بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والسامعين.
(المتن)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في "مختصر زاد المعاد":
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إذا رأى المطر قال: «صيبا نافعا» وحسر ثَوْبَهُ حَتَّى يُصِيبَهُ مِنَ الْمَطَرِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ».
(الشرح)
لأن الله تعالى في العلو, هو جاء من جهة العلو والله تعالى في العلو.
(المتن)
قَالَ الشافعي أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهاد «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَالَ السَّيْلُ، قَالَ: اخْرُجُوا بِنَا إِلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا، فَنَتَطَهَّرَ مِنْهُ، ونحمد الله عليه».
(الشرح)
الله تعالى قال: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان/48] فهو طهور, فالأمطار, والأنهار, والبحار كلها طهور.
(المتن)
وأخبرنا مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عمر كَانَ إِذَا سَالَ السَّيْلُ ذَهَبَ بِأَصْحَابِهِ إِلَيْهِ، وَقَالَ: مَا كَانَ لِيَجِيءَ مِنْ مَجِيئِهِ أَحَدٌ، إِلَّا تَمَسَّحْنَا بِهِ.
(الشرح)
يعني هذا الماء تمسحنا به لأنه مثل ما سبق حديث عهد بربه, مجيئه يعني نزوله من السماء.
(المتن)
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى الْغَيْمَ وَالرِّيحَ، عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فإذا أمطرت سري عنه، وكان يخشى أن يكون فيه العذاب.
(الشرح)
لأنه أعرف الناس بربه r, كان إذا جاء الغيم والريح تغير وجهه وجعل يدخل ويخرج وعُرفت الكراهة والمشقة في وجهه, فكانت عائشة رضي الله عنه تقول: يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا وأنت تتأثر, قال: «وما يؤمنني يا عائشة أن يكون عذاب» {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الأحقاف/24], ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف, لما كان r أعرف الناس بالله فكان يخشى أن يكون عذاب.
(المتن)
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفره وعباداته فيه.
كَانَتْ أَسْفَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دائرة بين أربعة أسفار: سفر لهجرته، وسفر للجهاد، وهو أكثرها، وسفر للعمرة، وسفر لِلْحَجِّ.
(الشرح)
يعني لا تخرج عن هذه الأربعة, سفر للهجرة فقد هاجر من مكة إلى المدينة, وسفر للجهاد وهي الغزوات, وسفر للعمرة اعتمر أربع عمر r: عمرة الحديبية, عمرة القضية, عمرة الجعرانة, والعمرة مع حجته, وسفر للحج, ما في سفر للنزهة, الرسول ما خرج سفر للنزهة والسياحة, وإنما كلها أسفار عبادة.
(المتن)
وَكَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نسائه.
(الشرح)
فأيتهن وقعت القرعة عليها خرج بها, وهكذا من كان عنده عدد من النساء إذا أراد أن يسافر بواحدة يقرع فإذا جرت القرعة سافر بها, والسفر الثاني كذلك وهكذا.
الطالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 06:30)) –
الشيخ: لو كان بدون قرعة فهذا لابد من التراضي أو التناوب.
(المتن)
وَلَمَّا حَجَّ سَافَرَ بِهِنَّ جَمِيعًا.
(الشرح)
حججن معه r وساقوا معه مائة بعير ذبحها, ودُخل على نسائه بلحم البقر فقيل ما هذا؟ قيل: ضحى رسول الله r عن نسائه بالبقر, يعني ذبح هدي التمتع.
(المتن)
وَكَانَ إِذَا سَافَرَ، خَرَجَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ يَسْتَحِبُّ الخروج يوم الخميس.
(الشرح)
هذه عادته كان يخرج من أول النهار وقال: فبورك لأمتي في بكورها» فكان يحب الخروج يوم الخميس r وهذا من باب الاستحباب,ولو خرج في أي وقت خرج للسفر في أول النهار أو في وسطه أو في الليل لا حرج, لكن الأفضل أول النهار إذا تيسر والأفضل في يوم الخميس إذا تيسر, ولو سافر في أي يوم خميس أو جمعة أو السبت, إلا أن بعض العلماء رأى الكراهة في السفر يوم الجمعة قبل الزوال, أما إذا زالت الشمس يحرم السفر حتى يصلي الجمعة, إذا زالت يعني اذن الظهر, إذا أذن الظهر يجب على الإنسان أن يحضر الجمعة ويحرم عليه أن يسافر, وتحرم جميع الأعمال, إذا أذن الأذان الأخير الذي بين يدي الإمام هنا حرمت جميع الصناعات وحرم عليه السفر حتى يؤدي صلاة الجمعة, وأما قبل ذلك فله أن يسافر مع الكراهة في يوم الجمعة, فالأولى ألا يسافر حتى يصلي الجمعة وإن سافر فلا حرج وإنما يحرم إذا زالت الشمس.
الطالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 08:33)) –
الشيخ: بالدُلجة, يعني هذا السفر في الليل, ليس معناه أنه سافر بالليل وإنما معناه أنه يقيم في السفر أيام طويلة, سفر الحَج عشرة أيام, هو سافر من أول النهار وجاء الليل فيدلج بالليل وينزل في آخر الليل للتعريس, كان في بعض الغزوات أنهم تعبوا فأرادوا أن يستريحوا في آخر الليل, المكوث آخر الليل يسمى تعريس, فقال لبلال: من يوقظن للصبح؟ الآن نحن متعبون نخشى أن ننام ونترك الصلاة, فالتزم بلال وقال: أنا التزم, هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان إذا نام وهو يعلم من نفسه أنه لا يستيقظ أو نام متأخر فلا ينام حتى يجعل أحد يوقظه, يوكل أحد من أهله أو يركب الساعة أو الجوال أو غير ذلك من المنبهات حتى يستيقظ.
فنصب بلال ذراعه واتكأ عليه فنام بلال ونام الصحابة ولم يستيقظوا حتى ضربتهم الشمس, أول من استيقظ هو النبي r فقال: يا بلال أين الذي قلت؟ قال: يا رسول الله ذهب بنفسي الذي ذهب بنفسك, وهذا من حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل نبينه ينام والصحابة ينامون حتى يكون هناك تشريع للأمة ماذا يعملون, ثم أمرهم النبي r قال: اركبوا رواحلكم فإن هذا الوادي حضره الشيطان, فتعدوا الوادي ثم توضأ وأمر بلالًا فأذن ضحى ثم صلى السنة الراتبة للفجر ثم صلى الفريضة, فدل على أن من فاتته الصلاة يؤذن ويقيم ويصلي السنة الراتبة بالخصوص, أما غير سنة الفجر فلا يصليها.
(المتن)
ودعا الله أَنْ يُبَارِكَ لِأُمَّتِهِ فِي بُكُورِهَا.
(الشرح)
النبي r كان يحب الخروج أول النهار ودعا لأمته قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» كان بعض الصحابة يخرج بتجارته أول النهار فربح مالًا كثيرًا.
(المتن)
وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا، بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ.
(الشرح)
وهذا دليل على استحباب أول النهار في العمل والنشاط, وبعث السرايا والجيوش, والتجارات, والبيع والشراء كذلك, الذين يبيعون مثلًا الخضار بعد صلاة الفجر مباشرة فيربحون.