شعار الموقع

24- مختصر زاد المعاد

00:00
00:00
تحميل
8

(المتن)

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبه أجمعين.

قال المؤلف رَحِمَهُ اللهُ في مختصر زاد المعاد لابن القيم:

[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الكسوف]

فصل ولما كسفت الشمس، خرج إِلَى الْمَسْجِدِ مُسْرِعًا فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَكَانَ كُسُوفُهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ عَلَى مِقْدَارِ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْ طُلُوعِهَا، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قرأ في الأولى بالفاتحة وسورة طويلة، وجهر بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ لما رفع رأسه من الركوع: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الْحَمْدُ» ثُمَّ أَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سجد، فأطال السجود، ثم فعل في الأخرى مثل ما فعل في الأولى، فاستكمل في الركعتين أربع ركوعات، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ.

 (الشرح)

 هذا هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الكسوف، كسوف الشمس وخسوف القمر، ويقال أَيْضًا كسوف للشمس للقمر، وخسوف للشمس وللقمر. وكسوف الشمس هو ذهاب نورها أو بعضها، وكذا ذهاب نور القمر. فإذا وجد فإنه يُشرع للناس أن يُصلوا.

وقد كسفت الشمس على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم، ابن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصغير، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، على عادة أهل الجاهلية، يقولون: تكسف الشمس لموت عظيم أو ولادة عظيم.

فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى خطبَ الناس وقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموها ففزعوا إلى الصلاة». جاء الأمرُ بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر، وجاء الأمر بالدعاء، وجاء الأمر بالصدقة، وجاء الأمر بالعتق، وجاء الأمر بالتكبير، كل هذا مشروع.

الصلاة، والدعاء، والصدقة، العتق، وكذلك أَيْضًا الخطبة والتذكير بعد صلاة الخسوف.

وصلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الكسوف، انكسفت الشمس على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرةً واحدة، يوم مات إبراهيم، وصلى ركعتين، في كل ركعة ركعوان، فتكون أربع ركعات بأربع سجدات، وصلى صلاةً طويلة، قالت عائشة رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: «صلى بأطولِ صلاة» قرأ طويلًا بمقدار قراءة سورة البقرة في الركعة الأولى، قالت: «ثم ركع ركوعًا طويلًا بمقدار قراءته» من يستطيع هذا؟ «ثم رفع رفعًا طويلًا بمقدار ركوعهِ أَيْضًا، ثم قرأ بعد رفعه قرأ الفاتحة وقرأ أَيْضًا ثم ركع ركوعًا ثانيًا دون الركوع الأول»، والقراءة الثانية دون القراءة الأولى. القراءة الأولى أطول شيء، والركوع الأول أطول شيء، ثم القراءة الثانية دون القراءة الأولى، والركوع الثاني دون الركوع الأول.

«ثم سجد سجودًا طويلًا قريبًا من قراءته، ثم رفع وجلس جلوسًا طويلًا، ثم سجد السجدة الثانية، ثم قام وأتى بالركعة الثانية وقرأ قراءة دون التي قبلها، ثم ركع ركوعًا دون الذي قلبه، ثم رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده وقرأ الفاتحة وقرأ قراءةً دون القراءة التي قبلها، ثم ركع ركوعًا دون الركوع الأول الذي قبله، ثم سجد سجدتين ثم سلم».

كل قراءة دون القراءة التي قبلها، وكل ركوع دون الركوع الذي قبله، هذا هي الصفة التي ثبتت في الصحيحين، أن صلاة الكسوف ركعتان، في كل ركعة ركوعان.

وجاء في صحيح مسلم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الخسوف، صلى في بعضها ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركوعات فتكون ست ركوعات. وجاء أَيْضًا في حديث آخر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الكسوف في كل ركعة أربع ركوعات، تكون ثمان.

وجاء أَيْضًا في حديث آخر: أنه صلى هناك خمس ركوعات. اختلف العلماء في هذا.

من العلماء من قال: إنه يجوز أن تصلى صلاة الكسوف على هذه الأنواع المختلفة، تصلى في كل ركعة ركوعين أو ثلاث ركوعات أو أربعة أو خمس، لأنه ثبت في صحيح مسلم، وقالوا: يحتمل أن النبي فعل ذلك لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاش في المدينة عشرة سنوات، محتمل أن الشمس انكسفت مرات. في كل مرة صلاها على صفة.

وذهب المحققون إلى أنها لا تُصلى إلا على هذه الصفة: ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان فقط، وقالوا إن هذه الصفة التي اتفق عليها الشيخان البخاري ومسلم، وما عداها تكون شاذة. الصفات الأخرى تكون شاذة فلا يُعملُ بها ولو كان في صحيح مسلم.

هذا هو الذي عليه المحققون، وقالوا إنه لم يثبت أن الشمس كسفت إلا مرة واحدة في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي يوم موت إبراهيم ولم يصلي إلا مرة واحدة.

فدل على أن الصفات الأخرى شاذة.

الطالب: ....

الشيخ: الصلاة سُنة عند جمهور العلماء، سُنة مؤكدة، وذهب بعض العلماء إلى أنها واجبة لأن لها سبب. الصلوات الخمس هي التي أوجبها الله في كل يوم وليلة، وكل صلاة لها أسباب. صلاة الكسوف لها سبب، قالوا: كذلك أَيْضًا الدخول في المسجد، بعض الظاهرية يرون أن وجود تحية المسجد لها سبب وهي دخول المسجد. 

فهذه الصلوات لها أسباب.

الطالب:...

الشيخ: ما ذكر الركوع الثاني، فاته الركوع، العبرة بالركوع الأول.

ويش بعد ذلك.

(المتن)

 وَرَأَى فِي صَلَاتِهِ تِلْكَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.

 (الشرح)

 جاء في الحديث أنه مثلت للنبي الجنة والنار، وأنه صلى وتأخر، وتأخرت الصفوف، وتقدم وتقدمت الصفوف، فلما صلى سُئِلَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «مُثلت لي النار، فحينما رأيتها تكعكعت، وتكعكعت الصفوف. ومثلت ليّ الجنة حتى رأيته كأنه دُلي لي عنقود من الجنة، فدنوت أن آخذ منه» هذا مثلت له وقُربت له الجنة وقُربت له النار، قال: ما رأيت مثل اليوم الخير والشر، مثلت له الجنة والنار.

(المتن)

 وَهَمَّ أَنْ يَأْخُذَ عُنْقُودًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيُرِيَهُمْ إِيَّاهُ.

 (الشرح)

 قال: لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدُنيا. اللهُ أكبر، نعم.

(المتن)

 وَرَأَى أَهْلَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ، فَرَأَى امْرَأَةً تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ رَبَطَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا وَعَطَشًا.

 (الشرح)

 نعم، رأى عدد من أهل النار، هذا في البرزخ وهذا البرزخ، والمرأة التي حبست الهرة حتى ماتت، لم تطعمها، تعذب بها في النار، ربطتها فلا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت فعذبت فيها. دخلت النار، نسأل الله العافية. هذا في البرزخ.

الطالب: الهرة؟

الشيخ: ما ربطت الهرة إلا بسبب. إذا كانت مؤذية، وإلا فلا يجوز قتلها.

(المتن)

 وَرَأَى عمرو بن مالك يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ فِي النَّارِ.

 (الشرح)

 نعم، عمرو بن الحي الخزاعي، أول من جلب الأصنام إلى بلاد العرب، رآه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يجر أمعاؤه في النار، لأنه أول من سيب السوائب، وأول من جلب الأصنام إلى بلاد العرب. رآه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُعذب في النار. نسأل الله العافية.

(المتن)

 وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ.

 (الشرح)

 أول من غير دين إبراهيم، وأول من جلب الأصنام إلى بلاد العرب.

(المتن)

 وَرَأَى فِيهَا سَارِقَ الْحَاجِّ يُعَذَّبُ.

 (الشرح)

 سارق الحاج، العصا لها آثار المحجل، كانوا يسرقوا الحاج بالعصا. يأخذ بالعصا، العصا لها منهحية، فتتعلق مثلًا بمتاع الحجيج، فإن التفتَ الحاج، قال هذه العصا مشكلة تتعلق بك، وإن لم ينتبه لها أخذه. فهو يعذب، رآه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُعذب في النار. سارق الحجيج نعم.

(المتن)

 ثم انصرف فخطب خطبة بليغة.

 (الشرح)

 قف على: ثم انصرف.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد