شعار الموقع

39- مختصر زاد المعاد

00:00
00:00
تحميل
26

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والسامعين.

(المتن)

قال المؤلف رحمه الله تعالى في "مختصر زاد المعاد":

وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ أَخْذُ كرائم الأموال بل وسطه، وكان يَنْهَى الْمُتَصَدِّقَ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ.

(الشرح)

يعني في الزكاة كان من هديه r أن تؤخذ الزكاة من وسط المال, مثلًا من الغنم ما يأخذ الجيدة ذات اللبن أو الولد, لا يؤخذ من خياره لأن هذا فيه ظلم لرب المال, ولا يأخذ من شراره لأن هذا فيه ظلم للفقراء وإنما يأخذ من الوسط هذا هديه r, تؤخذ الزكاة من الوسط إلا إذا سمح رب المال بالجيدة فلا بأس, ولهذا قال النبي r لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: «فإن أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتقي دعوة المظلوم» لأن هذا ظلم.

(المتن)

وكان يَنْهَى الْمُتَصَدِّقَ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ.

(الشرح)

لا ينبغي له  أن يشتريها لأنه أخرجه لله.

(المتن)

وَكَانَ يُبِيحُ للغني أن يأكل منها إذا أهداها إليه الفقير.

(الشرح)

يجوز للغني أن يأكل من الزكاة التي أُهديت للفقير, فإذا أعطى شخص زكاة لفقير ثم الفقير دعا غني وصنع له طعامًا من هذه الزكاة فله أن يأكل منها, والنبي r لما دخل بيته وجد لحمًا يُطبخ ولم يُعطى النبي r فقال: «ألم أرى البرمة على النار؟ قالوا: هذا لحم تُصدق به على بريرة» هي فقيرة وأنت ما تأكل الصدقة, قال: «هو عليها صدقة ومنها لنا هدية» تغيرت حاله, هو صدقة على بريرة ولكن بريرة أهدتها للنبي r فصار هدية فأكل منها على أنه هدية, كذلك الفقير إذا أُعطي زكاة فهذه الزكاة للفقير وإذا صنع طعام ودعا الغني فإنه يأكل على أنها هدية.

(المتن)

وَكَانَ أَحْيَانًا يَسْتَدِينُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّدَقَةِ.

(الشرح)

كان النبي r يستدين مؤجل حتى تأتي الزكاة ثم يوفي أصحاب الديون, ويستدين للمصلحة لمصلحة المسلمين.

(المتن)

وكان يسم إبل الصدقة بيده.

(الشرح)

وهذا من تواضعه, الوسم هو علامة توضع على الإبل والبقر والغنم حتى يعرف مواشيه من مواشي غيره, يضع مثلًا خط معكوف أو خط فوق خط مثلًا يُحمي الحديدة بالنار ويضعها على فخذ البعير أو على ظهره أو على الأذن, وهذا يسمى وسم, وكان النبي r من تواضعه يسم بنفسه.

(المتن)

وإذا عَرَاهُ أَمْرٌ، اسْتَسْلَفَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَرْبَابِهَا، كَمَا استسلف من العباس صَدَقَةَ عَامَيْنِ.

(الشرح)

إذا حزبه أمر ودعت الحاجة فإنه يستسلف الزكاة من أربابها, يطلبها مقدمًا كما أخذ النبي r من العباس زكاة سنتين مقدم.

(المتن)

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في زكاة الفطر.

وفرض زكاة الفطر عليه وعلى من يمونه من صغير وكبير صاعا من تمر أو شعير أو أقط أو زبيب.

(الشرح)

يعني هذه هي الموجودة في زمانهم, قال أبو سعيد: «فُرضت صدقة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من أقط» ويجزئ صاع من قوت البلد, الأرز الآن هو من الطعام الجيد وهو المتعارف عليه فيخرج من الأرز.

(المتن)

وروي عنه: «صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ» وَرُوِيَ عَنْهُ: «نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ» مَكَانَ الصَّاعِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، ذَكَرَهُ أبو داود، وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّ معاوية هو الذي قوم ذلك.

(الشرح)

معاوية رضي الله عنه لما كان خليفة وُجد بر جيد فاجتهد معاوية رضي الله عنه فقال: نصف الصاع يكفي عن الصاع, قال: أرى المد من هذه يكفي عن مدين, فأخذ باجتهاده جمع من الفقهاء وقالوا: صدقة الفطر صاعٌ من تمر أو نصف صاع من بُر, وقالوا أيضًا في الكفارات في الحَج مثلًا إذا فعل محظور فإنه يطعم ستة مساكين لكل مسكين ربع البر أو نصف صاع من التمر, مد من بُر أو مدين من التمر, والصواب أنه لا فرق بين البُر وغيره, وأنه الواجب نصف صاع في الكفارة وصاع في صدقة الفطر, ولهذا قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه صاعًا كما كنت أخرجه على عهد النبي r.

(المتن)

وكان من هديه إخراجها قبل صلاة العيد.

(الشرح)

ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين, والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة.

(المتن)

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصلاة».

(الشرح)

حتى يستفيد منها الفقراء فهي طهرة للصائم وطُعمة للمساكين, أما إذا أخرها حتى تشتد حاجتهم ويشاركوا الأغنياء في فرحة العيد, أما إذا أخرها ما حصل المقصود وبقوا على فقرهم وحاجتهم, لكن إذا قدمها قبل العيد استغنوا وفرحوا وشاركوا غيرهم من الأغنياء وخرجوا إلى العيد مبتهجين جميعًا.

(المتن)

وفي " السنن " عنه: «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصدقات» وَمُقْتَضَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَأَنَّهَا تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنَ الصلاة، وهذا هو الصواب، وَنَظِيرُهُ تَرْتِيبُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ، لَا على وقتها، وأن من ذبح قبلها، فهي شاة لحم.

وكان من هديه تخصيص المساكين بها، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا مَنْ بعدهم.

(الشرح)

يعني صدقة الفطر للمساكين الفقراء فقط ولم يقسمها على الأصناف الثمانية التي تؤتى لهم الزكاة: الفقراء, المساكين, العاملين عليها, المؤلفة قلوبهم, وفي الرقاب, والغارمين, وفي سبيل الله, وابن السبيل, هذه مصارف الزكاة, أما صدقة الفطر خاصة بصنف وهم الفقراء.

(المتن)

 فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صدقة التطوع.

كَانَ أعظم الناس صدقة بما ملكت يده، ولا يستكثر شيئًا أعطاه لله، ولا يستقله، وكان لا يسأله أَحَدٌ شَيْئًا عِنْدَهُ إِلَّا أَعْطَاهُ، قَلِيلًا كَانَ أو كثيرا، وَكَانَ سُرُورُهُ وَفَرَحُهُ بِمَا يُعْطِيهِ أَعْظَمَ مِنْ سرور الآخذ بما أخذه.

(الشرح)

فأتته حُلة أي ثوب فلبسها محتاجًا إليها ليس عنده غيرها, فخرج للناس بها, فرآه أحد من الأنصار فقال: يا رسول الله ما أحسنها, أكسها لي, فقال: نعم, فدخل بيته وخلعه ثم أعطاه إياها, فقال أصحابه: ما أحسنت لبسها النبي r محتاجًا إليها وتسأله إياها وعلمت أنه لا يرد سائلًا, فقال: والله ما سألته إياها إلا لتكون كفني, فكانت كفنه, هذا الرجل يحب أن يكفن فيها حتى تكون هذه الحُلة أو الثوب الذي لامس جسد النبي r يلامس جسده فيحصل التبرك فكانت كفنه.

الشاعر يقول:

ولو لم يكن في كفه غير روحه *** لجاد بها فليتقي الله سائله

ذكر الشاعر أبيات في وصف النبي r وانه يتهلل وجهه كأنك تعطيه الذي أنت سائله, والشاعر الثاني يقول:

ما قال قط لا إلا في تشهده *** لولا التشهد لكانت لاءه نعم

في أبيات جيدة في هذا وأنه لو أراد قبض يده لم تجبه أنامله, ويتهلل وجهه كأنك تعطيه الذي أنت سائله.

(المتن)

وَكَانَ إِذَا عَرَضَ لَهُ مُحْتَاجٌ، آثَرَهُ عَلَى نفسه، تارة بطعامه، وتارة بلباسه.

وكان يتنوع في أصناف إعطائه وصدقته، فتارة بالهدية، وتارة بالصدقة، وتارة بالهبة، وتارة بشراء الشيء، ثم يعطي البائع السلعة والثمن.

(الشرح)

مثلما حصل لجابر اشترى منه البعير ثم أعطاه ثمنه ورجح له وزاده ثم ناده وأعطاه الجمل, فأعطاه الثمن والجمل هو يريد يبين للناس حكم البيع r ما أراد الجمل.

(المتن)

وتارة يقترض الشيء فيرد أكثر منه، ويقبل الهدية، ويكافئ عليها بأكثر منها، تلطفًا وتنوعًا في ضروب الإحسان بكل ممكن، وكان إحسانه بِمَا يَمْلِكُهُ وَبِحَالِهِ وَبِقَوْلِهِ، فَيُخْرِجُ مَا عِنْدَهُ، ويأمر بالصدقة، ويحض عليها، فإذا رآه البخيل، دعاه حاله إلى البذل.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد