شعار الموقع

شرح كتاب إملائات ابن سعدي على عمدة الأحكام 32

00:00
00:00
تحميل
2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين

أما بعد

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

(عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلٌ للأعقاب من النار).

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى: (قوله ويلٌ للأعقاب من النار. سبب هذا أنه صلى الله عليه وسلم أدرك الصحابة وقد أرهقتهم صلاة العصر فجعلوا يتوضؤون مستعجلين فرأى أعقابهم تلوح لم يصبها الماء من شدة استعجالهم فقال ويلٌ للأعقاب من النار. والأعقاب العراقيب وهذا تنبيهٌ بالأدنى على الأعلى. لأنه إذا لم يعف عن هذا فغيره أولى. ويفهم من هذا وجوب الإسباغ. وتتميم الأعضاء وأن الإخلال هذا من كبائر الذنوب لأنه رتب عليه هذا الوعيد الشديد).

قال الشيخ: الكبيرة ما توعد عليها بالنار أو اللعن أو الغضب في الدنيا. دل على أن هذا أنه من الكبائر. فإذا كانت الأعقاب متوعدة بالنار فالظهور والأرجل والوجوه والأشد من باب أولى نسأل الله العافية. نبههم بالأدنى على الأعلى. وهذا فيه دليل على أنه ينبغي الإسباغ. تعاهد الرجلين والأعقاب لأن الماء قد ينبو عنهما ولأن بعض الناس قد يتساهل فيمسح بدل الغسل كما أن الله تعالى قال: وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم قراءة الجر وأرجلكم، فيها فائدة أنه لا ينبغي عدم الإسراف والمسح الغسل الخفيف. أنه ينبغي عدم الإسراف في غسل الرجلين لأن السرف يعتاد فيهما كثيراً لا هذا ولا هذا. لا يسرف بصب الماء في غسل الرجلين ولا يقصر أو يهمل ويترك الأعقاب وبطون الأقدام أو يمسحهما مسحاً.

(والإسباغ هو غسل المغسول بألا يكون مسحاً واستيعاب العضو. ومسح الممسوح كله).

قال الشيخ: المسح يكون للرأس. فلا تكون الرجل ممسوحتان إلا إذا كان عليهما خفاً. وأما الرجلان المكشوفتان فلابد من الغسل وهو إسالة الماء بدون إسراف.

(وهو الرأس والجبيرة إذا ضرها الغسل ونحو ذلك. وإذا كان التفريط مذموماً فكذلك الإفراط والوسواس مذموم).

قال الشيخ: لا هذا ولا هذا. نعم. لا يفرط ويهمل بحيث يمسح رجلين أو يترك شيئاً من ذلك. ولا يفرط ويزيد ويسرف في صب الماء.

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر ومن استجمر فليوتر وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً. فإن أحدكم لا يدري أين باتت.

وفي لفظٍ لمسلمٍ فليستنشق بمنخريه من الماء.

وفي لفظٍ من توضأ فليستنثر.

قوله إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً إلى آخره. فيه دليلٌ على وجوب الاستنشاق كما هو مذهب الجمهور. ولا خلاف في مشروعية المضمضة والاستنشاق لكن اختلف في وجوبها. والصحيح الذي دلت عليه الأحاديث وجوبها كما هو مذهب الجمهور).

قال الشيخ: الاستنشاق هو جذب الماء بالأنف والاستنثار إخراجه، الاستنشاق والاستنثار كلاهما واجب على الصحيح.

(فيه دليلٌ على وجوب الاستنشاق كما هو مذهب الجمهور. ولا خلاف في مشروعية المضمضة والاستنشاق. لكن اختلف في وجوبها والصحيح الذي دلت عليه الأحاديث وجوبهما كما هو مذهب الجمهور، وفيه دليلٌ على مشروعية الاستجمار. واستحباب قطعه على وتر. لكن ورد أنه لا يجزئ دون الثلاث. فعلى هذا إذا أنقى بأربع زاد خامسة، وإن نقى بستٍ زاد سابعة وهكذا).

قال الشيخ: هذا إذا أراد أن يكتفي به عن الماء. لا بد أن يكفها على وتر. أما إذا كان يريد يستعمل الماء هذا أمر. لو مسحة واحدة أو لو لمسة يكفي الماء. لكن إذا أراد أن يكتفي عن الماء لا بد له من شروط منها أن يقطع على ألا يكون أقل من ثلاث. ويستحب ألا يقطع إلا على وتر. إذا أنقى بأربع يستحب يزيد خامسة وإذا أنقى بست يزيد سابعة إن شاء الله. أما إذا أنقى باثنتين هذا لا بد من الثالثة. هذه لا بد منها.

سؤال:

الشيخ: صحيح. لكن الصواب الوجوب. خلاف الاثنين.

الطالب: قلتم أحسن الله عملكم في تعليقٍ سابق يجوز الاقتصار على الاستجمار بشروط. أن تكون ثلاثاً فأكثر. وأن تكون منقية، وأن تكون الأحجار طاهرة وألا يتجاوز الخارج موضع العادة فإذا وجدت هذه الشروط جاز الاقتصار على الاستجمار دون الماء.

قال الشيخ: نعم، تكون منقية، تكون ثلاث أو أكثر ولابد ألا يتجاوز الخارج موضع العادة فإذا تجاوز الخارج موضع العادة فلابد من الماء وألا يكون البول ينتشر إلى الحشفة والغائط ينتشر إلى الصفحتين هذا لابد من الماء، أما إذا لم يتجاوز الخارج موضع العادة وكان ثلاثة أحجار منقية ولم يبق إلا أثر يسير لا يزول فهذا يعفى عنه.

(وفيه دليل على أنه يكفي وحده، لكن إذا استجمر ثم استنجي بالماء كان أكمل وأفضل).

قال الشيخ: إذا جمع بينهما فهو أفضل.

(ويجزي الاستجمار بكل ما يحصل به الإنقاء، إلا الروث والعظم والمحترم، فيحرم الاستجمار بها).

قال الشيخ: الروث والعظم لأنه نص في الحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما أتاه بحجرين وروثة ألقاها وقال إنها ركس، وجاء في الحديث أن الاستنجاء بالعظم فيه إفساد على الجن لأن الجن جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه فأعطاهم وقال لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يعود أوفر ما كان لحما وكل بعرة علف لدوابهم فإذا استنجى بالعظم والروث أفسده على الجن لأنه قال طعام إخوانكم من الجن ولأن العظم أيضاً لزج لا ينقي وأما المحترم فهذا معروف المحترم من الطعام وغيره.

والنجس معلوم نعم أما غير ذلك فلا بأس كالأحجار والخشب والأغطية وأشباه ذلك.

(قوله: «وإذا قام أحدكم...» إلخ فيه الإرشاد إلى كمال النظافة، ثم ذكر العلة فقال: «فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده).

قال الشيخ: هذا واجب على الصحيح غسل اليدين ثلاثاً عند الاستيقاظ من النوم لأن النوم بالليل ناقض للوضوء لقوله فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده يكون في الليل أما في النهار فإنه مستحب غسل اليدين ثلاثاً مستحب قبل الوضوء وليس بواجب. وفي الليل يجب لهذا الحديث.

(واستدل بعضهم بهذا على أن الماء إذا غمست فيه يد القائم من نوم الليل الناقض للوضوء يكون طاهرا غير مطهر، وليس في الحديث دلالة على هذا).

قال الشيخ: يكون طاهر يعني يستعمل في جميع الاستعمالات لكنه لا يجزي على ما قاله جمهور الفقهاء لكن ليس عليه دليل، صحيح منهي لكن ليس معنى ذلك أنه إذا غمس صار الماء لا يصح الوضوء به.

(واستدل بعضهم بهذا أيضا على أنه ينجس، وليس فيه دلالة على هذا أيضا.

واستدل بعضهم بقوله: «لا يدري أين باتت يده» على أن هذا خاص بنوم الليل؛ لأن البيتوتة لا تكون إلا بالليل، ولكن الصحيح أنه عام لنوم الليل والنهار؛ لأن العلة التي ذكر الشارع موجودة فيها، ولهذا اضطر المخصصون لنوم الليل إلى أن قالوا: هذا تعبدي لا نفهم علته. ولكن - والحمد لله - قد نبه صلى الله عليه وسلم على العلة بأنه لا يدري أين باتت يده، فإنها مظنة مباشرة الوسخ أو النجاسة، وإذا كان هذا فيما هو مظنة مباشرتها للنجاسة أو الوسخ، فإذا تحقق ذلك فمن باب أولى وأحرى).

قال الشيخ: في هذا يخالف المؤلف مذهب الجمهور لقوله فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده، أعد.

(واستدل بعضهم بقوله: «لا يدري أين باتت يده» على أن هذا خاص بنوم الليل؛ لأن البيتوتة لا تكون إلا بالليل، ولكن الصحيح أنه عام لنوم الليل والنهار؛ لأن العلة التي ذكر الشارع موجودة فيها، ولهذا اضطر المخصصون لنوم الليل إلى أن قالوا: هذا تعبدي لا نفهم علته. ولكن - والحمد لله - قد نبه صلى الله عليه وسلم على العلة بأنه لا يدري أين باتت يده، فإنها مظنة مباشرة الوسخ أو النجاسة، وإذا كان هذا فيما هو مظنة مباشرتها للنجاسة أو الوسخ، فإذا تحقق ذلك فمن باب أولى وأحرى).

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد