شعار الموقع

شرح كتاب إملائات ابن سعدي على عمدة الأحكام 13

00:00
00:00
تحميل
4

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين -والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين- اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين أما بعد

قال الشيخ الإمام عبد الغني المقدسي- رحمه الله تعالى- في كتابه "عمدة الأحكام "

باب الجنابة.

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله تعالى-

قوله باب الجنابة مأخوذٌ من الإجناب وهو الإبعاد ولهذا سمي البعيد عن الشيء أجنبياً عنه والأجانب ضد الأقارب وسبب تسمية الجنب جنبا، قيل لأن الماء باعد محله وقيل لأن الجنب بعيدٌ عما يفعله في حال طهارته وقيل لأنه بعيدٌ عن الأرواح الطيبة  وغسل الجنابة واجبٌ بالإجماع وهو ثابتٌ بالكتاب والسنة حتى إن بعض المفسرين قال إن المراد بقوله تعالى {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض }الآية قال هو غسل الجنابة فإنه أمانةٌ بين العبد وبين ربه والصحيح أن الآية عامةٌ وهو داخلٌ فيها والظاهر أن من قال إنه غسل الجنابة ذكره على وجه التمثيل لا على وجه الحصر وموجبات الغسل خمسةٌ بالإجماع والسادس فيه خلاف وهي خروج المني دفقاً بلذة والثاني إيلاج الحشفة في الفرج وإن لم ينزل والثالث الحيض والرابع النفاس والخامس الموت والسادس الإسلام أي إنه إذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل والصحيح أنه لا يجب ويذكر كل واحدٍ من هذه في بابه ويذكر في هذا الباب غسل الجنابة من النوعين الأولين.

 بسم الله الرحمن الرحيم _والصلاة والسلام على سيدنا محمد_ النوعين خروج المني دفقاً بلذة والثاني الإيلاج إيلاج الحشفة في الفرج نعم.

  عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب فانخنست منه فذهبت فاغتسلت ثم جئت فقال أين كنت يا أبا هريرة قال كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة فقال سبحان الله "إن المؤمن لا ينجس". قوله في حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب إلى آخره فيه أن المؤمن طاهرٌ حياً وميتا كما في بعض الروايات وفيه حسن أدب أبي هريرة رضي الله عنه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- واجلاله له حيث كره أن يجالسه في هذه الحالة وفيه فضل توقير الأفاضل والصالحين خصوصاً من قام مقام النبي -صلى الله عليه وسلم- من العلماء العاملين الذين هم ورثة الأنبياء وفيه أنه ينبغي للإنسان تفقد أصحابه ومن يتصل به والنظر في أحوالهم والسؤال عن من غاب منهم وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- ملازماً للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا حصل علماً كثيرا مع أنه لم يسلم إلا سنة سبع وهو أكثر الصحابة حديثا وقوله فانخنست الانخناس الذهاب بخفيه.

 وهذا الحديث كما ذكر المؤلف فيه دليل على وجوب غسل الجنابة وأن الجنابة توجب الغسل والجنابة تحصل في أحد هذين الامرين إما في خروج المني دفقاً بلذة سواءً كان يقظة أو في النوم ، يقظةً أو مناماً، والثاني إيلاج الحشفة في الفرج ،لهذا تكون جنابة، والحيض والنفاس، والموت هذا يوجب الغسل ولكن الجنابة تحصل في أحد هذين الأمرين، وفي دليل على وجوب الغسل قال تعالى {وإن كنتم جنباً فاطهروا} قال تعالى {يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم الى الكعبين وإن كنتم جنباً فطهروا}. وثبت في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كان يغتسل من الجنابة" وأنه يعمم جسده بالماء والغسل له وصفان وصف كمال، ووصف إجزاء ، وصف الإجزاء : هو أن يعمم جسده بالماء بعد أن يستنجى ويضع الماء حول فرجه؛ يعمم جسده بالماء، والثاني وهو الكمال: ينوي ثم يسمي ثم يستنجي ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً ثم يغسل شقه الأيمن ثم يغسل  شقه الأيسر ، في حديث ميمونة وفي حديث عائشة في أحدهما أنه كمل الوضوء وفى الآخر أنه أخر غسل الرجلين إلى خر الغسل لأن المكان الذي يغتسل فيه ليس مبلطاً وليس معه حذاء فهو يعلق في الرجلين الطين والتراب ولذا أخر غسل رجليه أما الآن فالحمامات مبلطة فلا يعلق شيء بالأرجل وقوله فانخنست يعنى تأخرت وفيه أن غسل الجنابة معلومٌ عند الصحابة ولهذا تأخر أبو هريرة -رضى لله عنه- وفيه أن المؤمن طاهر حياً وميتاً وأن الجنابة ليست نجاسة الجنابة معنى يقوم بالإنسان يمنعه من الصلاة والطواف ومس المصحف إلى غير ذلك مما يشترط له الطهارة وليس هو نجاسة الحدث ليس نجاسةً وإنما هو معنى ووصف يقوم بالإنسان يمنعه من العبادة التي يشترط لها الطهارة، المانع من الصلاة لو عاد الحدث والنجاسة إذا كانت في البدن أو في ثوب في بقعة فإنه لا بد من شرط الطهارة للصلاة إزالة النجاسة من البدن والثوب والبقعة

. طالب/ ماذا يستبيح الغسل المجزئ؟

الشيخ / الغسل المجزئ مثل الكامل يستبيح كل شىىء لا فرق بينهما لكن الغسل الكامل أفضل الغسل المجزئ هو أن ينوى ثم يسمى ثم يستنجى ثم يعمم جسده بالماء من غير ترتيب وإذا نوى رفع الحدثين ارتفع الحدثان وإلا فإنه يتوضأ بعد أن يعمم جسده بالماء وإن نوى في الحدثين أجزه الغسل أنه يكون يتوضأ قبل الغسل هذا هو الوصف الكامل وهذا هو وصف النبي –صلى الله عليه وسلم – ثم يتوضأ ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً ثم يغسل شقه الأيمن ثم يغسل شقه الأيسر وكل من الغسل المجزئ والكامل يستباح به الحكم ،واحد، يستباح بهذا ويستباح بهذا

طالب/ المضمضة؟

الشيخ/ لا بد من المضمضة، المضمضة والاستنشاق لا بد منهما في الغسل الكامل والمجزئ على الصحيح، فيه خلاف من العلماء منهم من قال هما واجبان في الوضوء دون الغسل، ومنهم من قال تجب المضمضة والاستنشاق، ومنهم من قال يجب الاستنشاق؛ والصواب أن المضمضة والاستنشاق واجبان في الوضوء والغسل جميعاً وهم داخلان في غسل الوجه

طالب/ هل يجزئ الوضوء بدون نية؟

 الشيخ /لابد من النية " إنما الأعمال بالنيات" الغسل ما يصح إلا بنية والوضوء ما يصح إلا بنية "إنما الأعمال بالنيات" فلو غسل أعضاءه أعضاء الوضوء من دون نية ناويا التبرد لا يكون غسله به وكذلك إذا كان عليه جنابة ثم غمس جسمه بالماء في بركة وهو لم ينو ارتفاع الحدث تبقى عليه جنابته يقول النبي –صلى الله عليه وسلم- "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل ما نوى" ما يرتفع الوضوء ولا يرتفع الحدث إلا بالنية ولو غسل الأعضاء ولو غسل جسمه

 الطالب/ أحسن الله عملك يا شيخ الغسل المجزئ على غير جنابة بالنسبة للجمعة لو اغتسل غسلاً مجزئاً وهو على غير جنابة هل يكفي?

 الشيخ/ نعم نعم، يكفيه غسله، لأن غسل الجمعة غسل مشروع لابد أن يكون الغسل غسل مشروع إما عن جنابة وإما عن غسل مشروع لكن لو اغتسل للتبرد هذا لا يجزئه لا بد من الوضوء ولا تنفعه النية لا بد أن يكون الغسل غسلاً مشروعاً غسل مشروع إما جنابة وإما غسل الجمعة هذا مشروع  

طالب/ أحسن الله عملك 10:46

 الشيخ: نعم. ارتفع عنه الحدث الأكبر وبقي الأصغر لا عند العلماء ما يجزئ إلا إذا غمست، إذا غمس في الماء ونوى أن يتوضأ سواء عليه جنابة أو ما عليه جنابة فإنه إن نوى الوضوء وقد غمس يخرج وجهه أولاً ثم يخرج اليد اليمنى ثم يخرج اليد اليسرى ثم يخرج رأسه ثم يرفع رجله اليمنى ثم يرفع رجله اليسرى هكذا يرفعها مرتباً

طالب/ يمسح الرأس بعد إخراج اليدين

الشيخ/ الغسل أبلغ وإذا مسح فهو أولى.

 الطالب/وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى عليه وسلم "إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم أغتسل ثم يخلل بيديه شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده وقالت كنت اغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناءٍ واحدٍ نغترف منه جميعا"

 وفى لفظ آخر أن الماء يكون قليل؛ فتقول دع لي ويقول دعي لي، يقول يعني أبق لي الماء فالماء قليل كل واحد يغترف فتقول هي دع لي ويقول هو دعي لي ابقي لي ابق لي نعم

 قوله في حديث عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة إلى آخره أي إذا أراد الاغتسال من الجنابة وهذا صفة الغسل الكامل وفيه وجوب الإسباغ وتخليل الشعر ليصل الماء إلى البشرة سواء كان خفيفاً أو كثيفا بخلاف الوضوء فإنه لا يجب تخليل الكثيف في الوضوء وفيه أنه كما قال الفقهاء الظن في الإسباغ يقوم مقام اليقين

 وقوله أفاض الماء عليه ثلاث مرات أي أفاضه على رأسه وقوله توضأ وضوءه للصلاة الظاهر أنه يكمل الوضوء وفيه أنه لا بأس أن يشترك الرجل والمرأة في الماء في إناءٍ واحد وأن ذلك لا يفسد الماء ولا يضره بشيء، وأما ما خلت فيه المرأة ففيه خلافٌ مشهورٌ من المذهب أنه إذا خلت فيه المرأة لطهارةٍ كاملةً عن حدث كان طاهراً غير مطهر، والصحيح أنه طاهرٌ لا بأس به ولهذا لما اراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل من فضل طهور ميمونة بنت الحارث قالت يا رسول الله إني كنت جنبا فقال "إن الماء لا يجنب" ولا دليل على فساده بوجهٍ صحيح وفيه أنه لا يضر الاغتراف من الماء إذا نظف يده

وهذا الحديث حديث عائشة في بيان الغسل الكامل وهو أنه ينويه ثم يسمي ثم يغسل يديه ناوياً رفع الحدث عنهما ثم يستنجي ثم يتوضأ وضوءه للصلاة يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه ويغسل يده اليمنى ثم يده اليسرى ثم يمسح رأسه وأذنيه ثم يغسل رجليه يكمل الوضوء ثم يصب الماء على رأسه ثلاثا يفيض الماء على رأسه ثلاثا ويدخل أصابعه  في الشعر يخلل حتى يصل الماء إلى أصول الشعر لأن الجنابة لابد من إيصال الماء إلى أصول الشعر سواء كان الشعر خفيفا أو كثيفا بخلاف الوضوء فإنه إذا كان الشعر خفيف كشعر اللحية يجب عليه أن يخلل وأن يصل الماء إلى البشرة أما إذا كان الشعر كثيف فإنه يكفي غسل ظهر الشعر وضابط الفرق بين الكثيف والخفيف أن الكثيف هو الذي يغطي البشرة ولا يرى من وراءه البشرة والخفيف هو اللي يرى من وراءه البشرة الشعر الخفيف في الوضوء لا بد من غسله لا بد من إيصال ماء البشرة أما الكثيف فإنه يكفي غسل ظهر الشعر وتخليل اللحية الكثيفة سنة وليس بواجب أما الغسل فلابد من إيصال الماء إلى أصول الشعر ولابد من التخليل سواءٌ كان الشعر كثيفاً أو خفيفاً فلا بد أن يصل الماء إلى أصول الشعر في الرأس وكذلك اللحية  وفيه أنه كامل يكمل الوضوء ثم يغسل رأسه ثم يغسل شقه الأيمن ثم يغسل شقه الأيسر، في حديث عائشة أنه كمل الوضوء في حديث ميمونة أنه أخر غسل الرجلين توضأ وأخر غسل الرجلين حتى أنتهى من غسل جسمه فغسل رجليه من باب النظافة لهما حتى يذهب ما علق بهما من طين أو تراب هذا هو الغسل وفيه أنه لا بأس أن يغتسل الرجل وزوجته من إناءٍ واحد وأن هذا لا يعتبر -كونه تغرف منه- لا يعتبر استعمال، وإنما يكون استعمال عند الحنابلة إذا خلت به، إذا خلت به وتوضأت وحدها وخلت به لطهارةٍ كاملة فإنه يكون مستعملا يشترطون الخلوة، ويشترطون أن تكون الذي خلا به أنثى فإن كان رجل فلا يكون مستعمل ولابد أن تكون امرأة فان كانت جارية صغيرة فلا، ولا بد أن تكون عن طهارة كاملة عنها، الطهارة كاملة ،ولابد أن يكون عن حدث إذا وجدت هذه الشروط يكون عند الحنابلة  يكون مستعمل يسمى طاهر ولا يسمى طهور فهو طاهر: يعني يستعمل في كل شيء إلا في رفع الحدث لا يقوى على رفع الحدث لكن طاهر لو أصاب جسمك أو ثوبك فلا ينجسك فهو طاهر ويجوز استعماله في كل شيء في الشرب وفي الطبخ وفي الغسل _ثيابه_ إلا أنه لا يستعمل في الوضوء وهذا هو المشهور عند جمهور الفقهاء وذهب المحققون من أهل العلم إلى أنه يكون طهوراً ولا فرق بين أن يكون مستعملاً وغير مستعمل ولا دليل على كونه بل لو جمع الماء الذي تقاطر من أعضائه هذا يسمونه الفقهاء يسمونه طاهر لو جمع القطرات عندما توضأ قطرات اللي تنزل من وجهه ويديه ورجليه في إناء يكون هذا طاهر لا يصح يتوضأ به لكن يستعمل في كل شيء والصواب أنه له أن يتوضأ فيه ولا دليل على المنع وهذا هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ عبدالرحمن السعدى والشيخ ابن باز وجمع من المحققين أنه يكون طهور وطهر لا فرق بين الأمرين وأما ما خلت به المرأة فانه يكون مستعملاً بشروط بشرط أن يخلو به امرأة فان كانت جارية صغيرة فلا، ولابد أن يكون عن طهارةٍ كاملة ولا بد أن يكون عن حدث فإن كان ليس عن حدث فلا، والصواب أنه لا يضر لأنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ بفضل طهور ميمونة  ولما قالت له إني جنب قال "إن الماء لا يجنب" والنهي هو جاء في الحديث الآخر أن النبي نهى عن وضوء فضل المرأة أجاب العلماء عنه بأن النهي بالتنزيه وفعل النبي دليل على الجواز فيجوز الوضوء به وتركه أولى، الأفضل تركه ولكنه يجوز جمعاً للنصوص. وفيه دليل على أنه لا بأس بأن يتوضأ الرجل وزوجته وفيه دليل على أنه لا بأس أن ينظر الرجل إلى زوجته وإلى عورتها وهي تنظر إلى عورته لأنها حل له وهو حلٌ لها، وأما حديث "ما رأيت منه ولا رأى مني" يعني العورة فحديث لا يصح. هذا يذكره النحويون يستشهدون به ما رأيت منه عائشة قالت ما رأيت منه ولا رأى مني ما رأيت منه يعني العورة لا يصح خالف الأحاديث الصحيحة فهي حل لزوجها وهو حلٌ لها يجوز أن يرى منها كل شيء

 الطالب/ أحسن الله اليك وعن ميمونة بنت الحارث زوج النبي _صلى الله عليه وسلم- ورضي عنها- قالت وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة فأكفى بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثة الشيخ/ قف عند حديث ميمونة

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد