الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه ولوالديه يا رب العالمين
قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-:
وعلى هذا التفسير فالحسن ما تقاصر عن درجة الصحيح لكون رجاله لم يبلغوا من الصدق والحفظ درجة رواة الصحيح وهم الطبقة الثانية من الثقات الذين ذكرهم مسلم في مقدمة كتابه وقيل إنه خرج حديثهم في المتابعات وهذا الحسن هو الذي أراده أبو داود في كتابه بقوله خرجت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه
وذكر ابن الصلاح أن تفسير الحسن بهذا المعنى هو قول الخطابي وليس هو قول الترمذي وذكر أن الحسن نوعان:
أحدهما: ما ذكره الترمذي وهو أن يكون راويه غير متهم ولا مغفلاً كثير الخطأ ولا صاحب فسق ويكون متن الحديث قد اعتضد بشاهد آخر له فيخرج بذلك عن أن يكون شاذاً أو منكراً
والثاني: وهو قول الخطابي: أن يكون رواته من المشهورين بالصدق والأمانة غير أنهم لم يبلغوا درجة رجال الصحيح لتقصيرهم عنهم في الإتقان والحفظ ولا يكون الحديث شاذاً ولا منكراً ولا معللاً
الشيخ نعم الحديث الحسن شهره الترمذي رحمه الله قال حديث حسن حديث حسسن صحيح فأشبه على العلماء لكن المحققين بينوا هذا الترمذي رحمه الله جعل الحديث الحسن نوعين النوع الأول الحديث الحسن الذي خف ضبط رواته عن رجال الصحيح الصحيح يكون الراوي حافظا متقنا عدلا واتصال السند وعدم وجود العلة هذا معروف وأما الحسن يكون ضبطه أخف من رجال الصحيح هذا هو الحسن أحد النوعين الذي أراده الترمذي وهو الذي أراده الإمام مسلم بالطبقة الثانية وهو الذي أراده أبو داود وقال أخرجت في هذا الصحيح وما يقاربه وهو الذي أراده الخطابي أرادوا الحسن الذي خف راويه في الضبط والصدق عن رجال الصحيح راوي الصحيح بلغ من القوة والصدق والحفظ شأوا بعيدا وأما الحسن ينقص ويخف الضبط والصدق هذا الحسن إذا وجد له طريق آخر صار صحيحا لغيره فإن لم يكن طريق أخرى فهو حسن هذا هو الي أراده الإمام مسلم في الطبقة الثانية وكذلك مقصود أبي داود حين خرج فيه الحديث الصحيح وما يقاربه يعني الحسن وهو الذي أراده الخطابي وهو الذي أراده الترمذي في القسم الأول بقي نوع آخر الترمذي أراد من الحسن وهو ما كان راويه غير مغفل ولم يكن شديد فاحشا في عدم الضبط ولا يكون شاذا وروي له طريق أخرى تعضده أو شاهد يشهد للمتن هذا هو الحسن لغيره وعند الإمام أحمد وغيره يسمى ضعيف ولا يدخلونه في قسم الحسن ولا الصحيح الأئمة السابقون ما عندهم إلا نوعان صحيح وضعيف والحسن لذاته يدخلونه في قسم الصحيح والحسن لغيره يدخلونه في قسم الضعيف والحسن لغيره محل نظر الإمام أحمد وغيره قد يرتقي لكثرة الشواهد والمتابعات قد يرتقي للحسن وقد يضعف فيقل فيكون من قسم الضعيف ما عندهم إلا صحيح وضعيف لكن الترمذي رحمه الله شهره شهر الحسن وصار المتأخرون يقسمون الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف
تكملة شرح الاصطلاحات المركبة عند الترمذي
قال الحافظ رحمه الله تعالى
وذكر أن الترمذي إذا جمع بين الحسن والصحة فمراده أنه روي بإسنادين أحدهما حسن والآخر صحيح
الشيخ هذا ذكره الحافظ ابن حجر في النخبة قوله حسن صحيح على قوله بإسنادين أو للشك هل هو حسن أو ضعيف (لعله يقصد صحيح)
وهذا فيه نظر لأنه يقول كثيراً "حسن صحيح، غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
الشيخ قال ما نعرفه إلا من هذا الوجه وقال حسن صحيح مع أنه ما في إلا طريق واحدة
وقد أجاب عن ذلك بعض أكابر المتأخرين بأنه قد يكون أصل الحديث غريباً ثم تتعدد طرقه عن بعض رواته، أما التابعي أو من بعده فإن كانت تلك الطرق كلها صحيحة فهو "صحيح غريب" (وإن كانت كلها حسنة فهو "حسن غريب" وإن كان بعضها صحيحاً وبعضها حسناً فهو "صحيح حسن غريب"، إذ الحسن عند الترمذي ما تعددت طرقه وليس فيها متهم، وليس شاذاً، فإذا قال مع ذلك: إنه غريب لا يعرف إلا من ذلك الوجه حمل على أحد شيئين: إما أن تكون طرقه قد تعددت إلى أحد رواته الأصليين، فيكون أصله غريباً ثم صار حسناً، وإما أن يكون إسناده غريباً بحيث لا يعرف بذلك الإسناد إلا من هذا الوجه، ومتنه حسناً بحيث روي من وجهين وأكثر كما يقول: وفي الباب عن فلان وفلان، فيكون لمعناه شواهد تبين أن متنه حسن، وإن كان إسناده غريباً وفي بعض هذا نظر، وهو بعيد من مراد الترمذي لمن تأمل كلامه.
ومن المتأخرين من قال: إن الحسن الصحيح عند الترمذي دون الصحيح المفرد، فإذا قال: "صحيح" فقد جزم بصحته، وإذا قال: حسن صحيح، فمراده أنه جمع طرفاً من الصحة وطرفاً من الحسن، وليس بصحيح محض بل حسن مشوب بصحة، كما يقال في المز: إنه حلو حامض باعتبار أن فيه حلاوة وحموضة وهذا بعيد جداً فإن الترمذي يجمع بين الحسن والصحة في غالب الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها والتي أسانيدها في أعلى درجة الصحة كمالك عن نافع عن ابن عمر والزهري عن سالم عن أبيه ولا يكاد الترمذي يفرد الصحة إلا نادراً وليس ما أفرد فيه الصحة بأقوى مما جمع فيه بين الصحة والحسن
ومن المتأخرين ـ أيضاً ـ من قال: مراد الترمذي في الحسن أن كلاً من الأوصاف الثلاثة التي ذكرها في الحسن، وهي سلامة الإسناد من المتهم، وسلامته من الشذوذ، وتعدد طرقه، ولو كانت واهية، موجب لحسن الحديث عنده
وهذا بعيد جداً، وكلام الترمذي وإنما يدل على أنه لا يكون حسناً حتى يجتمع فيه الأوصاف الثلاثة. وتسمية الحديث الواهي التي تعددت طرقه حسناً لا أعلمه وقع في كلام الترمذي في شيء من أحاديث كتابه
الشيخ التعليق ما يقول
الطالب يقول استشكل العلماء هذا الاصطلاحات المركبة في كتاب الإمام الترمذي وهي صحيح غريب حسن صحيح حسن غريب حسن صحيح غريب وتعددت الأجوبة فيها كثيرا حتى بلغت في قوله حسن صحيح أكثر من عشرة آراء وعنينا بتحقيق شرح هذه العبارات في بحث موسع في أطروحتنا ثم قال حتى خلصنا الموضوع من هذا الخضم المختلف من الآراء فارجع إليها نسوق هنا نتيجة التحقيق فنقول
الشيخ على كل حال هذا رأيه قد يكون عليه ملاحظات يعني كلام الحافظ أقرب على كل حال هو اصطلاحات الترمذي رحمه الله يعني أشكلت على كثير من العلماء لكن الحافظ ابن رجب من أمثل من حقق في هذا
وفق الله الجميع لطاعته