مختصر زاد المعاد 1-4-1432هـ
أحسن الله إليك، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المؤلف - رحمه الله تعالى - في مختصر زاد المعاد لابن القيم:
(المتن)
(فصلٌ في هديه - صلى الله عليه وسلم - في الاستسقاء:
وثبت عنه أنّه استسقى على وجوه:
أحدها: يوم الجمعة على المنبر في أثناء الخطبة.
الثّاني: أنّه وعد النّاس يومًا يخرجون فيه إلى المصلّى، فخرج لَمّا طلعت الشّمس متواضعًا متبذلًا متخشعًا متوسّلًا متضرّعًا، فلَمّا وافى المصلّى صعد المنبر، إن صحّ ففي القلب منه شيء).
الشيخ:
(إن صح) إن صح أن يكون هناك منبر في المصلى، المصلى مكان في الصحراء قريب من البلد، كان النبي يصلي فيه صلاة الاستسقاء، وصلاة العيد، ما كان يصليها في مسجد المدينة، في مسجده، وهو الحرم، صلاة العيد، صلاة الاستسقاء يخرج إلى المصلى، وأحيانًا الجنائز أيضًا تكون هناك، مكان قريب من البلد، هذا يقول: صعد إلى المنبر إن صح، فيقولون ما فيه منبر، قد يكون وضع بعد ذلك في المصلى، نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، (فلَمّا وافى المصلّى صعد المنبر، إن صحّ ففي القلب منه شيء، فحمد الله، وأثنى عليه، وكبّره، وكان مما حفظ من خطبته ودعائه: «الحمد لله ربّ العالمين، الرّحمن الرّحيم، مالك يوم الدّين، لا إله إلاّ الله يفعل ما يريد، اللهم أنتَ الله لا إله إلاّ أنت تفعل ما تريد، اللهم أنت الله لا إله إلاّ أنتَ، أنت الغني ونحن الفقراء، أنْزل علينا الغيث، واجعل ما أنْزلته علينا قوّة لنا، وبلاغاً إلى حينٍ».
ثم رفع يديه، وأخذ في التّضرّع والابتهال والدّعاء، وبالغ في الرّفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حوّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة، وحوّل إذ ذاك رداءه، وهو مستقبل القبلة، فجعل الأيمن على الأيسر وعكسه، وكان الرّداء خميصة سوداء، وأخذ في الدّعاء مستقبلًا القبلة، والنّاس كذلك، ثم نزل فصّلى بهم ركعتين كالعيد من غير نداء، قرأ في الأولى بعد الفاتحة بسبّح، وفي الثّانية بالغاشية).
الشيخ:
نعم، وهذان النوعان للاستسقاء، النوع الأول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى في خطبة الجمعة، يوم الجمعة، وهو على المنبر جاءه رجل فقال يا رسول الله، هلكت الأنعام وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فرفع يديه ودعا: «اللهم أسقنا، اللهم أسقنا، اللهم أغثنا»، فأقبلت سحابة مثل الترس من جهة سلع، فأرعدت وأمطرت، حتى مطر الناس، وخرجوا من المسجد كل تهمه نفسه أن يصل إلى بيته، واستمر المطر أسبوعًا، ستة أيام، أو سبعة أيام، فلما كانت الجمعة الثانية والنبي يخطب، دخل رجل من الباب، إما ذلك الرجل أو غيره، فقال: يا رسول الله، انقطعت السبل من كثرة الأمطار، فادع الله يمسكها عنها، فرفع يديه، وقال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر»، فانقشعت السحب، وصارت تمطر حول المدينة، ولا يأتي المدينة نقطة واحدة، صار مثل الجوبة، دائرة على المدينة ما يأتيها شيء، وما حولها يأتيها الأمطار، فقبلت دعوة النبي في الجمعة الأولى في الاستسقاء، وفي الجمعة الثانية في الاستصحاء في الحال، فخرج الناس يمشون في الشمس، هذا نوع.
والنوع الثاني أنه وعد الناس يومًا يصلون فيه، فقال اليوم الفلاني كذا، فلما جاء اليوم، وظهر حاجب الشمس بعد طلوع الشمس وارتفاعها، تقدم وخطب الناس، فيه أن الخطبة قبل الصلاة، جاء ما يدل على أن الاستسقاء يجوز أن تكون الخطبة قبل الصلاة، ويجوز أن تكون بعد الصلاة، جاء هذا وهذا، العمل الآن أن صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد، تقدم على الخطبة، ولكن ثبت عن النبي كما في هذا الحديث أنه خطب قبل الصلاة ثم صلى، وثبت أنه صلى ثم خطب، جاء هذا وهذا، والإمام مخير، إن شاء خطب قبل الصلاة، وإن شاء صلة ثم خطب، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - خطب أولًا، ودعا، ورفع يديه، وزاد في الرفع، حتى رئي بياض إبطيه من شدة الرفع، بالغ في الدعاء - عليه الصلاة والسلام - وهو مستقبل الناس، يخطب ويدعو، ثم حول ظهره إلى الناس، واستقبل القبلة، وحول رداءه، جعل ما على الأيمن على الأيسر، وما على الأيسر على الأيمن، ورفع يديه يدعو، والناس كذلك، حولوا أرديتهم، وجعلوا يدعون، ثم نزل فصلى ركعتين.
وفي حديث آخر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين قبل الخطبة، ثم خطب، نعم، هذان نوعان من الاستسقاء، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، (5:12).
الشيخ:
إذا وجد السبب، ووجد القحط.
طالب:
وقت الصلاة؟
الشيخ:
وقت الصلاة في أول النهار بعد ارتفاع الشمس، إذا ذهب وقت النهي، وارتفعت الشمس، هكذا، يعني لما بدا حاجب الشمس، نعم.
طالب:
(5:37)
الشيخ:
فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله كان في أول النهار، نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، (الثّالث: أنّه استسقى على منبر المدينة في غير الجمعة، ولم يحفظ عنه أنه فيه صلاة).
الشيخ:
نعم، هذا نوع ثالث دعاء بدون صلاة، دعا على منبر المدينة، دعا واستسقى ودعا الله بدون صلاة، نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، (الرّابع: أنه استسقى وهو جالس في المسجد رفع يديه، ودعا الله عزّ وجلّ*).
الشيخ:
نعم، هذا أيضًا نوع، دعا وهو جالس، النوع الثالث دعا على المنبر، جاء في الأحاديث أنه دعا على أحجار الزيت، عند أحجار الزيت، دعا وهو واقف على المنبر، والنوع الرابع دعا وهو جالس في الأرض، هذا يسمى استسقاء، يعني طلب السقيا من الله، طلب السقيا والمطر من الله، هذه أنواع أربعة، نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، (الخامس: أنّه استسقى عند أحجار الزّيت قريبًا من الزّوراء).
الشيخ:
نعم، على أحجار الزيت، هذا نوع خامس، ليس في المسجد، في مكان عند أحجار الزيت، وقف ودعا الله، ويؤمنون على دعائه، نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، (وهو خارج باب المسجد الذي يدعى اليوم باب السّلام، نحو قذفة حجر، ينعطف عن يمين الخارج من المسجد).
الشيخ:
نعم، يعني كان، الآن دخل في التوسعة، صار توسعة في المسجد الآن، توسعة كبيرة الآن، كانت المدينة كلها مقدار المسجد، هذه توسعة المسجد الآن، نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، (السّادس: أنّه استسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء، فأصاب المسلمين العطش، فشكوا إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وقال بعض المنافقين: لو كان نبيًّا لاستسقى لقومه، كما استسقى موسى لقومه، فبلغه ذلك، فقال: «أوقد قالوها؟ عسى ربّكم أن يسقيكم» ثم بسط يديه فدعا، فما ردّ يديه حتى أظلهم السّحاب، وأمطروا).
الشيخ:
نعم، هذا نوع أيضًا سادس الاستسقاء في بعض الغزوات، نعم، استجاب الله دعاءه، وأنزل عليهم المطر، نعم.
(المتن)
(وأغيث - صلّى الله عليه وسلّم - في كلّ مرّةٍ).
الشيخ:
نعم، يعني أغيث في كل مرة استسقى، يعني لما استسقى وهو على المنبر يوم الجمعة أغيث، ولما استسقى - صلى الله عليه وسلم - في المصلى، أغيث، ولما استسقى (8:17) أغيث، يعني يستجيب الله دعاءه، ويغيثه الله، وينزل عليه المطر، نعم.
(المتن)
(واستسقى مرّة، فقام أبو لبابة، فقال: يا رسول الله إنّ التّمر في المرابد).
الشيخ:
يعني إن المطر يضر التمر، يخرب التمر، نعم.
(المتن)
(فقال: «اللّهمّ اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانًا، فيسدّ ثعلب مربده بإزاره»).
الشيخ:
علق عليها؟
طالب:
نعم علق عليها.
الشيخ:
وإيش يقول؟
طالب:
ومعنى ثعلب مربده ثقبه الذي يسيل منه ماء المطر.
الشيخ:
يعني لا يقف المطر حتى يقوم عريانًا، ويسد هذا الثقب، ثم يقف المطر، نعم.
(المتن)
أحسن الله إليك، (فيسدّ ثعلب مربده بإزاره، فأمطرت، فاجتمعوا إلى أبي لبابة، فقالوا: إنّها لن تقلع حتى تقوم عريانًا).
الشيخ:
لن تقلع السماء عن المطر حتى تقوم عريانًا.
(المتن)
(فتسد ثعلب مربدك بإزارك، ففعل، فأقلعت السّماء).
الشيخ:
الله أكبر، مصداقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - نعم.
(المتن)
(ولما كثر المطر سألوه الاستصحاء، فاستصحى لهم، وقال: «اللهم حوالينا ولا علينا، الله على الظّراب والآكام والجبال، وبطون الأودية، ومنابت الشّجر».
الشيخ:
وكان هذا على المنبر الجمعة الثانية، سألوه الاستصحاء، فسأل الاستصحاء، فأقلعت في الحال، وصار على المدينة كالجوبة، دائرة، يمطر ما حولها، ولا تمطر المدينة، نعم، دعا النبي في الاستسقاء الجمعة الأولى، وفي الاستصحاء الجمعة الثانية، نعم.
(المتن)
(وكان - صلّى الله عليه وسلّم - إذا رأى المطر قال: «صيّبًا نافعًا»، ويحسر ثوبه حتى يصيبه من المطر).
الشيخ:
قف على وكان صلى الله عليه وسلم.