شعار الموقع

شرح كتاب إملائات ابن سعدي على عمدة الأحكام 11

00:00
00:00
تحميل
9

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى اللهم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد قال المصنف رحمه الله تعالى:

(باب المذي وغيره.

الحديث الأول: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كنت رجلاً مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأمرت المقداد بن الأسود فسأله. فقال: يغسل ذكره ويتوضأ.

وللبخاري: اغسل ذكرك وتوضأ. ولمسلم: توضأ وانضح فرجك).

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في إملاءاته: (قوله في حديث علي رضي الله عنه كنت رجلا مذاء إلى آخره. مذاء للمبالغة والتكثير، والمذي خارجٌ من الذكر. والخارج من الذكر أربعة أشياء:

البول وهو نجسٌ بالإجماع.

والودي وهو شيءٌ يخرج من بعض الناس عقب البول في زمن الشتاء غالباً، ولونه أبيض كالمني، وخروجه كخروج البول، وهو كالبول في جميع أحكامه وأثره كأثر البول.

الثالث المني وهو يخرج دفقاً بلذة ولونه أبيض غليظ وأثره على الثوب شاسفاً وريحه كريح لقاح النخل وهو طيبٌ طاهر. ولما كان طاهراً اختص أن كان مادة خلق بني آدم.

الرابع المذي وفيه كلامنا وهو يخرج لا يحس به غالباً وسببه الحرارة وانتشار الشهوة وأثره كالبول ويخرج متسبسباً.

وقوله: يغسل ذكره ويتوضأ فيه دليل على أنه نجس وأنه ناقض للوضوء وأنه موجب للاستنجاء.

وقوله في لفظ مسلم: توضأ وانضح فرجك فيه دليل على أنه أخف نجاسة من البول لأنه يجزئ فيه النضح بخلاف البول، والنضح رش دون الغسل، وهل يغسل الأنثيين مع الذكر أم لا؟ فيه قولان وقد ورد في السنن الأمر بغسلهما مع الذكر.

وفيه منفعة طبية لأن سببه الحرارة والشهوة وغسل الأنثيين يزيل الحرارة، وفيه قبول خبر الواحد الثقة خصوصاً مع توافر القرائن على صدقه.

وفيه الاستحياء من ذكر ما يتعلق بالنساء خصوصاً لمحارمهن.

وفيه أن الحياء إذا لم يمنع من العلم فليس بمذموم، وفيه أنه ينبغي للإنسان أن يبين عذره إذا فعل ما فيه عليه اعتراض).

قال الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

هذا الحديث حديث علي رضي الله عنه كنت رجلاً مذاءً فاستحييت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأمرت المقداد بن الأسود فسأله. فقال: فيه الوضوء وفي لفظ توضأ وانضح فرجك.

هذا الحديث كما ذكر الشارح رحمه الله دليل على أن المذي نجس وأنه يغسل وأنه يوجب الاستنجاء ولا يوجب الغسل وأن نجاسته خفيفة لقوله وانضح فرجك وهذا الحديث دليل على أن المذي نجس ولكن نجاسته خفيفة وأنه يجزئ فيه النضح دون الغسل وهو الرش وأنه يوجب غسل الأنثيين كما ورد في الحديث توضأ واغسل ذكرك وأنثييك وهما الخصيتان هذه كلها من خصائص المذي وأنه نجس وأن نجاسته خفيفة لأن فيها النضح وأنه يوجب الاستنجاء ولا يوجب الغسل وأنه يوجب غسل الأنثيين، ولعل الحكمة كما سبق في غسل الأنثيين أن يكون سببا في منع الخارج وكما ذكر الشارح رحمه الله يخرج من الإنسان أنواع منها البول وهذا نجس يوجب الغسل ولكن يغسل طرف الذكر، والثاني الودي وهو أبيض يشبه المني يخرج بعد البول وهذا حكمه حكم البول من جميع الوجوه يعني يستنجي منه ويغسله والثالث المني وهو الذي يخرج دفقاً بلذة وهذا هو أصل الولد وهو طاهر ورائحته رائحة لقاح النخل وهو يوجب الغسل، فالبول والودي والمذي والمني هذه الأمور الأربعة، البول والودي حكمهما واحد نجس يوجب الاستنجاء يوجب الغسل المني يوجب الغسل ويكفي فيه الوضوء ويجب غسل جميع البدن وهو أصل الولد وهو طاهر أما البول والودي فنجسان والمني طاهر، ويستحب غسل رطبه وفرك يابسه، قالت عائشة رضي الله عنها كنت أغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الناس وإن بقع الماء على ثوبه والحديث الآخر كنت أفركه يابساً بظفري، فاليابس يفرك من باب النظافة والرطب يغسل وليس بنجس ولكنه طاهر ولكن من باب النظافة أما البول والودي فهما نجسان يوجبان الغسل والاستنجاء، وأما المذي فإنه نجس ولكن نجاسة مخففة يكفي فيها الرش مثل غسل بول الغلام الذي لم يأكل الطعام يوجب الاستنجاء ولا يوجب الغسل، وقوله توضأ وانضح فرجك الواو ليست للترتيب نضح الفرج يكون قبل الوضوء يستنجي ثم ينضح فرجه ثم يتوضأ الوضوء بعد نضح الفرج، والواو لا تفيد الترتيب وإنما تفيد الجمع يعني افعل الأمرين، وكما ذكر المؤلف رحمه الله أن الحياء إذا لم يمنع من العلم فلا بأس به لأن الإنسان يستحي من ذكر الشيء يتعلق بالمحارم فلا بأس ما لم يمنع من العلم كما أن عليا رضي الله عنه أمر المقداد فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فحصل المقصود وعرف الحكم الشرعي، وإن لم يباشر السؤال بنفسه.

حكم المذي الآن نجس، الحكم الثاني أن نجاسته مخففة، الحكم الثالث أنه يوجب الرش أنه يكفيه الرش بدون غسل ولا يوجب الغسل، الحكم الرابع أنه يغسل معه الأنثيين يعني الخصيتين ولعل الحكمة في هذا تكون سببا في تقلص الخارج.

أما حكم البول والودي لا يغسل الذكر كاملاً ولا يغسل الأنثيين يغسل طرف الذكر موضع الخارج.

سؤال: ....

قال الشيخ: صحيح قال اغسل ذكرك وأنثييك.

سؤال: ...

قال الشيخ: الذكر فيه قولان لأهل العلم منهم من قال يغسل ومنهم من قال لا يغسل.

قال المؤلف رحمه الله: (وعن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً).

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في إملاءاته: (وقوله في حديث عبد الله بن زيد شكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة إلى آخره قال الإمام النووي رحمه الله هذا الحديث أصل من أصول الدين وقاعدة من قواعد الإسلام، وهي أنه لا يلتفت إلى الشك مع اليقين في كل الأحوال، فإذا تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على اليقين، وإذا شك هل أصابه نجاسة أم لا بنى على اليقين، وإذا شك في أي شيء كان وثم يقين فليطرح الشك وليبن على اليقين).

قال الشيخ: كما ذكر المؤلف رحمه هذا الحديث حديث عظيم فيه قاعدة استنبط العلماء من هذا الحديث ومن غيره القاعدة قاعدة من قواعد الفقه هو أن اليقين لا يزول بالشك فلا يزول اليقين إلا بيقين ولهذا في هذا الحديث لما شكي إلى النبي صلى الله عليه الرجل يجد الشيء في بطنه وفي لفظ يجد قرقرة في بطنه هل يخرج من الصلاة قال لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا، يعني يسمع صوت الحدث أو رائحته، فالصوت هو الضراط والريح هو الفساء كما قال أبو هريرة لما روى الحديث: لا يقبل الله صلاة أحدكم ما لم يحدث قالوا يا أبا هريرة ما الحدث، قال: فساء أو ضراط، الفساء ريح بدون صوت والضراط صوت قال القحطاني في نونيته:

هاتان بينتان صادقتان يعني الصوت والرائحة، الحدث والمعنى أنه لا يخرج حتى يتيقن أو حتى يغلب على ظنه، ولا يخرج بالشك حتى لا تستولي عليه الوساوس، لأن الطهارة يقين، والحدث مشكوك فيه حت يتيقن، ومثله أيضا لو شك هل خرج من ذكره رطوبة أو لم يخرج كذلك يبني على اليقين حتى يغلب على ظنه أو يحس بإحساس واضح بالرطوبة، ففي هذه الحالة يخرج وإلا فلا يخرج، الأصل واليقين هو الطهارة فلا يخرج منها إلا بيقين أو غلبة ظن، وهذه القاعدة تشمل هذا الحكم وغيره اليقين لا يزول بالشك يبني على اليقين مثل إنسان متوضئ على الأصل جاء المغرب شك هل هو باق على طهارة أو أحدث الأصل أنه على طهارته، يبني على اليقين، ومثله أيضا لو إنسان بعد صلاة العصر أحدث، لكن ما يدري شك هل يتوضأ أو لم يتوضأ، الأصل الحدث، هو متيقن أنه أحدث لكن هو لا يدري هل توضأ أم لم يتوضأ؟ الأصل الحدث لابد من الوضوء، فهذه قاعدة عامة، وهو البناء على اليقين وأن اليقين لا يزول بالشك ويبقى الإنسان على اليقين ولا يخرج عنه إلا بيقين آخر أو غلبة ظن.

قال رحمه الله تعالى: (وعن أم قيس بنت محصن الأسدية رضي الله عنها أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره، فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله.

وحدثت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه. رواه البخاري

ولمسلم: فأتبعه بوله ولم يغسله).

قال عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى في إملاءاته: (قوله عن أم قيس بنت محصن هي أخت عكاشة بن محصن رضي الله عنهم).

قال الشيخ: عكاشة الذي لما قال النبي صلى الله عليه وسلم يدخل من أمتي سبعون ألفا بغير حساب قام عكاشة فقال ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت منهم، هذه أخته.

(وقوله إنها أتت بابن لها إلى آخره فيه كمال شفقته صلى الله عليه وسلم حيث أنه يأتيه المسلمون بأولادهم فيحنكهم ويبرك عليهم.

وقوله فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله فيه دليل على أنه يجزئ في تطهيره نضحه والنضح رشه دون الغسل ومثله حديث عائشة.

وأيضاً فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعنفه ولا أمه، بل ربما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح بذلك ليترتب عليه حكم مستمر إلى يوم القيامة.

ويشترط في كفاية النضح أن يكون بولاً لا غيره وأن يكون بول غلام لا جارية.

واختلف في الحكمة في التخصيص ولكن أقرب ما قيل في ذلك أن طبيعة الذكر أحر من طبيعة الأنثى فبسبب زيادة الحرارة تخف نجاسة بوله ويشترط أنه لم يأكل الطعام لشهوة).

قال الشيخ: هذا الحديث عن أم قيس بنت محصن أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها فوضعه على حجره فبال فأتبعه الماء فنضحه بالماء، وحديث عائشة رضي الله عنها كذلك أنه أتي بابن لم يأكل الطعام فبال على ثوبه فأتبعه الماء ولم يغسله يعني لم يفركه، هذان الحديثان وغيرهما دليل على أن بول الغلام الذي لم يأكل الطعام يكفي فيه النضح، وأن نجاسته مخففة مثل المذي فكما أن المذي نجاسته مخففة يكفيه النضح فكذلك بول الغلام الذي لم يأكل الطعام نجاسته مخففة يكفي فيها النضح.

وفيه شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته ومراعاته لأهله حيث يأخذ الصبي يضعه على حجره وهذا الحكم خاص بالغلام الذكر الذي لم يأكل الطعام فإذا أكل الطعام فإنه يجب الغسل، وكذلك غير البول كالغائط ما يكفي فيه النضح بل يجب إزالة عين النجاسة والغسل، لأن هذا خاص ببول الغلام الذي لم يأكل الطعام أما إذا أكل الطعام أو كان بول أنثى أو كان غير البول فلابد فيه من الغسل.

واختلف العلماء في الحكمة في التفريق بين بول الغلام وبول الأنثى قال بعضهم الحكمة أن بول الغلام ينتشر فيشق تتبعه لو كان يجب الغسل، بينما بول الأنثى لا ينتشر قال بعضهم لأن الصبي يحمل أكثر فتعم به البلوى يحمله أقاربه أكثر من حمل الجارية، ولكن كل هذا التماس، والشيخ يرى أن حرارة الذكر أقوى من حرارة الأنثى وإذا قويت الحرارة خفت النجاسة، فلذلك وجب فيه النضح أو اكتفى فيه بالنضح.

سؤال: إذا كان الطفل يجري إرضاعه حليب صناعي.

قال الشيخ: هذا يحتاج إلى تأمل وينظر هل لبن الأم لا شك أحسن، ولكن هل له تأثير اللبن الصناعي هل له تأثير يكون حكمه حكم الطعام محل نظر والاحتياط نعم، والأصل أنه لبن وأنه ليس بطعام ما أكل الطعام لكن هل هذا اللبن يختلف عن لبن الأم يختلف عن اللبن فيكون له حكم الطعام أو يقال ما دام أنه لبن فحكمه لبن الأم محل تأمل.

سؤال: ......

قال الشيخ: إذا أكل الطعام ولو لم يفطم إذا أكل الطعام لابد من الغسل، فالعبرة بأكل الطعام سواء فطم أو لم يفطم إذا أكل الطعام فلابد من الغسل وإذا لم يأكل الطعام فينضح. ولكن يبقى اللبن الصناعي هل له تأثير؟ هل حكمه حكم الطعام أم حكمه حكم اللبن مطلقا فيكون حكم لبن الأم؟

 

 

(وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه.

وقوله في حديث أنس: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد إلى آخره أي في جانبه دليل على أمور:

منها حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وحسن تعليمه).

(ومنه أن الجاهل معذور ولا يثبت عليه إثم ولا تعزير)

(ومنها ثبوت حرمة المسجد)

(ومنها أنه يكفي في غسل النجاسة زوالها ولو بمرة واحدة، والتفريق بين الأرض وغيرها تفريق بلا مفرق)

(ويستثنى من النجاسات نجاسة الكلب والخنزير لأجل النص)

(ومنها أن إنكار المنكر لا يشرع إذا ترتب على إنكاره منكر أعظم منه).

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الفطرة خمس).

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد