شعار الموقع

شرح كتاب إملائات ابن سعدي على عمدة الأحكام 01

00:00
00:00
تحميل
1

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

أما بعد فقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى في إملاءاته على كتاب عمدة الأحكام للحافظ الإمام عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى.

قال رحمه الله:

(بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين.

كتاب الطهارة

الحديث الأول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنية وفي روايةٍ بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.

قوله إنما الأعمال بالنيات أي لا يتصور العمل إلا بالنية).

قال الشيخ: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم. هذا الحديث كما هو معلوم مخرج في الصحيحين البخاري ومسلم رحمهما الله في الصحيحين أصح الكتب المصنفة. رويا هذا الحديث فهو متفقٌ عليه. وهذا الحديث قال بعض العلماء نصف الدين. لأنه يتعلق بالأعمال الباطنة. والنصف الثاني حديث عائشة في الصحيحين من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي قول لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. هذا نصف الدين لأنه يتعلق بالأعمال الظاهرة. فصار هذان الحديثان إنما الأعمال بالنيات نصف الدين. لأنه يتعلق بالأعمال الباطنة. وإنما الأعمال وحديث عائشة من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد هذا نصف الدين لأنه يتعلق بالأعمال الظاهرة.

قال رحمه الله: (قوله إنما الأعمال بالنيات أي لا يتصور العمل إلا بالنية وأما وجود صورة العمل من دون نية فلا يسمى عملا. وذلك كعمل النائم والمجنون. وأما العاقل فلا يتصور أن يعمل عملاً إلا بنية. ولهذا قال الموفق رحمه الله لو كلفنا الله عملاً من دون نية لكان من تكليف ما لا يطاق).

قال الشيخ: وهذا واضح. أن العمل لا يوجد إلا بالنية. من العاقل. العاقل لا يوجد له عمل إلا بالنية. ما يمكن أن يعمل عملاً، أنت الآن حينما تريد أن تذهب إلى المسجد. النية موجودة. وهي أن تذهب للمسجد للصلاة. ولا تستطيع أن تعمل عملاً بدون نية إذا أردت أن تذهب تزور فلان. النية موجودة نية الزيارة. إذا ذهبت للجامعة النية موجودة وهكذا. ولهذا قال كما قال الموفق لو كلفنا الله أن نعمل عملاً بلا نية لكن هذا التكليف بما لا يقال. لكن قد توجد صورة العمل بدون نية. فلا تعتبر مثل عمل اللاعب اللاعب قد يعمل قد يقرأ القرآن قد يذهب قد يتكلم هذا بدون نية. عمل المجنون كذلك. هذا قد يوجد هذا العمل في صورة العمل بلا نية لكن هذا لا عبرة به لا يعتبر. ما له ثواب ولا عليه عقاب لأنه رفع عنه القلم.

سؤال: والعادات؟

قال الشيخ: العادات الأصل أن هذا ليس له ثواب ليس عليه عقاب إلا إذا نوى بها إذا نوى بها نيّة العبادة أن تقوم بها على طاعة الله مثلا نام من أول اللّيل ليتقوى بها على قيام آخر اللّيل هذا صار عبادة، وكذلك أيضا يشتري حوائج الأولاد ثوابها أداء الواجب وإغناؤهم عن الناس وإن كانت النفقة واجبة لكن أيضاً صار لما استحضر النية صار له ثوابٌ آخر. فالمقصود من العادات تكون عبادات بالنية. وإذا لم يكون هناك نية تكون عادة لا له ولا عليه. إذا لم يكن فيها شيء محرم.

(وقوله وإنما لكل امرئ ما نوى أي على قدر نية الإنسان يحصل له الأجر إن خيراً فخير وإن شراً فشر. ومعنى النية القصد والإرادة ومحلها القلب. ولا يجب التلفظ بها لأي عملٍ كان بإجماع أئمة المسلمين).

قال الشيخ: النية معناها القصد والإرادة والقصد والإرادة محله القلب أمر خفي. ولهذا لا يجوز للإنسان أن يتدخل في النية فيقول فلان قصده كذا. أو رأيت كذا إلا بدليل. فالتدخل في النيات بعض الناس يقول فلان يعمل كذا رياء. فلان يعمل كذا قصده كذا وكذا بدون دليل. هذا لا يجوز التدخل في النية إلا إذا وجد قرينة أو تكلم الشخص قال أريد كذا نعم، فالنية هي الإرادة والقصد ومحلها القلب ولا يجوز التلفظ بها.

(ولا يجب التلفظ بها لأي عملٍ كان بإجماع أئمة المسلمين. لكن استحب بعض المتأخرين من أئمة الشافعية التلفظ بها. والصحيح أن التلفظ بها بدعة).

قال الشيخ: يعني لا يجوز أن تتلفظ. بعض المتأخرين أصحاب التلفظ يقول ليتواطأ القلب واللسان على النية. فيقول مثلاً إذا أردنا الوضوء نويت أن أتوضأ لصلاة المغرب مثلاً نويت أن أصلي بعض الناس يسمعه إذا أراد أن يصلي فرض المغرب ثلاث ركعات خلف هذا الإمام. نويت أن أصوم هذا اليوم من رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. هذا والصواب أن هذا بدعة لا أصل له. فليس عليه دليل. وقول بعض الفقهاء المتأخرين يستحب أن يتواطأ القلب واللسان باطل. الاستحباب حكمٌ شرعي. لا بد له من دليل. ولهذا قال بعض العلماء لو عمر الإنسان عمر نوح وجعل يفتش في السنة ما وجد دليلا يدل على جواز التلفظ بالنية.

(قال: وللنية مرتبتان نية العمل ونية المعمول له. أما نية العمل فمرتبتان أيضا. تمييز العبادات عن العادات. والثانية تمييز العبادات بعضها عن بعض وأما المرتبة الثانية).

قال الشيخ: نية العمل يعني ذهبت المرتبة الأولى. هو أن يفرق بين العادات وبين العبادات. والفرق بين العادات والعبادات هو النية. إذا نوى الإنسان العبادة صار عبادة وإذا نوى العادة صار عادة، هذه مرتبة مثلاً إنسان يطوف بالكعبة يطوف بنية التقرب إلى الله يطوف سبعة أشواط بنية التقرب إلى الله يصلي ركعتين ليثاب، وشخص طاف سبعة أشواط لكن ما نوى الطواف ليبحث عن قريب له مديون صاحب دين يبحث ودار سبعة أشواط وانتهى هذا ما يكتب له أجر والصورة واحدة فهذا النية التي تفرق بين هذا وهذا عادة وهذا عبادة النية هذه المرتبة الأولى التمييز بين العادات والعبادات.

والمرتبة الثانية هي تمييز العبادات نفسها أنت تصلي الآن لله لكن هل تصلي فرضاً أو تصلي نافلة ما الذي يميز هذا النية فلان يصلي فاتته الصلاة ما تدري هل يصلي نافلة أو يصلي فريضة ما الذي يميز بينهما النية النية التي تميز بين العبادات إنسان صائم بالنية تميز بين صيام الفرض وصيام النفل هل يصوم تطوع أو يصوم قضاء رمضان أو يصوم كفارة ما الذي يميز العبادة النية.

هذه المرتبة الثانية، المرتبة الأولى النية تميز بين العادات والعبادات والمرتبة الثانية النية تميز بين العبادات نفسها.

(وأما المرتبة الثانية: وهي نية المعمول له، فهي أن يقصد العامل بعمله وجه الله تعالى والدار الآخرة، وها هنا يتفاوت الخلق تفاوتا لا يعلمه إلا الله).

قال الشيخ: نية العامل ونية المعمول له نية العامل الذي يتعبد لله مرتبتان تمييز العادات عن العبادات وتميز العبادات، ونية المعمول له وهو الله عز وجل لأنه يقصد الله والدار الآخرة والناس يتفاوتون في الإخلاص تفاوتاً عظيماً كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في مرتبة الإحسان الإحسان له مرتبتان الأولى أن تعبد الله كأنك تراه والمرتبة الثاني أن تعبد الله كأنه يراك والناس يتفاوتون في هذا تفاوتاً عظيماً، نية المعمول له الإخلاص.

قال: (وأما المرتبة الثانية: وهي نية المعمول له، فهي أن يقصد العامل بعمله وجه الله تعالى والدار الآخرة، وها هنا يتفاوت الخلق تفاوتا لا يعلمه إلا الله.

ويؤجر الإنسان على قدر نيته إذا تعذر عليه العمل، وكان من نيته أنه لولا العذر لعمل ذلك العمل).

قال الشيخ: ومن ذلك الحديث مثل المريض والمسافر إذا كان يعمل المريض كان يصلي مع الجماعة يصلي الليل ثم تعذر عليه بسبب المرض يكتب الله له أجره وكذلك المسافر كان يصلي الليل وكان يصوم لكن تعذر للسفر يؤجر ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرض العبد أو سافر حديث أبي موسى من مرض أو سافر كتب الله ما كان يعمله صحيحاً مقيماً ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للذين تخلفوا عن غزوة تبوك وهم لا يستطيعون ما عندهم استطاعة ولا عندهم قدرة لمرضهم أو عدم وجود ما يحملهم قال عليه الصلاة والسلام في الحديث وهو بتبوك إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم. قالوا يا رسول الله بالمدينة قال نعم حبسهم العذر لذا بلغوا بالنية مبلغ العمل إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم. ومنها قوله تعالى: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون.

سؤال: .......

قال الشيخ: إذا نوى وهو لا يستطيع، ولو كان يستطيع لفعل فله أجره.

(كما قال صلى الله عليه وسلم: «من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما»).

قال الشيخ: رواه الشيخ بالمعنى حديث أبي موسى إذا مرض العبد أو سافر، ما في تعليق عليه؟

الطالب: أخرجه البخاري في كتاب الجهاد.

قال الشيخ: ويحتمل أن جاء بألفاظ الحديث الشيخ رواه المؤلف بأحد ألفاظه.

(قال بعضهم: «لو صنفت كتابا في الفقه، لصدرت كل باب من أبوابه بحديث عمر هذا».

فالنية تدخل في أبواب الفقه كلها).

قال الشيخ: البخاري صدر كتابه بهذا ليشعر نفسه وغيره بالإخلاص.

(قال بعضهم: «لو صنفت كتابا في الفقه، لصدرت كل باب من أبوابه بحديث عمر هذا».

فالنية تدخل في أبواب الفقه كلها؛ لأنها شرط لجميع الأعمال، والعبرة على ما في القلب، لا على ما يلفظ به اللسان إذا خالف ما في القلب في العبادات والمعاملات وجميع العقود).

قال الشيخ: ولهذا لو تلفظ الإنسان بخلاف ما أراد لا يعتبر لو أراد أن يقول في الحج لبيك أراد العمرة فقال لبيك الحج يريد العمرة نسي فالعبرة بما في القلب.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد