الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه ولوالديه يا رب العالمين
قال الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-:
قال الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى في علله
ورب حديث إنما استغرب لزيادة تكون في الحديث وإنما يصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير فزاد مالك في هذا الحديث "من المسلمين "
الشيخ نعم زاد مالك ومالك من الثقات
وروى أيوب السختياني وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر ولم يذكر فيه "من المسلمين"
وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه
وقد أخذ غير واحد من الأئمة بحديث مالك واحتجوا به: منهم الشافعي وأحمد بن حنبل قالا: إذا كان للرجل عبيد غير مسلمين لم يؤد زكاة الفطر عنهم واحتجا بحديث مالك
الشيخ الزيادة " من المسلمين " ومالك ثقة وكل زيادة لها حكم قد تكون الزيادة شاذة وقد تكون غير شاذة على هذه الرواية إذا كان له عبيد غير مسلمين ما يؤدي الزكاة عنهم لقوله من المسلمين
فإذا زاد حافظ ممن يعتمد على حفظه قبل ذلك عنه
قال ابن رجب رحمه الله تعالى هذا أيضاً نوع من الغريب
وهو أن يكون الحديث في نفسه مشهوراً لكن يزيد بعض الرواة في متنه زيادة تستغرب وقد ذكر الترمذي أن الزيادة إن كانت من حافظ يعتمد على حفظه فإنها تقبل يعني: وإن كان الذي زاد ثقة لا يعتمد على حفظه لا تقبل زيادته
الشيخ يقول أخذ بها الشافعي وغيره وعلى هذا الإماء والعبيد غير المسلمين لا تدفع عنهم زكاة الفطر وعلى القول بعدم قبول هذه اللفظة يزكى عن العبيد غير المسلمين
وهذا أيضاً ظاهر كلام الإمام أحمد قال في رواية صالح: قد أنكر على مالك هذا الحديث يعني زيادته "من المسلمين" ومالك إذا انفرد بحديث هو ثقة وما قال أحد ممن قال بالرأي أثبت منه يعني في الحديث
وقال: قد رواه العمري الصغير والجمحي ومالك فذكر أحمد أن مالكاً يقبل تفرده وعلل بزيادته في
(4,25) على غيره وبأنه قد توبع على هذه الزيادة وقد ذكرنا هذه الزيادة ومن تابع مالكاً عليها في كتاب الزكاة
الشيخ إذا توبع زال الإشكال والإمام أحمد علق على حديث غيره يقول يقبل مالك لأنه ثقة وإذا توبع زال الإشكال فالزيادة تكون غير شاذة توبع عليها تكون معتمدة هذا الذي عليه العمل إنه يزكى عن الإماء المسلمين أما العبيد غير المسلمين فلا يزكى عنهم ويؤيده قواعد الشريعة تدل على أن غير المسلم وإن كان مخاطبا بفروع الشريعة لكن لا يصح منه العمل حتى يسلم وإن كان الذي يزكي سيده
ولا يخرج بالمتابعة عن أن يكون زيادة من بعض الرواة لأن عامة أصحاب نافع لم يذكروها
وقد قال أحمد في رواية عنه: كنت أتهيب حديث مالك "من المسلمين" يعني حتى وجده من حديث العمريين
الشيخ الصغير والكبير عبد الله ببن عمر المكبر ضعيف والمصغر ثقة عبد الله وعبيد الله العمري يعني الإمام وجد لها متابع فاطمأن
وقد قال أحمد في رواية عنه: كنت أتهيب حديث مالك "من المسلمين" يعني حتى وجده من حديث العمريين قيل له: أمحفوظ هو عندك "من المسلمين"؟ قال: نعم
وهذه الرواية تدل على توقفه في زيادة واحد من الثقات ولو كان مثل مالك حتى يتابع على تلك الزيادة
الشيخ تدل على أن الإمام توقف حتى ولو كان حافظا مثل الإمام مالك لكن الترمذي فرق قال إذا كان ثقة تقبل الزيادة وإذا كان غير ثقة فلا تقبل كان هذا يتمشى مع مذهب الفقهاء والأصوليين وبعضهم يفرق بين الرواة إذا كان في أعلى السند التفرد لا يضر وإذا كان في آخر السند فإن التفرد يضر المقصود أن الترمذي فرق قال إذا كانت الزيادة من حافظ تقبل وأما إذا كانت من غير حافظ فلا تقبل والإمام أحمد توقف حتى يتابع على هذه الرواية قد يكون له رواية أخرى كما فرق الشارح الحافظ ابن رجب
وهذه الرواية تدل على توقفه في زيادة واحد من الثقات ولو كان مثل مالك حتى يتابع على تلك الزيادة
وتدل على أن متابعة مثل العمري لمالك مما يقوي رواية مالك ويزيل عن حديثه الشذوذ والإنكار وسيأتي فيما بعد ـ إن شاء الله ـ عن يحيى القطان نحو ذلك أيضاً
وكلام الترمذي رحمه الله تعالى ههنا يدل على خلاف ذلك وأن العبرة برواية مالك وأنه لا عبرة ممن تابعه ممن لا يعتمد على حفظه وفي حديث ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما في صدقة الفطر زيادات أخر لا تثبت منها ذكر القمح وكذلك في حديث أبي سعيد في صدقة الفطر زيادات وقد ذكرنا ذلك كله مستوفى في كتاب الزكاة
وقال أحمد رحمه الله تعالى أيضاً: في حديث ابن فضيل عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية، عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في تلبية النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيها: "والملك لا شريك لك" قال أحمد: وهم ابن فضيل في هذه الزيادة، ولا تعرف هذه عن عائشة، إنما تعرف عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما وذكر أن أبا معاوية روى الحديث عن الأعمش بدونها: وخرجه البخاري بدونها أيضاً من طريق الثوري، عن الأعمش وقال: تابعه أبو معاوية قال الخلال: أبو عبد الله لا يعبأ بمن خالف أبا معاوية في الأعمش إلا أن يكون الثوري وذكر أن هذه الزيادة رواها ابن نمير وغيره أيضاً عن الأعمش
وكذلك قال أحمد رحمه الله تعالى في رواية الميموني: حديث أبي هريرة في الاستسعاء يرويه ابن أبي عروبة وأما شعبة وهمام فلم يذكراه ولا أذهب إلى الاستسعاء
فالذي يدل عليه كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى في هذا الباب: إن زيادة الثقة للفظة في حديث من بين الثقات إن لم يكن مبرزاً في الحفظ والتثبت على غيره ممن لم يذكر الزيادة ولم يتابع عليها فلا يقبل تفرده وإن كان ثقة مبرزاً في الحفظ على من لم يذكرها ففيه عنه روايتان لأنه قال مرة في زيادة مالك "من المسلمين": كنت أتهيبه حتى وجدته من حديث العمريين
وقال مرة: إذا انفرد مالك بحديث هو ثقة وما قال أحد بالرأي أثبت منه
وقال في حديث أيوب عن نافع، عن ابن عمر المرفوع: من حلف فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه" خالفه الناس عبيد الله وغيره فوقفوه
الشيخ نقف عند كلام أحمد الرواية الأولى الآن انتهينا منها نمشي بالتدريج حتى تثبت المعلومات وقال أحمد رحمه الله في الرواية الأولى أنه يقبل وفي رواية أنه لا يقبل له روايتان في هذا يقبل الزيادة ولا يقبلها إلا بالمتابعة
وفق الله الجميع