شعار الموقع

15- مختصر زاد المعاد

00:00
00:00
تحميل
15

(المتن)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله أجمعين, قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- في مختصر زاد المعاد لابن القيم: وكان محافظته عَلَى سُنَّةِ الْفَجْرِ أَشَدَّ مِنْ جَمِيعِ النَّوَافِلِ.

(الشرح)

دليل هذا حديث عائشة -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْها-قالت: «لم يكن النبي أشد تعاهدًا على سنة النوافل أشد من تعاهده على سنة الفجر», وقال - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ–: «ركعتا الفجر خيرًا من الدنيا وما فيها».

وكان النبي r لا يترك سنة واجبة لا حضر ولا سفرًا, والسنة تخفيف وعدم الإطالة فيها.

(المتن)

 وكذلك لم يكن يدعها هي والوتر، لا حضرا ولا سفرا.

(الشرح)

كان عائشة تقول: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ», بعض الإخوان اللي يحبون الخير تجده من جهله إذا جاء يصلي ركعة الفجر يطول يجلس في السجود يدعو دقائق يرفع كذلك هذا خلاف السنة, هذا يكون في صلاة الليل, أما في صلاة الفجر فُيخفف ما فيها إطالة.

(المتن)

 ولم ينقل عنه أنه صلى في السفر سنة راتبة غيرهما.

(الشرح)

غير الوتر يعني سنة الفجر إذا كان يقصر الصلاة, كان يترك سنة الظهر القبلية وسنة الظهر البعدية وسنة المغرب وسنة العشاء هذه يتركها في السفر  إذا قصر الصلاة, قال ابن عمر t: «لو كنت مُسبحًا لأتممت», وهذا من فقه t إذا كنت مسبحًا صلاة السُبحة النافلة لأتممت, لأتممت الفريضة أقصر الفريضة الرباعية ركعتان ولو كنت أريد السنة لأتممت الفريضة.

وهذا من فقه t وهذا أقره المحققون شيخ الإسلام وأبو القيم وذهب آخرون من الجمهور على أنها تُصلى سنن الرواتب حتى في السفر واستدلوا بأحاديث لكن الأحاديث التي استدل بها قائلًا بترك الصلاة أقوى, الصحيح أنه يتركها أولئك لهم أدلة في الأحاديث لكنها ليست في الصَّحِيْحَيْنِ ولكنها فيها بعض الكلام وبعضها حسن وبعضها غير حسن.

الرواتب هذا, أما ما عدا سنن الرواتب فهي تُفعل في السنن سنة الضحى صلاة الليل تحية المسجد, سنة الوضوء والوتر كلها تُفعل.

الكلام في سنن الرواتب وسنن الرواتب فيها خلاف, الجمهور يقول: تُصلى حتى سنن الرواتب والأقرب والله أعلى أنه إذا قصرت الصلاة فلا تصلي, وإذا أتممت الصلاة تصلي السنة الراتبة, إذا أتممتها صليتها في البلد أو في المسجد تصلي السنة وإذا قصرت فلا تصلي الراتبة.

(المتن)                

وقد اختلف الفقهاء أيهما آكد؟

(الشرح)

الوتر أو سنة الفجر, عند الأحناف الوتر آكد, يرى أن الأحناف الوتر سنة, الأحناف  يرى أن الوتر واجب وهذا آكد عند الأحناف, الأحناف يقولون: الوتر واجب, رد عليهم البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللهُ-وذكر الأدلة التي فيها أن النبي r كان يصلي الوتر على راحلته.

وكان في الفريضة لا يصلي على الراحلة, فقال: فلو كان الوتر واجبًا لنزل صلى في الأرض فلما صلى على الراحلة دل على أنه ليس بواجب وهذا هو الصواب.

لأن النبي - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ–في الفريضة ما كان يصلي على الراحلة كان يقف ويصلي, وأما السنن النوافل فإنه يصلي حيث اتجاه سفره ولو لغير القبلة, يصلي على الراحلة المركوبة, فَإِذاْ صلى السنن في السيارة لا بأس يصلي النوافل في الليل فلا بأس الوتر يتهجد فلا بأس إذا لم يكن قائد يقود السيارة ما ينبغي لا يتنفل لأنه خطر هذا مشغول بالقيادة لكن غير قائد السيارة له أن يصلي أما القائد لا ينبغي أن يصلي لأنه هذا فيه خطر ليس كالراحلة.

 (المتن)

 وسنة الْفَجْرِ تَجْرِي مَجْرَى بِدَايَةِ الْعَمَلِ، وَالْوِتْرُ خَاتَمَتُهُ.

(الشرح)

لأن النهار يبدأ من طلوع الفجر, فَإِذاْ طلع الفجر أول شيء نبدأ به سنة الفجر والوتر يختم به ليلته, وسنة الفجر هي البداية بداية اليوم والوتر خاتمته.

(المتن)

  ولذلك كان يصليهما بسورتي (الإخلاص) و (الكافرون) وَهُمَا الْجَامِعَتَانِ لِتَوْحِيدِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَتَوْحِيدِ الْمَعْرِفَةِ والإرادة، وتوحيد الاعتقاد والقصد: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1], متضمنة لما يجب إثباته له تعالى من الأحدية المنافية لمطلق الشركة بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد المقرر لكمال صمديته وغناه ووحدانيته.

(الشرح)

يعني كان يقرأ فيهما في ركعتي الفجر, الأولى بعد الفاتحة يقول: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1], والثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1], وكذلك الوتر يفتتح نهاره بالتوحيد ويختم ليلته بالتوحيد.

بعد الفاتحة يقول: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1], والثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1], بعد الفاتحة في الثانية, كذلك في الوتر إذا أوتر بثلاث يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1], والثانية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1], بعد الفاتحة وفي الثالثة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1], بعد الفاتحة.

فيختم بهما ويفتتح بهما, التوحيد نوعان: توحيد في القول والاعتقاد, وتوحيد الربوبية: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 1، 2].

توحيد الألوهية والعبادة أي الإرادة والقصد: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1], هذا توحيد العبادة, {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1], هذه أَيْضًا توحيد الربوبية, توحيد الأسماء والصفات.

(المتن)

  ولذلك كان يصليهما بسورتي (الإخلاص) و (الكافرون) وَهُمَا الْجَامِعَتَانِ لِتَوْحِيدِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَتَوْحِيدِ الْمَعْرِفَةِ والإرادة، وتوحيد الاعتقاد والقصد: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1].

(الشرح)

توحيد العلم وهو توحيد الربوبية, يُقال توحيد الاعتقاد أما توحيد العلم وتوحيد العمل هو توحيد الإرادة والقصد.

(المتن)

وَتَوْحِيدِ الْمَعْرِفَةِ والإرادة، وتوحيد الاعتقاد والقصد .

(الشرح)

فالمعرفة والإثبات والإرادة والقصد والعمل واحد كتوحيد العبادة, قال: توحيد المعرفة والإثبات والقصد الإرادة والعمل, والأول توحيد الربوبية وتوحيد المعرفة, توحيد القول, توحيد العلم توحيد الاعتقاد.

(المتن)

  {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1].

 (الشرح)

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1], من أسماء الله الأحد يُقال: عبد الأحد, الأحد الأحدية المنافية للشركة أن الله تعالى أحد ليس له شريك لا في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسماءه ولا فيس صفاته ولا في أحد, عبد الأحد, الأحد اسم الله, الله له الأحدية التي لا شركة له فيها لا أحد يشارك الله في أحديته, فالأحدية تنافي الشركة في وجه من الوجوه.

(المتن)     

متضمنة لما يجب إثباته له تعالى من الأحدية المنافية لمطلق الشركة بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد.

(الشرح)

الأحدية المنافية في الشركة بالربوبية الشركة في الخلق, الشركة في المُلك, الشركة في التدبير كل هذا تنفي الأحدية, ليس له شريك في الربوبية ولا في الخلق ولا في التدبير ولا في الأسماء ولا في الصفات ة ولا في الأفعال.

   (المتن)

ونفي الولد والوالد المُقرر لكمال صمديته وغناه ووحدانيته.

(الشرح)

{اللَّهُ الصَّمَدُ } [الإخلاص: 2], يعني السيد الذي كمل صمده والتي تصل إليه الخلائق في حوائجها والذي لا يحتاج إلى أحد ولهذا: {اللَّهُ الصَّمَدُ } [الإخلاص: 2], هو الذي لا جوع له لا يأكل ولا يشرب, والملائكة صمد لا يأكلون ولا يشربون, {اللَّهُ الصَّمَدُ } [الإخلاص: 2], بعضهم قالوا: الذين قالوا: لا جوف له والصمد هو السيد الذي كمل في صمده والتي تصبوا  إليه الخلائق في حوائجها هو القائم بنفسه والمهتم بنفسه والخلق محتاجين إليه تصبوا إليه الخلائق في حوائجها تسأله حوائجها.

{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3], يعني لم يتفرع منه شيء ولم يتفرع به شيء فليس له ولد وليس له والد, فليس له ولد يتفرع منه وليس والد تفرع منه, لأنه سبحانه وتعالى واجب الوجود لذاته فلا أب له ولا أم ولا ولد تعالى الله  هو سبحانه الأحد الصمد واجب الوجود لذاته وجود لذاته ليس من أحد.

هو الكامل الذي له دوام البقاء والأول الذي قبله شيء, له كامل وحدانيته وله أسماء وصفاته تعالى الله U.

(المتن)     

 ونفي الكفء المتضمن لنفي الشبيه والمثيل والنظر.

(الشرح)

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4], ليس له شبيه ولا سبيل ولا نظير - تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

(المتن)

     فتضمنت إثبات كل كمال، ونفي كل نقص، ونفي إثبات شبيه له أو مثيل في كماله، ونفي مطلق الشركة، وهذه الأصول هي مجامع التوحيد العلمي الَّذِي يُبَايِنُ صَاحِبُهُ جَمِيعَ فِرَقِ الضَّلَالِ وَالشِّرْكِ.

(الشرح)

ولهذا صارت سورة الإخلاص لأنها تضمنت الأحادية ونفي الشركة بأي وجه من الوجوه, كالصمدية وكماله  في نفسه وحاجة الخلق إليه تضمنت أنه - تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ليس له ولدًا ولا والد وليس له مكافئ ولا مماثل ولا مشابه ولهذا نزلت هذه السورة, لما قال المشركون أوصف لنا ربك فنزلت هذه السورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } [الإخلاص: 1 - 4], وصارت تعدل ثلث القُرْآنَ: قال r: «إن قل هو الله أحد تعدل ثلث القُرْآنَ, وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القُرْآنَ».

(المتن)

 ولهذا كانت تعدل ثلث القرآن، فإن مَدَارُهُ عَلَى الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ، وَالْإِنْشَاءُ ثَلَاثَةٌ: أَمْرٌ، وَنَهْيٌ، وَإِبَاحَةٌ, وَالْخَبَرُ نَوْعَانِ: خَبَرٌ عَنِ الْخَالِقِ تَعَالَى، وَأَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَأَحْكَامِهِ، وَخَبَرٌ عن خلقه.

 فأخلصت سورة الإخلاص للخبر عَنْهُ، وَعَنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَعَدَلَتْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وخلصت قارئها من الشرك العلمي كما خلصته سورة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1].

(الشرح)

الله ليس له شريك أنه أحد ليس له مثيل في ذاته ولا في أسماءه ولا أفعاله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى-, وليس له شريك في الربوبية ولا في الخلق ولا في التدبير سبحانه هو الرب وغيره مربوب وهو الخالق وغيره مخلوق وهو المالك وغيره مملوك وهو المدبر وغير مُدبر - تَبَارَكَ وَتَعَالَى-

قل هذا من قول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1], الآية الأولى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1], {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2], تصمد إليه الخلائق في حوائجها, فهو صمد في نفسه تصمد إليه الخلائق قائمًا بنفس - تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لا يحتاج إلى أحد وتصمد إليه الخلائق في حوائجه.

وبيَّن أنه سبحانه وتعالى لم يتفرع منه شيء ولا يتفرع عنه شيء وليس له مثيل لا مثيل له لا في ذاته ولا في أسماءه ولا في صفاته U ولهذا تخلصت هذه السورة  من الشرك العملي، القول الاعتقادي باعتبارها من الشرك في الربوبية والشرك في الأسماء والصفات.

(المتن)

    وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَهُوَ إِمَامُهُ وسائقه، والحاكم عليه كانت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] تعدل ربع القرآن.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد