شعار الموقع

كتاب الحج والعمرة من عمدة الفقه 2

00:00
00:00
تحميل
121

(المتن)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين رفع الله قدرك وأعلا شأنك ، قال الإمام أبو محمد الموفق رحمه الله تعالى:

باب المواقيت

وميقات أهل المدينة: ذو الحليفة، وأهل الشام والمغرب ومصر: الجحفة.

(الشرح)

المواقيت: جمع ميقات، كالمواعيد: جمع ميعاد، وهي: الزمان والمكان، زمان ومكان العبادة، أو هو الزمان والمكان المعين للعبادة. المواقيت جمع ميقات وهو المكان والزمان المعين للعبادة ، أو الزمن المعين للعبادة يعني :زمن والمكان المعين للعبادة،  ويطلق أيضاً الميقات على الحج في اللغة، هو ميقات العبادة ومواقيت العبادة يعني: أزمنتها ومكانها، والمراد هنا بالمواقيت المواقيت المكانية، والأصل أن الميقات يكون للزمان، الأصل للمواقيت الأزمنة، الأصل هو الوقت الزمان الأصل هو الزمن ثم أريد به مكان العبادة. إذاً: المواقيت المراد به: مواقيت العبادة المكانية والمواقيت المكانية والزمانية ،الزمانية مثل ميقات الظهر عند زوال الشمس، هذا زمنها والمغرب عند غروب الشمس نعم.هي مواقيت العبادة وأزمنتها نعم.

(المتن)

وميقات أهل المدينة ذو الحليفة.

(الشرح )

يعني الأمكنة التي وقتها النبي ﷺ للآفاق أن يحرموا منها، وهذا الباب معقود لمواقيت الأمكنة التي شرع الله أن يحرم منها من أراد النسك لحج أو عمرة ، يعني ما هي هذه الأمكنة ؟ يعني الباب معقود لبيان الأمكنة التي تعبد الله المسلمين بأن يحرموا منها إذا قدموا لحج أو عمرة ، والمواقيت خمسة نعم. هذا ميقات أهل المدينة ، المكان الذي حدده النبي ﷺ لإحرام أهل المدينة ،ذو الحليفة، تصغير حلفاء وهو شجر معروف سمي به ذلك المكان لكثرة شجر الحلفاء فيه، وذو الحليفة اشتهرت تسميته بأبيار علي، بعضهم يسميها الحسا، وهو أبعد المواقيت عن مكة؛ لأن بينه وبين مكة عشرة مراحل، وهو قريب من المدينة، والآن هذا الطريق وصله البنيان تقريبا وهو قريب جدا بجوار المدينة، ميقات هذا الوادي أما المواقيت الأخرى فبينها وبين مكة مرحلتان، يعني: يزيد عليها بما يقارب ثلاث مرات عن المواقيت الأخرى ، وكأن الحكمة في ذلك -والله أعلم- هي التقارب بين الحرمين، فلا يكاد الإنسان يخرج من المسجد النبوي الحرم المدني حتى يتلبس بما يتعلق بالإحرام المكي.

(المتن)

وأهل الشام والمغرب ومصر: الجحفة.

(الشرح)

 الميقات الثاني: ميقات أهل الشام ومصر والمغرب: الجحفة، وهي قرية خربت، ثم اضطر الناس أن يحرموا من رابغ، وأعيد الآن الميقات في نفس الجحفة، وبني فيه مسجد والناس يحرمون الآن منه. وبعضهم يحرم من رابغ، ورابغ قبلها بيسير، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات، والمسافة بينهما ما يقارب سبعة كيلو ، يسير بين رابغ والجحفة نعم.

(المتن)

واليمن: يلملم.

(الشرح)

هذا الميقات الثاني يسمى ميقات أهل اليمن يلملم ويسمى السعدية، وهو قريب من جهة الساحل، أي: يقدم عليه من جهة الساحل ، ويقال له السعدية.

(المتن)

ولنجد: قرن.

(الشرح)

هذا ميقات أهل نجد قرن أي: قرن المنازل، وهو غير قرن الثعالب، ويسمى من قبل الناس: السيل أو وادي محرم، فإذا أتيت من الطائف تحرم من وادي محرم، وأما إذا أتيت من الطريق الثاني المسمى: السيل تحرم من هناك وهو واد واحد، وهذا في طريقه يمتد فإن أتيت من طريق الهدى تكون في طرف الوادي، وإن أتيت من جهة طريق السيل، كذلك.

(المتن)

وللمشرق: ذات عرق.

(الشرح)

 ولأهل المشرق والعراق: ذات عرق، ويسمى: الضريبة، وهذا وقته النبي ﷺ، ووقته عمر لما جاءه أهل العراق وقالوا له: إن قرناً جور عنا، يعني: مائلة عن طريقنا، فوقت لهم ذات عرق ولم يعلم بالحديث، ثم ظهر أن النبي ﷺ وقته، فاجتمع في ذات عرق أن النبي ﷺ وقته، ووقته عمر قبل أن يعلم توقيت النبي ﷺ.

(المتن)

فهذه المواقيت لأهلها ولكل من يمر عليها.

( الشرح )

نعم هذا ما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقت النبي ﷺ لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة.

(السؤال)

(7:15) إلى (7:20)

(الجواب)

بعدها لا،إذا تجاوز الوادي فعليه دم، إذا كان في نفس الوادي وأحرم من الوادي ،وإذا تجاوز الوادي ولو بيسير فيجب عليه أن يرجع، فإن رجع وأحرم من الميقات فليس عليه شيء، وإن أحرم من مكانه فعليه دم عند أهل العلم، والدم هو شاة يذبحها. أما قبله بيسير فلا بأس.

(السؤال )

 ما هو حد القليل أو اليسير؟

( الجواب)

 القليل أو اليسير يعود إلى العرف. ولكن إذا كان قبل الميقات بيسير فالأولى له أن يتركه، وهو إحرام صحيح لكنه مكروه، ولا ينبغي له أن يحرم قبل الميقات. ولما أحرم بعض الصحابة من بيت المقدس أنكر عليهم بعضهم. المقصود: أن الإحرام قبل الميقات مكروه، وينعقد على الصحيح، وهو مثل الإحرام قبل أشهر الحج، أشهر الحج هي: شوال وذو القعدة وذو الحجة، فلو أحرم في رمضان للحج فهل ينعقد إحرامه أم لا؟ والقول لأهل العلم قيل: ينعقد مع الإثم أو مع الكراهة، وقيل: لا ينعقد. وكذلك إذا احرم قبل الميقات لا يقبل ، ولكنه ينعقد على الصحيح ،نعم .

(السؤال)

(8:41) إلى (8:48)

(الجواب)

إذا كان قصده أن يزور المسجد النبوي ثم بعده يحرم بعد الزيارة فلا بأس عليه، فإذا مر من ميقات الجحفة ولم يكن قاصداً الإحرام فقط بل قاصداً الزيارة، ثم بعد الزيارة يحرم من المدينة، فلا بأس هذا طيب يزور أولاً ثم يحرم من ميقات أهل المدينة.

(السؤال)

(9:02) إلى (9:08)

(الجواب )

لا يلزمه لأنه لم يكن عنده نية ، لما مر بالميقات لم يكن عنده نية الإحرام كان عنده نية الزيارة، ذهب للزيارة ثم بعد الزيارة أحرم ، أما إذا مر به وهو يريد الإحرام فيتجاوزه هذا فيه خلاف، فقال بعض أهل العلم: إذا كان ميقات المدينة أبعد من ميقاته الثاني فلا بأس ، ,إن كان أقرب ينبغي أن يرجع إلى ميقات بلده. ما دام مر به وهو يريد الحج أو العمرة، وإن ذهب إلى ميقات آخر لم يكن له ذلك، لكن هذا مر بميقات ولم يقصد الإحرام بل قصد الزيارة المسجد النبوي في هذا لا بأس به ولأن ميقات المدينة هو أبعد المواقيت .

(السؤال)

 كثير من الناس الآن يذهبون إلى جدة فيجلسون فيها أياماً ثم بعد ذلك يذهبون للعمرة وقد أضمروا نية العمرة قبل الذهاب إلى جدة ؟

(الشرح )

إذا نوى يجب عليه أن يرجع إلى الميقات ، فإن لم يرجع فعليه دم.

(السؤال)

(10:12) إلى (10:17)

(الجواب)

ما عليه دليل ، لم يقل هذا أحد من أهل العلم ميقات لأهلها .

(السؤال)

(10:22) إلى (10:33)

(الجواب)

هذا خطأ ومن فعل هذا فهو مخطئ ، ولم أعرف هذا قديماً وحديثاً ميقات جدة وجدة ليست ميقاتاً ولا حددت إلا لأهلها. نعم

(السؤال)

(10:42) إلى (10:44)

(الجواب)

لا يفيده هذا لا ينام لا بد أن ينوي عند محاذاة الميقات.

لأن كل واحد ينوي الإحرام من الميقات فإذا نام فاتته النية وتجاوز، فكل الذاهبين ينوون الإحرام عند الميقات ثم ينام بعضهم ويتجاوزون الميقات ، فهذا يرجع ، عليه أن يرجع، فإن لم يرجع فعليه دم عند بعض أهل العلم.

(المتن)

فهذه المواقيت لأهلها ولكل من يمر عليها.

(الشرح)

نعم ( هذه المواقيت لأهلها ولكل من يمر عليها ) إذا مر مثلاً نجدي بميقات أهل اليمن يحرم من ميقات اليمن، وإذا مر يمني بميقات أهل نجد فيحرم من ميقات أهل نجد، ولا نقول له: ارجع إلى ميقات أهل اليمن أو نجد فأحرم من ميقات أهل نجد، بل نقول له: أحرم من الميقات الذي مررت به. أما لو تجاوز ميقات بلده وأحرم من ميقات آخر فنقول له: ارجع إلى ميقات بلدك فأحرم منه، لكن لو أنه مر بميقات أهل اليمن ولم يمر من ميقاته فنقول له يحرم حكمه حكم أهل نجد ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث: هن لهن، وفي حديث ابن عباس : ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة.

(المتن)

ومن منزله دون الميقات فميقاته من منزله.

(الشرح)

نعم ( ومن منزله دون الميقات فميقاته من منزله ) يحرم من مكانه، فأهل الشرائع يحرمون من الشرائع، وأهل بحرة يحرمون من بحرة ، وأهل جدة يحرمون من جدة ، حتى أهل مكة يحرمون من مكة للحج، حتى أهل مكة من مكة أما في العمرة فعليهم أن يخرجوا إلى أدنى الحل من التنعيم. وبعض الناس يذهبون إلى المدينة بقصد الزيارة ولم يحرموا من مواقيت بلدانهم، فهؤلاء يحرمون من ميقات أهل المدينة، ولا يلزمه أن يرجع إلى ميقات بلده. ومن خرج من المدينة قصده الحج والعمرة يلزمه الإحرام ، نعم .

(المتن)

حتى أهل مكة يهلون منها لحجهم، ويهلون للعمرة من أدنى الحل.

(الشرح)

كما أقر النبي ﷺ أهل مكة على إحرامهم من منازلهم وأمرهم بذلك، ولما أرادت عائشة العمرة أمر النبي ﷺ أخاها عبد الرحمن أن يخرج بها إلى التنعيم، وهي في مكة. فدل هذا على أن من كان في مكة وأراد العمرة فليس له أن يحرم من جوف مكة، وإنما أن يخرج إلى الحل، وإن كان التنعيم الآن قد صار في وسط مكة، إلا أنه من الحل.

(المتن)

ومن لم يكن طريقه على ميقات فميقاته حذو أقربها إليه.

(الشرح)

ومن لم يكن في طريقه على ميقات إذا حاذى أقرب المواقيت إليه يحرم منها، سواء أكان في البر أو البحر أو الجو، وإذا كان في الجو وجاء من نجد من الرياض فإنه يحرم إذا حاذى السيل. وكذلك أيضاً إذا كان في البحر إذا حاذى أقربها، أو كان مسافر براً ولم يمر على ميقات، إذا حاذى أقرب المواقيت إليه يحرم منها، لقول الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وقوله: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.

(المتن)

ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوز الميقات غير محرم.

(الشرح)

لا يجوز لمن دخل مكة أن يتجاوز الميقات إلا وهو محرم، وهذا من خصائص مكة: أن كل من دخلها يجب عليه أن يحرم. هذا هو المذهب: أن كل من أراد دخول مكة سواء أراد العمرة أم لم يردها، كل من دخلها عليه أن يحرم، وقالوا: هذا من خصائص مكة، وهذا هو مذهب الحنابلة وجماعة غيرهم.

والقول الثاني: أنه لا يجوز الإحرام إلا لمن قصد الحج أو العمرة، أما من دخل مكة لا يريد العمرة وإنما دخلها للزيارة أو لطلب العلم أو للتجارة أو لأي مقصد آخر فلا يجب عليه الإحرام، وهذا أرجح القولين؛ لقول النبي ﷺ في حديث ابن عباس لما وقت المواقيت: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، والقول الأول: مذهب الحنابلة والجماعة أن كل داخل يجب عليه أن يحرم ولو لم يرد العمرة وهذا من خصائص مكة لا بد أن من دخلها أن يكون محرما يحرم ويقضي حاجته دخلت مكة تريد طلب العلم أحرم وطف واسع واقصر وتحلل واذهب دخلتها للتجارة أحرم واعتمر وتحلل واذهب للتجارة دخلتها لسفر دخلتها للزيارة للتجارة لأي غرض قالوا هذا من خصائص مكة قالوا ويستثنى من هذا الذي يتكرر خروجه مثل الحطاب، ومثل صاحب السيارة الذي ويذهب ويدخل مرات هذا يستثنى منه للمشقة  فهذا وأمثاله يستثنى من وجوب الإحرام عند كل دخول لمكة يحرم . وكذلك من دخلها لقتال مباح، كما دخل النبي ﷺ مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر ولم يحرم؛ لأنه جاء للقتال وفتح مكة.نعم(..)العمرة واجبة عليه العمرة في ذمته يجب عليه أن يؤدي الفريضة كونه الآن في هذا الوقت(..).

(المتن)

إلا لقتال مباح، وحاجة تتكرر كالحطاب ونحوه.

(الشرح)

نعم كما سبق لقتال لفعل النبي ﷺ: فإنه دخل مكة ولم يحرم عام الفتح ولم يحرم وعلى رأسه المغفر ولكن دخل للقتال لقتال المشركين . وكذلك الذي يتكرر خروجه كالحطاب وأشباهه، فهذا مستثنى لمشقة التكرر.(..) من الحل نعم.

(المتن)

إلا لقتال مباح، وحاجة تتكرر كالحطاب ونحوه ثم إذا أراد النسك أحرم من موضعه.

(الشرح)

الذي دخل مكة ولم يقصد الحج أو العمرة أو تكرر دخوله لحاجة كالحطاب، فهذا معفو عنه، لكن إذا أراد أن يحرم بعد ذلك، يحرم من مكانه، ولو من مكة؛ لأنه لم يكن له نية سابقة أن يحرم، فأصبح حكمه الآن حكم أهل مكة، وإذا أراد العمرة خرج للإحرام من الحل إن كان في مكة.

(السؤال)

 امرأة اعتمرت واشترطت إذا نزل عليها الحيض أن تحل، فنزل عليها الحيض ولم تكن في مكة بعد، ثم طهرت، فهل تحرم من الحل أم لا بد أن تذهب إلى الميقات، علماً أنها أحرمت أولاً من الميقات، واشترطت ثم تحللت، وبقيت في مكة حتى طهرت ؟

(الجواب)

فهذه لا تزال على إحرامها فتطوف وتسعى، فإذا طهرت اغتسلت وطافت وسعت وقصرت.

(السؤال)

واشتراطها مثلاً؟

(الجواب)

 فكيف تشترط وهي تريد الجلوس؟ التي تشترط التي لا تستطيع الجلوس، أو أن رفقتها ما يجلسون معها، أو أن زوجها ما يجلس معها، فهي اشترطت حتى تتحلل، اشترطت من أجل أن تسافر وتتحلل، أما هذه في قول لبعض أهل العلم تسمى محصورة ومنعها الدم كمن حصره العدو؛ فتتحلل ولا شيء عليها بناء على اشتراطها.يأتي الكلام في الاشتراط.

(المتن)

وإن جاوزه غير محرم رجع فأحرم من الميقات

(الشرح)

إذا جاوز الميقات ولم يحرم ، يرجع إلى الميقات فيحرم، فإذا رجع وأحرم فلا شيء عليه، أما إن أحرم بعد ما تجاوز الميقات فعليه دم، ولا يفيده الرجوع في هذه الحالة، إذا أحرم بعد ما تجاوز الميقات لا يفيده الرجوع يستقر الدم في ذمته إنما يفيده الرجوع إذا لم يحرم.

(المتن)

وإن جاوزه غير محرم رجع فأحرم من الميقات ولا دم عليه؛ لأنه أحرم من ميقاته؛ فإن أحرم من دونه فعليه دم سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع.

(الشرح)

 لا يفيده الرجوع إذا أحرم من دونه، والدليل على وجوب الدم عليه عند أهل العلم: ما ثبت عن ابن عباس : من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً، روي موقوفاً وروي مرفوعاً.

(المتن)

والأفضل ألا يحرم قبل الميقات فإن فعل فهو محرم.

(الشرح)

 هذا هو الأفضل ألا يحرم قبل الميقات، فإن فعل يكون محرماً، لكنه ترك الأولى، يعني: ينعقد الإحرام ولو قبل وصوله الميقات، لكن الأفضل ألا يحرم إلا من الميقات.

(السؤال)

وإن أحرم قبل الميقات بمسافة بعيده ؟

(الجواب)

لا ينبغي له ذلك أن يحرم قبل الميقات بمسافة بعيدة فهو مكروه في حقه كراهة شديدة ولا ينبغي إلا أن يحرم من الميقات، لكن لو أحرم وكان قبله بيسير فلا بأس.

(السؤال)

ولو سافر شخص بطائرة ؟

(الجواب)

فيحرم إذا حاذى الميقات؛ لا بأس من الاغتسال والتجرد من المخيط لأن هذا هو الأصل في الإحرام هو النية، أن ينوي الإحرام إذا حاذى الميقات، أما كونه يغتسل قبل ذلك أو يلبس الإزار والرداء فهذا الأمر فيه واسع، وليس هو الإحرام، إنما من الاستعداد والتهيؤ له، الإحرام النية ،المهم النية إذا حاذى الميقات ينوي

(المتن)

وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشرة من ذي الحجة.

(الشرح)

 هذه هي أشهر الحج التي يكون فيها الإحرام شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وأعمال الحج إنما تكون في ستة أيام، أيام الحج ستة أيام: الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، لكن هذه أشهر الحج التي يحرم فيها، فإذا أحرم في شوال أو في ذي القعدة أو في عشر من ذي الحجة يحرم في هذا وقت الإحرام .

(المتن)

باب الإحرام

من أراد الإحرام استحب له أن يغتسل ويتنظف ويتطيب، ويتجرد عن المخيط، ويلبس إزاراً ورداء أبيضين نظيفين.

(الشرح)

من أراد الإحرام يستحب له الاغتسال؛ لأن النبي ﷺ تجرد لإهلاله واغتسل، وأمر أسماء بنت عميس وهي نفساء لما ولدت بـمحمد بن أبي بكر أمرها كيف تعمل أن تستر بثوب وتغتسل ، وأمر عائشة لما حاضت أن تغتسل عند الإهلال. فدل هذا على مشروعية الاغتسال لمن أراد الحج أو العمرة إذا أراد أن يحرم، يستحب له أن يغتسل. والرجل يتجرد عن المخيط ويلبس إزاراً ورداء أبيضين نظيفين جديدين أو مغسولين، هذا هو الأفضل ويخلع ثيابه السروال والفنيلة، ويكشف رأسه، ولا يكون عليه إلا إزاراً يشد به النصف الأسفل من السرة إلى ما تحت الركبة، ورداء يضعه على كتفيه. أما المرأة فإنها تحرم بما شاءت، ولا تكشف رأسها، ولا تكشف وجهها إذا كانت عند رجال أجانب، تحرم بما شاءت، والرجل لا يلبس الشراب ولا الخفين لستر الكعبين وهو محرم ولا القفازين. أما المرأة فتلبس الشراب؛ لا بأس لأنها عورة فتبقى عليها ثيابها وعليها خمارها على رأسها، والوجه تكشف الوجه إذا لم يكن عندها رجال أجانب، فإذا كان عندها رجال أجانب تغطي وجهها لكن بغير النقاب، ولا تلبس المخيط على قدر الوجه وهي محرمة، وكذلك المخيط على قدر اليدين، وإنما تغطي وجهها ويديها بالخمار لا بالمخيط؛ لقول النبي ﷺ: لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين، والبرقع من باب أولى أشد، والمخيط هو: ما خيط على قدر الوجه ، لكن تستر وجهها بغير المخيط بالخمار تستر يديها لا بالقفازين بل بثوبها .

والإحرام المراد به: النية نية الدخول في النسك، هذا هو الإحرام، ليس الإحرام التجرد من المخيط ولا الاغتسال ولا التطيب، هذه أمور مستحبة لكن الإحرام النية؛ قبل الإحرام فإنه يتهيأ له بالاغتسال والتطيب ولبس الإزار والرداء. وإن كان بحاجة لأن يأخذ من الأظافر والإبط فيفعل، لأن المدة كانت تطول عليهم، فيستحب أن يتعاهدها إن كانت أظافره طويلة، أما إذا لم تكن أظافره طويلة فلا حاجة.

(السؤال)

ما الحكمة من عد اليوم العاشر من ذي الحجة في أشهر الحج ولا يصلح الإحرام فيه؟

(الجواب)

 فلأنه من ذي الحجة، وهو يوم العيد العاشر لا يصام فيه، وهذا من باب التغليب، وإلا فمعلوم أنه في آخر يوم عرفة يستطيع أن يحرم وبعدها لا يستطيع؛ لأن الحج انتهى. وكذا في ليلة العيد للمتأخر يجب عليه أن يبادر، فقد يقال: إنها ليلة العيد وهي أيضاً تابعة لليوم.

(السؤال)

يوجد الآن إزار مخيط يشبه السروال، فهل هذا لا ينبغي لبسه للمحرم؟

(الجواب)

الأولى ترك هذا، يوجد الآن إزار مخيط كان يشبه السروال وحكمه حكم المخيط لا ينبغي (أن يرتديه ولا يجعل به مغاط ولا شيء ) وهذا لا يصلح لأن حكمه حكم المخيط فتركه أولى وإن كان الشيخ محمد وفقه الله يفتي بأن لبس هذا لا بأس به، لكن هذا فيه نظر، وقد تأملنا هذه الفتوى مع بعض المشايخ فلم يظهر لنا وجه فتوى فضيلته وفقه الله؛ لأن هذا من المخيط، من جنس المخيط، وهو داخل في حكم المخيط يجعل هذا من وزره ، والشيخ يتساهل في هذا، لكن ما ظهر لي إلى الآن أن الفتوى وجيهة في هذا.

(السؤال)

(28:15) إلى (28:42)

(الجواب)

ولا بأس أن يلبس أبيض أو ملوناً، لكن الأبيض أفضل. ولا يلبس المحرم قميصاً؛ لأنه منصوص عليه من النبي ﷺ فقال: لا يلبس قميصاً، وذلك عندما سئل ما يلبس المحرم فقال: لا يلبس القميص ولا البرانس ولا العمامة ولا الخفاف ولا السراويل ولا شيئاً مسه زعفران أو ورس، فهذا نص عليها النبي ﷺ. والعلماء قالوا: ما جاء في المخيط نص، لكن لما سئل النبي ﷺ -في حديث ابن عمر - ما يلبس المحرم قال: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا الخفاف، ولا ثوب مسه زعفران أو ورس فقيس عليه.

(المتن)

ثم يصلي ركعتين ويحرم عقيبهما، وهو أن ينوي الإحرام.

(الشرح)

 (ثم يصلي ركعتين) ذهب إلى هذا كثير من أهل العلم كثير من الفقهاء، أن الإحرام له صلاة تخصه، قالوا يصلي ركعتين ثم يحرم بعدهما. واستدلوا ما ثبت بالحديث بقول النبي ﷺ: أتاني آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة. قالوا: فقوله: صل في هذا دليل على أن للإحرام صلاة.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة من المحققين إلى أنه ليس للإحرام صلاة تخصه؛ لأن النبي ﷺ أحرم عقب الفريضة، فإذا كان وقت فريضة فإنه يصلي الفريضة ويحرم عقبها، وإن لم يكن وقت فريضة توضأ وصلى سنة الوضوء، أو سنة الضحى إن كان وقتها، وإن كان غير وقت الضحى يصليها ثم يحرم عقبها ولا ينويها للإحرام؛ لأن الإحرام ليس له صلاة تخصه، وإنما أحرم النبي ﷺ عقب الفريضة. وما ذهب إليه شيخ الإسلام قول قوي، والجمهور أخذوا بعموم: صل في الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة.

(المتن)

قال:

 وهو أن ينوي الإحرام.

 يقول الشارح رحمه الله تعليقاً على هذه الجملة: " وهو أن ينوي الإحرام بقلبه ولا ينعقد الإحرام بغير نية؛ لقوله ﷺ: إنما الأعمال بالنيات.

(الشرح)

المراد بقوله (وهو أن ينوي الإحرام) الإحرام نية ، نية الدخول في النسك. فإذا نوى بقلبه الدخول في الحج أحرم، ثم بعد ذلك يقول: لبيك عمرة ولبيك حجاً، فالحاصل: أن الإحرام هو نية الدخول في النسك، فهو بمثابة تكبيرة الإحرام للصلاة، فإذا كبرت دخلت فيها، وإن نويت الدخول بقلبك بالحج دخلت بالحج ،وسمي إحراما لأنه بدخوله في الحج يحرم عليه ما كان يحل له قبل ذلك، فتحرم عليه النساء والطيب والصيد وبقية المحظورات، كما أن تكبيرة الإحرام إذا كبر حرم عليه بها ما كان حلالاً له قبل دخوله في الصلاة، مثل الكلام والضحك والأكل والشرب تحرم على المصلي لأنه كبر تكبيرة الإحرام. وكذلك  الحج إذا دخل الإحرام حرم عليه محظورات الإحرام.

(السؤال)

وبالنسبة للتلبية ؟

(الجواب)

سيأتي ذكر التلبية الآن والصواب أن التلبية فيه خلاف بين العلماء فمنهم من قال: مستحبة، ومنهم من قال: إنها شرط، ومنهم من قال: إنها واجبة، والمشهور عند العلماء: أنها مستحبة. والصواب فإذا نوى الإحرام ولو لم يلب على الصحيح صح إحرامه؛ لأن الإحرام هو النية، وليس التلبية.

(المتن)

وهو أن ينوي الإحرام ، ويستحب أن ينطق بما أحرم به، ويشترط ويقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني؛ فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني.

(الشرح)

 هذا يشتمل على مسألتين:

المسألة الأولى: استحباب النطق بالنية.

المسألة الثانية: الاشتراط.

أما استحباب النطق بالنية، فأن يقول: اللهم إني أريد الحج فيسره لي، اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي. وإلى هذا ذهب كثير من الفقهاء الحنابلة والشافعية والمالكية وغيرهم، قالوا: يستحب أن ينطق بالنية ويتلفظ بها، فيقول: اللهم إني نويت نسك كذا، اللهم إني أريد الحج فيسره لي، اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي.

وذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أنه لا يستحب النطق بالنية بل إنه بدعة؛ لأنه لم يرد عن النبي ﷺ أنه تلفظ بالنية لا في الحج ولا في غيره، فلا يجوز أن يقول: نويت أن أصلي الظهر خلف هذا الإمام أربع ركعات، أو نويت أن أصوم هذا اليوم من رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أو نويت الحج حج الفريضة، وغيره. يقول: إن هذا بدعة وليس عليه دليل، ولكن يذكر نسكه في التلبية يقول :لبيك عمرة وحجاً، لبيك حجاً، لبيك عمرة، فيذكر نسكه في تلبيته، لا أن يتلفظ بالنية فيقول: اللهم إني نويت الحج. والفقهاء المتأخرون يقولون: أنه يستحب أن ينطق بالنية حتى يتواطأ القلب واللسان، حتى في الصلاة، والحنابلة وغيرهم يقولون: يستحب أن ينطق بما نواه، وهذا الاستحباب لا دليل عليه، يقول حتى يتواطأ القلب واللسان، معنى هذا لا يشترط  باللسان أن يقول نويت الحج وإنما يذكر في تلبيته يقول : لبيك عمره لبيك حجاً.

المسألة الثانية الاشتراط (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني)  مفهوم كلام المؤلف: أن كل أحد -حاج أو معتمر- يستحب له أن يشترط، والقول الثاني: أنه لا يشترط إلا من كان خائفاً، فليس كل أحد يشرع له الاشتراط، فإذا اشترط وهو ليس بخائف فلا ينفعه، والدليل على هذا: أن النبي ﷺ لم يشترط ولا أمر الصحابة أن يشترطوا، لكن فعلته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عمه فقالت: (يا رسول الله! إني أريد الحج وأنا شاكية -يعني: مريضة- فقال: حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما اشترطت. فدل هذا على أن الاشتراط إنما هو لمن كان خائفاً، خائفا من عدم الإتمام لكونه مريضاً، أو يخشى من يصده عن البيت فيشترط، وفي هذه الحالة يتحلل ولا شيء عليه، أما إذا لم يكن خائفاً فإنه يحسن الظن بالله ولا يشترط؛ لأن النبي ﷺ لم يشترط ولا الصحابة ولا أمرهم أن يشترطوا.

(السؤال)

ما رأيك عفا الله عنك في الاشتراط في هذه الأيام مع كثرة الحوادث ، مستحب؟

(الجواب)

لا لأن الحوادث كثيرة حتى في زمن النبي ﷺ، فرجل سقط عن راحلته وهو واقف بعرفة، هذا حادث من الحوادث.

(المتن)

وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران.

(الشرح)

هذه أنواع النسك الثلاثة: الإفراد والتمتع والقران. التمتع: هو أن يحرم بالعمرة وحدها، ثم يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، ثم يحرم بالحج في اليوم الثاني، العمرة منفصلة عن الحج في التمتع. أما القران: فيلبي المحرم بهما جميعاً من الميقات، يقول: لبيك عمرة وحجاً، ولا يتحلل من إحرامه إلى يوم العيد، تتداخل أعمال العمرة مع أعمال الحج. والمفرد لا ينوي إلا نسكاً واحداً فقط، أي: ينوي الحج ولا ينوي العمرة، ويبقى على إحرامه إلى يوم العيد. وأعمال المفرد مثل أعمال القارن سواء لا فرق بينهما إلا في النية والهدي، فالقارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه.

(السؤال)

(37:54) إلى (38:00)

(الجواب)

 ولو أن امرأة خشيت أن ينزل عليها الدم ورفقتها لم يبقوا معها، فاشترطت، فهل تصير محصورة شرعاً ، بهذا أفتى جمع من أهل العلم. والدليل على صحة الإهلال بواحد من الأنساك الثلاثة حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (أهللنا مع رسول الله ﷺ فمنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بحج، ومنا من أهل بالعمرة، وكنت ممن أهل بالعمرة)، فذكرت أنواع النسك الثلاثة الإهلال بالحج والعمرة، الإهلال بالعمرة ، والإهلال بالحج وحده ، ذكرت أنواع النسك الثلاث التمتع والإفراد والقران.

(المتن)

وأفضلها التمتع ثم الإفراد ثم القران.

(الشرح)

 قوله: (وأفضلها التمتع)؛ لأن كل نسك منفرد مستقل عن النسك الثاني،  لأن فيه زيادة عمل، فالمتمتع عليه طوافان وسعيان، طواف وسعي للعمرة وطواف وسعي للحج، هذا هو  الأفضل؛ وهو الذي أمر به النبي ﷺ أصحابه، ثم يليه الإفراد على ما أتى به المصنف. وقيل: أحسنه القران؛ لأنه فعل النبي ﷺ؛ ولأنه يأتي بنسكين، ثم الإفراد، على خلاف في الأفضل منهما لكن التمتع أفضل، ثم القران بعده؛ لأنه يأتي فيه بنسكين، ثم الإفراد.

(المتن)

والتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج في عامه.

(الشرح)

 هذه صورة التمتع، أن يحرم بالعمرة ثم يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ويبقى في المكان، فإذا جاء يوم العيد أحرم بالحج هذا التمتع.

(المتن)

والإفراد: أن يحرم بالحج وحده.

(الشرح)

الإفراد :يكون بالحج فقط ويبقى على إحرامه إلى يوم العيد .

(المتن)

والقران: أن يحرم بهما أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج.

(الشرح)

إذاً: القران: أن يحرم بالحج والعمرة، ويقول: لبيك عمرة وحجاً، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج، فيبقى على إحرامه إلى يوم العيد.

(المتن)

قال عفا الله عنك.

ولو أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة لم ينعقد إحرامه بالعمرة.

(الشرح)

نعم هكذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية لو أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة لم ينعقد إحرامه بالعمرة. لا ينعقد؛ لأنه تلبس بالحج.

(المتن)

فإذا استوى على راحلته لبى فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ويستحب الإكثار منها.

(الشرح)

 معنى: (فإذا استوى على راحلته لبى) هذا هو الأفضل للمسلم، أن يلبي إذا ركب مركوبه، وكذا إن ركب سيارة يلبي؛ لأن النبي ﷺ إنما لبى بعدما استوى على راحلته، هذا هو ثابت عنه في الأحاديث الصحيحة. وجاء في الحديث: أنه ﷺ لبى بعد الفريضة قبل أن يركب، لكنه حديث ضعيف؛ لأنه من رواية قصي عن ابن عباس ، وقصي ضعيف. وجاء في حديث جابر : أنه لبى على البيداء. والصواب: أنه أحرم ثم لبى بعد ما ركب، فسمعه قوم فأخبروا أنه لبى بعد ما ركب، ولما استوى على البيداء سمعه قوم يلبي ولم يسمعوه لبى أولاً، فقالوا: إنه لبى على البيداء. فالأفضل أن يلبي الإنسان بعدما يركب دابته، وإن لبى فلا بأس، لكن الأفضل أن يلبي إذا ركب سيارته؛ لأنه قد يحتاج شيئاً قد ينسى شيئا، أو قد يحتاج إلى الطيب، فإذا ركب ومشى في الغالب أنه يكون متجهزاً، ولا حاجة له بشيء، والأمر في هذا واسع. ويستحب أن يكرر التلبية في كل وقت.

ومعنى: لبيك اللهم لبيك أي: نجيبك يا الله إجابة بعد إجابة، ومعنى: لا شريك لك أي: لا شريك لك في الألوهية والعبادة، كما أنه لا شريك لك في الملك ولا في الربوبية. ومعنى: إن الحمد والنعمة لك جملة اسمية إثبات الحمد، للاستغراق الحمد ملك لله إن جميع أنواع المحامد لله ملكاً واستحقاقاً، وكذلك النعمة بيده سبحانه، وكذا الملك: هو ملك الله سبحانه وحده لا شريك له، فهذه تلبية عظيمة يكررها الحاج والمعتمر، ولاسيما إذا اختلفت الأحوال. فإذا هبط وادياً أو علا نشزاً، أو أقبل ليلاً أو أدبر نهاراً، أو التقى بالرفاق، أو سمع ملبياً، أو فعل محظوراً ناسياً، تتأكد في مثل هذه الأحوال.

(المتن)

ويستحب الإكثار منها ورفع الصوت بها لغير النساء.

(الشرح)

 رفع الصوت بها إنما هو للرجال،كان الصحابة يصرخون بها صراخا وجاء في حديث خلاد بن السائب عن النبي ﷺ قال: أمرني ربي أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم في الإهلال، فكان الصحابة يصرخون بها صراخاً. أما المرأة فلا تجهر بها، وتلبي بقدر ما تُسمع رفيقتها التي بجوارها؛ لأنه قد يخشى أن يفتن أحد بصوتها.

(المتن)

وهي آكد فيما إذا علا نشزاً أو هبط وادياً.

(الشرح)

نشزاً، يعني : مرتفعاً أو هبط واديا كل هذا يستحب يتأكد بالتلبية إذا ارتفع أو هبط نعم

(المتن)

أو هبط وادياً أو سمع ملبياً، أو فعل محظوراً ناسياً، أو لقي ركباً، وفي أدبار الصلاة المكتوبة، وبالأسحار، وإقبال الليل والنهار.

(الشرح)

كذلك في أدبار الصلاة المكتوبة كصلاة الظهر والعصر، وفي الأسحار ،لأنهم في السابق كانوا يحرمون يومين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة، أما الآن فالمحرم وقته أقل من ساعة، لكن في السابق كانت المواصلات شاقة. كما أحرم النبي ﷺ من ميقات المدينة في اليوم الخامس والعشرين ولم يصل مكة إلا في الرابع من ذي الحجة، فمضت في إحرامه تسعة أيام عليه الصلاة والسلام.

(المتن)

وإقبال الليل والنهار.

(الشرح)

كذلك كل هذه المواضع يستحب التلبية فيها نعم.

(السؤال)

(46:13) إلى (46:18)

(الجواب)

الأفضل بقاؤه في مكة، لكن لو ذهب إلى المكان قريب لا بأس، لكن إن تجاوز الميقات لا بد أن يرجع له ويحرم .

(السؤال)

ولو لم يكن بالسيارة واحدة، التلبية الجماعية؟

(الجواب)

لا السنة فرادى كل يلبي وحده، فلا تشترط التلبية الجماعية ، الإفراد بالصوت الواحد وليس مجتمع.

(السؤال)

(46:43) إلى (46:48)

(الجواب)

إذا كان بنفس الوادي لا بأس،إن خارج الوادي ، فلا .

(السؤال)

(46:52) إلى (46:55)

(الجواب)

اجتهاد، اجتهاد حتى يكثر العمار والزوار، حتى يأتي بالحج في وقت والعمرة في وقت وهذا اجتهاد منهم .

(السؤال)

(47:02) إلى (47:05)

(الجواب)

الصواب إن كان ناسي فيعذر قال: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا

(المتن)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وبارك الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، رفع الله قدره قال الإمام أبو محمد الموفق رحمه الله تعالى:

باب محظورات الإحرام:

وهي تسعة: حلق الشعر، وقلم الظفر، ففي ثلاثة منها دم، وفي كل واحد مما دونه مد طعام وهو ربع الصاع.

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب محظورات الإحرام). الممنوعات التي منع منها المحرم، فالمحظور الممنوع. وعقد هذا الباب للأشياء التي يمنع منها المحرم، والمحرم وهو الذي دخل في الإحرام، والإحرام: هو النية نية الدخول في النسك، فإذا نوى الدخول في النسك في حج أو عمرة فإن هناك محظورات ممنوعات يمنع منها من دخل في الإحرام، يقال لها محظورات الإحرام وهي ممنوعات الإحرام وهي تسعة أشياء يمتنع عنها المحرم، وهي: أخذ شيء من الشعر، وأخذ شيء من الظفر، ولبس المخيط، وتغطية الرأس، والطيب، والصيد، وعقد النكاح، والجماع، والمباشرة، وهي دون الجماع. وهذه تسعة أشياء تحرم على المحرم إذا دخل في الإحرام وعرفت بالاستقراء والتتبع للنصوص، ليس هناك نصوص عدها أنها تسعة لكن العلماء عدوها استقراؤها وتتبعوها وجمعوها من النصوص ولهذا قال المؤلف وهي تسعة مأخوذة من النصوص بالتتبع والاستقراء .

(المتن)

وهي تسعة: حلق الشعر وقلم الظفر.

(الشرح)

 حلق الشعر هو المحظور الأول، والمحظور الثاني قلم الظفر. ولو قال في إزالة الشعر، لكان أحسن؛ لأن الممنوع هو إزالة الشعر سواء أكان بحلق أم بغيره كنتف أو مزيل من صابون أو أدهان تزيل الشعر، فهذا كله ممنوع، المحرم ممنوع من إزالة الشعر سواء كان بحلق أو نتف أو قص أو إزالة والدليل لقول الله تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وإن كان هذا في المحصر فكذلك المحرم. ومن الأدلة أيضاً: أن كعب بن عجرة لما كان محرماً وقد شق عليه ما أصابه شدة من القمل قال له النبي ﷺ: يؤذيك هوام رأسك؟ قال: نعم، قال: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك شاة. دل هذا على أن المحرم ممنوع من حلق الرأس، وإذا احتاج إليه فإنه يفعل المحظور ويفدي.

والشعر عند العلماء عام، يدخل فيه شعر الرأس وشعر الجسم، وخالف داود الظاهري فقالوا: إنه خاص بالرأس؛ لأن هذا هو الذي يتعلق به النسك. وعند العلماء عام لا يستثنى شيء لا يزال شعر الرأس والجسم لا الإبط ولا العانة ولا غيره. 

(المتن)

حلق الشعر وقلم الظفر.

(الشرح)

قال هذا مقيس عليه، والباقي كلها مقيس عليها، دليل القياس بجامع الترف. والدليل ما جاء في حلق الشعر في حديث كعب بن عجرة كفارة في حلق الشعر تسمى فدية الأذى. حلق الرأس ورد فيه النص أما أخذ الظفر فهو بالقياس على حلق الشعر وأما تغطية الرأس فقد ورد فيه نص، وأما لبس المخيط والطيب فكل هذه مقيسة عليه، فحلق الشعر هو الأصل، ثم تقليم الأظفار ولبس المخيط والطيب وتغطية الرأس هذه كلها مقيسة عليه بجامع الترفه، لكن تغطية الرأس فيه نص، والعلماء يقولون: الأصل دفع الأذى، والبقية مقيسة عليها،خمسة، وأما قتل الصيد وعقد النكاح ففيها أدلة خاصة. فالخمسة المقيس عليها كلها فيها فدية أذى، أي: إذا فعل واحداً منها محتاجاً فعليه الفدية وليس عليه إثم، فإن فعلها غير محتاج فعليه فدية وإثم وعليه التوبة والاستغفار.

(المتن)

ففي ثلاثة منها دم، وفي كل واحد مما دونه مد طعام، وهو ربع الصاع.

(الشرح)

يعني: إذا فعل محظوراً، إزالة ثلاث شعرات ففيه دم، أو قلم ثلاثة أظفار على الأقل ففيه دم أيضاً، والمراد بالدم: شاة يذبحها. والدليل في هذا أقل الجمع ، أقل الجمع ثلاث شعرات، والرواية الأخرى: أن أربع شعرات فيها دم،وكذلك في أربعة أظفار، وهذا اجتهاد ليس عليه دليل. والأقرب أن ثلاث شعرات ليس فيها دم، وإنما عليه الاستغفار، وإنما يتعلق الدم بما يماط به الأذى أيضاً، وبعضهم قيده بربع الشعر أو بثلثه، أما الشعرات الثلاث فيه دم هذا من باب الاجتهاد ، أقل الجمع ثلاثة عندهم وإن أزال شعرة واحدة فعليه أن يطعم مسكيناً، وفي شعرتين مسكينين، وثلاث شعرات دم، وإن قلم ظفراً واحداً ففيه إطعام مسكين، وظفرين مسكينين، وفي ثلاثة دم ،شاة يذبحها، ومن العلماء من قال: إن أخذ ظفراً يفضل الطعام ، وكذلك في الشعرة الواحدة. وعلى كل حال فهذا اجتهاد من العلماء، وقد ثبت أن النبي ﷺ احتجم في رأسه وهو محرم، ومن المعلوم أنه لا بد أن يأخذ شيئاً من شعر رأسه، ولم ينقل: أن النبي عليه الصلاة والسلام فدى، ويحتمل أنه فدى لكنها شعرات قليلة، وهي أكثر من ثلاث شعرات يقيناً.

(السؤال)

 إذا دخل في عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ ؟

(الجواب)

نعم إذا دخل عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره لحديث أم سلمة في صحيح مسلم : إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من أظفاره شيئاً. لا من الشعر ولا من الظفر ولا من البشرة .

(السؤال)

(54:42) إلى (54:54)

(الجواب)

وأما المحرم ففيه حديث كعب بن عجرة أنه لا يأخذ من شعره، والتقليم مقيس عليه، وهذا يؤيد حكم المحرم؛ لأنه إذا كان من يضحي لا يأخذ من ظفره ولا من بشرته، فالمحرم من باب أولى.

(المتن)

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

وإن خرج في عينه شعر فقلعه، أو نزل شعره فغطى عينه، أو انكسر ظفره فقصه؛ فلا شيء عليه.

(الشرح)

لأن هذا من باب إزالة الأذى، فإذا نزل في عينه شعر فأزاله، أو انكسر ظفره فأزاله، فهذا يشبه الصائل على الإنسان فيدفعه عن نفسه، ويكون معذوراً، وكذلك الشعر إذا نزل في العين  والظفر إذا انكسر يزيله ولا شيء عليه؛ لأن هذا من المستثنى.

(المتن)

الثالث: لبس المخيط إلا ألا يجد إزاراً فيلبس سراويل، أو لا يجد نعلين فيلبس خفين ولا فدية عليه.

(الشرح)

الثالث من المحظورات: لبس المخيط وهذا خاص بالرجل، فلا يلبس ثوباً ونحوه، إلا إذا لم يجد ثوباً فإنه يلبس السروال، وكذلك لا يلبس الخفين، والمراد بهما: ما يغطي الكعبين إن كانت من جلد لا يغطي الكعبين، أما ما دون الكعبين فهذا حكمه حكم النعل، لكن إذا كان يغطي الكعبين فلا يلبسه. فإن لم يجد فإنه يلبس الخفين، وفي بعض الأحاديث أنه يقطعهما أسفل من الكعبين، وفي حديث آخر لا يقطعهما، اختلف العلماء فيهما، فالنبي ﷺ قال في خطبته في المدينة: من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، وقال أيضاً في حجة الوداع: فليلبس خفين، ولم يقل: وليقطعهما. فاختلف العلماء في ذلك:

فالجمهور ذهبوا إلى حمل المطلق على المقيد، فقالوا: لا بد أن يقطعهما.

وقال آخرون: هذا يدل على أن القطع منسوخ؛ لأنه خطب في حجة الوداع ولم يذكر القطع، وحضرها من لم يحضر في المدينة.

ومنهم من حمل القطع على الاستحباب بترك القطع على الجواز. قالوا: ويؤيد عدم القطع: أن فيه إضاعة لماليتها، والإسلام نهى عن إضاعة المال، فمن لم يجد نعلين فليلبس الخفين ولا حرج ولا يقطعهما، وكذلك من لم يجد ثوباً فيلبس السروال، وهذا مخرج لبعض الناس ترد أسألة كثيرة من بعض الحجاج وذلك أنهم يأتون للحج على الطائرات، فإذا حاذوا الميقات وأرادوا أن يحرموا وأزرهم وأرديتهم في الشنطة، وليست معهم، فيؤخرون الإحرام حتى يهبطوا من الطائرات وهذا غلط، فالمخرج للمسلم في مثل هذا أن يخلع ثوبه ويلبس السروال ويضع الثوب المخيط على الكتفين ويحرم، ويكون معذوراً في هذا حتى يصل فيأخذ الإزار والرداء؛ لأنه في هذه الحالة لم يجد إزاراً فيلبس السروال. وكذا إن لم يجد نعلين فيلبس الخفين، ولا شيء عليه، وهذا هو الصواب. والسروال يكون من السرة إلى الركبة. والثوب لا بد أن يكون طويلاً، يكفي لأن يتزر به. ويجعل الغترة على الكتف.

(المتن)

الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه.

(الشرح)

الدليل على هذا ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً سأل النبي ﷺ: ما يلبس المحرم؟ قال: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف ولا شيء مسه زعفران أو ورس، ومن لم يجد إزاراً فيلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليبس الخفين. وهذا أصل في حظر لبس المخيط على المحرم، ونلاحظ فيه أن السائل سأل النبي ﷺ عما يلبس المحرم فأجابه بالشيء الذي لا يلبسه؛ لأن الذي لا يلبسه المحرم محصور، والذي يلبسه غير محصور. ومعنى القميص في قوله: لا يلبس القميص ما خيط على قدر الجسم، أو ما يخيط على قدر عضو من أعضائه، كالقفازين والفنيلة والسروال. ومعنى: العمائم التي على الرأس، ومعنى: البرانس الثياب المغربية التي لها رؤوس متصلة بها، والسراويل والخفاف وما مسه زعفران أو ورس، شيء مسه الطيب، هذه كلها لا يلبسها المحرم الرجل، وكذا لا يلبس القميص ولا العمائم ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف ولا شيء فيه زعفران أو طيب. وليس في الحديث ما جاء على أنه لا يلبس المخيط، لكن الفقهاء عبروا عما في الحديث فقالوا: لا يلبس المحرم المخيط، ولما عبروا بهذا التعبير حصل إيهام لبعض الناس، وصار يظن بعض الناس أن المراد أن لا يلبس شيئاً فيه خياط، فيأتي إلى الإزار أو الرداء وفيه شيء من المخيط فيقول: هذا فيه خياط، وكذا إن كان الحذاء فيه خياط يستشكل ذلك ويظنه ممنوعاً. وليس المراد مجرد الخياط، فالإزار والرداء لو قطعتهما أربع قطع وخطتهما فلا بأس، المراد لا يلبس المحرم ما خيط بقدر العضو، أما القميص العادي الذي لو خلعته وقلبت أعلاه أسفله وأسفله أعلاه وجعلته رداء أو إزاراً فلا بأس بلبسه ولو كان فيه خياط. فعبارة: لا يلبس المخيط، ليست من كلام النبي ﷺ، وإنما العلماء عبروا بها عن حديث: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف ولا شيء مسه الورس والزعفران. فعبر العلماء قالوا لا يلبس المخيط ، فأشكل هذا على بعض الناس بعض العامة، وصاروا يظنون أن المراد بالمخيط الخياط، فيتحرزون من كل ما فيه خيط حتى الكمر قد يقول أحدهم: فيه خياط فلا ألبسه، وهكذا .

(المتن)

الثالث: لبس المخيط إلا ألا يجد إزاراً فليلبس سراويل، أو لا يجد نعلين فليلبس خفين، ولا فدية عليه.

(الشرح)

لا فدية إن قطعهما أسفل من الكعبين، وقد ورد حديثين أحدهما فيه الأمر بالقطع، والثاني ليس فيه أمر بالقطع، والمؤلف اختار إلى عدم الأمر بالقطع وهو الصواب. أما القاطع فلأنه إما منسوخ، أو أن الأمر بالقطع محمول على الاستحباب. والجمهور يرون حمل المطلق على المقيد ويقولون: لا بد من القطع للقاعدة الأصولية: يحمل المطلق على المقيد.

(المتن)

الرابع: تغطية الرأس والأذنان منه.

(الشرح)

الرابع تغطية الرأس وهذا خاص بالرجل، وأما المرأة فإنها تلبس ما شاءت؛ لأنها عورة، ولا تلبس ما يلفت أنظار الرجال إليها. والدليل على أن هذا من المحظور على المحرم قول النبي ﷺ في الرجل المحرم الذي سقط عن دابته: لا تخمروا رأسه ولا وجهه؛ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً. فدل هذا على أن المحرم لا يغطي رأسه ، ولما رأى ابن عمر رجلاً مغط على رأسه فقال: (اضح لمن أحرمت له)، ومعنى: (اضح) أي: اجعل رأسك ضاحياً بارزاً، وهذا خاص بالرجل أما المرأة فإنها تغطي رأسها؛ لأنها عورة وتغطي وجهها .

وإذا فعل الناسي المحظور فالصواب أنه معذور، وكذلك الجاهل وكذلك المكره، والحنابلة كما سيأتي يفرقون بين بعضها، تقليم الأظفار والصيد والنتف والوطء والحلق هذه عندهم لا يعذر فيها الجاهل والناسي سواء؛ لأن فيها إتلافاً، أما تغطية الرأس والطيب ولبس المخيط فيعذر فيها للجهل، والصواب: عدم التفريق.

(السؤال)

الملاصق وغير الملاصق في تغطية الرأس؟

(الجواب)

المراد الملاصق ،وفي المذهب الملاصق وغير الملاصق سواء،والصواب: أنه يمنع الملاصق فقط، ما إذا كان يستظل بسقف السيارة أو شجرة أو خيمة أو ثوب؛ لأن النبي ﷺ لما رمى جمرة العقبة كان بلال وأسامة يظللانه بثوب، فدل على أن التظليل لا يعتبر تغطية للرأس، فيستظل بثوب أو بشجرة أو بسقف السيارة أو بالخيمة أو بالشمسية فلا بأس، خلافاً لمذهب الحنابلة، فهم لا يفرقون بينهم ، وبعضهم يفرق بين من يستظل بشيء يتحرك بحركته كالشمسية وما لا يتحرك، فالخيمة والشجرة لا تتحرك بحركته، أما الشمسية فإنها تتحرك فلا يجوز أن يستظل بها، والصواب: أن الممنوع منه هو الملاصق.

(السؤال)

 بعض الناس قد يضع على وجهه شيئاً حتى لا تصل إليه الروائح الكريهة.

(الجواب)

 فهذا الأولى له ألا يضع على وجهه شيئاً، بل يكشف وجهه ، وقد يقع في ذلك إذا اضطر إليه، لكن ينبغي تركه؛ لأن فيه تغطية لبعض الوجه.

(المتن)

والأذنان منه.

(الشرح)

وذكر الأذنان أيضاً مثل تغطية الرأس.

(المتن)

الخامس: الطيب في بدنه وثيابه.

(الشرح)

الخامس من المحظورات: الطيب في بدنه وثيابه وطعامه وشرابه، حتى الطعام والشراب، فشرابه مثلاً الزعفران نوع من الطيب؛ فلا يشرب المحرم قهوة فيها زعفران؛ لأنه نوع من الطيب.

والدليل حديث ابن عمر الذي قال فيه النبي ﷺم: ولا تلبسوا شيئاً مسه زعفران أو ورس، وهما نوعان من الطيب، ولقول النبي ﷺ في الذي سقط عن راحلته: ولا تحنطوه، والتحنيط نوع من الطيب، فلا تطيبوه: فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً، هذان دليلان على أن المحرم لا يستعمل الطيب، ولا يمس الزعفران في بدنه أو في ثيابه أو في أكله أو في شربه.

(السؤال)

(01:08:58) إلى (01:09:19)

(الجواب)

والطيب هو ما يستعمل بالشم مثل العود والعنبر والكافور والزعفران وماء الورد، أما ما له رائحة طيبة كالأزهار فلا يعتبر طيباً وكذا الأشنان والصابون، هذا في الظاهر ليس بطيب، لكن تركه احتياطاً أولى.

(المتن)

السادس: قتل الصيد، وهو ما كان وحشياً مباحاً.

(الشرح)

هذه ستة الآن ، حلق الرأس، أخذ الشعر ،تقليم الأظفار، ولبس المخيط ، والطيب هذه الخمسة إذا فعل واحداً منها متعمداً ذاكراً مختاراً فعليه فدية، فالذاكر ضد الناسي، والمختار ضد المكره، والعالم ضد الجاهل، فمن فعلها محتاجاً إليها فعليه فدية ولا إثم عليه للحاجة، كأن يكون مريضاً يحتاج إلى حلق الشعر، أو فيه جروح في رأسه حتى يداويها، أو يحتاج إلى تغطية الرأس؛ لأنه في البرد ولا يتحمل، فيلبس وعليه الفدية. أما إذا فعلها عالماً ذاكراً مختاراً ليس محتاجاً فهذا عليه فدية وعليه الإثم وعليه التوبة والاستغفار، فإن فعلها محتاجاً فعليه الفدية ولا إثم عليه. والفدية على التخيير، يخير بين إطعام ستة مساكين لكل مسكين كيلو ونصف من قوت البلد، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام؛ لقول النبي ﷺ لـكعب بن عجرة لما حلق رأسه: انسك شاة، أو أطعم ستة مساكين، أو صم ثلاثة أيام، هذا في هذه الخمسة التي مضت، أما الأربعة البقية فلها أحكام أخرى. وهذه الخمسة الماضية إذا فعل واحداً منها ناسياً فلا شيء عليه، وكذا إذا فعل واحداً منها جاهلاً فلا شيء عليه إذا فعل واحد منها مكرهاً فلا شيء عليه . هذا هو الصواب. والمذهب أنه ولو كان ناسياً فعليه فدية، والقول الثاني: أنه يفرق بين ما فيه إتلاف وما ليس فيه إتلاف، فما فيه إتلاف مثل: حلق الشعر، لا يعذر فيه الجاهل ولا الناسي عندهم، وما ليس فيه إتلاف مثل تغطية الرأس يعذر. تقليم الأظفار فيه إتلاف حلق الشعر فيه إتلاف الصيد فيه إتلاف ما يعذر. هذا قولهم كذلك لا يعذر والباقي يعذر والصواب: أنه يعذر الناسي والجاهل ولا فرق بين ما فيه إتلاف وما ليس فيه إتلاف، لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قال الله: قد فعلت. ولقصة الرجل الذي لبس الجبة المضمخة بالطيب، وجاء يسأل النبي ﷺ فسكت ولم يجبه، حتى نزل الوحي فقال: أين الرجل فجاء فقال: انزع عنك الجبة، واغسل الطيب، ولم يلزمه بالفدية وذلك لأنه جاهل، فدل على أنه معذور.

(السؤال)

والفدية إما أن يعجل بها أو يؤخرها إلى نهاية الحج.

(الجواب)

 هي في ذمته، لكن إذا كان في مكة يكون الإطعام فيها إن اختاره، والذبح كذلك لا بد أن يكون في مكة، وأما الصيام ففي أي مكان.

(المتن)

السادس: قتل الصيد، وهو ما كان وحشياً مباحاً، وأما الأهلي فلا يحرم، وأما صيد البحر فإنه مباح.

(الشرح)

 لا بد أن يكون الصيد وحشياً مباحاً، ومعنى وحشياً، أي: متوحشاً، سواء أكان طيراً أم غيره، كالغزال والنعامة والحمام وبقر الوحش وحمار الوحش فهذا صيد. أما إذا كان في صيد لكنه أهلي فهذا ليس فيه شيء مثل الدجاج؛ ومثل بهيمة الأنعام: البقر والإبل والغنم، ولا بد أن يكون مباحا مباح الأكل ، فإن كان محرماً أكله فلا، فلو صاد ذئباً أو ثعلباً فهذا ليس فيه شيء؛ لأنه ليس مباحاً، فلا بد أن يكون صيداً وحشياً مباحاً. صيد وحشي مباح ، ولو صاد غزالاً ورباه عنده وصار متأهلاً فالعبرة بالأصل، يعتبر صيداً، كما أنه لو تمردت الدجاجة وصارت تطير ثم صادها ورماها فالعبرة بالأصل فهي ليست متوحشة.

(المتن)

وأما صيد البحر فإنه مباح.

(الشرح)

صيد البحر لا بأس به؛ لقول الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا، فالمحرم إنما هو صيد البر، أما صيد البحر فإنه مباح. وإذا صاد ما تقدم ففيه جزاؤه.

والصيد نوعان:

النوع الأول: ما له مثل.

والثاني: ما لا مثل له.

فما له مثل عليه ما يشبهه من بهيمة الأنعام، وهذا ما قضى به الصحابة رضوان الله عليهم، وبعضها فيها نقص، ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: في الضبع كبش، والحمامة قضى فيها بشاة؛ لأنها تشبه الشاة في عب الماء، والنعامة فيها بدنة؛ لأنها تشبه البعير في طول الرقبة، والمراد نوع من الشبه، فما قضى يه الصحابة بما له مثل بالمثل، وما ليس له مثل فإنه يقوم ثمنه عليه الثمن بتقويم عدلين ثقتين يقومانه. فإذا قوم فإنه يخير بين إخراج القيمة أو يطعم به يشتري به طعام أو يطعم كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً، يخير بين الصيام والإطعام، كما قال تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ. يأتي كلام المؤلف رحمه الله تعالى أن ما له مثل يخير بين إخراج المثل أو يشتري بقيمته طعاماً ويطعم كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً. والذي ليس له مثل يخير بين الإطعام والصيام بعد أن يقوم قيمته، مثلاً: صاد صيداً ليس له مثل وقومه ثقتان عدلان مثلاً بألف ريال، نقول اشتر بألف ريال طعاماً براً ، وأطعم كل مسكين نصف صاع. فقدر الطعام فوجد أنه يكفي لمائة مسكين مثلاً فيقدر مئة مسكين، ونقول: عليك أن تشتري طعاماً وتطعم كل مسكين نصف صاع، أو تصوم مئة يوم عن كل يوم مسكينا. لك الخيار أما تشتري وتطعم أو تصوم يوم عن كل مسكين مثلاً . قضى به الصحابة وشبهوها بها فما قضى به الصحابة يرجع فيه إلى قضائهم، وما لم يقض فيه الصحابة يرجع فيه إلى تقويم عدلين. والحمام في الحرم الآن ممنوع منه، والدجاج ليس بممنوع منه في مكة، فتذبح الدجاج لكن لا تذبح الحمام؛ لأن الحمام صيد والدجاج ليس بصيد ، يغلظ الحظر يعتبر بري نعم.

(المتن)

السابع: عقد النكاح حرام ولا فدية فيه.

(الشرح)

السابع من المحظورات هو (عقد النكاح)، لما ثبت في الحديث الصحيح عن عثمان عن النبي ﷺ قال: لا ينكح المحرم ولا ينكح. قوله: لا ينكح أي: لا يتزوج هو، ولا ينكح أي: لا يزوج غيره، فلا يتزوج هو بنفسه ولا يزوج غيره، فلا يعقد لابنته وهو محرم، ولا يكون شاهداً أيضاً، أي: لا يشهد في النكاح. لا يتزوج هو ولا يزوج غيره ،فإن فعل فالنكاح فاسد وعليه التوبة والاستغفار، وليست عليه فدية، والعقد فاسد، ويجدد بعد ذلك يعاد. وليس عليه شيء ، أما الرجعة فلا بأس أن يراجع الإنسان زوجته؛ لأن هذا إمساك، وهو محرم فله أن يراجع زوجته، ولو كان قد طلقها قبل الإحرام ثم أحرم فراجعها فلا بأس؛ لأن الرجعة ليست نكاحا وإنما هي إمساك.

(المتن)

الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج.

(الشرح)

قدم المؤلف المباشرة، وغيره قدم الجماع، والمباشرة يعني: الجماع دون الفرج، فهذا من المحظورات أيضاً، ولكنه لا يبطل الإحرام ولا الحج، وإنما عليه التوبة والاستغفار، وإذا لم ينزل عليه شاة. وإن أنزل عليه بدنة .

(المتن)

فإن أنزل بها فعليه بدنة وإلا ففيها شاة وحجه صحيح.

(الشرح)

إذا باشر زوجته فيما دون الفرج وأنزل فعليه بدنة ،بعير، قياساً على الجماع، وإن لم ينزل فعليه شاة، والصواب: أنه لا يجب عليه إلا الشاة في الأمرين إذا كان متعمداً، وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد وهو الصواب؛ لأن المباشرة ليست كالجماع، وقياسه على الجماع قياس مع الفارق. وقال بعضهم: إذا أنزل فعليه شاة، وإذا لم ينزل فليس عليه شيء، عليه شاة مع التوبة بسبب المباشرة، والحج صحيح لا يفسد، سواء أكان هذا قبل التحلل الأول أم بعده، فما دام محرماً فعليه هذا، والتفصيل إنما يأتي في الجماع، أكان قبل التحلل الأول أو بعده؟ والخطبة أيضاً للمحرم ممنوع منها.

(المتن)

التاسع: الوطء في الفرج، فإن كان قبل التحلل الأول: فسد الحج، ووجب المضي في فاسده والحج من قابل، ويجب على المجامع بدنة، وإن كان بعد التحلل الأول: ففيه شاة ويحرم من التنعيم ليطوف محرماً.

(الشرح)

 هذا التاسع من محظورات الإحرام: الجماع وهو الوطء في الفرج، فإذا وطئ في الفرج مغيباً حشفته في الفرج فهذا فيه تفصيل، إن كان قبل التحلل الأول فله حكم، وإن كان بعد التحلل الأول فله حكم. والتحلل الأول يحصل عند أهل العلم بفعل اثنين من ثلاثة، وهي رمي جمرة العقبة يوم العيد، والحلق، والطواف مع السعي، طواف الإفاضة مع السعي، فإذا رمى وحلق، أو رمى وطاف، أو طاف وحلق، فقد تحلل التحلل الأول، أما الذبح فليس منها كما يظنه بعض العامة. فإذا فعل اثنين من هذه الثلاثة تحلل التحلل الأول، وإن فعل الثلاثة تحلل التحلل الثاني، فإذا رمى وحلق تحلل التحلل الأول، ولبس ثيابه وبقي عليه أشياء ولا تحل له زوجته إلا إذا طاف، فإذا رمى وحلق وطاف حلت له زوجته، وإذا رمى وطاف فعل اثنين بقي عليه الثالث وهو الحلق، وإذا حلق وطاف بقي عليه الرمي وهكذا. فإذا جامع زوجته قبل التحلل الأول أي: قبل أن يفعل اثنين من ثلاثة لزمه أربعة أمور: الأمر الأول: فساد حجه، الأمر الثاني: يجب عليه إكمال الحج الفاسد والمضي فيه، الأمر الثالث: وجب قضاء الحج من العام القادم، ولو كان نفلاً، الأمر الرابع: أن يذبح بعيراً، جزاء . فهذه كلها تجب على من جامع قبل التحلل الأول. وقلنا بقضاء الحج من العام القادم ولو كان نفلاً؛ لأنه لما دخل فيه صار واجباً عليه لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. أما فساد الحج والمضي فيه ووجوب البدنة فهذه واضحة. وأما قضاء الحج من العام القادم ففيه خلاف، والأقرب: أنه لا يجب إلا إذا لم يؤد فريضة الحج أو كان الحج نذراً، فإن كان نفلاً فلا يجب على الصحيح، والجمهور على أن هذا يجب على العامد وغير العامد. والدليل على وجوب البدنة قضاء الصحابة بذلك، وقالوا: إن الصحابة لم يفرقوا بين العامد وغير العامد، ولو كان ناسياً؛ لأن هذا من باب الإتلاف، والرواية الثانية عن الإمام أحمد : أن الناسي معذور وهذا هو الصواب. والجاهل الذي يجهل مثله، وكذا المكره، فهؤلاء معذورون، وإن كان هذا خلاف قول الجمهور، لكن الجمهور والمذهب على أنه لا يعذر، وقالوا: إن الصحابة لم يفرقوا بين العامد وغير العامد، فهو مثل قتل الصيد أيضاً، فسواء أكان القاتل مخطئاً أم غير مخطئ عامداً أم غير عامد فالكفارة تلزمه. وقالوا: إن المتعمد لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا، قالوا إن الله نص على المتعمد، وجاء في السنة بغير المتعمد. والقول الثاني: أن غير المتعمد معذور في هذا،  أما إذا جامع بعد التحلل الأول، بعد أن رمى وحلق وبقي عليه الطواف جامع؛ نقول: خفت الأحكام عليه.

 أولاً: لا يفسد الحج ..

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد