(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرينَ والسامعين.
قال رَحِمَهُ اللهُ:
ولم ينقل أحد أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَصْحَابَهُ جَمَعُوا بَيْنَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَةِ، بَلْ كَانَ هَدْيُهُمْ هُوَ ضحاياهم، فَهُوَ هَدْيٌ بِمِنًى، وَأُضْحِيَةٌ بِغَيْرِهَا، وَأَمَّا قَوْلُ عائشة رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: «ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ،» فَهُوَ هَدْيٌ أطلق عليه اسم الأضحية، فإنهن كن متمتعات، وعليهن الهدي، وهو الذي نحره عنهن، لكن فِي قِصَّةِ نَحْرِ الْبَقَرَةِ عَنْهُنَّ وَهُنَّ تِسْعٌ إِشْكَالٌ وَهُوَ: إِجْزَاءُ الْبَقَرَةِ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سبعة، وهذا الحديث جاء بثلاثة ألفاظ.
أحدها: بقرة واحدة بينهن.
الثاني: أنه ضحى عنهن يومئذ بالبقر.
الثالث: دَخَلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي عَدَدِ مَنْ تُجْزِئُ عَنْهُمُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ.
(الشرح)
البدنة يعني الناقة، الإبل.
(المتن)
الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ، فقيل: سبعة، وقيل: عشرة. وهو قول إسحاق، ثم ذكر أحاديث، ثم قال: وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُخَرَّجُ عَلَى أَحَدِ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ:
- إِمَّا أَنْ يُقَالَ ; أَحَادِيثُ السَّبْعَةِ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ.
- وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: عَدْلُ الْبَعِيرِ بِعَشَرَةٍ مِنَ الغنم في الغنائم.
(الشرح)
والغنائم دون الأضاحي. في الغنائم يكون البعير عن عشرة، وفي الأضاحي يكون عن سبع.
أو أن أحاديث السبع أكثر وتقدم على حديث التسع وإلا شاذة. نعم.
(المتن)
لأجل تعديل القسمة، وأما في الهدايا والضحايا، فهو تقدير شرعي.
- وإما أن يقال: ذلك يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والإبل والله أعلم.
(الشرح)
إما أن يُقال إنها في الغنائم، إذا قال في الغنائم هذا قول جيد، أن هذا في الغنائم، وأما في الهدايا والأضاحي فيكون الإبل والبقر عن سبعة.
(المتن)
ونحر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْحَرِهِ بِمِنًى وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ «مِنًى كُلَّهَا مَنْحَرٌ» وَأَنَّ «فِجَاجَ مَكَّةَ طريقٌ ومنحر».
(الشرح)
وكان نزوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قريب من مسجد الخيف الآن، قريب من الجمرة الأولى نحرن هناك، كان الناس في ذلك اليوم ينحرون في مكانهم، الآن ما ينحر، لما كثر الناس الآن وصار في تنظيم للناس، مجزرة خاصة، الأول كان الناس كل واحد يذبح في مكانه، قال: نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فصار الناس ينحرون في أمكنتهم.
(المتن)
وفيه دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّحْرَ لَا يَخْتَصُّ بِمِنًى.
(الشرح)
بل عام، في منى وفي مكة، وفي مزدلفة، داخل حدود الحرم، وأما عرفة فلا، لابد يكون داخل حدود الحرم.
(المتن)
بَلْ حَيْثُ نَحَرَ مِنْ فِجَاجِ مَكَّةَ أَجْزَأَهُ، لقوله: «وقفت ههنا وعرفة كلها موقف» وسئل أن يبنى له بمنى مظلة مِنَ الْحَرِّ، فَقَالَ: «لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سبق».
(الشرح)
يعني ما في احتجاز، ما يحتجز.
الطالب: أحسن الله إليك، إذا ذبح واحد الآن خارج حدود الحرم، لا يعرف، وما درى إلا بعد فوات الحج، ينتظر الحج القادم ولا يذبح؟
الشيخ: لا، يقضيه قضاء مثل الصيام، مثل الصلاة إذا فاتت. نعم.
الطالب: ما يُقال إنه فات محلها، فينتظر الحج القادم؟
الشيخ: لا، إذا فاته الصلاة تُقضى، بعض الناس يسأل يقول: نسي أن يذبح حتى انتهت أيامُ التشريق، ماذا يعمل؟ يذبح قضاءً.
(المتن)
وفيه دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاكِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا، وَأَنَّ مَنْ سبق إلى مكان، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَرْتَحِلَ عَنْهُ، وَلَا يملك بذلك.
(الشرح)
دليل على اشتراك المسلمين، يعني في منى، وأن من سبق، نعم.
(المتن)
وَأَنَّ مَنْ سبق إلى مكان، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَرْتَحِلَ عَنْهُ، وَلَا يملك بذلك.
فلما أكمل نحره، استدعى بالحلاق، فحلق رأسه، وقال: «يا معمر أمكنك رسول الله مِنْ شَحْمَةِ أُذُنِهِ، وَفِي يَدِكَ الْمُوسَى، فَقَالَ: أما والله يا رسول الله إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ وَمَنِّهِ قال: أجل» ذكره أحمد وقال له: " خذ " وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم قسمه بين من يليه.
(الشرح)
قسم الشعر، يتبركونَ به.
(المتن)
ثم أشار إليه، فحلق الأيسر، ثم قال: " ههنا أبو طلحة؟ " فدفعه إليه.
(الشرح)
دفع الشعر إليه ليوزعه على الناس.
(المتن)
ودعا للمحلقين بالمغفرة ثلاثا، وللمقصرين مرة، وهو دليل على أن الحلق نسك ليس بإطلاق من محصور.
(الشرح)
الدليل على أن الحلق أفضل؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا للمحلقين ثلاثاً والمقصرين مرة واحدة، دل على أنه أفضل. وفي ذلك دليل على أنه نُسك ليس بإطلاق المحذور.
الطالب: هذا يعتبر حلق ولا تقصير؟
الشيخ: والله محتمل، والأقرب أنه، إذا بقي أصول الشعر، تُبقي أصول الشعر. الحلق لا يُبقي شيء.
وفق الله الجميع إلى طاعته.
سبحانك اللهمَ وبحمدك، أستغفرك وأتوبُ إليك.