شعار الموقع

شرح كتاب إملائات ابن سعدي على عمدة الأحكام 06

00:00
00:00
تحميل
2

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

أما بعد فقال الشيخ الإمام عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه عمدة الأحكام:

(عن نعيم المجمر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل».

وفي لفظ: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يتوضأ، فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أمتي يوم القيامة يدعون غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل».

وفي لفظ لمسلم: سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء».

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى في أماليه على عمدة الأحكام: (قوله في حديث نعيم المجمر عن أبي هريرة رضي الله عنه: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء...» إلخ. الغرة: البياض في الوجه، ومنه الفرس الأغر: وهو الذي في وجهه صبحة بياض. والمحجل: الذي في يديه ورجليه تحجيل، أي بياض أيضا. وفي هذا الحديث: إثبات يوم القيامة. وفيه فضيلة هذه الأمة، وفضيلة الوضوء، وأنه خاص بهم).

قال الشيخ: يعني التحجيل وليس المراد الوضوء التحجيل خاص أما الوضوء موجود في الأمم السابقة قصة أنه توضأ لما ورد عند الرجل الجبار قال أتوضأ.

(ولما كان الوضوء من الوضاءة، وهو النور، كان نورا لهم يوم القيامة في وجوههم وأيديهم وأرجلهم، ويعرفون بهذه الخصيصة من بين الأمم يوم القيامة. وقوله في الرواية الأخرى: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء، لما كان زينة في الدنيا كان أيضا زينة يوم القيامة. وفيه أن الحلي في الجنة للرجال والنساء.

واختلف العلماء هل يستحب مجاوزة الفرض بالغسل، أو أن الاقتصار على ما حد الله ورسوله أفضل؟ فمذهب الشافعي والمشهور من مذهب أحمد رحمهما الله: أن مجاوزة المرفقين والكعبين - كما فعل أبو هريرة رضي الله عنه - أفضل، محتجين بهذا الحديث بقوله: «فمن استطاع منكم أن يطيل غرته - وفي لفظ: وتحجيله - فليفعل». ومذهب الجمهور - وهو الصحيح - أن الوقوف عند حدود الله أفضل؛ لأن هذا الحديث مدرج، وقوله: فمن استطاع... إلخ من كلام أبي هريرة، ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ويدل على ذلك أمور: منها: أن الإمام أحمد رحمه الله روى هذا الحديث عن نعيم المجمر عن أبي هريرة بوقف هذه الزيادة على أبي هريرة. وأيضا: فإطالة الغرة غير ممكنة.

ولهذا لم يزد أبو هريرة على غسل الوجه، ولو كان من كلامه صلى الله عليه وسلم لم يكن عليه اعتراض.

وأيضا: ليس الساق والعضد موضع حلية، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية:

فصل في حلي أهل الجنة

والحلي أصفى لؤلؤ وزبرجد

وكذاك أسورة من العقيان

ما ذاك يختص الإناث وإنما

هو للإناث کذاك للذكران

التارکین لباسه في هذه الدنیا

لأجل لباسه بجنان

أوما سمعت بأن حليتهم إلى

حيث انتهاء وضوئهم بوزان

وكذا وضوء أبي هريرة كان

قد فازت به العضدان والساقان

وسواه أنكر ذا عليه قائلا

ما الساق موضع حلية الإنسان

ما ذاك إلا موضع الكعبين والزندین

لا الساقان والعضدان

وكذاك أهل الفقه مختلفون في

هذا وفيه عندهم قولان

والراجح الأقوى انتهاء وضوئنا

للمرفقين كذلك الكعبان

هذا الذي قد حده الرحمن في ال

قرآن لا تعدل عن القرآن

واحفظ حدود الرب لا تتعدها

وكذاك لا تجنح إلى النقصان

وانظر إلى فعل الرسول تجده قد

أبدى المراد وجاء بالتبيان

ومن استطاع يطيل غرته فمو

قوف على الراوي هو الفوقاني

فأبو هريرة قال ذا من کیسه

فغدا يميزه أولو العرفان

ونعيم الراوي له قد شك في

رفع الحديث كذا روى الشيباني

وإطالة الغرات ليس بممكن

أبداً وذا في غاية التبيان

وقد تقدم حديث حمران وحديث عبد الله بن زيد في وصف وضوئه صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أحد منهما أنه زاد على حدود الله تعالى.

قال تنبيه: من استطاع تأتي على معنيين أحدهما بمعنى قدر وهو ضد العجز، ومنه قوله ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، الثاني بمعنى أحب وأراد ومنه قوله تعالى عن الحواريين هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء أي هل يحب ويريد وإلا فإنهم لم يشكوا في قدرة الله لأنهم أنصار عيسى ولهذا لما قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها الآية ومن هذا النوع هذا الحديث أي فمن أحب أن يطيل غرته فليفعل).

قال الشيخ: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

هذا الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وفي رواية وتحجيله فليفعل، فيه بيان فضل هذه الأمة وشرفها وأنهم يأتون يوم القيامة يعرفون بين الأمم بالغرة والتحجيل، الغرة بياض في الوجه وأصله بياض في الفرس في وجه الفرس والتحجيل أيضاً بياض في اليدين والرجلين فهذا من خصائص هذه الأمة أنهم يأتون غراً محجلين من آثار الوضوء وأما الوضوء فإنه مشروع في الأمم السابقة وفيه أن أبا هريرة رضي الله عنه اجتهد وجعل يزيد عن المشروع ففي غسل اليدين يتجاوز المرفقين ويغسل العضدين حتى يكاد يبلغ الإبطين في غسل الرجلين يجتهد ويغسل الساقين حتى يكاد يبلغ الركبة وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه وإلا فإن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه هذه الزيادة، وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غسل يديه حتي يشرع في العضد، وإذا غسل رجليه غسل حتى يشرع في الساق، وليس فيه أنه يغسل العضدين أو يغسل الساقين وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه بعض العلماء ذهب إلى مذهب أبي هريرة وقال إن هذا يستحب أخذا من هذا الحديث لأن الأمة يدعون يوم القيامة غرا محجلين، وفي لفظ تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء، الحلية يعني التحلي والزينة بالذهب والفضة، والمؤمنون يحلون يوم القيامة بالذهب الذكور والإناث في الجنة في الدنيا ممنوع لبس الذهب للرجال وممنوع التحلي، التحلي يكون للإناث أما في الآخرة فالجميع كلهم يحلون يلبسون أساور من ذهب وفضة، في الآية يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير، كما أنهم يلبسون الحرير والحرير ممنوع منه الذكور في الدنيا يحرم عليهم وفي الآخرة أباح لهم الحرير، فأبو هريرة رضي الله عنه اجتهد وأراد أن يطيل الغرة حتى يطيل الحلية فإذا غسل يديه يشرع في العضد حتى تكاد الحلية تبلغ الإبط وإذا غسل رجليه أشرع في الساق حتى يكاد يصل الركبة حتى تزداد الحلية، حتى يحلي ولكن أجمع العلماء أن الساقين ليس من الحلية وكذلك العضد ليس موضع الحلية موضع الحلية الساعدان وكذلك الرجلين حتى بالنسبة للنساء القدم يوضع فيها الخلاخل والخلاخل تكون في الرجلين ويهتز الخلخال حتى يصل إلى الكعبين.

فالمقصود أن هذا الحديث فيه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال من استطاع أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل هذا من كلام أبي هريرة وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم مدرج في الرواية من كلام أبي هريرة وثبت أن أبي هريرة رضي الله عنه توضأ هذا الوضوء فكاد يبلغ الإبط عندما كان يغسل اليدين وكاد يبلغ الساقين وحوله من يبصره فقال ما هذا يا أبا هريرة أنتم أعلم من (00: 11) في لو علمت أنكم ما فعلته هكذا  أو كما قال هذا دليل على أنه قاله باجتهاده وكما قال ابن القيم رحمه الله من كيسه من استطاع يعني من أحب استطاع تأتي بمعنيين بالمعنى الأول القدرة من استطاع من قدر ومن هذا قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، والثاني من استطاع يعني من أحب ورغب كما في هذا الحديث وكما يقول تعالى هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ما يشكون في قدرة الله الحواريون لكن أرادوا هل يحب ربك أو يريد ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء.

ومن فضائل هذه الأمة التحجيل من خصائصها وفيه إثبات يوم القيامة وفيه إثبات الحلية للمؤمنين يوم القيامة وأنها تكون للرجال والنساء لأن أهل الجنة كما جاء وصفهم طولهم طول الواحد ثلاثة وستون ذراعا جرد مرد مكحلون مسورون عليهم أساور من الذهب جرد مرد مكحلون ليس لهم لحى مرد يتجملون بالأسورة من الذهب.

سؤال: ...

قال الشيخ: الكحل في العين، الكحل في العينين يجمل عينها الكحل.

(وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ كان إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»

قوله: «اللهم إني أعوذ بك... إلخ. ضبطه المؤلف في بعض النسخ فقال: «الخبث بضم الخاء جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة، فكأنه استعاذ بالله من ذكران الشياطين وإناثهم. وضبطه بعضهم فقال: الخبث بسكون الباء: الشر، والخبائث: أهل الشر، وكأن هذا أجمع للمعنى؛ لأن مقام الدعاء يقتضي التعميم وقال القاضي عياض: (أكثر روايات الشيوخ بسكون الباء). ولا تخفى مناسبة الاستعاذة من الشياطين في هذا الموضع؛ لأنهم يكثرون في المواضع الخبيثة لخبثهم).

قال الشيخ: هذا الحديث كان النبي إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث إذا دخل أي إذا أراد الدخول ومن هذا فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله الآية بمعنى إذا أراد القراءة وليس أنه يقوله قبل الدخول وإنما يقال بعد الدخول وهذا يأتي كثيرا في القرآن والسنة واللغة يقول فإذا قرأت القرآن يقول فإذا أردت قراءة القرآن وليس المراد أنه يستعيذ بعد القراءة، المراد بعد القراءة ولكن إذا أراد القراءة وكذلك قوله إذا دخل أحدكم الخلاء فليقل اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث يعني إذا أراد الدخول للخلاء والخبث قيل لها وجهان الخبث والخبث، الخبث بضم الخاء والباء ذكران الشياطين والخبائث إناثهم فيكون المعنى استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم لأنهم يكثرون في هذه المواطن في محل بيت الخلاء تكون موضع للشياطين، وروي الخبث بإسكان الباء الخبث الشر والخبائث أهل الشر وهذا أجمع الشياطين وأهل الشر عام، وهذا الذكر مشروع اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث يقول بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وإذا خرج قال غفرانك عند الدخول يقدم رجله اليسرى وعند الخروج يقدم رجله اليمنى.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد