بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
( متن )
( شرح )
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و صل اللهم و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد :
فالمؤلف رحمه الله يبين و يقرر أن موالاة الكفار ردة عن الإسلام و هي التولي الذي هو محبة الكفار و يستلزم نصرتهم و تكثير سوادهم و الكون معهم و ذكر من الأدلة على ذلك و سرد من الأدلة الكثير. مثل قوله تعالى لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ و غير ذلك.
و بين أيضا من الأدلة أن الله تعالى توعد المقيمين بين أظهر الكفار و لم يستثن إلا المستضعفين و هم الذين بقوا من المؤمنين في مكة و لم يهاجروا توعدهم الله إلا من كان مستضعفا و عاجزا فإن هذا مستثنى و هؤلاء عذرهم الله .
ثم ذكر أيضا دليلا آخر و هو ما رواه البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن الأسود قال : قطع على أهل المدينة البعث فاكتتبت فيه , يعني أهل المدينة بعثوا بعثا يعني جيشا فاكتتب فيه عبد الرحمن بن أسود و ذلك أن أهل المدينة خلعوا ربيعة بن معاوية و بعثوا جيشا لقتال يزيد قال : فلقيني عكرمة لقي عبد الرحمن الأسود فأخبرهم أن أهل المدينة خلعوا يزيد و جهزوا جيشا و أنني اكتتبت معهم فقال : فلقيني عكرمة فأخبرته فنهاني أشد النهي قال لا تذهب معهم و لا تخرج على الإمام و قال : أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين بعد ما هاجر النبي ﷺ و أصحابه إلى المدينة جاءت غزوة بدر فكان ناس من المسلمين مع المشركين أخرجوهم معهم في بدر مكرهين قال : فيأتي السهم فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله , يأتي السهم من المؤمنين إلى الكفار فيصيب المؤمن الذي أكره و أخرج في صف الكفار في غزوة بدر يأتي السهم فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله فأنزل الله الوعيد، أنزل الله إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فالله تعالى توعدهم حينما بقوا بين أظهر الكفار و الكفار أخرجوهم مكرهين يقاتلون معهم فالله تعالى توعدهم إلا من ؟ إلا العاجز العاجز مستثنى.
ومقصود عبد الرحمن بن الأسود أن عكرمة نهاه أن يكثر سواد البغاة لأن هؤلاء بغوا على الإمام وخرجوا عليه فليس له أن يكثر سوادهم كما أن المؤمنين جلسوا في مكة فتوعدهم الله بأنهم كثروا سواد الكفار وكانوا معهم فليس لهم عذر فلا يجوز لهم البقاء إلا العاجز , العاجز معذور فكذلك يقول عكرمة لعبد الرحمن لا تكثر سواد البغاة الخارجين عن الإمام وهذا على حسب اجتهاد عكرمة رأى أنه لا يجوز لأهل المدينة أن يخرجوا على خليفة و أن هذا يترتب عليه مفاسد.
ومن العلماء من ذهب إلى أن الخليفة هو عبد الله بن الزبير وأنه استتب له الأمن في الحجاز وتمت له البيعة قبل أن يبايعوا الخليفة الأموي وذلك أن البيعة عبد الله بن الزبير لما توفي يزيد بن معاوية بايعه الناس وتمت له البيعة ثم بعد ذلك استتب له الأمن في الحجاز وفي الشام وفي العراق ثم قرر الحكم ودعا لنفسه ولم يوافقه إلا قلة ثم توفي وقضى عبد الملك بن مروان وصار له دعاة حتى أخذ بعض بلاد الشام ثم أخذ العراق وهكذا شيئا بعد شيء حتى جعل يقاتل عبد الله بن الزبير وأوكل المهمة إلى الحجاج كان يرسل الجيوش إلى مكة حتى قتل ابن الزبير وصلبه على خشبة وهدم الكعبة وقتل وانتهى عمر عبد الله بن الزبير فبعضهم يرى عبد الله بن الزبير هو الخليفة الذي يستتب له الأمن وعكرمة وجماعة يرون أن يزيد هو الذي تستتب له البيعة وأن هؤلاء بغاة ولا يجوز لهم الخروج ولذلك لما خرجوا عليه أرسل الخليفة جيشا استباح المدينة ثلاثة أيام وحصل من الفساد ما الله به عليم هذه مفاسد الخروج على ولاة الأمور يترتب عليها من المفاسد أضعاف المفسدة التي تحصل من المعاصي هم أنكروا على يزيد أشياء لكن هذا الإنكار على ولاة الأمور لا يكون بمنكر أشد.
وكما سبق كما بينت لكم أو لغيركم من الأخوان أن القاعدة عند أهل العلم في إنكار المنكر أنه لا ينكر منكر إذا كان يترتب عليه منكر أشد ولا ينكر منكر إلا إذا كان يزيل المنكر أو يخف أما إذا ترتب عليه منكر أشد هذا لا ينكر.
فمثلا إذا فعل بعض ولاة الأمور بعض المنكرات من الجور والظلم في كل زمان وفي كل مكان مثلا فعلوا بعض المعاصي قتلوا بعض الناس أو سجنوا بعض الناس بغير حق الطريق لإزالة هذه المنكرات النصح لولاة الأمور بالطريقة المناسبة يخاطب ولاة الأمور بما يليق بهم من قبل أهل الحل والعقد وغيرهم من الناس يبلغ يبلغ العلماء والعلماء هم الذين يقومون بواجب النصيحة مثل ما قال بعض السلف لما قيل له لمَ لم تنكر عثمان حينما ولى ابن أخيه عقبة الكوفة وشرب الخمر؟ قال أتظنان أني لا أتكلم معه إلا وأنتم تسمعون أنا أتكلم معه في أمر لا أكون افتح باب شر أو كما قال يعني أتكلم معه سرا هل يعقل الإنكار على ولاة الأمور بالخروج عليهم هذه تعتبر من المفاسد تترتب عليه أن ولاة الأمور يقاتلون هذا الذي خرج عليهم فيحصل إراقة الدماء واختلال الأمن واختلال أحوال الناس الاقتصاد والزراعة والتجارة والتعليم ويتدخل الأعداء وتحصل الفوضى والاضطرابات وتحصل فتن تقضي على الأخضر واليابس وحروب طاحنة تقضي على الأخضر واليابس أيهما أعظم مفسدة ؟ مفسدة الصبر على المنكر الذي يحصل من ولاة الأمور أو الخروج عليهم الخروج عليهم عليها مفاسد عظيمة.
فلا ينكر منكر بمنكر أشد وإنما الطريقة في هذا الصبر على جور الولاة والنصح مبذول لهم فإن قبلوا فالحمد لله وإن لم يقبلوا فقد أدى الناس ما عليهم أما الخروج فلا يجوز ففيه مفاسد وكما قال النبي ﷺ أدوا الحق الذي عليكم، واسالوا الله الذي لكم لما قال بعض الأنصار ستجدون أثرة فاصبروا قال إنه سيكون أمراء يكثرون ثم قال أدوا الحق الذي عليكم، واسالوا الله الذي لكم أما الخروج فلا يجوز الخروج له مفاسد عظيمة.
و كما سبق أن الخروج على ولاة الأمور من كبائر الذنوب كما ورد في صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال من رأى من أميره شيئاً فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات مات ميتة الجاهلية هذا يدل على أن الخروج من كبائر الذنوب و لو صدر منهم معاصٍ و لو صدر منهم بعض الظلم أمر النبي ﷺ بالصبر و النصيحة مبذولة من أهل الحل و العقد أما الخروج فهذا فيه من المفاسد و الفتن و إراقة الدماء و الحروب و اختلال أحوال الناس و تدخل الأعداء و الدول الكافرة كل هذه المفاسد تحصل من الخروج على ولاة الأمور.
و لذلك عكرمة نصح عبد الرحمن الأسود و قال نهاه أشد النهي و قال لا تخرج مع هذا الجيش , هذا الجيش من البغاة و هذا لا يجوز فيه الخروج على ولاة الأمور لما خلعوا الخليفة خلعوا يزيد و بعثوا جيشا فأرسل الخليفة جيشا حاصر المدينة ثلاثة أيام و حصل من الفساد ما الله به عليم و لا حول و لا قوة إلا بالله.
قال المؤلف رحمه الله : واستدل عكرمة قال أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يأتي السهم فيصيب واحدا منهم فيقتله أو يضربه فيقتله لأنهم خرجوا مكرهين كثروا سواد المشركين , فأنت لا تكثر سواد البغاة فأنزل الله هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا... إلى آخر الآيات و لم يستثنِ الله إلا المكره إلا العاجز.
قال المؤلف : فتأمل كيف ترتب عليهم هذا الوعيد و أوجب لهم النار قال فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا لماذا ترتب عليه أن توجب لهم النار ! لأنهم بقوا يكثرون سواد المشركين بقوا مع المشركين فهم متوعدون بالنار إلا العاجز.
قال : و قد روي أنهم مكرهون على تكثير سواد المشركين فقط فكيف بمن كثر سوادهم بغير إكراه و لا إيمان ! إذا كان الذي يكثر سوادهم مكره و معه إيمان فكيف بمن كثر سوادهم بدون إكراه و إيمان و ظاهر و قال و فعل بغير استضعاف أترى بقي مع هذا شيء من الإيمان ! إذا كان الذي يكثر سواد المشركين مكره و مستضعف متوعد بهذا الوعيد فكيف بمن كثر سواد المشركين و هو مختار قادر قاصد عنده قدرة و اختيار و زاد مع ذلك أنه ظاهر المشركين و ساعدهم على المسلمين و قال و فعل. قال المؤلف : أترى بقي مع هذا شيء من الإيمان في حالته هذه.
قال : ثم إن الله تعالى بين في هذه الآية أنه قد خرج من هذا الوعيد بأوصاف لا تخفى على أحد خرج من الوعيد المستضعف فقال إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا فذكر أنهم لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا و هم عاجزون عن الهجرة من كل وجه ما لهم حيلة ما يستطيعون ممنوعون أو ليس لهم قدرة أو عندهم عجز من الدعوة أو لا يستطيعون أن يعرفوا الطريق يخافون أن يهلكوا.
قال المؤلف : و هؤلاء هم الذين دعا لهم الرسولﷺ في حديث أبي هريرة المتقدم في الحديث السابق كان النبي ﷺ يقول اللهم أنج الوليد بن الوليد و سلامة بن هشام و عياش ابن أبي ربيعة و المستضعفين من المؤمنين هؤلاء هم الذين دعا لهم الرسول لكونهم عاجزين بخلاف من لم يعجز عن الهجرة بل اختارهم و رغب فيهم و سكن إليهم ووافقهم و تأيد بهم واستنصر هذا و العياذ بالله مرتد يأتي للكفار و هم غير عاجز و يختارهم بدلا من المسلمين و يرغب إليهم و يسكن إليهم و يوافقهم و يؤيدهم و يستنصرون به على المسلمين هذا لا شك أنه مرتد مثل قال مثل عبد الله ابن أبي السرح الذي ذهب إلى الكفار و تنصر ثم ذكر ابن سبابة الليثي و أمثالهما ممن زين له الباطل كجبلة بن العيهم و الغساني و أمثال هؤلاء كثير نسأل الله الثبات على الإسلام و العفو و العافية في الدنيا و الآخرة .
( متن )
( شرح )
هذا الدليل الثاني لمن استدل على أنه يجوز الإقامة في أرض المشركين و سبقه الدليل الأول أنه استدل بقول الله تعالى أنه قال وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ قال يشير إلى أنه معذور بإقامته مع هؤلاء كما عذر من أقام من المسلمين بمكة مع المشركين هذا الدليل الأول لمن يستدل بجواز الإقامة بين أظهر المشركين و هو لا يستطيع إظهار دينه له شبه , الشبهة الأولى أنه قال : إن الله تعال عذر من أقام من المسلمين بمكة و بين المعنى قال وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ فدل على أنهم معذورون بإقامتهم مع هؤلاء وأجل المؤلف رحمه الله الشبهة الثانية من الشبه التي يستدل بها من يجيز الإقامة بين أظهر المشركين من المؤمنين من غير حاجة.
قال : استدلالهم على جواز الإقامة مع المشركين أو تركهم الهجرة؛ لأن الصحابة هاجروا إلى الحبشة وفيها نصارى , المسلمون الذين أسلموا مع النبي ﷺ قبل الهجرة من مكة هاجروا إلى الحبشة و الحبشة بلاد نصارى و النبي ﷺ أذن لهم بالهجرة فدل على أنه يجوز للإنسان أن يقيم بين أظهر المشركين.
الشبهة الأولى أن المؤمنين أقاموا بمكة فأذن الله لهم و لم ينكر عليهم إلا بقوله وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ و الشبهة الثانية الدليل على أنه يجوز الإقامة مع المشركين و ترك الهجرة الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة و فيها نصارى بأمر النبي ﷺ أذن لهم بإذن النبي ﷺ لهم فكون النبي ﷺ أذن لهم و هاجروا مرتين هجرة أولى و ثانية رجال و نساء لما اشتد عليه الأذى بمكة أذن لهم النبي ﷺ أن يهاجروا إلى الحبشة قالوا فهذا دليل على جواز إقامة المسلم بين المشركين و أنه لا حرج.
قال المؤلف : أولا لا يجوز عند من له أدنى معرفة أن يستدل على ترك الهجرة لأن الصحابة هاجروا و كيف يجوز في عقل من له أدنى مسكة من عقل أن يستدل بترك شيء لأن ذلك الشيء الذي ترك قد فعله غيره و قد عرفت أن الله , هنا العبارة كأنه توعد من ترك الهجرة بالوعيد الشديد و برئ منه رسول الله ﷺ و أثنى على من هاجر و وعدهم بخير الدنيا و آخرة كما قال تعالى وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ هذا فيه الثناء على المهاجر و قال الله تعالى في سورة آل عمران فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ.
يقول المؤلف : و أي جهل أعظم من جهل من يسوي بين حسنات المقربين و الأبرار و سيئات الأشرار أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ هذا الجواب الأول يقول المؤلف رحمه الله أن الله تعالى توعد على من ترك الهجرة أثنى على من هاجر كان الدليل و الجواب جواب عام أن الله تعالى توعد من ترك الهجرة و أثنى على من هاجر , توعد على من ترك الهجرة إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ و أثنى على من هاجر بقوله وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي.
ثم قال في ختم الجواب : وأي جهل أعظم من جهل من يسوي بين حسنات المقربين الأبرار، وسيئات العصاة الأشرار أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ يعني المهاجر من أهل الحسنات من المقربين الأبرار و الذي لم يهاجر من العصاة فكيف يسوى بين هؤلاء و هؤلاء هذا الجواب.
الجواب الثاني : أن الذين هاجروا إلى الحبشة لم يجدوا مأوى اشتد عليهم الأذى و لم يجدوا مأوى و وجدوا عند الحبشة مأوى كان الحبشة فيها ملك عادل و هو النجاشي آوى الصحابة أكرمهم.
قال المؤلف ثم أيضا حصل خير أسلم بعض أساقفة النصارى بعض أساقفة النجاشي و أيضا حصل للمسلمين عزة و قوة فراغموا بذلك الأعداء المشركين في مكة و أغرهم ذلك هذا الجواب الثاني.
الجواب الثاني قال : و أيضا فإن الصحابة الجواب الأول : أن الله أثنى على المهاجرين و توعد من ترك الهجرة فكيف يسوى بين المهاجر و غير المهاجر كيف يسوى بين حسنات المقربين الأبرار و سيئات العصاة الأشرار أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً الجواب الثاني : أن الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة هاجروا مضطرين لأنهم أوذوا اشتد عليهم الأذى و لم يجدوا من يؤويهم و وجدوا عند النجاشي المأوى و هو نصراني ثم حصل خير في الهجرة و غيظ العدو و هم المشركين في مكة و روغموا و أسلم بعض أساقفة النصارى حصل الخير.
قال المؤلف رحمه الله : و أيضا فإن الصحابة رضوان الله عليهم هاجروا إلى الحبشة لما لم يجدوا من ذاك دار إسلام ففعلوا ما أمكنهم فعله من طاعة الله و تقواه صاروا الحمد لله يظهرون دينهم كانوا في الأول مستضعفين في مكة لا يستطيعون أن يصلوا و لا يستطيعون أن يظهروا دينهم يعذبون و لما جاؤوا إلى الحبشة صاروا يعلنون دينهم و يصلون و يظهرون الإسلام فحصل خير عظيم ففرق بين الشخص الذي يقيم بين أظهر الكفار و يختار و يعينهم و يساعدهم و بين هجرة المسلمين و الصحابة إلى الحبشة لما أوذوا و اشتد الأذى عليهم و هاجروا إلى ملك عادل آواهم و أكرمهم فأظهروا دينهم.
و لهذا قال المؤلف رحمه الله : و أيضا فإن الصحابة هاجروا إلى الحبشة لما لم يجدوا من ذاك دار إسلام ففعلوا ما أمكنهم فعله من طاعة الله و تقواه و أهل الحبشة و إن كانوا نصارى فهم أقرب مودة للذين آمنوا من اليهود و الذين أشركوا و استشهد بالآية الكريمة لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ.
قال : ثم إنه حصل بتلك الهجرة من سلامة دينهم و ظهوره و الدعوة إلى الله و إسلام النجاشي و بعض أساقفته و إكرامهم إياهم و غيظ عدوهم من المشركين و مراغمتهم ما هو من مقاصد الدين فتأمل أنظر إلى المصالح التي حصلت كيف يستدل الذي يقيم بين أظهر المشركين و يواليهم يستدل بهجرة الصحابة إلى الحبشة و يقول هذا دليل على جواز الإقامة بين أظهر الكفار فرق بينك و بينه أنت تقيم بين أظهر الكفار مختار و تواليهم و تكثر سوادهم و هؤلاء الصحابة أوذوا و اشتد الأذى عليهم و فتنوا في دينهم فأذن لهم النبي ﷺ بالهجرة إلى الحبشة فهاجروا عند ملك عادل فأكرمهم و أظهروا دين الله و أظهروا التقوى ما استطاعوا و دعوا النجاشي إلى الإسلام فأسلم و دعوا أساقفته فأسلموا و حصل بذلك غيظ للعدو و مراغمة لكفار قريش هذه مصالح عظيمة فكيف يكون حالك مثل حالهم !
و قول المؤلف : و إسلام النجاشي و بعض أساقفته , ظهر لي فائدة الآن نستنبطها الآن من قول المؤلف : و إسلام النجاشي و بعض أساقفته , ما هي هذه الفائدة ! الفائدة أن المؤلف ذكر إسلام النجاشي و بعض أساقفته و كثير من الفقهاء يقولون أنه لم يسلم إلا النجاشي وحده و ذلك أنه لما مات النجاشي النبي ﷺ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه و خطب بالصحابة لما صلى قال مات أخ لكم يسمى أحصمة فخرج النبي ﷺ و صلى بهم صلاة الغائب و كبر أربعا و صلى بهم صلاة الغائب.
العلماء لهم موقف من فعل النبي ﷺ قال كثير من الفقهاء أن الصلاة على الغائب لا تجوز و أنها خاصة بالنجاشي وحده لأن النجاشي أسلم وحده و لم يصل معه أحد في بلده فصلى عليه النبي ﷺ هذا كلام كثير من الفقهاء , و المؤلف يقول أسلم بعض أساقفته و أيضا كذلك نحن نقول أنه لا يمكن أن يكون ملك يسلم و لا يتبعه أحد أبدا لا بد يسلم بعض حاشيته بعض الخدم بعض من حوله لا يمكن هذا بعيد ملك دولة يسلم و لا يتبعه أحد و يموت وحده و لا يصلي عليه أحد هذا بعيد الناس تبع لملوكهم لا بد أن يتبع الملك بعض حاشيته يسلمون بعض خدمه بعض أتباعه.
ثم المؤلف ذكر هذا و قال أسلم بعض أساقفته و لذلك الصواب أن النبي ﷺ صلى على النجاشي لا لأنه لم يصل عليه أحد كما يقول كثير من الفقهاء صلى عليه صلاة الغائب و أنه ما من أحد صلى عليه و الصواب ما رواه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله و اختيار سماحة شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله أنه تجوز الصلاة على الغائب إذا كان له شأن و تأثير في الإسلام فالنجاشي له شأن و تأثير في الإسلام لأنه آوى الصحابة و أكرمهم فله شأن فتجوز الصلاة على الغائب إذا كان له شأن كأن يكون عالما كبيرا أو داعية أو أميرا عادلا فهؤلاء يصلى عليهم أما أن يصلى على كل أحد صلاة الغائب لا يصلى عليه لأنه مات جمع غفير من أصحاب النبي ﷺ في كثير من الأمصار في مكة و غيرها و لم يصل عليهم صلاة الغائب فدل على أن صلاة الغائب خاصة بمن كان له شأن و تأثير في الإسلام كأمير عادل أو داعية له تأثير في المجتمع أو عالم كبير أو ما أشبه ذلك أما قول كثير من العلماء أن النجاشي صلى عليه الرسول ﷺ لأنه مات وحده و لم يصل عليه أحد فصلى علي فهذا قول .
( متن )
( شرح )
المؤلف استدل بقصة بهجرة الصحابة إلى الحبشة أراد من باب الفائدة يستنبط يريد أن يذكر القصة قصة الهجرة نقلها عن ابن إسحاق مؤلف معروف له كتاب السيرة محمد بن إسحاق صاحب المغازي و هو جيد في المغازي و شيخ الإسلام و ابن القيم و غيرهم من أهل العلم .
( متن )
عن أبي إسحاق قال حدثنا محمد بن مسلم الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن الحارث بن هشام عن أم سلمة زوج النبي ﷺ قالت: " لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار- النجاشي، أمِنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه. فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جَلْدين، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة.
وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا، ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص وأمروهما بأمرهم، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدّما إلى النجاشي هداياه، ثم اسألاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم. قالت: فخرجا حتى قدِما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار عند خير جار إلى أن قالت: وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب.
وقال له: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي الضعيف، وكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان. وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات. وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام.
قالت: فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، وحرّمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا. فعدا علينا قومنا وعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل من الخبائث ما حرم الله علينا. فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نُظلم عندك أيها الملك.
قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ قالت: فقال جعفر: نعم، فقال له النجاشي: اقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من كهيعص قالت: فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم .
( شرح )
قرأ عليهم أول سورة مريم و فيها ذكر مريم وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ ثم حتى ذكر عيسى قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ إلى آخره فبكى النجاشي و بكوا ثم بعد ذلك أخذ تبنا من الأرض النجاشي و قال ما زاد هذا على ما في الإنجيل قال مثل هذا , كتب الله التي أنزلها كله يصدق بعضها بعض لأن هذا الذي سمعت و قرأت ما زاد على ما في الإنجيل و لا مثل ذا لأن القرآن يوافق ما في الإنجيل أن عيسى عبد الله و رسوله و أن الله جعله آية و خلقه من أنثى بلا أب لأن اليهود و العياذ بالله يقولون ابن زنا و النصارى غلوا فيه و قالوا أنه ابن الله النصارى غلوا حتى رفعوه من مقام العبودية و الرسالة إلى مقام الألوهية قالوا أنه ابن الله و اليهود جفوا و قصروا و آذوه حتى قالوا أنه ولد بغي ولد زانية و العياذ بالله قبحهم الله و هدى الله المسلمين قالوا الحق و اعتقدوا أنه عبد الله و رسوله لم يقصروا و لم يجفوا كما فعلت اليهود و لم يغلوا كما فعلت النصارى .
( متن )
فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى لَيخرج من مِشكاة واحدة، انطلقا فلا-والله- لا أسلمهم إليكم ولا أكاد" ثم ساقت القصة.
قال ابن إسحاق .
( شرح )
المؤلف رحمه الله لما استدل بقصة هجرة الصحابة إلى الحبشة أراد أن يذكر قصة الهجرة ذكرها ابن إسحاق و هو جيد يعتمد عليه أهل العلم و إن كان المؤرخون يصفون المحدثين بالعناية بالأسانيد و ساقها المؤلف و هي سياقة مؤثرة جدا و السند يتصل بأم سلمة أم المؤمنين لأنها ممن هاجر أم سلمة كانت ممن هاجر ممن هاجر إلى الحبشة ذكرت القصة قالت : لما نزلنا بأرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي جاورنا النجاشي و هو خير جار لأنه أحسن إليهم آمِنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه و كانوا في مكة يؤذون و يفتنون عن دينهم لما جاؤوا إلى الحبشة أمنوا على دينهم و عبدوا الله و لا يؤذون و لا يسمعون شيئا يكرهونه فلما بلغ ذلك قريشا ساءها ذلك قالوا ما الحيلة ! الحيلة الآن ارسلوا وفدا مكونا من اثنين و خذوا هدايا أعطوها الملك و انظروا الهدية التي تناسب فقالوا الأدم و هو مثل ما يقول بعض الناس خذوا الصوغة المناسبة للنجاشي ماذا يعجبهم و يسرون به ! قالوا كان يعجبهم الأدم فأخذوه فقالوا أعطوهم هدايا قبل أن تأتوا النجاشي أعطوا البطارقة و الأساقفة العلماء الكبار و الوجهاء و الوزراء المعروفين عندهم فلما جاؤوا أعطوهم الهدايا ثم جاءوا إلى النجاشي و أعطوه الهدية و قالوا هؤلاء شبان خرجوا من أهليهم و خالفوا دينهم و أرسلنا قومنا تسلمهم إلينا نريد أن تسلمهم إلينا و الآن يريد أن يسمع منهم لا يسلمهم حتى يسمع منهم فأرسل إليهم و جاءوا و كان يتزعمهم جعفر بن أبي طالب فقالوا هذا ما سمعناه.
فلما ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جَلْدين، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة و كان من أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا، ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية , كل واحد من الرؤساء الكبار و الوزراء و علمائهم أهدوا لهم هدية , ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص قبل أن يسلم وأمروهما بأمرهم، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي ثم قدّما إلى النجاشي هداياه، ثم اسألاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم لأنه إذا كلمهم أثر عليهم لكن لم يستجيب لهم.
قالت: فخرجا حتى قدِما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار عند خير جار.
إلى أن قالت: وكان الذي كلمه جعفر لما أرسل إليهم و قال له , انظر ما قال له كلام عظيم و مؤثر فانظر كيف يفعل الإسلام: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي الضعيف , هذه حال المشركين لما كانوا على الشرك و الوثنية , وكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام قالت: فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، وحرّمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا , يعني ظلمونا فعدنا علينا قومنا وعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل من الخبائث ما حرم الله علينا. فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نُظلم عندك أيها الملك.
قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ , هل معك شيء تقرأه علينا من القران , قالت: فقال جعفر: نعم، فقال له النجاشي: اقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من كهيعص ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا حتى وصل لقصة مريم و قصة عيسى و أنه تكلم في المهد و أنه عبد الله و قال وَبَرًّا بِوَالِدَتِي و لم يكن له أب بارا بوالدتي و لم يكن جبارا شقيا فلما قرأها , قالت: فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته , حتى ابتلت لحيته من الدموع وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم , و هذه لآية نزلت فيهم وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ.
ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى لَيخرج من مِشكاة واحدة , إن هذا القرآن الذي سمعه من جعفر و الذي جاء به موسى في التوراة ليخرج من مشكاة واحدة يعني الله تعالى هو المتكلم به , لماذا قال الذي جاء به موسى و لم يقل الذي جاء به عيسى ! لأن التوراة هي الأصل و الإنجيل تابع و لكن عيسى جاء بالشريعة فيها تخفيف لبعض الأحكام التي في التوراة و تحليل بعض المحرمات كما قال تعالى وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ و لهذا ذكر موسى لأن التوراة هي الأصل فقال أن هذا و الذي جاء به موسى لمن مشكاة واحدة.
ثم قال ردهم مقبوحين مهانين انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم ولا أكاد , طردهم فرجعوا مقبوحين مهانين أذلة صاغرين فقال انطلقا قوم اختاروني و أتوا إلي و هذا قرآنهم معهم يوافق ما في التوراة و الله لا أسلمهم إليكم أبدا و لا أكاد فرجعوا أذلة صاغرين مقبوحين و الحمد لله .
( متن )
( شرح )
هذا ذكره ابن إسحاق عن عائشة قال لما مات النجاشي كان يتحدث أنه لا يزال على قبره نور لأنه مؤمن مات على الإيمان و إن كان لم ير النبي ﷺ فحكمه حكم المخضرم فالمخضرم هو الذي يسلم في عهد النبي ﷺ أو الذي يسلم بعد وفاته و إن كان موجودا في عصره و لكنه لم ير النبي ﷺ هذا يقال له مخضرم فالنجاشي ليس بصحاب لأنه لم ير النبي ﷺ له حكم المخضرم قال فيتحدث أنه لا يزال على قبره نور الله أعلم و هذا مروي عن عائشة و فيه احتمال أنه من أخبار بني إسرائيل لكن النجاشي لا شك أنه مؤمن فهو مؤمن و صلى عليه النبي ﷺ و صلى الصحابة .
( متن )
( شرح )
قال الزهري أن هذه الآية نزلت في النجاشي الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ مرة في إيمانهم بنبيهم عيسى و مرة في إيمانهم بمحمد ﷺ و كذلك نزلت هذه الآية التي في سورة آل عمرا يقول الزهري نزلت فيهم وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا فقال الزهري أن هذه الآيات نزلت في النجاشي .
( متن )
( شرح )
يعني ابن إسحاق يقول أن الذين هاجروا إلى الحبشة ولد من ولد منهم يعني جاءهم أولاد في الحبشة فالجميع ثلاثة و ثمانون ولدا فعبدوا الله و أظهروا دينهم و حمدوا جوار النجاشي .
( متن )
( شرح )
يعني هذه الأبيات فيها بيان و وصف للحالة التي هم عليها يقول الشاعر:
يا راكبا بلغ عني مغلغلة | من كان يرجو بلاغ الله والدينِ |
إنا وجدنا بلاد الله واسعة | تنجي من الذل والمخزاء والهون |
بلاد الله واسعة هاجروا من مكة ضاقت عليهم مكة و هي أطهر بقاع الأرض بسبب ما عليه أهلها من الشرك فأرض الله واسعة فأمنوا.
قلا تقيموا على ذل الحياة وخز | ي الممات وعبد غير مأمون |
إنا تبعنا نبي الله واطرحوا | قول النبي وغالوا في الموازين |
و اطرحوا يعني الكفار قول النبي و غالوا في الموازين
فاجعل عذابك في القوم الذين غلو | وعائذاً إن يعلوا فيضعون |
( متن )
( شرح )
هذا استنباط من كلام السهيلي نقله من كلام السهيلي من كتابه الروض الأنف في سيرة ابن هشام استنبط فوائد فقهية أو أحكاما فقهية.
قال السهيلي رحمه الله : و في هذا من الفقه الخروج من الوطن و إن كانت مكة على فضلها إن كان فرارا من الدين و هذا حكم شرعي فقهي يجوز الخروج من الوطن و إن كان الوطن أفضل البلاد فمكة أفضل البلاد إذا كان الخروج فرارا من الدين الصحابة خرجوا من مكة و هي أفضل بقاع الدنيا , قال النبي ﷺ لما خرج منها إنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت فالصحابة خرجوا من مكة و هي أفضل أرض الله لأن خروجهم فرارا بالدين فهذا حكم ذكره السهيلي.
قال يستنبط من الأحكام الفقهية و فيه من الفقه الخروج من الوطن و إن كان الوطن مكة على فضلها إن كان الخروج فرارا بالدين ما وجه الدلالة كما هو الدليل ! قال الدليل : فإن الحبشة كانوا نصارى و سمي الصحابة بهذه الهجرة مهاجرين و هم أصحاب الهجرتين يعني هاجروا مرتين هجرة الأولى و الهجرة الثانية الذين أثنى الله عليهم بالسبق في قوله وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ و جاء في التفسير أنهم الذين هاجروا الهجرتين و صلوا في القبلتين هذا اختيار السهيلي .
قال إن السابقون الأولون من المهاجرين و اختلف العلماء فيهم على قولين وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ السابقون الأولون قيل المراد بهم من صلوا إلى القبلتين و هاجروا الهجرتين هذا قول و القول الثاني أن السابقين هم الذين أنفقوا من قبل الفتح و قاتلوا و المراد بالفتح صلح الحديبية وهذا هو الصواب , الصواب أن السابقين الأولين هم الذين أسلموا قبل الفتح قبل صلح الحديبية صلح الحديبية حد فاصل من أسلم قبل صلح الحديبية هذا يسمى من السابقين الأولين و من أسلم بعدها ليس من السابقين الأولين هذا هو الصواب و أما القول بأن السابقين الأولين هم من صلوا إلى القبلتين هذا قول مرجوح و كذلك من قال أنهم من هاجر الهجرتين أولا ليس هناك دليل يدل على فضل من صلى إلى القبلتين القبلة الأولى صلى إليها النبي ﷺ لما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ثم حولت القبلة إلى الكعبة فلو كان السابقون هم الذين صلوا إلى القبلة كانوا غير محدود لكن القول بأنهم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية و صلح الحديبية في السنة السادسة أسلم جمع غفير يكون عدد السابقين كثير و ثانيا أن القول بأن السابقين هم الذين صلوا إلى القبلتين ليس عليه دليل ثم الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس فيها فضل.
و الصواب أن السابقين الأولين هم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية بدليل الآية نص الآية قال الله تعالى في سورة الحديد لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى و المراد بالفتح صلح الحديبية الفتح فتح مكة و صلح الحديبية أنزل الله فيه سورة الفتح إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا صلح الحديبية , سئل النبي ﷺ أو فتح هو ! قال : نعم فتح
فالله تعالى نص على أن السابقين هم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى قالوَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى هذا هو الصواب.
أما القول بأن السابقين هم الذين صلوا إلى القبلتين أو هاجروا الهجرتين ما عليه دليل هذا قول مرجوح و على ذلك العشرة المبشرين بالجنة و عبد الرحمن بن عوف من السابقين الأوليين و خالد بن الوليد أسلم بعد صلح الحديبية فليس من السابقين الأولين و فيه فرق عظيم بين الصحابة و تفاوت في الأجر و الفضيلة عبد الرحمن بن عوف من السابقين الأولين ممن أسلم قبل صلح الحديبية و خالد بن الوليد أسلم بعد صلح الحديبية و هناك الطلقاء الذين أسلموا بعد فتح مكة , ثلاث مراتب الذين أسلموا قبل الفتح و خالد بن الوليد و جماعة أسلموا بعد صلح الحديبية و قبل فتح مكة و أبو سفيان ومعاوية أسلما بعد فتح مكة و يقال لهم الطلقاء فخالد بن الوليد حصل بينه سوء تفاهم و بين عبد الرحمن بن عوف فسبه خالد فقال النبي ﷺ يبين فضل عبد الرحمن بن عوف لا تسبوا أصحابي يخاطب من ؟ يخاطب خالدا و خالد من أصحابه لكن عبد الرحمن له صحبة أولى و خالد له صحبة أخرى فالنبي ﷺ يخاطب من له صحبة أخرى فيقول لا تسب من له صحبة أولى لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه انظر التفاوت عبد الرحمن بن عوف من السابقين الأوليين لو أنفق خالد مثل أحد ذهب يتصدق به و أنفق عبد الرحمن مد و هو كف الرجل أو نصف المد ما وصل إليه خالد هذا التفاوت بين من ! بين الصحابة أنفسهم فكيف التفاوت بين الصحابة و من بعدهم لا تسبوا أصحابي الخطاب لخالد فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه انظر التفاوت العظيم.
يقول المؤلف رحمه الله : فانظر كيف أثنى الله عليهم بهذه الهجرة يعني الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة لما كان فعلهم ذلك احتياطا على دينهم و أن يخلى بينهم و بين عبادة ربهم آمنين مطمئنين.
و يقول المؤلف : و هذا حكم مستمر متى غلب المشركون على بلد و أوذي على الحق مؤمن و رأى الباطل ظاهرا قاهرا للحق و رجا أن يكون في بلد آخر أي بلد كان يبين فيه دينه و يظهر فيه عبادة ربه فإن الخروج على هذا الوجه حتم على المؤمن و هذه الهجرة لا تنقطع إلى يوم القيامة , يعني أن المسلم إذا أوذي في بلد و لم يستطع إظهار دينه يهاجر إلى بلد يستطيع فيه إظهار دينه فإن لم يجد بلاد مسلمين يهاجر و لو لبلاد الكفار إن كان يستطيع إظهار دينه , مثل هذا العصر الآن بعض الإخوان يسألون بعض الجزائريين و بعض التونسيين يقولون نحن سكنا في فرنسا فقلنا لماذا تذهبون لبلاد الكفار ! قالوا : أوذينا في بلادنا و سجنا و تتبعنا و منعنا من الصلاة و لما ذهبنا إلى فرنسا نظهر ديننا و نقيم المدارس و نجتمع و لا أحد يمنعنا فنستطيع إظهار ديننا و أما في بلادنا أوذينا و تتبعنا و سجنا و ضربنا و منعنا من الصلاة و منعنا من الحجاب و منعنا من ذلك و لذلك سكنا في فرنسا كثير من الحجاج يسألون عن ذلك يحجون من فرنسا و هم من الجزائر و من تونس فهؤلاء يشبه حالهم حال الصحابة الذين أذن لهم النبي ﷺ بالهجرة من مكة إلى الحبشة.
المؤلف يقول : هذا حكم مستقر يعني إذن النبي ﷺ للصحابة أن يهاجروا إلى الحبشة حكم متى غلب المشركون على بلد و أوذي في الحق مؤمن و رأى الباطل ظاهرا قاهرا للحق و رجا أن يكون في بلد آخر أي بلد كان يبين فيه دينه و يظهر فيه عبادة ربه فإن الخروج على هذا الوجه حتم لازم حتى يتخلص من الأذية و حتى يستطيع إظهار دينه فإن الخروج على هذا الوجه حتم على المؤمن و هذه الهجرة لا تنقطع إلى يوم القيامة و يشير إلى الحديث لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، و لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها.
( متن )
( شرح )
يقول المؤلف : كل من له معرفة لا يفهم من هذه القصة إلا أنها حجة عظيمة على من ترك الهجرة الواجبة من وجوه لا تخفى على البليد , يعني يقول هذه القصة دليل على أنه حجة على من ترك الحجة الواجبة من وجوه لا تخفى يعني الصحابة أذن لهم النبي ﷺ و هاجروا إلى الحبشة هاجروا و سميت هجرة الهجرة الأولى و الهجرة الثانية فهي دليل على وجوب الهجرة على من لا يستطيع إظهار دينه في بلده وجب عليه أن يهاجر إلى بلد يظهر فيه دينه مع القدرة و يقول إنها دليل من وجوه لا تخفى إلا على البليد اللهم إلا من ابتلي بسوء الفهم و فساد التصور و كابر العقل و الشرع فلا حيلة فيه إنسان لا يتعمد الباطل إنسان عنده سوء فهم و فساد تصور و يكابر العقل و الشرع فيقول هذا دليل على جواز الإقامة بين أظهر الكفار هذه من أدلتهم هجرة المسلمين إلى الحبشة دليل على أنه يجوز للمسلم أن يقيم بين أظهر الكفار و ويوالي الكفار هذا معناه عنده سوء فهم و فساد تصور عنده خلل في دينه و إيمانه و كابر العقل و الشرع و قال هجرة الصحابة دليل على أنه يجوز للإنسان أن يقيم بين الكفار و لا شيء فيه فالصحابة أقاموا بين الكفار في الحبشة يقول إنما قال هذا لأنه ابتلي بسوء الفهم و فساد التصور و كابر العقل و الشرع و إلا فإن القصة فيها دليل على أنه يجب على الإنسان أن يهاجر من البلد الذي لا يقيم فيه دينه إلى بلد يقيم فيه دينه و ليس فيها دليل على جواز إقامة المسلم بين أظهر الكفار و موالاتهم و نصرتهم و تكثير سوادهم و لهذا قال المؤلف رحمه الله هذا لا حيلة فيه يتعمد الباطل و عنده سوء فهم و سوء تصور و يكابر العقل و الشرع لا حيلة فيه ثم دعا ربه قال : يا ربنا نسألك الثبات على الإسلام اللهم ثبتنا على الإسلام .
( متن )
( شرح )
المؤلف أورد شبهة للذي يجيز الإقامة بين أظهر المشركين الذي يجيز للإنسان أن يقيم بين أظهر المشركين من الشبه و الأدلة استدل بهذا الحديث و أورد أيضا حديث أنا بريء من مسلم يقيم بين أظهر المشركين ما وجه الدلالة : قال الرسول ﷺ سماه مسلما فدل على أنه لا حرج في إقامته , الرسول ﷺ سماه مسلما فكون الرسول ﷺ سماه مسلما دليل على أنه لا بأس أن يقيم بين أظهر المشركين , أنظر كيف الاستدلال ! الرسول ﷺ توعده و تبرأ منه قال أنا بريء من مسلم يقيم بين أظهر المشركين و هذا يقول : يجوز للمسلم أن يقيم بين أظهر المشركين لأن الرسول ﷺ سماه مسلما و لم يخرجه من دائرة الإسلام.
الجواب أن الرسول ﷺ تبرأ ممن جلس بين أظهرهم فقط أما من زاد على ذلك كونه ينقض العهد و كونه يظاهر المشركين و يعاونهم و يواليهم و ينصرهم و يعادي عدوهم هذا أمر زائد عن الإقامة هذه ردة مجرد الإقامة كبيرة من كبائر الذنوب لأن القاعدة عند أهل العلم أن الكبيرة و أصح ما قيل في تعريف الكبيرة أنها كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة بالنار أو اللعنة أو الغضب أو برئ منه النبي ﷺ أو قال ليس منا أو نفى عنه الإيمان فهذا كبيرة , هنا تبرأ منه النبي ﷺ فدل على أن الإقامة كبيرة من كبائر الذنوب أنا بريء من مسلم فالرسول ﷺ يتوعد و هذا يستدل به على أنه يجوز الإقامة بين أظهر الكفار انظر كيف و العياذ بالله الانحراف و الزيغ الرسول عليه الصلاة و السلام يتبرأ ممن يقيم بين أظهر المشركين و هذا يستدل به على جواز الإقامة لأن الرسول ﷺ سماه مسلما و الجواب أن الرسول ﷺ سماه مسلما و توعده لأنه صاحب كبيرة و صاحب الكبيرة لا يخرج من الإسلام ضعيف الإيمان لكن هذا الوعيد و كونه مرتكب لكبيرة على مجرد إقامته أما ما زاد على الإقامة لكونه يتولى الكفار و يظاهرهم و يعينهم على المسلمين و يواليهم و يعادي عدوهم هذه أمور زائدة على الإقامة هذه ردة عن الإسلام.
و لهذا قال المؤلف رحمه الله : الجواب أن براءة النبي ﷺ ممن أقام بين أظهرهم إنما كان عقوبة له على مجرد الإقامة عقوبة حيث تبرأ منه و أما إيواؤهم و مظاهرتهم و معاونتهم و الاستبشار بنصرهم و موالاة وليهم و معاداة عدوهم من أهل الإسلام فكل هذه الأمور زائدة على الإقامة بين أظهرهم كل عمل من هذه الأعمال قد توعد الله عليه بالعذاب و الخلود فيه و سلب الإيمان و حلول السخط منه و غير ذلك من مدلول الآيات المحكمات مثل قوله تعالى وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ فكونه ينقض العهد لهذا وعيد و كونه يظاهرهم لهذا وعيد كونه يواليهم عليه وعيد .
( متن )
وكل ذنب من هذه الذنوب له عقوبة تخصه، كلما ازداد منه زاد الله له في العقوبة
فإن لم يؤمن بتلك الآيات المحكمات و يعترف بصدور تلك الأعمال منه فما أشبه حاله بحال من قال الله فيهم: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ.
واعلم أن هؤلاء المشركين لا يرضون من هذا وأمثاله بمجرد الموالاة والنصرة دون عبادتهم وتسويتهم لهم بالله في التعظيم والإجلال والتودد إليهم. فمن ذلك الانحناء لهم والإشارة باليد إلى أشرف أعضاء السجود وهو الجبهة والأنف. وكل ذلك من خصائص الإلهية، وذلك أمر لا محيد لهم عنه، كما قال تعالى عن أهل الكهف: إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً ولهذا لم يجدوا من مفارقتهم بُدا، حتى ذهبوا إلى غار في رأس جبل خوفا من ذهاب دينهم فآثروا الله على كل ما سواه.
قال شيخنا في هذه القصة: فيه اعتزال أهل الشرك واعتزال معبوداتهم وقوله: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ فيه شدة صلابتهم في دينهم حيث عزموا على ترك الرياسة الكبرى والنعمة العظيمة واستبدلوا بها كهفا في رأس جبل.
(قلت) : ومثل ذلك ما ذكره الله عن سحرة فرعون لما استنارت قلوبهم بالإيمان قالوا لفرعون لعنه الله: قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا.
( شرح )
يقول المؤلف رحمه الله : وكل ذنب من هذه الذنوب له عقوبة تخصه , يعني كونهم أقاموا بين أظهرهم و كونهم نقضوا العهد هذا ذنب و كونهم ظاهروا المشركين هذا ذنب و كونهم ظاهروا عدوهم ذنب و كل ذنب من هذه الذنوب يقول المؤلف له عقوبة تخصه كلما ازداد منه زاد الله له في العقوبة , كل ما ازداد من هذه المعاصي و الكبائر زادت عقوبته و كل ما ازداد أيضا من أنواع الكفر زادت عقوبته.
و قال : فإن لم يؤمن بتلك الآيات المحكمات و يعترف بصدور تلك الأعمال منه فما أشبه حاله بحال من قال الله فيهم , يعني الذي يفعل هذه الكبائر يقيم بين أظهر المشركين و ينقض عهده و يظاهرهم و يعاونهم و يستبشر بنصرهم يقول أن هذا لا بأس به هذا ازداد من الذنوب و المعاصي و كل ذنب له عقوبة و هو بهذه الحال كأنه لم يؤمن بالآيات التي نهت عن موالاة المشركين وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ.
فإذا كان هذا الشخص على الكبائر و هذه الأنواع من الكفر و لا يؤمن بالآيات التي تنهى عنها يقول المؤلف رحمه الله فما أشبه حاله بحال من يؤمن ببعض الكتاب و يكفر ببعض و لهذا قال فإن لم يؤمن بتلك الآيات المحكمات و يعترف بصدور تلك الأعمال منه فما أشبه حاله بحال من قال الله فيهم أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يعني هؤلاء الذين آمنوا ببعض الكتاب و كفروا ببعض عاقبهم الله بعقوبات منها الخزي في الحياة الدنيا و منها العذاب الشديد في الآخرة و منها أنهم آثروا الحياة الدنيا على الآخرة فتوعدهم الله بأنه لا يخفف عنهم العذاب.
ثم قال المؤلف : واعلم أن هؤلاء المشركين لا يرضون من هذا وأمثاله بمجرد الموالاة والنصرة , يعني لما جاءوا و سكنوا عندهم و أقاموا بين أظهرهم و والوهم ما وقفوا عند هذا الحد جروهم إلى أعظم الشرك جروهم إلى أن يعبدوهم من دون الله وتسويتهم لهم بالله في التعظيم والإجلال والتودد و المحبة و هكذا أهل الشرك كل ما تنازلت عن شيء زادوا مثل الشيطان , الشيطان كل ما لنت له و العياذ بالله زاد في الوسوسة و الإغواء لذلك لا ينبغي للإنسان أن يلين لا يلين للشيطان لأن الشيطان إذا لان و ضعف استولى عليه بالوساوس و هؤلاء المشركين كذلك من جنس الشيطان إذا لنت لهم و أعطيتهم بعض التنازلات زادوا و لا يرضون تنازل و تنازل و تنازل و هكذا.
و لذلك قال المؤلف : واعلم أن هؤلاء المشركين لا يرضون من هذا وأمثاله بمجرد الموالاة والنصرة أن يواليهم و ينصرهم دون عبادتهم يعبدونهم و تسويتهم لهم بالله تعظيمهم و الإجلال و التودد إليهم.
قال : فمن ذلك الانحناء لهم , يأمرهم بالانحناء لهم والإشارة باليد إلى أشرف أعضاء السجود وهو الجبهة والأنف , مثل بعض الناس إذا سلم يشير بيده إلى القلب إذا سلمت عليه وضع يده إلى قلبه و هذا ليس له أصل هذا يخشى أنه تعظيم إذا سلمت عليه أشار إلى قلبه لماذا يشير إلى قلبه مثل الإشارة إلى الجبهة و الأنف هذا بدعة و ليس له أصل.
و كذلك السلام بعض الناس إذا سلم مجرد أن تسلم صافح من يمينه و عن يساره بدعة لا توافقه على هذا و نبهه و كونه يسلم ثم بعد السلام يضع يده على قبله يشير إلى قلبه بمعنى المحبة في القلب أو أعظمك بالقلب مثل ما يشير هؤلاء إلى الجبهة و الأنف.
قال : و الإشارة باليد لأن المشركين زادوا قالوا ما يكفي هذا تنحني في السلام و أشر إلى الجبهة و الأنف أنك تعظم كما أنك تعظم الله و تسجد له و تضع الجبهة و الأنف على الأرض فكذلك أشر إلى الجبهة و الأنف تعظيما لنا.
يقول المؤلف : وكل ذلك من خصائص الإلهية ، من خصائص الإلهية أنك تضع الجبهة و الأنف على الأرض لله و هؤلاء أرادوا أن تشير بالجبهة و الأنف تعظيما لنا , وذلك أمر لا محيد لهم عنه، كما قال تعالى عن أهل الكهف: إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً لما استيقظ أهل الكهف ناموا ثلاثمائة سنة و ازدادوا تسعا ثلاثمائة سنة قمرية وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا قال بعض العلماء ثلاثمائة سنين هذه السنة الشمسية لأن السنة الشمسية تزيد على القمرية بعشرة أيام , عشرة أيام كل مائة سنة تزيد ثلاث سنين و ثلاثمائة تسع سنين لأن السنة الشمسية الأشهر على ثلاثين واحد و ثلاثين و الأشهر القمرية تسع و عشرين و ثلاثين فتزيد السنة الشمسية على القمرية كل سنة عشرة أيام و كل مائة سنة ثلاثة سنين فتكون ثلاثمائة سنة تسع سنين وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا لما استيقظوا و ظنوا أنه ما مضى عليهم إلا نصف نهار و أنهم ناموا أول النهار و استيقظوا أول النهار و هم لبثوا ثلاثمائة سنة فحسوا بالجوع و أعطوا أحدهم دراهم ليشتري بها طعام و قالوا اختفي يظنون أن الملك الظالم الذي فروا منه أنه موجود أعطوه الدراهم ليأتي برزق و تلطف و لا يشعر بك أحد لا يدري أحد و لما ذهب وجد الدنيا تغيرت , تغيرت البلاد و من عليها تغيرت الملوك و تغير الناس و تغيرت البلاد و لما أعطاهم العملة تعجب و استغرب من أين لك العملة هذه و الشاهد قوله إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً قال الذي أعطاه الدراهم اختفي حتى لا يعلم عنك الظلمة لأنهم إذا علموا جاءوا و ألزمونا و رجمونا و أعادونا في الكفر و إذا لن نفلح فالمؤلف استدل بهذا فقال إن الكفار لا يرضون من المسلم إلا أن يذلوه و إلا أن يطلبوا منه أنواعا من العبادة فقال : ولهذا لم يجدوا من مفارقتهم بُدا ,أهل الكفر , حتى ذهبوا إلى غار في رأس جبل خوفا من ذهاب دينهم فآثروا الله على كل ما سواه , قال أن هؤلاء أهل الكهف تجمعوا من قبائل متعددة و ذهبوا و اجتمعوا في هذا الغار فروا بدينهم و لهذا قال لم يجدوا من مفارقتهم بُدا حتى ذهبوا إلى غار في رأس جبل خوفا من ذهاب دينهم فآثروا الله على كل ما سواه.
قال المؤلف : قال شيخنا الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذه القصة: فيه اعتزال أهل الشرك واعتزال معبوداتهم , فائدة عظيمة أهل الكهف اعتزلوا أهل الشرك و اعتزلوا معبوداتهم و لهذا قالوا أنهم إذا ظهروا علينا يرجمونا و يعيدونا في ملتهم فيه اعتزال أهل الشرك و اعتزال معبوداتهم قال : وقوله: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ فيه شدة صلابتهم في دينهم حيث عزموا على ترك الرئاسة الكبرى والنعمة العظيمة واستبدلوا بها كهفا في رأس جبل , انظر شدة صلابة أهل لكهف في دينهم تركوا أهاليهم و هم أغنياء تركوا الترف و النعمة و صبروا على مشقة العيش و فروا بدينهم و تركوا ما هم فيه من الأبهة و النعيم و الغرف الفارهة و البيوت المنعمة و هربوا و جلسوا في غار في رأس جبل لشدة صلابتهم في دينهم حيث عزموا على ترك الرياسة الكبرى و النعم العظمى و استبدلوا بها كهفا في رأس جبل.
(قلت) الشيخ عبد الرحمن بن حسن ومثل ذلك ما ذكره الله عن سحرة فرعون لما استنارت قلوبهم بالإيمان و عرفوا أن ما جاء به موسى هو الحق توعدهم فرعون بماذا قال فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى لما استنارت قلوبهم و خالط الإيمان بشاشة قلوبهم ماذا كان جوابهم لفرعون ! لا يبالون بالعقوبة قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا افعل ما أنت فاعل آخر ما عندك القتل لا نبالي شهداء نحن لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا و هو الله فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا هذه حياة الدنيا نهايتها الموت و لا نبالي هكذا الإيمان لما دخلت بشاشته في قلوبهم .
.......................................................................
أسئلة :
سؤال :
( 1:19:37 )
جواب :
حضور النساء في الحلقات و الدروس العلمية مطلوب هذا فيه خير كون النساء تحضر لا سيما إذا أعد لهن مكانا مستقلا و تأتي في سيارة و تكون متحجبة و الحمد لله هذا طيب هذا فيه خير و أمر مطلوب و النبي ﷺ جعل للنساء يوما يعظهن فيه لما طلبن منه هذا مطلوب.
لكن لا بد من التحجب حجابا كاملا و عدم السفور و الخروج باللباس الضيق أو الشفاف أو القصير فتكون طالبة علم ملتزمة بحجابها ملتزمة بشريعة ربها و كذلك لا تأتي مع السائق وحدها فتكون ملتزمة و طالبة علم و كذلك إذا حضرت و صلت لا بأس الجمعة و غيرها كان النبي ﷺ يصلي معه نساء متلفعات فينصرفن لا يعرفهن أحد من الناس , لما يصلون الفجر مبكر فيه غلس اختلاط ضياء الصبح بظلام الليل.
فلا بأس بحضور المرأة و الرسول ﷺ يقول في الحديث الصحيح لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، و بيوتهن خير لهن فلا تمنع خروجها للمسجد إذا كانت متحجبة و ليس هناك مانع و إن كان صلاتها في البيت أفضل و لكن طلب العلم مطلوب تحضر الدروس العلمية فيه خير .
سؤال :
( 1:21:43 )
جواب :
هذا فيه تفصيل إن كان هذا معروف يدرك بالعلم و الجيولوجيا و غيرها و أن هناك علم يعرف مكان ماء هذا ليس فيه شيء لأنه يدرك بواسطة العلم أما إذا كان لا يوجد علم يدرك بواسطته وجود الماء فهذا قد يكون من علم الغيب لكن يظهر و الله أعلم أنه يوجد علم يدرس يعرف الدارس أو المتخصص بواسطته المكان الذي يوجد فيه الماء و إذا كان كذلك فلا حرج .
سؤال :
( 1:22:37 )
جواب :
هذا السائل يسأل عن الأفلام الكرتونية يكون فيها فائدة للأطفال بلغني عن بعض الإخوان أن الأفلام الكرتونية أن فيها محظور و أن فيها أشياء تدعوا إلى معاني الكفرة و تبين ما هم عليه , أنا لا أذكر تفصيل هذا لكن أخبرني بعض الأخوان أن فيها شرا و بلاء و أن هذه الأفلام الكرتونية تشير إلى أو تدعوا إلى أمور محظورة أو محرمة شرعا فأنا لا أدري التفصيل في هذا فلا بد من التحقق من هذا إذا كانت الأفلام الكرتونية فيها شر و بلاء و تحسن أشياء محرمة أو تدعوا إلى أشياء محرمة أو تدعوا إلى موافقة المشركين أو غير ذلك فلا يجوز هذه ممنوعات فلا بد من التحقق من هذا الأمر .
و الصور ذوات الأرواح ما تجوز ما يجوز تصوير ذوات الأرواح لكن مع ذلك أخبرني بعض الأخوان بأنها ترمز و تدعوا إلى أشياء محرمة فلا بد من التحقق من هذا الأمر و الحمد لله تستبدل بغيرها تستبدل بشي مفيد و أشرطة مفيدة مسجل قصص من قصص القرآن و قصص السنة و أشياء مفيدة و أبيات مفيدة و ما أشبه ذلك .
و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .