الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه ولوالديه ولذريته يا رب العالمين
قال ابن رجب رحمه الله تعالى
فائدة في اشتراط ثبوت السماع في الحديث المعنعن
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-:
بل كلامهم يدل على اشتراط ثبوت السماع كما تقدم عن الشافعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فإنهم قالوا في جماعة من الأعيان ثبتت لهم الرؤية لبعض الصحابة، وقالوا مع ذلك: لم يثبت لهم السماع منهم فرواياتهم عنهم مرسلة، منهم الأعمش ويحيى بن أبي كثير، وأيوب، وابن عون، وقرة بن خالد، رأوا أنساً ولم يسمعوا منه
الشيخ لابد من السماع لابد يسمع منه أما الرؤية فقط ما يكفي
فرواياتهم عنه مرسلة، كذا قاله أبو حاتم، وقاله أبو زرعة أيضاً في يحيى بن أبي كثير
وقال أحمد في يحيى بن أبي كثير: قد رأى أنساً فلا أدري سمع منه أم لا؟ ولم يجعلوا روايته عنه متصلة بمجرد الرؤية والرؤية أبلغ من إمكان اللقى وكذلك كثير من صبيان الصحابة رأوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح لهم سماع منه فرواياتهم عنه مرسلة كطارق بن شهاب وغيره وكذلك من علم منه أنه مع اللقاء لم يسمع ممن لقيه إلا شيئاً يسيراً فرواياته عنه زيادة على ذلك مرسلة، كروايات ابن المسيب عن عمر فإن الأكثرين نفوا سماعه منه وأثبت أحمد أنه رآه وسمع منه وقال مع ذلك: إن رواياته عنه مرسلة لأنه إنما سمع منه شيئاً يسيراً، مثل نعيه النعمان بن مقرن على المنبر ونحو ذلك، وكذلك سماع الحسن من عثمان وهو على المنبر يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام، ورواياته عنه غير ذلك مرسلة وقال أحمد: ابن جريج لم يسمع من طاوس ولا حرفاً، ويقول: رأيت طاوساً
وقال أبو حاتم الرازي أيضاً: الزهري لا يصح سماعه من ابن عمر رآه، ولم يسمع منه، ورأى عبد الله بن جعفر ولم يسمع منه وأثبت أيضاً دخول مكحول على واثلة بن الأسقع ورؤيته له ومشافهته وأنكر سماعه منه وقال: لم يصح له منه سماع وجعل رواياته عنه مرسلة
وقد جاء التصريح بسماع مكحول من واثلة للحديث من وجه فيه نظر، وقد ذكرناه في آخر كتاب الأدب
وقد ذكر الترمذي دخول مكحول على واثلة في ذكر الرواية بالمعنى
وقال أحمد: أبان بن عثمان لم يسمع من أبيه من أين سمع منه؟ ومراده: من أين صحت الرواية بسماعه منه، وإلا فإن إمكان ذلك واحتماله غير مستبعد
وقال أبو زرعة في أبي أمامة بن سهل بن حنيف: لم يسمع من عمر هذا مع أن أبا أمامة رأى النبي صلى الله عليه وسلم
فدل كلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم على أن الاتصال لا يثبت إلا بثبوت التصريح بالسماع
الشيخ يعني ولو لقيه ولو رآه هذا أشد من شرط البخاري شرط البخاري يشترط اللقيا ولو مرة مسلم يشترط المعاصرة مع إمكان اللقاء المعاصرة وحدها لا يكفي البخاري يشترط اللقاء لقيه ولو مرة واحدة وهذا أشد لقيه وسمع منه اشترط البخاري الإمام أحمد ومن معه
فدل كلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم على أن الاتصال لا يثبت إلا بثبوت التصريح بالسماع
كلام أحمد وأبي حاتم وأبي زرعة لابد من المعاصرة واللقي والسماع هذا أقوى
وهذا أضيق من قول ابن المديني والبخاري فإن المحكي عنهما أنه يعتبر أحد أمرين أما السماع وإما اللقاء وأحمد ومن تبعه عندهم لا بد من ثبوت السماع
ويدل على أن هذا مرادهم أن أحمد قال: ابن سيرين لم يجيء عنه سماع من ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما
وقال أبو حاتم: الزهري أدرك أبان بن عثمان، ومن هو أكبر منه ولكن لا يثبت له السماع كما أن حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع من عروة وقد سمع ممن هو أكبر منه غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك واتفاقهم على شيء يكون حجة
واعتبار السماع أيضاً لاتصال الحديث هو الذي ذكره ابن عبد البر وحكاه عن العلماء وقوة كلامه تشعر بأنه إجماع منهم وقد تقدم أنه قول الشافعي أيضاً
وحكى البرديجي قولين في ثبوت السماع بمجرد اللقاء فإنه قال قتادة حدث عن الزهري
قال بعض أهل الحديث: لم يسمع منه
وقال بعضهم: سمع منه لأنهما التقيا عند هشام بن عبد الملك
ومما يستدل به أحمد وغيره من الأئمة على عدم السماع والاتصال أن يروي عن شيخ من غير أهل بلده لم يعلم أنه دخل إلى بلده، ولا أن الشيخ قدم إلى بلد كان الراوي عنه فيه
الشيخ والحاصل أن الإمام أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم شرطهم أقوى من شرط البخاري يشترطون السماع ما يكفي اللقاء ولا الرؤية قد يراه ويلقاه ولكن لا يسمع منه والبخاري وعدد ممن يشترطون اللقاء أو السماع والجمهور الذين حكى عنهم الإمام مسلم يشترطون المعاصرة مع إمكان اللقاء إذا كان معاصر ويمكن اللقاء يكفي هذا ويراها الجمهور وشدد في هذا الإمام مسلم وقال إن هذا قول العلماء كافة حتى قيل إنه قصد شيخه البخاري
سؤال أبان بن عثمان بن عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عثمان بن عفان
الشيخ لا واحد غيره
سؤال هل التزم الإمام أحمد هذا الشرط في مسنده
الشيخ لا المسند فيه الصحيح والضعيف يعني هو سماعه أم سماع الشيوخ كلهم لا المسند فيه الصحيح وفيه الضعيف
وفق الله الجميع لطاعته وصلى الله عليه وسلم