شعار الموقع
شعار الموقع

المورد العذب الزلال_(7) من قوله: واعلم أن حقيقة حال هؤلاء المشبهة أن الله تعالى أمر بقتال المشركين فقاتلوا معهم... إلى آخر الرسالة

00:00

00:00

تحميل
117

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و  صحبه أجمعين :

( متن )

واعلم أن حقيقة حال هؤلاء المشبهة أن الله تعالى أمر بقتال المشركين فقاتلوا معهم، وأمرهم بالبعد عنهم فآووهم وقربوا منهم، وأمر بمعاداتهم فوالوهم، وأمرهم ببغضهم فوادوهم، وأمرهم بأن ينصروا أهل الإسلام فاستنصروا بالكفرة عليهم، ونهوا عن مداهنتهم فداهنوهم. ونهاهم عن كتمان ما أنزل الله من هذا وغيره فكتموه وشبهوا كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى... الآية , فجمعوا بين الكتمان والرد على من بين ولم يكتم، والتشبيه والجدال بالباطل، فتركوا ما أوجب الله عليهم وارتكبوا ما حرم عليهم. وهذا ظاهر جدا لا يرتاب فيه من له أدنى معرفة بالناس وما وقع منهم، فلا يأمنهم ويقربهم بعد هذه العظائم.

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلى اللهم و سلم و بارك على عبد الله و رسوله سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .. أما بعد :

فإن المؤلف الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله ذكر شبها لأهل الشرك الذين يرون الإقامة بين أظهر الكفار و يوالونهم ذكر شيئا من هذه الشبه و أجاب عنها منها ما سبق أن النبي ﷺ قال أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا أن تسمية النبي ﷺ له مسلما دليل على جواز الإقامة بين أظهرهم , هذا من تلبيسهم و منها أن الله أقر أو يقولون أن من الأدلة أن الله أقر المؤمنين المستضعفين في مكة عند الإقامة بين أظهر المشركين و سبق الإجابة عليها.

ثم قال المؤلف رحمه : واعلم أن حقيقة حال هؤلاء المشبهة أنهم يعملون بضد ما أمر الله به حقيقتهم أنه يحادون الله و رسوله فإذا أمرهم بأمر عملوا بضده و لهذا قال : و اعلم أن حقيقة حال هؤلاء المشبهة أن الله تعالى أمر بقتال المشركين فقاتلوا معهم , حادوا الله و رسوله أمرهم بقتال المشركين فصاروا معهم و أمرهم بالابتعاد عنهم فقربوا منهم  وأمرهم ببغضهم فوادوهم و أحبوهم وأمرهم بأن ينصروا أهل الإسلام فاستنصروا بالكفرة على أهل الإسلام  ونهوا عن مداهنة الكفار فداهنوهم ونهاهم عن كتمان ما أنزل الله فشبهوا وكتموا فهم يحادون الله و رسوله و العياذ بالله فكيف يرجى منهم خير و هذه حالهم فالله وبخهم فقال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ و هذا وعيد للكاتمين و هؤلاء كتموا الحق مع معرفته يعرفون النصوص و الأدلة و مع ذلك كتموها و لبسوا و شبهوا و قال وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ هذا أيضا وعيد شديد لا أحد أظلم الاستفهام بمعنى النفي , لا أحد أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ.

قال المؤلف رحمه الله : فجمعوا بين الكتمان والرد على من بين ولم يكتم , كتموا جمعوا بين أنهم كتموا الحق ثم ردوا على من بين الحق و لم يكتمه و زادوا عليه بالتشبيه والجدال بالباطل، فتركوا ما أوجب الله عليهم وارتكبوا ما حرم عليهم فكيف يؤمنون من هذه حالهم و لهذا قال المؤلف رحمه الله : وهذا ظاهر جدا لا يرتاب فيه من له أدنى معرفة بالناس وما وقع منهم، فلا يأمنهم ويقربهم بعد هذه العظائم إلا من سفه نفسه .

( متن )

ولهم شبهة أخرى، وهي أن أبا بكر استأجر عبد الله بن أريقط في طريق الهجرة إلى المدينة وكان هاديا خِرِّيتا يدلهم على الطريق، فأحسن رسول اللهﷺ صحبته؛ فتكون صحبة العسكر وإعانتهم على المسلمين ونصرتهم لا بأس بها.

فيقال: أولا قد ذكرت في الشبهة التي قبل هذه أن رسول الله ﷺ قال: أنا بريء من مسلم بين أظهر المشركين وهذا يناقض ما استدللت به هنا، وحاشا رسول الله ﷺ أن يتبرأ من صاحب عمل وهو يفعله، ومثل هذا قوله: من جامع المشرك أو ساكنه فهو مثله

والآيات المحكمات صريحة في التحذير من موالاتهم ناطقة بالوعيد الشديد على موادتهم ونصرتهم، إذا عرف هذا فالفرق بين الدليل والمدعى أبعد مما بين المشرق والمغرب وذلك أن ابن أريقط أعان رسول الله ﷺ على أبر البر بعد الإسلام، وأفرض الفرائض بعد الإيمان، وسعى لرسول الله ﷺ في مصالحه التي يتوصل بها إلى رضاء مولاه، و مراغمة أعدائه.

ولا ريب أن هذا لو صدر من ابن أريقط بنية لكان من أفضل الأعمال، فإذا أسلم كتب له ذلك من أفضل حسناته على حديث حكيم: أسلمت على ما أسلفت من خير، بخلاف من آوى المشركين ورضي بهم بدلا من المسلمين وأعانهم، واستنصر بهم وفرح بنصرهم وظهورهم، ودعا الناس إلى متابعتهم.

فالفرق بين الفعلين كالفرق بين فعل أبي طالب من النصرة و الحياطة والحماية، وفعل أبي جهل وعقبة بن أبي مُعيط والنضر بن الحارث، فلو أسلم أبو طالب لكان فعله من أعظم القربات، وفعل أبي جهل وأمثاله من أعظم الكفر الموصل إلى الدركات في العذاب وحلول المثُلات، فأين من أعان الباطل ووادّ أهله ونصرهم وظاهَرهم ممن أعان المسلمين وسعى في مصالحهم و راغم عدوهم؟

سارت مشرقّة وسرت مغرّبا شتان بين مشرّق ومغرّب

فابن أُريقط فعل خيرا جره إلى الإسلام كما جر سراقة بن مالك، وقد فعل من النصيحة في حال كفره ما يحمد به باطنا وظاهرا، بخلاف من والى المشركين ونصح لهم فإنه قد وقع في الوعيد والسخط والمقت وفساد الدين، ومفارقة المؤمنين، والله أعلم بما يؤول إليه حال أعيان أولئك الضُلَّال، لكنه يخشى عليهم أن يصيبهم مثل ما قصه الله في شأن بلعام، وكذلك أهل مسجد الضرار، وقد كانوا قبل ذلك في عداد الأنصار. فيا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على الإيمان.

ولا ريب أن عدول هذا المستدل عن الآيات المحكمات وصحيح الأخبار ترك للمحكم و إتباع للمتشابه، وقد قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا  إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم.

( شرح )

هذه الشبهة الأخيرة من شبه المشركين الذين يستدلون على كفرهم و أنه يجوز للإنسان أن يقيم بين أظهر الكفار و يواليهم و ينصرهم و يؤيدهم و يستدلون على ذلك بالنصوص المتشابهة أو بالنصوص التي يحرفونها و يؤولونها على غير تأويلها.

من شبههم قصة استئجار النبي ﷺ لعبد الله بن أبي أريقط و هو غير مسلم استأجره النبي ﷺ لما هاجر من مكة إلى المدينة ليدله على الطريق كان هاديا يعرف الطريق فقالوا هذا دليل أن النبي ﷺ صحب عبد الله بن أريقط و هو كافر فدل على جواز الإقامة بين أظهر الكفار.

فالمؤلف رحمه الله يقول أنت ذكرت في الشبهة السابقة أنك استدلت بحديث أنا بريء من مسلم بين أظهر المشركين فالنبي ﷺ برئ من المشركين كما في الحديث الآخر من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله و النبي ﷺ لا يمكن أن يتناقض و هو المشرع عليه الصلاة و السلام فكيف يتبرأ من المشركين و يتوعد على من أقام بين أظهر المشركين ثم يفعل شيئا يناقضه فلا يمكن هذا لا يمكن أن يتناقض كلام الله و كلام رسوله ﷺ و النصوص و الأدلة يوافق بعضها بعضا و يؤيد بعضها بعضا و ينصر بعضها بعضا.

و أما وجه الجمع فإن قصة عبد الله بن أريقط ليس فيها موالاة المشركين و ليس فيها موادة لهم بينما عبد الله ابن أريقط أعان النبي ﷺ و إن كان على كفره على أمر من أقرب الفرائض و أوجب الواجبات بعد الإسلام و هي الهجرة فكونه يعينه على الخير فرق بين من يعينه على الخير و بين من يكون بين أظهر الكفار و يواليهم و ينصرهم و يؤيدهم.

ثم إن هذا العمل الذي قام به عبد الله بن أريقط و هي إعانة النبي ﷺ و الصديق على الهجرة لو صدر منه عن نية ثم أسلم بعد ذلك لأحرز ذلك بإسلامه كما في قصة حكيم بن حزام و كان أعتق مئة في الجاهلية و مئة في الإسلام مئة عبد أعتقه في الجاهلية فلما أسلم قال النبي ﷺ يا رسول الله إني كنت أتحنث في الجاهلية يعني أتعبد و أعتق فهل ينفعني ذلك قال أسلمت على ما أسلفت من خير.

 و أخذ العلماء من هذا أن الكافر إذا كان له أعمال في الجاهلية يتبرر بها بنية ثم أسلم فإنه يحرزها بإسلامه و تكتب له فكذلك عبد الله بن أريقط لو فعلها بنية لأحرزها بإسلامه فكيف تشبه بهذه الشبهة و تستدل بعمل هو من أفضل القربات لو أسلم لأحرزه لإسلامه على أنه يجوز الإقامة بين أظهر الكفار؟

لكن هذه علامة أهل الزيغ أنهم يلبسون و يستدلون بالأدلة المتشابهة و يتركون الأدلة المحكمة و يؤولون الأدلة الواضحة على غير تأويلها هذا هو خلاصة الجواب.
و لهذا قال المؤلف رحمه الله : ولهم شبهة أخرى، وهي أن أبا بكر استأجر عبد الله بن أريقط في طريق الهجرة إلى المدينة وكان هاديا خِرِّيتا , الخريت هو الماهر في الدلالة يدلهم على الطريق، فأحسن رسول الله ﷺ صحبته؛ فتكون صحبة العسكر وإعانتهم على المسلمين ونصرتهم لا بأس بها , أخذا من هذه القصة.

فيقال: أولا قد ذكرت في الشبهة التي قبل هذه , يعني استدلالك بالحديث  أن رسول الله ﷺ قال: أنا بريء من مسلم بين أظهر المشركين وهذا يناقض ما استدللت به هنا، فكيف تستدل بالحديث الأول و فيه البراءة ممن يقيم بين أظهر المشركين و هذه القصة تستدل بها على جواز موالاة المشركين فلا يمكن لأن هذا يناقض هذا و النبي ﷺ لا يتناقض و لهذا يقول : وحاشا رسول الله ﷺ أن يتبرأ من صاحب عمل وهو يفعله، ومثل هذا قوله: من جامع المشرك أو ساكنه فهو مثله.

 والآيات المحكمات صريحة في التحذير من موالاتهم ناطقة بالوعيد الشديد على موادتهم ونصرتهم , مثل ما سبق قوله تعالى  لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ  لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ هذه النصوص كلها محكمة صريحة في تحريم الموالاة ناطقة بالوعيد الشديد على موادتهم و نصرتهم فكيف تترك هذه النصوص المحكمة و تتعلق بدليل متشابه؟

قال المؤلف رحمه الله : إذا عرف هذا فالفرق بين الدليل والمدعى أبعد مما بين المشرق والمغرب , الفرق بين الدليل و المدعى الدليل الذي استدل به قصة عبد الله بن أريقط  الذي يدعيه و هو الإقامة بين أظهر المشركين و موادتهم و محبتهم و نصرتهم فرق بين هذا و هذا.

ثم قال : وذلك أن ابن أريقط أعان رسول الله ﷺ على أبر البر بعد الإسلام، وأفرض الفرائض بعد الإيمان، و هو الهجرة , الهجرة من أفضل القربات و لهذا قال النبي ﷺ طيب خواطر الأنصار حينما وزع الغنائم و لم يعط الأنصار و تكلم بعض شباب الأنصار و قالوا يعطي قريشا و يتركنا قال أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار و شعبها فقوله لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار يدل على أن الهجرة من أفضل القربات و أجل الطاعات يعني الهجرة لا يفرط فيها النبي ﷺ فهي من أفضل الأعمال و أفضل الفرائض بعد الإيمان لأن الله أوجب على من آمن أن يهاجر نصرة لله و لرسوله و طاعة لله و لرسوله و تكثيرا لسواد المسلمين و هذا قبل فتح مكة و عبد الله بن أريقط أعان الرسول ﷺ على أبر البر بعد الإسلام و أوجب الفرائض بعد الإيمان  وسعى لرسول الله ﷺ في مصالحه التي يتوصل بها إلى رضا مولاه، و مراغمة أعدائه ولا ريب أن هذا لو صدر من ابن أريقط بنية لكان من أفضل الأعمال، فإذا أسلم كتب له ذلك  فإذا صدر منه بنية التبرك كما فعل حكيم بن حزام لما كان يعتق في الجاهلية بنية التبرك و التعبد و لو كان على شركه فإنه لو أسلم لأحرزها بإسلامه.

و لهذا قال : و لا ريب أن معاونة عبد الله بن أريقط للرسول ﷺ من أفضل الأعمال فلو كان أسلم كتب له ذلك من أفضل حسناته على حديث حكيم يعني على ما جاء في حديث حكيم  أسلمت على ما أسلفت من خير  و هذا يخالف من آوى المشركين ورضي بهم بدلا من المسلمين وأعانهم، واستنصر لهم وفرح بنصرهم وظهورهم، ودعا الناس إلى متابعتهم , فرق بين هذا و هذا.

يقول المؤلف : فالفرق بين الفعلين كالفرق بين فعل أبي طالب من النصرة و الحياطة والحماية، وفعل أبي جهل و أمثاله , أبو طالب أعان النبي ﷺ و حماه و دافع عنه و آواه و لما جاء إليه المشركون و طلبوا تسليمه قال امتنع و قال لا نسلمه قال في حادثته المشهورة : حتى نصرع من حولنا لا نسلمك حتى نقتل و أما أبو جهل فإنه آذى النبي ﷺ و خنقه في بعض الأيام حتى جاء أبو بكر و أزال يديه و قال : أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ و قاتل المسلمين يوم بدر و حرض الناس على قتالهم فرق بين العدو الكافر يتخذ الوسائل لعداوة و المسلمين و إيذائهم و إيصال الضرر بهم و الكافر الذي يساعد و يعين فرق بين هذا و هذا.

 يقول المؤلف : الفرق بين الفعلين كالفرق بين فعل أبي طالب من النصرة و الحياطة و الحماية و فعل أبي جهل و أمثاله من أعظم الكفر الموصل إلى الدركات في العذاب وحلول المثُلات، فأين من أعان على الباطل ووادّ أهله ونصرهم وظاهَرهم ممن أعان المسلمين وسعى في مصالحهم و راغم عدوهم ؟ فرق بين هذا و هذا فابن أريقط أعان النبي ﷺ على الهجرة التي هي من أفضل القربات بعد الإيمان و أبو جهل أعان على الباطل و أعان على الشرك و استدل المؤلف بـالبيت

سارت مشرقّة وسرت مغرّبا شتان بين مشرّق ومغرّب

ذكر المؤلف نظيرا لفعل ابن أريقط فعل كما فعل سراقة بن مالك لما لحق النبي ﷺ لما جعلت قريش جائزة عظيمة مرتفعة من يأتي بالنبي ﷺ و صاحبه حيا أو ميتا له كذا و كذا من الجائزة مئة من الإبل فطمع بذلك سراقة بن مالك قبل أن يسلم و جاء إلى النبي ﷺ فدعا عليه فانساخت قوائم فرسه و ارتطمت فقال أعلم يا محمد أن هذا بسببك ادعوا الله أن يخلصني و لك علي أن أردها عنك فدعا له النبي ﷺ فصار يردها عنه فكل من لقي هذه الجهة قال هذه الجهة ليس بها أحد ارجعوا محمد هذه الجهة رأيتها لك ليس بها أحد فكان في أول النهار يطلب النبي ﷺ يريد قتله و في آخر النهار يدافع عنه و يرد عنه فصار فعل سراقة مثل فعل عبد الله أريقط يحمد عليه حينما كان يرد المشركين.

و بهذا قال : فابن أريقط فعل كما فعل سراقة بن مالك، وقد فعل من النصيحة في حال كفره ما يحمد به باطنا وظاهرا، و إن كان على كفره بخلاف من والى المشركين ونصح لهم و عادى المسلمين وألب عليهم يعني ألب الأعداء عليهم , فإنه قد وقع في الوعيد والسخط والمقت وفساد الدين، ومفارقة المؤمنين، المقت هو أشد البغض.

قال : والله أعلم بما يؤول إليه حال أعيان أولئك يعني هؤلاء المشركين الذين رد عليهم المؤلف رحمه الله كهذا الرجل الذي من الخرج الذي يزين الشرك و يستدل عليه بالباطل يقول : الله أعلم بما يؤول إليه حال أولئك لكنه يخشى عليهم أن يصيبهم مثل ما قصه الله في شأن بلعام، و أهل مسجد الضرار، بلعام الذي قص الله علينا خبره في القران الكريم الذي آتاه الله الآيات فانسلخ منها وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ۝ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ۝ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ فهذا بلعام و العياذ بالله آتاه الله الآيات فانسلخ منها ارتد و العياذ بالله و نكس على عقبيه.

و كذلك أهل مسجد الضرار و هم منافقون الذين بنو مسجدا للضرار لمضارة المسلمين و إرصادا لمن حارب الله و رسوله و قالوا للنبي ﷺ يا رسول الله إنا بنينا مسجدا للضعفاء و المرضى و العجزة و يصلي فيه الناس في الليلة الشاتية و المطيرة فنريدك أن تصلي فيه حتى يكون هذا مؤيدا لهم فقال النبي ﷺ إنا على سفر في غزوة و ذلك في غزوة تبوك فإذا رجعنا إن شاء الله أجبناكم فلما رجع رسول الله ﷺ من غزوة تبوك أنزل الله خبر مسجد الضرار أنزل الله وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ۝ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ... إلى آخر الآيات.

يقول المؤلف رحمه الله أن هؤلاء يخشى عليهم أن يصيبهم مثل ما أصاب بلعام و مثل ما أصاب أهل مسجد الضرار أهل مسجد الضرار  وقد كانوا قبل ذلك في عداد الأنصار ثم ارتدوا و العياذ بالله و صاروا من أهل النفاق.

قال المؤلف رحمه الله : فيا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على الإيمان , اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك.

يقول المؤلف : ولا ريب أن عدول هذا المستدل عن الآيات المحكمات وصحيح الأخبار ترك للمحكم و اتباع للمتشابه، يعني يكون من أهل الزيغ هذه عادة أهل الزيغ و العياذ بالله مشبه هذا الرجل الذي يزين الشرك و يستدل على جواز الإقامة بين أظهر المشركين و موالاتهم بحديث أنا بريء من مسلم بين أظهر المشركين الحديث ضد ما يدعي و يستدلون به على جوازه و الحديث فيه الوعيد الشديد على من يقيم بين أظهر المشركين فكيف يستدلون به على جواز الإقامة هذا تلبيس.

و لهذا قال المؤلف عمل هذا الشخص ترك للمحكم و اتباع للمتشابه وقد قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ  ثم ذكر حديث عائشة إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله؛ فاحذروهم.

( متن )

وحاصل ما قدمنا من الجواب على ما أورده المشبه هنا يتضمن خمسة أوجه:

(الأول) : أن ابن أريقط أجير ومن شأن الأجير أن يخدم المستأجر؛ لأنه ملك منافعه بعقد الإجارة، والأجير تحت المستأجر.

(الوجه الثاني) : أن ذلك مستأجر في مصلحة دينية هي من أكبر مصالح الدين، فإعانته للمسلم وقت الحاجة إليه لا محذور فيها لكونها مصلحة محضة، فكيف يجوز أن يستدل بذلك على ما هو أعظم المفاسد في الدين من موالاة المشركين وإعانتهم على باطلهم والصد عن سبيل الله؟ جمعا فما الضدان يجتمعان شتان بين الحالتين فمن يرد

(الوجه الثالث) : أن استئجار الكافر للمصلحة نظير استرقاق الكافر، وذلك جائز بخلاف العكس، فإنه لا يجوز؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. وهذا المشبه كأمثاله صاروا لأهل مصر كالمماليك في طاعتهم، ومتابعتهم، وإعانتهم اختيارا منهم لا اضطرارا.

 (الوجه الرابع) : أن ما فعله ابن أريقط لا يعاب عليه عقلا ولا شرعا بل قد يثاب عليه في حال كفره في الدنيا، وربما صار سببا لإسلامه لقربه من الإسلام بإعانة أهله على طاعة ربهم، بخلاف من أعان على معصية الله والصد عن سبيله، فأين من كان مع أهل الحق ممن كان مع عدوهم؟ وهل سمعت بتفاوت أعظم من هذا التفاوت؟

والله ما اجتمعا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان

(الوجه الخامس) :أن ما فعله ابن أريقط يغيظ كفار قريش، وإغاظة الكفار يحبها الله تعالى، بخلاف من يفعل معهم ما يسرهم ويغيظ عدوهم من المؤمنين، فأين هذا من هذا لو كانوا يعلمون؟

والبصير يعلم أن هذا التشبيه من هؤلاء على العوام صد لهم عن سبيل الله، وأنه من آثار عقوبة تلك الأعمال

اللهم إنا نعوذ بك أن نفتن عن ديننا، وأن نرد على أعقابنا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما.

وهذا آخر ما تيسر جمعه، والله أسأل أن يعمم بنفعه.

أملاه وجمعه الفقير إلى الله تعالى عبده عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وذلك في سنة 1261 من هجرته ﷺ.

( شرح )

المؤلف رحمه الله لخص الجواب تلخيصا جيدا و زاد في الأدلة على الجواب على الشبهة الأخيرة قصة استئجار النبي ﷺ لعبد الله ابن أريقط للدلالة على الطريق في الهجرة.

المؤلف رحمه الله قال : وحاصل ما قدمنا أي خلاصة ما تقدم من الجواب على ما أورده المشبه من هذه الشبهة الأخيرة يتضمن خمسة أوجه , ذكر خمسة أجوبة خمسة ردود كلها فيها بيان الفرق بين ما فعله النبي ﷺ مع عبد الله بن أريقط حينما استأجره للدلالة على طريق الهجرة و بين ما يستدل به المشركون على إعانة الكفار و نصرتهم و مودتهم و محبتهم.

فقال : حاصل ما تقدم من الجواب يتضمن خمسة أوجه الوجه:

(الأول) : أن ابن أريقط أجير ومن شأن الأجير أن يستخدم المستأجر؛ لأنه ملك منافعه بعقد الإجارة، والأجير تحت المستأجر , عبد الله بن أريقط أجير و الأجير ملك مستأجر لمنافع و المستأجر أعلى و الأجير تحته يتصرف فيه فهو كالخادم أما هذا الذي يقيم بين المشركين و ينصرهم و يؤيدهم بالعكس كأنه هو الضعيف كأنه مستأجر لأنه في بلاد الكفار و الدولة للكفار و هو بين أظهر الكفار ففرق بين هذا و هذا الأجير منافعه مملوكة للمستأجر و هو تحته يتصرف به و هذا المسلم الذي بين الكفار هم الذين يتصرفون فيه و هم الأعلون و هو الأسفل فرق بين هذا و هذا , كيف تستدل بشيء هو ضد هذا الشيء الذي تستدل به هذا الوجه الأول.

 الوجه (الثاني) : أن ذلك مستأجر في مصلحة دينية هي من أكبر مصالح الدين، فإعانته للمسلم وقت الحاجة إليه لا محذور فيها لكونها مصلحة محضة، فكيف يجوز أن يستدل بذلك على ما هو أعظم المفاسد في الدين من موالاة المشركين وإعانتهم على باطلهم والصد عن سبيل الله؟ , يقول أن الوجه الثاني أن عبد ابن أريقط مستأجر في مصلحة دينية و هذه المصلحة الدينية أكبر مصالح الدين و هي الهجرة من مكة إلى المدينة و هذه الهجرة تحول عظيم و هي بداية لظهور الإسلام و بداية لتكوين دولة الإسلامية تنشر النور في مشارق الأرض و مغاربها فهو مستأجر لمصلحة من أكبر مصالح الدين فأما وجود المسلم في بلاد الكفار و إعانتهم و نصرتهم فهذه من أعظم المفاسد فكيف يستدل على مصلحة عظيمة من أعظم مصالح الدين على مفسدة هي من أعظم مفاسد الدين شتان بين هذا و هذا عبد الله بن أريقط مستأجر في مصلحة من أعظم مصالح الدين و هذا الذي يقيم بين الكفار يعمل عملا هو من أعظم مفاسد الدين فيه موالا المشركين و معاونتهم على باطلهم و الصد عن سبيل الله و لهذا قال المؤلف : شتان بين الحالتين فمن يرد جمعا فما الضدان يجتمعان , ضدان هذا مستأجر في أعظم مصالح الدين و هذا الذي يعمله يعمل عملا هو من أعظم مفاسد الدين فلا يستويان و لا يلتقيان.

الوجه (الثالث) : أن استئجار الكافر للمصلحة نظير استرقاق الكافر، وذلك جائز بخلاف العكس، فإنه لا يجوز؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه وهذا المشبه كأمثاله صاروا لأهل الباطل كالمماليك في طاعتهم، ومتابعتهم، وإعانتهم اختيارا منهم لا اضطرارا , الوجه الثالث يقول استئجار الكافر للمصلحة مثل الاسترقاق كما أنه يجوز لك أن تشتري عبدا كافرا و يكون رقيقا لك فلا بأس أن تستأجره عند الحاجة تستأجره يعمل عملا عند الحاجة مثل ما تشتري كافر و يكون عبدا لك و رقيقا و في الحالتين أنت المستولي عليه و أنت المتصرف و ليس له سلطان عليك بخلاف الذهاب إلى الكفار و تكثير سوادهم و إعانتهم على باطلهم و موالاتهم فإن الكفار هم الأعلون و هذا هو الذليل فرق بين هذا و هذا المستأجر ذليل يتصرف فيه مثل الرقيق و الذي يذهب إلى الكفار في بلادهم و يعينهم و ينصرهم هو الذليل و الكفار هم الأعلون ففرق بين هذا و هذا فهما ضدان و لهذا يقول فهذا المشبه كأمثاله صاروا لأهل الباطل كالمماليك كأنهم عبيد يتصرف فيهم الكفرة لأنهم أقاموا في بلادهم و أعانوهم و نصروهم كالمماليك في طاعتهم و متابعتهم و إعانتهم اختيارا منهم لا اضطرارا ما في ضرورة هو الذي اختار و ذهب إليهم و أعانهم فرق بين هذا و هذا.

يقول المؤلف الوجه (الرابع) : أن ما فعله ابن أريقط لا يعاب عليه عقلا ولا شرعا بل قد يثاب عليه في حال كفره بالدين إن لم  يكن أسلم , يقول أن ما فعله ابن أريقط و إن كان كافرا فلا يعاب عليه عقلا و لا شرعا كما أن أبا طالب حينما نصر النبي ﷺ و أعانه لا يعاب عليه لا عقلا و لا شرعا بل إنه قد يثاب عليه في حال كفره إذا لم يكن أسلم كما جاء في الحديث إن الكافر إذا عمل حسنة في الدنيا أطعم بها طعمة أثيب بها في الدنيا صحة في بدنه ووفرة في ماله وولده أما في الآخرة فلا حسنة له فهذا الذي فعله ابن أريقط حسنة من الحسنات الدنيوية يقول المؤلف يثاب عليها في الدنيا إن لم يكن أسلم و إن كان أسلم فإنه يحرزها بإسلامه فكيف يستدل هذا المشبه بحسنة يعملها الكافر على ما يعمله هو من الكفر و العياذ بالله قال المؤلف رحمه الله : و لعله و الله أعلم صار سببا لإسلامه , يقول لعل هذا العمل كونه صار عنده رقة و استجابة لاستئجار النبي ﷺ له و مصاحبته له في طريق الهجرة لعل هذا كان سببا في قربه من الإسلام و لعله كان أسلم لعله و الله أعلم كان سببا لإسلامه لقربه من الإسلام بإعانة أهله على طاعة ربهم , قال : فإنه يتروح بذلك بقول الجن في شعرهم:

هما نزلاها بالهدى، واهتـدتْ بـهِ فقدْ فازَ منْ أمسى رفيـقَ محمـدِ

يتروح يعني يستروح الإنسان يعني يستأنس و إن لم يكن هذا الدليل فالدليل كتاب الله و سنة نبيه لكن يستأنس بقول الجن :

هما نزلاها بالهدى، واهتـدتْ بـهِ فقدْ فازَ منْ أمسى رفيـقَ محمـدِ

يعني هذا البيت فيه أن رفيق النبي ﷺ لا يخيب فهذا يستروح به و يستأنس به في أن عبد الله بن أريقط في مصاحبته للنبي ﷺ و استجابته لاستئجاره إياه دليل على قربه من الإسلام و أن هذا سببا في إسلامه قال : و هذا بخلاف من أعان على معصية الله و الصد عن سبيل الله و هو الذهاب إلى الكفار في بلادهم و معاونتهم و موادتهم فأين من كان مع أهل الحق ممن كان مع عدوهم , عبد الله بن أريقط مع أهل الحق و هذا مع أهل الباطل فرق بين من يكون مع أهل الحق و من يكون مع أهل الباطل ضدان لا يجتمعان و لهذا قال المؤلف : و هل سمعت بتفاوت أعظم من هذا التفاوت :

والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان

يعني أمران ضدان لا يلتقيان حتى تشيب مفارق الغربان الغراب أسود لا يمكن أن يشيب هذا من المستحيل فإن كان الغراب يشيب و يسود فكذلك يلتقي هذا و هذا يلتقي هذان الأمران.

يقول المؤلف : الوجه (الخامس) :أن ما فعله ابن أريقط يغيظ كفار قريش، وإغاظة الكفار يحبها الله تعالى، بخلاف من يفعل معهم ما يسرهم ويغيظ عدوهم من المؤمنين، فأين هذا من هذا لو كانوا يعلمون؟ , ما فعله عبد الله بن أريقط يغيظ الكفار و لو علموا لقتلوه لأنه يدل محمد عدوهم يدله على الخروج من بين أظهرهم و يفوتهم بسببه و هم يريدون القضاء عليه الذي فعله ابن أريقط يغيظ الكفار و إغاظة الكفار مطلوبة يحبها الله و الذي يفعله هؤلاء الذين يقيمون بين أظهر الكفار و يعينونهم و يوادونهم يفعلون مع الكفار ما يسرهم فأين هذا من هذا لو كانوا يعلمون ! لو كان أهل الشرك يعلمون أين من يفعل ما يغيظ الكفار و بين من يفعل ما يغيظ المسلمين أين من يفعل ما يحبه الله و بين من يفعل ما يبغضه الله.

و لهذا قال المؤلف رحمه الله : والبصير يعلم أن هذا التشبيه من هؤلاء على العوام صد لهم عن سبيل الله، يعني كونه يستدل بالمتشابه و يحرف النصوص لا شك أن هذا صد عن سبيل الله و ترويج للباطل و هو من آثار عقوبات تلك الأعمال.

قال المؤلف رحمه الله ختم هذه الرسالة بهذا الدعاء العظيم : اللهم إنا نعوذ بك أن نفتن عن ديننا، وأن نرد على أعقابنا، اللهم آمين , وحسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا ...

 

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد