيه ) ظاهره يوهم التشبيه عند أهل التشبيه فالتشبيه يقولون إن الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى  هذا يوهم أن استواء الله على العرش كاستواء المخلوق على الدابة فلهذا يؤولونها يقولون معناها الاستيلاء و كذلك حديث يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا  يوهم أن نزول الله كنزول المخلوق فلذلك يؤولونها الأشاعرة فيقولون المراد بالنزول نزول أمره أو نزول الملك و كذلك قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن  قالوا هذا يوهم التشبيه و يوهم أيضا معنى فاسدا و هي أن أصابع الحق في جوف كل إنسان و أنها تمس قلبه و هذا لا نجده فلا بد من التأويل , هذه أمثلة ذكرها يقول إلى غير ذلك من آيات الصفات و طلب السائل من الشيخ رحمه الله أن يفيده عن مذهبه و مذهب الإمام و هل تمر هذه الصفات كما جاءت أم تؤول و طلب بسط الكلام فأجاب المؤلف رحمه الله بهذه الرسالة كلها جواب الشيخ عن هذا السؤال .

( متن )

الجواب

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قولنا في آيات الصفات، والأحاديث الواردة في ذلك: ما قاله الله ورسوله وما قاله سلف الأمة، وأئمتها، من الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة، وغيرهم من علماء المسلمين فنصف الله تعالى: بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد ﷺ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

بل نؤمن بأن الله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فلا ننفي عنه ما وصف به نفسه، ولا نحرف الكلم عن مواضعه، ولا نلحد في أسماء الله وآياته، ولا نكيف ولا نمثل صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفو له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه، عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

فهو سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لا في صفاته ولا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. بل يوصف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله: من غير تكييف ولا تمثيل، خلافا للمشبهة، ومن غير تحريف ولا تعطيل، خلافا للمعطلة فمذهبنا مذهب السلف: إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، وهو مذهب أئمة الإسلام.

( شرح )

المؤلف رحمه الله أجاب قال الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. افتتح الإجابة بهذه الرسالة الحمد لله رب العالمين اقتداء وتأسيا بالكتاب العزيز فإن الله بدأ كتابه بـالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ., و هي الفاتحة.

و الحمد هو الثناء على المحمود الحمد معناه هو الثناء على المحمود بصفاته الاختيارية مع حبه و تعظيمه و هو أكمل من المدح فإن المدح إخبار بصفات الممدوح سواء أكانت هذه الصفات اختيارية أو جبلية و لا يلزم بذلك المحبة هذا المدح فأنت قد تمدح العدو و لا تحبه قد تمدح الأسد بأنه قوي و أنه ملك الحيوانات مثلا قوي الساعدين لكن لا تحبه و هذه الصفة التي في الأسد صفة جبلية بخلاف الحمد فإنه الثناء على المحمود بصفاته الاختيارية، الصفات الجبلية ككون الإنسان طويل أو قصير أو أبيض هذه صفات ليس للإنسان فيها اختيار لكن الصفات الاختيارية هو أن يكون شجاعا صفة الشجاعة و الإقدام و الإيثار و الإحسان و الرحمة و الإيثار و غير ذلك فالحمد هو الثناء على المحمود بصفاته الاختيارية مع حبه و تعظيمه.

و ( أل ) كلمة ( أل ) للاستغراق و المعنى جميع أنواع المحامد كلها لله ملكا و استحقاقا و لهذا لم يأت في القرآن وفي السنة ( أمدح الله ) و إنما الْحَمْدُ لِلَّهِ.

رَبِّ الْعَالَمِينَ الرب هو المربي و الذي يربيهم و المربي الذي يرب خلقه يخلقهم و يربيهم و ينعم عليهم والْعَالَمِينَ  جمع عالم و هو كل ما سوى الله كل ما سوى الله فهو عالم كل ما سوى الله فهو عالم في المخلوقات عوالم والسماوات عالم و الأراضين و الآدميين و الحيوانات و البحار لا شك كلها عوالم و الله تعالى هو ربها مربيها و خالقها و المتصرف فيها الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

ثم قال ( قولنا ) و لم يذكر الصلاة على النبي ﷺ و على آله و صحبه و لعله اكتفى بذكرها في آخر الرسالة أو لأنها منوية نواها في نفسه أو أنها أسقطت لأن الأولى أن يذكر ( صلى الله على محمد و على آله و صحبه ) و الصلاة صلاة الله على نبيه أصح ما قيل في الصلاة على النبي ﷺ أنها ثناء الله أن الصلاة من الله ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى كما رواه البخاري عن ابن العالية أنه قال ( صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى ).

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثم قال ( قولنا في آيات الصفات، والأحاديث الواردة في ذلك: ما قاله الله ورسوله وما قاله سلف الأمة، وأئمتها، من الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة، وغيرهم من علماء المسلمين ) إذاً المؤلف رحمه الله ليس مبتدعا بل هو من أهل السنة و الجماعة سلفي المعتقد يقول ( قولنا في آيات الصفات، والأحاديث الواردة في ذلك: ما قاله الله ورسوله و ما قاله سلف الأئمة ) و الذي قاله الله و رسوله هو أن الله تعالى أثبت لنفسه الأسماء و أثبت لنفسه الصفات و أثبتها له رسوله فنثبتها لله , الله سمى نفسه بأنه الله و أنه الرب و أنه الخالق و أنه المالك و أنه المدبر و أنه المصرف قال سبحانه هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ۝ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ۝ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى و هكذا فهذه الأسماء التي سمى بها الله نفسه أو سماه بها رسوله عليه الصلاة و السلام.

و كذلك الصفات التي وصف الله بها نفسه و وصفه بها رسوله نثبتها لله على ظاهرها نمررها كما جاءت لا نؤول و لهذا قال المؤلف رحمه الله ( قولنا في آيات الصفات، والأحاديث الواردة في ذلك: ما قاله الله ورسوله وما قاله سلف الأمة، وأئمتها، من الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة ) لأنهم أئمة هدى ( و غيرهم من علماء المسلمين ) ماذا نعمل؟ قال ( فنصف الله تعالى: بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد ﷺ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل) هكذا هي طريقة السلف و المؤلف مشى على طريقة السلف قال نصف الله بما وصف به نفسه , وصف نفسه بالاستواء نصف الله بالاستواء نقول إن الله مستو على العرش كما قال سبحانه الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى  و ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ في سبعة مواضع نصف الله بأنه استوى على العرش لأن هذا هو الذي وصف الله به نفسه في كتابه و وصفه به رسوله (من غير تحريف) ما نحرف و نغير فنقول معنى استوى استولى كما قاله المبتدعة (و لا تعطيل) من غير أن نعطل الصفة و ننكرها (و من غير تكييف) ما نكيف نقول كيفيتها كذا على كيفية كذا و لا تمثيل ما نمثلها بصفات المخلوقين ( بل نؤمن بأن الله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)

قال المؤلف رحمه الله ( فلا ننفي عنه ما وصف به نفسه، ولا نحرف الكلم عن مواضعه، ولا نلحد في أسماء الله وآياته، ولا نكيف ولا نمثل ) إذاً نحن لا ننفي ما وصف الله به نفسه فلا ننفي صفة الاستواء لأن من نفاها فقد عطلها (و لا نحرف الكلم عن مواضعه) لا نحرف الكلم عن مواضعه فنقول نحرف معنى كذا أو معنى كذا أو معنى كذا و لا نلحد  في أسمائه و صفاته الإلحاد الميل بها عن الشرع و الحق و الصواب إلى الباطل (و لا نكيف و لا نمثل) , لا نكيف نقول أن الصفة كيفيتها كذا و كذا و لا نمثل لا نقول أن صفات الله تماثل صفات المخلوقين ( و لا نكيف و لا نمثل صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفؤ له ) لا سمي له يعني ليس له مساميا يساميه و يماثله و لا كفؤ له ليس له كفؤ يكافئه ( ولا ند له ) ليس له ند ( ولا يقاس بخلقه، عما يقول الظالمون علوا كبيرا فهو سبحانه ليس كمثله شيء لا في صفاته لا في ذاته، ولا في صفاته ولا في أفعاله ) ذاته لا تشبه الذوات و صفاته لا تشبه الصفات و أفعاله لا تشبه الأفعال.

يقول المؤلف رحمه الله ( بل يوصف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ) نصف الله بما وصف به نفسه و بما وصفه به رسوله ( من غير تكييف ولا تمثيل ) فالله تعالى ليس كمثله شيء في صفاته , صفاته لا تشبه المخلوقين علم الله ليس كعلم المخلوق علم الله كامل فيعلم ما كان في الماضي و في الأزل الذي لا بداية له فيه و يعلم ما يكون في الحاضر و يعلم ما يكون في المستقبل و يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون, أرأيتم قول الله تعالى عن المشركين أنهم لما بعثهم الله قالوا  رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ قال الله وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ هذا علم الله بما لم يكن لو كان كيف يكون و قال سبحانه وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ و قال عن المنافقين في غزوة تبوك لما تخلفوا وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لما تخلفوا عن الجهاد وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ۝ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ هذا علم الله بما لم يكن كيف سيكون لكن علم المخلوق علم قاصر ما يعلم الماضي و ما يعلم المستقبل و ما يعلم الحاضر الذي بعيد عنه , الله هو عالم الغيب و الشهادة.

إذاً الله لا يقاس بخلقه و لا يماثل خلقه في صفاته كما أنه لا يماثل خلقه في ذاته فله ذات لا تشبه الذوات و صفات لا تشبه الصفات و لا في أفعاله , أفعال الله كالخلق و الرزق و الإماتة و الإحياء فلا يماثل الله أحد في ذلك.

قال بل يوصف بما وصف به نفسه و بما وصفه به رسوله من غير تكييف و لا تمثيل نصف الله بما وصف به نفسه و بما وصفه به رسوله من غير تكييف لا نقول كيفية الصفة كذا و كذا و لا نمثلها بصفات المخلوقين قال (خلافا للمشبهة، ومن غير تحريف ولا تعطيل ) من غير تعطيل هو تعطيل الصفة هو أن تعطل الصفة و ترفع عن الله ( و لا تحريف) نحرف الصفة نقول أن الاستواء بمعنى استولى ( خلافا للمعطلة ) .

( متن )

فمذهبنا مذهب السلف: إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، وهو مذهب أئمة الإسلام كمالك والشافعي، والثوري، و الأوزاعي، وابن المبارك، والإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وهو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم، كالفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، وسهل بن عبد الله التستري، وغيرهم. فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين، وكذلك أبو حنيفة ، فإن الاعتقاد الثابت عنه موافق لاعتقاد هؤلاء، وهو الذي نطق به الكتاب والسنة: قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله ﷺ، لا يتجاوز القرآن والحديث.

وهكذا مذهب سائرهم كما سننقل عباراتهم بألفاظها إن شاء الله تعالى.

( شرح )

و المؤلف رحمه الله بين مذهبه و مذهب الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب و مذهب أئمة الدعوة فقال ( مذهبنا مذهب السلف: إثبات بلا تشبيه ) إثبات للصفات بلا تشبيه نثبت العلم بلا تشبيه لا يشبه علم المخلوق و الصفة لا تشبه صفة المخلوق نثبت صفة النزول و لا يشبه نزول المخلوق بلا تشبيه ( فمذهبنا مذهب السلف إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل ) ننزه الله عن مماثلة المخلوقات لكن لا نعطل الصفة تنزيه الله عن النقائص و العيوب و عن مماثلة المخلوقين لكن بدون تعطيل بلا تعطيل.

قال ( وهو مذهب أئمة الإسلام  ) هذا مذهب أئمة الإسلام ( كمالك والشافعي، والثوري، و الأوزاعي، وابن المبارك، والإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه ) قال ( وهو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم، كالفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، وسهل بن عبد الله التستري، وغيرهم ).

قال المؤلف ( فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين ) ما تنازعوا في أصول الدين , أبو حنيفة و الشافعي و مالك و أحمد اتفقوا في أصول الدين , أصول الدين متفقون فيها , اتفقوا على إثبات الأسماء لله اتفقوا على إثبات الصفات لله و اتفقوا على وجوب التوحيد لله و اتفقوا على الإيمان بالله و اتفقوا على الإيمان بالملائكة و اتفقوا على الإيمان بالرسل و اتفقوا على الإيمان بالقدر و اتفقوا على الإيمان بكل ما جاء في الكتاب و السنة, و الخلاف بين الأئمة الأربعة إنما في الفروع في المسائل الفرعية و لهذا قال المؤلف رحمه الله ( فإنه ليس بين هؤلاء نزاع في أصول الدين وكذلك أبو حنيفة ، فإن الاعتقاد الثابت عنه موافق لاعتقاد هؤلاء ) يعني المؤلف رحمه الله يبين أن اعتقاد الإمام أبي حنيفة موافق لاعتقاد الأئمة الثلاثة موافق لاعتقاد السلف.

قال ( وهو الذي نطق به الكتاب والسنة ) و ذلك أن الواجب إثبات الأسماء و الصفات لله فالاعتقاد الثابت عن أبي حنيفة موافق لاعتقاد هؤلاء و هو الذي نطق به الكتاب و السنة ( قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله ﷺ، لا يتجاوز القرآن والحديث ) هذه المقالة للإمام أحمد رحمه الله قال (لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله ﷺ، لا يتجاوز القرآن والحديث ) فالقاعدة عند أهل العلم أن الأسماء و الصفات توقيفية و معنى توقيفية أنه يوقف فيها عند النصوص فلا يثبت لله من الأسماء و الصفات إلا ما أثبته لنفسه و لا ينفى عنه إلا ما نفاه عن نفسه هذا معنى توقيفية يعني يوقف فيها عند الشرع قال المؤلف ( وهكذا مذهب سائرهم كما سننقل عباراتهم بألفاظه إن شاء الله تعالى )

( متن )

ومذهب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- هو ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة المذكورون، فإنه يصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ﷺ، ولا يتجاوز القرآن والحديث، ويتبع في ذلك سبيل الماضين، الذين هم أعلم الأمة بهذا الشأن نفيا وإثباتا، وهم أشد تعظيما لله وتنزيها له عما لا يليق بجلاله.

فإن المعاني المفهومة من الكتاب والسنة لا ترد بالشبهات، فيكون ردها من باب تحريف الكلم عن مواضعه، ولا يقال: هي ألفاظ لا تعقل معانيها، ولا يعرف المراد منها فيكون ذلك مشابهة للذين لا يعلمون الكتاب والسنة إلا أماني، بل هي آيات بينات، دالة على أشرف المعاني وأجلها، قائمة حقائقها في صدور الذين أوتوا العلم والإيمان إثباتا بلا تشبيه، وتنزيها بلا تعطيل، كما قامت حقائق سائر صفات الكمال في قلوبهم كذلك؛ فكان الباب عندهم بابا واحدا، قد اطمأنت به قلوبهم، وسكنت إليه نفوسهم، فأنسوا من صفات كماله، ونعوت جلاله، بما استوحش منه الجاهلون المعطلون، وسكنت قلوبهم إلى ما نفر منه الجاحدون، وعلموا أن الصفات حكمها حكم الذات، فكما أن ذاته سبحانه لا تشبه الذوات، فصفاته لا تشبه الصفات، فما جاءهم من الصفات عن المعصوم تلقوه بالقبول، وقابلوه بالمعرفة والإيمان والإقرار، لعلمهم بأنه صفة من لا شبيه لذاته ولا لصفاته.

( شرح )

المؤلف رحمه الله بين مذهب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كما طلبه السائل , فإن السائل طلب من الشيخ أن يبين له مذهبه و مذهب الإمام فقال المؤلف رحمه الله : ( ومذهب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى هو ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة المذكورون ) هو ما ذهب إليه مالك و ما ذهب إليه الشافعي و ما ذهب إليه أبو حنيفة يعني أنه ليس مبتدعا بل هو إمام هدى.

إذاً قال مذهب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى هو ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة الأربعة و لم يأت بجديد, مذهبه سلفي قال ( فإنه يصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ﷺ، ولا يتجاوز القرآن والحديث، ويتبع في ذلك سبيل الماضين ) هكذا مذهب الأئمة باختصار أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه و بما وصفه به رسوله و لا يتجاوز القرآن و الحديث ( و يتبع في ذلك سبيل الماضين الذين هم أعلم الأمة بهذا الشأن نفيا وإثباتا ) المعنى أن الأسماء و الصفات توقيفية فيوصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله  ينفى عن الله ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله و لا يتجاوز القرآن و الحديث , قال ( و يتبع في ذلك سبيل الماضين الذين هم أعلم هذه الأمة بهذا الشأن ) و هم الصحابة ( نفيا و إثباتا ( وهم أشد تعظيما لله ) يعني الصحابة ( وتنزيها له عما لا يليق بجلاله فإن المعاني المفهومة من الكتاب والسنة لا ترد بالشبهات، فيكون ردها من باب تحريف الكلم عن مواضعه، ولا يقال: هي ألفاظ لا تعقل معانيها ) بل هي معروفة نعرف أن الرحمة ضد القسوة و أن العلم ضد الجهل و أن الإحسان ضد الإساءة و التقصير و هكذا.

 يقول المؤلف رحمه الله إن السلف و الصحابة هم أعلم الأمة بهذا الشأن نفيا و إثباتا ( و هم أشد تعظيما و تنزيها لله عما يليق بجلاله فإن المعاني المفهومة من الكتاب و السنة لا ترد بالشبهات لأن ردها بالشبهات يكون من باب تحريف الكلم عن مواضعه و لا يقال هي ألفاظ لا يعقل معانيها ولا يعرف المراد منها فيكون ذلك مشابهة للذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) فهؤلاء الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني يزعمون أن المعاني المفهومة من الكتاب و السنة ترد بالشبهات, بين المؤلف أن هذا باطل لا ترد بالشبهات و لا يحرف الكلم عن مواضعه ( و لا يقال هي ألفاظ لا تعقل معانيها و لا يعرف المراد منها ) هذا قاله بعضهم ( بل هي آيات بينات، دالة على أشرف المعاني وأجلها ) لو قال كما يقول بعض أهل البدع هي ألفاظ لا تعقل معانيها و لا يعرف المراد منها هؤلاء المفوضة , المفوضة يقولون نفوض الصفة و لا ندري معناها , ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يقولون لا ندري معناها كلمة لا يفهم معناها كأنها كلمة من لغة أجنبية و هذا باطل نقول الاستواء معلوم له أربع معاني في اللغة ( استقر . و علا . و صعد . و ارتفع ) و تفاسير السلف كلها تدل على هذه المعاني الأربع , معلوم أن الله استقر و علا و صعد و ارتفع فوق العرش كما يليق بجلال الله و عظمته من غير تحريف و لا تعطيل.

 يقول لا نردها بالشبهات و لا نقول هي ألفاظ لا يعقل معانيها و لا يعرف المراد منها فيكون ذلك مشابها للذين لا يعلمون الكتاب و السنة إلا أماني ( بل هو آيات بينات دالة على أشرف المعاني و أجلها ) الشريعة آيات بينات دالة على أشرف المعاني و أجلها ( قائمة حقائقها في صدور الذين أوتوا العلم ) كما قال سبحانه بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ فيجب إثبات الأسماء و الصفات لله إثباتا بلا تشبيه و تنزيها بلا تعطيل , في باب الإثبات تتجنب التشبيه و في باب النفي تتجنب التعطيل.

 قال المؤلف إن حقائق الأسماء و الصفات ( حقائق سائر صفات الكمال في قلوبهم كذلك؛ فكان الباب عندهم بابا واحدا، قد اطمأنت به قلوبهم، وسكنت إليه نفوسهم، فأنسوا من صفات كماله، ونعوت جلاله، بما استوحش منه الجاهلون المعطلون، وسكنت قلوبهم إلى ما نفر منه الجاحدون ), يعني أن أهل السنة و الجماعة مطمأنة نفوسهم و لا يبالون بالمبتدعة الذين ينكرون عليهم.

قال ( وعلموا أن الصفات حكمها حكم الذات، فكما أن ذاته سبحانه لا تشبه الذوات، فصفاته لا تشبه الصفات، فما جاءهم من الصفات عن المعصوم تلقوه بالقبول ) هكذا شأنهم إذا جاء من الصفات عن المعصوم و هو النبي ﷺ أو في الكتاب و السنة تلقوه بالقبول ( وقابلوه بالمعرفة والإيمان والإقرار، لعلمهم بأنه صفة من لا شبيه لذاته ولا لصفاته ) صفات من لا شبيه لذاته و لا لصفاته و الله ليس لذاته شبيه و لا لصفاته شبيه .

( متن )

قال الإمام أحمد لما سئل عن التشبيه: هو أن يقول: يد كيدي، ووجه كوجهي، فأما إثبات يد ليست كالأيدي، ووجه ليس كالوجوه، فهو كإثبات ذات ليست كالذوات، وحياة ليست كغيرها من الحياة، وسمع وبصر ليسا كالأسماع والأبصار.

وهو سبحانه موصوف بصفات الكمال، منزه عن كل نقص وعيب، وهو سبحانه في صفات الكمال لا يماثله شيء، فهو حي، قيوم، سميع، بصير، عليم، خبير، رؤوف، رحيم. خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ

وكلم موسى تكليما، وتجلى للجبل فجعله دكا, لا يماثله شيء من الأشياء في شيء من صفاته , فليس كعلمه علم أحد، ولا كقدرته قدرة أحد، ولا كرحمته رحمة أحد، ولا كاستوائه استواء أحد، ولا كسمعه وبصره سمع أحد ولا بصره، ولا كتكليمه تكليم أحد، ولا كتجليه تجلي أحد , بل نعتقد أن الله جل اسمه في عظمته وكبريائه، وحسن أسمائه، وعلو صفته، لا يشبه شيئا من مخلوقاته، و لا يشبه به  وأن ما جاء من الصفات مما أطلقه الشرع على الخالق وعلى المخلوق فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي، أو صفات القديم بخلاف صفات المخلوق، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات فكذلك صفاته لا تشبه الصفات، وليس بين صفاته وصفات خلقه إلا موافقة اللفظ، والله سبحانه قد أخبر أن في الجنة لحما، ولبنا، وعسلا، وماء، وحريرا، وذهبا. وقد قال ابن عباس: ((ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء)) فإذا كانت المخلوقات الغائبة ليست مثل هذه الموجودة، مع اتفاقهما في الأسماء فالخالق جل وعلا أعظم علوا و مباينة لخلقه من مباينة المخلوق للمخلوق، وإن اتفقت الأسماء.

( شرح )

المؤلف رحمه الله يبين في هذا المقطع أنه يجب إثبات الأسماء و الصفات لله و اعتقاد معناها و أن لها معان حقيقية و نفي التمثيل و التكييف و التشبيه هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة , تثبت قال الله تعالى مثلا يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ تثبت اليد لله و حينما تثبت اليد لله عليك أن تنفي المماثلة تقول لله يد لا تماثل الأيدي و كذلك الوجه لله وجه لا يشابه الوجوه فحينئذ يلزمك أن تنفي التشبيه عن صفات الله بعد أن تثبتها و تعتقد أن الله له الكمال و هو منزه عن النقص.

لذلك قال الإمام أحمد رحمه الله ( أما التشبيه فهو أن يقول: يد كيدي، ووجه كوجهي، فأما إثبات يد ليست كالأيدي، ووجه ليس كالوجوه، فهو كإثبات ذات ليست كالذوات ) يقول المعنى أن التشبيه أن يقول أحدهم أن لله يد كيدي و وجه كوجهي و استواء كاستوائي و هذا يقوله من ! يقوله غلاة الشيعة المشبهة غلاة الشيعة أكثرهم من غلاة الشيعة يقول أحدهم : لله يد كيدي و استواء كاستوائي و محبة كمحبتي, إذاً هذا شبه الله بخلقه و المشبه في الحقيقة لم يعبد الله و إنما يعبد وثنا صوره له خياله و نحته له فكره فهو من عباد الأوثان لا من عباد الرحمن , و لهذا قال العلامة ابن القيم رحمه الله في الكافية الشافية :

لسنا نشبه وصفه بصفاتنا إن المشبه عابد الأوثان

و أيضا حينما يشبه الله بصفات المخلوقين و أيضا يشبه الله بصفات المخلوقين يكون مشابها للنصارى الذين غلو في عيسى حتى شبهوه بالله و جعلوه ابن الله و العياذ بالله كما قال العلامة ابن القيم :

من شبه الله العظيم بخلقه فهو الشبيه لمشرك نصراني

فالمشبه هو الذي يقول إن لله صفات تشبه صفات المخلوقين و هذا في الحقيقة لا يعبد الله و ليس بمسلم لأنه تنقص الرب فالمشبه يعبد وثنا و هو مشابه للنصارى الذين شبهوا عيسى بالله و رفعوه و لهذا قال العلامة ابن القيم :

من شبه الله العظيم بخلقه فهو الشبيه لمشرك نصراني

 إذن المشبه لم يعبد الله و إنما عبد وثنا و هو أيضا مشابه للنصارى الذين غلو في عيسى, و لهذا بين المؤلف رحمه الله هذه المقالة نقلها عن الإمام أحمد أنه قال ( إنما التشبيه الذي يقولك يد كيدب أو وجه كوجهب فأما إثبات يد ليست كالأيدي و وجه ليس كالوجوه فهو إثبات ذات ليست كالذوات وحياة ليست كغيرها من الحياة ), المعنى أن الذي يقول يد كيدي و وجه كوجهي هذا في الحقيقة إثبات ذات ليست كالذوات, يقول الإمام أحمد رحمه الله أن تقول يد كيدي و وجه كوجهي و تستمر, يعني أن تقول لله يد كيدي و وجه كوجهي ( فأما إثبات يد ليست كالأيدي و وجه ليس كالوجوه فهو إثبات ذات ليست كالذوات ). يعني من نزه الله في أسمائه و صفاته و كذلك أيضا من نزه الله في أسمائه و صفاته فإنه يعتبر منزها لله و معظما لله و أما المعطل الذي في الحقيقة نفى الأسماء و الصفات عن الله هذا معطل و هو في الحقيقة لم يثبت لله شيئا من الصفات فيلزمه أن يكون منكرا للرب .

فالمعطل من التعطيل و الخلو و الفراغ و منه الدار إذا عطلت و منه الإبل إذا عطلت عن مراعيها, و المعطل في الحقيقة لم يعبد الله و لم يثبت شيئا, المعطل الذي أنكر الأسماء و الصفات هذا في الحقيقة تنقص الرب و لم يثبت لله شيئا إلا مجرد وجوده في الذهن.

 ثم ذكر المؤلف رحمه الله أن لله وجها لا كالوجوه و له ذات لا تشبه الذوات و له حياة ليست كغيرها و أن الصفات تمر كما جاءت ثم قال  ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وكلم موسى تكليما، وتجلى للجبل فجعله دكا ) هذا وصفه سبحانه خلق السماوات و الأرض في ستة أيام و هو قادر على أن يخلقها في لحظة و لكن لحكمة خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ,( و كلم موسى تكليما ) إثبات التكليم و الكلام و تجلى للجبل فجعله دكا ( و الله تعالى لا يماثله شيء من الأشياء في شيء من صفاته , فليس كعلمه علم أحد، ولا كقدرته قدرة أحد، ولا كرحمته رحمة أحد، ولا كاستوائه استواء أحد، ولا كسمعه وبصره سمع أحد ولا بصره، ولا كتكليمه تكليم أحد، ولا كتجليه تجلي أحد ) المسلم يعتقد أن الله سبحانه  بل نعتقد أن الله جل اسمه في عظمته وكبريائه، وحسن أسمائه، وعلو صفاته، لا يشبه شيئا من مخلوقاته، و لا يشبه به, المشبه كما أنه يعبد وثنا فإنه مشابه للنصارى و النسبة بين المشبهة و النصارى عكسية فالنصارى شبهوا المخلوق بالخالق رفعوا عيسى عن مقام العبودية إلى مقام الألوهية فقالوا إنه ابن الله و المشبهة عكسهم المشبهة تنقصوا الرب و جعلوا صفاته كصفات المخلوقين, فكل من النصارى و المشبهة و النسبة بينهم عكسية.

 و الواجب على المسلم أن يثبت الأسماء و الصفات لله كما يليق بعظمته من غير تمثيل و لا تحريف و لا تعطيل و لا تكييف و لا تمثيل , و لهذا قال المؤلف رحمه الله ( ولا كسمعه وبصره سمع أحد ولا بصره، ولا كتكليمه تكليم أحد، ولا كتجليه تجلي أحد بل نعتقد أن الله جل اسمه في عظمته وكبريائه، وحسن أسمائه، وعلو صفاته، لا يشبه شيئا من مخلوقاته، و لا يشبه به وإنما جاء مما أطلقه الشرع على الخالق وعلى المخلوق ) أسماء الله قسمان قسم مشترك مثل: العزيز قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ العليم وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ الحليم فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ السمع و البصر الفؤاد التصرفات, كلها لا تشابه صفة المخلوقين و لا كاستوائهم, و لهذا قال المؤلف رحمه الله ( و ليس كعلمه علم أحد و لا كقدرته قدرة أحد و لا كرحمته رحمة أحد و لا كاستوائه استواء أحد و لا كسمعه سمع أحد و لا تكليمه كتكليم أحد ) إلى آخر ما ذكره رحمه الله, و بين أنه ليس بين صفة الخالق و صفة المخلوق قال ( إلا موافقة اللفظ ) كما قال ابن عباس ((ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء)) المعنى أن الموجودات في الدنيا تشبه الموجودات في الآخرة في الاسم فالله تعالى أخبرنا أن في الجنة خمر و لبن و عسل و هذه موجودة في الدنيا لكن هل تشبهها؟ تشبهها في أي شيء ! في الاسم و في أصل المعنى لا بد أن يكون مشابهة في أصل المعنى و إلا إن لم يكن هناك مشابهة في أصل المعنى لما استطعنا أن نفهم الخطاب, فلا بد أن تثبت نوعا من المشابهة ما هو ! أصل المشابهة , مسمى الشيء عند قطعه عن الإضافة و الاختصاص مثل العلم مثل كلمة وجود هذه يشترك فيها الخالق و المخلوق كل منهما موجود لكن هذا الاشتراك أين يكون ! في الذهن و التصور فإذا أضفت و خصصت انحذف من كونه في الذهن إلى كونه في الخارج و زالت المشابهة ( علم الخالق ) زالت المشابهة ( علم المخلوق ) الخالق له علم يخصه و المخلوق له علم يخصه و هكذا.

 فإذاً أسماء الله نوعان نوع مشترك مثل العليم و العزيز و القدير و السميع و البصير كل هذه مشتركة قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ والحي و هكذا, فهذه الصفات و هذه الأسماء نثبتها لله كما يليق بجلاله و عظمته و نعتقد أن المشابهة بينهما في اللفظ كما يشبه اللفظ اللفظ, و هناك أيضا إثبات لأصل المعنى ولولا ذلك لما فهم الخطاب.

فالذي يقول: أن الله لا يشبه المخلوقين بوجه من وجوه الشبه معناها أنكر وجود الله فلهذا لما قالت الجهمية أن الله لا يشابه المخلوقين و لا بوجه من وجوه الشبه قال الإمام أحمد ( فردنا على الزنادقة كفرتم ) أنكرتم وجود الله, لا بد أن تثبت نوعا من المشابهة هناك نوع من المشابهة لا بد من إثباته , ما هو؟ مسمى الشيء عند قطعه عن الإضافة و الاختصاص مسمى علم مسمى قدرة مسمى موجود مسمى رحمة هذا يكون في الذهن لكن أضف أو خصص علم الله , علم المخلوق , هنا إذا أضفت زال الاشتباه و إذا قطعت عن الإضافة و الاختصاص جاءت المشابهة لكن المشابهة ما تكون إلا في الذهن , هذا معنى قول المؤلف ( وليس بين صفاته وصفات خلقه إلا موافقة اللفظ اللفظ ) ينبغي أن يزاد ( و أصل المعنى ).

قال المؤلف ( والله سبحانه قد أخبر أن في الجنة لحما، ولبنا، وعسلا، وماء، وحريرا، وذهبا ). المؤلف رحمه الله بين أن الموافقة إنما في اللفظ ( والله سبحانه قد أخبر أن في الجنة لحما، ولبنا، وعسلا، وماء، وحريرا، وذهبا وقد قال ابن عباس: ((ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء)) ) يعني تشبهها في الأسماء و إلا الطعم و اللون و الرائحة هذا شيء عظيم. ( فإذا كانت المخلوقات الغائبة ليست مثل هذه مع اتفاقهما في الأسماء فالخالق جل وعلا أعظم ), إذا كانت المخلوقات الغائبة ليست كهذه الموجودات مع اتفاقهما في الأسماء ( فالخالق جل و علا أعظم علوا و مباينة لخلقه من مباينة المخلوق للمخلوق ), ابن عباس يقول ((ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء)) يعني التي توافق الأسماء حقائق الآخرة فإذا كانت المخلوقات الغائبة ليس مثل هذه الموجودات مع اتفاقها في الأسماء ( فالخالق جل و علا أعظم علوا و مباينة لخلقه من مباينة المخلوق للمخلوق ) إذا كانت المخلوقات الغائبة ليست مثل المخلوقات الموجودة مع كونهم يتفقان في الاسم فكذلك الخالق جل و علا  ( أعظم علوا و مباينة لخلقه من مباينة المخلوق للمخلوق وإن اتفقت الأسماء ). قال نعيم بن حماد الخزاعي : من شبه الله بخلقه كفر و من نفى ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله كفر و ليس فيما وصف الله به نفسه و وصفه رسوله عليه الصلاة  السلام من ذلك تشبيه .

 

............................................................

سؤال :

هل طلب العلم الدنيوي يقدم على نوافل العبادات !

جواب الشيخ :

طلب العلم الدنيوي ينظر إذا كان يعتبر مثل الحرف مثل تعلم الزراعة و الصناعة و التجارة و الحدادة و النجارة هذا ينبغي للمسلم أن يكسب العيش لأهله و لأولاده و إذا حسنت نيته يكون مأجورا , مأجور في كسبه و لا بد أن يكسب و لا يكون عالة على الناس فإذا كانت نوافل العبادة تضعفه عن الكسب, مثلا بعض الناس يحب أن يصوم يوما و يفطر يوما هذا أفضل الصوم صوم داود يصوم يوما و يفطر يوما لكن إذا أفطر يوما و صام يوما لم يقدر أن يشتغل ولا يعمل نقول لا , لا تصوم بل اكسب لأولادك اكسب العيش لأولادك اعمل و اكتفي في صوم الإثنين و الخميس أو صوم ثلاثة أيام من كل شهر الحمد لله , أما أن تصوم و تفطر يوما و تتعطل عن العمل و تكون عالة و كلّا على الناس هذا لا ينبغي ثم أيضا الكسب مأمور به أمر الله به فيكون عبادة , مأمور بأن تكسب و تعمل حتى تنفق على نفسك  على أولادك و لا تكون كلّا على غيرك .

سؤال :

ما الذي جعل المصنف يؤخر ذكر الإمام أبي حنيفة عن بقية الأئمة فإنه قال ( فإن الاعتقاد الثابت عنه موافق لاعتقاد هؤلاء ) و هل خالف الإمام أبو حنيفة رحمه الله أئمة السلف في بعض مسائل العقيدة !

جواب الشيخ :

نعم خالف في مسألة مسمى الإيمان , مسمى الإيمان عند جمهور أهل السنة مالك و الشافعي و أحمد أنه يدخل في مسمى الإيمان الأعمال, و خالف أبو حنيفة و قال الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان و أن مسمى الإيمان التصديق بالقلب و الإقرار باللسان, و هو يوافق الجمهور بالقول أن الأعمال مطلوبة لكن ما نسميها إيمانا يقول الأعمال مطلوبة و لكن لا نسميها إيمانا, نسميها برا نسميها هدى نسميها تقوى , و قال الجمهور نسميها إيمانا و برا و تقوى فالصواب قول الجمهور و هو الذي دلت عليه النصوص أن مسمى الأعمال داخلة في مسمى الإيمان .

سؤال :

في آيات الصفات كقوله تعالى اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فبعد إثبات صفة اليد لله فماذا يقال في تفسير هذه الآية أو ما معنى قول القائل : يدي على يدك و أراد بذلك التأييد و المناصرة !

جواب الشيخ:

فيه إثبات اليد لله إثبات اليد و إثبات الفوقية و أن الله فوق المخلوقين فوق العرش فوق السماوات , الآية فيها إثبات صفة اليد لله و إثبات الفوقية .

سؤال :

هل القول بأن ظاهر آيات الصفات يوهم التشبيه يعتبر كفرا , نرجوا منكم أن توضحوا لنا قول المؤلف أيضا ( كما قامت حقائق سائر صفات الكمال في قلوبهم ) !

جواب الشيخ :

يعتبر كفرا كما قال نعيم بن حماد الخزاعي ( من شبه الله بخلقه كفر و من نفى ما وصف الله به نفسه أو ما وصفه به رسوله كفر و ليس فيما وصف الله به نفسه تشبيها ) لكن الشخص المعين لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة هذا يقال كفر على العموم لكن الشخص المعين لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة.

 وأهل البدع يقولون ظاهر النصوص التشبيه ظاهر النصوص الكفر , قالوا لو أجرينا النصوص على ظاهرها للزم أن يكون كلام الله كفرا لكن يجب علينا أن ننزه كلام الله عن الكفر فنؤول, فمثلا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يقولون لو أثبتنا الاستواء ظاهر النص هنا إثبات الاستواء على وجه استواء المخلوق على الدابة كما أنه إذا سقط الراكب يعني الراكب على الدابة إذا سقطت الدابة سقط الراكب فقياس ذلك أن الرب لو كان على العرش قياس ذلك أن العرش لو سقط لسقط الرب تعالى الله عما يقولون فهذا من أبطل الباطل و هذا كفر و ضلال و لكن يدرأ عنهم الشبهة ما دام هناك شبهة يدرأ التكفير فلا يكفر .

و حقائق الصفات قامت في قلوبهم يعني اعتقدوها اعتقدوا أن الله عليم أن الله متصف بالعلم اعتقدوا أن الله متصف بالسمع اعتقدوا أن الله متصف بالبصر قامت حقائقه في قلوبهم ثم أثبتوها و تلفظوا بها و أوضحوها و أظهروها للناس .

سؤال :

قلنا أن التشابه فقط في الاسم و في أصل المعنى فقط أرجوا زيادة الإيضاح حول أصل المعنى حفظكم الله !

جواب الشيخ :

أصل المعنى أن تأتي بلفظ تقطعه عن الإضافة و الاختصاص مثل لفظ الوجود, كلمة وجود تشمل وجود الخالق و وجود المخلوق, هل هذا تشبيه ! نعم تشبيه لكن في الذهن مثلا لفظ علم لفظ قدرة لفظ... معنى الله تعالى متصف بالعلم و المخلوق متصف بالعلم, فإذا قلت علم و سكت دخل فيه الخالق و المخلوق يعني مسمى علم مسمى قدرة مسمى سمع مسمى بصر هذا يكون في الذهن و فيه تشابه يشمل سمع الخالق و سمع المخلوق بصر يشمل بصر الخالق و بصر المخلوق, تشابه و لكن أن يكون في حدود الذهن ما يخرج عن الذهن متى يخرج عن الذهن إذا أضفت قلت سمع الله زال الاشتباه سمع المخلوق زال الاشتباه و هكذا هذا هو مسمى الشيء هذا لا بد من إثباته و من لم يثبته فإنه كافر لأنه أنكر وجود الله .

سؤال :

ما معنى المباينة في قوله رحمة الله ( الخالق جل و علا أعظم علوا و مباينة لخلقه ) !

جواب الشيخ :

المباينة يعني كونه غير مختلط بالمخلوقات مباين منفصل فالله تعالى فوق العرش مباين لخلقه, بمعنى أن المخلوقات سقفها عرش الرحمن انتهت المخلوقات أعلاها عرش الرحمن و الله فوق العرش, فمباين يعني منفصل عنها لم يدخل في ذاته شيء من مخلوقاته و لا في مخلوقاته شيء من ذاته هذا فيه الرد على المشبهة الذين يقولون أن الله مختلط بمخلوقاته.

الجهمية الذين أنكروا الأسماء و الصفات طائفتان:

 الطائفة الأولى أنكرت علو الله الذين أنكروا علو الله فوق العرش أنكروا علو الله على عرشه ماذا قالوا ! قالت الطائفة الأولى من الجهمية إن الله مختلط بالمخلوقات في كل مكان أين هو في كل مكان حتى قالوا إنه في بطون السباع و في أجواف الطيور و في كل مكان حتى أنهم لم ينزهوه عن الأماكن القذرة تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا, فإذا قيل لهم هذا فيه تنقص للرب بل هو كفر و ضلال قالوا لا أنتم الذين تثبتون العلو بزعمكم تجعلونه محجوبا و متحيزا و في جهة واحدة نحن نقول نعم في جميع الجهات أن تجعله في مكان واحد محجوب محصور جسم متحيز نحن نقول ذاهب في جميع الجهات, و هذا معناه إنكار لوجود الله معناه تنقص الرب و اعتقاد أنه مختلط بالمخلوقات.

 و الطائفة الثانية من الجهمية نفوا النقيضين نفوا العلو و نفوا النقيضين قالوا لا داخل العالم و لا خارجه و لا فوقه و لا تحته و لا مباين له و لا محايد له و لا متصل به و لا منفصل عنه ماذا يكون! شيء لا داخل العالم و لا خارجه هل هناك شيء لا داخل العالم و لا خارجه ! الموجود إما داخل العالم أو خارجه , لا داخل العالم و لا خارجه و لا فوقه و لا تحته و لا مباين له   لا محايد له و  لا متصل به و لا منفصل عنه, هذا ماذا يكون مستحيل لا يمكن وجوده هذا الذي ينفى عنه النقيضين لا وجود له.

فهؤلاء الجهمية طائفتان, طائفة قالت: أنه مختلط بالمخلوقات, و طائفة قالت: أنه نفوا النقيضين عن الله , و أهل السنة قالوا إن الله متصف بصفات و هو فوق العرش لا يماثله أحد من خلقه و هو مباين لخلقه هذا معنى مباين يعني منفصل .

سؤال :

وصف الله سبحانه بالقديم هل هو ثابت في الكتاب و السنة !

جواب الشيخ :

الأولى أن يقال تسمية الله بالقديم , تسمية الله بالقديم لم يرد في الكتاب و لا في السنة و إنما الذي ورد اسمه الأول هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ و هو أحسن من القديم لأن ما من قديم إلا و هناك أقدم منه كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ العرجون النخلة إذا جاء النخل العام و جاء العرجون الجديد سمي الأول قديم و لأن القدم يشعر بالقدم و البلى و التغير.

 و لهذا أنكر العلماء على الطحاوي عندما قال ( قديم ) لكنه قال ( قديم بلا ابتداء ) و الاسم الذي ورد في هذا هو الأول اسمه الأول و هو أحسن من القديم لأنه يدل على الأولية التي لا بداية لها و هو يشعر أنه شيء آيل إليه فمن أسمائه الأول و من أسمائه الآخر و من أسمائه الظاهر و من أسمائه الباطن, و قد فسر النبي ﷺ هذه الأسماء الأربعة في الحديث حديث الاستفتاح فقال: اللهم أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ.

سؤال !

أيضا يسأل عن العالي هل هو من أسماء الله , هل يسمى عبد العالي !

جواب الشيخ :

العالي ليس من أسماء الله و لكن اسم الله المتعال الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ عبد المتعال أما العالي ليس من أسماء الله من أسمائه المتعال الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ​​​​​​​ كما ورد في نص القرآن.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد