بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين أما بعد
قال الشيخ الإمام عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه عمدة الأحكام
وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد كلانا جنب فكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف. فأغسله وأنا حائض. قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى. وقوله في حديث عائشة كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد كلانا جنب فيه أنه لا بأس باشتراك الرجل والمرأة في ماء الطهارة الكبرى والصغرى واختلف فيما إذا خلت به المرأة لطهارةٍ كاملةٍ عن حدث. هل يطهر الرجل أم لا الصحيح أنه لا بأس به. لأنه صلى الله عليه وسلم تطهر بفضل طهور إحدى نسائه. فقالت يا رسول الله فقال إن الماء لا يجنب كما تقدم. وقولها كان يأمرني فأتزر إلى آخره. فيه أنه لا بأس بمباشرة الحائض فيما فوق السرة. وذلك بالإجماع. وكان اليهود يتجنبون الحائض ولا يقربونها حتى أن بعضهم لا يساكنها وكان النصارى لا يستنكفون من وطئها فجاء الإسلام ولله الحمد بتحريم مباشرة الأذى وإباحة ما دونه. واختلف في مباشرة ما تحت السرة دون الوطء. الصحيح أنه لا يحرم والتحرز منه أولى لأن من رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه. وقولها وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف. فأغسله وأنا حائض فيه أنه لا بأس بخروج بعض بدن المعتكف. وفيه أن قوله تعالى (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون.. إلى آخره) أن المراد بالمباشرة الوطء ودواعيه. قال شيخ الإسلام كل مباشرةٍ أضيفت إلى النساء فالمراد بها الوطء أو المباشرة لشهوة.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد
هذا الحديث كما ذكر الشارح رحمه الله فيه من الفوائد جواز اغتسال الرجل والمرأة من إناءٍ واحد. وأن كون الرجل والمرأة يغترفان من إناء واحد لا يجعل الماء مستعملاً. فهو يغترف وهي تغترف. جاء في بعض الروايات أنه يقول أبق لي وهي تقول أبق لي إذا قل الماء تقول أبق لي إذا قل الماء فهم يغترفون جميعاً هذا يدل على أنه لا يكون مستعملاً. وإن كان يدخل يده ويأخذ ويدخل يده لا يجعله مستعملاً. وهذا في الاتفاق. وإنما الخلاف إذا اغتسلت المرأة من إناء بطهارةٍ كاملة عن حدث. إذا تطهرت من إناء وكانت وحدها وليس معها أحد. هذا الجمهور يرون أنه يكون مستعملا بعدها يكون مستعملا بمعنى أنه لا يتطهر فيه الرجل ولكن يكون طاهرا ولا يسمى طهور. فهو لا يرفع الحدث لكن يستعمل في الأمور الأخرى. يستعمل في الطبخ وفي الأكل وفي الشرب وفي غسل الثياب. طاهر ليس نجس لكنه لا يرفع الحدث والقول الثاني لأهل العلم أنه يكون طهوراً أيضاً ويرفع الحدث ولا حرج الحديث الآخر النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل بفضل بعض زوجاته من جفنه. اغتسل فيها بعض أزواجه. فلما أراد يتوضأ منه قالت يا رسول إني جنب قال إن الماء لا يجنب. فدل على أنه لا بأس به. والحنابلة يرون أنه يكون مستعملا إذا خلت به امرأة. وتكون المرأة بالغة. وتكون لطهارةٍ كاملة ويكون أحدها الشروط. فإن خلت به فإن لم تخل به وراها أحد فلا يؤثر. أو خلت به لغير طهارة فلا يؤثر. أو كانت المرأة غير بالغة فلا يؤثر. هذا الشروط أن تخلو به امرأة تخلو ما يكون عندها أحد. وتتطهر به طهارةً كاملة عن حدث. ويبقى البقية هذا هو محل الخلاف. فالجمهور يقول هذا ماء مستعمل لا يرفع الحدث. ولكن يستعمل في جميع الأمور الأكل وفي الشرب وفي الغسيل. وإذا أصاب الثوب فهو طاهر لكن لا يرفع الحدث. إذا خلت به امرأةٌ لطهارةٍ كاملة على الحدث. والقول الثاني أنه لا حرج وأنه يجوز التطهر به ومثله أيضاً الماء المستعمل في رفع الحدث يعني لو جمع القطرات التي تقاطر منه حينما يتوضأ من وجهه ومن يديه ومن رجليه وجمعها في إناء. فهل يتوضأ بها مرةً أخرى أو لا يتوضأ؟ الجمهور على أنه لا يتوضأ بها. مستعمل استعمل في طهارة فلا يستعمل في طهارة ثانية. لكن يستعمل في الشرب يستعمل في غسل الثياب. يستعمل في الأمور الأخرى. والقول الثاني أنه يستعمل في الطهارة مرة ثانية أن جمع القطرات ولا حرج. وهذا هو مذهب المحققين من أهل العلم وفيه من الفوائد أن الرجل لا بأس أن ينظر إلى عورة امرأته وهي تنظر إليه لأنه يحل لها وهي تحل له لأنهم يغتسلون من المعلوم أن المغتسل لا يغتسل وهو عليه ثيابه وفيها أنه لا بأس بكشف العورة عند الاغتسال إذا لم يره أحد. بعض العلماء يقول إنه عليه أن يتزر ولو كان وحده. فكيف يغتسل ويترطب الثوب الذي عليه. لا بأس بخلع الثوب الذي عليه إذا أغلق الحمام ويغتسل. هذا لا حرج في ذلك على الصحيح. ولا وجه لقول إنه يكره أو الأولى أن يلبس إزاراً. والرجل وهو زوجته معلوم هي حلٌ له وهو حلٌ لها. فهم يغتسلون جميعا. ومن العلماء أنه لا ليس عليه إزار لو كان عليه إزار يتعبه كل واحد يعترف على الإزار ما يمكن فدل على أنه لا بأس بكشف العورة. إذا لم يكن عنده أحد في الاغتسال أو للوضوء أو الاستنجاء لا بأس. أما أن يكشف بدون سبب فلا يجوز ينبغي للإنسان أن يستر نفسه وكذلك أيضاً المرأة لها أن تنظر إلى عورة زوجها والرجل ينظر إلى عورة امرأته لأنها حلٌ لها وهي حلٌ لها. وأما حديث عائشة ما رأيت منه ولا رأى منه يعني العورة فهو حديثٌ ضعيف لا يصح. وفيه من الفوائد جواز مباشرة المرأة الحائض وأن للرجل أن يباشر امرأته وهي حائض فيما فوق السرة هذا بالاتفاق. كما هو متفق وأما ما تحت السرة ففيه خلاف والصواب أنه لا بأس به بشرط أن يجتنب الوطء جاء في الحديث أن النبي سئل ما يحل للرجل قال "ما فوق الإزار". وما تحت الإزار هذا من باب الحماية والاحتياط. ولو باشر فلا حرج صحيح إذا باشرها إليه فضمها إليه في فخذيها وفي كذا لا حرج. والممنوع هو الوطء والجماع. هذا هو الممنوع. وفيه دليل أيضاً على أنه لا بأس أن الحائض لها أن ترجل شعر رأس زوجها وهي حائض لأنها طاهرة دليل على أن الحائض بدنها طاهر وثيابها طاهرة لها أن تطبخ وتعجن وتغسل الثياب وتسرح شعر رأس زوجها. النجاسة تخص الدم فقط. وفيه الرد على اليهود الذين يعتزلون الحائض يعتزلونها ولا يؤاكلونها ولا يشاربونها يجعلونها في مكان خاص. فالنبي صلى الله عليه وسلم خالفهم قال اصنعوا كل شيء إلا النكاح. يصنعوا كل شيء إلا النكاح يعني الجماع اصنعوا كل شيء هذا يدل على أنه لا بأس مباشرة الرجل زوجته فيما تحت السرة. وإنما ممنوع النكاح فقط. قال اسمعوا حديث أنس "اصنعوا كل شيءٍ إلا النكاح". يعني إلا الجماع. والنصارى أفرطوا حتى أنهم يجامعون المرأة. فالرجل يجامع المرأة. واليهود تعنتوا حتى أنهم يعتزلونها ولا يؤاكلونها ولا يشاربونها. والإسلام وسط. يعني بمؤاكلة الحائض ومباشرتها إنما ممنوع النكاح والوطء. وفيه دليل على أن المعتكف لا بأس أن يسرح شعر رأسه. وأن تسرح شعره زوجته. وفيه دليل على أن المعتكف إذا أخرج رأسه لم يخرج لا يكون خارجاً من المسجد العبرة بالرجلين إذا كانت في المسجد فلو اطلع المعتكف أو حلف أنه لا يخرج من المسجد ثم طلع برأسه مع الباب وينظر ما يكون خارجا ما دامت رجلاه في المسجد. وكذلك لو حلف ألا يخرج من المسجد ثم أخرج رأسه ورجلاه في المسجد لا يحنث. فالنبي صلى الله عليه وسلم معتكف الآن والمعتكف لا يخرج من المسجد إلا لحاجة. ولكنه أدخل رأسه على عائشة. وعائشة في حجرتها خارج المسجد. ولكن رجله في المسجد. فكان يناول لها رأسه وتسرحه والتسريح كد الشعر تسريح الشعر. فتسرح شعر رأسه وهو في المسجد وهي في حجرتها. دل على أنه لا بأس في تسريح شعر الرأس ولا بأس. وفيه دليل على أن بدن الحائض طاهر وفيه ودليل على أن خروج الرأس لا يعتبر خروجاً من المسجد ما دامت رجلاه في المسجد.
هل عليه توبة إذا جامع زوجته؟
عليه التوبة جاء في الحديث أن من جامع فعليه دينار أو نصف دينار كفارة مع التوبة والاستغفار
.....
لأنه قال يكون مستعمل يشترط هذه الشروط أن تخلو به أن تخلو بالماء ولو كان ينظر إليها أحد ما يؤثر. لو اغتسلت وتوضأت وهو ينظر إليها أحد ما يؤثر لابد تخلو به تغلق الباب لا يراها أحد ولابد أن تكون امرأة بالغة ولو كانت صغيرة فلا بأس ولابد أن تخلو به لطهارة كاملة عن حدث فلو خلت به ليست لطهارة وإنما للتبرد أو التنظيف فلا يؤثر هذا الشروط تخلو تكون امرأة بالغة وتخلو به بطهارة كاملة عن حدث. يكون مستعمل بهذا الشروط.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن. وقوله في حديث عائشة أيضاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري ويقرأ القرآن. فيه أن قراءة القرآن في هذه الحالة ليس فيه إهانةٌ له ولا كراهة.
نعم. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن في هذا الحديث كان يقرأ القرآن وهو متكئ في حجر عائشة فيه دليل جواز هذا الأمر وأن هذا ليس فيه إهانة له وليس هناك تأثير كونها حائض لا يؤثر. لأنها طاهرة وبدنها طاهر. والنجاسة إنما في خصوص الدم بل إن على الصحيح يجوز للحائض أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب بشرط ألا تمس المصحف والمصحف لا تمسه إلا من وراء قفازين والجمهور على أن الحائض لا تقرأ القرآن ولو عن ظهر قلب قياساً على الجنب. قاسوه على الجنب والجنب ممنوع عند الجماهير. لحديث "أما الجنب فلا ولا آية". الجنب لا يقرأ القرآن على ظهر قلب ولكن المحدث حدثا أصغر له أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب أما الجنب فلا وإن كان هناك بعضهم أفتى بأن الجنب يقرأ القرآن لكن جماهير العلماء على المنع. لحديث "أما الجنب فلا ولا آية". وقاس الجمهور الحائض والنفساء على الجنب. فقالوا ليس للحائض ولا للنفساء أن تقرأ القرآن قياساً على الجنب ولحديث الذي ورد. والحديث ضعيف لا يصح والقياس قياسٌ مع الفارق. قياس الحيض والنفساء على الجنب قياس مع الفارق. لأن الجنب مدته قصيرة. وفي يده أن يغتسل ويقرأ القرآن في عشر دقائق أو أقل خمس دقائق. يغتسل ويقرأ القرآن لكن الحائض والنفساء ليس في استطاعتها أن تقرأ القرآن وقد تطول مدتها قد تكون مدتها أربعين يوماً. وقد تنسى حفظها تكون حافظة للقرآن أو تكون مدرسة أو طالبة تحتاج إلى قراءة القرآن. فالصواب أنه لا بأس للحائض والنفساء أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب. لكن لا تمس المصحف إلا من وراء القفازين. لأن قياسها على الجنب قياس مع الفارق ولأن الحديث ضعيف. حديث الوارد في هذا ضعيف. والجمهور يرون أنها ممنوعة يقيسونها على الجنب وحجتهم الحديث الضعيف والقياس.. والحديث ضعيف والقياس قياس مع الفارق.