بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين.
(المتن)
قال ابن القيم رحمنا الله وإياه:
وكان من هديه إسقاط القضاء عمن أكل أو شرب ناسيًا، وأن الله هو الذي أطعمه وسقاه.
(الشرح)
وهذا هو الصواب أن الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا فصومه صحيح, ولا قضاء ولا كفارة ولا إثم؛ لما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه».
وهذا هو الصواب أنه ليس عليه إثم ولا كفارة ولا قضاء, ذكر بعض العلماء أنه يقضي إذا أكل ناسيًا؛ لكنه قول مرجوح روي عن مالك رحمه الله.
وكذلك على الصحيح لو جامع ناسيًا فصومه صحيح, جاء في صحيح الحاكم ما يدل على أنه معفو عنه أيضًا كذلك؛ لأن الناسي معفو عنه, قال: وفي الحديث «عفي عن أمي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه», والنسيان لا حيلة فيه, إذا أكل أو شرب ناسيًا صومه صحيح, وكذلك على الصحيح إذا جامع, قال بعض العلماء: إذا جامع لا يعفى عنه.
(المتن)
والذي صح عنه تفطير الصائم به: هو الأكل والشرب، والحجامة والقيء.
(الشرح)
والأكل والشرب والجماع هذه أصول المفطرات, أصول المفطرات للصائم ثلاثة ذكرها الله تعالى في القرآن: الأكل والشرب والجماع, وأعظمها وأشدها وأغلظها الجماع, فهو إذا جامع متعمدًا في نهار رمضان فسد صومه وعليه التوبة والاستغفار, ارتكب كبيرة وعليه قضاء ذلك اليوم, وعليه مع ذلك الكفارة المغلطة وهي عتق رقبة, فإن لم يجد صام شهرين متتابعين, فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا, ثم الأكل والشرب, إذا أكل أو شرب متعمدًا بطل صومه وارتكب كبيرة وعليه قضاء ذلك اليوم والتوبة والاستغفار وليس عليه كفارة, الكفارة خاصة بالجماع, هذه أصول المفطرات الثلاثة الأكل والشرب والجماع, قال تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ}؛ هذا الجماع {وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}[البقرة/187]. فأباح الله تعالى الجماع, الرجل يجامع زوجته ويأكل ويشرب في الليل ثم يلزم له ذلك إلى طلوع الفجر, حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر, هذه أصول المفطرات الثلاثة الأكل والشرب والجماع.
ثم بعد ذلك تأتي المفطرات الأخرى الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة, كذلك أيضًا الإبر المغذية هذا من الأكل والشرب, كذلك -- ((@ كلمة غير مفهومة- 03:02)) – لأنه خلاصة الطعام والشراب, وكذلك القيء على الصحيح, إذا تقيأ متعمدًا يعني أدخل أصابعه في حلقه, أو عصر بطنه أو شم شيئًا تقيأ به فإنه يفسد صومه, أما إذا ذرعه القيء وغلبه فصومه صحيح, لما جاء في الحديث «من استقاء عامدًا فليقضه ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه».
وأما الإبر المكافحة للمرض فكثير من الفقهاء يرون أن كل ما يصل إلى الجوف فهو مفطر, وكذلك قطرة العين والأنف إذا وصلت إلى حلقه تفطر.
والقول الثاني للمحققين وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها لا تفطر الإبر المكافحة للمرض, سواء كان في العضل أم في العضد, وبعضهم فرق بين الإبرة التي تكون في العضد والتي في العضل, قال: إذا كانت في العضل فلا تفطر, وإذا كانت العضد فإنها تفطر, والصواب أنه لا فرق بينهما, وكذلك القطرة وإذا كانت في العين أو في الأذن فإنها لا تفطر على الصحيح, ولو وجد طعمها في حلقه؛ لأنها ليست أكلاً ولا شربًا ولا في معنى الأكل والشرب.
لكن الكثير من الفقهاء يرون أنها تفطر فيحتاط الإنسان, يحتاج لا يضعها إلا بليل, وإذا وضعها في النهار ثم وصلت إلى حلقه يقضي ذلك اليوم, وكذلك الإبر المكافحة للمرض لا يستعملها إلا في الليل, فإن اضطر إلى أخذها في النهار وقضى احتياطًا فهذا أولى, وأما القطرة في الأنف فإنها تفطر؛ لأن أنف أنفين, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا, فكما أن الفم منفذ فكذلك الأنف», ولهذا تجدون بعض المرضى في المستشفيان يتغذى عن طريق الأنف, فالأنف منفذ مثل الفم, بخلاف العين والأذن فإنها منفذ ضعيف.
(المتن)
والحجامة والقيء.
(الشرح)
والحجامة كذلك وهي سحب الدم, الحجامة كذلك فيها خلاف, الجمهور على أنها لا تفطر الحجامة, وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنها تفطر وهو اختيار المحققين, وابن القيم له كلام في زاد المعاد على أنه لا يمكن أن نقول: إنها تفطر؛ لأن النبي احتجم وهو صائم, قالوا: هذا دليل على أن الحجامة تفطر, ابن القيم رحمه الله يقول: لا يتم لكم هذا إلا إذا أثبتم أن قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم», أن الحجامة بعد قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم», وأثبت أن الحجامة ليست في السفر؛ لأنه يحتمل أن يكون مسافر, ويحتمل أن يكون مريض, والمريض يباح له الفطر, فإذا أثبتم أنه ليس مسافر ولا مريض وأنه احتجم بعد قوله: أفطر الحاجم والمحجوم», وأثبتم أيضًا أن الحجامة في صوم الفرض لا في صوم النفل, أمكن القول بأنها لا تفطر, وإلا فإنها تفطر, هكذا ذكر ابن القيم, قال: إذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة يمكن أن نقول: أنها لا تفطر, والجمهور على أنها لا تفطر, وأن قوله: «افطر الحاجم والمحجوم», كان أولًا.
هذا للحجامة وسحب الدم الآن مقيس على الحجامة, سحب الدم وفصد الأنف مقيس على الحجامة, ينقض الوضوء الدم الكثير فهذا ينقض الوضوء عند جمع من أهل العلم, الحنابلة والأحاديث في هذا ضعيفة, الحديث أنهم يقضوا فيها ضعف, لكنهم يرون أن خروج الدم والشيء الفاحش النجس من الجسد ينقض الوضوء ولا الأحاديث في هذا ضعيفة؛ لكن يأخذون بها, فإذا توضأ يكون أحوط, إذا خرج رعاف كثير أو دم كثير وتوضأ يكون حسن, والقيء يفطر إذا تقيء ينقض الوضوء إذا تعمد.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 07:34)) --؟
الشيخ: ولذلك الفتوى على أنها تفطر الصائم, وإذا ضعف بدنه وعلى القول بأنها لا تفطر واحتاج إلى الأكل شق عليه وجد مشقة فإنه يفطر من أجل الضعف.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 08:03)) --؟
الشيخ: العطر والطيب ما يفطر لا يشمه, لكن لو شمه وجد طعمه في حلقه مثل البخور, البخور هو الذي لا ينبغي شمه لأنه يصعد أجزاء لطيفة إلى الدماغ فلا يشموا البخور, أما الطيب من غير البخور مثل شم الأظهر ما يفطر, بخلاف البخور يذهب أجزاء لطيفة تدخل إلى الدماغ إذا استنشقه.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 08:37)) --؟
الشيخ: يصعد إلى الحلق وإلى الكبد.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 08:51)) --؟
الشيخ: البخور إذا استنشقه لا تستنشقه, وبخار الطعام تستنشقه أنت ما يضرك, وكذلك البخور إذا كان في الغرفة تجد رائحة ما يضرك, لكن إذا استنشقته, لكن تذهب تستنشق استنشاق يدخل إلى رأسك شيء, فإذا وجدت بخور الطعام واستنشقته نعم, استنشقت بخور الطعام وهو كثير صار مثل البخور, وأما إذا ما استنشقته ما يضرك.
(المتن)
والقرآن دل على الجماع، ولم يصح عنه في الكحل شيء.
(الشرح)
هذا كما سبق في قصة الرجل الذي جامع, فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة, فإنه لا يجد, فأمره أن يصوم شهرين, فقال له: إنه لا يستطيع, فأمره أن يطعم ستين مسكينًا, وفي نص القرآن: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ}[البقرة/187]. هذه أصول المفطرات.
(المتن)
الأكل والشرب والحجامة والقيء والقرآن دل على الجماع، ولم يصح عنه في الكحل شيء.
(الشرح)
جاء في سنن أبي داود: «أن أحسن ما تداويتم به الإثمد –نوع من الكحل- ولتيقه الصائم», لكنه حديث ضعيف.
(المتن)
وصح عنه أنه يستاك وهو صائم.
(الشرح)
السواك مستحب, وذهب بعض العلماء إلى أن السواك مكره في حق الصائم من بعد الزوال, من الظهر إلى غروب الشمس, قالوا: هو جائز لكنه مكروه, يستحب أن يستاك من أول النهار إلى الظهر, فإذا جاء الظهر لا يستاك؛ لأنه يتغير رائحة الفم, والسواك يزيد الرائحة, وهذه الرائحة محبوبة عند الله, واستدلوا أيضًا بحديث «إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي», والصواب أن السواك مستحب في أول النهار وفي آخره.
وأما القول بأن السواك يزيل الرائحة فلا يزيلها؛ لأن الرائحة ناشئة عن خلو المعدة من الطعام والشراب ولا يزيلها السواك, خلو المعدة موجودة سواء استاك أم لم يستاك, وأما حديث«إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي», فهو حديث ضعيف لا يصح, والأحاديث الصحيحة تدل على استحبابه, قال: «لولا أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة», ولم يقل: إلا الصائم فلا يستاك في آخر النهار, وحديث عامر بن فهيرة: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما أحصي يتسوك وهو صائم».
(المتن)
وذكر أحمد عنه «أنه كان يصب على رأسه الماء وهو صائم».
(الشرح)
لا بأس بصب الماء والاغتسال وهو صائم والتبرد تحت المكيف, لا بأس به, فلا يؤثر في الصوم.
(المتن)
«وكان يتمضمض ويستنشق وهو صائم، ومنع الصائم من المبالغة في الاستنشاق».
(الشرح)
في حديث -- ((@ كلمة غير مفهومة- 12:23)) – «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا».
(المتن)
«ولم يصح عنه أنه احتجم وهو صائم».
(الشرح)
عجيب هذا قد احتجم وهو صائم, لكن الصوم ما هو هل هو صوم نافلة أو صوم فريضة, وهل هو مريض؟ يراجع هذا.
(المتن)
قال أحمد: وروي عنه أنه قال في الإثمد: ليتقه الصائم ولا يصح.
(الشرح)
الحديث لا يصح, لا يصح الحديث في سنده -- ((@ كلمة غير مفهومة- 13:08)) – وهو حديث ضعيف.
(المتن)
قال ابن معين حديث منكر.
فصل وكان يصوم حتى يقال: لا يفطر. ويفطر حتى يقال: لا يصوم. وما استكمل صيام شهر غير رمضان.
(الشرح)
يعني كان يسرد الصوم أحيانًا ويسرد الفطر أحيانًا على حسب فراغه, أحيانًا يكون مشغول عليه السلام بقابل الوفود وتعليم الناس فيسرد الفطر, وأحيانًا يكون في فراغ فيسرد الصوم على حسب الفراغ, إذا كان في فراغ سرد الصوم؛ حتى يقول: إنه لا يفطر, وإذا حصل عنده انشغال سرد الفطر حتى يقال: لا يصوم, وما استكمل صيام شهرٍ قط.
(المتن)
وما كان يصوم في شهر أكثر مما كان يصوم في شعبان.
(الشرح)
كان يصوم شعبان إلا قليلاً, يعني ربما أفطر قليلاً منه.
(المتن)
ولم يكن يخرج عنه شهر حتى يصوم منه.
(الشرح)
يعني كل شهر لابد أن يصوم منه ما يتسر, ولو الأيام البيض الثلاثة, أو يوم الاثنين والخميس.
(المتن)
وكان يتحرى صيام الاثنين والخميس .
وقال ابن عباس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر» ذكره النسائي .
(الشرح)
الشيخ: عليه تعليق؟
طالب: قال أخرجه النسائي في الصوم وفي سنده يعقوب بن عبد الله القمي وهو ضعيف, وكذا الراوي عنه وهو جعفر بن أبي المغيرة القمي.
الشيخ: صيام الاثنين والخميس عليه تعليق؟
طالب: أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث عائشة رضي الله عنها وسنده صحيح.
(المتن)
وكان يحض على صيامها.
(الشرح)
طالب: قال في الحاشية: أخرجه أحمد والنسائي من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان منكم صائمًا من الشهر ثلاثة أيام فليصم الثلاثة البيض», سنده صحيح حسن عند ابن حبان.
الشيخ: يعني الصيام البيض من قوله عليه الصلاة والسلام لا من فعله الثابت.