بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ, وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والسامعين.
(المتن)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في مختصر زاد المعاد لابن القيم:
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم صلاة التطوع على راحلته أين توجهت به، وكان يومئ في ركوعه. وكان إذا أراد أن يرتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر، فإن زالت قبل أن يرتحل صلى الظهر، ثم ركب.
(الشرح)
وهذا من هديه صلى الله عليه وسلم في السفر كان عليه الصلاة والسلام من هديه في السفر أنه لا يصلي الرواتب؛ إذا قصر الصلاة, فلا يصلي راتبة الظهر القبلية ولا البعدية, ولا يصلي راتبة المغرب, ,لا يصلي راتبة العشاء, أما راتبة الفجر والوتر فإنه يصليها لأكاديتها.
وأما النوافل المطلقة فإنه يصليها, كصلاة الضحى وصلاة الليل وتحية المسجد إذا دخل المسجد وهو في الطريق في البلد, وسنة الوضوء هذه تفعل حضرًا وسفرًا, وكان من هديه صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته, يصلي صلاة التطوع, فإذا سافر ركب دابته كان يصلي عليه الصلاة والسلام, وكانت قبلته جهة سيره, يصلي جهة سيره, هذه النافلة يتسامح بها في السفر ولو إلى غير القبلة.
ولكن جاء في سنن أبي داود أنه عند تكبيرة الإحرام أنه يتجه إلى القبلة؛ ثم بعد ذلك يتجه إلى جهة سيره, فإذا تيسر تكون تكبيرة الإحرام إلى القبلة ثم يستمر فلا بأس, ويومئ بالركوع والسجود؛ لأنه لا يستطيع أن يقف على الراحلة, وكذلك إذا صلى النافلة على السيارة أو على الطائرة أو الباخرة, له أن يصلي وهو جالس ويومئ بالركوع والسجود, ويكون سجوده للسجود أخفض من سجوده للركوع.
وأما في البلد فلا يصلي الإنسان هكذا, في البلد بعض الناس يسأل أنه يريد أن يصلي يتنفل, هو يمشي في الرياض يقول المسافة بعيدة من حي النظم إلى حي الفواز تسعين كيلو هذه مسافة قصر, هذا يريد أن يتنفل هكذا نقول: لا, هذا لا يسمى سفر, في البلد وقف وصلي في البيت ولا في المسجد بخلاف المسافر, المسافر مستمر ما عنده بيت ولا عنده مسجد, فالمسافر هو الذي يتنفل.
أما في البلد ما يشرع له أن يتنفل على الدابة أو على السيارة, بل عليه أن يصلي في البيت أو في المسجد, وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه لا يصلي الفريضة على الراحلة, بل إذا جاء وقت الفريضة نزل في الأرض وصلى واتجه إلى القبلة وأما النافلة فإنه يصلي, يتسامح فيها ما يتسامح في الفريضة, يصليها على الراحلة ويومئ بالركوع والسجود.
ومن الفوائد التي قد يغفل عنها بعض الناس أنه يجوز للإنسان أن يصلي النافلة ولو كان في البلد وهو جالس, ولو كان صحيح غير مريض, يجوز أن يصلي السنة سنة الضحى أو سنة الليل والرواتب يصليها وهو جالس, تومئ بالركوع وتسجد على الأرض, ولكن ليس لك إلا نصف الأجر, ما تحصل إلا على نصف الأجر, إلا إذا كان مريض, إذا كان مريض فله الأجر كامل, أما إذا كان صحيح له أن يصلي النوافل وهو جالس وله نصف الأجر.
وإن كان يفعلها الناس لتعليم الناس لا بأس, لكن الأفضل أن يصلي واقف حتى يحصل الأجر كامل, لكن إذا صلى الضحى وهو جالس, وصلى صلاة الليل وهو جالس إن كان مريضًا فأجره كامل, لما ورد في حديث أبي موسى الأشعر قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله صحيحًا مقيمًا, وإن كان صحيحًا فله نصف الأجر, أما الفريضة فلا يجوز أن يصليها وهو جالس وهو قادر, القيام في الفريضة ركن من أركان الصلاة, فلو صلى وهو جالس وهو يقدر صلاته باطلة؛ لأنه ترك ركنًا من أركان الصلاة وهو القيام.
أما النافلة فلا بأس أن يصليها وهو قادر لكن له نصف الأجر, وإن كان عاجزًا فله الأجر كاملاً, ولا يتكأ على جدار ولا على عمود إذا كان صحيح, إذا كان مريض لا بأس, إذا كان مريض يعذر يتكأ, الفريضة لابد أن يكون قائم.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 05:43)) --؟
الشيخ: إذا لم يصح يكون لا حاجة إلى ذلك, وإن احتاط وكبر يكون أحوط, والحديث يحتاج إلى مراجعة.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 06:19)) --؟
الشيخ: إذا أتم الفريضة يتنفل وإذا قصر لا يتنفل, إذا صلى أربع يصلي الراتبة, وصلى ثنتين لا يصلي, لقول ابن عمر: لو كنت مسبحًا لأتممت, لو كنت مسبحًا صلاة الصبح والنافلة أتممت الفريضة, وأنت أتممت الآن, فإذا أتممت صلي السنة, وإذا قصرت فاترك راتبة الظهر القبلة, راتبة الظهر البعدية, وراتبة المغرب, وراتبة العشاء فقط, وأما النوافل المطلقة وراتبة الفجر والوتر فلا.
قد استدل البخاري رحمه الله على أن الوتر ليس بواجب, النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الراحلة, والأحناف يرون الوتر واجب, والبخاري رد عليهم ساق الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الوتر على الراحلة, قال: لو كان الوتر واجبًا لنزل وصلى في الأرض كالفريضة, فلما صلى على الراحلة دل على أنه ليس بواجب, هذا رد على الأحناف, الأحناف يقولون: الوتر فرض, ومنهم من يقول واجب ويفرقون بين الفرض والواجب, عندهم الفرض أقوى من الواجب.
(المتن)
وكان إذا أراد أن يرتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر، فإن زالت قبل أن يرتحل صلى الظهر، ثم ركب.
(الشرح)
هذا فيه أيضًا الرخصة للمسافر بالجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء, فيجوز له المسافر أن يجمع جمع تقديم, أو يجمع جمع تأخير, يقدم العصر مع الظهر في وقت الظهر, فيجمعه قدم تقديم, أو يؤخر الظهر مع العصر فيجمع جمع تأخير, وكذلك المغرب والعشاء له أن يجمع بينهما, جمع تقديم بأن يقدم العشاء مع المغرب فيصليها في وقت المغرب, أو يؤخر المغرب مع العشاء فيصليها في وقت العشاء.
وما الأفضل للمسافر؟ هل الأفضل جمع التقديم أو الأفضل جمع التأخير؟ الأفضل الأرفق بحاله, فإن كان الأرفق له جمع التقديم قدم, وإن كان الأرفق جمع تأخير أخر, ومن ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم, كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس الظهر وهو نازل كان من هديه يصلي الظهر ويصلي العصر, فإذا ركب لا يقف لصلاة العصر, وإذا جاء وقت الظهر وهو سائر فإنه يؤخر الظهر حتى ينزل إلى وقت العصر فيصليهما جميعًا, هذا هو هديه صلى الله عليه وسلم, وكذلك المغرب والعشاء, إن جاء المغرب وهو نازل فالأفضل يصلي المغرب ويقدم العشاء معه, وإن جاء المغرب وهو سائر فالأفضل يؤخرها مع العشاء إلى نصف الليل, فالأفضل للمسافر الأرفق بحاله من التقديم والتأخير.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 09:13)) --؟
الشيخ: من نوى الإقامة في مكان أكثر من أربعة أيام فإنه يتم, ينقطع سفره من أول فريضة بهذه النية, نويت أن تقيم في هذا المكان أكثر من عشرين صلاة فإنك من أول فريضة تقصر الصلاة, هذا هو الصواب الذي قرره جمهور العلماء والمسألة فيها خلاف, وهذا هو المقيم, أما إذا لم ينو الإقامة أو لم يدري له حاجة ما يدري متى تنتهي فإنه لا يزال يقصر حتى تنتهي حاجته, عنده حاجة إن انتهت اليوم مشى, إن انتهت غدًا مشى, ولا يدري متى تنتهي هذا لا يزال مسافر؛ لأنه ما نوى الإقامة, ولكن إذا كان الإنسان في البلد ويسمع الأذان وهو وحده يجمع مع المؤذن ويصلي ويتم الصلاة مع الإمام, أما إذا كان ليس عنده أحد أو كانوا جماعة, إن صلوا مع الناس هذا أفضل, وإن صلوا وحدهم قصروا.
طالب: إذا كان لوحده؟
الشيخ: إذا كان لوحده ووجدت جماعة يجب عليه أن يصلي مع الجماعة, يجب عليه أن يجيب المؤذن ولا يجوز له أن يصلي وحده, الجماعة واجبة, لو كان مسافر وقال: أنا مسافر أصلي وحدي وأترك الجماعة لا, هذا آثم, يجب عليه أن يصلي مع الجماعة؛ لأنها واجبة, قال تعالى: {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِين}[البقرة/43].
وهو أيضًا يسمع النداء فيجيب النداء ويصلي مع الجماعة, وليس له أن يصلي وحده, أما إذا كان ما وجد جماعة فهو معذور.
طالب: المريض أحسن الله إليك؟
الشيخ: المريض إذا احتاج إلى الجمع يجمع؛ لكن لا يقصر, يصلي الظهر أربعًا والعصر أربعًا, بعض المرضى يغلط يظن أنه يقصر, فتجد بعض المرضى في المستشفي يقصر, يصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين, هذا غلط, القصر خاص بالمسافر, لكن يجمع من دون قصر أربع وأربع إذا احتاج إلى هذا, إن كان الأرفق به, أما إذا لم يحتج فيصلي كل صلاة في وقتها.
(المتن)
وكان إذا أعجله السير أخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء.
(الشرح)
كما سبق على حسب حاله.
(المتن)
ولم يكن من هديه الجمع راكبًا ولا حال نزوله.
(الشرح)
يعني يجمع وهو ماشي؟ لم يكن من هديه أن يجمع وهو ماشي, وإنما ينزل في الأرض, الفريضة ينزل في الأرض ويصلي ويجمع, ولا يجمعه وهو على الراحلة أو في السيارة أو في الطائرة إلا للضرورة, إذا كان في الطائرة أو في الباخرة هذا ينظر إذا كانت الصلاة تجمع إلى ما بعدها وهو ينزل قبل خروج الوقت فإنه يؤخر الظهر والعصر حتى ينزل ثم يصلي في الأرض, أو أمكنه أن يصلي الظهر والعصر قبل أن يركب الطائرة أو الباخرة فإن لم يكن والوقت مستمر وقد يخرج الوقت يصلي على حسب حاله, فيستدير مع القبلة حيث دارت, يستدير مع القبلة إذا كان في الطائرة في علامات إذا دارت القبلة يدور معها, وهو يصلي في مكانه في الطائرة, يصلي واحد أو اثنين أو ثلاثة يصلون يصلي ويأتي بالأركان, إلا إذا عجز فاتقوا الله ما استطعتم.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 13:21)) --؟
الشيخ: لا يصلي وهو راكبًا, يعني لا يصلي وهو راكب الفرائض, يصلي في الأرض الفرائض, وإنما يصلي وهو راكب النافلة, وحال نزوله يعني إذا كان نازل من الظهر إلى العصر, أو من المغرب إلى العشاء, يقول: هذا ما في حاجة للجمع, صلي الظهر في وقته ركعتين, والعصر في وقته ركعتين ولا يحتاج إلى أنت يجمع, وكذلك المغرب إذا كان دخل وقت المغرب والعشاء, كما الحجاج في منى, الحجاج في منى يقصرن ولا يجمعون, في منى الحجاج ماذا يفعلون؟ يصلون الظهر في وقته ركعتين, والعصر في وقته ركعتين, والمغرب في وقته ركعتين, كل أيام التشريق, واليوم الثامن, لماذا لا يجمعون؛ لأنهم نازلين, وشيخ الإسلام ابن القيم يرى أنه لا يجوز له الجمع إلا إذا جد بالسير, إذا كان ماشي, إذا كان ماشي هذا يجمع جمع تقديم وجمع تأخير على حسب الأرفق, أما إذا كان نازل من صلاة إلى صلاة نازل فلا حاجة إلى الجمع, يصلي كل صلاة في وقتها قصرًا بلا جمع, وكان شيخ الإسلام رحمه الله يرى هذا ويقرر هذا, أنه لا يجمع إلا إذا -- ((@ كلمة غير مفهومة- 14:39)) – قول طائفة من العلماء, ولكن الصواب أنه يجوز له ولو كان -- ((@ كلمة غير مفهومة- 14:43)) --؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جمع وهو نازل في تبوك, في غزوة تبوك ثبت أنه جمع وهو نازل, فله أن يجمع ولو كان نازل, ولو كان يضم الظهر إلى العصر والمغرب إلى العشاء له أن يجمع, ولكن الأفضل أن يصلي كل صلاة في وقتها, وهذا هو الأغلب من حاله صلى الله عليه وسلم, الأغلب من حال النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجمع إلا إذا جد بالسير, لكن ثبت أنه جمع, قد يكون أرفق له ولو كان نازل, يحتاج إلى النوم, أو أن الماء قليل, أو يريد أن يجمع, يتوضأ ويصلي صلاتين بوضوء, أو محتاج إلى النوم فلا حرج, ما دام مسافر له أن يجمع, ولو كان نازلًا على الصحيح.