بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين
أما بعد
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى في أماليه على عمدة الأحكام:
(باب الاستطابة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ كان إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعود بك من الخبث والخبائث».
قوله: «اللهم إني أعوذ بك... إلخ. ضبطه المؤلف في بعض النسخ فقال: «الخبث بضم الخاء جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة، فكأنه استعاذ بالله من ذكران الشياطين وإناثهم).
قال الشيخ: الخبث للذكران والخبائث للإناث.
(وضبطه بعضهم فقال: الخبث بسكون الباء: الشر، والخبائث: أهل الشر).
قال الشيخ: ويدخل في الشر الشياطين وغيرهم في الأعم.
(وكأن هذا أجمع للمعنى؛ لأن مقام الدعاء يقتضي التعميم، وقال القاضي عياض: أكثر روايات الشيوخ بسكون الباء. ولا تخفى مناسبة الاستعاذة من الشياطين في هذا الموضع؛ لأنه يكثرون في المواضع الخبيثة لخبثهم.
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيتم الخلاء فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا»..
قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله عز وجل).
قال الشيخ: شرقوا أو غربوا هذا لأهل المدينة أما في نجد قال جنبوا أو شملوا، المهم أن ينحرف عن القبلة، وهذا يدل على أنه لا بأس في استقبال النيرين عند الحاجة وهما الشمس والقمر، ذكر بعض الفقهاء أنه يكره استقبال النيرين وهذا ضعيف، استقبال النيرين الشمس والقمر لأن شرقوا أو غربوا أي استقبال الشمس أو استدبرها شرقوا أو غربوا هذا دليل على ضعف القول بأنه يكره استقبال النيرين عند قضاء الحاجة ذكره الحنابلة وغيرهم.
(قوله: «إذا أتيتم الخلاء...» إلخ فيه تحريم استقبال القبلة، واستدبارها حال قضاء الحاجة تعظيما لها، وهل هذا مطلقا ولو داخل البنيان، أو خاص في الفضاء؟ اختلف في ذلك العلماء، والصحيح: أنه يحرم في الفضاء استقبال القبلة أو استدبارها، ويكره في البنيان، إلا لحاجة).
قال الشيخ: المسألة فيها أقوال فيها ما يقرب من ثلاثة أقوال فيها الجواز مطلقاً والمنع مطلقاً ولكن جمع البخاري رحمه الله بينهما بأنه لا يجوز في الفضاء ويجوز في البنيان جمع بين النصوص لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل الشام يستدبر القبلة يقضي حاجته فدل على الجواز في البنيان، وأبو أيوب رضي الله عنه كان يرى المنع قال قدم الشام فوجد مراحيض قد بنيت نحو الكعبة قال فننحرف عنها ونستغفر الله، لأنه يرى المنع مطلقا، البخاري وجماعة جمعوا بينها في الجواز في البنيان والمنع في الفضاء على القاعدة جمعاً بين النصوص، والشيخ قال عند الحاجة، والحاجة تكون ماسة وذكروا أنه في البنيان جائز مطلقاً للجمع بين النصوص كما ذهب إليه البخاري وجماعة القاعدة كما في حديث ابن عمر رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل الشام مستدبرا الكعبة وهو يقضي حاجته.
(وقوله: «ولكن شرقوا أو غربوا» هذا خطاب خاص لأهل المدينة، ومن نحا نحوهم ممن إذا شرق أو غرب لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها، وأما من إذا شرق أو غرب استدبر القبلة أو استقبلها، فلا يدخل تحت هذا).
قال الشيخ: مثل أهل نجد في نجد الآن إذا شرقت أو غربت استقبل القبلة أو استدبرها، القبلة غرباً الآن عندنا فلا تشرق ولا تغرب.
(فلا يدخل تحت هذا بل يدخل بعموم أول الحديث).
قال الشيخ: أول الحديث لا تستقبلوا ولا تستدبروا.
(وقال المؤلف في بعض النسخ: «الغائط: الموضع المطمئن من الأرض، كانوا ينتابونه لقضاء الحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث، كراهية لذكره بخاص اسمه. والمراحيض: جمع مرحاض، وهو اسم للموضع المعد لقضاء الحاجة.
وقوله: «فننحرف عنها...» إلخ أي: تعظيما لها «ونستغفر الله» أي: من التقصير؛ لأنه لا يمكنهم كمال الانحراف).
قال الشيخ: الغائط المكان المنخفض من الأرض كانوا يقصدون فيه قضاء الحاجة لأن فيه يستترون ثم أطلق على الحدث نفسه يسمى الغائط.
سؤال: القبلة.
قال الشيخ: في المسجد لا تجوز في الصلاة ولا في غير الصلاة، لكن في المسجد لا تجوز لأن النبي رأى حكها وجعل في مكانها طيبا المسجد ليس له لكن لو كان المسجد فيه تراب ودفنها مثل ما جاء في الحديث قال بها هكذا عن يساره أو تحت قدمه لكن يتحمل لو في الصحراء حتى لو في غير الصلاة الهيئة الإنسان يتنخم عن يمينه وأمامه ملكاً حتى في الصلاة بينما كانوا عن يساره.
سؤال: .........
قال الشيخ: عن يساره لكن ما في عن يساره أحد أو تحت قدمه أو في منديل.
(وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه قال: رقيت يوما على بيت حفصة، رأيت رسول الله ﷺ يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة.
وقوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «رقيت يوما على بيت حفصة...» إلخ يحمل على أنه لحاجة، کزيادة الاستتار بالقرب من الحائط ونحو ذلك؛ لأن الظاهر أنه ليس في الفضاء).
قال الشيخ: ليس في الفضاء والحاجة داعية.
قال الشيخ: إذا تيسر أما من جهة القبلة هذا أحسن.
(وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء.
قوله في حديث أنس: «فأحمل أنا وغلام... إلخ الإداوة: الإناء فيه القليل من الماء کالمطارة ونحوها).
قال الشيخ: إداوة من جلد الصغير مثل المطارة وأشباهها.
(وفيه مشروعية الاستنجاء، وقد ورد خلاف شاذ عن بعض السلف أنه لا يجزئ إلا مع الأحجار، ولكن - ولله الحمد - أجمعت الأمة بعد ذلك على إجزائه).
قال الشيخ: الماء أفضل، الأفضل أن يجمع بين الحجارة والماء فإن لم يمكن فالماء، فإن لم يمكن فالحجارة فالماء أبلغ.
(وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم استجمر فقط، وورد أنه استنجي فقط، كما في هذا الحديث، وورد عنه الجمع بينهما وهو أكمل وأفضل).
قال الشيخ: هذه هي الحالة الأكمل يستجمر بالحجارة ثم يتبعه بالماء ثم يليه الاستنجاء بالماء ثم الاستجمار بالحجارة يجزئ بشروط، منها ألا يتجاوز الخارج موضع الحاجة، فإن تجاوز الخارج موضع الحاجة لم يجزئه إلا الماء يعني تجاوز البول الحشفة حشفة الذكر، وتجاوز الغائط إلى صفحة صفحتين هنا لابد من الماء ليجاوز موضع الحاجة، وألا يتجاوز موضع الحاجة وأن يكون ثلاث مسحات منقية فأكثر ولا يبقى أثر لا يزول إلا بالماء ولا يكفي، فإن كان حجر أو حجرين أو مسحة أو مسحتين فلا يكفي لابد من ثلاث مسحات منقية يعني لا يترك شيئاً إلا الأثر الذي لا يزيله إلا الماء فإن كانت غير منقية فلا ، وألا يتجاوز الخارج موضع الحاجة وأن يكون ثلاث مسحات منقية وألا يترك إلا الأثر الذي لا يزول إلا بالماء وأن تكون الأحجار يعني تزيل أما الزجاج والشيء الذي لا يزيل أو الشيء اللزج لا يجزئ وكذلك أيضاً لابد أن يكون لا بأس بالمناديل من الورق المنظفة أما الزجاج فلا يزيل وكذلك أيضاً المحترم ما يجوز يستنجي بشيء محترم ولا بشيء فيه ذكر الله إذا لم تستوفي الشروط فلا يجزئ.
(وفيه استحباب تهيئة الإنسان ما يكمل العبادة، كآلة الاستنجاء، والطهارة، وسترة الصلاة، ونحو ذلك).
قال الشيخ: لأن أنس قال أحمل أنا وغلام نحوي إداوة وعنزة الإداوة فيها الماء للاستنجاء والعنزة العصا يأخذها أمامه سترة.
(وفيه مشروعية السترة للصلاة؛ لأنه تركز له العنزة، فيصلي إليها، والعنزة: هي الحربة الصغيرة).
قال الشيخ: العنزة هي الحربة الصغيرة في آخرها حديد، وقد صحف هذا على بعض الناس بعض الرواة يصحفون فقال بعضهم نحن من عنزة يفتخر كان يصلي إلينا النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنا من قبيلة عنزة يصلي إليها النبي صلى الله عليه وسلم تصحيف، العنزة عصا وهؤلاء يسمونها قبيلة.
(وقوله: «وغلام نحوي» أي: قريب مني بالسن. وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يخدم، وقد خدمه الأحرار والأرقاء، وليس هذا من الكبر في شيء وأيضا ففي كثرة المتصلين به صلى الله عليه وسلم كأزواجه وخدمه وأصحابه مصلحة).
قال الشيخ: هم المستفيدون يستفيدون الثواب والأجر وينقلون السنن إلى الناس أزواجه وخدمه هم المستفيدون، وأنس رضي الله عنه أهله هم الذين جاء أبو طلحة وأم سليم أمه قالوا يا رسول الله أنس غلام هل استخدمته.
(وهي الأخذ عنه ونشر سنته، ولهذا أبيح له من الأزواج ما لم يبح لغيره).
قال الشيخ: وهذا فيه مصالح أزواج النبي ينقلون السنن التي في البيوت وكانت المصاهرة لتقوية الصلة مع القبائل فيه مصلحة للدعوة ونشر الإسلام.
(وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء»).
قال الشيخ: لأن اليمين للتكريم لا يستنجي بيده اليمنى ولا يمسك ذكره بيده اليمنى وهو يبول وإنما باليسار، وأما التنفس في الإناء لأنه يقذره على غيره. فإذا أراد النفس يميل الإناء عن فمه ثم يتنفس.
(وقوله في حديث أبي قتادة: «لا يمسن...» إلخ فيه النهي عن مباشرة المحال النجسة باليمين لكرامتها)
قال الشيخ: لأن اليمين للسلام وللتكريم واليسار للاستطابة والاستنجاء.
(وهل هذا محرم، أو مكروه؟ على قولين، الصحيح: أنه مكروه كراهة شديدة، ومثله الأوساخ تكره مباشرتها باليمين).
قال الشيخ: الأصل في النهي التحريم قول قوي. أي يحرم عليه إلا للضرورة يستنجي بيده اليمنى أو يمسك ذكره بيده اليمنى وهو يبول الأقرب أنه للتحريم.
(وقوله: «ولا يتنفس في الإناء» لأن ذلك وسيلة إلى تقذيره، وأيضا: وسيلة إلى الشرق، وربما إذا دخل الماء جوف الإنسان دفعة واحدة أضر بحرارة المعدة، وربما خرج مع نفسه رائحة كريهة فأفسدت الماء ويستحب الشرب بثلاثة أنفاس، والحمد في آخر كل نفس، وذكر اسم الله مع أول كل نفس).
قال الشيخ: يعني يقول بسم الله ثم يميل ويقول الحمد لله ثم يقول بسم الله ثم يميل ويقول الحمد لله ثم يقول بسم الله ثم يميل ويقول الحمد لله ثلاثاً.