الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى في مختصر زاد الميعاد لابن القيم: -
فصل في هديه r في قراءة القرآن.
كان له حزب لا يخل به ، وكانت قراءته ترتيلا حرفا حرفا ، ويقطع قراءته آية آية ، ويمد عند حروف المد ، فيمد الرحمن ، ويمد الرحيم .
(الشرح)
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله, على آله وأصحابه.
أما بعد:
كان النبي r له حزب يعني مقدار من القرآن يقرأه كل يوم في صلاة الليل, وكانوا الصحابة كما سبق يحزبون القرآن ويختمونه في سبعة أيام, فكانوا في اليوم الأول الحزب الأول ثلاث سور البقرة وآل عمران والنساء, والحزب الثاني: الذي هو من خمس سور المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة, والحزب الثالث سبع سور, والحزب الرابع تسع سور, والحزب الخامس أحدى عشر سورة, الحزب السادس ثلاثة عشر سورة, وهي يصل إلى قاف, الحزب السابع من قاف إلى أخر القرآن سبعة أيام, يختمونه في سبعة أيام هذا التحزيب.
وكان للنبي r حزب خاصة لديه لا يخل به, وكان r يقرأ قراءة فصيحة حرفًا حرفًا, لا يدمج الحروف, وكان يمد الحروف, ويمد الرحمن ويمد الرحيم, الحمد الله الرحمن الرحيم, مد طبيعي حركتين الرحمن الرحيم, فإذا يمد بالرحمن أخلو, قال: الحمد الله الرحمن الرحيم, الرحمه للرحيم, معناها الرحمه حذف الألف, الرحمان الرحيم, مد طبيعي, وكان يقطع قراءته آية آية, يقف على رؤوس الآية هذا هو الأفضل, وهذا هو التجويد, ترتيل, معناه, { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}يعني معناه حرفًا حرفًا يمد الحروف طبيعية, ويقف على رؤوس الآية.
أما الالتزام بأحكام التجويد التي ذكرها هذا التجويد من أحكام النوم الساكنه وأحكام الغنة وأحكام الميم والإظهار والإخفاء والانقلاب هذا مستحب وليس بواجب, الواجب اخراج الحروف من مخارجها, وعدم انقاصها من الحروف, إذا قرأ قراءة واضحة مفسرة ليس فيها نقص من حروف فقد قرأ القراءة الصحيحة.
وكونه إذا التزم بأحكام التجويد هذا أفضل, بالتحسين والتجويد.
(المتن)
وكان يستعيذ في أول القراءة ، فيقول : « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ».
(الشرح)
هذا هديه r عمل بقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل:98]
قبل القراءة يقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم, في الصلاة فخارج الصلاة.
(المتن)
وربما قال : « اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ».
(الشرح)
يعني همز الشيطان ونفخه وهكزه ونفثه الموتى والشعر وغيره,
(المتن)
وكان يحب أن يسمع القرآن من غيره ، وأمر ابن مسعود ، فقرأ وهو يسمع ، وخشع حتى ذرفت عيناه .
(الشرح)
كان يحب أن يسمع لما قال إلى أصحابه اقرأ؟ قال اقرأ عليك وعليك, والرسول قال أحب أن اسمعه من غيري, وأمر ابن مسعود فقرأ من أول سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى, {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا}[النساء:41]
قال: قف, قال حسبك الكلام , قال فنظرت عليه فإذا عينيه تذرفان من الدمع, تذكر هذا الموقف العظيم, {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا}[النساء:41]
وجئنا بك يا محمد على هؤلاء شهيدًا, بكى r وذرفة عيناه.
(المتن)
وكان يقرأ قائما وقاعدا ومضطجعا ومتوضئا ومحدثا إلا الجنابة.
(الشرح)
كان يقرأ في جميع الأحوال, يقرأ على ظهر قلب ما يقرأ من المصحف, يقرأ وهو قائم, يقرأ وهو قاعد, يقرـ وهو مضطجع, يقرأ وهو متوضأ, يقرأ وهو محدث إلا الجنابة, أما الجنابة فلا يقرأ كما في الحديث, من حديث علي فأما الجنب فأما ولا آية.
أما إذا كان محدص غير الجنابة يقرأ له أن يقرأ, لكن لا يمس المصحف.
(المتن)
وكان يقرأ قائما وقاعدا ومضطجعا ومتوضئا ومحدثا إلا الجنابة.
(الشرح)
يعني ما يمنعه من قراءة القرآن إلا الجنابة.
(المتن)
وكان يتغنى به ، ويرجع صوته أحيانا .
(الشرح)
يتغنى يعني يحسن صوته في القراءة, من حديث براء قال صليت مع النبي r صلاة العشاء فقرأ التين والزيتون فما سمعت صوتًا أحسن منه, كان يتغنى بالقرآن من حسن صوته, والحديث: ما أذن الله بشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به, يعني يحسن صوته, واستمع لقراءة أبو موسى الأشعري, وكان أوتي صوت جميل حسن فقال لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داوود, يعني صوت حسن, والمزمار يطلق على الصوت الحسن ويطلق على الغناء, يطلق على هذا وعلى هذا, المزمار يطلق على الغناء ويطلق على الصوت الحسن.
المزمار يطلق على الغناء ويطلق على الصوت الحسن,المراد هنا الصوت الحسن.
(المتن)
وحكى ابن المغفل ترجيعه ،ثلاث مرات, ذكره البخاري .
(الشرح)
إذا كان يتغنى بالقرآن يحسن صوته وأحيانًا يرجع قرأ مرة في سورة الفتح { وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الفتح:4]
هذا الترجيع, عليمًا حكيما, هذا الترجيع, كان يرجع إلى الحرف يكرر الحرف الأخير.
(المتن)
وإذا جمعت هذا إلى قوله : « زينوا القرآن بأصواتكم » وقوله : ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن.
(الشرح)
يحسن صوته, ما أذن بمعنى ما استمع, {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}[الانشقاق:2]
يعني استمعت, {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ}[الانشقاق:1]
{وَأَذِنَتْ } يعني استمعت, ما أذن لنبي يعني ما استمع, ما أذن الله بشي ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن, يجهر به, كان داوود عليه السلام أوتي صوت حسن, فكان إذا قرأ الزبور داوود عليه السلام, تؤوبه الجبال والطير قال تعالى: { يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ } تأوبه الجبال إذا قرأ الزابور من حسن صوته, الجبال تؤوبه والطير, {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ}
فا داوود عليه الصلاة والسلام أعطاه الله صوت حسن اشتهر بحسن الصوت, واشتهر داوود عليه السلام بالصيام كان يصوم يوم ويفطر يوم, والصلاة, قال r أفضل الصلاة صلاة داوود كان له نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه, النصف الأول ينام, ثم يقوم الثلث السدس الرابع والخامس يصلي, ثم السدس الثالث ينام يستعين به على أعمال له لأنه حاكم قاضي {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}فهذا نبي ملك داوود, نبي أتاه الله الزبور والملك, ومع ذلك ما شغله ملكه عن العبادة, يصوم يوم ويفطر يوم, وهو ملك, نبي ملك, يصوم يوم ويفطر يوم, باستمرار, وكان أيضًا كان يصلي كل إلى ثلث الليل, يعني ينام النصف ويقوم الثلث, ثم ينام السدس حتى يستعين على قضاء النهار.
وكان لا يفر إذا لاقى شجاع في الحرب, كم عبادة اشتهر فيها هذا النبي الكريم مع الله أعطاه الملك والنبوة, أشتهر بالصلاة والصيام والشجاعة في الحرب وحسن الصوت في قراءة الزبور والحكم بين الناس, يحكم بين الناس, وكان أيضًا يصنع الدروع والحديد, قال: كما أخبر الله تعالى في سورة سبأ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}[سبأ:10]
{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا }[سبأ:11]
وهو ملك نبي, ومع ذلك قام بهذه الأعبائات العظيمة عليه الصلاة والسلام.
(المتن)
وإذا جمعت هذا إلى قوله : « زينوا القرآن بأصواتكم » وقوله : ما أذن الله لشيء كإذنه.
(الشرح)
يعني كأستماعه, ما أذن ما استمع.
(المتن)
وإذا جمعت هذا إلى قوله : « زينوا القرآن بأصواتكم » وقوله : ما أذن الله لشيء كإذنه يتغنى بالقرآن لنبي حسن الصوت علمت أن هذا الترجيع منه اختيار لا لهز الناقة ، وإلا لم يحكه ابن المغفل اختيارا ليتأسى به ويقول : كان يرجع في قراءاته .
(الشرح)
بعض الناس يقول هذا يأتي الناقة الترجيع, لا, الترجيع بمعنى تحسين الصوت, ولهذا فعل عبد الله المغفل فعل كما فعل النبي r.
الترجيع يمد الحرف الأخير في أخر السورة عظيما.
(المتن)
والتغني على وجهين :
أحدهما . ما اقتضته الطبيعة من غير تكلف ، فهذا جائز وإن أعان طبيعته بفضل تزيين ، « كما قال أبو موسى للنبي صلى الله عليه وسلم : لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا » أي : لحسنته لك تحسينا ، وهذا هو الذي كان السلف يفعلونه ، وعليه تحمل الأدلة كلها .
والثاني : ما كان صناعة من الصنائع ، كما يتعلم أصوات الغناء بأصناف الألحان على أوزان مخترعة ، فهذه هي التي كرهها السلف ، وأدلة الكراهة إنما تتناول هذا .
(الشرح)
هذا يسمى المقامات, يقرأ على طريق المقامات, هذا الطريق الممنوعة.
(المتن)
والتغني على وجهين :
أحدهما . ما اقتضته الطبيعة من غير تكلف ، فهذا جائز وإن أعان طبيعته بفضل تزيين ، « كما قال أبو موسى للنبي صلى الله عليه وسلم :
(الشرح)
يعني حسن صوته في طبيعته, وأن حسن ايضًا بزيادة هذا لا بأس به, والنوع الثاني التغني على طريقة ألحان الغناء, وعلى طريقة ما يفعله الصوفية هذا هو الممنوع.
(المتن)
« كما قال أبو موسى للنبي صلى الله عليه وسلم : لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا »
(الشرح)
حبرته يعني حسنت.
(المتن)
أي : لحسنته لك تحسينا ، وهذا هو الذي كان السلف يفعلونه ، وعليه تحمل الأدلة كلها .
والثاني : ما كان صناعة من الصنائع.
(الشرح)
ما كان صناعة.
(المتن)
ما كان صناعة من الصنائع ، كما يتعلم أصوات الغناء بأصناف الألحان على أوزان مخترعة ، فهذه هي التي كرهها السلف ، وأدلة الكراهة إنما تتناول هذا .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في زيارة المرضى.
الطالب:
الشيخ: في حديث ليس منا من يتغنى, أو لم يتغنى بالقرآن فليس منى, يعني يحسن صوته.
الطالب:
الشيخ: تحسن الصوت, تغني تحسن الصوت.