(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد الله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والسامعين .
فصل ثم رجع إلى منى، فخطب خُطْبَةً بَلِيغَةً أَعْلَمَهُمْ فِيهَا بِحُرْمَةِ يَوْمِ النَّحْرِ وتحريمه وفضله، وحرمة مكة على جميع البلاد.
(الشرح)
عاد في حجة الوداع في يوم العيد رجع إلى منى وخطب في الناس خطبة.
الطالب: ما عدد الخطب؟
الشيخ: قيل أربع خطب, خطبة يوم النحر, ويوم عرفة, ويوم النفر, الأول سيأتي الكلام
(المتن)
وأمر بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِمَنْ قَادَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِأَخْذِ مَنَاسِكِهِمْ عَنْهُ، وَقَالَ: «لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هَذَا», وَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ، وَأَنْزَلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ مَنَازِلَهُمْ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا يَرْجِعُوا بَعْدَهُ كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، وَأَمَرَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ».
وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ» وَأَنْزَلَ الْمُهَاجِرِينَ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ، وَالْأَنْصَارَ عَنْ يَسَارِهَا، وَالنَّاسُ حَوْلَهُمْ، وَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ أَسْمَاعَ النَّاسِ حَتَّى سمعه أَهْلُ مِنًى فِي مَنَازِلِهِمْ، وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ تِلْكَ: «اعْبُدُوا رَبَّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ» وَوَدَّعَ حينئذٍ الناس، فقالوا: حجة الوداع.
ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ بِمِنًى، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ وَكَانَ يَنْحَرُهَا قَائِمَةً مَعْقُولَةً يدها اليسرى، وكان عددها عَدَدَ سِنِي عُمْرِهِ r.
(الشرح)
كل واحدة ينحرها وهي قائمة, قائمة على ثلاث ينحرها تجوز عليها, نحر ثلاثة وستين على عدد عمره, عمره ثلاثة وستين r بقي سبعة وثلاثين أمر علي نحرها من المائة والجميع معه.
(المتن)
ثُمَّ أَمْسَكَ، وَأَمَرَ عليا أن ينحر ما بقي من المائة، ثم أمره أن يتصدق بجلالها وجلودها ولحومها فِي الْمَسَاكِينِ، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْجَزَّارَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا مِنْهَا.
(الشرح)
يعني ليس كما يفعل بعض الناس, أنت ملزم أنك توزعها الله سبحانه وتعالى أمرك أن توزعها كلها لحومها وجلالها وجلودها ولا يُعطى الجزار جزء منها والجلد كذلك يُباع ويصدق بثمنه أو يصدق على حاله .
(المتن)
وَقَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا وَقَالَ: مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ», فَإِذًاْ قيل ففي "الصحيحين", عن أنس في حجته r: «ونحر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قياما», قيل: يخرج على أحد وجوه ثلاثة:
أحدها: أنه لم ينحر بيده أكثر من سبع، وأنه أمر من نحر إِلَى تَمَامِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ زَالَ عَنْ ذلك المكان وأمر عليً، فَنَحَرَ مَا بَقِيَ.
الوجه الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أنس لم يشاهد إلا السبع، وشاهد جابر تمام النحر.
الوجه الثالث: أنه نحر بيده منفردًا سبعًا، ثُمَّ أَخَذَ هُوَ وعلي الْحَرْبَةَ مَعًا فَنَحَرَا كَذَلِكَ تَمَامَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ كَمَا قَالَ غرفة بن الحارث الكندي أَنَّهُ شَاهَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ قَدْ أَخَذَ بِأَعْلَى الْحَرْبَةِ، وَأَمَرَ عليا فَأَخَذَ بِأَسْفَلِهَا، وَنَحَرَا بِهَا الْبُدْنَ, ثُمَّ انْفَرَدَ علي بنحر الباقي من المائة والله أعلم .
ولم ينقل أحد أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَصْحَابَهُ جَمَعُوا بَيْنَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَةِ، بَلْ كَانَ هَدْيُهُمْ هُوَ ضحاياهم، فَهُوَ هَدْيٌ بِمِنًى، وَأُضْحِيَةٌ بِغَيْرِهَا، وَأَمَّا قَوْلُ عائشة رضي الله عنها : «ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ،» فَهُوَ هَدْيٌ أُطلق عليه اسم الأُضحية.
(الشرح)
يعني في مكة الحج يذبح الهدي والأضحية تكون في بلده عند أولاده.
(المتن)
بَلْ كَانَ هَدْيُهُمْ هُوَ ضحاياهم، فَهُوَ هَدْيٌ بِمِنًى، وَأُضْحِيَةٌ بِغَيْرِهَا، وَأَمَّا قَوْلُ عائشة رضى الله عنها : «ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ،» فَهُوَ هَدْيٌ أطلق عليه اسم الأضحية.، فإنهن كن متمتعات، وعليهن الهدي، وهو الذي نحره عنهن، لكن فِي قِصَّةِ نَحْرِ الْبَقَرَةِ عَنْهُنَّ وَهُنَّ تِسْعٌ إِشْكَالٌ وَهُوَ: إِجْزَاءُ الْبَقَرَةِ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سبعة، وهذا الحديث جاء بثلاثة ألفاظ.
أحدها: بقرة واحدة بينهن.
الثاني: أنه ضحى عنهن يومئذ بالبقر.
الثالث: دَخَلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ, وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي عَدَدِ مَنْ تُجْزِئُ عَنْهُمُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ.
(الشرح)
وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
