بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(المتن)
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مختصر زاد المعاد لابن القيم:
وقال عبد الله بن مسعود: إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا فأصغ لها سمعك، فإنه خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه. وقال عبد الرحمن بن أبي ليل: دخلت علي امرأة وأنا أقرأ (سورة هود) فقالت لي: يا عبد الرحمن هكذا تقرأ سورة هود؟ ! والله إني فيها منذ ستة أشهر وما فرغت من قراءتها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر بالقرآن في صلاة الليل تارة، ويجهر تارة، ويطيل القيام تارة، ويخففه تارة، وكان يصلي التطوع بالليل والنهار على راحلته في السفر.
(الشرح)
على حسب حاله عليه الصلاة والسلام, على حسب حاله, كان يسر بالقراءة إذا كان عنده نائم يتأذى بالجهر أسر بالقراءة, وإذا لم يكن عنده نائم جهر بالقراءة؛ ولأن الجهر مشروع في الليل إذا لم يكن هناك مانع يشرع الجهر بالقراءة, ولهذا يجهر بالقراءة في صلاة المغرب والعشاء والفجر, وكذلك صلاة الليل إذا لم يكن عنده نائم يتأذى فإنه يجهر بالقراءة, ولأنه إذا جهر بها قد يكون أعون له على التدبر, ويطرد النعاس؛ لكن إذا كان عنده نائم يتأذى فإنه يسر, فان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بالقراءة ويجهر تارة على حسب الأحوال.
(المتن)
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر بالقرآن في صلاة الليل تارة، ويجهر تارة، ويطيل القيام تارة، ويخففه تارة.
(الشرح)
على حسب حاله إن نشيط فإنه يطيل, وإن كان غير نشيط فإنه قد يخفف, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي قائمًا, فإذا ثقل صلى قاعدًا, وكان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة, فإذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة.
(المتن)
وكان يصلي التطوع بالليل والنهار على راحلته في السفر. قبل أي وجه توجهت به.
(الشرح)
السنة للمسافر في التطوع في الليل أو في النهار على مركوبه, وكان المركوب الدواب, والآن المركوب السيارة, لو تطوع في السيارة أو في الطائرة, وله أن يتجه إلى أي جهة, أو في الباخرة أو في القطار تكون قبلته جهة سيره, يكبر تكبيرة الإحرام إلى القبلة ثم ينصرف, وله أن يصلي قاعد ويومئ أم الفريضة فلا, فلابد أن يتجه إلى القبلة ولا يصلي على الراحلة بل ينزل ويصلي في الأرض, الفريضة شأنها أعظم فلا يصلي على الراحلة ولا على الدابة وإنما ينزل ويصلي في الأرض.
(المتن)
وكان يصلي التطوع بالليل والنهار على راحلته في السفر. قبل أي وجه توجهت به, فيركع ويسجد عليها إيماء، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه.
(الشرح)
لأنه لا يستطيع القيام, إذا كانت دابة يصلي جالس ما يقوم, ويؤمئ في الركوع وفي السجود, ولا يستطيع أيضًا أن يسجد على الدابة, فهو يؤمئ, ولكن يكون إيماؤه في السجود أخفض, آخر ما يستطيع من الإيماء يجعله في السجود, ثم يجعل الإيماء في الركوع فوقه أعلى منه, ومثله المريض الذي لا يستطيع السجود ويومئ, ولا يستطيع القيام؛ حتى في الفريضة فإنه يؤمئ للركوع والسجود, ويكون إيمائه للسجود أخفض من ركوع, يجعل آخر ما يستطيع في السجود والركوع يكون أعلى منه وأرفع منه, وهكذا.
فيجوز للإنسان أن يتطوع في الليل وفي النهار, أما الفريضة فإنه لابد من النزول والصلاة في الأرض, وأما الطائرة إذا كان لا يستطيع النزول فإنه يدور مع القبلة حيث دارت, إذا اضطر إلى هذا, أما إذا كانت الصلاة تجمع إلى ما بعدها كصلاة الظهر يؤخرها إلى العصر ويجمعها إذا نزل فهذا هو الذي ينبغي, وكذلك المغرب والعشاء, وأما إذا كانت لا تجمع مثل العصر يخشى غروب الشمس, هذا يصلى على الحال, والفجر يخشى طلوع الشمس, يصلي على حسب حاله ويدور مع القبلة حيث دارت, في الطائرة, أو في الباخرة, يدور مع القبلة حيث دارت, ويصلي على حسب حاله إذا اضطر إلى هذا, إن كان يستطيع القيام قام, يوجد الآن في الطائرات مكان يستطيع أن يصلي فيه, يستطيع المصلي أن يقوم, وقد يصلي اثنين أو ثلاثة جماعة, وقد يكون أمامه سهم للقبلة يدور معه حيث دار.
أما في الحضر فلا, ما كان النبي يصلي في الحضر صلاة النافلة, يسأل بعض الإخوان يقول: الآن أحيانًا تكون السيارة في البلد تكون المشوار طويل ساعة وساعتين, فنقول: لا؛ لأن في الحضر يمكنه أن يقف ويصلي, إذا أراد الصلاة يقف ويصلي في بيته أو في المسجد أو في أي مكان, إنما هذا بالنسبة للمسافر.
ومما ينبغي أيضًا أن ينبه عنه أن السائق لا ينبغي له أن يتنفل حتى في السفر, سائق السيارة يتنفل؛ لأنه في خطر, إنما الذي يتنفل الراكب, أما سائق السيارة فلا ينبغي أن يتنفل؛ لأن هذا فيه خطر عليه وعلى غيره؛ لأنه عليه أن ينتبه إلى قيادة السيارة فلا يتنفل, إذا أحب أن يتنفل يتناوبون, واحد يتنفل وواحد يقود السيارة.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 11:13)) --؟.
الشيخ: يصلي قاعدًا, هذا يحتاج أن ينبه عليها, ونبه عليها الشيخ دياب في رسالته " تنبيه الناس إلى صلاة الكراسي " هذه صلاة الكراسي صلاة محدثة ما كان الناس يعرفونها, الكثير من الناس يصلي على الكرسي وهو يستطيع الصلاة وهو جالس, يستطيع السجود, ولكنه يصلي على الكرسي ويؤمئ للركوع والسجود بحجة أنه إذا جلس على الكرسي يستطيع القيام, فيترك الركوع والسجود وهو قادر عليه ليحصل على القيام الذي ليس واجبًا عليه, ما هو واجب عليك صلى على الأرض اجلس على الأرض وما هو على الكرسي, ولو تمد رجلك, وعليك أن تومئ للركوع وأن تسجد, فإن استطعت القيام فالحمد الله, وإن لم تستطع فأنت تصلي جالس, أما كونك تصلي على الكرسي وأنت قادر على السجود هذا لا يجوز, يخشى من بطلان الصلاة.
إذا كان لا يستطيع إلا على كرسي هذا شيء آخر, لكن إذا كان يستطيع الصلاة على الأرض فلا يصلي على كرسي, يصلي على الأرض, يجلس على الأرض وأومئ للركوع واسجد على الأرض, والقيام للصلاة تقوم وإن لم تستطع صلي قائمًا, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا, فإن لم تستطع فعلى جنب».
الآن بعض الناس تصلي على الكرسي وهو يستطيع السجود فلا يسجد, يومئ للركوع والسجود؛ لأنه على الكرسي, ولو صلى على الأرض لسجد؛ لكنه ترك الجلوس على الأرض جلس على الكرسي.
طالب: ينكر عليه -- ((@ كلمة غير مفهومة- 12:59)) --؟.
الشيخ: في رسالة كتبها الشيخ دياب الغامدي " تنبيه الناس في صلاة أهل الكراسي " أو كذا, وهي موجودة نشرت, ولعلها طبعت, ولعلها تنشر الآن.
طالب: القدرة على السجود مقدمة على القيام؟
الشيخ: ما في تقديم الآن, أنت الآن تصلي على الأرض, تصلي قائمًا, فإذا استطعت تصلي قائم, افعل ما تستطيع, الأصل أنه ما هذا مقدم على هذا, أنت ما تستطيع القيام تصلي على الأرض أو صلى عل الكرسي وافعل ما تستطيع, إن استطعت القيام فقم وإلا صلي قاعدًا.
(المتن)
[فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى]
فصل روى البخاري في صحيحه عن عائشة قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى وإني لأسبحها».
(الشرح)
سبحة الضحى يعني صلاة الضحى, صلاة الضحى تسمى السبحة, السبحة النافلة, نافلة الضحى, السبحة هي النافلة.
(المتن)
«وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد».
(الشرح)
نعم ثبتت سنة صلاة الضحى من قوله عليه الصلاة والسلام, وثبت أيضًا من فعله, ثبت في رواية البراء أن النبي صلى الضحى, وثبت أن النبي صلى يوم الفتح ثماني ركعات, وجاءته أم هانئ وهو يغتسل عليه الصلاة والسلام, بعضهم يسميها صلاة الفتح وهي صلاة الضحى, وثبت عن عائشة أنها قالت: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله».
وفي هذا أنها قالت: «ما رأيت النبي يصلي سبحة الضحى وإني للأسبحها», فعلها نسيت لأنها أخبرت أنها كان يصلي الضحى, وفي روايات أخرى قالت: «ما رأيت النبي يصلي الضحى إلا أن يجيء من مغيبة», فأقوالها اختلفت, في بعضها أنها قالت: ما رأيت النبي يصلي الضحى, وفي بعضها أخبرت أنها صلى الضحى, فيحمل على أنها نسيت, وصلاة الضحى ثابتة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن تقريره وقوله, والسنة تثبت بالفعل أو بالتقرير أو بالقول, وهذا الحديث في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأوصى أبا الدرداء بصلاة الضحى, أفضل أوقات صلاة الضحى حين ترمض الفصال, والفصال جمع فصيل والفصيل ولد الناقة, ومعنى ترمض أي تصيبه الرمضاء وشدة الحر, وهذا يكون في منتصف النهار, العاشرة أو التاسعة والنصف هذه تقريبًا شدة النهار, هذا أفضل وقت, ووقتها يبدأ من ارتفاع الشمس قد رمح, يعني بعد طلوع الشمس ربع ساعة أو ثلث ساعة إلى قبيل الزوال, إلى وقت وقوفها قبل الظهر بعشر دقائق أو ربع ساعة, يكون وقت النهى قد مضى.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 17:19)) --؟
الشيخ: قالت: ما رأيته يصليها وإني لأصليها, يعني هل تخالف هي فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ جاء عنها أيضًا أنها قالت: أن النبي كان يصلى الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله, وجاء عنها أنها قالت: ما رأيت النبي يصلي الضحى إلا أن يجيء من مغيبة, فصلاة الضحى ثابتة؛ لكن أقوالها اختلفت رضي الله عنها.
(المتن)
ولمسلم عن زيد ابن أرقم مرفوعًا: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال» أي: يشتد حر النهار، فتجد الفصال حر الرمضاء، فقد أوصى بها، وكان يستغني عنها بقيام الليل.
(الشرح)
وقد أوصى بها يعني أوصى بها أبا هريرة وأبا الدرداء وهذا كافي للسنية, السنية تثبت بالقول أو بالفعل وهذه وصية, قال بعض العلماء: إن صلاة الضحى الأفضل أن تترك بعض الأحيان وأن يفعلها بعض الأحيان؛ لئلا يشبهها بالفريضة, والصواب أنه يشرع المداومة عليها ولا تشبه الفريضة؛ لأن الإنسان يعتقد أنها سنة ما يعتقد أنها فريضة, النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء ولم يقل تترك بعض الأحيان, السنة المداومة عليها.
(المتن)
قال مسروق: كنا نصلي في المسجد، فنبقى بعد قيام ابن مسعود، ثم نقوم فنلي الضحى، فبلغه، فقال: لم تحملون عباد الله ما لم يحملهم الله؟ إن كنتم لا بد فاعلين ففي بيوتكم.
(الشرح)
يعني السنة صلاة الضحى في البيت وليس في المسجد, الأفضل أن تكون في البيت, ولهذا أنكر عبد الله بن مسعود على من صلاها في المسجد, قال: هذه الصلاة في البيوت على الأفضل, وبعض الناس ما يعرف يصلي في البيت أبدًا, ما يصلي إلا في المسجد, مع أن الصلاة في البيت أفضل لجميع النوافل إلا ما شرعت له الجماعة, مثل صلاة الاستسقاء وصلاة الجنازة وصلاة العيدين وصلاة التراويح والفرائض, هذا في المسجد, الباقي في البيت أفضل, قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة», فتجد بعض الناس ما يعرف يصلي في البيت أبدًا, وفي بعض النوافل كان يصلي ركعتين بعد المغرب في بيته, في البيت أفضل وأبعد عن الرياء, وأيضًا يجعل من عبادته نصيبًا في البيوت, ويقتدي بهم من يكون في البيت من أولاد, وتجد البعض الناس حتى في صلاة الاستسقاء وفي صلاة العيد إذا انتهت صلاة الاستسقاء أو صلاة العيد قام يتنفل, يتنفل في المسجد, يصلي الضحى, السنة أن يذهب إلى البيت يصلي في البيت والحمد لله, اخرج من المسجد خلاص انتهت صلاة العيد أو صلاة الاستسقاء روح إلى البيت صلى في البيت, ولهذا ابن مسعود أنكر على هؤلاء الذين يصلون في البيت.
(المتن)
قال مسروق: كنا نصلي في المسجد، فنبقى بعد قيام ابن مسعود، ثم نقوم فنلي الضحى، فبلغه، فقال: لم تحملون عباد الله ما لم يحملهم الله؟ إن كنتم لا بد فاعلين ففي بيوتكم.
(الشرح)
يعني فصلوها في بيوتكم.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 21:30)) --؟
الشيخ: في هذا يصلي ركعتين والباقي يذهب إلى بيته, فالوقت واسع يصلي في البيت ما شاء, لكن إن صلى ركعتين يحصل على ما جاء في الحديث هذا «من جلس في مصلاه ثم صلى ركعتين», على أن الحديث فيه ضعف لكن له طرق يشد بعضها بعضًا.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 21:53)) --؟
الشيخ: هذا فيه ترغيب في صلاة الضحى في البيت, وأن له باب من أبواب الجنة, ما في مانع إذا لم يتسر له يصليها في أي مكان, حتى لو صلى في المسجد لا بأس, لكن صلاة البيت أفضل.
(المتن)
وقال سعيد بن جبير: إني لأدع صلاة الضحى وأنا أشتهيها، مخافة أن أراها حتما علي.
(الشرح)
هذا اجتهاد منه, والصواب أنه لا يدعها بل يصليها ولا يخاف والحمد لله, فهو يعلم من نفسه أنها ليست واجبة وهذا اجتهاد, النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء ولم يقل اتركها بعض الأحيان.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 23:55)) --؟
الشيخ: على كل سلامى صدقة, هذا مر معنا اليوم في درس الفجر, درس الفجر في صلاة الضحى مع معنا الحديث هذا, يعني المفاصل, في الحديث أن ابن آدم ركب على ستين وثلاثمائة مفصل, فوجب عليه أن يتصدق على هذه المفاصل بصدقة, ثم قال: الصدقات كثيرة, بكل تسبيحة صدقة, وبكل تكبيرة صدقة, وكل تحميدة صدقة, وأمر بالمعروف صدقة, ونهي عن المنكر صدقة, التسبيحات بعد الصلوات, يجب عليه أن يتصدق حتى يؤدي هذه الصدقات عن هذه المفاصل, كل يوم ثلاثمائة وستين صدقة, لكن الصدقات كثيرة تسبيح تكبير تهليل صدقة, ثم قال: «ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى», إذا صلى ركعتين من الضحى معناه أدى الواجب عليه عن السلاميات, أدى ثلاثمائة وستين, إذا صلى ركعتين معناه أدى الواجب عليه عن السلمات عن الثلاثمائة وستين صدقة يجزئ عنها ركعتي الضحى.