الرسالة المدنية10
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله، و الصلاة و السلام على رسول الله الأمين محمد صلى الله عليه و على آله و سلم تسليما كثيرا , قال المؤلف رحمه الله :
( المتن )
ذكر قول شيخ الإسلام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الصابوني.
قال في رسالته في السنة: ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون - أن الله فوق سبع سماوات على عرشه كما نطق به كتابه، وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا أن الله على عرشه، وعرشه فوق سماواته، وإمامنا الشافعي احتج في (المبسوط) في مسألة إعتاق الرقبة المؤمنة في الكفارة بخبر معاوية بن الحكم، «فسأل رسول الله ﷺ الأمة السوداء ليعرف أهي مؤمنة أم لا، فقال لها: أين ربك؟ فأشارت إلى السماء إذ كانت أعجمية، فقال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة. حكم بإيمانها لما أقرت بأن ربها في السماء، وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية.
وكان الصابوني هذا فقيها محدثا، وصوفيا واعظا، كان شيخ نيسابور في زمانه له تصانيف حسنة، سمع من أصحاب ابن خزيمة والسراج، وتوفي سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
( الشرح )
بسم الله و الحمد و الله و الصلاة و السلام على رسول الله :
هذا النقل عن شيخ الإسلام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الصابوني معروف له مؤلف في العقيدة سماه عقيدة أهل السنة و الحديث, رسالة سبق و شرحناها في دورة علمية في الرياض و هي موجودة و مسجلة على أشرطة رسالة عظيمة و معتمدة ينقل عنها أهل العلم سماها عقيدة أهل السنة و الحديث.
يقول في هذه العقيدة ( في رسالته في السنة: ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله فوق سبع سماوات على عرشه كما نطق به كتابه، وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا أن الله على عرشه، وعرشه فوق سماواته ) هذا نقل عن أصحاب الحديث أنهم يشهدون أن الله في العلو و أنه فوق السماوات على عرشه كما دل الكتاب و السنة و أعيان الأئمة فلم يختلفوا.
قال ( وإمامنا الشافعي احتج في (المبسوط) في مسألة إعتاق الرقبة المؤمنة في الكفارة بخبر معاوية بن الحكم السلمي, و الحديث في صحيح مسلم أن معاوية الحكم السلمي لما كان له جارية ترعى الغنم و صكها لما أخذ الذئب واحدا منها فالنبي ﷺ شدد عليه فقال للرسول ﷺ أريد أن أعتقها فقال النبي ﷺ ائتني بها و كانت جارية أعجمية سوداء ( فسأل رسول الله ﷺ الأمة السوداء ) يعني الجارية الأعجمية السوداء فسأل رسول الله ﷺ الأمة السوداء ليعرف أهي مؤمنة أم لا، فقال لها: أين ربك؟) في الحديث لمسلم قال : أين الله؟ ( فأشارت إلى السماء إذ كانت أعجمية، فقال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة ), قال ( حكم بإيمانها لما أقرت بأن ربها في السماء، وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية ) و الحديث في صحيح مسلم.
و وجه الدلالة أنه سأل عن الله بأين قال أين الله؟ و أين يسأل بها عن المكان فدل على أن الله في العلو فوق السماوات و الجهمية ينكرون هذا, الجهمية اتهموا الرسول ﷺ و طعنوا فيه, قالوا الرسول ﷺ سأل سؤالا فاسدا لأن هذه أعجمية لماذا تتهمونه ! قالوا لأنه خاطب الجارية الأعجمية على قدر عقلها لا تفهم إلا هذا فسألها سؤالا فاسدا اتهموا الرسول ﷺ يقولون الرسول ﷺ سأل سؤالا فاسدا؟! و قالوا مقصوده ليس أن يسأل بأين مقصوده أن يقول من الله ! لكن لما كانت الأعجمية لا تفهم سأل بأين و السؤال فاسد على قدر عقلها , طيب لما قال في السماء أقرها على جواب فاسد أيضا لأن هذا هو فهمها و عقلها مراعاة لفهمها و عقلها انظر كيف اتهموا الرسول ﷺ و العياذ بالله نسأل الله السلامة و العافية. و قصده من ذلك الفرار من إثبات العلو قالوا ليس مقصد الرسول ﷺ أن يقول أين الله؟ قصده أن يقول من الله أين ثلاثة حروف و من حرفين الرسول ﷺ أفصح الناس لا يعرف أن يقول من الله قالوا مقصوده من الله لكن قال أين الله؟ لأن الأعجمية جارية أعجمية لا تفهم إلا هذا طيب لما قالت في السماء سكت كيف الرسول ﷺ يسكت على الباطل؟! سكت مراعاة لجهلها و عجميتها لا تفهم إلا هذا نسأل الله السلامة و لعافية.
قال المؤلف ( كان الصابوني هذا فقيها محدثا، وصوفيا واعظا ) قوله الصوفي المراد أهل الزهد و ليس المراد الصوفيين المنحرفين , يقال في الأوائل أهل الزهد يسمون صوفية, و إلا الصوفية المنحرفون عثمان بن إسماعيل بريء منهم و كانت وفاته سنة تسع وأربعين وأربعمائة .
( المتن )
ذكر قول الإمام العالم العلامة حافظ المغرب إمام السنة في زمان أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري الأندلسي صاحب (التمهيد و الاستذكار) و التصانيف النفيسة
قال في كتابه (التمهيد) في شرح الحديث الثامن لابن شهاب:
حديث النزول هذا صحيح الإسناد، لا يختلف أهل الحديث في صحته، وفيه دليل على أن الله في السماء على العرش فوق سبع سماوات كما قالت الجماعة، وهو حجتهم على المعتزلة و الجهمية في قولهم: إن الله في كل مكان وليس على العرش والدليل على صحة ما قاله أهل الحق في ذلك قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، وقوله: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ و معنى مَنْ فِي السَّمَاءِ يعني على العرش. وقد تكون "في" بمعنى "على". ألا ترى إلى قوله: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أي على الأرض، وكذلك قوله: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وهذا يعضده قوله: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ وما كان مثله من الآيات، وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة.
وأما دعواهم المجاز في الاستواء، وقولهم في تأويل اسْتَوَى استولى فلا معنى له؛ لأنه غير ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة الغالب، والله لا يغلبه أحد، ومن حق الكلام أن يحمل على الحقيقة حتى تتفق الأمة إن أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبادات أن يخاطب الأمة إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين. والاستواء معلوم في اللغة مفهوم، وهل العلو إلا الارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه
قال أبو عبيدة في قوله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، قال: علا، وتقول العرب استويت فوق الدابة، و استويت فوق البيت. وقال غيره: استوى أي استقر، واحتج بقوله: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى، أي: انتهى شبابه واستقر، فلم يكن في شبابه مزيد.
قال ابن عبد البر: والاستواء الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله في كتابه، فقال: لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ، وقال: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ, وقال: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ.
وأما من نزع منهم بحديث يرويه عبد الله بن داود الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن عبد الله بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى: "استولى على جميع بريته، فلا يخلو منه مكان" فالجواب: أن هذا حديث منكر، ونقلته مجهولون وضعفاء. فأما عبد الله بن داود الواسطي، وابن مجاهد، فضعيفان، وإبراهيم بن عبد الصمد مجهول لا يعرف، وهم لا يقبلون أخبار الآحاد العدول، فكيف يسوغ لهم الاحتجاج بمثل هذا الحديث لو عقلوا أما سمعوا قول الله تعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا فدل على أن موسى كان يقول: إلهي في السماء، وفرعون كاذبا.
فإن احتج بقوله: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وبقوله: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ، وبقوله: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وزعموا أن الله في كل مكان بنفسه وبذاته تبارك اسمه وتعالى جده, قيل لهم: لا خلاف بيننا وبينكم وبين سائر الأمة إنه ليس في الأرض دون السماء بذاته، فوجب حمل هذه الآيات على المعنى الصحيح المجمع عليه، وذلك أنه في السماء إله معبود أهل الأرض، وفي الأرض إله معبود أهل الأرض، وكذا قال أهل العلم بالتفسير، وظاهر التنزيل يشهد أنه على العرش، فالاختلاف في ذلك ساقط، وأسعد الناس به من ساعده الظاهر، وأما قوله في الآية الأخرى: وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ فالإجماع والاتفاق قد بين أن المراد بأنه معبود أهل الأرض. فتدبر هذا فإنه قاطع.
ومن الحجة أيضا فإنه على العرش فوق السماوات السبع أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر ونزلت بهم شدة، رفعوا وجوههم، ونصبوا أيديهم رافعين لها مسيرين بها إلى السماء يستغيثون الله ربهم تبارك وتعالى. هذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته، وقد «قال ﷺ للأمة السوداء: أين الله؟ فأشارت إلى السماء، ثم قال لها: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله قال: فأعتقها؛ فإنها مؤمنة. فاكتفى رسول الله ﷺ منها برفعها رأسها إلى السماء.
قال: وأما احتجاجهم بقوله: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية, قال: هو على العرش وعلمه في كل مكان، وذكر سنيد عن الضحاك في هذه الآية، قال: (هو على العرش، وعلمه معهم أين ما كانوا) قال: وبلغني عن سفيان الثوري مثله .
وقال عبد الله بن مسعود: ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماء إلى سماء أخرى مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي إلى الماء مسيرة خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله تبارك وتعالى على العرش ويعلم أعمالكم. وقد ذكر هذا الكلام أو قريبا منه في كتاب الاستذكار.
وقال أبو عمر أيضا: أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حُمل عنهم التأويل، قالوا في تأويل قوله تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ: هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله وقال أيضا: أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة في الكتاب والسنة، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لم يكيفوا شيئا من ذلك وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل منها شيئا على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أقر بها نافون للمعبود.
قال الحافظ الذهبي: صدق والله، فإن من تأول سائر الصفات وحمل ما ورد منها على مجاز الكلام, أداه ذلك السلب إلى تعطيل الرب وأن يشابه المعدوم, ولقد كان أبو عمر بن عبد البر من بحور العلم ومن أئمة الأثر، قل أن ترى العيون مثله، واشتهر فضله في الأقطار.
توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة عن ست وتسعين سنة.
( الشرح )
وهذا النقل الذي نقله المؤلف عن أبي عمر بن عبد البر و هو إمام من أهل السنة و الجماعة حجة في هذا, واضح في تأييده لمعتقد أهل السنة الجماعة.
قال ( ذكر قول الإمام العالم العلامة حافظ المغرب إمام السنة في زمانه أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري الأندلسي صاحب (التمهيد و الاستذكار) و التصانيف النفيسة ) معلوم كتاب الاستذكار كلها مجلدات ضخمة في الفقه و العقيدة و الحديث.
( قال في كتاب (التمهيد) في شرح الحديث الثامن لابن شهاب: حديث النزول هذا ) حديث ينزل ربنا كل اليوم إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر ( حديث النزول هذا صحيح الإسناد، لا يختلف أهل الحديث في صحته، وفيه دليل على أن الله في السماء على العرش فوق سبع سماوات) الدليل أنه قال ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا لأنه فوق العرش و هذا النزول ليس كنزول المخلوق فعل يفعله و هو فوق العرش ( كما قالت الجماعة، وهو حجتهم على المعتزلة و الجهمية في قولهم: إن الله في كل مكان ) يعني أهل السنة يردون على الجهمية الذين يقولون إنه في كل مكان بـ ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا لو كان في كل مكان كيف ينزل, قال ( وهو حجتهم على المعتزلة و الجهمية في قولهم: إن الله في كل مكان وليس على العرش, والدليل على صحة ما قاله أهل الحق في ذلك قوله تعالى) الدليل على صحة قول أهل الحق أن الله فوق العرش ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) هذا دليل لو كان في كل مكان كان مستو على كل مكان لماذا خصص العرش بالاستواء كان قال استوى على الأرض و استوى على الدابة و استوى على الجبل الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ( وقوله: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ و معنى مَنْ فِي السَّمَاءِ يعني على العرش وقد تكون "في" بمعنى "على" ألا ترى إلى قوله: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أي على الأرض، وكذلك قوله: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) أي على جذوع النخل قال (وهذا يعضده قوله: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) فالعروج إنما يكون من أسفل إلى أعلى, ويؤيد قوله وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أي على السماء يؤيده العروج فدل على أن الله في العلو أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ يؤيده تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ قال ( وما كان مثله في الآيات، وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة ) الذين يقولون إن الله في كل مكان المعتزلة و الجهمية.
( وأما دعواهم المجاز في الاستواء، وقولهم في تأويل اسْتَوَى استولى فلا معنى له؛ لأنه غير ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة الغالب ، والله لا يغلبه أحد ) كان مغلوبا ثم صار غالبا ! هذا لا يكون في حق الله يكون في حق المخلوق يكون أولا مغلوبا ثم استولى فصار غالبا, قال ( وقولهم في تأويل اسْتَوَى استولى فلا معنى له؛ لأنه غير ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة الغالب ، والله لا يغلبه أحد ومن حق الكلام أن يحمل على الحقيقة حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك ).
قال ( ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبادات ) لو أصبح كل واحد يدعي المجاز ما نثبت شيئا كل شيء مؤول و لا يثق الإنسان بأي نقل لو قال كل شخص بأن هذا مجاز مثلا إذا قيل وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ يقول أحدهم إن هذا مجاز , مجاز على أي شيء ! مجاز على الكلمات و على الدعاء و على الأذكار و فقط و ليس هناك صلاة , الصوم وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ يقول بعضهم هذا مجاز الصوم يعني الإمساك عن الكلام و هكذا لو كان كل شخص يدعي المجاز لبطلت الحقائق كلها. قال ( وجل الله أن يخاطب الأمة إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين ).
قال (والاستواء معلوم في اللغة وهل العلو إلا الارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه ) يعني معناه اللغوي , ( قال أبو عبيدة في قوله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، قال: علا، وتقول العرب استويت فوق الدابة، و استويت فوق البيت وقال غيره: استوى أي استقر ) هذا معنى استقر و علا و صعد ( واحتج بقوله: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوَى، أي: انتهى شبابه واستقر، فلم يكن في شبابه مزيد.
قال ابن عبد البر: والاستواء الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله في كتابه، فقال: لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ) ما معنى تستووا ! معناه تعلو على ظهور الدواب، ( وقال: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ ) يعني كنت فوق الفلك ( وقال: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) سفينة نوح استوت على الجودي و هو جبل في العراق, يعني صارت فوقه و قوله اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يعني علا على العرش.
( وأما من نزع منهم بحديث يرويه عبد الله بن داود الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن عبد الله بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى: "استولى على جميع بريته ) يقول من احتج بهذا الحديث فهو باطل هذا الحديث ( أن هذا حديث منكر، ونقلته مجهولون وضعفاء ) هذا لا يحتج به , و لهذا حديث ابن عباس فسر الاستواء باستولى لكن هذا باطل حديث باطل سندا و متنا, فأما متنا فهو منكر لمخالفته النصوص و أما سندا لأن الرواة كلهم مجهولون و ضعفاء ( فأما عبد الله بن داود الواسطي، وابن مجاهد، فضعيفان، وإبراهيم بن عبد الصمد مجهول لا يعرف )، قال ( وهم لا يقبلون أخبار الآحاد العدول، فكيف يسوغ لهم الاحتجاج بمثل هذا ) يعني العلماء إذا كان خبر آحادا و لو كان عدل لا يقبلونه لمخالفته الأكثرين إذا خالف الثقة من هو أوثق منه و لو كان عالما لا يقبل لأنه خالف الجماعة فكيف إذا كان الخبر باطل من باب أولى يرد، ( فكيف يسوغ لهم الاحتجاج بمثل هذا الحديث لو عقلوا؟! ).
ثم استدل ابن عبد البر بقوله ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ) فرعون طلب من وزيره هامان أن يبني له صرحا لماذا ! ليكذب موسى فيما ادعاه أن الله في العلو , موسى أفهم فرعون أن الله في العلو, فأراد فرعون أن يكذبه فقال لوزيره هامان ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ حتى أكذب موسى فيما زعمه أن الله فوق , إذن فرعون مكذب منكر للعلو, موسى أخبر فرعون أن الله في العلو, و فرعون كذبه و أراد أن يكذبه بالفعل فقال لوزيره هامان ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ و الجهمية يقولون فرعون هو الذي يثبت العلو و موسى هو الذي لا يثبت العلو , عكسوا من تلبيسهم , فرعون يقول لوزيره هامان ابْنِ لِي صَرْحًا يعني يثبت العلو فرعون, فعكسوا القضية و أهل السنة قالوا إن فرعون مكذب لموسى و لهذا قال العلماء من أثبت علو الله على خلقه و استوائه على عرشه فهو موسوي محمدي , موسوي نسبة إلى موسى و محمدي نسبة إلى محمد , و من أنكر علو الله على خلقه فهو جهمي فرعوني, على مذهب فرعون و مذهب جهم, من أثبت العلو فهو موسوي محمدي يعني على ما جاء به موسى و محمد عليهم الصلاة و السلام, و من أنكر العلو فهو فرعوني جهمي. قال ( فدل على أن موسى كان يقول: إلهي في السماء، وفرعون يظنه كاذبا ).
قال ( فإن احتج بقوله ) يعني احتج الجهمي ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وبقوله: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ زعموا أن الله في كل مكان بنفسه وبذاته تبارك اسمه وتعالى جده قيل لهم: لا خلاف بيننا وبينكم وبين سائر الأمة أنه ليس في الأرض دون السماء بذاته) يعني يقول أنتم توافقون على أن الله ليس في الأرض بدون السماء أنتم تقولون في الأرض و في السماء توافقوننا أنه في السماء ( فوجب حمل هذه الآيات على المعنى الصحيح المجمع عليه ) المجمع عليه أن الله في السماء و أما كونه في الأرض هذا فيه خلاف فيجب ترك الخلاف إلى المجمع عليه, أنتم توافقوننا أن الله في السماء لكن تزيدون تقولون في الأرض فكونه في السماء هذا مجمع عليه و كونه في الأرض هذا فيه خلاف فاتركوا الخلاف و كونوا مع الإجماع , قال ( وذلك أنه في السماء إله معبود أهل الأرض، وفي الأرض إله معبود أهل الأرض، وكذلك قال أهل العلم بالتفسير، وظاهر التنزيل يشهد أنه على العرش فالاختلاف في ذلك ساقط، وأسعد الناس به من ساعد الظاهر وأما قوله في الآية الأخرى: وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ فالإجماع والاتفاق قد بين أن المراد بأنه معبود أهل الأرض ) وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ المعنى أنه معبود أهل الأرض ( فتدبر هذا فإنه قاطع.
ومن الحجة أيضا ) على علو الله على عرشه ( أنه على العرش فوق السماوات السبع أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر ونزلت بهم شدة، رفعوا وجوههم، ونصبوا أيديهم رافعين لها مشيرين بها إلى السماء يستغيثون الله ربهم تبارك وتعالى ) يعني من الحجة أن الله تعالى فطر الخلق فالإنسان إذا أصابته شدة رفع وجهه إلى السماء حتى الحيوانات إذا أصابها شيء رفعت رأسها هذه فطرة فطر الله عليه الخلق. لكن الجهمية من شدة عنادهم قالوا ليس المعنى أن الإنسان يرفع يديه أن الله في السماء بل المعنى أن المطر ينزل من السماء و كذا و إن عصبت عين الإنسان و كان لا يدري ما رفع يديه إلى السماء هذا من تلبيسهم نسأل الله العافية. قال ( هذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة ) يعني معروف عند الخاصة و العامة الإنسان إذا أصابه ضيق رفع وجهه إلى السماء, قال ( من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته، وقد «قال ﷺ للأمة السوداء: أين الله؟ فأشارت إلى السماء، ثم قال لها: من أنا؟ قالت: رسول الله قال: فأعتقها؛ فإنها مؤمنة) شهد لها بالإيمان لما شهدت أن الله في العلو, قال ( فاكتفى رسول الله ﷺ منها برفعها رأسها إلى السماء.
قال: وأما احتجاجهم بقوله: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية قال: هو على العرش وعلمه في كل مكان، وذكر سنيد عن الضحاك في هذه الآية، قال: (هو على العرش، وعلمه معهم أين ما كانوا) قال: وبلغني عن سفيان الثوري مثله.
وقال عبد الله بن مسعود: ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام ) يعني للراكب السريع ( وما بين كل سماء إلى سماء أخرى مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي إلى الماء مسيرة خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله تبارك وتعالى على العرش ويعلم أعمالكم ).
قال ( وقد ذكر هذا الكلام أو قريبا منه في كتاب الاستذكار ) لابن عبد البر.
( وقال أبو عمر أيضا: أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حُمل عنهم التأويل، قالوا في تأويل قوله تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ: هو على العرش، وعلمه في كل مكان ) يعني مجمع على هذا , هذا النقل أجمع عليه العلماء ( وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله.
وقال أيضا: أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة في الكتاب والسنة، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لم يكيفوا شيئا من ذلك ).
قال ( وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل منها شيئا على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أقر بها نافون للمعبود.
قال الحافظ الذهبي: صدق والله، فإن من تأول سائر الصفات وحمل ما ورد منها على مجاز الكلام أداه ذلك السلب إلى تعطيل الرب ) يعني عطل الرب و أنكر وجوده ( وأن يشابه المعدوم ) وصل بهم الحال الجهمية بأنهم أنكروا وجود الله كما قال الإمام أحمد : رأيت كلام الجهمية يدور على أن ليس في العرش إله يدور كلام الجهمية على إنكار الرب , قال ( ولقد كان أبو عمر بن عبد البر من بحور العلم ومن أئمة الأثر، قل أن ترى العيون مثله، واشتهر فضله في الأقطار ) لأن كلامه حجة .
..............................................................
أسئلة :
سؤال :
هل ورد عن أسماء الله و صفاته أنه فرد؟
جواب الشيخ :
كلمة فرد لا أعلم أنه ورد في الأسماء و الصفات و لهذا ورد في بعض كلام أهل العلم و بعض كلام الأشعري و نبهت عليها , كلمة فرد لا أعلم أنه من أسماء الله ما جاء الأحد و الصمد أما أنه فرد فهذا لا أعلم بدليل عن ذلك, فإن وجد دليل فهو من أسماء الله و إن لم يوجد فلا, لأن الأسماء و الصفات توقيفية فهو أحد صمد ,كما ورد: الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يرد أنه فرد, و كذلك قلت إنه ذكر الحافظ أيضا كذلك لم يأت بدليل فيكون غلطا, و أهل العلم غلطوا ليس معصوما إلا إذا جاء بدليل , و شخص من باب الخبر يخبر عن الله بأنه شخص و أنه ذات و أنه موجود و لا يقال من أسمائه الشخص و الذات و الموجود , القاعدة عند أهل العلم أن باب الخبر أوسع من باب التسمية فالأسماء توقيفية عليم سميع بصير أما الخبر يخبر عنه بأنه ذات و بأنه شيء و بأنه موجود قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ فأخبر عن الله بأنه شيء و بأنه شخص و بأنه ذات و بأنه موجود و الصانع من باب الخبر .
سؤال :
هل صفة الرحمن و الرحيم من الصفات الذاتية أم الفعلية أم أن إحداهما صفة فعلية و الأخرى صفة ذاتية؟
جواب الشيخ :
الرحمن الرحيم اسمان ليس صفتان, الرحمن اسم و الرحيم اسم لكن أسماء الله مشتقة كل اسم مشتمل على صفة, الرحمن اسم الله لم يسمى به غيره الرحمن ذو الرحمة , الرحمة العامة و الرحيم رحمة خاصة بالمؤمنين, الرحمن اسم الله مشتمل على صفة الرحمة و صفة الرحمن من الصفات الفعلية كما هو معلوم, فالرحمن الرحيم اسمان من أسماء الله و أسماء الله مشتقة و مشتملة على صفة الرحمة .
سؤال :
ذكر أبو الحسن الأشعري الاستدلال على إثبات العينين لله بالآية تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا فهل فيها دلالة على إثبات الصفة أم أن حديث: إن الدجال؟
جواب الشيخ :
بينت هذا في أثناء الشرح و قلت إن استدلال أبي الحسن بالآية لا يساعده الآية تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا في سفينة نوح أنها تجري بمرأى منا و بحفظنا و كلأتنا ليس المراد إثبات العينين , إثبات العينين يؤخذ من حديث الدجال إن ربكم ليس بأعور، و إن الدجال أعور عينه اليمنى.
سؤال :
هل فرق المبتدعة مثل الجهمية و الأشاعرة و المعتزلة موجودة في عصرنا الحالي؟
جواب الشيخ :
نعم , موجودة و بكثرة الجهمية و الأشاعرة كلهم بكثرة تكاثروا موجودين بين أظهرنا و بعضهم في الجامعات يدرسون عندنا و موجودون في مصر و الشام و المغرب و كل مكان بل يوجد أشد منهم يوجد الحلولية و الاتحادية الذين يقولون إن الرب هو العبد و العبد هو الرب و يقولون أنت الرب و أنت العبد و أنت الخالق و أنت المخلوق و رب مالك و عبد هالك و أنت ذلك و الكثرة وهم يقول رئيس وحدة الوجود :
الرب عبد والعبد رب | يا ليت شعري من المكلف |
إن قلت عبد فذاك ميت | وإن قلت رب أنى يكلف |
و يوجد الآن الصوفية هؤلاء الذين يصلون إلى القول بوحدة الوجود موجودون الآن في كل مكان الاتحادية تجدهم في المغرب و السودان و الشام يقولون الوجود يسمون أنفسهم العارفين و المحققين و لهم مؤلفات تطبع بأوراق صقيلة و تحقق في رسالة كانت عندي سماها صاحبها إيمان فرعون يقول فرعون مؤمن و شرحه محقق, و الدليل على أنه مؤمن يقول أنه قال آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ و أما قوله تعالى أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ هم يدخلون لكن هو لا يدخل آل فرعون أليس منهم؟ و في محقق يقول أن الكلام ممكن أن يكون وجيها انظر إن شئت خذ هذا إن شئت اقبل الكلام هذا و إن شئت اقبل هذا و غيره الكثير, فهم موجودين الآن الاتحادية أشد من الجهمية و المعتزلة و الأشاعرة فرق مبتدعة لكن هؤلاء ملاحدة زنادقة أعظم الناس كفرا أنكروا وجود الله و هم موجودون يسمون أنفسهم العارفين و المحققين و يعظمون و تطبع أوراقهم و تحقق مؤلفاتهم و لهم رسالة الدرة و غيرها كفر صريح و هذا كان في السودان قديما على عهد النميري يسمى العربي ادعى أنه ينفض جبته و يقول إنه الله قتله النميري منذ زمن رئيس السودان قبل سنين صوفي ادعى أنه الرب يقول هو الرب نعوذ بالله و في كل بلد تجد طرق صوفية و كل طريقة لها شيخ يقودهم إلى النار و كلها كفر و ضلالة نسأل الله العافية .
سؤال :
هل كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري صحيح العقيدة و هل تنصح بقراءته؟
جواب الشيخ :
نعم هو من آخر ما كتب نقل لنا و تكلمنا عنه نقل المؤلف من كتاب الإبانة و هو صحيح و قد يوجد منه شيء يسير مثل قوله إن الله ليس بجسم نفي الجسم و إثبات الجسم و إلا فهو مثل ما سمعت على أهل السنة و الجماعة لأنه رجع و ألف هذا الكتاب و هو من آخر ما ألفه الإبانة في أصول الديانة .
سؤال :
ما حكم اتخاذ الأناشيد الإسلامية و التمثيل الإسلامي وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله ؟
جواب الشيخ :
لا أرى أن الأناشيد وسيلة من وسائل الدعوة , الأناشيد على حالها الآن فيها طرب و فيها تجد الأناشيد تنشد بتأوه و تلحين لا تفرق بينها و بين الغناء بل هي الغناء بحاله إذا أقبلت على التسجيلات لا تدري أهو يغني أم ينشد بالضبط غناء صريح تأوهات ثم أيضا لو فرضنا حتى لو كانت قراءتها قراءة عادية كونه جماعي هذا لا يتأمل الإنسان المعنى متى يرفعون الصوت و متى يخفضون الصوت, و لا يتأمل لإنسان المعنى فكيف إذا كان فيها طرب و تأوهات و تلحين هذه طريقة الصوفية.
لكن إذا كانت القصيدة مفيدة واحد يقرأ بدون جماعي يقرأ واحد و تأمل و تدبر واحد يقرأ القرآن و جماعة يستمعون واحد يقرأ الحديث و الباقي يستمعون و واحد يقرأ القصيدة إذا كانت مفيدة و ما فيها خلل و الباقي يسمعون, أما الجماعي يطربون هذا يرفع الصوت و هذا يخفض الصوت عجز عنهم الشيطان في الغناء و جاء من هذه الناحية جاءهم من طريق آخر.
و كذلك أيضا ما يفعله بعض التسجيلات إذا أراد أن يسجل شريطا تجد المحاضر يتكلم في نصف المحاضرة و يأتي بكلام مبتور عما قبله و ما بعده تستغرب يصوت و يرفع صوته و يأتي بأناشيد في أوله و آخره ثم يأتي بمن يقول المحاضر لفلان و فلان , ابدأ من أول لا تضيع نصف الشريط و تضيع الأوقات على الناس و تجبر الناس على سماع أناشيد لا يريدونها هذا ينبغي نصيحة لأهل التسجيلات أن ينتبهوا لهذا .
سؤال :
أيهم التصوير الجائز هل هو تصوير الفيديو أم الفوتوغرافي لأنه انتشر الآن في حفلات الزواج و إذا نصحناهم قالوا إنه تصوير جائز قال بذلك العلماء؟
جواب الشيخ :
كلاهما غير جائز , التصوير حرام و هو من كبائر الذنوب , قال الرسول ﷺ لعن الله المصور و قال كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم و قال عليه الصلاة و السلام من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ و قال عليه الصلاة و السلام أشد الناس عذابا يوم القيامة الذي يضاهئون بخلق الله و هذه كلها أحاديث ثابتة في الصحيحين أو في أحدهما و الراضي كالفاعل.
و يستثنى من ذلك ما دعت الضرورة إليه قال الله تعالى وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ مثل صورة بطاقة الأحوال و مثل الصورة في جواز السفر و مثل الصور في الأوراق النقدية الدراهم ما تستطيع أن ترميها في الشارع لا يمكن و صورة الشهادة العلمية و صور المجرمين و ما عدا ذلك لا يجوز التصوير بعض الناس يصور نفسه و يجعله في برواز أمامه و بعضهم يصور للذكرى لا يجوز للذكرى و لا لغيره قوم نوح صوروا للذكرى فعبدوا الأصنام صوروا ليتذكروا عبادة الصالحين الذين ماتوا فالواجب على الإنسان أنه يقف و لا حاجة لذلك يسجل المحاضرة بدون تصوير يسجل ليستفيد منه .
سؤال :
هنالك من أهل العلم من قال بأن معية الله حقيقة و لا نؤولها بالعلم فنرجوا التوضيح؟
جواب الشيخ:
نحن نقول إن معية الله حقيقة و ليست مجازا, و لكن معناها العلم و الإحاطة و الاطلاع و لا يسمى تأويلا من قال إن هذا تأويل ! الله تعالى افتتح الآية بالعلم و اختتمها بالعلم هذا كلام الله, فهي معية علم. و كذلك أيضا في اللغة العربية معناها المصاحبة ما تريد الاختلاط لا اللغة تدل على هذا و لا النصوص فكيف تقول تأويل, أنا أجريتها مع اللغة و مع النصوص تقول متأول ! أنت الذي ما فهمت اللغة و ما فهمت النصوص, ضربتني بدائها و انسلت ترميني بالتأويل و أنت المؤول أنت الذي خالفت اللغة و خالفت النصوص اللغة معنى المعية مطلق المصاحبة و النصوص دلت على أنها معية علم و إحاطة و إطلاع, فأنا مع اللغة و مع النصوص و أنت لست مع النصوص و لا مع اللغة و تقول أنت أولت ! ما أولت أنت الذي أولت .
سؤال :
ما ذكرتموه من أن قوله تعالى تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا و قوله تعالى مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا ليست من آيات الصفات هل هي مسألة مختلف فيها لأن بعض العلماء ذكروها و استدلوا بها على ثبوت صفة اليدين و العين لله تعالى؟
جواب الشيخ :
ليس بصحيح , العلماء المحققون ذكروا هذا كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة التدمرية ذكر أنه في فروق بين مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا و بين خَلَقْتُ بِيَدَيَّ خلقت أضاف الضمير إلى نفسه و عملت أضاف الضمير للأيدي خَلَقْتُ بِيَدَيَّ تثنية و أضاف الضمير إلى نفسه ) عَمِلَتْ أَيْدِينَا جمع أضافت إلى ضمير جمع من العظمة, في فروق بينها من قال أن هذه مثل هذه !
سؤال :
ما هي الشروط الواجب توفرها في الإمام حتى يكون إماما؟
جواب الشيخ:
الإمام هو العالم الرباني الذي يربي الناس في صغار العلم قبل كباره, و الإمام الذي عنده معرفة بالكتاب و السنة و اللغة و الفقه و الأصول يعرف الناسخ من المنسوخ و العام و الخاص و الأمر و النهي هذا هو الإمام الذي يكون قدوة يقتدى به و معلم الناس الخير كما قال الله تعالى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً و عنده بصيرة و علم في نفسه و عمل ثم دعوة و صبر .
سؤال :
إن قوله تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ أي بذاته و لا نحتاج إلى تأويلها؟
جواب الشيخ:
معكم بذاته هذا قول الجهمية جعله مختلط بالمخلوقات كيف يقول معكم بذاته و لا يحتاج إلى تأويل, أنت الذي أولت كلمة بذاته أتيت بها من كيسك من رأسك معكم بذاته هذا قول الجهمية و هذا يقتضي أنه في كل مكان الجهمية قالوا إنه في كل مكان في السماء و في الأرض و في كل مكان كيف ما يقتضي يكون في العلو و السفل فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ, الأمثال لا تضرب لله لا يقاس الله بخلقه, القمر معنا هذا حجة عليه هل هو مختلط معك هل معنى بذاته القمر ! فتكون حجة عليك أنت .
سؤال :
ما الفرق بين الجهمية المتقدمة الذين يقولون إن الله في كل مكان و بين الأشاعرة المتقدمة؟
جواب الشيخ:
الأشاعرة القدامى مثل أبي الحسن الأشعري و مثل القاضي الباقلاني لا يثبتون الاستواء يفسرون الاستواء بالقدرة و لكن ما يقولون إن الله في كل مكان, أما المتأخرون من الأشاعرة فإنهم صاروا جهمية مثل الرازي و غيره لكن الرازي رجع فهم جهمية معتزلة جهمية فصاروا ينكرون علو الله على خلقه و يقولون إنه في كل مكان هذا هو الفرق الأشاعرة الأولى لا يثبتون العلو و لا يقولون إن الله في كل مكان يفسرون الاستواء بالقدرة و الأشاعرة المتأخرون صاروا مع الجهمية فصاروا يقولون بالحلول .
سؤال :
ما حكم لبس الساعة المطلية بالذهب؟
جواب الشيخ :
لا يجوز للرجل أن يلبس الساعة المطلية بالذهب أو الفضة قال العلماء لا يجوز الشرب في آنية الذهب و الفضة و المضابة بهما, و كذلك الاستعمال استعمال الساعة و القلم و النظارة لا للرجل و لا للمرأة إلا المرأة تتحلى بالذهب في يديها و رجليها و عنقها و أنفها و أذنها و صدرها خاصة لكن ما تستعمل المرأة كأس الذهب و لا نظارة الذهب و لا قلم الذهب و لا ملاعق الذهب ما تستعملها هذا حرام على الرجل و على المرأة قال النبي ﷺ لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لم في الدنيا يعني للكفرة ولكم في الآخرة.
سؤال :
يسأل عن مسألة البيوع يقول إنه في بعض الدول يتم بيع مساحة من البحر محدودة للصيد منها فقط فما حكم هذه الصورة؟
جواب الشيخ:
هذا السؤال يوجه لهذه الجهة الذين يقومون ببيع هذه الجهة أن يوجهوا السؤال للجنة الدائمة للإفتاء حتى تصدر فيه فتوى جماعية لأن هذه ما تخص شخصا تخص دولة و جماعة فلا يكون فيها فتوى فردية بل فتوى جماعية جهة رسمية حتى يعلموا حكم الله ثم بعد ذلك إن شاؤوا عملوا و إن شاؤوا لم يعملوا الله هو الذي يحاسبهم .
سؤال :
هل كل من يصرح بوحدة الوجود هل يلزم من الحكم عليه بالردة إقامة الحجة و إزالة الشبهة؟
جواب الشيخ:
لا , الحجة قائمة عليه هذا كفر غليظ و كفر ظاهر, هذا لا يستتاب هذا مثل ما قال أهل العلم يقتل من غير استتابة حتى لو ادعى التوبة لا تقبل توبته في الدنيا لأن كفره غليظ, من سب الله و سب رسوله ﷺ و استهزأ بالله و بكتابه و قال بوحدة الوجود, هذا يضرب عنقه في الحال و لو قال إنه تاب لا يقبل في الدنيا لكن إذا كان صادقا تقبل في الآخرة لكن في الدنيا ما تقبل لماذا ! حتى لا يتجرأ الناس على الكفر الغليظ هذا كفر غليظ حتى لا يتجرأ الناس على هذا يقتل و لا تقبل توبته في صحيح قول العلماء كما أقره الشيخ ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول.
أما أنواع الكفر الأخرى فإنها يستتاب فإن تاب و إلا قتل.
و قال آخرون من أهل العلم إن الحكم واحد أنه يستتاب في هذا لكن المعتمد عند المحققين الأول لأنه كفر غليظ لا يستتاب مثل من سب الله أو سب الرسول ﷺ أو سب دين الإسلام أو استهزأ بالله أو بكتابه أو الرسول ﷺ أو تكررت ردته أو قال بوحدة الوجود, هذا يقتل و لا تقبل توبته في الدنيا لكنها تقبل في الآخرة إذا كان صادقا فالله يقبل توبة الصادقين و إن كان كاذبا فله حكم الكاذبين .