شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 03

00:00
00:00
تحميل
23

 

قوله: ( المنصورة ): أي الـتي أعانها سبحانـه وأيدها وقواها على من خالفها وعاداها، وجعل العاقبة لها لتمسكها بما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

(الشـرح)       هذه الطائفة المنصورة التي قال فيها النبي: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق  منصورة)) وهم أهل السنة والجماعة، منصورة لأن الله نصرها وأيدها بالحجة والبرهان، وأظهرها على غيرها، وهم أهل السنة والجماعة المتمسكون بالسنة، ومن تبعهم على ذلك وهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان، نعم.

(المتــن) كما في الصحيح من حديث المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون )) وفي حديث جابر بن سمرة وجابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة )) رواه مسلم وغيره.

قال البخاري وغيره: هذه الطائفة هم أهل العلم. وقال أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم، وكذا قال يزيد بن هارون قال: قال القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث.

(الشـرح)       نعم وهذا عام، ولكن في مقدمتهم أهل العلم، وكل من تمسك بمذهب أهل السنة والجماعة فهو منهم، ولو لم يكن طالب علم، لكن العلماء في مقدمتهم، العلماء والأئمة في مقدمتهم، قد يكون من أهل السنة والجماعة وهو تاجر، أو مزارع، أو حداد، أو صناع، قد يكون بناء، وهو من أهل السنة والجماعة، لكن في مقدمتهم أهل العلم، وقول الأمام أحمد إن لم يكون هذه فلا أدري من هم، يعني: في مقدمتهم، وغيرهم تبع لهم، لأن غير العلماء تبع للعلماء، فالعلماء في المقدمة، ويتبعهم كل من كان على معتقدهم على معتقد أهل السنة والجماعة، من مزارع، وتاجر، وصانع، وحداد، ونجار، نعم.

(المتــن) ففيه أعظم بشارة  أن الحق لا يزول بالكلية.

(الشـرح)       نعم، وهذه لا شك أنها بشارة للمؤمنين، ((لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ منصورة لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ))، إشارة للمؤمنين بأن الحق لا يزول، والحق باقي، كما قال العلماء: هو الحق ممتحن ومنصور، فالمقصود أن أهل السنة والجماعة باقون، لكن يقلون في بعض الأوقات ويكثرون في بعضها، قد يكون متفرقين، قد يكوون في بلدان متعددة، نعم.

(المتــن) وفيه معجزة ظاهرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لم يزل ولله  الحمد هذا الوصف باقيا ولا يزال، وهذه سنة الله في خلقه أنه ينصر عباده المؤمنين، كما قال سبحانه: (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( قال الله عز وجل: من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب )) ولهذا أهلك الله قوم نوح، وعادا، وثمود، وأشباههم ممن كذب الرسل، وأنجى عباده المؤمنين.

(الشـرح)       وهذا وعيد شديد، من عاد لي وليا فقد أذنته بالحرب، وعيد لمن عاد أولياء الله، لأنه محارب لله، - نسأل الله السلامة - ومن حارب الله فهو هالك، نعم.

(المتــن) وهكذا نصر الله نبيه محمدا وأصحابه على من خالفه وناوأه وعاداه، فجعل كلمته العليا، ودينه الظاهر على سائر الأديان، وفتح الله عليه مكة واليمن، ودانت له جزيرة العرب بكمالها وأقام الله أصحابه وخلفاءه من بعده فبلغوا عنه دين الله، ودعوا إلى الله، وفتحوا البلاد والأقاليم حتى انتشرت الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها، ثم لا يزال هذا الدين قائما منصورا إلى قيام الساعة، كما قال الله سبحانه: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) أي: يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأجل.

(الشـرح)       والمراد بقيام الساعة يعني: ساعة المؤمنين، ساعة موتهم، حينما تجيئ الريح وتقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، وإلا فالساعة محمولة على الكفرة، ولهذا قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق منصورة حتى يأتيهم أمر الله)) المراد ساعةُ موتهم، بمجيء الريح التي تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، ثم بعد ذلك إذا خلا هذا العالم من التوحيد والإيمان قامت القيامة على الكفرة، القيامة لا تقوم إلا إذا خلا هذا العالم من التوحيد والإيمان، إذا خلا هذا العالم من التوحيد والإيمان قامت القيامة على الكفرة، كما في الحديث: لا تقوم (( لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض: الله الله)) نسأل الله السلامة وفي الحديث: ((إن من شرار الناس منم تُدركهم الساعةُ وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد)) لأن الذين تدركهم الساعة وهم أحياء هم الكفرة، أما المؤمنون تقبض أرواحهم قبل ذلك، نعم.

(المتــن) وعن أبي عتبة الخولاني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته )) رواه ابن ماجة.

(الشـرح)       هذا مثل معناه قول: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق منصورة حتى يأتيهم أمر الله)) يعني: إلى ساعة موتهم، لأنه لا يزال على الحق يغرزهم الله غرزا يستعملهم في طاعاته، هم أهل السنة الجماعة هم أهل الحق، نعم. يعني: لا يزال الحق باقي في هذه الأمة إلى قيام الساعة.

(المتــن) نقل نعيم بن طريف رحمه الله عن أحمد أنه قال: هم أصحاب الحديث، وفي السنن (( إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ))

(المتن)  وقال علي رضي الله عنهُ: لن تخلو الأرضُ من قائم لله بحجته.

الحمد لله، وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه. يعني: لا تزال طائفة قائمة على الحق وهي طائفةٌ منصورة إلى قيام الساعة، المراد: ساعة موتهم.

(المتن)  قولـُه: (إلى قيام السـاعة): أي ساعة موتهم: أي ساعة موتهم بمجيء الريح التي تقبضُ رُوح كل مؤمن وهي الساعةُ في حق المؤمنين وإلا فالساعةُ لا تقومُ إلا على شرار الخلق كما في صحيح مسلم: ((لا تقُومُ الساعةُ حتى لا يُقال في الأرض الله الله)) والمُرادُ بالريح ما روى الحاكمُ أن عبد الله بن عمرو قال: ((لا تقُومُ الساعةُ إلا على شرار الخلق، هُم شرُ أهل الجاهلية)) وقال عقبةُ لعبد الله: اعلم ما تقولُ.

اعلم يعني: تأكد مما تقول.

(المتن)  وقال عقبةُ لعبد الله: اعلم ما تقولُ. اعلم يعني: تأكد مما تقول، وأما أنا فسمعتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: ((لا تزالُ عصابة من أُمتي يُقاتلُون على أمر الله ظاهرين لا يضُرُهُم من خالفهُم حتى تأتيهُمُ الساعةُ وهُم على ذلك)).

يعني يقول تأكد مما تقول، أما أنا سمعت هذا اللفظ، وأما أنت فتأكد مما تقول، نعم.

(المتن)  قال عبدُ الله: ويبعثُ الله ريحاً ريحُها ريحُ المسك ومسُها مسُ الحرير فلا تتركُ أحداً في قلبه مثقالُ ذرة من إيمان إلا قبضتهُ ثم يبقى شرارُ الناس فعليهم تقومُ الساعةُ.

وقولُه: (أهلُ السـنـة): أي المُختصُون والمُتمسكون بها والمُعتنون بدراستها وفهمها، الُمحكمُون لها في القليل والكثير، والسنةُ لغةً: الطريقةُ، وشرعاً: هي أقوالُ النبي وأفعالهُ وتقريراتُه.

 

هذه السنة، أفعالهُ وأقوالهُ وتقريراتُه -عليه الصلاة والسلام-، تشمل الواجبات، تشمل المستحبات، أما السنة عند المتأخرين فالمراد بها ما يُقال الواجب، والواجب السُنة المستحب، أما عند المتحدثين تشمل أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم-من أفعاله وتقريراته، فمنها الواجب ومنها المستحب، فالواجب سُنة والمُستحب سُنة، نعم.

(المتن)  وسُموا أهل السنة لانتسابهم لسنته -صلى الله عليه وسلم- دون المقالات كلها والمذاهب، وقد سُئل بعضُهُم عن السنة فقال ما لا اسم له سوى السنة، يعني أن أهل السُنة ليس لهم اسم ينتسبون إليه سواها خلافاً لأهل البدع، فإنهم تارةً ينتسبون إلى المقالة كالقدرية والمُرجئة، وتارةً إلى القائل كالجهمية والنجارية.

 

القدرية نسبة للقدر، لأنهم ينفون القدر أو يغلون في القدر، والجهمية نسبة إلى جهم بن صفوان، والنجارية نسبة إلى ابن النجار.

 

(المتن)  وتارةً إلى الفعل كالروافض والخوارج.

 

لرفضهم الصحابة وتكفيرهم وتفسقيهم.

 

(المتن)  وأهلُ السنة بريئون من هذه النُسبِ كلها، وإنما نسبتُهُم إلى الحديث والسنة.

قوله: (والجماعة): لغةً: الفرقةُ من الناس، والمرادُ بهم هنا أصحابُ النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة، وقد تكاثرت الأدلةُ في الحث على لزوم الجماعة فروى الترمذيُ عن ابن عباس مرفوعاً: ((إن يد الله على الجماعة))، وعن أبي ذر مرفوعاً: ((عليكُم بالجماعة إن الله لم يجمع أُمتي إلا على هُدًى)) رواه أحمدُ. وعن أبي ذر مرفوعاً: ((من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)) رواه أحمدُ وأبو داود.

قال أبو محمد عبدُ الرحمن بنُ إسماعيل المعروفُ بأبي شامة في كتاب ((الباعثُ على إنكار البدع والحوادث)) حيث جاء الأمرُ بلزوم الجماعة، فإن المراد بها لزومُ الحق، وإن كان المُتمسكُ به قليلاً والمُخالفُ له كثيراً؛ لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعةُ الأولى من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم.

 

يعني العبرة بمن لزم الحق، فمن لزمه ولو كان واحداً فهم الجماعة، ولهذا سمى الله إبراهيم أُمه، قال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120]، قال العلماء: حتى لا يستوحش من على الحق إذا كان وحده، سماه الله أُمة وهو وحده على الحق، فمن كان على الحق فهو الجماعة ولو كان واحداً، ومن كان على الباطل فقد خالف الجماعة ولو كانوا أكثرية، نعم.

(المتن)  وقال ميمُونُ بنُ مهران: قال ابنُ مسعود رضي الله عنهُ: الجماعةُ ما وافق الحق وإن كنت وحدك. وقال نعيمُ بنُ حماد: إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعةُ قبل أن تفسد وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعةُ حينئذ، ذكره البيهقيُ وغيرُهُ.

قال ابنُ القيم في كتابه ((أعلامُ المُوقعين)): واعلم أن الإجماع والحُجة والسواد الأعظم هو العالمُ صاحبُ الحق وإن كان وحده.

 

نعم. وإن كان وحده كما كان إبراهيم عليه السلام علي الحق وحده، نعم.

 

(المتن)  وان خالفه اهل الارض وقد ش(..) الناس كلهم زمن الامام احمد بن حنبل الا نفرا يسيرا فكانوا هم الجماعة  وكان الفقهاءُ والمفتونُ والخليفةُ وأتباعهُ هم الشاذين، وكان الإمامُ أحمدُ وحده هو الجماعة، ولما لم يتحمل هذا عقولُ الناس قالوا للخليفة: يا أمير المؤمنين تكونُ أنت وقُضاتُك ووُلاتُك والفقهاءُ والمفتون كلُهم على الباطل، وأحمدُ وحده على الحق، فلم يتسع علمُه لذلك، فأخذهُ بالسياط والعُقوبة بعد الحبس الطويل، فلا إله إلا الله ما أشبه الليلة بالبارحة، وهي السبيلُ المُهيعُ لأهل السُنة والجماعة حتى يلقوا ربهُم.

مثل قوله: فريقُ يُعيدُ نفسه، يعني: إن غُربة الدين عادة فصار أهل الحق هم الأقلون، وأهل الباطل هم الأكثرون، نعم.

(المتن)  مضى عليها سلفُهم وينتظرُها خلفُهُم {من المُؤمنين رجال صدقُوا ما عاهدُوا الله عليه فمنهُم من قضى نحبهُ ومنهُم من ينتظرُ وما بدلُوا تبديلًا} [الأحزاب: 23]، ولا حول ولا قوة إلا بالله. انتهى بتصرُف.

س: كلام من هذا

ج: بن القيم

(المتن)  ذكر المصنفُ -رحمه الله- أن الاعتقاد النافع المنجي من الشرور الذي هو سببُ العزة والنصر والتأييد والرفعة والشرف هو الاعتقادُ المأخوذُ من الكتاب والسنة، وهو الذي عليه الصحابةُ وتابعوهم بإحسان، وأصلُه الذي يُبنى عليه هو هذه الأصولُ الستةُ.

 نحتاج نقرأ المتن.

(المتن)  اما بعد: قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- تعالى: أما بعد فهذا اعتقادُ الفرقة الناجية المنصُورة إلى قيام الساعة اهل السنه الجماعة هُو الإيمان بالله, وملائكته وكُتُبه, ورُسُله, والبعث بعد الموت, وبالقدر خيره وشره . 

 

بسم الله الرحمن الرحيم  والصلاة والسلام على محمد وعلى آل أله أجمعين، أما بعد.

 بين المؤلف -رحمه الله- اعتقاد أهل السُنة والجماعة، وهي الفرقة الناجية المنصورة، وقال: أما بعد. فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة السُنة والجماعة، بيَّن الاعتقاد، قال: وهي: الإيمان بالله، هُو الإيمان بالله, وملائكته وكُتُبه, ورُسُله, والبعث بعد الموت, والايمان بالقدر خيره وشره ، هذه هي أصول الإيمان الستة، وهي التي تنبني  عليها الأعمال. وقوله: (والبعث بعد الموت)، هذا جاء فيه بعض الأحاديث (والبعث بعد الموت)، في حديث جبريل واليوم الأخر، الإيمان بالله وملائكته وكُتُبه ورُسُله واليوم الأخر، والقدر خيره وشره، ثم لما سأل جبريل نبيه -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكُتُبه ورسله واليوم الأخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، وفي حديث آخر: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، والبعث بعد الموت يشمل ما بعده من الأمور الأخرة، هذه أصول الإيمان، وأركان الإيمان الستة، الإيمان التصديق الجازم، هذه الأمور الستة، تُصدق بالله، تُؤمن بالله ربً، وخالقاً وملكاً، ومعبوداً بالحق، وأن الله تعالى هو مُستحق للعبادة، وأنه لا أحد مستحق للعبادة احد غيره، وأن الله هو الخالق وغيره المخلوق، وانه الرب وغيره المربوب، وأنه المدبر وغيره المُدبر، وأنه المالك وغيره المملوك، وأنهُ معبود بالحق وغيره معبود بالباطل، هذا هو الإيمان بالله الإيمان بأفعاله سبحانه من الخلق و ال(...) والإماتة والإحياء ، والإيمان بأسمائه وصفاته والإيمان بألوهيته واستحقاقه للعبادة، وكذلك الأصل الثاني الإيمان بالملائكة، وأنهم من عالم الغيب، وأنهم أشخاص وذوات محسوسة، تصعد وتنزل وتذهب وتُرى وتجيء وتُخاطب الرسول، ليسوا أشكال، كما يقول أعداءُ الله من الفلاسفة ، يقول: أنها أشكال نورانية، أو أشباح، أو أمور معنوية، كل هذا من أقوال الكفرة أعداء الله من الفلاسفة وغيرهم، بل الملائكة أشخاص وذوات محسوسة، تنزل وتصعد وتنزل وتجيء وتُرى وتُخاطب الرسول لهم وظائف ولهم أعمال، وكل حركة في السماوات والأرض فهي نفسها على الملائكة بأذن الله الكوني والقدري، وكذلك الإيمان بالكتب المُنزلة وأن الله أنزل كُتباً على أنبيائه ورسله، كُلها حقٌ وهُدى ونور، لهداية الناس وإخراجهم من الظُلمات إلى النور، وأعظمُها الكُتب الأربعة، التوراة والإنجيل والزابور والقرآن، وأعظمُها القرآن وهو أخرها وهو خاتمها وهو الحاكم عليها وهو المُهيمن عليها، والله تعالى قال: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ}[البقرة: 213] المراد الجنس، يعني: جنسك، الكتاب يعني: الكُتب كلها، الكتاب جنس، وأنزل معهُ الكتاب بالحق. ويجب الإيمان بالكتب المنزلة إجمالاً وتفصيلاً، إجمالاً فيما لم يُذكر، وتفصيلاً فيما ذُكر.

 ثم الأصل الرابع الإيمان بالرسل، والإيمان بهم إجمالاً وتفصيلاً، أن الله تعالى أرسل رُسلاً إلى خلقه لهدايتهم وتبشيرهم وإدلالهم، ونؤمن بمن سمى الله بهم في كتابه ومن لم يُسمى نؤمن به إجمالاً، كما قال تعالى: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164].

والأصل الخامس الإيمان باليوم الأخر: كما ذكر الإيمان بالبعث بعد الموت، تشمل اليوم الأخر ويوم القيامة، وسُمي أخر لأنه قابل اليوم الأول، اليوم الأول وهو الدنيا، يومان الأخر الذي قبل.. إذا لم يكن قبله، إذا لم يكن إلا يومان الأول يُقال لهُ قبل والثاني الأخر، أما إذا كان فيه أياماً متعددة فيُقال الثاني، الثاني والثالث والرابع، وليس هُناك إلا يومان، الدُنيا يوم هي اليوم الأول، والأخر هي اليوم الأخر، واليوم الأخر يبدأ من نفخ إسرافيل في السور بأمر الله، نفخ في السور صُعق الناس ومات، ثم يمكثون أربعين، ثم يأمر الله بالنفخ في السور فتعود الأرواح إلى أجسادهم، بعد أن تنبت أجساد الناس. ويتبع هذا الإيمان بأمور البرزخ، وسؤال منكر ونكير، عذاب القبر ونعيمه، وما يتبع ذلك من أمور البرزخ، ثم البعث بعد الموت، ثم القيام بين يدي الله الحساب، الجزاء، الشفاعة، تطاير الصحف، والميزان، والحوض، ثم الصراط الذي يُنصب على متن جهنم، ثم الجنة ثم النار، هذا هو الإيمان باليوم الأخر.

 ثم الأصل السادس الإيمان بالقدر خيره وشره، الإيمان بعلم الله الشامل لما كان ولما يكون ولما لم يكن لو كان سوف يكون.

ثم الإيمان بالكتاب، وأن الله تعالى كتب كُل شيء في اللوح المحفوظ. ثم الإيمان بالإرادة الشاملة لكل موجود، وأن كل موجود في هذا، قد أراد الله وجوده، لم يكن في ملك الله ما لا يُريد، ثم الخلق، وأن الله خلق كُل شيء في هذا الوجود الله خالق كل شيء. هذه الأصول الستة لابد من الإيمان بها، وهي أصل الدين، وأساس الملة، ثم بعد ذلك تتحقق الإيمان بهذه الأصول بالعمل، بالأعمال بالنطق بالشهادتين، والصلاة والزكاة والصوم والحج، وما يتبع ذلك من الأوامر، وكف النفس عن المحرمات، وفق الله الجميع، نعم.

 

(المتن)  قال الشارح رحمه الله تعالي: ذكر المصنفُ -رحمه الله- أن الاعتقاد النافع المنجي من الشرور الذي هو سببُ العزة والنصر والتأييد والرفعة والشرف هو الاعتقادُ المأخوذُ من الكتاب والسنة، وهو الذي عليه الصحابةُ وتابعوهم بإحسان.

 

 هذا قول ماذا...؟، أقرأ المتن.

(المتن)  أما بعدُ: فهذا اعتقادُ الفرقة الناجية المنصُورة إلى قيام الساعة أهل السُنة والجماعة.

ذكر المصنفُ -رحمه الله- أن الاعتقاد النافع المنجي من الشرور الذي هو سببُ العزة والنصر والتأييد والرفعة والشرف هو الاعتقادُ المأخوذُ من الكتاب والسنة، وهو الذي عليه الصحابةُ وتابعوهم بإحسان، وأصلُه الذي يُبنى عليه هو هذه الأصولُ.

لو كملت القراءة في المتن، وهي: الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والقدر خيره وشره، هذا هو الاعتقاد النافع، وهذا أصل الدين وأساس الملة، لا يصح الإسلام ولا عمل إلا أن يُبنى على هذا الاعتقاد، وهو أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت واليوم الأخر والقدر خيره وشره، هذا أصل الدين وأساس الملة، تصديقٌ بالباطن ثم عمل، لابد من هذه الأمرين، اعتقادٌ بالباطن ثُم عملٌ في الظاهر، نعم.

 

(المتن)  وأصلُه الذي يُبنى عليه هو هذه الأصولُ الستةُ المذكورةُ في حديث جبريل، في هذه الرسالة من أولها إلى آخرها، تفصيل لهذه الأصول الستة المذكورة في هذا الحديث.

نعم وهي الإيمان بالله الأولى، والإيمان بالملائكة الثاني، الإيمان بالكتب الثالث، والإيمان بالرسل الرابع، والإيمان باليوم الأخر الخامس، والإيمان بالقدر، هذه أصول الإيمان، وأركان الإيمان، نعم. هذه الأصول الأمور الباطلة، قم تتبعُها الأعمال الظاهرة، من النطق بالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وبقية شرائع الاسلام، نعم.

(المتن)  المذكورة في هذا حديث جبريل في هذه الرسالة، من أولها إلى أخرها، تفصيلٌ لهذه الأصول الستة المذكورة في هذا الحديث وغيره من الآيات، قال تعالى: {آمن الرسُولُ بما أُنزل إليه من ربه}[البقرة: 285] الآية، وقال: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}[البقرة: 177]

الآية، وهذه الأصولُ الستةُ اتفقت عليها الأنبياءُ والمرسلون عليهمُ الصلاةُ والسلامُ، ولم يؤمن بها حقيقة الإيمان إلا أتباعُ الرسل، وأما أعداؤهم ومن سلك سبيلهُم من الفلاسفة وأهل البدع فهم مُتفاوتُون في جحدها وإنكارها.

قولُه: (الإيمان بالله): الإيمان معناه لغةً: التصديقُ، قال الله سبحانه وتعالى: {وما أنت بمُؤمن لنا}[يوسف: 17] أي مصدق.

 

هذا أصل الإيمان معناه: التصديق في القلب، ثم تنبعث الجوارح على العمل، الإيمان في اللغة التصديق، وشرعاً: تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، هذا هو الإيمان الشرعي، نعم.

وكذلك إذا قرن العملُ فمعناه التصديقُ، قال الله: {إلا الذين آمنُوا وعملُوا الصالحات}[الشعراء: 227].

 

وإذا أُطلق أحدهما، أُطلق الإيمان وحده دخل فيه العمل، وإذا قُرن بينهما صار عطفٌ عليه من باب الإيضاح، نعم.

 

وكذلك إذا قرن بالعمل فمعناه التصديقُ، قال الله: {إلا الذين آمنُوا وعملُوا الصالحات}[الشعراء: 227].

وكذلك إذا قرن بالعمل بالهمزة يكن أفضل، العمل بالعمل قرن به قرن الشيء بالشيء، نعم.

أُقرن أو قُرن، لكن أُقرن لا بأس. تكون الباء تكون لابد منها، قُرن بالعمل، نعم.

إذا قُرن مثل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[البقرة: 277]، اقترن الإيمان والعمل، وإذا أقترن الإيمان بالعمل صار الإيمان بالتصديق، والعمل عمل الجوارح، وإذا أُطلق الإيمان وحده دخل فيه أعمال الجوارح، نعم.

 

وأما الإيمان في الشرع: فهو قول وعمل واعتقاد، وذكر بعضُهم إجماع السلف على ذلك، ومعنى الإيمان بالله: إثباتُ وجوده سبحانه وأنه مُتصف بصفات الجلال والعظمة والكمال، مُنزه عن كل عيب ونقص، وأنه مستحق للعبادة لا إله غيرُه ولا رب سواه.

( 11) قولُه: (وملائكتِهِ): أي التـصديقُ بوُجُودهم وأنـهم كما وصفهم الله سبحانه وتعالى: { عباد مُكرمُون (26) لا يسبقُونهُ بالقول وهُم بأمره يعملُون(27)} [الأنبياء]

 

نعم، الإيمان بالله والإيمان بوجوده، وأنهُ سبحانه وتعالى مستحق بالعبادة، وانه موصوف بالصفات، ومُسمى بالأسماء الحُسنى، الذي سما بها نفسه سماه به رسوله -عليه الصلاة والسلام-، والإيمان بأنه الرب وأنهُ الخالق وأنهُ المدبر، والإيمان بالملائكة والإيمان بوجودهم، وأنهم أشخاص وذوات محسوسة، خلاف لأعداء الله من الفلاسفة الذين يقولون: أنهم أشكال وأشباح نورانية، أو أمور معنوية عقلية، فهم ذوات محسوسة، تنزل وتصعد وتذهب وتُرى، وتجيء وتُخاطب الرسول ولهم وظائف وأعمال، كل حركة في السماوات والأرض فإنها تشمل على الملائكة، بإذن الله الكوني، نعم.

 

فيجبُ الإيمان بهم إجمالاً فيما لم نعلمهُ تفصيلاً، أما من علمنا عينُه كجبريل وميكائيل وإسرافيل ونحوهم فيجبُ الإيمان بأعيانهم.

 

نعم يعني: الإيمان بهم أجملاً وتفصيلاً، إجمالاً: نؤمن بالملائكة على العموم، وأن الملائكة كثيرون لا يعلم أسمائها إلا الله، وتفصيلاً: من سُمي منهم، جبريل سُمي، وميكائيل سُمي، وإسرافيل سُمي، خازن النار نؤمن، وكذلك ملك الموت، نؤمن بان هناك ملك للموت، رضوان خازن الجنة... وهكذا. من سُمي ومن لم يُسمى نؤمن به أجمالاً، نعم.

س: أحسن الله إليكم هل ثبت تسمية ملك الموت بعزرائيل؟

ج: ما أعلم له أنهُ سُمي، نعم. إنما سُمي ملك الموت، {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ}[السجدة: 11]، نعم.

 

أما عددُهم فلا يعلمُه إلا الله، وقد دل الكتابُ والسُنةُ على أصناف الملائكة، وأنها مُوكلة بأصناف المخلوقات: منهم مُوكلون بالسحاب والمطر، ومنهم موكلون بالأرحام، ومنهم موكلون بحفظ بني آدم، ومنهم موكلون بحفظ ما يعملُهُ وإحصائه وكتابته، ومنهم الموكلون بالموت والسؤال في القبر، إلى غير ذلك من أصناف الملائكة

 ومنهم الموكلون بالنار والعذاب بأهلها، ومنهم موكلون بالجنة وأكرماً لأهلها، ومنهم ملائكة موكلون بالشمس، وملائكة موكلون بالقمر، وملائكة موكلون بالنجوم، ومنهم ملائكة يعمرون السماوات في العبادة، ومنهم القريبون ومنهم حملة العرش، الملائكة كثيرون لا يعلمه أسمائهم وعددهم إلا هو سبحانه وتعالى، وظائفهم متعددة، نعم.

 

إلى غير ذلك من أصناف الملائكة مما لا يعلمهُ إلا الله {وما يعلمُ جُنُود ربك إلا هُو}[المدثر: 31].

ومما تقدم يُعلمُ بطلانُ قول من قال: إن الملائكة لا عقول لهم، فقد تقدم أن منهم السُفراء بين الله ورسله، والمُوكلين بأصناف المخلوقات، إلى غير ذلك مما تواترت به الأدلةُ من صفاتهم وما كلفهُم الله به.

نعم، وجبريل هو ملك الوحي، وهو أفضل الملائكة، وإسرافيل، وميكائيل، وهؤلاء هم مقدم الملائكة، ولهذا توسل النبي -صلى الله عليه وسلم-بربوبية الله بهذه الملائكة الثلاثة في حديث الاستفتاح: ((اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض)) ، نعم.

 

ومما تقدم يُعلمُ بطلانُ قول من قال: إن الملائكة لا عقول لهم.

 

وهؤلاء هم الفلاسفة وغيرهم، نعم.

 

 فقد تقدم أن منهم السُفراء بين الله ورسله، والمُوكلين بأصناف المخلوقات، إلى غير ذلك مما تواترت به الأدلةُ من صفاتهم وما كلفهُم الله به، وما جاءت به الأدلةُ من عبادتهم العظيمة، وخوفهم من الله سبحانه وتعالى، فهل يُصدقُ عاقل أو من شم رائحة الإيمان بما زعمهُ هذا السفيهُ، لا شك أن هذا قول باطل مُصادم لأدلة الكتاب والسنة.

يعني: من يقول لا عقول لهم، نعم.

وقولُهُ: (وَكُتُبِهِ): أي التصديقُ بأنها كلامُ الله، وأنها حق ونور وهدًى فيجبُ الإيمان بما سمى الله منها من التوراة والإنجيل والزبور.

 

نعم نؤمن بها إجمالاً وتفصيلاً كالملائكة، تفصيلاً فيما سُمي من الكتب كالتوراة والانجيل والزابور والقرآن وصحف إبرايهم وصحف موسى، وإجمالاً فيما لم يُذكر، هناك كُتب كثيرة أنزلها على أنبيائه ورسله لا يعلم أسمائها إلا هو سبحانه وتعالى، نعم.

 

ونؤمنُ بأن لله سوى ذلك كتباً أنزلها على أنبيائه لا يعرفُ أسماءها وعددها إلا الله سبحانه، قال تعالى: {آمن الرسُولُ بما أُنزل إليه من ربه}[البقرة: 285].

الآية. وغيرها من الآيات الدالة على أن الله تكلم بها حقاً، وأنها أُنزلت من عنده، وفي ذلك إثباتُ صفة الكلام والعُلُو.

صفة الكلام لأنه تكلم، هذه الكتب تكلم بها اما القرآن أو التوراة والإنجيل والعلو.

 

صفة الكلام لأنه تتكلم، بهذه الكتب تكلم بها، تكلم بالقرآن والتوراة والإنجيل، والعلو أنهُ تكلم من فوق، وسمعهُ جبريل، ونزل به إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، نعم.

هذا الإيمان بالقرآن إيمان خاص، زيادة عليه من الكتب، فالربوبية هي التعبد بتلاوته، والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابه، وتصديق أخباره، وتنفيذ أحكامه، نعم.

 

أما الإيمان بالقرآن فالإقرارُ به، واتباعُ ما فيه وذلك أمر زائد على الإيمان بغيره من الكتب.

قولُه: (وَرُسُلِهِ): أي التصديقُ بأنهم صادقون فيما أخبروا به وأنهم بلغُوا الرسالة وأدوُا الأمانة وأنهم بينوا ما لا يسعُ أحداً ممن أُرسلُوا إليهم جهلُه ولا يحلُ خلافُه وأنه يجبُ احترامُهم وألا يفرق بينهم، فيجبُ الإيمان بمن سمى الله في كتابه من رسله وأن لله رسُلاً غيرهم وأنبياءً لا يعلمُ عددهم إلا الله، فعلينا الإيمان بهم جُملةً لأنه لم يأت نص صحيح في عددهم.

وقد قال تعالى: {ورُسُلًا قد قصصناهُم عليك من قبلُ ورُسُلًا لم نقصُصهُم عليك }[النساء: 164] الآية، وقد سبق الكلامُ في هذا الموضوع.

فيجبُ الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين، وتصديقُهم بكل ما أخبرُوا به من الغيب، وطاعتُهم في كل ما أمرُوا به ونهُوا عنه، قال تعالى: {قُولُوا آمنا بالله وما أُنزل إلينا وما أُنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقُوب والأسباط وما أُوتي مُوسى وعيسى وما أُوتي النبيُون من ربهم لا نُفرقُ بين أحد منهُم ونحنُ لهُ مُسلمُون}[البقرة: 136].

قال ابنُ رجب -رحمه الله- تعالى: والإيمان بالرُسُل يلزمُ منه الإيمان بجميع ما أخبرُوا به من الملائكة والأنبياء والكتب والبعث والقدر وغير ذلك من صفات الله وصفات اليوم الآخر؛ كالصراط والميزان والجنة والنار ونحو ذلك.

وأفضلُ الخلق على الإطلاق نبيُنا -صلى الله عليه وسلم- والأفضلُ بعده أُولوا العزم من الرسل ثم بقيةُ الرسل ثم الأنبياءُ، ولا يبلُغُ الوليُ مهما بلغ من الجد والاجتهاد في طاعة الله درجة الأنبياء عليهم السلامُ.

 

خلافاً للصوفية الذين يقولون: أن الولي أفضل من النبي، كأبن عرب وأشباه في الوجود، يقولون: الولي أفضل، ثم يليه النبي، ثم يليه الرسول، جعل الرسول أخر درجة، هكذا يرى الفلاسفة، وفوقه الرسول ودونه الولي، هكذا يجعل الولي، يقول الولي أعلى شيء، ثم يليه النبي، ثم يليه الرسول، هكذا عكسوا القضية، أما الصواب أن أعلى الخلق، الله أعلى الخلق، ثم الملائكة، ثم الأنبياء، ورسول العزم الخمسة، وأفضل الرسل نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ثم يليه جده إبراهيم، ثم موسى الكليم، ثم بقية أولوا العزم، ثم بقية الرسل، ثم بقية الأنبياء، ثم بعد ذلك الصديقون، ثم الصالحون. فالولي مهما بلغ لا يصل إلى درجة الأنبياء، مع أن أفضل الأولياء هم الرسل، لكن الولي الذي ليس نبياً لا يصل إلى درجة النبي، ولذلك قال بن العربي: مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول، ودون الولي، هكذا الصوفية عكسوا، ثم قال: مقام النبوة في برزخ، خاص يعني، وفوقه الرسول ودونه الولي، إذاً النبي جعلوه فوق الرسول، ولكنه دون الولي، فجعلوا الولي أعلى شيء ثم النبي ثم الرسول، فعكس الصوفية. وبن العربي يدعي أن النبوة خُتمت بمحمد ولكن الولاية لم تُختم، وأدعى أنهُ خاتم الأولياء، وقال بن العربي يصف أنه خاتم الأولياء ومحمد خاتم الأنبياء، ويقول: أن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء، لأن خاتم الاولياء ما يحتاج إلى واسطة، خاتم الانبياء يأخذ بواسطة إبراهيم، أما خاتم الاولياء يأخذ من المرجع الذي يأخذ منه جبريل، يأخذ عن الله مباشرة أو عن اللوح المحفوظ، لا يحتاج إلى واسطة، فجعل نفسه أفضل، -نسأل الله السلامة والعافية-.

وقال: أن خاتم الأولياء تابع لخاتم الأنبياء في الظاهر، وخاتم الأنبياء تابع لخاتم الاولياء في الباطن، هذا طريق الصوفية في الباطن والظاهر، -نسأل الله والعافية-، وهم كفار ملاحدة، نعم.

 

وقد شنع الشيخُ تقيُ الدين -رحمه الله- على من يزعُمُ ذلك ورد عليه أسوأ رد، وقال: إن ذلك مُخالف لدين الإسلام واليهود والنصارى.

 

نعم لا شك خاص بدين اليهود والنصارى، لأنهُ فضل الاولياء على الأنبياء وهو من أكثر الناس، نعم.

 

وأمـا الكلامُ على قولـه: (والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر) فسيأتي إن شاء الله.

قولُه: (ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسهُ)

نعم.. اقرأ المتن.

ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسهُ ، وبما وصفهُ به رسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل؛ بل يُؤمنُون بأن الله {ليس كمثله شيء وهُو السميعُ البصيرُ}[الشورى: 11]

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد.

قال -رحمه الله- تعالى: ومن الإيمان بالغيب الإيمان بما وصفف به نفسه سبحانه، فيما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكليف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء، هذا هو الأيمان بالله، يدخل في الأيمان بالله الأيمان بما وصف الله تعالى به نفسه، في كتابه من الصفات الذاتية والصفات الفعلية، يؤمن بالعلم، والقدرة والسمع، والبصر، والنزول، والاستواء، والغضب والرضا... إلى غير ذلك. وكذلك ما وصفه به نبيه -صلى الله عليه وسلم- في السنة المطهرة، فما وصفه الله لنفسه أو وصفه به رسوله نؤمن به، من الأسماء والصفات، لأن الأسماء والصفات توقيفية، من غير تحريف، لا يُحرف النص ولا يُحرف المعنى، ولا يُقال المعنى الاستواء: الاستيلاء، ولا يُقال معنى الغضب: الانتقام، ولا يُقال معنى الرضا: المثوبة، كل هذا من التحريف.

ولا تعطيل: تعطيل الصفة بأن يُقال الصفة لا تعلم معناها أو تُنفى فيُقال أنهُ لم يتصف بهذه الصفة أو يُقال بأنها مجاز، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف، فيُقال صفة الله على كيفية كذا، أو أنها تشبه كذا، لا تُكيف، ما يعلم الكيفية ولا الصفة إلا هو سبحانه وتعالى.

ولا تمثيل: لا تُمثل بصفة المخلوقين، ولا يُقال استواء الله كاستواء المخلوقين، وعلمه كعلمه، كما يقول المشبه، بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء، لا يُماثل المخلوقين، وهو سبحانه وتعالى لا يماثل المخلوقين لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله.

وهو السميع البصير: هو السميع متصف بالسمع، ومتصف بالبصر ومتصف بجميع الصفات على ما يليق بجلاله وعظمته.

وفق الله الجميع، ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح. نسأل الله القبول.

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد