بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين.
(المتن)
ولما كان الشرك العملي أغلب على النفوس لمتابعة الهوى، وكثير منها ترتكبه مع علمها بمضرته، وقلعه أشد من قلع الشرك العلمي، لأنه يزول بالحجة.
(الشرح)
الشرك العلمي يزول بالحجة, الشرك العملي قد يرتكبه الإنسان وهو يعلم, {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون}[الكافرون/1]. تزيل الشرك العملي, {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد}[الإخلاص/1].
تزيل الشرك العلمي.
(المتن)
ولا يمكن صاحبه أن يعلم الشيء على غير ما هو عليه، جاء التأكيد والتكرير في {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون}[الكافرون/1]. ولهذا كان يقرأ بهما في ركعتي الطواف، لأن الحج شعار التوحيد، ويفتح بهما عمل النهار، ويختم بهما عمل الليل.
(المتن)
جاء التأكيد والتكرير{لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُون * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد * وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّم * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد}[الكافرون/1-5]. لأن الشرك العملي, صعب اقتلاعه من النفوس.
(المتن)
لأن الحج شعار التوحيد, ويفتتح بهما عمل النهارِ ويختم بهما عمل الليل.
(الشرح)
يفتتح بهما عمل النهار؛ لأن يقرأ بهما في ركعتي الفجر, ويختتم بها عمل الليل لأنها تقرأ في الوتر, وفي ركعتي الطواف؛ لأن التوحيد شعار الحج, والحاج يبدأ إحرامه بلبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك له, شعاره التوحيد يلبي بالتوحيد, ولهذا قال جابر رضي الله عنه أهل رسول الله بالتوحيد.
(المتن)
وكان يضطجع بعد سنة الفجر على شقه الأيمن، وقد غلا فيها طائفتان، فأوجبها طائفة من أهل الظاهر، وكرهها جماعة، وسموها بدعة، وتوسط فيها مالك وغيره، فلم يروا بها بأسًا لمن فعلها راحة، وكرهوها لمن فعلها استسنانًا.
(الشرح)
الاضطجاع بعد سنة الفجر فعله النبي صلى الله عليه وسلم, كان إذا أذن الفجر أذن بلال وصلى ركعتين واضطجع على شقه الأيمن, وهذه الضجعة هل هي سنة أم بدعة؟ غلا فيها قوم كالظاهرية قالوا: إنها واجب, قال ابن حزم: يجب عليه أن يضطجع ومن لم يضطجع لم تصح صلاته, يضطجع على شقه الأيمن ولو في المسجد, وكره قوم آخرون قالوا: إنها بدعة, والأقرب أنها سنة لمن صلها في البيت, من صلها في البيت يضطجع على شقه الأيمن كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم, أما في المسجد فلا, فإن الصحابة لم يفعلوا هذا في المسجد, والنبي صلى الله عليه وسلم فعلها في بيته, وليست واجبة, إن تركها فلا حرج عليه,
ابن حزم قال: يجب على كل مصلٍ أن يضطجع على شقه الأيمن.
من فعلها راحة فلا بأس به, ومن فعل استنان مكروه, فهذا أيضًا ليس بجيد, كيف فعلها الرسول وهو قال بالكراهة, الأقرب أنها تفعل في البيت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا في المسجد.
يقول ابن حزم: من لم يضطجع ضجعة لم تصح صلاته, هذا من الغلو, ابن حزم رحمه الله في أشياء يغلط فيها, هذا من الجمود على الظاهر, يجمد على الظاهر, ولكن في العقيد والصفات يؤولون, ومن الجمود على الظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه», يقول: لا يبول, لكن إذا تغوط ما في مانع لو تغوط فيه, يقول: الرسول يقول: «إذا بال», ما قال إذا غوط, فهذا من الغلو, التغوط أشد, وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن, قيل: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت», قال: لو تكلمت ما يعتبر إذن لازم تسكت, هذا من الجمود على الظاهر.
(المتن)
[فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل]
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل لم يكن صلى الله عليه وسلم يدع صلاة الليل حضرًا ولا سفرًا.
(الشرح)
يعني لا يتركها, يدع يترك, لا يتركها حضرًا ولا سفرًا, صلاة الليل مشروعة في الحضر وفي السفر, إنما السنن الرواتب هي التي لا تفعل في السفر عند جمع من المحققين والجمهور يرون أنها تفعل أيضًا.
(المتن)
وإذا غلبه نوم أو وجع، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة.
(الشرح)
لأنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي في الغالب كما في حديث عائشة إحدى عشرة ركعة, قالت: «ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة», يعني في الغالب وإلا فقد صلى ثلاث عشر ركعة كما في حديث ابن عباس وأوتر بتسع كما في صحيح البخاري, لكن هذا في الغالب, في الغالب تقول: «كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة, فإذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة», يعني زاد ركعة؛ لأن النهار ما فيه وتر, فيزيد ركعة في النهار, إذا كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 08:01)) --؟
الشيخ: ما بين ارتفاع الشمس إلى قبيل الزوال.
(المتن)
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: في هذا دليل على أن الوتر لا يقضى، لفوات محله، كتحية المسجد، والكسوف، والاستسقاء، لأن المقصود به أن يكون آخر صلاة الليل وترًا.
(الشرح)
لأنه إذا كان النبي يقضيها وترًا هذا دليل على أنه لا يقضى, مثل صلاة الكسوف لا تقضى وصلاة الاستقساء لا تقضى, إذا ذهبت صلاة الكسوف وانتهى وصلى الناس ما يقضيها, ما يقال: اقضيها الآن بعد ذهاب الكسوف, انتهى الأمر, كذلك الاستسقاء, إذا استسقى الناس وانتهوا ما يقول: أنا أريد أن أقضي صلاة الاستسقاء, كذلك قيام الليل إذا فاته الوتر لا يقضى في الوتر في النهار وإنما يقضى شفع.
(المتن)
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: في هذا دليل على أن الوتر لا يقضى، لفوات محله، كتحية المسجد.
(الشرح)
لأن محله من الليل, كتحية المسجد إذا جلس ومضى مدة خلاص فات محلها, دخل إنسان المسجد وجلس ما صلى تحية المسجد, بعد نصف ساعة قال: أريد أن أصلي تحية المسجد, فات محلها, تحية المسجد عند الدخول ما هو بعد مضي المدة, وكذلك صلاة الاستسقاء إذا فاتت لا تقضى, وكذلك صلاة الكسوف.
(المتن)
كتحية المسجد والكسوف، والاستسقاء، لأن المقصود به أن يكون آخر صلاة الليل وترًا, وكان قيامه بالليل إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، حصل الاتفاق على إحدى عشرة ركعة، واختلف في الركعتين الأخيرتين، هل هما ركعتا الفجر، أم غيرهما؟ .
(الشرح)
يعني الاتفاق على إحدى عشرة ركعة, وأما حديث ثلاثة عشر ركعة قال بعضهم: ركعتين إنما هن ركعتي الفجر, وقيل: ركعتين يفتتح بهما صلاة الليل من أولها, والباقي إحدى عشر ركعة, وركعتان يفتتح بهما قبل قيام الليل, ركعتين خفيفتين.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 11:35)) --؟
الشيخ: هذا ليس بصحيح, لا يصلى إذا أصبح وإنما يصلي بعد طلوع الشمس, يقضيها بعد ارتفاع المشمس, أما إذا طلع الصبح انتهى, إذا أذن الفجر طلع الصبح ما يصلى, الحديث لا يصح.
(المتن)
فإذا انضاف ذلك إلى عدد ركعات الفرض، والسنن الراتبة التي كان يحافظ عليها، جاء مجموع ورده الراتب بالليل والنهار، أربعين ركعة، كان يحافظ عليها دائمًا، وما زاد على ذلك فغير راتب.
(الشرح)
على كل حال الأقرب أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تنوع, وأنها مرة إحدى عشرة ومرة ثلاثة عشر, وجاء في صحيح البخاري أنه أوتر بعض الأحيان بتسع وأوتر بسبع أيضًا, وما إحدى عشرة هذا في حديث عائشة وثلاثة عشر في حديث ابن عباس.
(المتن)
فينبغي للعبد أن يواظب على هذا الورد دائمًا إلى الممات، فما أسرع الإجابة، وأعجل فتح الباب لمن يقرعه كل يوم وليلة أربعين مرة، والله المستعان.
(الشرح)
أربعين يعني مع الرواتب, الرواتب كم؟ سبع عشرة ركعة, والفرائض سبعة عشر ركعة, السنن الرواتب ثنتي عشرة ركعة, إحدى عشر واثني عشر ثلاثة وعشرين, الفرائض إحدى عشر ركعة, والرواتب ثنتي عشرة ركعة, ثلاثة وعشرين, وصلاة الليل إحدى عشرة ركعة, ثلاثة وعشرين.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 14:10)) --؟
الشيخ: الجميع أربعين, المؤلف يقول: ينبغي أن يحافظ على هذا الورد أربعين ركعة في اليوم والليلة, إحدى عشر ركعة في الفرائض, وثلاثة عشر للسنن الرواتب, سبعة عشر للفرائض وإحدى عشر ركعة لصلاة الليل, وثتني عشر رواتب, يكون الجميع أربعين, المؤلف يقول: ينبغي أن يحافظ المسلم على هذا الورد في اليوم والليلة, فمن قرع الباب أربعين مرة في اليوم والليلة حري بأن يجاب, يعني هذا فيه رجاء, الإنسان يرجو ما عند الله ويؤمل الخير وحسن الظن بربه عز وجل ويفعل الأسباب ويحافظ على هذه الركعات.
(المتن)
«وكان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك اللهم أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علما، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب».
(الشرح)
قف على وكان الاستيقاظ من الليل.