الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه ولوالديه يا رب العالمين
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-:
قال أبو عيسى ـ رحمه الله رب حديث يروى من أوجه كثيرة وإنما يستغرب لحال الإسناد: حدثنا أبو كريب وأبو هشام الرفاعي وأبو السائب والحسين الأسود قالوا: حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن جده أبي بردة عن أبي موسى عن النبي قال: "الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد" هذا حديث غريب من هذا الوجه من قبل إسناده
الشيخ العنوان ماذا أعد العنوان
الطالب الغريب إسنادا لا متنا عند الترمذي
الشيخ نعم أعد
حدثنا أبو كريب وأبو هشام الرفاعي وأبو السائب والحسين الأسود قالوا: حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن جده أبي بردة عن أبي موسى عن النبي قال: "الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد" هذا حديث غريب من هذا الوجه من قبل إسناده وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يستغرب من حديث أبي موسى وسألت محمود بن غيلان عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث أبي كريب عن أبي أسامة
وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث أبي كريب: عن أبي أسامة ولم نعرفه إلا من حديث أبي كريب عن أبي أسامة
فقلت: حدثنا غير واحد عن أبي أسامة بهذا فجعل يتعجب ويقول: ما علمت أن أحداً حدث بهذا غير أبي كريب
قال محمد: وكنا نرى أن أبي كريب أخذ هذا الحديث عن أبي أسامة في المذاكرة
حدثنا عبد الله بن أبي زياد، وغير واحد، قالوا: حدثنا شبابة بن سوار حدثنا شعبة عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر، "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت" هذا حديث غريب من قبل إسناده لا نعلم أحداً حدث به عن شعبة غير شبابة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه نهى أن ينتبذ في الدباء والمزفت وحديث شبابة إنما يستغرب لأنه تفرد به عن شعبة وقد روى شعبة وسفيان الثوري بهذا الإسناد عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحج عرفة" فهذا الحديث المعروف عند أهل الحديث بهذا الإسناد"
قال الإمام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى
هذا نوع آخر من الغريب
وهو أن يكون الحديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق معروفة ويروى عن بعض الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم من وجه يستغرب عنه بحيث لا يعرف حديثه إلا من ذلك الوجه وقد ذكر الترمذي لهذا النوع مثالين: أحدهما: حديث أبي كريب عن أبي أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن جده عن أبيه أبي موسى. عن النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء" فهذا المتن معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة وقد خرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما حديث أبي موسى هذا فخرجه مسلم عن أبي كريب وقد استغربه غير واحد من هذا الوجه وذكروا أن أبا كريب تفرد به منهم البخاري وأبو زرعة وذكر لأبي زرعة من رواه عن أبي أسامة غير أبي كريب فكأنه أشار إلى أنهم أخذوه منه وحسين بن الأسود كان يتهم بسرقة الحديث وأبو هشام فيه ضعف أيضاً
وقد ذكرنا كلام أبي زرعة في هذا في كتاب الأطعمة وإنكاره على أبي السائب وأبي هشام روايته وظاهر كلام أحمد رحمه الله تعالى يدل على استنكار هذا الحديث أيضاً
قال أبو داود: سمعت أحمد، وذكر له حديث بريد هذا، فقال أحمد: يطلبون حديثاً من ثلاثين وجهاً أحاديث ضعيفة وجعل ينكر طلب الطرق نحو هذا. قال: هذا شيء لا تنتفعون به، أو نحو هذا الكلام
وإنما كره أحمد تطلب الطرق الغريبة الشاذة المنكرة وأما الطرق الصحيحة المحفوظة فإنه كان يحث على طلبها كما ذكرناه عنه في أول الكتاب
وما حكاه الترمذي رحمه الله تعالى عن البخاري رحمه الله ههنا أنه قال: كنا نرى أن أبا كريب أخذ هذا عن أبي أسامة في المذاكرة فهو تعليل للحديث فإن أبا أسامة لم يرو هذا الحديث عنه أحد من الثقات غير أبي كريب والمذاكرة يحصل فيها تسامح بخلاف حال السماع أو الإملاء وكذلك لم يروه عن بريد أحد غير أبي أسامة
المثال الثاني: حديث شبابة عن شعبة عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الدباء والمزفت
فإن نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ في الدباء والمزفت صحيح ثابت عنه رواه عنه جماعة كثيرون من أصحابه وأما رواية عبد الرحمن بن يعمر عنه فغريبة جداً
الشيخ وذلك أن الدباء هي القرع الطويل هذا يسمي بعضهم الدباء النجدي يأخذون اللب الذي فيه ويتركونه فيكون صلبا فلما يضعون فيه العصير عصير التمر أو غيره فيتخمر في شدة الحر ما عندهم ثلاجات فربما شربه فيه خمر وكذلك أيضا المزفت المطلي بالزفت وكذلك النقير وهو الجذع من النخل ينقر يكون كآنية الإناء فإذا وضع فيه العصير وتخمر فإنه يتخمر ولا يدري عنه فيشربه نهاهم النبي ﷺ عن أن ينبذوا في الأشياء الصلبة لكن قال انبذوا في السقاء سقاء الجلد فإذا وضع العصير في ثم تخمر تشقق بخلاف الأشياء الصلبة هذا في أول الإسلام ثم بعد ذلك رخص النبي ﷺ قال انتبذوا في كل إناء ولا تشربوا مسكرا لما استقرت الشريعة أباح لهم النبي ﷺ أن ينبذوا في كل إناء ويتجنبوا المسكر لكن كان في أول الإسلام نهوا أن ينتبذوا في الأشياء الصلبة هذه لاتها يتخمر العصير ولا يعلمون عنه بخلاف الأشياء الجلد وأشباهه فإنه يتشقق إذا تخمر
أصحابه وأما رواية عبد الرحمن بن يعمر عنه فغريبة جداً ولا تعرف إلا بهذا الإسناد تفرد بها شبابة عن شعبة عن بكير بن عطاء عنه وعند شعبة بهذا الإسناد، عن عبد الرحمن بن يعمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحج عرفة" في حديث ذكره فهذا المتن هو الذي يعرف بهذا الإسناد
وأما حديث النهي عن الدباء والمزفت فهو بهذا الإسناد غريب جداً وقد أنكره على شبابة طوائف من الأئمة
الشيخ لكنه ثابت في الصحيحين
منهم الإمام أحمد والبخاري وأبو حاتم وابن عدي
الشيخ نكارة في الإسناد دون المتن المتن محفوظ
وأما ابن المديني فإنه سئل عنه فقال: لا ينكر لمن سمع من شعبة يعني حديثاً كثيراً أن ينفرد بحديث غريب
وقال أحمد رحمه الله: إنما روى شعبة بهذا الإسناد: حديث الحج يشير إلى أنه لا يعرف بهذا الإسناد غير حديث الحج وقد سبق ذكر هذا الحديث، مع الكلام عليه في كتاب الأشربة والله أعلم
الشيخ حاصل أن الإسناد قد يكون غريبا والمتن محفوظ فيكون المتن محفوظا لكن الإسناد فيه غرابة من أجل التفرد
قال أبو عيسى رحمه الله تعالى حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو مزاحم: أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط، ومن تبعها حتى يقضي قضاؤها فله قيراطان"، قالوا: يا رسول الله، وما القيراطان؟ قال: "أصغرهما مثل أحد
الشيخ قف على هذا وفق الله الجميع