شعار الموقع

شرح علل الترمذي 48

00:00
00:00
تحميل
2

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه ولوالديه يا رب العالمين

 قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-:

فأما قول الراويأن فلان قال:

فهل يحمل على الاتصال، أم لا؟

فهذا على قسمين:

أحدهماأن يكون ذلك القول المحكي عن فلان، أو الفعل المحكي عنه بالقول، مما يمكن أن يكون الراوي قد شهده، وسمعه منه، فهذا حكمه حكم قول الراويقال فلان كذا، أو فعل فلان كذا على ما سبق ذكره

الشيخ يعني إذا كان مما يمكن سماعه منه يكون عاصره على اختيار الإمام مسلم أو يكون لقيه وسمع منه مرة في اختيار البخاري هذا ثبت أنه سمع منه أنه عاصره وسمع منه ثم قال بعد ذلك قال فلان يحمل على السماع لنا عرفنا أنه لقيه أما إذا كان لا يمكن فلا يحمل على السماع لكن عند مسلم وجماعة يحملونه على السماع إذا كان عاصره ويمكن لقاءه ولو لم يثبت سماعه 

والقسم الثانيأن يكون ذلك القول المحكي عن المروي عنه أو الفعل مما لا يمكن أن يكون قد شهده الراوي مثل ألا يكون قد أدرك زمانه كقول عروةإن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فهل هو مرسل لعدم الإتيان بما يبين أنه رواه عن عائشة أم هو متصل لأن عروة قد عرف بالرواية عن عائشة؟ فالظاهر أنه سمع ذلك منها هذا فيه خلاف

قال أبو داود سمعت أبا عبد الله يعني أحمد، قال كان مالك زعموا أنه ـ يرى "عن فلان"، و "أن فلاناًسواء

 وذكر أحمد مثل حديث جابرأن سليكاً جاء والنبي يخطب

الشيخ سليك الغطفاني أن سليك جاء فقال له النبي ﷺ أصليت قال لا قال قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما هذا فيه خلاف إذا كان ما عاصره فيه الخلاف لكن بعضهم قال يحمل على السماع مثل عروة عن عائشة لأنه معروف بالسماع منها يروي عنها كثيرا  

وعن جابر عن سليك أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب

قالوسمعت أحمد، قيل لهإن رجلاً قال: عن عروة، قالت عائشة يا رسول الله، وعن عروة عن عائشة سواء؟ قالكيف هذا سواء؟ ليس هذا بسواء فذكر أحمد القسمين اللذين أشرنا إليهما

الشيخ يعني إذا قال عروة عن عائشة هذا فيه انقطاع وإذا قال عروة قالت عائشة يحمل على السماع فأما رواية جابر أن سليكا جاء والنبي يخطب وروايته عن سليك أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فهذا من القسم الأول لأنه يمكن أن يكون جابر شهد ذلك وحضره ويمكن أن يكون رواه عن سليك ومثل هذا كثير في الحديث مثل رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رواه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال لعمر كذا وكذا في أحاديث متعددة، وروى بعضها عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رواه عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر جعله من مسند ابن عمر ومن رواه عن ابن عمر عن عمر جعله من مسند عمر ولكن كان القدماء كثيراً ما يقولون: "عن فلان" ويريدون به الحكاية عن قصته والتحديث عن شأنه لا يقصدون الرواية عنه وقد حكى الدارقطني عن موسى بن هارون الحافظ أن المتقدمين كانوا يفعلون ذلك وقد ذكرنا كلامه في كتاب الحج في باب الصيد للمحرم

الشيخ إذا قال عن فلان يقصد الحكاية لا الرواية بخلاف إذا قال قال يقصد الرواية يفرق بينهما

وأما إذا روى الزهري مثلاً عن سعيد بن المسيب ثم قال مرة: إن سعيد بن المسيب قال فهذا محمول على الرواية عنه دون الانقطاع ولعل هذا هو مراد مالك الذي حكاه أحمد عنه ولم يخالفه وقد حكى ابن عبد البر هذا القول عن جمهور العلماء وحكى عن البرديجي خلاف ذلك، وأنه قال: هو محمول على الانقطاع إلا أن يعلم اتصاله من وجه آخر، وقال: لا وجه لذلك ولم يذكر لفظ البرديجي فلعله قال ذلك في القسم الثاني كما سنذكره وأما رواية عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعروة أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم فهذا هو القسم الثاني وهو الذي أنكر أحمد التسوية بينهما

الشيخ قال عروة عن عائشة أو عن عروة قالت عائشة

والحفاظ كثيراً ما يذكرون مثل هذا، ويعدونه اختلافاً في إرسال الحديث واتصاله، وهو موجود كثيراً في كلام أحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والدارقطني وغيرهم من الأئمة

ومن الناس من يقول: هما سواء، كما ذكر ذلك لأحمد

الشيخ يعني عن كذا أو قال كذا منهم من يقول سواء ومنهم من يفرق بينهما أن عن هذه حكاية وقال رواية

وهذا إنما يكون فيمن اشتهر بالرواية عن المحكي قصته كعروة مع عائشة أما من لم يعرف له سماع منه فلا ينبغي أن يحمل على الاتصال ولا عند من يكتفي بإمكان اللقى

والبخاري قد يخرج من هذا القسم في صحيحه كحديث عكرمة أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة امرأة رفاعة وقد ذكرناه في كتاب النكاح هذا على تقدير أن يكون عكرمة سمع من عائشة وقد ذكر الإسماعيلي في صحيحه أن المتقدمين كانوا لا يفرقون بين هاتين العبارتين وكذلك ذكر أحمد أيضاً أنهم كانوا يتساهلون في ذلك مع قوله

الشيخ يعني عن وقال بعضهم يفرق وبعضهم لا يفرق يقول قال سماعا وعن هذه يعتبر حكاية

 إنهما ليسا سواء وأن حكمهما مختلف لكن كان يقع ذلك منهم أحياناً على وجه التسامح، وعدم التحرير قال أحمد في رواية الأثرم في حديث سفيان عن أبي النضر عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن حذافة في النهي عن صيام أيام التشريق ومالك قال فيه عن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة

قال أحمد هو مرسل سليمان بن يسار لم يدرك عبد الله بن حذافة قال وهم كانوا يتساهلون بين عن عبد الله بن حذافة وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة

قيل له: وحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه يخطب ميمونة، وقال مطر: عن أبي رافع؟ قال: نعم وذاك أيضاً

وفق الله الجميع

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد