(المتن)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد ﷺ.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
باب حد المحاربين
وهم الذين يعرضون للناس في الصحراء جهرة ليأخذوا أموالهم.
(الشرح)
هؤلاء هم المحاربون، المحاربون هم قطّاع الطريق يُقال لهم قطّاع الطريق الذين يعرضون للناس في الصحراء يأخذون أموالهم وقد يقتلون وقد لا يقتلون فمن عارضهم قتلوه ومن سلّم لهم المال تركوه يُقال لهم قطّاع الطريق ويقال لهم المحاربون هم الذين يعرضون الناس في الصحراء والبراري لأخذ أموالهم والتسلّط عليهم.
(المتن)
(الشرح)
هذا حكمهم، من قتل وأخذ المال فإنه يُقتل ويُصلب –يُصلب يعني يُربط على خشبة حتى يشتهر ثم يُدفع إلى أهله-، ومن قتل ولم يأخذ المال قُتل، ومن أخذ المال ولم يقتل قُطعت يده اليمنى ورجله اليسرى وحُسمتا يعني وُضعتا في الزيت حتى يقف الدم، ومن لم يقتل ولم يأخذ المال وإنما أخلى السبيل فإنه يُنفى من الأرض يُطرد ولا يُترك يقر في البلد.
وقيل إن الإمام مخيّر بين هذه الأحوال الثلاثة لقطاع الطريق مخيُر بين أن يقتل ويصلب وبين أن يقطع يده اليمنى ورجله اليسرى وبين أن ينفيه في قول الله تعالى إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، فالله تعالى خيَّر بين هذه الأمور الثلاثة فيكون الخيار للإمام فهم يُسمَّون قطّاع طريق ويسمَّون محاربين لله ولرسوله، يخيّر الإمام بين هذه الأمور الثلاثة بين الأمور الأربعة إما أن يقتل ويصلب وإما أن يقتل ولا يصلب وإما أن يقطع يده اليمنى ورجله اليسرى وإما أن ينفى من الأرض.
وقيل إن هذا على حسب أعمالهم فمن قتل وأخذ المال قُتل وصُلب ومن قتل ولم يأخذ المال قُتل ولم يُصلب ومن أخذ المال ولم يقتل قُطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ومن لم يقتل ولم يأخذ المال وإنما أخلى السبيل نُفي من الأرض فطُرد.
ولذلك النبي ﷺ في قصة العرانيين الذين جاؤوا إلى النبي ﷺ واستوخموا المدينة أصابهم الوخم فأمرهم أن يلحقوا بإبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها فلحقوا بإبل الصدقة وشربوا من أبوالها وألبانها فصحّوا وذهب عنهم الوخم، فسرقوا الإبل وقتلوا الراعي فأُخبر النبي ﷺ فأرسل في آثارهم فجيء بهم حين ارتفع النهار فأمر بهم فقُطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وأمر بهم وسُمرت أعينهم وتُركوا في الحر يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا –نسأل الله السلامة والعافية-.
(المتن)
(الشرح)
وهو ربع دينار أو ثلاث دراهم يعني لا بد أن يكون أخذ ما يبلغ النصاب، والنصاب ربع دينار من الذهب أو ثلاث دراهم من الفضة فإن سرق أقل من هذا فلا تُقطع يده لأنه لا تُقطع يده إلا إذا بلغ النصاب، من ذلك صفوان بن أمية لما سرق سارق رداءه أمر الرسول ﷺ بقطع يده لأن الرداء ثمنه ثمن المجن -ثلاث دراهم فأكثر-.
(المتن)
(الشرح)
هذا على هذا القول والقول الثاني أن الإمام مخيّر بين هذه الأمور الأربعة.
(المتن)
(الشرح)
من تاب وسلّم نفسه لولي الأمر أو للحاكم فإنه يسقط عنه حق الله، السارق الذي سرق مثلاً إذا سرق وكذلك المحارب ثم سلّم نفسه قبل أن يُقبض عليه يسقط حق الله عنه فلا يُقام عليه الحد فلا تُقطع يده ولا رجله ولكن يسلّم المال لأصحابه بقيت حقوق الآدميين يُسلمها، المال الذي سرقه يسلّم لأصحابه ولا تُقطع يده، وكذلك المحارب فإن عفَوا له عنه وإلا فهو مطالبٌ بها، أما إذا قُبض عليه ثم ادعّى التوبة فلا تُقبل لا بد أن يُقام عليه الحد لقول الله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فاشترط في العفو عنهم أن يسلّم نفسه قبل القدرة عليه أما إذا قُبض عليه وقال أنا تائب ما ينفع في هذه الحالة، لا بد من قطع يده تُقطع يده إذا وُجدت الشروط والتوبة بينه وبين الله.
(سؤال):
قتلهم إذا قتلوا هل يقال أنه من باب الحد حتى لو تنازل أهل القتيل إنما يؤخذ بالتنازل لأنه من باب الحد لا من باب القصاص؟
(جواب)
نعم لأن الله نصّ عليه إلا إذا سلّم نفسه قبل أن يُقبض عليه يكون الحق حق الآدميين، حق الآدميين إذا عفَوا عنه سقط حقه.
(المتن)
فصل
ومن عرض له من يريد نفسه أو ماله أو حريمه أو حمل عليه سلاحاً أو دخل منزله بغير إذنه فله دفعه بأسهل ما يكون أنه يندفع به فإن لم يندفع إلا بقتله فله قتله ولا ضمان عليه.
(الشرح)
إذا عرض الإنسان من يريد عِرضه أو ماله أو أهله أو دخل منزله أو حمل عليه السلاح يدفع بالأسهل فالأصعب، فإن اندفع بالوعظ والتهديد وعظه وهدده وإن لم يندفع إلا بالضرب ضربه وإن لم يندفع إلا بالقتل قتله وإن بادر بالقتل وخاف نفسه فله قتله ولا ضمان عليه في هذه الحالة، لكن لا بد من إثبات البيّنة بعد ذلك فإن قُتل الدافع فهو شهيد وإن قُتل الصائل فقتله هدر ليس عليه ديّة لكن بشرط لا بد من البيّنة لأنه إن لم يكن هناك بيّنة لقتل ناس أناس وادّعوا أنه صال عليه وصار فوضى، كل من أراد قتل شخص قتله وقال أنه صال عليه ودخل عليه فلا بد من البينة.
(المتن)
(الشرح)
لأنه صائل فلا بد للإنسان أن يدافع عن نفسه لكن يدفع بالأسهل إذا اندفع بالكلام لا يضربه إذا اندفع بالضرب يضربه ولا يقتله وإن اندفع بقطع عضو من أعضائه يقطع عضو من أعضائه حتى يعيّبه ولا يقتله.
(المتن)
(الشرح)
لقول رسول الله ﷺ من قُتل دون ماله فهو شهيد وفي لفظ ومن قُتل دون أهله فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد.
(المتن)
(الشرح)
يعني الصائل عليه أن يضمن، الصائل إذا صال على إنسان وقتله فالمقتول شهيد والصائل عليه الضمان عليه الدّية أو القصاص.
(المتن)
(الشرح)
إذا صالت على الإنسان بهيمة يدفعها بالأسهل فالأصعب ولم يستطع دفعها إلا بالقتل قتلها، صال عليه جمل بعير أو بقرة أو ثور يدفعه بجسده وإن لم يندفع إلا بالقتل قتله ولا ضمان عليه لأنه يدافع عن نفسه.
(المتن)
(الشرح)
نعم فيها وجهان يقال الحذف ويقال الخذف.
هذه المسألة فيها أن من اطّلع على شخص من خصاص الباب يعني من شقوق الباب كان بالأول الأبواب لها شقوق الآن صارت حديد ما لها شقوق، إذا اطّلع شخص من خصاص الباب فيه شقوق أو من شبّاك أو من السطح فحذفه بحصاة ففقأ عينه أو كسر سنه فليس عليه شيء لأنه معتدٍ؛ لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح لو اطلّع عليك إنسان فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح وثبت أن النبي ﷺ لما رأى رجلاً يطّلع يختله وفي يده المِدرى قال لو علمت أنك مطّلع لطعنت بها في عينك فدل على أنه إذا أصاب عينه أو سنّه فهو هدر لأنه معتدٍ.
وذهب الإمام حنيفة إلى أن عليه ضمانه إذا حذفه وأصاب عينه فقال لأن الإنسان لو دخل عليه بيته وأصابه شيئاً فإنه لا يُقتل ولا تُحذف عينه وإنما يُعذّب فكذلك هنا، لكن المحمول عليه ما بلغه النص، النص صريح لو اطّلع عليك إنسان فحذفته ففقأت عينه ما كان عليك جناح الحديث صحيح رواه البخاري. وأبو حنيفة يرى أن عليه الضمان في هذا يقول حتى لو اطّلع إنسان وأصاب امرأة دون الفاحشة فإنه لا يُقتل ولا تُزال عينه لكن هذا مخالف للنص.
(المتن)
(الشرح)
إذا عضّ إنسان يد إنسان فانتزع يده من فمه فسقطت ثناياه يعني سقطت ثنايا العاض فإنه هدر ولا يطالب بالدّية لأنه معتدٍ، ثبت في هذا الحديث عن عمران بن حصين أنه عضّ رجل يد رجل فانتزع يده فسقطت ثناياه فذهب إلى النبي ﷺ يطالب بدية أسنانه فقال النبي ﷺ يعضّ أحدكم أخاه كما يعضّ الفحل؛ اذهب لا ديّة لك جعلها النبي ﷺ هدراً لأنه معتدٍ، فهو ليس مضطراً لأن ينزع يده يترك يده في فمه.
(المتن)
باب قتال أهل البغي
وهم الخارجون عن الإمام يريدون إزالته عن منصبه.
(الشرح)
هؤلاء يُقال لهم بغاة الذين يخرجون على الإمام يريدون إزالته عن منصبه من أجل أشياء ينقمونها عليه الذين يخرجون على الإمام بطوعهم منهم الخوارج يخرجون لأنهم مكفرون ولي الأمر يكفرونه بالمعاصي وهناك البغاة الذين ينقمون على الإمام أيضاً أشياء يفعلها، فهؤلاء يرسل لهم الإمام من يكشف لهم الشبهة التي لهم فإن فاؤوا وإلا قاتلهم ويجب على الناس بأن يقاتلوهم مع الإمام لأن هؤلاء يريدون أن يشقّوا عصا الطاعة ويفرّقوا المسلمين سواء كانوا خروجاً من الخوارج أو من البغاة يُقاتَلون، دفعاً لشرهم وإتماماً للأمن.
(المتن)
(الشرح)
ومن ذلك أن علياً لما بويع بالخلافة من أهل الحل والعقل وامتنع معاوية أوهل الشام قاتلهم واعتبرهم بغاة لأنه تمت له البيعة من قبل أكثر أهل الحل والعقل ومعاوية وأهل الشام يطالبون بدم عثمان وهم لا يعلمون أنهم بغاة ولهذا قال النبي ﷺ إن عماراً تقتله فئة الباغية، وكذلك لما خرجت عائشة وطلحة والزبير يطالبون بدم عثمان اجتهاداً منهم دفعهم علي اعتبرهم بغاة في هذه الحالة، وهم مجتهدون.
(المتن)
(الشرح)
وإن قُتل الدافع الذي يدافع البغاة كان شهيداً وكذلك الذي يقاتل الخوارج، قاتل علي الخوارج وقاتل البغاة، الخوارج يُكفِّرون يخرجون لأنهم يُكفِّرون المسلمين يعتقدون أنهم كفروا بالمعاصي إذا رأوا مسلمين أو رأوا ولي الأمر مثلاً يتعامل بالربا قالوا هذا كافر أو يأخذ رشوة قالوا هذا كافر، أما البغاة لا يُكفِّرون لكن ينقمون يقولون أزل المنكرات يخرجون يطالبون بإزالة منكرات مثلاً أو لهم شبه، هؤلاء يرسل لهم الإمام طائفة من أهل العلم يناظرونهم ينظرون ماذا يريدون فإن كان لهم شبهة كشف الشبهة إن كانوا يريدون إزالة منكر يزيل المنكرات فإن ناظرهم واستمروا على شبهتهم ولم يرجعوا قوتلوا.
(المتن)
(الشرح)
إذا سبب هذا في قتل هؤلاء أو تلف شيء من مالهم فهو هدر لأنهم معتدون وإن قُتل الدافع فهو شهيد الذي يدافع.
(المتن)
(الشرح)
لا يُتبع لهم مدبر يعني إذا فرَّ منهم أحد فلا يُتبع ولا يُجهز لهم على جريح يعني إذا إنسان سقط جريحاً لا يُقتل يُكمّل قتله لأنهم ليسو كفّاراً المراد دفع شرهم فإن دُفع شرهم وهربوا يُتركون لا يُلحقون لا يُتبع المدبر يعني من هرب لا يُتبع والذي سقط جريحاً لا يُقتل يكمّل قتله بل يُعالج يُداوى لأنهم ليسو كفّاراً، الكافر بالجهاد إذا هرب الكافر تلحقه حتى تقتله والجريح تكمّل عليه تقتله لكن هؤلاء ليسوا كفّاراً المراد دفع شرهم قالوا مثل الصائل من هرب يُترك والجريح ما يُقتل، المفروض دفع شرهم واندفع الشر بهروبهم وسقوط الجريح.
(المتن)
(الشرح)
كذلك لا يُغنم لهم لا مالٌ ولا تُسبى لهم ذرية لأنهم ليسوا كفّاراً فإذا هربوا وتركوا مالاً ما يؤخذ مالهم المال لهم كذلك ما تُسبى ذراريهم ونساؤهم لأنهم مسلمون لهم شبهة، بخلاف الكفّار تُسبى ذراريهم وتُغنم أموالهم.
(المتن)
(الشرح)
لأنه مسلم من قُتل من البغاة أو من الخوارج على ما ذهب إليه الجمهور ليسوا كفّاراً يُغسّلون ويُصلى عليهم ويدفنون مع المسلمين في مقابرهم.
والقول الثاني الذي ذكر عن الإمام أحمد أن الخوارج كفّار.
(المتن)
(الشرح)
فيما أُتلف يعني إذا حصل قتال بين المسلمين وبين البغاة وبينهم الخوارج ثم تلفت نفوس أو أموال وانتهت الحرب ما في ضمان، الأموال لا تُضمن كالأموال التي تلفت والنفوس التي قُتلت كذلك ليس فيها قصاص، إذا انفضّت الحرب انتهت الحرب صار قتلى من الفريقين وأموال ذهبت تكون هدراً ليس فيها قصاص وليس هناك ديّات وليس هناك أموال، كلٌّ تلحقه الخسارة فلا يُقال مثلاً بعد انتهاء الحرب أنه ادفعوا لنا ديّات لقتلى لهؤلاء ولا لهؤلاء ولا يدفعون الأموال، الأموال التي ضاعت هدراً والقتلى كانوا هدراً لا يضمن هؤلاء لهؤلاء شيئاً ولا هؤلاء لهؤلاء شيئاً.
(المتن)
(الشرح)
إذا أخذوا حال القتال زكاة أو خراج جزية لا يُرد عليهم ما أُخذ منهم لا يُرد عليهم.
(المتن)
(الشرح)
كذلك الذي دفع إليهم لا يُرد عليهم.
(المتن)
(الشرح)
إذا كان لهم حاكم حكم في مسألة فلا يُنقض إلا إذا خالف نصاً من كتاب أو سنة أو خالف جماعة المسلمين.
(سؤال)
تمثيل الشارح أن أصحاب الجمل بغاة هل هو صحيح؟
(الشرح)
أصحاب الجمل لأنهم مجتهدون خرجوا على الإمام وهو علي ، لماذا أتَوا؟ يريدون المطالبة بدم عثمان، نعم بغاة ومعاوية يطالب بدم عثمان كلهم بغاة لكن يعلم أنهم بغاة مجتهدون، النبي ﷺ قال عن عمار تقتله الفئة الباغية قتله جيش معاوية سماهم بغاة هم لا يعلمون أنهم بغاة مجتهدون لهم أجر، عائشة وطلحة والزبير كذلك جاؤوا يطالبون بدم عثمان مجتهدون لهم أجر الاجتهاد وفاتهم أجر الصواب، وعلي يعتبرهم بغاة لأنهم خرجوا عليه يعتبرهم بغاة وهم (22:45) الاجتهاد.
(سؤال)
هل قصدهم لما حضروا الخروج على علي؟
(الشرح)
القصد شيء والفعل شيء، القصد: قصدهم صحيح فيه اجتهاد، ولكن الاجتهاد باطل لأنه قد يصيب وقد يخطئ فمن أصاب منهم فله أجران، قتال الصحابة مع علي الذين قاتلوا مع علي لهم أجران أجر الاجتهاد وأجر الصواب، والذين قاتلوا مع معاوية فاتهم أجر الصواب وحصلوا على أجر الاجتهاد، من أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر.
(المتن)
باب حكم المرتد
ومن ارتدّ عن الإسلام من الرجال والنساء وجب قتله.
(الشرح)
حكم المرتد: المرتد هو الذي يكفر بعد إسلامه، وهذا الباب باب عظيم ينبغي العناية به كل مذهب من المذاهب الأربعة الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة يبوبون باب حكم المرتد وهو الذي يكفر بعد إسلامه.
أنواع الردّة كثيرة ينبغي لطالب العلم أن يكون على عناية بها ممن أكثر من ذلك الأحناف أكثروا من أنواع الردّة ذكروا ما يقارب أكثر من خمس مئة نوع من أنواع الردّة وشددوا في هذا قالوا (24:06) على وجه التحقيق كفر.
باب حكم المرتد يعني ما حكم المرتد؟ حكمه القتل لقول النبي ﷺ من بدّل دينه فاقتلوه قال عليه الصلاة والسلام لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه فرق بين التارك لدينه والمرتد، باب حكم المرتد وهو الذين يكفر بعد إسلامه هذا حكم المرتد، من ارتدّ عن دينه قُتل لكن يقتله الحاكم ليس الناس يقتلونه وإلا تكون المسألة فوضى، الذي يقتل هو ولي الأمر الحاكم يُرفع به إلى المحكمة الحاكم يأخذه إذا ثبت عليه أنه مرتد قُتل.
(المتن)
(الشرح)
لقول النبي ﷺ من بدّل دينه فاقتلوه حماية للدين، هذه إحدى الضروريات الخمس التي جاءت الشرائع كلها للمحافظة عليها وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ المال وحفظ العقل وحفظ العِرض، حفظ الدين جاءت النصوص بقتل المرتد وحفظ النفس قتل القاتل قصاصاً وحفظ المال جاءت الشريعة بقطع يد السارق وحفظ العقل جاءت الشريعة بجلد شارب الخمر وحفظ النسل رجم الزاني أو جلده حفظاً للنفس والعِرض، وأولها حفظ الدين ولهذا جاءت الشريعة بقتل المرتد حفظاً للدين.
(المتن)
(الشرح)
لا يُقتل حتى يُستتاب ثلاثاً ثلاث مرات أو ثلاثة أيام فإن تاب تُرك وإن أصر قُتل.
وهناك أنواع من الردّة لا يُستتاب فيها لغلظها مثل من سبّ الله أو سبّ الرسول ﷺ أو سبّ دين الإسلام أو جحد بالله أو بكتابه أو برسوله أو كذلك الساحر والزنديق ومن تكررت ردته قال العلماء هذا لا يُستتاب بل يُقتل بالحال ولو ادّعى التوبة زجراً لغيره حتى لا يتجرأ الناس على مثل هذا الكفر الغليظ، هؤلاء يُقتلون دون استتابة أما التوبة فيما بينه وبين الله هذا إن كان صادقاً فالله يقبل توبة الصادقين لكن في الدنيا لا بد من قتله.
والقول الثاني أنّه لا بد من استتابته المسألة فيها خلاف أيضاً لكن المعتمد أن الكفر الغليظ لا يُستتاب مثل من سبّ الله أو سبّ الرسول ﷺ أو جحد بالله أو بالرسل أو بالدين أو من تكررت ردته و الزنديق والساحر لا يُستتابون في أحكام الدنيا وقال آخرون من أهل العلم يُستتابون كغيرهم،ومشى المؤلف على أنه يُستتاب ثلاثاً فإن تاب تُرك وإلا قُتل.
(المتن)
(الشرح)
هذا هو الأصل بأن يُقتل بالسيف، لأن هذا ردّة ليس هذا من جنس القصاص، جنس القصاص الذي يُقتل بمثل ما قتل به هذا ردّة يُقتل بالسيف.
(المتن)
(الشرح)
كل هذه أنواع من الردّة يعني كل واحد من هذه يُقتل بها إذا جحد الله أو جحد ربوبية الله أو أسماءه أو صفاته أو جحد بنبوة النبي ﷺ أو قال إنه رسول للعرب خاصة أو قال أن بعده نبي أو جحد ملك من الملائكة أو أنكر البعث أو الجنة أو النار أو جحد وجوب الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج أو جحد تحريم الزنا أو الربا أو الخمر كل هذه أنواع من الردّة كل واحدة يُقتل فيها يُقتل بعد الاستتابة ثلاثاً.
(المتن)
(الشرح)
إذا كان من تخفى عليه الواجبات فيُعرّف ولا يُقتل حتى يُعرّف، مثال من نشأ في بلاد بعيدة أو في بادية بعيدة ولا يعلم الأحكام الشرعية ثم أنكر وجوب الصلاة يُعلّم أنها واجبة فإن أصر وإلا قُتل أو فعل الزنى وقال إنه لا يعلم أو تعامل بالربا وقال أنه لا يعلم أن الربا حرام يُعرّف إذا كان مثله يخفى عليه، أما إذا كان مثله لا يخفى فلا يُقبل قوله كان يعيش بين المسلمين وقال أنا أجهل لا يُقبل قوله لكن هذا أتى من بلاد بعيدة وكان مثله يخفى فهذا لا بد من تعريفه فإن عُرّف وأصر قُتل بعد ذلك.
(المتن)
وهذا صواب أن الصبي العاقل يصح إسلامه
(الشرح)
لأن النبي ﷺ قبل إسلام علي من الصبيان أول من أسلم من الصبيان الإمام علي بن أبي طالب فدل على صحة إسلام الصبي وإذا ارتد الصبي فإنه بعد بلوغه يُستتاب ثلاثاً فإن تاب وإلا قُتل إذا أصر على هذا حتى بلغ يُستتاب بعد البلوغ ثلاثاً.
(المتن)
(الشرح)
إذا ثبتت ردته ثم أعلن التوبة وأسلم قُبل منه.
(المتن)
(الشرح)
فلا بد من الإقرار به يعني يكفي في إسلامه أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا أن يكون كفره جحد الصلاة فيكون توبته أن يقر بوجوبها أو يكون كفره بتحليل الزنى من توبته أن يقر بتحريم الزنى أو إذا كانت توبته بأن جحد الجنة والنار أو جحد البعث لا بد من التوبة أن يؤمن بالبعث يعترف ويقر بالبعث، الشيء الذي جحده لا بد أن يقر به، فإن لم يجحد شيئاً أو كان كافراً يكفي في إسلامه أن يشهد لله تعالى بالوحدانية وللنبي ﷺ بالرسالة يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
(المتن)
(الشرح)
لا بد أن يقر بالشيء الذي جحده.
(المتن)
(الشرح)
إذا ارتدّ زوجان ولحقا بدار الكفر ثم قاتل المسلمون الكفّار وسبَوا هذين الزوجين فلا يُسترقّا لأن أصلهما أنهما كانا مسلمين ليسا كافرين أصليين ولا يسترقّ أولادهم السابقين قبل الردّة وإنما يسترقّ أولادهم بعد الردّة وأما هما فلا يسترقّان، ماذا قال الشارح؟
(الشارح)
وإن ارتدّ الزوجان وذلك لأن الرقّ لا يجري على مرتد بحال لقوله عليه الصلاة والسلام من بدّل دينه فاقتلوه ولأنه لا يجوز إقراره على كفره فلم يجز استرقاقه كالرجل فإنهم سلّموه ولم يثبت أن الذين سباهم أبو بكر كانوا أسلموا.
(الشرح)
يعني الذي يُسترقّ هو الكافر الأصلي أما المرتد فلا يُقر على كفره فلذلك لا يُسترقّ لأن الرقّ لا يجري على مرتد.
(الشارح)
ولا يثبت له حق الردّة فأما أولاد المرتدين فإن كانوا أُريدوا قبل الردّة فإنه محكوم بإسلامهم تبعاً لآبائهم ولا يتبعونهم في الردّة لأن الإسلام يعلو وقد تبعوهم فيه فلا يتبعونهم في الكفر، ولا يجوز استرقاقهم صغاراً لأنهم مسلمون ولا كباراً لأنهم إذا كبروا فرضَوا الإسلام فهم مسلمون وإن رضَوا الكفر فهم مرتدون حكمهم حكم آبائهم في الاستتابة وتحريم الاسترقاق، فأما من حدث من أولادهم بعد الردّة فهو محكوم بكفره لأنه وُلد بين أبوين كافرين ويجوز استرقاقهم في ظاهر كلام الخرقي ونص عليه أحمد لأنهم لم يثبت لهم حكم الإسلام فجاز استرقاقهم كولد الحربيين.
(الشرح)
يعني الفرق بينهم أنههم مرتدّون فلا يجري عليهم الاسترقاق وأما أولادهم فإنهم وُلدوا بين كافرين فصاروا كافرين أصليين ليسو مرتدين فيُسترق الأولاد هذا هو السبب يُسترقّ الأولاد ولا يُسترقّون لأنهم مرتدون والذي يُسترقّ الكافر الأصلي وأما أولادهم فإنهم وُلدوا فكانوا كفّاراً أصليين فيُسترقّون، أما الأولاد الذين قبل الردّة فيتركون.
(المتن)
(الشرح)
لا يجوز استرقاقهما لأن الاسترقاق لا يجري على المرتد وإنما يجري على الكافر الأصلي ولا يُسترق أولادهما قبل الردّة لأنهم أسلموا والإسلام يعلو، وإنما يُسترقّ أولادهم الذين وُلدوا بعد الردّة لأن الأولاد الذين وُلدوا بعد الردّة صاروا كفار أصليين.
(المتن)
(وفق الله الجميع)