الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه ولوالديه يا رب العالمين
قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-:
[أصحاب الزهري]
قد سبق أنهم خمس طبقات، وهم خلق كثير يطول عددهم، واختلفوا في أثبتهم وأوثقهم: فقالت طائفة: مالك، قاله أحمد في رواية، وابن معين وذكر الفلاس أنه لا يختلف في ذلك
الشيخ مالك إمام فهو من أثبتهم من أبرز تلاميذ الزهري
قال أحمد في رواية ابنه عبد الله: أثبتهم مالك ثم ابن عيينة، قال: وأكثرهم عنه رواية يونس وعقيل ومعمر وقال: يونس وعقيل يؤديان الألفاظ
الشيخ يعني يؤديان الألفاظ على وضعها على حالها لا يغيران وهذا تزكية من الإمام رحمه الله
وقال يحيى بن إسماعيل الواسطي: سمعت يحيى بن سعيد القطان، وذكر يوماً أصحاب الزهري فبدأ بمالك في أولهم، ثم ثنى بسفيان بن عيينة، ثم ثلث بمعمر، وذكر يونس بعده
وقال أبو حاتم الرازي: مالك أثبت أصحاب الزهري، فإذا خالفوا مالكاً من أهل الحجاز حكم لمالك
الشيخ يعني المقدم مقدم لإمامته وفضله
وهو أقوى في الزهري من ابن عيينة، وأقل خطأ منه وأقوى من معمر وابن أبي ذئب
وقالت طائفة: أثبتهم ابن عيينة
الشيخ هذا قول آخر مقابل القول الأول أن أثبتهم مالك
قاله ابن المديني وتناظر هو وأحمد في ذلك وبين أحمد أن ابن عيينة أخطأ في أكثر من عشرين حديثاً عن الزهري
الشيخ فلذلك يقدم عليه مالك
وأما مالك فذكر له مسلم في كتاب التمييز عن الزهري ثلاثة أوهام، وذكر أبو بكر الخطيب له وهمين عن الزهري
الشيخ وهذه لا تؤثر لا يسلم منه أحد
وأحدهما ذكره مسلم
وقال يحيى بن سعيد: ابن عيينة أحب إلي في الزهري من معمر
ونقل عثمان الدارمي عن ابن معين عكس ذلك
الشيخ يعني معمر مقدم على سفيان يعني التقارب فيما بينهم كلهم أئمة كلهم حفاظ التقارب يجعل الأنظار تتقارب وتتفاوت بعض الشيء
وقالت طائفة أثبتهم معمر وأصحهم حديثاً وبعده مالك قاله أحمد في رواية ابن هانىء عنه
وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: أثبت أصحاب الزهري مالك ومعمر ويونس، كانوا عالمين به
الشيخ يعني ثلاثة أقوال قيل مالك وقيل سفيان بن عيينة وقيل معمر
قال: وحدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: سمعت ابن عيينة يقول: أخذ مالك ومعمر عن الزهري عرضاً وأخذت سماعاً فقال يحيى بن معين: لو أخذا كتاباً لكانا أثبت منه يعني من ابن عيينة
قال: وسمعت يحيى يقول: ما أحد أحب إلي من سفيان ويونس ومعمر وعقيل يعني في الزهري وقد كان يونس وعقيل عالمين به
وسمعت يحيى يقول: معمر أثبت في الزهري من سفيان
وذكر بإسناده عن يونس قال: كان عقيل يصحب الزهري في حضره وسفره
وقال إبراهيم بن الجنيد: سئل يحيى بن معين وأنا أسمع: من أثبت الناس في الزهري؟
قال: مالك، ثم معمر، ثم عقيل، ثم يونس، ثم شعيب، والأوزاعي والزبيدي وابن عيينة، وكل هؤلاء ثقات. قيل له: أيما أثبت، سفيان أو الأوزاعي؟ فقال: الأوزاعي أثبت، والزبيدي أثبت منه، يعني من ابن عيينة قال: ومحمد بن أبي حفصة ضعيف الحديث
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: يونس شهد الإملاء من الزهري للسلطان، وشعيب شهده أيضاً
قال: وعبد الرحمن بن نمر عن الزهري ضعيف الحديث
وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن يحيى بن معين، قال: ابن أبي ذئب عرض على الزهري، وحديثه عن الزهري ضعيف ثم قال: يضعفونه في الزهري
وسئل الجوزجاني: من أثبت في الزهري؟ قال: مالك من أثبت الناس فيه، وكذلك أبو أويس، وكان سماعهما من الزهري قريباً من السواء إذ كانا يختلفان إليه جميعاً ومعمر إلا أنه يهم في أحاديث، ويختلف الثقات من أصحاب الزهري، فإذا صحت الرواية عن الزبيدي فهو من أثبت الناس فيه وكذلك شعيب وعقيل، ويونس بعدهم وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر والليث بن سعد فأما الأوزاعي فربما يهم عن الزهري وسفيان بن عيينة كان غلاماً صغيراً حين قدم عليهم الزهري وإنما أقام يعني الزهري تلك الأيام مع بعض ملوك بني أمية بمكة أياماً يسيرة وفي حديثه يعني ابن عيينة عن الزهري اضطراب شديد وسفيان بن حسين وصالح بن أبي الأخضر وسليمان ابن كثير متقاربون في الزهري يعني في الضعف، فأما ابن أبي ذئب فقد كان له معه صحبة إلا أنه يحكى عنه أنه لم يسمع من الزهري، ولكن عرض عليه والزبيدي وشعيب لزماه لزوماً طويلاً إذ كانا معه في الشام في قديم الدهر وعقيل قد سأله عن مسائل كثيرة، تدل على خبر به وكذا أبو أويس قد لزمه سنة وسنتين، فما وجدت من حديث يحكى عن الزهري ليس له أصل عند هؤلاء فتأن في أمره. وابن إسحاق روى عن الزهري إلا أنه يمضغ حديث الزهري بمنطقه حتى يعرف من رسخ في علمه أنه خلاف رواية أصحابه عنه، وإبراهيم بن سعد صحيح الرواية عن الزهري.
وذكر قوماً رووا عن الزهري قليلاً أشياء يقع في قلب المتوسع في حديث الزهري أنها غير محفوظة. منهم برد بن سنان، وروح بن جناح، وغيرهما، انتهى كلام الجوزجاني
وكان الإمام أحمد
الشيخ قف على هذا على كل الأحوال هذه الأقوال في تلاميذ الزهري والأرجح الأقوال الثلاثة أن المقدم الإمام مالك ثم سفيان بن عيينة قم معمر يونس على خلاف بينه العلم والمحدثين والرواة في هذا
وفق الله الجميع