شعار الموقع

شرح كتاب إملائات ابن سعدي على عمدة الأحكام 07

00:00
00:00
تحميل
2

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

أما بعد فقال الشيخ الإمام عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه عمدة الأحكام:

(عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيتم الخلاء فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا»..

قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله عز وجل).

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى في أماليه على عمدة الأحكام: (قوله: «إذا أتيتم الخلاء...» إلخ فيه تحريم استقبال القبلة، واستدبارها حال قضاء الحاجة تعظيما لها، وهل هذا مطلقا ولو داخل البنيان، أو خاص في الفضاء؟ اختلف في ذلك العلماء، والصحيح: أنه يحرم في الفضاء استقبال القبلة أو استدبارها، ويكره في البنيان، إلا لحاجة.

وقوله: «ولكن شرقوا أو غربوا» هذا خطاب خاص لأهل المدينة، ومن نحا نحوهم ممن إذا شرق أو غرب لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها، وأما من إذا شرق أو غرب استدبر القبلة أو استقبلها، فلا يدخل تحت هذا بل يدخل بعموم أول الحديث.

وقال المؤلف في بعض النسخ: الغائط: الموضع المطمئن من الأرض، كانوا ينتابونه لقضاء الحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث، كراهية لذكره بخاص اسمه. والمراحيض: جمع مرحاض، وهو اسم للموضع المعد لقضاء الحاجة.

وقوله: «فننحرف عنها...» إلخ أي: تعظيما لها «ونستغفر الله» أي: من التقصير؛ لأنه لا يمكنهم كمال الانحراف).

قال الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فهذا الحديث حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيتم الخلاء فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا»..

قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله عز وجل يعني بدأ بعد فتح الشام وكانت في الأول في بلاد الروم.

هذا الحديث فيه النهي والنهي للتحريم أصله للتحريم فيه تحريم استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط واختلف العلماء في هذا في استقبال القبلة واستدبارها على ثلاثة أقوال كما هو معروف عند أهل العلم منهم من قال بالجواز مطلقا ومنهم من قال بالمنع مطلقا ومنهم من قال بالمنع في البنيان ومنهم من أجاز الاستدبار دون الاستقبال أقوال كثيرة والصواب أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها في الفضاء هذا محكم، وأما في البنيان فقد جاء ما يخصص هذا النهي في حديث ابن عمر قال رقيت في بيت لنا في بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة، فدل على الجواز في البنيان وهو اختيار البخاري وجماعة من أئمة الحديث أنه في البنيان يجوز وفي خارج البنيان يحرم وهذا هو الجمع بين الأحاديث لأنه النبي صلى الله عليه وسلم _قال - إذا نهى النبي عن شيء ثم فعله دل على أن النهي للتنزيه والفعل للجواز وهو قول اختيار الشيخ ابن باز في البنيان للتنزيه لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في البنيان صرف النهي عن التحريم إلى التنزيه ففي البنيان جائز وفي الفضاء يحرم، وبعض العلماء يرى أنه يحرم في البنيان وفي الفضاء، لكن القاعدة عند أهل العلم أهل الأصول الجمع بين الأحاديث إذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء ثم فعله صرف النهي عن التحريم إلى التنزيه نهى رسول الله عن الشرب قائما وشرب قائما فشربه عليه السلام يصرف النهي عن التحريم إلى التنزيه وشربه قائما يدل على الجواز كذلك هنا نهى عن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط وفعل عليه الصلاة والسلام ففعله يصرف النهي عن التحريم إلى التنزيه في البنيان خاصة، ومن العلماء من قال يحرم في البنيان وفي الفضاء وهو ظاهر اختيار الصحابي أبي أيوب الأنصاري قال فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل، نستغفر الله للتقصير قوله فننحرف عنها هذا يدل على أنه لا يرى الجواز في البنيان وهو قول جماعة من أهل العلم.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم شرقوا أو غربوا هذا الخطاب لأهل المدينة لأن القبلة جنوب، إذا استقبل القبلة صار جهة الجنوب وإذا استدبرها صار جهة الشمال، فهم يشرقون ويغربون، وأما نحن في نجد ما نشرق ولا نغرب لأننا إذا شرقنا أو غربنا استقبلنا القبلة، ولكن قال جنبوا أو شملوا، نحن في نجد يجنبون ويشملون، وأهل المدينة يشرقون أو يغربون حتى ينحرفوا عن القبلة، وأما نحن نجنب أو نشمل من جهة الشمال أو جهة الجنوب.

(وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه قال: رقيت يوما على بيت حفصة، رأيت رسول الله ﷺ يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة).

قال الشيخ: هذا الصارف عن النهي الأول في البنيان، ورقيت من الرقي وأما الرقية رقيت فلان أي قرأت عليه، رقيت البيت يعني صعدت الرقية الصعود يقول رقيت رقي يرقى أما العوذ وهو القراءة فيقال رقيته يعني قرأت عليه هنا رقيت يعني صعدت. رقيت يوما على بيت حفصة فوجد النبي يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام، وحفصة أخته زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث هو الذي صرف النهي في البنيان من التحريم إلى التنزيه فهو جائز، فهو يحمل على التنزيه وإنما يحمل على الجواز وهذا هو اختيار البخاري وجماعة وجمع من المحققين.

سؤال: .......

قال الشيخ: هذا أحد الأقوال ولكن الصواب أن الاستقبال والاستدبار واحد المعنى واحد لأن النبي نهى عن الاستقبال والاستدبار جميعا.

سؤال: ..........

قال الشيخ: لما الإنسان يكون له عناية يسأل أنت الآن مخاطب أنت الآن مكلف بأنك لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها إذا لم تعلم اسأل قل أين القبلة ولتكن معك بوصلة ويكون لك عناية بهذا الأمر.

(وقوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «رقيت يوما على بيت حفصة...» إلخ يحمل على أنه لحاجة، کزيادة الاستتار بالقرب من الحائط ونحو ذلك؛ لأن الظاهر أنه ليس في الفضاء).

قال الشيخ: لأن الحائط حائل بينه وبين القبلة ففيه فراغ.

(وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء.

قوله في حديث أنس: «فأحمل أنا وغلام... إلخ الإداوة: الإناء فيه القليل من الماء کالمطارة ونحوها).

قال الشيخ: إناء من جلد وهنا قال كالمطارة.

(وفيه مشروعية الاستنجاء، وقد ورد خلاف شاذ عن بعض السلف أنه لا يجزئ إلا مع الأحجار، ولكن - ولله الحمد - أجمعت الأمة بعد ذلك على إجزائه).

قال الشيخ: بعض السلف يكرهون ذلك الاستنجاء بالماء ويقولن يكفي الاستنجاء بالحجارة وقالوا لا يجزئ، ولكن تركوا هذا، والاستنجاء بالماء أبلغ في النظافة من الحجارة الحجارة قد يبقى أثر لا يزيله إلا الماء لا يفعل استجمار شرعي بأن كانت الحجارة ثلاثة فأكثر وكانت منقية وكانت طاهرة ولا يتجاوز الخارج موضع العادة ويبقى أثر لا يزول إلا بالماء هذا يعفى عنه لكن الاستنجاء بالماء أبلغ وهذا الحديث يرد عليه لكن هذا الخلاف انقرض كان النبي إذا ذهب إلى الخلاء قال أحمل وغلام نحوي في السن إداوة فيها ماء وعنزة، والعنزة عصا في طرفها حديدة تركز وتكون سترة للنبي صلى الله عليه وسلم والإداوة يستنجي بها يستنجي بالماء.

(وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم استجمر فقط، وورد أنه استنجي فقط، كما في هذا الحديث، وورد عنه الجمع بينهما وهو أكمل وأفضل).

قال الشيخ: الجمع بينهما أكمل يستنجي بالحجارة ثم يستنجي بالماء، ثم يليه الاستنجاء بالماء ثم الاستنجاء بالحجارة.

(وفيه استحباب تهيئة الإنسان ما يكمل العبادة، كآلة الاستنجاء، والطهارة، وسترة الصلاة، ونحو ذلك. وفيه مشروعية السترة للصلاة؛ لأنه تركز له العنزة، فيصلي إليها، والعنزة: هي الحربة الصغيرة.

وقوله: «وغلام نحوي» أي: قريب مني بالسن. وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يخدم، وقد خدمه الأحرار والأرقاء، وليس هذا من الكبر في شيء وأيضا ففي كثرة المتصلين به صلى الله عليه وسلم كأزواجه وخدمه وأصحابه مصلحة، وهي الأخذ عنه ونشر سنته، ولهذا أبيح له من الأزواج ما لم يبح لغيره).

قال الشيخ: وهذا من الحكم في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أنهن ينقلن ما يكون في بيوتهن من التشريع قال تعالى: واذكرن ما يتلى في بيوتكن ما يتلى من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا ومنها المصاهرة من الحكم مصاهرة قبائل العرب وهذا فيه قوة للإسلام، ويكونون أعوانا له هذه القبائل التي صاهرها تكون عونا للإسلام والمسلمين، وهؤلاء الخدم الذين يخدمونه نقلوا سنته كذلك الزوجات نقلن سنته التي لا يطلع عليها الرجال.

(وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء»).

قال الشيخ: هذا الحديث يشتمل على هذه الأحكام الثلاثة وهي كلها محرمة، لا يمسك ذكره بيمينه وهو يبول، قوله وهو يبول جملة حالية أي حال البول كذلك مس ذكره باليمين ما ينبغي حتى في غير البول ولكن في حال البول أشد والثاني يتمسح من الخلاء بيمينه الاستنجاء والاستجمار باليمين والثالث التنفس في الإناء إذا أراد أن يشرب في الكأس أو الإناء إذا أراد أن يتنفس يميله يبعد الكأس عن فمه ويتنفس ثم يعيده أما أن يتنفس في الإناء هذا يحرم لأنه يقذره على غيره لأنه قد يخرج نفسا في الماء وقد يخرج شيء من فمه أو من أنفه فلا ينبغي له أن يتنفس في الإناء بل إذا أراد أن يتنفس يميل القدح أو الإناء أو الكأس يبعده ثم يتنفس.

(وقوله في حديث أبي قتادة: «لا يمسن...» إلخ فيه النهي عن مباشرة المحال النجسة باليمين لكرامتها، وهل هذا محرم، أو مكروه؟ على قولين، الصحيح: أنه مكروه كراهة شديدة، ومثله الأوساخ تكره مباشرتها باليمين).

قال الشيخ: الأقرب التحريم، لأن الأصل في النهي التحريم إلا بصارف ولا صارف، لكن بعض العلماء جمهور العلماء قالوا إن هذا من باب الآداب والأصل في باب الأدب يكون للتنزيه ولا يكون للتحريم ولكن الصواب أن هذه الأمور الثلاثة تحريمها أصح من مس ذكره بيمينه ربما أصاب يمينه البول واليمين جعلت للتكريم فلا ينبغي أن يستنجي بها إلا للضرورة وكذلك التنفس في الإناء تقذيره واضح فالأقرب التحريم وهو مذهب الظاهرية وجماعة.

(وقوله: «ولا يتنفس في الإناء» لأن ذلك وسيلة إلى تقذيره، وأيضا: وسيلة إلى الشرق، وربما إذا دخل الماء جوف الإنسان دفعة واحدة أضر بحرارة المعدة، وربما خرج مع نفسه رائحة كريهة فأفسدت الماء، ويستحب الشرب بثلاثة أنفاس، والحمد في آخر كل نفس، وذكر اسم الله مع أول كل نفس).

قال الشيخ: يعني يسمي ثم يحمد ثم يسمي ثم يحمد ثم يسمي ثم يحمد.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد