بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين أما بعد
قال الشيخ عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه "عمدة الأحكام"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أثقل الصلاة علي المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى وقوله في حديث أبي هريرة أثقل الصلاة على المنافقين إلى آخره فيه وجوب صلاة الجماعة وفيه معاقبة من تخلف عنها وفي بعض الروايات لولا ما في البيوت من النساء والذرية أي لم يمنعه من تحريق بيوتهم عليهم إلا لأن فيهم من لا تجب عليه كما أخر إقامة الحد على الحامل حتى تضع والجماعة واجبة على كل ذكر مكلف أي بالغ عاقل ولو عبداً على الصحيح وفيه فضل صلاة العشاء وصلاة الفجر.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فهذا الحديث وهو قوله –صلى الله عليه وسلم- " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً يعني لو يعلمون ما فيهما من الأجر ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب فأحرق عليهم بيوتهم وفي رواية لولا النساء والذرية لحرقت عليهم كما ذكر الشيخ رحمه الله في الأحكام أن هذا الحديث دليل على وجوب صلاة الجماعة وفضلها أيضاً من جهة أنه وجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنها ثقيلة علي المنافقين وهم صلى الله عليه وسلم بأن يحرق بيوت المتخلفين في النار وهو لا يفعل هذا إلا على شيء واجب وفيه أيضاً فضل صلاة العشاء وصلاة الفجر قال لو يعلموا ما فيهما يعني من الأجر لأتوهما ولو حبواً فصلاة الجماعة واجبة هي أصح أقوال أهل العلم وذهب بعض العلماء إلى أنها شرط شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنها شرط لصحة الصلاة مثل الوضوء شرط لصحة الصلاة أن الجماعة شرط، وهو قول ابن حزم ورواية عن الإمام أحمد أنها شرط ومن العلماء من ذهب إلي أنها سنة مؤكدة كالأحناف لكن يقولون أنه يذم تاركها ويستحق العقاب فيكون الخلاف لفظي سنة مؤكدة لكنها حكمها حكم الواجب كما أن الواجب يذم تاركه ويستحق العقاب كذلك السنة المؤكدة عند الأحناف وعلى هذا يكون الخلاف لفظياً ثم إن هؤلاء العلماء الذين قالوا إنها سنة مؤكدة الأحناف وغيرهم قالوا هذا من باب الورع من باب التورع ولا يعرف عنهم أنهم يتخلفون عن صلاة الجماعة يسابقون، وفيه فضل صلاة العشاء وصلاة الفجر وأنهما أثقل الصلاة على المنافقين لأنه ليس عندهم إيمان بالله ورسوله فصلاة العشاء وصلاة الفجر يقعان في وقت الظلمة لأن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما كان هناك أنوار ما كان هناك كهرباء ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفتل من صلاة الفجر حين يعرف الرجل جليسه من الظلمة ما في أنوار عندهم فالمنافقون يتخلفون عن هاتين الصلاتين لأن الناس لا يرونهم من الظلمة وأما الصلوات الأخرى فيصلون لأن الناس يشاهدونهم الظهر والعصر والمغرب وليس عندهم إيمان يحملهم على المحافظة على الصلوات الخمس وتكون هاتان الصلاتان ثقيلتان عليهم لعدم إيمانهم بالله ورسوله فينبغي للمسلم أن لا يتشبه بالمنافقين وأن يحرص على صلاة الجماعة والمحافظة عليها وعدم التخلف إلا بعذر وأيضا من صفاتهم في الأفعال المنافقون هم الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر هؤلاء هم المنافقون يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر هذا النفاق الأكبر أما النفاق العملي هذا يكون في الأعمال الكذب في الحديث والخلف في الوعد والخيانة في الأمانة والفجر في الخصومة والغدر في العهود هذه صفات في الأعمال ولكنها قد اجتمعت واستحكمت عليه قد تجره إلي النفاق الأكبر لما جاء في الحديث الآخر " أربع من كن فيها كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر" أو كما جاء عن النبي، قال العلماء إن كل خصلة من هذه الخصال معصية لكنها إذا استحكمت وكملت فإنها تجر صاحبها إلي النفاق الأكبر نسأل الله السلامة والعافية
الطالب/ يستدل البعض بهذا الحديث على تأخير صلاة الجماعة لمن يقوم بأمر واجب أو نهي عن منكر كالهيئات ونحو ذلك
الشيخ/ النبي صلى الله عليه وسلم قال ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام فأنطلق إلى رجال لا يشهدون الصلاة يعني أن يباغتهم في وقت الصلاة يكون ليس لهم عذر في هذه الحالة ويكون موجودين في وقت الوجوب وقت أداء الجماعة، لأنه لو تقدم قال إنهم سيأتون ولو تأخر فقال إنهم أتوا أو خرجوا هذه محل نظر ومحل تأمل وكونهم كلهم يتخلفوا ما ينبغي لكن قد يكون في حالة خاصة إذا كان في حالات تستدعي يتناوبون، تكون هناك مناوبة، لكن في هذه الحالة لا ينبغي، ينبغي لهم ألا يتخلفوا عن صلاة الجماعة وأن يكون تنبيههم قبل أن تقام الصلاة لكن إذا دعت الحال إذا كان هناك أمر مهم يستدعي وجودهم وبقاءهم لو كان هناك مثلاً يترتب علي هذا مفسدة لو أخلوا المكان هذا قد يقال هذا من الأعذار في ترك الجماعة وقد يقال إنهم أيضاً يصلون جماعة بعد ذلك إذا كانوا أكثر من واحد سيكونون أكثر من واحد لكن ليس في كل حال يعني يتساهلون يذهبون والناس يصلون يقولون نحن معذورون لا إنما هذا في حالة خاصة مثل النادرة، شبه النادرة هذه تستدعي وجودهم ويتأكد وإذا أخلوا المكان قد يترتب عليه مفسدة كبيرة أو فوات مصلحة كبيرة هذا قد نقول هذا على الجميع إقامة الواجب، ومعاقبة من ترك الواجب المصلحة تقتضى هذا هو ما ترك الواجب نقول ما تركه سيصلي بعد ذلك ومعه رجال سيصلون فيما بعد ولكن المصلحة تقتضي أنهم يتأخروا عن الجماعة الأولى لأنه لا يمكن معاقبتهم إلا بهذا
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها قال فقال بلال بن عبد الله والله لنمنعهن قال فأقبل عليه عبد الله فسبه سباً سيئاً ما سمعته سبه مثله قط وقال أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول والله لنمنعهن" وفي لفظ لا تمنعوا إماء الله مساجد الله قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى قوله في حديث ابن عمر إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى آخره فيه كراهة أو تحريم منع المرأة إذا استأذنت وليها في الخروج إلى المسجد؛ إذا لم يكن ثم محذور قوله فقال بلال إلى آخره هو بلال بن عبد الله بن عمر ولما كان ظاهر كلامه الاعتراض سبه أبوه سباً سيئاً ولم يكن رضي الله عنه عادته السب بل كان زاهداً ورعاً ولكن حمله الغضب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فبلال رضي الله عنه لم يقصد الاعتراض وإنما حمله على قوله ما رأى من توسع النساء في زمنه ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من الخروج أو كما قالت ولكن لما كان ظاهر كلامه الاعتراض سبه أبوه وإلا لو تأدب وقال إن النساء توسعن ولو شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حالهن لأمر بمنعهن أو كلاماً نحو هذا لم يسبه وقوله في اللفظ الآخر" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" وفي لفظ آخر وبيوتهن خير لهن أي إذا كان الخروج إلي المسجد لمجرد الصلاة فأما إذا اقترن بذلك مصلحة كسماع موعظة ونحو ذلك فخروجها إذا لم يكن ثم محذور خير كما أمر صلى الله عليه وسلم النساء أن يخرجن لصلاة العيد حتى أمر بخروج الحيض والعواتق وذوات الخدور ولكن تخرج كما أمر صلى الله عليه وسلم بقوله وليخرجن تفلاتٍ أي بهيئة رثة وعدم إظهار للزينة فأما إذا خرجن بزينة وطيب وهيئة حسنة فيحرم عليها الخروج ويجب على وليها وولاة الأمر وكل من له قدرة منعها لأنها وإن أمنت أن تفتن بنفسها فإنها تفتن الناس فمن رآها وافتتن بها أو أتبعها بصره فهو آثم وهى أيضاً آثمة لأنها مسببة ومن يجب عليه منعها آثم أيضاً والله المستعان ثم ذكر في حديث ابن عمر الرواتب وأنه لا ينبغي للإنسان أن يخل بها قال الإمام أحمد رضي الله عنه من داوم على ترك الرواتب والوتر فإنه رجل سوء لا تقبل شهادته أي فإنها وإن لم تكن واجبة فالمداومة على تركها تخل بعدالة الإنسان وهى عشر ركعات وقال بعضهم اثنتا عشرة ركعة لأنها وردت في بعض الأحاديث أربع قبل الظهر
وهذا الحديث كما ذكر الشيخ رحمه الله أن المرأة لا تمنع إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها وفى رواية فلا تمنعوا إماء الله مساجد الله الحديث فيه دليل أن المرأة لا تمنع إذا طلبت الذهاب إلى المسجد إلا إذا كان هناك محذور لأن هذا النص مطلق يقيد بالنصوص الأخرى التي تدل على أن المرأة إذا خيف عليها، إذا كان يخشى عليها أو تخرج متبرجة فإنها تمنع من أدلة أخرى المتبرجة لأن المتبرجة عاصية إذا كانت متبرجة أو متطيبة أو كان خيف عليها الطريق غير آمن ففي هذه الحالة تمنع أخذاً من الأدلة وجمعاً بين النصوص أما إذا لم يكن هناك محذور وتخرج ليست متطيبة ولا متبرجة تخرج بثياب فضفاضة غير ضيقة وغير جميلة في نظر جواريها تستتر بعباءتها ولا يخشى عليها من الفتنة فإنها لا تمنع في هذه الحالة فلا ينبغي منعها فظاهر المنع التحريم ظاهر الحديث فلا ينبغي يمنعها التحريم هو الأصل وفيه تعظيم السنة وأن من عارض السنة فإنه يذم ولهذا فإن بلال بن عبد الله لما روى له والده الحديث لا تمنعوا إماء الله مساجد الله قال والله لنمنعهن لما كان كلامه معارضاً للنص سبه أبوه سباً قبيحاً لأنه معارض للنص مصادماً للنص الرسول يقول لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وهو يقول والله لنمنعهن هذا مصادم للنص هذا لما كان مصادماً للنص معارضاً للنص سبه أبوه سباً قبيحاً ولا يجب علي الإنسان أن يعارض النص ولا يرد النص بل واجب العمل بالنصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم قال الله تعالي { وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قال تعالي { فأطيعوا الله وأطيعوا الرسول}فظاهره أنه معارض ومثل ذلك الصحابي الذي روى عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه نهى عن الخذف فجاء قريب له وخذف فقال أقول لك إن الرسول نهى عن الخذف لا أكلمك ثم هجره اسم الصحابي عبد الله بن المغفل رضي الله عنه لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف فجاء قريب له فجعل يخذف فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الخذف وقال إنه لا يصيد صيداً ولا ينكأ عدواً ولكنه يفقأ العين ويكسر السن" الخذف هي الحصاة التي تكون بين الأصبعين، قال ابن المغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال إنها لا تنكأ عدواً ولا تصيد صيداً ولكنها تفقأ العين وتكسر السن فجاء قريب له فخالف فقال أقول لك إن رسول الله نهى عن الخذف وتخذف لا أكلمك هجره هكذا الصحابة رضوان الله عليهم يمتثلون الأوامر وينتهون عن النواهي فعبد الله بن عمر سب ابنه سباً قبيحاً لما عارض السنة وعارض النص وهذا عبد الله بن المغفل هجر قريبه لما خالف النهي، النهي عن الخذف، وخذف الهجر إنما يكون إذا كان يؤثر علي الصحيح كما حكى شيخ الإسلام والمحققون من أهل العلم أن الهجر كالدواء، علاج إن كان يفيد فإنه يهجره حتى يتوب، حتى يترك هذا الأمر الذي فعله أما إذا كان لا يتأثر ولا يستفيد من الهجر فإنه يستمر في نصيحته ولا يهجره لأن بعض الناس إذا هجرته زاد في الشر إذا لم تهجره يراعي بعض الشيء ويخفف، فإذا هجرته أصلاً لا يبالي هذا لا يهجر لكن إذا كان يتأثر من الهجر، إن كان مثلاً ولد يقدر والده وهجره أبوه ويؤثر عليه الهجر هذا يهجره حتى يتوب والنبي صلى الله عليه وسلم هجر الصحابة الثلاثة الذين خلفوا كعب بن مالك وصاحباه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون خمسون ليلة ولم يهجر المنافقين المنافقون ما هجرهم دل على أن الهجر كالدواء يستعمل هؤلاء يفيد فيهم الهجر وأما المنافقون فلم يهجرهم المقصود أن الهجر هذا علاج إن كان يفيد يستعمل وإلا فلا
الطالب/ ما جاء في السيرة أن عبد الله بن عمر هجر ابنه حتى مات
الشيخ/ ما أدري
الطالب/ بعض الناس الذين يعارضون السنة مثل هذه الأقوال، أن بعض الناس نصح في مسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا قال حتى لو قاله النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ/ هذا يؤدب هذا ينبغي تأديبه يرفع عليه دعوة حتى يؤدب نسأل الله العافية يؤدب بالسجن والضرب حتى يتأدب مع النصوص
الطالب/ وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر