شعار الموقع

شرح كتاب إملائات ابن سعدي على عمدة الأحكام 36

00:00
00:00
تحميل
1

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

أما بعد

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى في أماليه على عمدة الأحكام:

(عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي ﷺ بقبرين قال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة». فقالوا: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: «لعله يخفف عنهما ما لم تيبسا.

قوله في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «مر رسول الله ﷺ بقبرين... إلخ فيه وجوب الاستتار من البول، وأن عدم التنظف منه من كبائر الذنوب، وغيره من النجاسات من باب أولى؛ لأنه إذا لم يعف عن المتصل بالإنسان الذي ربما شق التحرز منه، فغيره أولى. وفيه دليل على أن النميمة من كبائر الذنوب؛ لأن الكبيرة: ما فيه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو ترتيب لعنة أو غضب، أو نفي إيمان. والنميمة: نقل كلام الغير لأجل الإفساد.

وقوله: «وما يعذبان في كبير» أي: شاق عليهما، كما في قوله تعالى: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) [البقرة: 45]. وقوله: (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله} [البقرة: 143]. بدليل قوله في الحديث المخرج في السنن: «وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير).

وفي هذا الحديث دليل على أصل من أصول أهل السنة والجماعة، وهو إثبات فتنة القبر، وعذاب القبر ونعيمه، كما دل على ذلك القرآن، وتواترت بذلك الأحاديث. وقوله: وأخذ جريدة... إلخ فيه دليل على رأفته ورحمته بالأمة، حيث فعل ذلك ليخفف عنهما وقوله: فقالوا: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ فيه دليل على حسن معرفتهم، حيث إنه إذا أشكل عليهم الأمر سألوا نبيهم عنه، وهو صلى الله عليه وسلم لم يخبرهم حتى سألوه؛ ليكون أبلغ للعلم.

وفيه المعجزة العظيمة له صلى الله عليه وسلم، حيث كشف له عن عذاب هذين، وبأي سبب يعذبان، وقال بعضهم: يستحب غرز الجريد على القبور؛ اقتداء به صلى الله عليه وسلم. ولكن ليس بمسلم؛ لأنه لم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا غير هذه المرة، وكذلك لم ينقل عن أحد من أصحابه فعل هذا، وأيضا فمن يعلم عن صاحب القبر، هل هو منعم، أو معذب؟ وأيضا فلو قدر أنه حصل العلم بأنه يعذب، فمن يعلم عن سبب تعذيبه، لتكمل متابعته صلى الله عليه وسلم فالصحيح أنه لا يستحب؛ لأنه لو كان مستحبا لنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن أحد من أصحابه. وقال بعضهم: كانا كافرين. ولكن الصحيح أنهما مؤمنان؛ لأنهما لو كانا كافرين لذكر أن سبب العذاب كفرهما؛ لأنه أعظم مما ذكر).

قال الشيخ: الصواب أنه روي عن بعض الصحابة أنه فعل ذلك كبريدة بن الحصيب غرز جريدة وبعض العلماء، والصواب أنه لا يشرع لأن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ولأنه من علم الغيب ، لا يعلم ومن يعلم أنهما يعذبان ومن يعلم أن عذابهما من البول حتى يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم كشف له حال المستقبل وكشف له عن الأمر وهذا من المعجزات ومن دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام، ويدل على أن عدم الاستتار من البول والتنزه من البول والنميمة من كبائر الذنوب لأن الكبيرة ما توعد عليها بالنار أو اللعن أو الغضب وينفى عن صاحبها الإيمان، وكذلك فيه أيضاً أنه يجب التحرز من البول إذا كان على الإنسان أن يتحرز من بول نفسه الذي قد يشق عليه فالتنزه من بول غيره من باب أولى النجاسات الأخرى. قوله: وما يعذبان في كبير أي في كبير يشق عليهما، ولكنه كبير من الكبائر هو كبير في نفسه، ولكنه ليس بكبير بالنسبة للتحرز منهما التحرز ليس بشاق عليهما ولهذا جاء بلى إنه كبير، وفيه إثبات عذاب القبر والرد على من أنكره وإثبات عذاب القبر في القرآن قال الله تعالى: (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق)، يعني عذاب القبر قال تعالى في آل فرعون: (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا)، ثم قال (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)، دليل على أن النار التي يعرضون عليها غدوا وعشيا في القبر في البرزخ نسأل الله السلامة والعافية فعذاب القبر دلت عليه السنة والقرآن الكريم ومتواتر فمن بلغه وأنكره كفر.

سؤال: .......

قال الشيخ: يصلي لكن ما يتحرز من البول يصلي ولكن بطهارة غير تامة ما تمت الطهارة يصلي ولكن الطهارة ما تمت لعدم تحرزه من البول فعذب.

سؤال: .......

قال الشيخ: الغيبة غير النميمة، النميمة نقل الكلام من شخص إلى شخص أو من جماعة إلى جماعة على وجه الإفساد والغيبة ذكرك أخاك بما يكره، الغيبة وردت فيها أدلة من الكبائر في القرآن الكريم ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه وهي ذكرك أخاك بما يكره فالغيبة من الكبائر بأدلة أخرى.

إذا نقل شخص إلى شخص هذا نميمة على سبيل الإفساد وإذا ذكره بما يكره هذه غيبة سواء نقل أو ما نقل ذكره بما يكره سواء نقله أو لم ينقله فهذا يعتبر غيبة وإما إذا نقل الكلام من شخص إلى شخص على وجه الإفساد صار نميمة.

سؤال: ..............

قال الشيخ: مسألة الغيبة فيها أشياء مستثناة مثل كأن يستفتي امرأة فقالت إن أبا سفيان رجل شحيح فلا يعطيني ما يكفيني وولدي على وجه الاستفتاء أو صار إنسان مظلوم يطالب بحقه إذا قال فلان ظلمني هذا ليس بغيبة مستثنى كذلك أيضاً نقل كلام المجرمين والمفسدين ويجب التحرز منهم والسلامة من شرهم هذا مستثنى وكذلك أيضاً الكلام للقبض عليهم الذين يفسدون في الأرض وكذلك طلب الإعانة على إنكار المنكر هذا مستثنى ستة أشياء مستثناة منها هذه الأشياء ومنها كذلك إذا كان للتعريف إذا كان ذكره بشيء للتعريف مضطر قال فلان الأعمى أو فلان الأعرج  ما قصد التنقص لكن للتعريف ما يعرف إلا بهذا هذا مستثنى ستة أشياء مستثناة للتعريف وإنكار المنكر والاستفتاء بالأدلة.

طالب: والتحذير من البدع.

قال الشيخ: التحذير من البدع وذكر المفسدين والتحذير من أوصافهم ومن أعمالهم هذا كذلك.

(باب السواك

قوله: «باب السواك»: السواك يحصل بأي عود كان، إذا لم يجرح الفم، من أراك، وزيتون، أو عرجون، وأحسنها الأراك).

قال الشيخ: يعني ليس خاصاً بالأراك أو من عود آخر كعود العنب لكن بشرط ألا يكون صلباً يجرح اللثة حتى قال بعض الفقهاء ولو بأصبع خشنة لو يستاك بالأصبع الخشنة، أحسنها الأراك الأراك هو أحسن ما يتسوك به هو الموجود الآن.

(وهو مسنون كل وقت، متأكد عند صلاة ووضوء، وتغير فم، وخلو المعدة من الطعام، والقيام من النوم، وإطالة السكوت، ودخول المسجد، وقراءة القرآن، ودخول المنزل).

قال الشيخ: وفي بعض يتأكد عن بعضها وفي كل وقت مسنون، لكن إذا دخل البيت يستحب عند الوضوء يستحب عند الصلاة يستحب عند تغير رائحة الفم عند الصلاة في هذه المواضع مستحب يتأكد وإلا فهو في كل وقت مسنون.

(وكرهه بعضهم للصائم بعد الزوال، والصحيح عدم الكراهية له).

قال الشيخ: الحنابلة قالوا يكره السواك عند الزوال للصائم والزوال أذان الظهر قالوا الصائم يتسوك من الفجر إلى أذان الظهر ، بعد الظهر لا يتسوك مكروه يتسوك دليلهم قالوا إن الصائم إذا تسوك أزال الرائحة السواك يزيل الرائحة وهذه الرائحة وإن كانت مكروهة في مشام الناس ومستكرهة لكنها محبوبة عند الله لأنها من أثر الطاعة فلا ينبغي أن يزيل أثر الطاعة التي محبوبة عند الله واستدلوا بحديث إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي، ولكن الصواب الحديث ضعيف لا يصح والعلة التي ذكرناها صحيحة الرائحة السواك ما يزيل الرائحة، الرائحة منبعثة من خلو المعدة من الطعام وخلو المعدة موجود سواء تسوك أم ما تسوك فالصواب أنه مستحب في أول النهار وآخره للصائم ولغيره لعموم قول النبي صلى الله عليهم وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ولم يقل صلاة العصر لا تستاكوا فدل على أنه مستحب بشرط أن يكون السواك ليناً ليس صلباً يجرح اللثة وليس ليناً يتفتت وليس فيه طعمية ولا مواد أخرى بعض السواك فيه طعمية أو بعض المواد تزال المواد ولا يكون يتفتت ولا يكون صلباً يجرح اللثة فإذا كان بهذه الكيفية فهو مشروع في كل وقت في أول النهار وآخره للصائم وغيره وهذا هو الصواب الذي عليه المحققون. إذا كان ما فيه مواد لا بأس ولما قيل لبعض السلف السواك له طعم قال والبعر له طعم أيضاً أما إذا كان طعم المواد والحرارة التي يجعل فيها تزال.

طالب: .......... (31: 13)

قال الشيخ: هذا النفي يحتاج إلى دليل المهم السنة تثبت بالقول، والقول أبلغ من الفعل والقول مقدم على الفعل والقول بالفعل والتقرير سواء رأى أو ما رآه ثبت عنه تسوك أم لم يتسوك النبي صلى الله عليه وسلم تسوك كثيراً ما يتسوك.

كذلك في مرضه لما دخل وهو مريض عليه الصلاة والسلام ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك نظر إليه فقالت عائشة آخذه منه فأشار برأسه قالت فأخذته وقضمته وطيبته وأعطته إياه فتسوك به النبي عليه الصلاة والسلام من حبه للسواك.

(عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء».

قال الشيخ: عند كل صلاة هذا المعروف، لكن هل فيه رواية عند كل وضوء، يراجع.  

(قوله: «لولا أن أشق على أمتي...» إلخ: فيه أصل من أصول الدين، وهو معرفة صفته صلى الله عليه وسلم، وأنه بالمؤمنين رءوف رحيم).

قال الشيخ: كما قال في آية التوبة (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) هذا وصفه صلى الله عليه وسلم حريص عليكم يعني على هدايتكم يوصل النفع إليكم بكل طريق عزيز عليه ما عنتم يعني يشق عليه ما يشق عليكم حريص على هدايتكم وإيصال النفع بالمؤمنين رؤوف رحيم من أوصاف الله من أسماء الله الرؤوف الرحيم ومن أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم هذه أسماء مشتركة والله رؤوف بالعباد رحيم بالعباد والرسول رؤوف ورحيم مثل الحي والعزيز أسماء مشتركة من أسماء الله اسم منها مشترك ومنها ما هو خاص به، هذه من الأسماء المشتركة رؤوف رحيم وليس(34: 16) الله به فالله له الكمال وله ما يناسبه.

(وفيه أصل عظيم من أصول الفقه، وهو أن الأصل بالأمر الوجوب).

قال الشيخ: لولا أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك يعني لأمرتهم أمر إيجاب أمرهم أمر استحباب فدل على أن الأصل في الأمر الوجوب، وهذا الذي عليه المحققون أو الأصوليين أن الأمر للوجوب وذهب بعض الأصوليين أن الأمر للاستحباب وذهب إليه الآمدي في كتاب الأحكام وأطال فيه وهو ضعيف والصواب أن الأمر للوجوب في هذا الحديث لولا أشق على أمتي بيان صفة الرسول ثم إنه يشق عليه ما يشق على أمته، وبيان أصل من أصول الفقه وهو أن الأصل في الأوامر الوجوب لولا أشق لأمرتهم يعني أمر إيجاب يعني الأمر أمر استحباب فدل على أن الأمر للوجوب.

(وفيه دليل على أن السواك مرتبته وأجره أجر الواجبات؛ لأن منفعته منفعة الواجب، فيقتضي ذلك الأمر به، وإيجابه، ولكن لما قام المعارض - وهو المشقة - اقتضت الرحمة أن يجعل حكمه حكم المستحبات، وأجره أجر الواجبات).

قال الشيخ: محل نظر هذا أجره أجر الواجبات لا شك أنه مستحب الأمر به لكن أجره أجر الواجبات وهو ليس بواجب، المؤلف رحمه الله استنبط هذا، لكن ما يظهر لي أن ما أجره أجر الواجبات لأنه ليس بواجب.

طالب: من باب الإتمام.

قال الشيخ: إتمام ماذا؟ نعم لا بأس من المستحبات، والمستحب له أجر يداني الوجوب لكن ما يظهر لي أن أجره أجر الواجبات لأنه ليس بواجب فالواجبات لها خصوصية أجرها أجر المستحبات والنبي أخبر أنه ليس بواجب فكيف يكون أمره، هذا يدل على تأكد استحباب السواك أنه مستحب ومتأكد وأنه أجر المتأكدات المستحبات لا أجر الواجبات فيما يظهر لي والله أعلم. ما يظهر لي والله أعلم أن أجره أجر الواجبات ولكنه أجر المتأكد المستحبات المتأكدة.

(وفيه أن الأصل بالأمر الوجوب، والحمد لله رب العالمين وله الفضل أولاً وآخراً).

قال الشيخ: هذا السبب، وعليه المحققون من الأصوليين على وهو الصواب أن الأصل في الأمر للوجوب وهذا دليل واضح لأمرتهم أمر إيجاب، وفيه الرد على من قال الأصل في الأمر الاستحباب، من الأصوليين وأن هذا قول مرجوح.

(وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك.

يشوص معناه يغسل يقال: شاصه يشوصه، وماصه يموصه: إذا غسله).

قال الشيخ: فيه الدلك بالسواك.

(قوله في حديث حذيفة: «كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» فيه استحباب التسوك لمن استيقظ من نوم الليل، وفي معناه نوم النهار، وذلك لتنظيف الفم من الأبخرة المتصاعدة إليه حال النوم. قال المؤلف: شاصه يشوصه، وماصه يموصه: إذا غسله. والسواك يكون على اللثة والأسنان واللسان).

قال الشيخ: واللثة ما تحت الأسنان.

 (يأخذه بيده اليسرى مبتدئا بجانب فمه الأيمن).

قال الشيخ: يتسوك بيده اليسرى لأنه من باب إزالة الأذى، قال بعض العلماء يأخذه بيده اليمنى لأنه من باب المستحبات، والأرجح أنه من باب إزالة الأذى مبتدئاً بجانبه الأيمن ثم الأيسر هكذا.

وهل يستاك عرضاً أو طولاً بالنسبة للأسنان هكذا بعض الأطباء هكذا ظاهر هكذا.

(عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبده النبي صلى الله عليه وسلم بصره، فأخذت السواك، فقضمه فطيبته، ثم دفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستن به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استنانا أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله ﷺ رفع يده أو إصبعه، ثم قال: «في الرفيق الأعلى»، ثلاثا، ثم قضى، وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي.

وفي لفظ: فرأيته ينظر إليه، فعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم. لفظ البخاري، ولمسلم نحوه).

قال الشيخ: وهذا في مرض موته عليه الصلاة والسلام في آخر حياته محبته للسواك، استن استناناً قالت عائشة ما رأيت استناناً أحسن منه ورفع بصره وقال في الرفيق الأعلى حتى قضي قبضت روحه السواك في آخر حياته من محبته له لما فيه من التنظيف، خرجت روحه عليه السلام وهو في حالة من النظافة والطهارة.

(قوله في حديث عائشة رضي الله عنها: «دخل عبد الرحمن...» إلخ فيه دليل على أنه ينبغي التلطف بالمريض، وفعل الأرفق به من تسنيد ونحوه).

قال الشيخ: عائشة مسندته إلى صدرها لأنه مريض ليس بصحيح لو كان صحيحاً يكون هكذا ودخول عبد الرحمن وهكذا في حالة صحة ولكن هذا في حال المرض.

(قوله: «فأبده...» إلخ يعني أمده. فيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم يحب السواك محبة عظيمة؛ حيث إنه لم يذهل عنه في هذه الحالة).

قال الشيخ: لم يذهل عنه حتى في حالة المرض ينظر إليه يريده.

(وفيه حسن أدب عائشة رضي الله عنها ومعرفتها، حيث عرفت ذلك، فأخذته له).

قال الشيخ: عائشة رضي الله عنها تنظر إليه فلما رأته ينظر للسواك في يد عبد الرحمن فأبده بصره يعني ينظر إليه فعرفت عائشة أنه يحبه فقالت آخذه لك فأشار برأسه نعم فأخذته وقضمته وطيبته ودفعته إليه.

(وفي الرواية الأخرى: «فقلت: آخذه لك...» إلخ، وأيضا فمن كمال معرفتها أنها لم تدفعه له حين أخذته، بل قضمته وطيبته؛ ليكون ألين له؛ لأنه في حالة ضعف.

واختلف في قولها: «فطيبته»؛ فقيل: جعلت فيه طيبا، ولكن الظاهر القول الآخر: وهو أنه بمعنى حسنته وجعلته لينا طيبا؛ لأنها في حال استناد الرسول صلى الله عليه وسلم إليها ولم تقم، ولأن الطيب إذا جعل في السواك أضر باللثة، وقيل: إنه يحرك عرق الجذام).

قال الشيخ: قضمته ولينته في مكانها قضمته بأسنانها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب من المكان الذي تشرب منه عائشة، فقضمته بلسانها بفمها ودفعته إليه؛ لأن النبي يحب ذلك ويشرب في الإناء من المكان الذي شربت منه، من الموضع الذي شربت منه.

(وقولها: «فاستن...» إلخ فيه كمال قوته صلى الله عليه وسلم وجلده على العبادة؛ لأنه يقوي نفسه على العبادة. وقوله: (في الرفيق الأعلى، ثلاثا)، وفي رواية: (فعرفت أنه خير). والمراد بالرفيق الأعلى الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فهو سيد العالمين، وأفضل المصطفين).

قال الشيخ: خير ما من نبي إلا ويخير، فلما خير في وفاته في قبض روحه، فاختار فقالت الرفيق الأعلى.

(وقولها: «مات بين حاقنتي وذاقنتي» فيه كمال محبته صلى الله عليه وسلم لعائشة ومحبتها له، حيث إنه توفي في أقرب الحالات إليها.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك بسواك رطب. قال: وطرف السواك على لسانه، وهو يقول: أع أع، والسواك في فيه كأنه يتهوع.

وقوله في حديث أبي موسى: وطرف السواك على لسانه، وهو يقول: «أع أع». والسواك في فيه كأنه يتهوع. فيه أن السواك يكون على اللسان، كما يكون على اللثة والأسنان، وهذا فيه شدة المبالغة بالسواك).

قال الشيخ: قوله أع أع إلى حلقه كأنه يتهوع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد