(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والسامعين.
قال المؤلف رَحِمَهُ اللهُ في مختصر زاد المعاد لابن القيم:
وَكَانَ يَقُولُ أَيْضًا فِي رُكُوعِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» وَتَارَةً يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي» وَهَذَا إِنَّمَا حُفِظَ عَنْهُ فِي قِيَامِ الليل.
(الشرح)
وهذا بعد ما يقول: سبحان ربي العظيم. سبحان ربي العظيم لابد منها. في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود، والتكبيرات، كل هذه واجبة عند جمع من أهل العلم، الحنابلة والجماعة، وهو مستحبة عند الجمهور، سبحان ربي العظيم ثم بعد ذلك يقول: سبحانك اللهم ربنا اغفر لي، سبوحٌ قدوسٌ رب الملائكة والروح، اللهم لك ركعت. وكما ذكر الدعاء هذا حفظ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الليل. «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي»، هذا في صلاة الليل لأن صلاة الفريضة مبنية على التخفيف.
نعم، هذا في صلاة الليل: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي»، هذا يقول المؤلف أنه في صلاة الليل؛ لأن صلاة الليل يكون فيها الطول.
(المتن)
ثم يرفع رأسه قَائِلًا: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَكَانَ دَائِمًا يُقِيمُ صُلْبَهُ، إِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَيَقُولُ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود».
(الشرح)
نعم، لابد من إقامة الصلب في الركوع والسجود، يمد ظهره، وكذلك إذا رفع رأسه من الركوع، بعض الناس من العجلة ما يستقيم كأنه منحني يتهيأ للسجود، لا، لابد أن تستقيم بصلبك.
كذلك بين السجدتين، بعض الناس تجده منحني ويتهيأ للسجدة الثانية، لا، لابد أن تقيم صلبك. تقيم صلبك وتطمئن.
(المتن)
وكان إذا استوى قال: «ربنا ولك الحمد».
إذا استوى قائمًا بعد الركوع. ما يرفع وهو منحني متهيئ، يستقيم ثم يقول: ربنا ولك الحمد.
الطالب: ...
الشيخ: هذا خلل.
(المتن)
وكان إذا استوى قال: «ربنا ولك الحمد»، وربما قال: «اللهم ربنا لك الحمد» وأما الجمع بين اللهم والواو، فَلَمْ يَصِحَّ.
(الشرح)
والصواب: أنها كلها الأمور الأربعة واردة.
- ربنا ولك الحمد. ربنا بدون اللهمَ، بدون الواو.
- والنوع الثاني: ربنا لك الحمد بدون واو بدون الله.
- والنوع الثالث: اللهم ربنا لك الحمد.
- النوع الرابع: اللهمَ ربنا ولك الحمد.
هذه وردت ذكرها الشيخ تبعًا لابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في هذا، والسُنة وردت بالجمع، كأنه لم يثبت عند ابن القيم، والحديثان ثابتان.
أربعة:
- ربنا لك الحمد، بدون واو.
- ربنا ولك الحمد.
- اللهم ربنا لك الحمد.
- اللهم ربنا ولك الحمد.
الألفاظ الأربعة كلها واردة ثابتة.
الطالب: هنا في حاجة، قال: بل قد صح ذلك. في الحاشية.
الشيخ: من هو في الحاشية؟
الطالب: ما ذكر.
الشيخ: نعم صح، يعني باختصارها الإمام تتابع لابن القيم. هذا اختصرها الإمام محمد عبد الوهاب رَحِمَهُ اللهُ وتبع ابن القيم.
الطالب: ...
الشيخ: وهذا يمكن هذا، ... الشيخ محمد عبد الوهاب رَحِمَهُ اللهُ.
(المتن)
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ إِطَالَةُ هَذَا الركن بقدر الركوع، فصح عنه أنه كان يقول فيه: «اللهم ربنا لك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا بينهما، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ».
(الشرح)
يعني أنه يُطيل هذا الركن مثل ما يطيل الركوع، لأن صلاة النبي متناسبة، إذا رفع رأسه من الركوع يطيله مثل إطالة الركوع، وإطالة السجود. وهذا مما يعني يتساهل فيه بعض الناس، وبعض الأئمة يُخفف هذا الركن.
وصفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رفع رأسه من الركوع وقف حتى يقول القائل قد نسي، وإذا رفع من السجدة جلس حتى يقول القائل قد أوهم وقد نسي.
فهذين الركنين يتساهل فيهما بعض الناس يخففون، وينبغي أن تطون إطالة مثل إطالة الركوع ومثل إطالة السجود، حتى تكون الصلاة متناسبة.
والأحناف بالخصوص يخففون هذين الركنين، ويروون عن المذهب أنه لا يجب الطمأنينة فيهما. وهذا خطأ.
الأحاديث صحيحة وصريحة في إطالة هذين الركنين.
ولهذا تجدون الآن الإخوان الباكستانيين على طريقة الأحناف يخففون الركنين، إذا رفع رأسه من الركوع يسجد على طول، ما يُقيم صُلبه، وإذا رفع رأسه من السجدة الأولى سجدة السجدة الثانية بدونِ أن يطمئن، وهذا خطأ، هذا مخالف للسُنة، ولو نُسب هذا إلى الإمام أبو حنيفة أو إلى بعض أصحاب المذهب.
السُنة حُجة. السُنة حاكمة على كُلِ أحد. الكتاب والسُنة حاكمة على كُلِ أحد، على أقوال الناس.
(المتن)
وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيهِ: «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ».
(الشرح)
يعني يطيله مثل الركوع، ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا مباركًا فيه. هناك ما ذكر الجملة هذه، قال: ملئ السماواتِ وملئ الأرض وملئ ما بينهما وملئ ما شئتَ من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد. يعني أنتَ أهلُ الثناء. ويصلح أهل الثناء يعني: أهلُ الثناء والمجد، على تقدير: أنت أهلُ الثناء والمجد. أو: أهل الثناء والمجد. يا أهل الثناءِ والمجد.
«أحقُ ما قال العبد وكُلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفعُ ذا الجد منك الجد».
«لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفعُ ذا الجد منك الجد»، يعني لا ينفعُ صاحب الحظ منكَ حظه.
وصح عنه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «اللهمَ أغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد»، وصح أَيْضًا أنه في حديث قال، لعل هذا في قيام الليل، الإطالة: «لربي الحمد، لربي الحمد، لربي الحمد، لربي الحمد».
(المتن)
وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيهِ: «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ».
(الشرح)
وهذا ورد الاستفتاح، مثل ما ورد في الاستفتاح الذي رواه أبو هريرة وأخرجه الشيخان، وهو أصح استفتاح بعد التكبيرتين: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلجِ والماء والبرد». أعد هذا. وصح عنه.
(المتن)
وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيهِ: «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ».
(الشرح)
هو الاستفتاح لكن بدأه من آخره غير مرتب. نعم.
(المتن)
وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَرَّرَ فِيهِ قَوْلَهُ: «لِرَبِّيَ الْحَمْدُ، لربي الحمد» حتى كان بقدر ركوعه.
(الشرح)
اللهُ أكبر. حتى كان بقدر ركوعه، إذا كانت القراءة طويلة الركوع طويل والسجود طويل، وإذا كان القيام يعني ليس بالطويل، لا يطيل الركوع والسجود، حتى تكون الصلاة متناسبة. وبعض الناس كما ذكرت، وبعض الشباب الآن تجدهم الآن في صلاة النافلة الآن صلاتهم غير متناسبة، ييجي يصلي ركعتين قبل الصلاة، سواء الراتبة أو غير الراتبة، تجده يطيل في السجود، في السجود يجلس خمس دقائق، وأحيانًا عشر دقائق، وأحيانًا من أول الصلاة إلى آخره ساجد ما يتحرك ولكن في القيام ما يقرأ إلا الفاتحة، والسجود يمكن تقرأ نصف جزء وهو ساجد. فهذا غير متناسب، هذا يكون في صلاة الليل الإطالة في السجود، أما النافلة تكون في السجود خفيف مناسب، مناسب للركوع. الركوع والسجود والقراءة كله متناسبة، بعد ما يرفع رأسه من الركوع، وبعد ما يرفع رأسه من السجود متناسبة، إلا القيام والتشهد. كما في الحديث: إلا القيام والقعود. تكون الصلاة متناسبة، إذا تريد تطيل الركوع والسجود تطيل القراءة والقيام.
أما أن يكون القراءة قليل والسجود طويل والركوع خفيف هذا غير متناسبة، خلاف السُنة.
وكذلك أَيْضًا في ركعتي الفجر سُن التخفيف، نعم.
الطالب: ...
الشيخ: كذلك التلاوة ما لها وجه، بعض الإخوان يجعل التلاوة بعد العصر عشر دقائق. عشر دقائق في التلاوة، هذا خلاف السُنة، التلاوة معروف.
(المتن)
وذكر مسلم عَنْ أنس: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ. ثُمَّ يَسْجُدُ ويقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم.
(الشرح)
وفي الرواية الأخرى: قد نسي. يعني لبيان أنه يطيل هذين الركنين على خلاف ما اعتاده الناس من تخفيفهما.
أعد.
(المتن)
وذكر مسلم عَنْ أنس: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ.
(الشرح)
أوهم وفي اللفظ الآخر: قد نسي. أوهم يعني نسي، من طول القيام.
(المتن)
ثُمَّ يَسْجُدُ ويقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم فهذا هديه المعلوم، وَتَقْصِيرُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ مِمَّا تَصَرَّفَ فِيهِ أُمَرَاءُ بني أمية حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ.
(الشرح)
يعني أول من أخل بهذين الركنين أُمراء بني أُمية. أمراء بني أُمية أحدثوا، هذا من الأحداث التي أحدثوها، خففوا الركنين على خلاف ما كان عليه الصحابة. وكذلك أَيْضًا من الأمور التي أحدثوها: تأخير الصلاة عن وقتها، ووجد، حتى أن أنس أدرك شيئًا من ذلك رَضِيَ اَللَّهُ عَنْه. ودخلوا على أنس كما ثبت في الحديث وهو كان بالبصرة، قال: صلينا الظهر قُرب العصر، ثم دخلنا على أنس، قال: أصليتم العصر؟ قلنا: فرغنا الآن من صلاة الظهر، قال: قوموا نصلي العصر. وذكر الحديث.
فكان بعض أمراء بني أُمية ينشغلون حتى يؤخرون الصلاة إلى آخرِ وقتها.
وكذلك أَيْضًا مما أحدثوه: عدم التكبرات، يكتفي بتكبيرة الإحرام، ولهذا استنكر هذا، استنكر بعضهم لما رأى بعضهم يكبر، قال رأيتُ خلف شيخٍ أحمق يُكبر ثنتين وعشرين تكبيرة، يعني على خلاف المعتاد ما يكبرون، تكبيرة الإحرام. فقال. هذه هي السُنة.
هذه مما أحدث بنو أُمية. خلفاء بني أُمية بتقصير هذين الركنين ومشى عليها الآن بعض الناس الآن من الأئمة وغيرهم، تخفيف هذين الركنين.
(المتن)
[فَصْلٌ في هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السجود]