شعار الموقع

شرح كتاب إملائات ابن سعدي على عمدة الأحكام 03

00:00
00:00
تحميل
17

قال (الحديث الثالث: عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم. قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلٌ للأعقاب من النار).

الشيخ: بارك اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد.

فهذا الحديث. وقوله عليه السلام ويلٌ للأعقاب من النار وفي لفظ ويل للأعقاب والعراقيب من النار. والأعقاب هي مؤخر الرجل. وهذا فيه دليل على أن الإخلال بالوضوء وعدم إسباغ الوضوء حتى يترك شيئاً من العضو من الكبائر. لأنه توعد عليه بالنار. والقاعدة عند أهل العلم أن الكبيرة كل ما وجب عليه حدٌ في الدنيا أو وعيدٌ في الآخرة بالنار أو اللعنة أو الغضب أو نفي إيمان. لقوله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً. فوعد بالنار دل على أنها من الكبائر. وقوله تعالى ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما. فكذلك هنا ترك شيءٍ من الأعضاء لا تغسل بالماء بسبب الاستعجال وعدم مراعاة العضو من كبائر الذنوب. وهذا تنبيه بالأدنى على الأعلى. إذا كانت العراقيب لا يعفى عنها فغيرها من باب أولى. فكذلك الوجه من باب أولى واليدين من باب أولى. والرأس. وهذا يوجب على المرء أن يعتدي في الوضوء وأن يسبغ الوضوء وأن يعمم العضو بالماء ولا يترك شيئاً منه من دون وسوسة وكذلك ممسوح يستوعبه بالمسح مسح الرأس مسح الجبيرة.

وسبب هذا الحديث كما سمعنا أن الصحابة رضي الله عنهم تأخروا يوما عن صلاة العصر فاستعجلوا أي جعلوا من عجلتهم أن يغسلوا حتى أن بعضهم ترك شيئاً من العقب عقب الرجل لم يصبه الماء. فنادى النبي صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب وفي لفظ وبطون الأقدام. ويل الأعقاب وبطون الأقدام من النار. فدل على أن هذا من الكبائر وأنه ينبغي للمسلم أن يسبغ الوضوء. وكما أن التفريط مذموم فكذلك الغلو مذموم. لا إفراط ولا تفريط. يسبغ الوضوء من غير وسوسة. ولكن لا يفرط لا بد من الإسباغ.

سؤال: ...............

قال الشيخ: إذا كان الوقت يعني قصيراً بحيث أنه لم ينشف العضو السابق فلا بأس أن يغسلها ويأتي. وإن كان تأخر بحيث ينشف العضو الذي قبله فإنه يعيد الوضوء لأن الموالاة واجبة. شرط من شروط الوضوء، الوضوء له فروض. فروضه ستة الفرض الأول غسل الوجه. والفرض الثاني غسل اليدين. والفرض الثالث مسح الرأس والأذنين والفرض الرابع غسل الرجلين الفرض الخامس الترتيب بين هذه الأعضاء. لأنه أدخل الممسوح بين المغسولات. ولا يعني ذلك فائدة إلا وجوب الترتيب. والخامس الموالاة. لئلا يؤخر غسل عضوٍ حتى يجف الذي قبله. والدليل على هذا أن النبي رأى مرة رجلاً في قدم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء. ولو كانت الموالاة غير واجبة لأمره أن يغسل البقعة فقط. دل على أن الموالاة واجبة.

سؤال: وإذا رأى شخصاً نسي شيئاً هل يجب عليه أن يخبره؟

قال الشيخ: يخبره، وجوب من إنكار المنكر. لكن هو معذور الناسي معذور. أنت لست بمعذور، مثل من رأى من يأكل في رمضان في نهار رمضان يخبره أم لا ما يخبره؟ يخبره. لأن هذا من إنكار المنكر. لكن هو معذور. لكن أنت لست بمعذور. وهو معذور لأنه ناس، وكذلك معذور لأنه لا يعلم أنت علمت يجب عليك أن تخبره.

قال: (الحديث الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر ومن استجمر فليوتر. وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا. فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده.

وفي لفظٍ لمسلم فليستنشق بمنخريه من الماء. وفي لفظٍ من توضأ فليستنثر).

قال الشيخ: هذه أوامر. الأمر الأول أن يجعل في نفسه ماءً، وهذا هو الاستنشاق. والأمر الثاني الاستنثار. الاستنشاق أن يجذب الماء في طرف أنفه. والاستنثار هو أن يفرغ هذا الماء الذي جلبه إلى أنفه يخرجه. الأمر الثالث الإيتار في الاستجمار. الأمر الرابع غسل اليدين ثلاثاً لمن استيقظ من نوم الليل. أربعة أوامر نعم.

(قوله إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً إلى آخره. فيه دليلٌ على وجوب الاستنشاق كما هو مذهب الجمهور. ولا خلاف في مشروعية المضمضة والاستنشاق. لكن اختلف في وجوبها. والصحيح الذي دلت عليه الأحاديث. وجوبها كما هو مذهب الجمهور).

قال الشيخ: الأصل في الأوامر الوجوب فليجعل في أنفه فليستنثر والعلماء اختلفوا كما ذكر المؤلف منهم من قال: المضمضة واجبة والمضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل وفي الوضوء وهذا هو الصواب لأنه قال واجبان في الوضوء وفي الغسل ومنهم من قال يجب الاستنثار كما يجب الاستنشاق أقوال لأهل العلم والصواب وجوبهما الاستنشاق والمضمضة في الوضوء وفي الغسل.

(وفيه دليل على مشروعية الاستجمار، واستحباب قطعه على وتر، لكن ورد: (أنه لا يجزئ دون الثلاث).

قال الشيخ: الاستجمار هو إزالة أثر الخارج من القبل أو الدبر بالحجارة أو ما يقوم مقامها كالطين المتحجر أو التراب أو المناديل الخشنة وعليه أن يقطع على وتر هذا هو الأفضل فإذا أنقى على أربع فإنه يزيد الخامسة حتى يقطع على وتر وإذا أنقى بست يزيد السابعة حتى يقطع على وتر هذا هو الاستجمار ولا يجزئه أقل من ثلاث هذا إذا أراد أن يكتفي به عن الماء إذا أراد أن يكتفي عن الماء له شروط منها أن يكون الاستجمار ثلاث مسحات فأكثر ومنها أن تكون منقية إذا أبقى أثر يسير لا يزول إلا بالماء  ومنها ألا يتجاوز الخارج موضع العادة ومنها أن تكون الأحجار طاهرة التي يستنجي منها إذا وجدت هذه الشروط اكتفى عن الماء ولو مع وجود الماء أن يمسح ثلاث مسحات بالأحجار تكون هذه الأحجار منقية ولم يبق إلا أثر يسير لا يزول إلا بالماء تكون طاهرة ولا يتجاوز الخارج موضع العادة فمثلاً البول لا يتجاوز الحشفة حشفة الذكر فإن تجاوزها فلابد من الماء وكذلك الغائط لا ينتشر إلى الصفحتين فإن انتشر فلا يجزئ إلا الماء فإذا استوفى هذه الشروط كفى الاستجمار عن الماء فإن لم يبق إلا أثر يسير فلا بأس به وهذا معفو عنه هذا من قول العلماء يعفى عن اليسير من النجاسة الشيء اليسير مثل رأس الإبرة من البول وهو لا ينتبه هذا يعفى عنه الشيء اليسير والأفضل أن يجمع بينهما الاستجمار ثم الماء والأفضل الجمع بينهما ثم الماء ثم الحجارة.

(فعلى هذا إذا أنقى بأربع زاد خامسة، وإذا نقى بست زاد سابعة.. وهكذا).

قال الشيخ: والدليل على أنه لا يجزئ أقل من ثلاث النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة ايت بأحجار أستجمر بها فأتاه بحجرين وروثة فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال ائت بثالث، ولا يجزئ الاستجمار بالعظم ولا بالزجاج لأنه أملس ولا يزيل ولا يجزئ الاستجمار بالعظم لأنه يفسده على إخواننا من الجن ولا رجيع الدابة لأنه يفسده على دواب الجن لأن الجن سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الزاد فقال لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يعود أوفر ما كان عليه لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم يعود إلى حب الذي أكل، فلا تفسدوه على إخوانكم من الجن، فلا يجوز الاستجمار بالعظم ولا بالروث وكذلك الاستجمار بالزجاج لأنه لزج وكذلك المحترم من كتب العلم هذا يحرم وذيل الدابة كذلك هذا محرم ومع ذلك فلا بأس.

سؤال: ........................

قال الشيخ: لا، الاستنجاء بالماء وحده.

(وفيه دليل على أنه يكفي وحده، لكن إذا استجمر ثم استنجي بالماء كان أكمل وأفضل).

قال الشيخ: الاكتفاء بالاستجمار لابد من الشروط السابقة.

(ويجزي الاستجمار بكل ما يحصل به الإنقاء، إلا الروث والعظم والمحترم، فيحرم الاستجمار بها).

قال الشيخ: ككتب العلم وأشباهها.

(قوله: «وإذا قام أحدكم...» إلخ فيه الإرشاد إلى كمال النظافة، ثم ذكر العلة فقال: (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده). واستدل بعضهم بهذا على أن الماء إذا غمست فيه يد القائم من نوم الليل الناقض للوضوء يكون طاهرا غير مطهر).

قال الشيخ: واستدل به على أن هذا خاص بنوم الليل قوله لا يدري أين باتت يده والبيتوتة تكون في نوم الليل وأما نوم النهار فلا، لأنه ليست فيه بيتوتة.

(وليس في الحديث دلالة على هذا).

قال الشيخ: هذا قول الجمهور من الفقهاء يقول إذا غمس يديه قبل أن يغسلهما فهو طاهر بمعنى أنه طاهر في نفسه لكن لا يقوى على رفع الحدث فلا يتوضأ به لكن يستعمله في كل شيء يستعمله في الطبخ في الشراب في الغسل في أي شيء إلا الوضوء وكذلك أيضاً لو جمع ما يتقاطر منه من قطرات من يديه أو من وجهه في غسل الوضوء يكون طاهرا غير مطهر، فقسموا الماء إلى ثلاثة أقسام طهور يرفع الحدث ويزيل الخبث، وطاهر في نفسه ولكن لا يرفع الحدث، ونجس، والمحققون من أهل العلم ينقسم إلى قسمين ولا يوجد قسم ثالث طهور ونجس.

(واستدل بعضهم بهذا أيضا على أنه ينجس، وليس فيه دلالة على هذا أيضا).

قال الشيخ: بعضهم يقول طاهر وبعضهم يقول نجس وهذا ليس بصحيح.

سؤال: .............

قال الشيخ: نعم طاهر وغير مطهر، وكذلك إذا غمس الماء بيديه يكون طاهراً غير مطهر، ما هو قول الجمهور، الجمهور قالوا ينقسم إلى ثلاثة طهور وطاهر ونجس، وكثير من الفقهاء من الحنابلة ومالك والشافعي ويرى بعض المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ عبد الرحمن السعدي والشيخ ابن باز رحمه الله وابن عثيمين وجمع من المحققين أنه ينقسم إلى قسمين طهور ونجس فقط.

(واستدل بعضهم بقوله: «لا يدري أين باتت يده» على أن هذا خاص بنوم الليل؛ لأن البيتوتة لا تكون إلا بالليل، ولكن الصحيح أنه عام لنوم الليل والنهار؛ لأن العلة التي ذكر الشارع موجودة فيها، ولهذا اضطر المخصصون لنوم الليل إلى أن قالوا: هذا تعبدي لا نفهم علته. ولكن - والحمد لله - قد نبه صلى الله عليه وسلم على العلة بأنه لا يدري أين باتت يده، فإنها مظنة مباشرة الوسخ أو النجاسة، وإذا كان هذا فيما هو مظنة مباشرتها للنجاسة أو الوسخ، فإذا تحقق ذلك فمن باب أولى وأحرى).

قال الشيخ: يرى أنه ليس خاصاً بنوم الليل لأن العلة عامة تشمل نوم الليل ونوم النهار، النائم لا يدري أين باتت يده سواء في الليل أو النهار فينبغي له أن يغسل يديه ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء، وكذلك أيضاً في غير النائم يستحب غسل اليدين ثلاثاً هذا من المستحبات من مستحبات الوضوء يغسل يديه ثلاثاً قبل الوضوء مطلقاً سواء كان قائما من النوم أو ليس كذلك سواء كان نائما أو غير نائم يتوضأ يستحب أن يغسل يديه ثلاثاً قبل الوضوء.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد