بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسول الله, اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
(المتن)
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الزاد:
(الشرح)
«وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا», استدل به على أنه يتيمم على جميع أجزاء الأرض, من قوله: «وجعلت لي الأرض», هذا يفيد العموم, «وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا», فيه دليل للجمهور القائلين بأنه يتيمم على ما تصاعد على وجه الأرض, من تراب أو رمل أو حجارة أو غيرها.
(المتن)
ولما نزل فرض الحج، بادر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تأخير، فإن فرضه تأخر إلى سنة تسع أو عشر.
(الشرح)
نحو تسع, أبا بكر حج بالناس في تلك السنة, ولكن النبي تأخر في حجته؛ حتى يبلغ, أرسل النبي مؤذنين يؤذنون بالناس أن لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج بعد العام مشرك؛ حتى يتأدب الناس, فلم يرد عليه الصلاة والسلام أن يحج والناس اعتادوا أن يطوفوا عراة وكذلك المشركون.
النبي أرسل مؤذنين يؤذنون الناس في منى, منهم أبو هريرة وجماعة ألا يطوف بعد العام بالبيت مشرك, ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان, ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة, من كان له عهد فهو إلى عهده, ومن لم يكن له عهد فمدته أربعة أشهر, أربع كلمات يؤذنون في الناس يبلغوا الناس, أبو هريرة وجماعة يصيحون في منى وغيرها في أماكن الناس, لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة, الثاني: من كان له عهد فهو إلى عهده, ومن لم يكن له عهد فمدته أربعة أشهر, يعني من عاهد النبي صلى الله عليه وسلم يبقى, بعد أربعة أشهر أو بعد العهد ما في إلا الإسلام أو القتال.
«وألا يطوف بالبيت عريان», لأنهم اعتادوا أن يطوفوا بالبيت عراة, الثالثة, الرابعة ألا يحج بعد العام مشرك, هذا هو السبب كون النبي تأخر عن الحج في السنة العاشرة, وأمر أبا بكر فحج بالناس, وأرسل عليًا كذلك, قال: أمير أو مأمور لحق أبا بكر, قال: مأمور, الأمير أبو بكر, ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالناس في السنة العاشرة بعدما عرف الناس وتأدبوا, فرض في السنة التاسعة نعم, وقال بعضهم: فرض في السنة السادسة.
(المتن)
وأما قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: 196] . فإنها وإن نزلت سنة ست، فليس فيها فريضة الحج وإنما فيها الأمر بإتمامه وإتمام العمرة، بعد الشروع فيهما.
(الشرح)
نزلت سنة ست, {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: 196] . وبعض العلماء قالوا: إنها فرضت في سنة ست, وأجاب المؤلف بأنها ليس فيه الفرضية وإنما فيها الإتمام, إتمام الحج والعمرة بعد البداءة بهما, بعد الإحرام بهما.
(المتن)
ولما عزم صلى الله عليه وسلم على الحج أعلم الناس أنه حاج، فتجهزوا للخروج معه، وسمع بذلك من حول المدينة، فقدموا يريدون الحج، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووافاه في الطريق خلائق لا يحصون، وكانوا من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله مد البصر.
(الشرح)
حتى بلغوا مائة ألف, في ذلك الوقت كان شيء كثير, ما في عدد بشر كثير مثل الآن, وجابر والنبي بينهم, يقول: أنظر إلى الناس أمام النبي صلى الله عليه وسلم وخلفه, وعن يمينه وعن شماله, وهو في وسطهم مد البصر, كلهم قادمون من القبائل ومن المدن والقرى كلهم, لما سمعوا أن النبي عزم الحج كلهم يريدون أن يأتموا به, ويأخذون -- ((@ كلمة غير مفهومة- 04:23)) --.
ولاشك أن هذا أمر عظيم, أمر جدير بأن يعتني به الناس, واعتنى به الصحابة, اعتنى جابر بحج النبي نقله, نقله في صحيح مسلم, حجة النبي من رواية جابر منسك كامل, رواية عظيمة.
(المتن)
وخرج من المدينة نهارًا بعد الظهر لست بقين من ذي القعدة, بعد أن صلى الظهر بها أربعًا.
(الشرح)
يعني في اليوم الرابع والعشرين, وقيل: في اليوم الخامس والعشرين وهو يوم السبت, أظنه في اليوم الخامس والعشرين وهو يوم السبت, بعدما صلى الظهر, خطب الناس في المدينة فأخبرهم بأنه عازم على الحج وأتم الصلاة, صلاها أربعة, ثم انتقل عليه السلام إلى ذي الحليفة ووصلها العصر, فقصر الصلاة, ذي الحليفة قريبة, الآن صار وصلت البنيان, لكن سابقًا كانت بعيدة خارج البيان فقصر الصلاة, صلى العصر ركعتين بذي الحليفة, والظهر أربعًا, فدل على أن المسافر إذا نوى السفر فإنه لا يترخص رخصة السفر؛ حتى يفارق البيوت, بيوت البلد, لما كان في المدينة عازم على السفر, خطب الناس فصلى الظهر أربعًا, ولما ارتحل ووصل إلى ذي الحليفة العصر قصر الرباعية صلاها ركعتين, وأقام في ذي الحليفة خمسة فروض, صلى فيها العصر والمغرب والعشاء والفجر والظهر من الغد, ثم أحرم بعد الظهر, في اليوم الثاني أحرم بعد الظهر واستمر عليه الصلاة والسلام ركب راحلته ذاهبًا إلى مكة.
طالب: يقال يا شيخ ذو القعدة وذي القِعدة؟
الشيخ: فيها الوجهان, القعدة والقِعدة, والحِجة والحجة.
(المتن)
وخطبهم قبل ذلك خطبة علمهم فيها الإحرام، وواجباته وسننه، فصلى الظهر، ثم ترجل، وادهن.
(الشرح)
ترجل يعني سرح شعره, وادهن يعني تطيب بدهن من الطيب.
(المتن)
ولبس إزاره ورداءه، وخرج فنزل بذي الحليفة، فصلى بها العصر ركعتين.
(الشرح)
هذا في المدينة خطب الناس وعلمهم, ثم ركب وقصر العصر في ذي الحليفة.
(المتن)
[فصل في إحرامه]
فصل ثم بات بها، وصلى بها المغرب والعشاء، والصبح والظهر، وكان نساؤه كلهن معه، وطاف عليهن تلك الليلة.
(الشرح)
في ذي الحليفة قبل الإحرام, طاف على نسائه بغسل واحد, جمعهن, لكن يفصل بين كل واحد بوضوء, لابد من هذا من وضوء, الإنسان إذا أراد معاودة الجماع؛ لأبد أن يتوضأ, وكذلك إذا أراد أن ينام وهو جنب أو أراد أن يأكل ويشرب فإنه يتوضأ, سأل عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم, قال: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم إذا توضأ», وإذا اغتسل فهو الأفضل, النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه, ولهذا قال العلماء: يسن الوضوء للجنب عند أكل وشرب ومعاودة الوطء «فطاف على نسائه بغسل واحد», لكنه بعد كل واحدة يتوضأ, وهذا من القوة الذي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم, من يستطيع هذا النسوة كلها في وقت واحد! وأشد من ذلك أن سليمان عليه السلام طاف على تسعين امرأة في ليلة واحدة, قال: لأطوف الليلة على تسعين تلد كل واحدة منهن غلام يجاهد في سبيل الله, شوف الهمة العالية, الجهاد, النية الصالحة.
فقال له الملك: قل إن شاء الله, فلم يقل, وفي رواية فنسي, فطاف عليهن فلم تحمل منهن إلا واحدة, حملت وأتت بصف إنسان, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لكان أدرك حاجته ولقاتلوا في سبيل الله أجمعون». لحكمة نسي أن يقول: إن شاء الله.
(المتن)
فلما أراد الإحرام، اغتسل غسلاً ثانيًا لإحرامه.
(الشرح)
غير الغسل الأول, الغسل الأول للجنابة, والثاني للإحرام, ودل على مشروعية الغسل للمحرم, وهذا مستحب وليس بواجب, الإحرام يستحب لمن أراد الإحرام بحج أو عمرة الاغتسال؛ حتى الحائض والنفساء يسن لها الاغتسال وتحرم ولو كانت حائض أو نفساء, ما يمنعها الإحرام, لكنها ما تدخل المسجد الحرام حتى تطهر.
(المتن)
ثم طيبته عائشة بيدها بذريرة وطيب فيه مسك في بدنه ورأسه.
(الشرح)
بذريرة وهذا من أحسن أنواع الطيب والمسك, ذريرة المسك, قال: في بدنه ورأسه, في البدن وفي الرأس, لكن لا يطيب ملابس الإحرام, وإن أصابه طيب يغسله, الإزار والرجاء لا يطيبه, إنما يكون الطيب في رأسه, في مفارق رأسه ولحيته, كان عليه الصلاة والسلام يرى وبيص المسلك يعني لمعانه وهو محرم في لحيته ومفارق رأسه, وإذا استدام فلا بأس, ولكن لا ينقله من مكان إلا مكان, الطيب يبقى على حاله.
(المتن)
حتى كان وبيص المسك يرى في مفارقه ولحيته.
(الشرح)
والوبيص اللمعان, لمعان المسك.
(المتن)
ثم استدامه، ولم يغسله، ثم لبس إزاره ورداؤه، ثم صلى الظهر ركعتين، ثم أهل بالحج والعمرة في مصلاه.
(الشرح)
إذا أهل دبر الصلاة, أهل بعد الفريضة, فإذا تيسر للمسلم أن يكون إهلاله للحج والعمرة بعد الفريضة أحسن, وإن لم يكن وقت الصلاة توضأ وصلى ركعتين سنة الوضوء, أو سنة الضحى إذا كان في وقت الضحى ثم يحرم.
وهل للإحرام صلاة تخصه؟ فيه خلاف, قال الجمهور: له صلاة تخصه, أخذوا بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم «قد أتاني آتي من ربي قال: صل في هذا والوادي المبارك وقل: عمرة في حجة».
قال له: صل هنا, دليل على أن الإحرام له صلاة تخصه, وذهب جمع من المحققين إلى أن الإحرام ليس له صلاة تخصه, كونه يصلي في هذا الوادي قالوا: هذه صلاة الفريضة, قالوا: ليس للإحرام صلاة تخصه, وعلى هذا فيحرم عقب الفريضة إن كان وقت فريضة, وإلا فيتوضأ ويصلي سن الوضوء, أو سنة الضحى ويحرم بعدها.
(المتن)
ولم ينقل أنه صلى للإحرام ركعتين.
(الشرح)
هذا اختيار الشيخ ابن القيم وشيخ الإسلام أن الإحرام ليس له ركعتين, والجمهور يقولون: له صلاة تخصه, إذا لم يكن وقت الصلاة يصلي ركعتين للإحرام.
(المتن)
وقلد قبل الإحرام بدنه نعلين، وأشعرها في جانبها الأيمن، فشق صفحة سنامها، وسلت الدم عنها.
وهاتان سنتان في الإبل, المحرم يستحب له أن يسوق معه من بلده إبل وبقر وغنم يهديها إلى الله تذبح في مكة, هذه سنة مهجورة الآن, يسوقها من بلده, النبي صلى الله عليه وسلم ساق معه مائة من الإبل, على جاء ببعض البدن وضمها إليه فصارت مائة, ساقها إلى مكة, وإذا أحرم من ساق الإبل أو البقر أو الغنم فإنه لا يتحلل من إحرامه حتى يذبح هذه, والإبل فيه سنتان, الإبل الهداة:
الأولى: القليد, يعني يجعل القلادة في رقبتها, والغالب يجعل نعلين, يأتي بنعلين ويربطها بحبل ويجعلها في الرقبة, هذا القليد, وهذا عام للإبل والبقر والغنم, والإبل فيه سنة ثانية وهي الإشعار, والإشعار هو أن يشق صفحة سنامها الأيمن بالسكين ثم يسلت الدم عن اليمين وعن الشمال هذا إعلام بأنها مهداة لله ما أحد يتعرض لها معروفة, وإن كان هذا فيه أذى لها؛ لكن شيء يسير لإظهار السنة.
أما البقر فلا يشرع؛ لأنها ما تتحمل, الغنم والبقر تقلد فقط, وكذلك أيضًا من السنة المهجورة يستحب للإنسان أن يرسل إلى مكة إبل وبقر وغنم ولو لم يحج ولو لم يعتمر يرسلها, يرسلها مع إنسان يوكله ويذبح هناك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم, كان يرسل الهدي, قال بعض الناس: أنه إذا أرسل الهدي يمتنع من الأخذ من شعره ومن أظفاره حتى تذبح, أنكرت عائشة هذا, قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل مع أبي هدي ولم يمتنع من شيء, ليس كالمحرم, ما يمتنع من أظفاره أو شعره, أيضًا هذه سنة مهجورة ما أحد يفعلها إلا نادر, ما نعلم أحدًا يرسل إبل أو بقر أو غنم, وإذا اشترى من الطريق, اشترى من الطائف أو اشترى من الطريق كذلك, أو اشترى من الرياض مثلاً وأركبها في السيارة بقر وغنم, سيارة فيها بقر وغنم وسيارة فيها ركاب سنة.
طالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 17:10)) --؟
الشيخ: مكة لا, تشتريها قبل دخول الحرم, لو اشترها من الطائف ممكن, هذا يكون إهداء, أما من مكة لا, مكة إلا ما لزمك, لزمك الهدي تشتري من مكة هدي التمتع أو هدي القران, اللي صار أن الناس كلهم يذبحون.
طالب: من خارج الحرم من الشوارع مثلاً؟
الشيخ: ممكن من خارج الحرم.