شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 04

00:00
00:00
تحميل
19

 

قولُه: (ومن الإيمان بالله الإيمانُ بما وصف به نفسهُ).

هذا قول شيخ الإسلام بن تيمية، الأيمان بالله الأيمان بما وصف به نفسه ووصف به رسوله -صلى الله عليه وسلم-. أقرأ المتن قبل ذلك.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالي : ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسهُ و وصفهُ به رسُولُهُ محمد  من غير تحريف ولا تعطيل، و لا تكييف ولا تمثيل.

 بل يُؤمنُون بأن الله {ليس كمثله شيء وهُو السميعُ البصيرُ}[الشورى: 11]

نعم كما سبق هذا في الشرح، أن هذا معتقد أهل السنة والجماع، أنهم مؤمنون بما وصف الله به نفسه، وبما وصف  به رسوله من الأسماء والصفات، لأن الأسماء والصفات توقيفية، لا يخترع الناس لله أسماً ولا صفة من عند أنفسهم، فهي توقيفية، ما جاء في الكتاب والسنة من الأسماء والصفات يثبت لله، وما لم يرد وما أبتدع الناس تُنفى عن الله، وما لم يرد لا نفي ولا أثبات تتوقف فيه، ثم إذا أُثبت الأسماء والصفات لا تحرف، لا تحرف لفظها، ولا تحرف معناها، ولا كيفية  ، ولا يُقال: صفة الله على كيفية كذا، وتُشبه كذا، أو على كيفيةِ خاصة، كل هذا منفي. ولا تُعطل الصفة، بل تُثبت الصفة، لا يُعطل الله بالصفة يُثبت المعنى، المعنى مثبت لكن الكيفية لا يعلمها إلا الله، كما قال الأمام مالك: (الاستواء معلوم والكيف مجهول. والايمانُ به واجب والسؤال عنهُ بدعة). هذا معتقد أهل السُنة والجماعة، نعم.

 

قولُه: (ومن الإيمان بالله الإيمانُ بما وصف به نفسهُ): فمن جحد صفات الله سبحانه وتعالى فليس بمؤمن، قال تعالى: { وهُم يكفُرُون بالرحمن}[الرعد: 30]. الآية، وكذلك من عطلها أو شبهها بصفات خلقه.

 

نعم، من جحدها كفر، من جحد صفاً وصف الله به نفسه، أو أسماً سمى الله به نفسه كفر، قوله تعال: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}[الرعد: 30]، لكن من تأول، تأول الاستواء بالاستيلاء فهذا قد ينتح عنه كفره الشبهة التي حصلت له، لكن من جحد أسم من أسماء الله والصفات كفر، نعم.

قال نعيمُ بنُ حماد: من شبه الله بخلقه كفر، ومن نفى ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسولُه تشبيهاً وقال ابنُ القيم -رحمه الله- في (( النُونية )):

من شبه الله العظيم بخلقه
 

 

فهُو النسيبُ لمُشرك نصراني
 

أو عطل الرحمن من أوصافه
 

 

فهُو الكفُورُ وليس ذا إيمان
 

 

 

نعم من عطل الله فهو كافر، ومن شبه الله بخلقه فهو مشابه للنصارى، النصارى قالوا: إن عيسى ابن الله، وشبهوه بالله -عياذً بالله-، فكذلك المشبه من قال: لله يد كيدي، أو سمع كسمعي، أو بصر كبصري، فقد شابه النصارى، قد كفر المشبه كافر، والمعطل كذلك كافر، نعم.

ج: لا ما في حاجة ولكن من باب تحقيق الصفة مثل ما جاء في الحديث النبي: (( إن الله كان سميعاً بصيراً، وأشار إلى عينه وأذنه)) تحقيق الصفة، ليس المراد التشبيه، المراد تحقيق الصفة، نعم.

لا شك أن هذا أصل، الأمان بما وصف الله به نفسه ووصف به رسوله هو +، يجب على كل مسلم الإيمان بالله، ثم التفصيل بعد ذلك، جاء مثلاً: أثبت لنفسه الرحمن تُثبت الرحمن، أثبت لنفسه العلم تُثبت العلم، وهكذا، بناءً على هذه القاعدة، القاعدة تقول المسلم عنده إيمان وتصديق عام بجميع الأسماء والصفات التي وردت في الكتاب والسنة، نعم.

 

وفي قوله: (بما وصف به نفسهُ ووصفهُ به رسولُه): إثباتُ أن صفاته سبحانه وتعالى إنما تُتلقى من السمع لا بآراء الخلق.

 

السمع يعني: الأدلة السمعية وهي الكتاب والسنة، فهذه الأدلة السمعية تقإبلها الأدلة العقلية، النصوص أدلة سمعية، نعم. يعني: مسموعة من الكتاب والسنة، نعم.

 

فصفاتُه سبحانه مبنية على التوقيف فلا يُوصفُ إلا بما وصف به نفسه أو وصفهُ به رسولُه -صلى الله عليه وسلم-.

قال أحمدُ -رحمه الله-: لا يُوصفُ الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفهُ به رسولُه -صلى الله عليه وسلم-، لا يتجاوزُ القرآن والحديثُ.

قال ابنُ القيم -رحمه الله- في البدائع: ما يُطلقُ عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يُطلقُ عليه في باب الأخبار لا يجبُ أن يكون توقيفياً كالشيء والموجود والقديم ونحو ذلك.

نعم الذي يُطلق على الله من باب الأسماء والصفات توقيفي، فما يُسمى الله به نفسه ويطلقه على نفسه العليم السميع  البصير هذا توقيفي، وما يُطلق على الله من باب الخبر لا من باب الاسم فهذا أمره واسع، كأن يطلق على الله أنهُ شيء أنه ذات أنهُ موجود، هذا من باب الخبر ليس من باب الاسم، لا يُقال من أسماء الله أنهُ موجود أو شيء أو ذات، قال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ }[الأنعام: 19]، الله أُخبر عنه بأنهُ شيء، بأنه ذات وذات علية فوق العرش، بأنه موجود، هذا من باب الخبر، باب الخبر أوسع من باب التسمية، التسمية لا يُسمى الله إلا بما سمى به نفسه، توقيفي، أما الخبر فهو باب أوسع، نعم.

يخبر عنهُ بأنهُ الصانع كما رد شيخ الإسلام -رحمه الله- على أهل البدع الصانع، أخبر عنه بأنه واجد الوجود، واجد الوجود لذاته، والواجد والممكن، مقإبلة لأهل البدع، فوجود الله واجب، ووجود المخلوق ممكن، يجوز عليه العدم والفناء، هذا من باب الخبر، نعم.

 

قال ابنُ القيم -رحمه الله- في البدائع: ما يُطلقُ عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يُطلقُ عليه في باب الأخبار لا يجبُ أن يكون توقيفياً كالشيء والموجود والقديم ونحو ذلك.

ذكر المصنفُ -رحمه الله- تعالى هذا الأصل العظيم في باب الأسماء والصفات، فيُناسبُ أن نضُم إليه عدة أصول مجموعة من كتب المحققين لتكون كالمقدمة.

أولا: إن أسماء الله وصفاته غيرُ محصورة بعدد معروف

نعم هذا الأصل الأول: وجوب الأيمان بما وصف الله به نفسه أو وصف به رسوله، أو سمى به نفسه أو سمى به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تكييف هذا أصل،

ثم ضم إليه الشارح هذه الأصول أن أسماء الله  غير محصورة بعدد، ليس لها عدد، وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- ((إن لله تسعة وتسعين أسم من أحصاها دخل الجنة))، فليس المراد حصرها بالتسعة والتسعين، وإنما المراد بالتسعة والتسعين موصوفة بأن من أحصاها، موصوفة بهذا الوصف، بأن من أحصاها دخل الجنة، هذه التسعة والتسعين أسماً أُبهمت ليتعرف العباد، يتطلب هذه الأسماء والصفات ويحفظوها ويتأملوا معانيها، وله أسماء أخرى غير موصوفة بهذا الوصف، والدليل على هذا ما جاء في الحديث الآخر وهو: ((نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك))، إذاً الأسماء كثيرة من هذا ما أستأثر الله به في علمه، ليست محصورة بعدد، وهذا الحديث لا يُفيد الحصر، إن لله تسعة وتسعين أسماً، لكن يُفيد بأن لله تسعة وتسعين اسم موصوفة بأن من أحصاها دخل الجنة، وأُخفيت كما أُخفيت ليلة القدر، وكما أُخفيت ساعة الجمعة، يتعرفها العباد ويتغلبوها من النصوص، نعم. ويحفظوها.

س(...)

ج: لا هذه محامد، الاسماء والصفات أو المحامد. لكن هذا الحديث الذي ذكرناه واضح، نعم
 

وأما حديثُ ((إن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)) فليس فيه حصر لها، وإنما غايةُ ما فيه: أن هذه الأسماء موصُوفة بأن من أحصاها دخل الجنة، كما تقولُ عندي مائةُ عبد عددتُهُم للجهاد في سبيل الله

كذلك بأن تقول: عندي مائة عبد أو مائة جمل، أعددتهم للجهاد في سبيل الله، هل يلزم أن ليس عندك إلا هذه المائة؟ لا، بل أنك تقول: عندي مائة عبد ومائة جمل أعتدتهم بالجهاد في سبيل الله، وعندي أعبُد أخرى وإبل ما أعدتهم بالجهاد في سبيل الله، أعدتهم لشيءٍ آخر للتجارة، قد يكون عندك مئات أُخرى أعدتهم لشيء آخر، نعم.

س: أحسن الله إليك. مكتوب (عددتـُهُم)

ج: عددتهم المتكلم، عددتهم أنا -يعني-.

 س: من دون أنا

ج: (عددتـُهُم) تكون الضمير للمتكلم

 

كما تقولُ عندي مائةُ عبد عددتُهُم للجهاد في سبيل الله، فلا يُنافي أن لديك عبيداً غيرهم أعددتهُم لغير ذلك.

 

الأحسن أعددتهم كما في العبارة هذه، أعد يُعدُ، يعني: هيئ هذ الشيء، أعدتهم من باب العدد، أحسن الاولى تكون مثل الثانية أعددتهم، لأن عددتهم معنها العد، يُعدهم+، وليس المراد هذا، المراد أعدتهم، نعم.

 

ثانياً: إن الصفات تنقسمُ إلى قسمين:

الأول: صفات ذاتية، وهي التي لا تنفكُ عنه بحال، كالغنى، والقدرة، والعُلو، والرحمة، ونحو ذلك من الصفات التي هي من لوازم ذاته.

القسم الثاني: صفات فعلية، وهي كلُ صفة تعلقت بمشيئته وإرادته، ويُعبرُ عنها بالأفعال الاختيارية، كالاستواء والمجيء والنزول ونحو ذلك.

 

هذا التقسيم معروف الصفات الذاتية: التي لا تنفك عن ذلك(...)، كالوجه، واليد، والعلم، والقدرة، والسمع والبصر، والغنى، العلو، هذه الصفات الذاتية. أما القسم الثاني من الصفات: أخيارية، يفعلها بمشيئته وأرادته، كالاستواء، لأن الاستواء من الصفة الاختيارية، وكان بعد خلق السماوات والأرض، والنزول والخلق والرزق والأحياء والإماته، كل هذه الصفاةُ فعلية تتعلق بالمشيئة والكلام، نعم.

س: أحسن الله إليكم، شيخ من قال إن هُناك صفات فعلية وذاتية تتعلق الكلام.

ج: الكلام صفةُ ذاتية، وفعلية، صفة ذاتية لأنه قديم النوع وفعلية لأنه حادث الأحاد. نعم صفة فعلية وذاتية، لكن صفة فعلية لأنها تتعلق بالمشيئة والاختيار وإن كان نوعها قديم كما قال العلماء: قديم النوع حديث الأحاد كالكلام.

س: المثال دائماً يُضرب بالكلام بأنه فعلي.

ج: نعم، لأن الصفة قديمة النوع، لم يزل يتكلم بأشياء، وهو يتكلم بمشيئته واختياره.

س: وكذلك الغضب والرضا؟

ج: نعم. كل الصفات قديمة النوع، نوعُها قديم.

س: يعني: يا شيخ م تكون ذاتي إنما تكون فعلية؟

ج: لا تُسمى فعلية، وهي ذاتية لأنها قائمةٌ بذات الرب، وهي تتعلق بمشيئته واختياره، ونوعها قديم، واما أفرادُها فهي حادثة يتعلق بالاشياء يتكلم بالاشياء (...)، تتعلق بالمشيئة إفرادُها، والنوع قديم، ليس كما يقول أهل البدع، يقولون: أن الكلام كان ممتنع على الله، كان مستحيل على الله ثم صار ممكن، هذا من أبطل الباطل، الرب لم يزل متكلماً بما شاء وكيف شاء ومتى شاء، نعم.

 

ثالثاً: أركانُ الإيمان بالأسماء والصفات، الإيمانُ بالصفة وما دلت عليه من المعنى وبما تعلق بها من الآثار،فتؤمن بأنه عليم، لانه عليم وذو علم عظيم، وأنه لا تخفى عليه خافية.

 

هذه الصفات أن تؤمن بالصفة بأنهُ عليم، ومعناه وما دلت عليه من المعنى، أنهُ ذوعُلم عليم: أي ذو علم، وآثر هذه الصفة أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية، وهذا كما ذكره بن القيم ليس عمل كالصفات، بعض الصفات ما يكون لها عمل، كصفة الاستواء، فهو سبحانه وتعالى يثبت له الصفة وهو مستوى حقيقة، الصفات أن تؤمن بالصفة، تؤمن بأنهُ ذو علم، وتؤمن بأثر هذه الصفة ومن آثارها بأن الله لا تخفى عليه خافية، ويعلم كل شيء من مخلوقاته، نعم. وكذلك الخلق، أثرُهُ المخلوقات، المخلوقات آثر من صفة الخلق، نعم. الصفة والمعنى أنه مستوي على العرش استواء حقيقي، ما آثر الصفة على المخلوق، هذا معناه، نعم.

 

رابعاً: ليس في أسماء الله وصفاته نفي محض، بل كلُ نفي وُجد في أسماء الله وصفاته فهو لإثبات كمال ضده، إذ النفيُ المحضُ عدم، والعدمُ ليس بشيء.

نعم وهذا معروف النفي الوارد في باب الأسماء والصفات ليس نفياً محضاً لكن يتضمن إثبات ضده من الكمال، فنفي (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) هذا نفي، نفي الثناء والنوم، لكن يُقابل إثبات كمال ضده، (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) لكمال حياته وقيوميته، (لا يُعجزه شيء) نفي لكمال قدرته، (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ) لكمال علمه، (وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا) لكمال قوته واقتداره، ما هناك نفي يُسمى محض، كل نفي إنما هو يُثبت ضده من الكمال، هذا في باب الأسماء والصفات، بخلاف البشر قد يوصف بصفة لا تضمن كمالاً، قول الشاعر:

قُبيّلة لا يغدرون بذمّة
 

 

ولا يظلمون الناس حبّة خردل
 

 

 

فهم لا يقدرون لعجزهم وضعفهم لا لكماله، فالأنسان متى يوصف بأنهُ لا يقدر ولا يظلم؟ إذا كان قادر، أما إذا عاجز عن الظلم ما يصف بالكمال، الله تعالى يقول: (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) لكمال عدله، نفي الظلم لكمال عدله، لكن المخلوق قد لا يظلم لعجزه، فيكون هذا نفي الصفة، ولهذا ذم الشاعر هذا وقال:

قُبيّلة لا يغدرون بذمّة
 

 

ولا يظلمون الناس حبّة خردل
 

 

ما يظلم ما يخون، ولكن لا يظلمون لماذا؟ لعجزهم ولو قدروا لظلموا لكن ما يستطيعون، ولهذا حقرهم بقوله: قُبيّله، لا يقدرون لضعفهم وعجزهم، ولا يظلمون لعجزهم عن الظلم، ولا يكون هذا كمال، وإنما يكون الكمال الذي يظلم وهو قارد، قادر ولا يظلم هذا الكمال، أما إذا كان عاجز هذا ما هو كمال لأنه لو قادر لظلم، نعم.

رابعاً: ليس في أسماء الله وصفاته نفي محض، بل كلُ نفي وُجد في أسماء الله وصفاته فهو لإثبات كمال ضده، إذ النفيُ المحضُ عدم، والعدمُ ليس بشيء، فضلاً عن أن يُمدح به، كما قال تعالى: {ولا يظلمُ ربُك أحدًا}[الكهف: 49]. أي لكمال عدله، {ولا يئُودُهُ حفظُهُما}[البقرة: 255]، أي لكمال قوته واقتداره.

خامساً: طريقةُ أهل السنة والجماعة، هو الإجمالُ في النفي والتفصيلُ في الإثبات كما دل على ذلك الكتابُ والسنةُ، قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهُو السميعُ البصيرُ}[الشورى: 11].

نعم فالأجمال يكون في النفي، النقائص والعيوب تُنفى عن الله إجمالاً، بقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص: 4]، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى: 11]، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم: 65]، {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ}[النحل: 74] .

 هذا نفى النقائص مجمل، أما الصفة تُثب تفصيلاً، مثل رواه لنفسه العلم، لهُ القدرة والسمع والبصر، وأهل البدع عكسوا القضية، أهل البدع صاروا ينفون النقائص عن الله إجمالاً، والصفات يثبتونها إجمالاً، والنقائص ينفونها تفصيلاً. فيقولون: أن الله ليس بكذا.. وليس بكذا.. وليس لهُ طول ولا عرض ولا عمق وليس بجسم ولا بكذا..، هذا باطل، هذا فيه تنقص، حتى البشر، ولهذا لو جاء إنسان يمدح ملك من الملوك وصار ينفي النقائص، ويقف أمام الملك وأمام الرئيس وأنكر وقال ليس بكذا وليس بكذا، ليس بزبال ولا حجام ولا كساح وليس بكناس تكنس الشوارع ولا كذا.. هذا مدح ولا ذم؟، فقد يُعاقبه الملك، وإنما يكون المدح بأن يُقال: لست مثل أحد من رعيتك فأنت أعلى منهم وأجل هذا المدح، المدح إنما يكون في الأجمال بنفي النقائص، ما يُفصل، وأهل البدع عكسوا صاروا يُفصلون ليس بكذا وليس بكذا، وليس بكذا.. نعم.

 

فأجمل في النفي وفصل في الإثبات، وهذا عكسُ ما عليه أهلُ البدع من الجهمية والمُعتزلة وأشباههم فإنهم يُجملون في الإثبات ويُفصلون في النفي.

نعم لأنهم مولعون بمخالفة الكتاب والسنة، أهل البدع مولعون بمخالفة الكتاب والسنة، -نعوذ بالله، نسأل الله السلامة والعافية-، نعم.

 

سادساً: أسماءُ الله سبحانه وتعالى وصفاتُه هي بالنظر إلى الذات من قبيل المترادف، وبالنظر إلى الصفات من قبيل المُتباين.

 

نعم أسماء الله وصفاته هي بالنظر إلى ذات الله مترادفة، كُلها تدل على ذات واحدة، العليم والقدير السميع كلها تدل على ذات الله عز وجل، من جهة المعنى متباينة، صفة العلم غير صفة الرحمة غير صفة القدرة غير صفة البصر ، كل صفة لها معنى، فهي بالنسبة للدلالة على ذات الرب مترادفة، وبالنسبة لمعانيها مختلفة متباينة، نعم.

 

سادساً: أسماءُ الله سبحانه وتعالى وصفاتُه هي بالنظر إلى الذات من قبيل المترادف، وبالنظر إلى الصفات من قبيل المُتباين.

سابعاً: أسماءُ الله سبحانه وصفاتُه حقيقة، وليست من قبيل المجاز، خلافاً للمبتدعة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم.

 

نعم أسماء الله تعالى في الحقيقة، الله تعالى متصف بالعلو والسمع والبصر، حقيقة ليست مجاز، أهل البدع قالوا مجاز حتى ينفوا الصفة أصل من هذا، وهذا من أبطل الباطل، ولهذا أنكر شيخ الإسلام بن القيم أن يكون المجاز في كلام الله، يُسمى الطاغوت، وكسر الطاغوت، يقول: من أنكر القول في القرآن والسنة في مجال هذا من الطواغيت، الطواغيت التي تنبغي كسرها، كسر هذا الطاغوت الذي تعلق به أهل البدع ما في مجاز، القرآن والسنة ما بها مجاز، بل اللغة العربية كلها ما بها مجاز. سيأتينا في الأصول في درس الخميس إن شاء الله كما قلنا إن الكلام في أصول الفقه ينقسم إلى حقيقة ومجاز، على طريقة المتأخرين، فالمتأخرون يقولون إن الكلام في حقه مجاز، وهذا ما هو معروف في لغة العرب، ولا معروف عند الأئمة الأربعة كلهم، إنما أحدثه المتأخرون، وتعلق به أهل البدع وقالوا: اقرآن اللغة فيها مجاز، والقرآن فيه مجاز، وقالوا: أن الأسد إذا أُطلق على الرجل الشجاع هذا مجاز، وإذا أُطلق على الحيوان صار حقيقة، وهذا ما عليه دليل، نعم.

 

سابعاً: أسماءُ الله سبحانه وصفاتُه حقيقة، وليست من قبيل المجاز، خلافاً للمبتدعة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم، فعلى كلام هؤلاء لا يكونُ سبحانه حيـاً حقيقةً، ولا مريداً حقيقةً، ولا قادراً، تعالى الله عن قولهم.

 

بل هذا كله تكون مجاز -على كلامهم-، نعم.

 

وهذا لازم لكل من ادعى المجاز في أسماء الرب وصفاته وأفعاله لزوماً لا محيد عنه، وكفى أصحابُ هذه المقالة كفراً.

 

ثامناً: أسماؤُه سبحانه وتعالى تنقسمُ إلى قسمين: أعلام، وأوصاف، والوصفيةُ فيها لا تُنافي العلمية، بخلاف أوصاف العباد.

يعني: أن أسماء الله مشتملة على المعاني الصفات، مشتقة ليست جامدة فالرحمان أسم من أسماء الله مشتمل على الرحمة، الله أعرف المعاني مشتمل على الألوهية في إثبات صفة الألوهية، الرحمن مشتق من صفة الرحمة، العليم صفة العلم، القدير صفة القدرة، فأسمائه سبحانه وتعالى مشتملة على المعاني ليست جامدة، بخلاف أسماء المخلوق، فأسماء المخلوق قد تكون جامدة، مثل شخص يُسمى صالح وهو فاسد ما هو صالح، ما يشتمل على الصلاح بعض الناس يُسمى صالح وهو فاسد منحرف يكون علم مجرد علم، مجرد علم عليه، لكن ما يشتمل على الصلاح، اما أسماء الله فهي مشتملة على المعاني، نعم.

 

 

تاسعا: للاسم من أسمائه ثلاثُ دلالات: دلالة على الذات والاسم. بالمُطابقة، وعلى أحدهما بالتضمُن، وعلى الصفة الأخرى بالالتزام، مثالُه اسمُ السميع، يدلُ على ذات الرب وسمعه بالمطابقة، وعلى الذات وحدها والسمع وحده بالتضمُن، ويدلُ على الحي وصفة الحياة بالالتزام، وكذلك سائرُ أسمائه وصفاته.

 

يعني: هذه الدلالات عند العلماء ثلاثة، دلالة التضمن، ودلالة المطابقة، ودلالة الالتزام، عند الاصوليين والمناطقة، هذه تسمى الدلالات، دلالة اللفظ، المطابقة، والتضمن، والالتزام، فالمطابقة: دلالة الشيء على جميع معناه، والتضمن: دلالة الشيء على بعض معناه وجزء معناه، والالتزام: دلالة الشيء على خارج معناه، مثلاً: الله: يدُل على الالوهية والربوبية في المطابقة، وعلى أحدهم على الالوهية أو الربوبية بالتضمن، الولد: يدُل على الوالد، الوالد يدل على الولد، والولد خارج دائرة الالتزام.

 فمثلاً: السميع: يدل على ذات الرب وصفة السمع في المطابقة، هذا اللفظ (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، السميع فيه إثبات ذات الرب وذات السمع، فإذا استدللت به على الذات وعلى السمع يكون دلالات مطابقة، وإذا استدللت به على الذات وعلى السمع هذه دلالة التضمن، تسمع له، وإذا استدللت به على شيء خارج على الحياة هذه دلالة التزام، شيء خارج. فكل اسم من أسماء الله يدل على صفة الذات ويدل على نفس الصفة بالمطابقة، وعلى أحدهم بالتضمن، وعلى الصفات الأخرى بالالتزام، نعم.

 

تاسعا: للاسم من أسمائه ثلاثُ دلالات: دلالة على الذات والاسم. بالمُطابقة، وعلى أحدهما بالتضمُن، وعلى الصفة الأخرى بالالتزام، مثالُه اسمُ السميع، يدلُ على ذات الرب وسمعه بالمطابقة، وعلى الذات وحدها والسمع وحده بالتضمُن، ويدلُ على الحي وصفة الحياة بالالتزام، وكذلك سائرُ أسمائه وصفاته.

عاشراً: إذا كانت الصفةُ منقسمةً إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه سبحانه، بل يُطلقُ عليه منها كمالُها كالمريد والصانع، فإن هذه الألفاظ لا تدخلُ في أسمائه، فإن الصنع والإرادة مُنقسمة إلى محمود ومذموم.

 لأن المريد والصانع يشمل، قد يريد خيراً وقد يريد شراً، والصانع قد يصنع خيراً ويصنع شراً، فلا يقال إنها من صفات الله، فلا تُطلق على الله، بل لابد من القيد، نعم. أعد

عاشراً: إذا كانت الصفةُ منقسمةً إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه سبحانه، بل يُطلقُ عليه منها كمالُها كالمريد والصانع، فإن هذه الألفاظ لا تدخلُ في أسمائه، فإن الصنع والإرادة مُنقسمة إلى محمود ومذموم.

س: (...)

إلا من باب الخبر، من باب الصفة، باب الخبر قاعدة أوسع من باب الصفة، فيُطلق على الله بأنه مريد، بأنهُ متكلم، ولا يُقال: أن من صفات الله المُريد، والصانع.. كما ناقش شيخ الإسلام أهل البدع وأطلقوا على الله الصانع من باب الخبر، فباب الخبر يخبر على الله بأنهُ ذات وأنه شيء وأنهُ موجود، ولو قال: أن هذا من صفاته الذات والشيء والموجود، باب الخبر أوسع من باب الصفات، نعم.

س: (....)

ج: لا لا، لا يُعبّد إلا الاسم، تعبيد الاسم، نعم.

س: (...)

ج: نعم دلالة الشيء على خارج معناه.

 

الحادي عشر: لا يلزمُ من الإخبار عنه بالفعل مُقيداً أن يُشتق له منه اسم مُطلق.

 

نعم، يعني: الصفة إذا جاءت على لفظ الفعل تبقى على أصل الفعل، وإذا جاءت مضافة تبقى مضافة، ولا يُشتق منها، مثل: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) هذه جاءت الصفة على لفظ الفعل وعلى الإضافة، فيُقال: إن الله يخدع من خدعه، ويقال: إن الله خادع من خدعه، ولا يُشتق لله الاسم، ولا يُقال أن من أسماء الله الخادع، لا، وكذلك قال: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ) يُقال: إن الله يمكر بالمجرمين، يمكر بالماكرين، ولا يُشتق لله أسم، ولا يُقال: إن من أسماء الله الماكر، (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا) أن الله يكيد من كاده، قال: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ)، ولا يُشتق لله أسم ولا يُقال أن من أسماء الله الكائد، هذه قاعدة إذا جاءت الصفة على لفظ الفعل تبقى على لفظ الفعل، وإذا جاءت على أصل الإضافة والفعل تبقى على لفظ الإضافة والفعل، ولا يشتق له منها أسم، نعم.

 

الحادي عشر: لا يلزمُ من الإخبار عنه بالفعل مُقيداً أن يُشتق له منه اسم مُطلق، وقد غلط من جعل من أسمائه الماكر والفاتن والُمُضل، تعالى الله عن قولهم.

نعم. الماكر والفاتن والمُضل والكائد، كل هذه غلط، (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ) أشتق بعضهم قال: من سماء الله الفاتن، هذا غلط. (يَمْكُرُونَ) أشتق وقال من أسماء الله الماكر، (يَكِيدُونَ) قال: من أسماء الله الكائد، (يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ) أشتق قال: من أسماء الله المُضل، هذا غلط، نعم.

نعم. الكمال أن تبقى على لفظها، على لفظ الفعل، هذا هو الكمال، (يمكر الله بالماكرين)، هذا الكمال، الكمال يمكر بالماكر، لكن المكر بكل أحد هذا ليس كمالاً، فالكمال إنما هو بمقابلة الماكر، إذا مكر يمكر به مقابل مكره، أما أن يُمكر بغير الماكر فلا، هذا ليس هو كمال، نعم.

 

ثم إنه على فهم هذا الغالط أن يجعل من أسمائه الجائي والغضبان ونحو ذلك من الأسماء التي أُطلقت عليه أفعالُها.

نعم، الجائي: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}[الفجر: 22]، على هذا يُشتق من أسماء الله الجائي، يشتق له الآتي من أسماء الله، من أسماء الله الغاضب، هذا غلط، هذه صفات جاءت على أصل الفعل تبقى على أصل الفعل، نعم.

وهذا لا يقولُه مسلم ولا عاقل، انتهى من كلام ابن القيم ملخصاً.

 

الثاني عشر: الأسماءُ والصفاتُ التي تستعملُ في حق الخالق والمخلوق، كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، ونحو ذلك، هي حقيقة في الخالق والمخلوق، خلافاً للجهمية.

قال ابنُ القيم: وهذا قولُ عامة العقلاء وهو الصوابُ.

 

نعم. هذه حقيقة الخالق والمخلوق، لكن لكل منها ما يخصه، العلم والقدرة والسمع والبصر هذه صفة في الخالق والمخلوق، الخالق يتصف بالعلم، والمخلوق يتصف بالعلم، لكن صفات الخالق تليق به وصفة المخلوق تليقُ به، علم الخالق كامل وشامل محيط بما كان في الماضي، وبما يكون في المستقبل، وبما لم يكن لو كان كيف يكون، أما علم المخلوق ضعيف ناقص، مسبوقٌ بالجهل، ويزول هذا العلم، السمع الخالق سميع والمخلوق سميع، لكن سمع الله له الكمال، وسمع المخلوق ناقص يليقُ به، وهكذا..، وإن كان صفة الخالق حقيقة وصفة المخلوق حقيقة، لكن المخلوق له صفة تليقُ به والخالق لهُ صفة تليقُ به، الخالق صفته كامله كما أن ذاته كاملة، والمخلوق له صفة ناقصة كما أن ذاته ناقصة، نعم.

 

الثالث عشر: أسماءُ الله وصفاتُه من قبيل المُحكم وليست من المتشابه.

الثاني عشر: الأسماءُ والصفاتُ التي تستعملُ في حق الخالق والمخلوق، كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، ونحو ذلك، هي حقيقة في الخالق والمخلوق، خلافاً للجهمية.

قال ابنُ القيم: وهذا قولُ عامة العقلاء وهو الصوابُ.

 

يعني: الجهمية ينفون، يقولون: ما يتصف بها الخالق، لأنه لا يُشابه المخلوق، ينفون العلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة، حتى لا يُشابه المخلوق بزعمهم، نعم. فعطلوا دلالاتها، فعطلوا، نعم.

 

الثالث عشر: أسماءُ الله وصفاتُه من قبيل المُحكم وليست من المتشابه، فإن معناها واضح معروف في لغة العرب، وأما الكُنهُ والكيفيةُ فهو مما استأثر الله بعلمه.

 

نعم أسماء الله وصفاته محكمة، خلافاً لأهل البدع أهل التعطيل، يقولون: متشابهة، ليست متشابهة، معناها واضحة، نعرف أن السمع ضده الصمم، والبصر ضده العمى، والعلم ضد الجهل، كما قال الأمام الاستواء معلوم، الاستواء الاستقرار والعلو والصعود والارتفاع، مع أن الصفات واضحة، لكن الكيفية هذه لا يعلمها إلا الله، الكُنه والكيفية، كيفية استواء الرب، كيفية علمه، كيفية سمعه، كيفية بصره، لا يعلمها إلا الله ليس كمثله شيء وهو السميعُ البصير، ولكن معانيها واضحة معلومة، كما قال الأمام: الاستواء معلوم والكيف مجهول، الاستواء بمعنى الصفة، والكيف كيفية الصفة مجهول، والأيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، نعم.

 

الرابع عشر: لا يلزمُ من اتحاد الاسمين تماثلُ مُسماهُما، فإن الله سمى نفسهُ بأسماء تسمى بها بعضُ خلقه، وكذلك وصف نفسه بصفات وُصف بها بعضُ خلقه، فلا يلزمُ من ذلك التشبيهُ، فقد وصف نفسهُ بالسمع، والبصر، والعلم، والقدرة، ووُصف بذلك بعضُ خلقه، فليس السميعُ كالسميع، ولا البصيرُ كالبصير، فصفاتُ كل موصوف تُناسبُ ذاته وتليقُ به، ولا مُناسبة بين الخالق والمخلوق.

 

نعم وهذا حق، سميعٌ وسميع، الخالق سميعٌ والمخلوق سميع، لا يلزم تماثُل المسمى لأن الصفة تليق بالموصوف، الصفة إذا وصف بها الخالق تليق به، وإذا وصف بها الموصوف تليقُ به، نعم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد