شعار الموقع
  1. الصفحة الرئيسية
  2. الدروس العلمية
  3. العقيدة
  4. شرح كتاب الرسالة المدنية
  5. الرسالة المدنية 5 من قوله: "فصل: وأما قوله تعالى يد الله فوق أيديهم...". إلى قوله: وقال محمد بن إسماعيل البخاري: سمعت نعيم بن حماد يقول: من شبه الله بخلقه فقد كفر...".

الرسالة المدنية 5 من قوله: "فصل: وأما قوله تعالى يد الله فوق أيديهم...". إلى قوله: وقال محمد بن إسماعيل البخاري: سمعت نعيم بن حماد يقول: من شبه الله بخلقه فقد كفر...".

00:00
00:00
تحميل
133

الرسالة المدنية5

بسم الله الرحمن الرحيم

( المتن )

فصل

وأما قوله تعالى: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فاعلم أن لفظ اليد جاء في القرآن على ثلاثة أنواع:

مفردا كهذه الآية، وكقوله: بِيَدِهِ الْمُلْكُ.

وجاء مثنى كقوله: كقوله: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ.

 وجاء مجموعا كقوله: مما عمِلَتْ أَيْدِينَا 

فحيث ذكر اليد مثناة أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد، وعدى الفعل بالباء إليها، فقال: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وحيث ذكرها مجموعة أضاف العمل إليها، ولم يعد الفعل بالباء، فلا يحتمل لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ من المجاز ما يحتمله عَمِلَتْ أَيْدِينَا، فإن كل أحد يفهم قوله: فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وأما قوله: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ فلو كان المراد منه مجرد الفعل لم يكن لذكر اليد بعد نسبة الفعل إلى الفاعل معنى، فكيف وقد دخلت الباء، فالفعل قد يضاف إلى يد ذي اليد، والمراد الإضافة إليه؛ كقوله: فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وأما إذا أضيف إليه الفعل، ثم عدي بالباء إلى "يده" مفردة أو مثناة، فهو ما باشرته يده.

ولهذا قال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثا: خلق آدم بيده؛ وغرس جنة الفردوس بيده، فلو كانت اليد هي القدرة لم يكن لها اختصاص بذلك، ولا كانت لآدم فضيلة بذلك على شيء مما خلق بالقدرة.

 وقد صح عن النبي ﷺ: أن أهل الموقف يأتون آدم، فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء فذكروا أربعة أشياء كلها خصائصه.

وكذلك قال آدم لموسى عليهما السلام في محاجته له: اصطفاك الله بكلامه، وخط لك الألواح بيده , وفي لفظ آخر: كتب الله لك التوراة بيده وهو من أصح الأحاديث.

وكذلك في الحديث المشهور: إن الملائكة قالوا: يا رب، خلقت بني آدم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة، فقال الله: لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان.

وأيضا فإنه لو كان قوله خَلَقْتُ بِيَدَيَّ  مثل قوله عَمِلَتْ أَيْدِينَا لكان آدم والأنعام سواء، وأهل الموقف قالوا: أنت أبو البشر خلقك الله بيده، فعلموا أن لآدم تخصيصا وتفضيلا بكونه مخلوقا باليدين.

وقد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ: يقبض الله سماواته بيده اليمنى، والأرض بيده الأخرى. وقال ﷺ: يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة الحديث.

وفي صحيح مسلم في أعلى أهل الجنة منزلة: أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها 

وقال عبد الله بن الحارث: قال النبي ﷺ: خلق الله ثلاثة أشياء بيده: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس الفردوس بيده، ثم قال: وعزتي لا يسكنها مدمن خمر ولا ديوث.

وفي الصحيح عنه ﷺ: تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفأها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر؛ نزلاً لأهل الجنة.

وفي الصحيح مرفوعا: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار الحديث

وفي الصحيح أيضا مرفوعا: المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين.

وقال عمر بن الخطاب : سمعت رسول الله ﷺ يقول: خلق الله آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية، قال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون الحديث.

وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: ما تصدق أحد بصدقة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا طيباً- إلا أخذها الرحمن بيمينه، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل متفق على صحته.

وقال نافع مولى ابن عمر: سألت ابن أبي مليكة عن "يد الله": أواحدة أو اثنتان؟ فقال: بل اثنتان وقال عبد الله بن عباس: ما السماوات السبع و الأرضون السبع وما فيهما في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم.

وقال ابن عمر وابن عباس: أول شيء خلق الله القلم، فأخذه بيمينه، وكلتا يديه يمين، فكانت الدنيا وما فيها من عمل معمول في بر وبحر ورطب ويابس فأحصاه عنده.

وقال ابن وهب، عن أسامة، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي ﷺ قرأ على المنبر: وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قال: مطوية في كفه يرمي بها كما يرمي الغلام بالكرة.

وهذه النصوص التي ذكرنا هي غيض من فيض، وفيما ذكرنا كفاية لمن هداه الله وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ.

( الشرح )

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد :

فهذا الفصل في اليد و ورودها في النصوص المضافة إلى الله في صفة اليد المضافة إلى الله و ورودها في النصوص.

 بين المؤلف رحمه الله أن الذي في النصوص لفظ اليد جاء في القرآن على ثلاثة أنواع:

النوع الأول : جاء ذكر اليد مفردا كقوله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ.

 و اللفظ الثاني جاء مثنى كقوله مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ.

و النوع الثالث: جاء مجموعا في قوله مما عمِلَتْ أَيْدِينَا 

إذن اليد جاء ذكرها في القرآن على ثلاثة أنواع:

 أحيانا تكون مفردةيَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ. فتكون هنا فيها إثبات صفة لله إثبات صفة اليد و المراد جنس اليد إثبات اليد لله تعالى و أن له يداً.

و جاءت نصوص أخرى دلت على أن له يدين اثنتين، النوع الثاني جاء مثنى كقوله تعالى مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. فتأتي صفة اليد مفردة كقوله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ. هذه لإثبات الصفة , و تأتي مثنى كقوله مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. فذكر اليد ( يدي ) مثناة و أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد كقوله مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. ذكر اليد مثناة بِيَدَيَّ و أضاف الفعل إلى نفسه خَلَقْتُ بصيغة الإفراد وعدى الفعل بالباء إليها فقال خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. و هذه تكون من آيات الصفات لإثبات صفة اليد لله و أن لله يدين فـ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ. هذا فيه إثبات صفة اليد لله, و المراد جنس اليد, و أما قوله مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. فذكر اليد مثناة و أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد و عدى الفعل بالباء فدل على أنه من آيات الصفات فقال خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. ففيه إثبات اليدين لله و أن لله يدين كما ذكر في الآية الأخرى بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ.

و النوع الثالث: تأتي اليد مجموعة كقوله عَمِلَتْ أَيْدِينَا  فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فهذه ليست من آيات الصفات فلا يقال أن لله عددا من الأيدي مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا  فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فلا يقال إن لله عددا من الأيدي بل لله يدان اثنتان كقوله مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. و لو كان المراد مجرد الفعل لم يكن يذكر اليد بعد نسبة الفعل إلى الفاعل معنى لو كان المراد مجرد الفعل لم يكن يذكر اليد بعد نسبة الفعل إلى الفاعل معنى، فكيف و قد دخلت الباء لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. عداها بالباء دل على أنها من آيات الصفات, و المراد بالإضافة إليه فالفعل قد يضاف إلى ذي اليد و بالإضافة إليه كقوله فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ  ( وأما إذا أضيف إليه الفعل، ثم عدي بالباء إلى "يده" مفردة أو مثناة، فهو ما باشرته يده ) يكون منافيا للصفات.

 ( ولهذا قال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثا: خلق آدم بيده؛ وغرس جنة الفردوس بيده ) و الأشاعرة يؤولون اليد بالقدرة, فالمؤلف رد عليهم فيقول ( فلو كانت اليد هي القدرة لم يكن لها اختصاص بذلك، ) خلق آدم بيده و غرس جنة الفردوس بيده فلو كان المراد بقدرته فخلق كل شيء بقدرته كل شيء بقدرته ( فلو كانت اليد هي القدرة لم يكن لها اختصاص بذلك ولا كانت لآدم فضيلة بذلك على شيء مما خلق بالقدرة).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله: إن أهل الموقف يأتون آدم، فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده و هذا هو الشاهد إثبات اليد لله, فكذلك قال آدم في محاجته لموسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك الألواح بيده وفي لفظ آخر: كتب الله لك التوراة بيده, وهو من أصح الأحاديث.

(وكذلك في الحديث المشهور: لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان ).

قال المؤلف ( وأيضا فإن لو كان قوله خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. مثل قوله عَمِلَتْ أَيْدِينَا ؛ لكان آدم والأنعام سواء, وأهل الموقف قالوا: أنت أبو البشر خلقك الله بيده، فعلموا أن لآدم تخصيصا وتفضيلا بكونه مخلوقا باليدين ) يعني هناك فرق بين كون إذا ما أضيف الفعل إلى اليد مثناة أو مفردا و عدي بالباء فهذا يكون من آيات الصفات, أما إذا أضيف الفعل إلى الأيدي و قال مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا فهذه ليست من آيات الصفات, فلا يقال إن لله عددا من الأيدي.

ذكر المؤلف رحمه الله حديث: يقبض الله سماواته بيده اليمنى، والأرض بيده الأخرى فيه إثبات اليدين لله و يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة إثبات اليد لله و أن له يمين و شمال.

(وفي صحيح مسلم في أعلى أهل الجنة منزلة: أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي) فيه إثبات اليد لله عديت بالباء ( وختمت عليها ).

( وقال عبد الله بن الحارث: قال النبي ﷺ: خلق الله ثلاثة أشياء بيده: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس الفردوس بيده، قال: وعزتي لا يسكنها مدمن خمر ولا ديوث).

كذلك أيضا ذكر من الأدلة ( في الصحيح تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفأها الجبار بيده ) إثبات اليد لله.

و في الصحيح أيضا: المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين فيه إثبات اليدين لله و أن كلتاهما يمين من الفضل و الشرف و عدم النقص وإن كان له يمين و شمال.

( وقال عمر بن الخطاب : سمعت رسول الله ﷺ يقول: خلق الله آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، ثم استخرج ذريته منه، قال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون 

وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: ما تصدق أحد بصدقة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا طيباً- إلا أخذها الرحمن بيمينه، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل متفق عليه ). في هذا الحديث من الفوائد أن الله تعالى لا يقبل إلا الطيب و فيه إثبات الكف لله و إثبات اليد.

 كذلك حديث ابن عباس ( ما السماوات السبع و الأرضون السبع وما فيهما في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم). إثبات اليد لله .

(و قال  ابن عباس: أول شيء خلق الله القلم، فأخذه بيمينه، وكلتا يديه يمين) يعني كلتا يديه يمين في الشرف و الكرم و الفضل, و ليس المراد أنه ليس له يمين و شمال بل له يمين و شمال, ( فكانت الدنيا وما فيها من عمل معمول في بر وبحر ورطب ويابس فأحصاه عنده.

وقال ابن وهب، عن أسامة، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي ﷺ قرأ على المنبر: وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قال: مطوية في كفه يرمي بها... وهذه النصوص التي ذكرنا هي غيض من فيض ).

المقصود أن اليد لها ثلاثة حالات: إما أن تأتي مفردة و تتعدى بالباء أو تأتي مثنى و تتعدى أيضا بالباء فهذه تكون من آيات الصفات و إثبات جنس الصفات كقوله لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. هذه إثبات أن لله يدين, أما قوله مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا  و قوله فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ  فهذه ليست من آيات الصفات لأن الله أضاف الجمع جمع الأيدي و أضافها إلى الضمير.

( المتن )

فصل

في ذكر بعض ما ورد عن الصحابة والتابعين وأتباع التابعين في مسألة علو الرب تبارك وتعالى على خلقه، وأنه على عرشه المجيد فوق سماواته.

 روى ابن أبي شيبة عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: لما قبض رسول الله ﷺ قال أبو بكر : يا أيها الناس، إن كان محمد إلهكم الذي تعبدون فإن إلهكم قد مات، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت. ثم تلا: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ... الآية.

وروى البخاري في تاريخه عن ابن عمر أن أبا بكر، قال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.

 وروى ابن أبي شيبة عن قيس، قال: لما قدم عمر الشام استقبله الناس وهو على بعيره، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو ركبت برذونا يلقاك عظماء الناس ووجهاؤهم، فقال عمر : ألا أراكم هاهنا؟ وأشار بيده إلى السماء.

وروى عثمان بن سعيد الدارمي أن امرأة لقيت عمر بن الخطاب  وهو يسير مع الناس، فاستوقفته، فوقف لها ودنا منها، وأصغى لها حتى انصرفت، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، حبست رجالا من قريش على هذه العجوز! قال: ويلك، أتدري من هذه؟ قال: لا. قال: هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات، هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت حتى تقضى حاجتها إلا أن تحضرني صلاة فأصليها ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها.

( الشرح )

هذا الفصل في ذكر الآثار عن الصحابة و التابعين و أتباعهم في إثبات علو الرب .

سبق أن علو الله ثابت على خلقه ثابت بالنقل و ثابت بالعقل و ثابت بالفطرة و أن أفراد الأدلة التي تدل على علو الله على خلقه تزيد عن ألف دليل من الكتاب و السنة. و في هذا الفصل يذكر المؤلف رحمه الله أقوال الصحابة و التابعين و أتباعهم في إثبات علو الرب سبحانه في مسألة علو الرب على خلقه و أنه في عرشه المجيد فوق السماوات.

 ذكر الحديث ابن عمر ( لما قبض رسول الله ﷺ قال أبو بكر : يا أيها الناس، إن كان محمد إلهكم الذي تعبدون فإن إلهكم قد مات، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت. ثم تلا هذه الآية: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ... الآية.

وروى البخاري في تاريخه عن ابن عمر أن أبا بكر  قال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ).

 ذكر أيضا ( وروى ابن أبي شيبة عن قيس، قال: لما قدم عمر الشام استقبله الناس وهو على بعيره، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو ركبت برذونا يلقاك عظماء الناس ووجهاؤهم ) كان على بعير فقالوا لو ركبت برذونا و هو دابة من جنس الفرس أو متولدة من الفرس و من الحمر البغل و البرذون كل هذه مراكب كان الناس يركبونها و تكون عندهم في وقت التنقلات يتنقلون عليها, قال : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت فقيل لما قدم عمر الشام استقبله الناس وهو على بعيره، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو ركبت برذونا يلقاك عظماء الناس و وجهاؤهم فقال عمر : ألا أراكم هاهنا؟ وأشار بيده إلى السماء ).

ثم ذكر رواية ( عثمان بن سعيد الدارمي أن امرأة لقيت عمر بن الخطاب  وهو يسير مع الناس، فاستوقفته، فوقف لها ودنا منها، وأصغى لها حتى انصرفت، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، حبست رجالا من قريش على هذه العجوز! قال: ويلك، أتدري من هذه؟ قال: لا. قال: هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات، هذه خولة بنت ثعلبة والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت حتى تقضى حاجتها إلا أن تحضرني صلاة فأصليها ثم أرجع إليها حتى تقضى حاجتها ).

و هذه الآثار فيها إثبات العلو للرب على خلقه في الحديث الأول قال (امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات) هذا فيه إثبات العلو من فوق سبع سماوات, و الشاهد قوله (من فوق سبع سماوات) ففيه إثبات العلو لله .

( المتن )

وقال ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب: روينا من وجوه صحيحة أن عبد الله بن رواحة  مشى إلى أمة له فنالها، فرأته امرأته، فجحدها. فقالت: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن، فإن الجنب لا يقرأ القرآن فقال:

شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا
ويحمله ملائكة شداد ملائكة الإله مسومينا

فقالت: آمنت بالله وكذبت عيني، وكانت لا تحفظ القرآن.

( الشرح )

هذه القصة جاء بها المؤلف لإثبات العلو قوله :

وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمين

إثبات الفوقية , هذه القصة فيها أن عبد الله بن رواحة له أمة, و معلوم أن الإنسان إذا اشترى أمة له أن يزوجها يعقد عليها و له يبيعها و له أن يستمتع بها و لا يحتاج إلى عقد , الحرة إذا تزوجها المسلم لا بد من زوج و شاهدي عدل و ولي, أربعة يحضرون الزوج و الولي و شاهدان و يعقد النكاح بإذن المرأة و موافقة أوليائها, و حينئذ تكون له زوجة و تحل له, أما الأمة إذا اشتريت أمة من السوق اشتريت أمة صارت أمة عندك و يجوز لك أن تتسراها بدون عقد يعني أن تطؤها بدون عقد لأنها أمة تكون من ملك اليمين , هذا عبد الله بن رواحة له أمة فجامعها فرأته امرأة فغضبت فأنكر قال يخيل لك أني جامعتها قالت له رأيت بعيني فأنكر و جحد فقالت إن كنت صادقا فاقرأ القرآن الجنب لا يقرأ القرآن لأجل أن ترى إن قرأ القرآن فهو صادق ما جامع و إن امتنع فهو جنب و كانت لا تقرأ القرآن فقرأ الأبيات هذه فظنت أنها قرآن فقال :

شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة شداد ملائكة الإله مسومينا

أوهم أن هذا قرآن و هي ما تعرف تقرأ القرآن, فقالت آمنت بالله و كذبت بصري , كذبت بصرها و كان بهذا تخلص من المشاكل التي تقع بينه و بينها, هنا المؤلف يقول روى ابن عبد البر بوجوه صحيحة .

( المتن )

وروى الدارمي بإسناده عن ابن مسعود، قال: "العرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم". قال الحافظ الذهبي: رواه عبد الله ابن الإمام أحمد، وابن المنذر، والطبراني، وأبو الشيخ، واللالكائي، والبيقهي، وابن عبد البر، وإسناده صحيح.

وروى الأعمش عن خيثمة عن عبد الله ابن مسعود  ...

( الشرح )

هنا الشاهد من هذا الأثر عن ابن مسعود (  العرش فوق الماء، والله فوق العرش ) فيه إثبات الفوقية , المؤلف ذكر الأدلة على إثبات الفوقية و أن الله فوق العالم, و ذكر الأدلة من الكتاب و الأدلة من السنة و هنا يريد أن يذكر الأدلة من أقوال الصحابة و أقوال التابعين و أتباع التابعين .

( المتن )

وروى الأعمش عن خيثمة عن عبد الله: "إن العبد ليهم بالأمر من التجارة حتى إذا ييسر له - نظر الله إليه من فوق سبع سماوات، فيقول للملك: اصرفه عنه، قال فيصرفه عنه".

وقال عبد الله بن عباس: "تفكروا في كل شيء ...

( الشرح )

هنا المؤلف ذكر عن ابن عباس الأثر ( إن العبد ليهم بالأمر من التجارة حتى ييسر له و ينظر الله إليه من فوق سبع سماوات ). الشاهد قوله ( من فوق سبع سماوات ) دل على أن الله في العلو ( فيقول للملك: اصرفه عنه قال: فيصرفه ) .

( المتن )

قال عبد الله بن عباس: "تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله، فإن بين السماوات السبع إلى كرسيه سبعة أنوار، والله فوق ذلك". ورواه عبد الله ابن الإمام أحمد.

وروى الدارمي أن ابن عباس قال لعائشة حين استأذن عليها، وهي تموت: "وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات".

وروى الدارمي عن نافع، قال: قالت عائشة: و أيم الله لو كنت أحب قتله لقتلته تعني عثمان  وقد علم الله فوق عرشه أني لا أحب قتله.

( الشرح )

هذا الأثر عن ابن مسعود قال ("إن العبد ليهم بالأمر من التجارة حتى إذا ييسر له وينظر الله إليه من فوق سبع سماوات ) هذا فيه إثبات العلو>

و حديث ابن عباس قال (تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله، فإن بين السماوات السبع إلى كرسيه سبعة أنوار، والله فوق ذلك ), و هذا مروي عن ابن عباس و فيه ضعف (تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله ), ثم بين العلة قال ( فإن بين السماوات السبع إلى كرسيه سبعة أنوار، والله فوق ذلك ). هذا يحتاج إلى دليل يحتاج إلى ثبوت ما يكفي النقل عن بعض الصحابة, يحتاج إلى أن ينظر في الأثر و الحديث ثم بعد ذلك يحكم عليه, لأنه قد يكون هذا الحديث لا يصح لأن سنده ضعيف و إذا صح فممكن أن يكون له محمل صحيح. قوله (تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله ) هذا الحديث فيه ضعف.

و أما حديث ابن عباس قال لعائشة حين استأذن عليها و هي تموت (وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات ), الشاهد ( من فوق سبع سماوات ) دل على أن الله في العلو.

وروى الدارمي عن نافع، قال: قالت عائشة: ( وايم الله لو كنت أحب قتله لقتلته يعني عثمان  وقد علم الله فوق عرشه أني لا أحب قتله ) و هذا فيه إثبات العلو لله قولها ( من فوق سبع سماوات ) .

( المتن )

وفي الصحيحين: أن زينب كانت تفخر على أزواج رسول الله ﷺ تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات. وقد تقدم ذلك في لفظ لغيرهما: كانت تقول: زوجني الرحمن من فوق عرشه، كان جبرائيل السفير بذلك، وأنا ابنة عمك.

وقال علي بن الأحمر: كان مسروق إذا حدث عن عائشة، قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله، المبرأة من فوق سبع سماوات.

وقال قتادة: "قالت بنو إسرائيل: يا رب أنت في السماء ..

( الشرح )

في الصحيحين ( أن زينب كانت تفتخر على أزواج رسول الله ﷺ تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات ) هذا فيه إثبات العلو و أن الله فوق مخلوقاته ( كان جبرائيل السفير بذلك ), يعني الواسطة, و تقول زينب ( كان جبريل السفير بذلك  وأنا ابنة عمك ) يعني زينب تفخر زينب بنت جحش تفخر بين النساء تقول كان جبريل السفير, تقول زوجني الله من فوق سبع سماوات هذه من خصائص النبي ﷺ الزواج لا يصح إلا بولي لكن من خصائص النبي ﷺ أن الله زوجه من فوق سبع سماوات زوجه بزينب و كانت تفخر بين النساء تقول للنساء أنتن زوجكن أهاليكن و أنا زوجني الله من فوق سبع سماوات, أنزل الله فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا فدخل عليها النبي ﷺ من دون ولي و لا شهود زوجها الله من فوق سبع سماوات و هذا فيه إثبات العلو و أن الله فوق العرش فتقول زينب: جبريل السفير و أنا ابنة عمك تخاطب الرسول أنا من قريش

وقال علي بن الأحمر: كان مسروق إذا حدث عن عائشة، قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله، المبرأة من فوق سبع سماوات .

( المتن )

وقال علي بن الأحمر: كان مسروق إذا حدث عن عائشة، قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله، المبرأة من فوق سبع سماوات.

( الشرح )

هذا الشاهد ( من فوق سبع سماوات ) إثبات أن الله فوق العرش .

( المتن )

وقال قتادة: "قالت بنو إسرائيل: يا رب أنت في السماء ..

( الشرح )

أنت في السماء يعني في العلو.

( المتن )

وقال كعب الأحبار: قال الله في التوراة: أنا الله فوق عبادي، وعرشي فوق جميع خلقي، وأنا على عرشي أدبر أمور عبادي، لا يخفى علي شيء من أعمالهم.

( الشرح )

كعب الأحبار كان من بني إسرائيل لأنه كان يهوديا فأسلم فيروي عن بني إسرائيل, ولكن على كل حال هو أسلم و هذه الآثار يعني يستأنس فيها و تكون مقوية للنصوص.

وقال كعب الأحبار: قال الله في التوراة: ( أنا الله فوق عبادي، وعرشي فوق جميع خلقي، وأنا على عرشي أدبر أمور عبادي، لا يخفى علي شيء من أعمالهم ) الشاهد قوله ( وأنا على عرشي ) فيه أن الله فوق العرش، إثبات الفوقية .

( المتن )

وقال مقاتل في قوله تعالى: وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا قال: بعلمه يعلم نجواهم ويسمع كلامهم، وهو فوق عرشه وعلمه معهم وقال الضحاك في الآية: هو الله على العرش وعلمه معهم.

( الشرح )

قال قتادة وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا قال إنه معهم يعني بعلمه المراد معهم بعلمه اطلاعا و إحاطة و نفوذ قدرته و مشيئته و هو فوق العرش   مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ, يعني معهم بعلمه، و فيه إثبات المعية لله كما يليق بجلاله و عظمته و قال بعضهم : إنه معهم يعني بعلمه.

 قال المقصود إثبات العلو و إثبات المعية و أنه لا منافاة بينهما , قال بعلمه يعلم نجواهم ويسمع كلامهم، وهو فوق عرشه وعلمه معهم وقال الضحاك في الآية: هو الله على العرش وعلمه معهم يعني في الآية هو الله في العرش و علمه معهم.

قال عبيد بن عمير : ينزل الرب شطر الليل .

( المتن )

وقال عبيد بن عمير: "ينزل الرب شطر الليل إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى إذا كان الفجر صعد الرب ". أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد .

( الشرح )

قال عبيد بن عمير ( ينزل الرب شطر الليل ) يعني نصف الليل ( إلى السماء الدنيا يقول من يسألني من يستغفرني حتى إذا كان الفجر صعد الرب ), هذا فيه إثبات نزول لله و إثبات العلو و الفوقية و إثبات التنزل الإلهي قال ( ينزل الرب شطر الليل ) في الحديث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد .

( المتن )

وقال الحسن: "ليس شيء عند ربك من الخلق أقرب من إسرافيل وبينه و بينه سبعة حجب، كل حجاب مسيرة خمسمائة عام، وإسرافيل دون هؤلاء، ورأسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم السابعة"

( الشرح )

هذا من أخبار بني إسرائيل التي لا تصدق و لا تكذب. و قصد المؤلف من هذا أن يثبت العرش و يثبت علو الله على خلقه, في قوله ( وإسرافيل دون هؤلاء ورأسه من تحت العرش ), و المقصود أن هذه النصوص أتى بها المؤلف رحمه الله ليقوي بها من باب تظافر الأدلة وتناصرها, و إلا فالأدلة من الكتاب و السنة كافية في إثبات العلو و لا سيما أن أفرادها تبلغ ألف دليل لكن المؤلف رحمه الله أتى بقول الصحابة للتقوية .

( المتن )

وروى البيهقي بإسناد صحيح إلى الأوزاعي، قال: كنا -والتابعون متوافرون- نقول: إن الله تعالى جل ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته.

وقال أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد: علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ هو على العرش وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله .

( الشرح )

هذا الأثر رواه البيهقي بإسناد صحيح إلى الأوزاعي قال كنا -والتابعون متوافرون- نقول: إن الله تعالى جل ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته إذن هذه المقالة للأوزاعي يقولها و التابعون متوافرون يقول إن الله تعالى جل ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته.

وقال أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد: علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل .. إلخ , المقصود في الحديث الأول أثر البيهقي فيه إثبات الفوقية و أن الله تعالى فوق عرشه و ما ورد في ذلك من النصوص فإن أهل السنة يقبلونها و يحتجون بها .

( المتن )

وقال أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد: علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ هو على العرش وعلمه في كل مكان .

( الشرح )

و المراد هو على العرش و علمه في كل مكان مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ يعني بعلمه و اطلاعه و إحاطته و هو فوق العرش و علمه في كل مكان و ما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله .

( المتن )

وروى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال: سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث، فقال: أَمروها كما جاءت.

وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، عن الأخبار التي جاءت في الصفات، فقالوا: أمروها كما جاءت. وفي رواية: فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف.

فقولهم "أمروها كما جاءت" رد على المعطلة. وقولهم "بلا كيف" رد على الممثلة. والزهري و مكحول هما أعلم التابعين في زمانهم. والأربعة الباقون هم أئمة الدين في عصر تابعي التابعين: فمالك إمام الحجاز، و الأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر، و الثوري إمام أهل العراق.

( الشرح )

هذه كلها الآثار من الصحابة كلها تؤيد القول بالعلو و تنصره.

قال روى أبو بكر الخلال عن الأوزاعي سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث فقال: أمروها كما جاءت. يعني آيات الصفات يعني من غير تعمق. و كذلك أيضا الأخبار التي جاءت في الصفات يقول السلف أمروها كما جاءت و رواية: فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف.

يقول المؤلف رحمه الله: (  فقولهم "أمروها كما جاءت" رد على المعطلة وقولهم "بلا كيف" رد على الممثلة ).

قال ( والزهري و مكحول هما أعلم التابعين في زمانهم. والأربعة الباقون هم أئمة الدين في عصر تابعي التابعين: فمالك إمام الحجاز، و الأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر، و الثوري إمام أهل العراق ). هذه الآثار كلها جاءت عن الصحابة و التابعين و غيرهم تدل على، يعني هذه الآثار من السلف و التابعين و الأئمة كلها تدل على علو الله و أن العلو ثابت لله و أن من أنكر العلو فقد خالف السنة و تسبب في هدم دينه. قال ( فمالك إمام الحجاز، و الأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر، و الثوري إمام أهل العراق ).

و قال الأوزاعي : عليك بآثار من سلف...

( المتن )

وقال الأوزاعي: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول.

وقال سفيان الثوري في قوله: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ. قال: علمه.

وروى الخلال بإسناد، كل رجاله أئمة، عن سفيان بن عيينة قال: سئل ربيعة ابن أبي عبد الرحمن عن قوله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى ؟ قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق". وهذا الكلام مروي عن مالك تلميذ ربيعة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

وقال عبد الرحمن بن مهدي: إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن الله كلم موسى ...

( الشرح )

المقصود بأن هذه الآثار كلها تؤيد القول بالعلو و الفوقية فهي من باب تناصر الأدلة و تظافرها و إلا فالكتاب و السنة كافيان في هذا.

 ( وقال الأوزاعي: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول ) يعني الأوزاعي يحذر يأمر بلزوم آثار السلف وإن تركها الناس كلهم و يحذر من آراء الرجال و إن زخرفوه بالقول.

( وقال سفيان الثوري في قوله: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ، قال: علمه ) يعني بعلمه و ذاته فوق الخلق .

( وروى الخلال بإسناد، كل رجاله أئمة، عن سفيان بن عيينة قال: سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى ؟ قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق" ) و هذا الكلام أيضا مروي عن شيخه ربيعة و روي عن أم سلمة .

( المتن )

وقال عبد الرحمن بن مهدي: إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن الله كلم موسى، وأن يكون على العرش، أرى أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. وابن مهدي هذا هو الذي قال فيه علي بن المديني: لو حلفت بين الركن والمقام إني ما رأيت أعلم منه لحلفت.

( الشرح )

هذا الكلام من عبد الرحمن بن المهدي إمام من أئمة الحديث و الجرح و التعديل, يقول (إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن الله كلم موسى، وأن يكون على العرش ) يعني أنكروا علو الله على عرشه و أنكروا تكليمه, و هذا يدل على كفرهم و ضلالهم لذلك قال ( أرى أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم ) قال ( وابن مهدي هذا هو الذي قال فيه علي بن المديني: لو حلفت بين الركن والمقام أني ما رأيت أعلم منه لحلفت ) .

( المتن )

وروى ابن حاتم عن سعيد بن عامر الضبعي أنه ذكر عنده الجهمية، فقال: هم أشر من اليهود والنصارى، وقد أجمع أهل الأديان مع المسلمين على أن الله على العرش .

( الشرح )

وروى ابن حاتم عن سعيد بن عامر الضبعي أنه ذكر عنده الجهمية، فقال: هم أشر من اليهود والنصارى لماذا ! لأن اليهود و النصارى ينتسبون إلى دين و لأن اليهود و النصارى كفرهم واضح بخلاف الجهمي فإنه يظهر الإسلام و يبطن الكفر, ففرق بين العدو الظاهر و العدو الملتبس العدو الظاهر هذا أخف , اليهودي و النصراني و غيره لكن العدو المستتر و المنافق هذا أشد عداوة لذلك قال الله تعالى إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا.

( المتن )

وقد أجمع أهل الأديان مع المسلمين على أن الله على العرش وقالوا هم: ليس على العرش شيء .

( الشرح )

يقول (أجمع أهل الأديان مع المسلمين ) يعني أهل الأديان المحرفة مع المسلمين ( أجمعوا على أن الله على العرش ) و الجهمية يقولون أنه ليس على العرش, يدل على أن الجهمية خالفوا إجماع أهل الأديان و خالفوا المسلمين و أتوا بهذا القول المبتدع و أنكروا أسماء الله و صفاته, و هذا من كفرهم و ضلالهم, يعني ( أجمع أهل الأديان مع المسلمين على أن الله على العرش وقالوا هم: ليس على العرش شيء ) .

( المتن )

وقال عباد بن العوام أحد أئمة الحديث بواسط: كلمت بشرا المريسي وأصحابه، فرأيت آخر كلامه: ليس في السماء شيء، أرى والله ألا يناكحوا ولا يوارثوا, وقال علي بن عاصم شيخ الإمام أحمد ...

( الشرح )

هذا عباد بن عوام أحد أئمة الحديث بواسط: قال ( كلمت بشرا المريسي وأصحابه ) بشر المريسي جهمي ( كلمت بشرا المريسي و أصحابه فرأيت آخر كلامهم: ليس في السماء شيء ) يعني أنهم ينكرون وجود الله كلام الجهمي يدور على أنه ليس في العرش إله ( أرى والله ألا يناكحوا ولا يوارثوا ) يعني حتى يتوبوا إلى الله .

( المتن )

وقال علي بن عاصم شيخ الإمام أحمد: احذروا من المريسي وأصحابه، فإن كلامهم الزندقة، وأنا كلمت أستاذهم، فلم يثبت أن في السماء إلها.

( الشرح )

علي بن عاصم شيخ الإمام أحمد يحذر يقول ( احذروا من المريسي وأصحابه ), المريسي جهمي من طائفة المريسية ينكر و يجحد الأسماء و الصفات لله و لهذا قال علي بن عاصم ( احذروا من المريسي و أصحابه فإن كلامهم الزندقة ), والزندقة معناها النفاق فهم يظهرون خلاف ما يبطنون قال ( وأنا كلمت أستاذهم، فلم يثبت أن في السماء إلها ) ما أثبت أن في السماء إله .

( المتن )

وقال حماد بن زيد: الجهمية إنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء شيء. وكان من أشد الناس على الجهمية.

( الشرح )

حماد بن زيد أشد الناس على الجهمية يقول أن قول الجهمية يدور على أن ليس في السماء شيء إنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء شيء. وكان من أشد الناس على الجهمية .

( المتن )

وقال وهب بن جرير: إياكم ورأي جهم، فإنهم يحالون أن ليس في السماء شيء، وما هو إلا من وحي إبليس، وما هو إلا الكفر.

( الشرح )

وهب بن جرير يحذر من مذهب الجهم فيقول ( إياكم ورأي جهم، فإنهم يحالون أن ليس في السماء شيء، وما هو إلا من وحي إبليس، وما هو إلا الكفر ), يعني الجهمية إذا أنكروا أسماء الله و صفاته معناه أنكروا وجود الله فليس في السماء شيء فقال إن هذا من وحي إبليس و ما هو لا الكفر .

( المتن )

وقال عبد العزيز بن يحيى الكناني صاحب الشافعي، له كتاب في الرد على الجهمية، قال فيه: باب قول الجهمي في قول الله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى زعمت الجهمية أن معنى استوى استولى قال: (فيقال له: هل يكون خلق من خلق الله أتت عليه مدة ليس بمستول عليه؟ فإذا قال: لا، قيل له: فمن زعم ذلك فهو كافر، فيقال له: يلزمك أن تقول: إن العرش أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه، وذلك لأنه أخبر أنه خلق العرش قبل السماوات والأرض، ثم استوى عليه بعد خلقهن، فيلزمك أن تقول: إن المدة التي كان العرش قبل خلق السماوات والأرض ليس الله بمستول عليه فيها) . ثم ذكر كلاما طويلا في تقرير العلو والاحتجاج عليه.

وقال عبد الله بن الزبير الحميدي شيخ البخاري: وما نطق به القرآن والحديث مثل قوله بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ، ومثل قوله وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ وما أثبته هذا من القرآن والحديث  لا نزيد فيه ولا نفسره، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة، ونقول: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ومن زعم غير هذا فهو مبطل جهمي.

وروى ابن أبي حاتم، قال: جاء بشر بن الوليد إلى أبي يوسف، فقال: تنهاني عن الكلام، وبشر المريسي وعلي الأحول وفلان يتكلمون؟ فقال: وما يقولون؟ قال: يقولون: إن الله في كل مكان، فبعث أبو يوسف، وقال: علي بهم، فانتهوا إليه، وقد قام بشر، فجيء بعلي الأحول والشيخ الآخر، فنظر أبو يوسف إلى الشيخ، فقال: إن فيك موضع أدب لأوجعتك؟ وأمر بالحبس، وضرب عليا الأحول

( الشرح )

هذه الآثار يؤيد بها المؤلف رحمه الله ما جاءت به النصوص من إثبات علو الله على خلقه.

قال عبد الله بن الزبير قبل ذلك قول المؤلف رحمه الله ذكر عن عبد العزيز بن يحيى الكناني صاحب الشافعي، في كتاب الرد على الجهمية، عبد العزيز بن يحيى الكناني له مناظرة مع بشر المريسي قال ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى زعمت الجهمية أن معنى استوى استولى قال: (فيقال له: هل يكون خلق من خلق الله أتت عليه مدة ليس بمستول عليه؟ فإذا قال: لا، قيل له: فمن زعم ذلك فهو كافر، فيقال له: يلزمك أن تقول: إن العرش أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه ) هذه من المناظرة قال ( زعمت الجهمية أن معنى استوى استولى قال: (فيقال له: هل يكون خلق من خلق الله أتت عليه مدة ليس بمستول عليه؟ فإذا قال: لا، قيل له: فمن زعم ذلك فهو كافر، فيقال له: يلزمك أن تقول: إن العرش أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه, وذلك لأنه أخبر أنه خلق العرش قبل السماوات والأرض، ثم استوى عليه بعد خلقهن، فيلزمك أن تقول: إن المدة التي كان العرش قبل خلق السماوات والأرض ليس الله بمستول عليه فيها)  ثم ذكر كلاما طويلا في تقرير العلو والاحتجاج عليه ).

ثم ذكر قول عبد الله بن الزبير الحميدي شيخ البخاري قال ( وما نطق به القرآن والحديث مثل قوله بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ، ومثل قوله وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) يجب إثباته لله إثبات اليدين إثبات العلو قال ( لا نزيد فيه ولا نفسره ) يعني لا نزيد فيه و لا نفسره تفسير الجهمية ( ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة، ونقول: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ومن زعم غير هذا فهو مبطل جهمي.

وروى ابن أبي حاتم، قال: جاء بشر بن الوليد إلى أبي يوسف، فقال: تنهاني عن الكلام، وبشر المريسي وعلي الأحول وفلان يتكلمون؟ ) ابن أبي حاتم جاء بشر بن الوليد إلى أبي يوسف الصاحب الأول لأبي حنيفة يقول ( فقال: تنهاني عن الكلام، وبشر المريسي وعلي الأحول وفلان يتكلمون؟ ) فكيف تنهاني عن الكلام و هم يتكلمون ( فقال: وما يقولون؟ قال: يقولون: إن الله في كل مكان، فبعث أبو يوسف، وقال: علي بهم ) و كان قاضيا ( فانتهوا إليه، وقد قام بشر، فجيء بعلي الأحول والشيخ، فنظر أبو يوسف إلى الشيخ، فقال: إن فيك موضع أدب لأوجعتك؟ وأمر بالحبس، وضرب عليا الأحول.

  وقد استتاب أبو يوسف بشرا المريسي

( المتن )

وقد استتاب أبو يوسف بشرا المريسي لما أنكر أن يكون الله فوق عرشه، وهي قصة مشهورة ذكرها ابن أبي حاتم وغيره. وأصحاب أبي حنيفة المتقدمون على هذا.

( الشرح )

يعني أبو يوسف لما كان قاضيا استتاب بشرا المريسي , بشر المريسي جهمي حلولي لما أنكر أن يكون الله فوق عرشه، وهي قصة مشهورة ذكرها ابن أبي حاتم وغيره وأصحاب أبي حنيفة المتقدمون على هذا.

( المتن )

 وقال محمد بن الحسن: اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله ﷺ في صفة الرب من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي ﷺ، وفارق الجماعة فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن آمنوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة؛ لأنه وصفه بصفة "لا شيء".

وقال محمد أيضا في الأحاديث التي جاءت

( الشرح )

هنا ذكر المؤلف رحمه الله نقل عن محمد بن الحسن اتفاق الفقهاء على ( الإيمان بالقرآن و الحديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله ﷺ في صفة الرب من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه ) يعني من غير تفسير الجهمية و إلا فإن المعنى يفسر (فمن فسر شيئا من ذلك ) يعني تفسير الجهمية ( فقد خرج مما كان عليه النبي ﷺ، وفارق الجماعة فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا ) يعني لم يفسروا تفسير الجهمية (ولكن آمنوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة؛ لأنه وصفه بصفة "لا شيء".

وقال محمد أيضا في الأحاديث التي جاءت إن الله يهبط إلى السماء الدنيا، ونحو هذه الأحاديث: قد رواها الثقات، فنحن نؤمن بها ولا نفسرها ذكر ذلك عنه أبو القاسم اللالكائي )

( المتن )

وقال سفيان بن عيينة، وقد سئل عن حديث إن الله يحمل السماوات على أصبع، وحديث القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، فقال سفيان: هي كما جاءت نقر بها ولانحدث بها بلا كيف.

وذكر ابن أبي حاتم بإسناده، عن الأصمعي، قال: قدمت امرأة جهم...

( الشرح )

هنا ذكر نقل عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن حديث إن الله يحمل السماوات على أصبع، وحديث القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، فقال سفيان: هي كما جاءت نقر بها ولا نحدث بها بلا كيف نثبت الأصابع لله كما يليق بجلاله و عظمته .

( المتن )

وذكر ابن أبي حاتم بإسناده، عن الأصمعي، قال: قدمت امرأة جهم، فقال رجل عندها: الله على عرشه، فقالت: محدود على محدود، فقال الأصمعي: هذه كافرة بهذه المقالة، أما هذا الرجل وامرأته فما أولاهما بأن سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ۝ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ.

( الشرح )

ابن أبي حاتم ذكر عن الأصمعي قال قدمت امرأة جهم، فقال رجل عندها: الله على عرشه، فقالت: محدود على محدود، يعني جهم بن صفوان ينكر الأسماء و الصفات و أن الله على عرشه و امرأته كذلك تأثرت به امرأته , دخلته امرأته السوق فسمعت رجلا يقول الله على عرشه فقالت محدود على محدود و قصدها محدود على محدود إنكار علو الله على عرشه إذا كان العرش صار محدودا على محدود فأنكرت علو الله على عرشه أثر عليها زوجها فهي جهمية نسأل الله السلامة و العافية. فقال الأصمعي: هذه كافرة كفرها الأصمعي فقال بهذه المقالة، أما هذا الرجل وامرأته يقول ينطبق عليهما ما انطبق على أبي لهب فإن الله توعد أبي لهب قال فما أولاهما بأن سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ۝ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فهم من جنس أبي لهب و امرأته تحمل الحطب تساعده فجهم امرأته تساعده على الباطل فكان شبيها بأبي لهب الذي وعده الله بأنه سيصلى نارا ذات لهب و كذلك الجهم .

( المتن )

وقال إسحاق بن راهويه إمام أهل الشام، نظير أحمد، وقيل له: ما تقول في قوله تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ، قال: (حيثما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه) . ثم قال: (وأعلى شيء في ذلك وأثبته قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) .

( الشرح )

هذه المقالة قالها إسحاق بن راهويه يقول مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ هذه الآية فيها إثبات المعية لله قال: (حيثما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو ) يعني الرب ( بائن من خلقه ) يعني الرب تعالى أقرب بعلمه و إحاطته و هو فوق العرش .

( المتن )

وروى الخلال في كتاب السنة، قال: قال إسحاق بن راهويه: قال الله: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى، ويعلم كل شيء أسفل الأرض السابعة في قعور البحار وفي كل موضع؛ كما يعلم ما في السماوات السبع وما دون العرش، أحاط بكل شيء علما.

( الشرح )

و هذا أيضا إسحاق بن راهويه كما روى الخلال أثبت العلو عل العرش وقال الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى يعلم كل شيء و علمه في كل مكان و هو سبحانه فوق العرش, و لهذا قال ويعلم كل شيء أسفل الأرض السابعة في قعور البحار وفي كل موضع يعلم ما في السماوات و الأرض و تنفذ فيه قدرته و هو فوق العرش و قال و ما دون العرش أحاط بكل شيء علما .

( المتن )

وقال قتيبة بن سعيد: هذا قول أئمة الإسلام والسنة والجماعة: نعرف ربنا بأنه في السماء السابعة على عرشه؛ كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى و قتيبة هذا أحد أئمة الإسلام، وحفاظ الحديث.

( الشرح )

قتيبة هذا أحد أئمة الإسلام و كتاب الحديث قتيبة بن سعيد يقول أن إثبات العلو قول الأئمة في الإسلام و السنة و الجماعة يقولون نعرف ربنا بأنه في السماء السابعة على عرشه؛ ثم قرأ : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى.

( المتن )

وقال عبد الوهاب الوراق: من زعم أن الله هاهنا فهو جهمي خبيث، إن الله فوق العرش، وعلمه محيط بالدنيا والآخرة, صح ذلك عنه، وهو الذي قال فيه الإمام أحمد، وقد قيل له: من نسأل بعدك؟ فقال: عبد الوهاب.

وقال خارجة بن مصعب: الجهمية كفار

( الشرح )

عبد الوهاب الوراق يقول من زعم أن الله هاهنا يعني مختلط بالمخلوقات فهو جهمي خبيث لأن الله فوق العرش و علمه محيط بالدنيا و الآخرة, صح ذلك عنه، وهو الذي قال فيه الإمام أحمد، وقد قيل له: من نسأل بعدك؟ فقال: عبد الوهاب .

( المتن )

 وقال خارجة بن مصعب: الجهمية كفار أبلغ نساءهم أنهن طوالق، لا يحللن لهم، ثم تلا طه إلى قوله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى.

( الشرح )

يقول خارجة كفر الجهمية, الجهمية كفار أبلغ نسائهم أنهن طوالق لا يحللن لهم ثم تلا الآية الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى فخارجة يكفرهم و يرى أن نسائهم تطلق لأنهن مسلمات و هم كفرة .

( المتن )

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنة في أصول الدين فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا، فكان مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه؛ بائن من خلقه؛ كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ بلا كيف، وأحاط بكل شيء علما.

( الشرح )

هذا وقال عبد الرحمن ابن أبي حاتم قال سألت أبي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنة في أصول الدين فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا، فكان مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه؛ بائن من خلقه؛ كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ بلا كيف، وأحاط بكل شيء علما.

( المتن )

 وقال أبو زرعة أيضا: هو على العرش استوى، وعلمه في كل مكان، من قال غير هذا فعليه لعنة الله.

( الشرح )

أبو زرعة أثبت العلو و الاستواء .

( المتن )

وقال علي بن المديني، الذي سماه البخاري سيد المسلمين، وقيل: ما تقول الجماعة في الاعتقاد، فقال: يثبتون الكلام والرؤية .

( الشرح )

علي بن المديني الذي سماه البخاري سيد المسلمين حينما قيل له ما تقول في جماعة قال يثبتون الكلام و الرؤية و يقولون: إن الله على العرش استوى .

( المتن )

وقال علي بن المديني، الذي سماه البخاري سيد المسلمين، وقيل: ما تقول الجماعة في الاعتقاد، فقال: يثبتون الكلام والرؤية ويقولون: إن الله على العرش استوى. فقيل له: ما تقول في قوله تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ، فقال: اقرأ أول الآية، يعني بالعلم؛ لأن أول الآية أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ.

( الشرح )

و هذا النقل عن علي المديني نقل إجماع العلماء و معتقد أهل العلم فقال يثبتون الكلام لله و الرؤية في القيامة و في الجنة و يقولون أن الله على العرش استوى فلما سئل مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ قال اقرأ أول الآية يعني بالعلم أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ... لأن في الآية أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ.

( المتن )

وقال عبد الله بن المبارك: نعرف ربنا بأنه فوق سبع سماوات، على العرش استوى، بائن من خلقه، لا نقول كما قالت الجهمية. رواه عنه الدارمي والحاكم و البيهقي بأصح إسناد.

( الشرح )

هذا قول ابن مبارك معروف, قال نعرف ربنا بأنه فوق سبع سماوات، على العرش استوى، بائن من خلقه، لا نقول كما قالت الجهمية .

( المتن )

وصح عن ابن المبارك أيضا أنه قال: إنا لا نستطيع أن نحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية.

( شرح )

هكذا ابن مبارك يقول: إنا لا نستطيع أن نحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية لخبثه و شره .

( المتن )

وقال نعيم بن حماد الخزاعي الحافظ في قوله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ: معناه أنه لا يخفى عليه خافية، ثم تلى قوله تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ... الآية.

( الشرح )

نعيم بن حماد يفسر الآية وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ  يفسر الآية يقول هو فوق العرش و معهم بعلمه و إحاطته .

( المتن )

 وقال محمد بن إسماعيل البخاري: سمعت نعيم بن حماد، يقول: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها.

( الشرح )

و هذا نعيم بن حماد الخزاعي شيخ الأئمة يقول: من شبه الله بخلقه فقد كفر و من جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر, إذن المشبه كافر و الجاحد كافر, قال وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها. ليس وصف الله بالصفات التي وردت في الكتاب و السنة تشبيها لكن التشبيه أن يشبه الله بالخلق, أما ما أثبته الله لنفسه و أثبته له رسوله ﷺ و يثبته المسلم هذا ليس تشبيها و هذه المقالة مقالة عظيمة في تكفير المشبهة و تكفير المعطلة من شبه الله بخلقه كفر و من جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر و ليس ما وصف الله به نفسه و لا رسوله من ذلك تشبيها .

.......................................................................

أسئلة :

سؤال :

كان اليوم في درس الفجر أن الكلمات المحدثة و المجملة لا بد فيها من التفصيل و هناك كلمة حولها جدل و هي كلمة جنس العمل أليس كلمة مجملة فيأتي من يقول تارك جنس العمل كافر فإذا قلنا هذه الكلمة تحتاج تفصيل أو اتركوها لأنها لم ترد عن السلف قالوا أنتم مرجئة و يحتجون بكلام بعض أهل العلم الفضلاء الذين لم ينتبهوا لخطرها فما قولكم و تعليقكم؟

جواب الشيخ :

هذه الكلمة قوله: تارك جنس العمل ليس بمؤمن صحيحة ليست محدثة, ذكرها العلماء في كتب العقائد ذكرها الآجري في كتاب الشريعة و غيره, و المعنى أن العمل لا بد منه في الإيمان , الإيمان تصديق بالقلب يتحقق بالعمل لا بد من الأمرين, و العمل يصدقه ما في القلب, و ما في القلب يتحقق بالعمل فمن صدق بقلبه آمن و صدق بقلبه فلا بد من عمل يتحقق به هذا التصديق و إلا كان كإيمان إبليس و فرعون إبليس مصدق و فرعون مصدق و لكن ليس عنده عمل يتحقق به و العمل الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج, لا بد له من إسلام صحيح و إلا كان كإسلام المنافقين فالمنافقون يصلون و يصومون و يحجون مع النبي ﷺ لكن ليس عندهم إيمان صحيح و كذلك إبليس و فرعون مصدقان لكن ليس عندهم عمل يتحقق به, فلا بد من الأمرين, و إلا فلا إيمان الذي ليس لديه عمل ليس بمؤمن و الذي يعمل و ليس عنده تصديق ليس بمؤمن لا بد من الأمرين فالتصديق الذي في القلب الذي يدعي أنه مصدق و أنه مؤمن  بالله و رسوله لا بد من حركة توجد في قلبه و محبة تبعثه على العمل لا بد أن يتحقق هذا الإيمان الذي بالقلب عن طريق العمل وإلا أصبح كإيمان إبليس و فرعون, إبليس مؤمن قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي و فرعون مؤمن مصدق, يعني لكن رفض العمل إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ كفر و استكبار فإذا لم يتحقق بالعمل صار الإنسان مستكبرا و هذا كفر و ردة, كذلك الذي يعمل يصلي و يصوم لا بد من إيمان و تصديق في الداخل يصححه و إلا صار كإيمان المنافقين فالمنافقون يعملون و يصلون و يصومون و لكن سبيله النار لأنه ليس عنده إيمان يصححه و تصديق يصححه لذلك تبين أنه لا بد من الأمرين تصديق بالقلب يتحقق بالعمل و عمل بالجوارح يصححها القلب, لذلك لا بد من جنس العمل، الذي لم يحقق العمل ليس بمؤمن شخص يدعي أنه مؤمن و لا يعمل لا صلاة و لا زكاة و لا صيام و لا حج و لا أي عمل فقط في القلب لا يكون مؤمنا لا يتحقق إيمانه, لا بد أن يتحقق بالعمل .

سؤال :

النصوص التي وردت فيها صفة اليدين و جاءت مفردة و مثناة و جمع كيف تجمع هذه النصوص؟

جواب الشيخ:

تكلم عليه المؤلف و تكلمنا عليه , اليدين إذا جاءت مفردة ثم تعدت بالباء و الضمير مضاف إلى الله هذه من آيات الصفات مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. قال: خَلَقْتُ و تعدت بالباء و ثنى اليدين فهي من آيات الصفات دلت على أن لله يدين كما في الأثر قوله بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ. ثنى اليدين و أضافها إلى الله و أما إذا جاءت اليدين مفردة يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ. إثبات اليد و المراد جنس اليد المراد أن جنس اليد ثابتة لله تعالى لكن الآيات دلت على أن لله يدين و أما إذا جاءت مجموعة مثل قوله مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا  هذه ليس من آيات الصفات و لا يقال أن لله عددا من الأيدي ثلاث أيدي أو أربعة ليس من آيات الصفات لأن الله أضاف العمل إلى الأيدي مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا , و الله جمع الأيدي فالعمل لم يضفه إلا نفسه إنما أضافه للأيدي و الأيدي جاءت مجموعة فدل على أنه ليس من آيات الصفات مثل قوله ( تجري بأعيننا ) ما يقال أن الله له عدد من العيون  بل المراد تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا بمرأى منا و بحفظنا لأن الله أضاف ذلك وأتى بضمير الجمع تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا أما إثبات العينين لله فهذا في حديث الدجال أن الدجال أعور و عينه اليمنى و أن الله ليس بأعور, فدل على أن الدجال أعور و الله ليس بأعور له عينان سليمتان فدل على إثبات العينين لله أما تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا هذه فيه إثبات تجري بمرأى منا و ليس فيه إثبات الصفات حتى يقال إن الله له عدد من العيون كذلك فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ليست من آيات الصفات لأنها جاءت مضافة إلى ضمير الجمع .

سؤال :

ما صحة حديث تفكروا في خلق الله و لا تتفكروا في الله؟

جواب الشيخ:

حديث ضعيف .

سؤال :

هل عرش الرحمن على الماء و أن هناك ماء حقيقي؟

جواب الشيخ:

نعم عرش الرحمن على الماء بنص القرآن وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ و في الحديث إن بين السماء السابعة والعرش بحر بين أعلاه وأسفله كما بين السماء والأرض. العرش على الماء و الله على كل شيء قدير بحر بين السماء و الأرض, من الذي أمسك البحر بين السماء و الأرض ما ينزل علينا ما ينزل على السماء السابعة ! الله أمسكه بقدرته, من الذي أمسك العرش لا يسقط ! الله , السماء من الذي يمسكها ! الله , الأرض من الذي يمسكها و هكذا إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا, ومن ذلك بحر فوق السماء السابعة بين أسفله و أعلاه كما بين السماء و الأرض, من الذي يمسكه ! الله الذي يمسكه بقدرته. فالعرش على الماء و في الحديث الآخر إن الجنة فوق السماء السابعة وإن سقفها عرش الرحمن فما الجمع بينهما؟ جاءت نصوص دلت على أن الجنة سقفها العرش والماء على العرش فكيف الجمع بينهما؟

الجواب أن العرش هو سقف المخلوقات واسع بعضه على الماء و بعضه سقف الجنة بعض العرش على الماء و بعضه سقف الجنة, لأن العرش واسع هو سقف المخلوقات كلها, و على هذا فلا منافاة فالعرش على الماء وهو سقف الجنة جزء منه سقف الجنة و جزء منه على الماء .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد