(المتــن) وإنّما تُعلمُ الذّاتُ والصّفاتُ من حيث الجُملةُ، فلا سبيل إلى العلم بالكُنه والكيفيّة، فإذا كان في المخلوقات ما لا يُعلمُ كُنهُهُ فكيف بالباري سبحانه.
(الشـرح) فهذه الروح التي بين يدي جنب الأنسان موجودة ولا يعلم الأنسان كيفيتها، لا يعلم كيفية الروح، أختلف الناس في كيفية الروح، ذكر بن القيم -رحمه الله- في كتابه ((الروح)) أقوال متعددة، ما هي الروح؟ بعضهم يقول هي الدم، وبعضهم يقول هي الحرارة، إلى كذا..، وجعلوها شيء من الصفات، اختلفوا فيها أقوال طويلاً، واختاروا أنها جسم لطيف نوراني يسري في البدن سريان النار في الفحم، والماء في الغُصن، ولكن لا يعلم كيفيتها إلا هو، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: 85]، فإذا كان في المخلوقات شيء لا تُعلم حقيقته فكيف يتطلع الأنسان إلى معرفة كُنه الباري -سبحانه- وكيفيته، نعم.
(المتــن) فهذه الجنّةُ، ورد عن ابن عبّاس: ليس في الدُّنيا ممّا في الجنّة إلا الأسماءُ.
(الشـرح) كذلك الجنة، كيفية حقائق، الحقائق لا تكون إلا يوم القيامة لا يعلمها إلا الله، نعم.
(المتــن) وهذه الرُّوحُ نجزمُ بوجودها وأنّها تعرُجُ إلى السّماء وأنّها تُسلُّ منه وقت النّزع، وقد أمسكت النّصوصُ عن بيان كيفيّتها، فإذا كان ذلك في المخلوق فكيف بالخالق سبحانه وتعالى؟
وفيها أعظمُ دلالةٍ على كثرة صفات كماله ونُعُوت جلاله، وأنّها لكثرتها وعظمتها لم يكن له فيها مثل.. وإلا فلو أُريد نفيُ الصّفات لكان العدمُ المحضُ أولى بهذا المدح.
نعم، العدم المحض يوصف بين(...) الاسم له صفات، والعدم ما يُمدح، يوصف الجدار، الجدار موجود لكن العدم، الشيء ما وجد يوصف، بأنه ليس فيه كذا ولا كذا لا يوصف بطول ولا بقصر ولا بكرم ولا بغير، فهذا هو المعدوم، والمعدوم لا يُمدح، الذي ليس لهُ صفات ما فيه مدح، نعم.
(المتــن) وإلا فلو أُريد نفيُ الصّفات لكان العدمُ المحضُ أولى بهذا المدح مع أنّ كلّ عاقلٍ يفهمُ من قول القائل: فلان لا مثل له أنّه قد تميّز عن النّاس بأوصافٍ ونُعوتٍ لا يشاركونهُ بها، وهذا واضح من معنى الآية، أنّ معناها إثباتُ الصّفات لا نفيُها، خلافاً لأهل البدع من الجهميّة وغيرهم.
وفي الآية متمسّك لمن فضّل السّمع على البصر.
(الشـرح) يقصد به: (ليس كمثله شيء وهُو السّميعُ البصيرُ )،لأنهُ قدم السمع عن البصر، وهو واضح الآن، من صفات المخلوق الأن السمع مقدم على البصر، قد تجد السمع يسمع به الأنسان كلام الناس، يسمع به الشهادة يسمع به العلم ولو كان أعمى، لكن إذا فُقد السمع ما يسمع شيء، ولهذا تجد من العلماء كثير من هو أعمى البصر، لكن ما تجد من العلماء أصم، أصم طول حياته وأصبح طالب علم ما يسمع شيء، ولو كان يبصر، لأنه ما يكفي أنه يقرأ في الكتب لابد يسمع، لابد ان يتلقى على العلماء، يتلقى في الصغر، يتلقى وهو في الكبر، ويسمع الأسئلة والأجوبة، إذا كان أصم ما يسمع، هذا يدل على أنه إنسان مقدم، فالأعمى كثير، فالعلماء الأعمى كثيرون، فقدوا البصر لكن معه سمع أصبحوا علماء كبار كما هو معروف الآن، الترمذي -رحمه الله- عالم بحر لا ساحل له، حافظ لأقوال العلماء بكتابه، وغيره في القديم وفي الحديث، كلهم علماء كبار فاقد البصر لم يفقد السمع، لكن ما سمعنا عن عالماً فقد السمع وكان بصيراً من أول حياته، هذا يدل على تقديم السمع على البصر، نعم.
س: يقصد هو في هذا في حق الله وفي حق المخلوق.
ج: نعم في حق المخلوق، أما الله سبحانه وتعالى لا شك أن الصفات تنفي، حتى كلام الله يتفاضل، نعم.
(المتــن) قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه لله تعالى- في العقيدةٌ الواسطية: فلا ينفُون عنهُ ما وصف به نفسهُ، ولا يُحرّفُون الكلم عن مواضعه، ولا يُلحدُون في أسماء اللّه وآياته، ولا يُكيّفُون ولا يُمثّلُون صفاته بصفات خلقه؛ لأنّهُ سُبحانهُ لا سميّ لهُ، ولا كُفء لهُ، ولا ندّ لهُ، ولا يُقاسُ بخلقه
(الشـرح) الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في بيان معتقد أهل السنة والجماعة: فلا ينفُون عنهُ ما وصف به نفسهُ, ولا يُلحدُون في أسماءه وآياته, ولا يُكيّفُون ولا يُمثّلُون صفاته بصفات خلقه، لأنّهُ سُبحانهُ لا سميّ لهُ, ولا مثل لهُ, ولا يُقاسُ بخلقه، هذا في بيان معتقد أهل السنة والجماعة، وأنهم لا ينفون الصفات كالمعتزلة والجهمية الذين يقولون: ليس بسميع ولا بصير، ولا علم له ولا قدرة، فإن المعتزلة ينفون الصفات، والجهمية ينفون الأسماء والصفات، فهم لا ينفون كما تنفي المعتزلة والجهمية، ولا يلحدون في أسماء الله فإن الألحاد أنواع، والألحاد هو: الميل، الميل به عن جهة الصواب، ومن أعظم الألحاد نفيهُا، ومن الألحاد تمثيلُها بصفات المخلوقين وتكييفها، ومن الألحاد اشتقاق أسماء لله باطلة من أسماء الله إلى غير ذلك..، الله تعالى توعد الملحدين وقال: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأعراف: 180]، فهم لا ينفون ولا يُلحدون في أسماء الله، ولا يُكيفون لها ولا يُمثلون، لا يقول: صفاته على كيفية كذا، كيفية صفات المخلوق، فالكيفية أنه يقال هي على كيفية كذا، والتمثيل يُقال: أن الله له مثل، التمثيل أعم من التكييف، التكييف هو تمثيل إلا أنهُ تمثيل بشيء معلوم، بشيء مخصص، يُقال: إن كيفية صفاته مثل صفات المخلوق، مثل صفات الحيوان، أو مثل صفات كذا.
أما المثل، نفي المثل هو: مثل أن يُقال: لله مثيل، إذا قال لله مثيل فهذا تمثيل، وإذا قيل إن صفات الله كيفيتها كذا، صار هذا مثلٌ خاص، فالمثل أعم، فالله تعالى لا مثل له ولا تشبيه بصفات خلقه، لا يُقال: أنها على كيفية كذا، لأنهُ لا سمي له ولا كيفية له، ليس له شيء شبيه أو يُماثلهُ {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم: 65]، ليس لهُ مُثامي ولا مماثل، فالله سبحانه لا سمي له ولا مثل له ولا يُقاس بخلقه، لا يُقال: أن المخلوق يُقاس على الخالق، فهو سبحانه وتعالى لا يستوي مع غيره في قياسه، قياس الشمول يستوي فيه أفرادُه، ولا قياس التمثيل، لأنهُ لا شبيه له، إنما الذي يُقاس الشيء بالشيء إذا كان مماثل، كأن تقول: الارز كالبرع(....) في جمع الطعم وجمع كذا، لأنهُ فيه مماثلة بين البرُع، أما الله سبحانه وتعالى فلا يُماثل شيء من مخلوقاته، فلا يُقاس بخلقه ولا يُجعل أصلاً يُقاس عليه غيره، ولا يُقاسُ قياس شمول يستوي فيه أفراده مع غيره، كل هذا منفي عن الله، لأنه لا مثيل له ولا سمي له ولا شبه له -سبحانه وتعالى-، نعم.
(المتــن) قال الشارح -رحمه الله تعالى-، قولُه: فلا ينفُون عنه ما وصف به نفسهُ ووصفهُ به رسولُه صلّى اللهُ عليه وسلّم، بل يُثبتون له الأسماء والصّفات، ويُنفون عنه مُشابهة المخلوقات.
رضُوا لربّهم ما رضيهُ لنفسه، ورضيهُ له رسُولُه صلّى اللهُ عليه وسلّم، فإنّه سبحانه أعلمُ بنفسه وبغيره، وكذلك رسلُه فإنّهم أعلمُ بالله وأصدقُ وأنصحُ من جميع خلق الله، وأقدرُ على البيان والتّبليغ، وقد بلّغُوا البلاغ المبين، وقد سار على منهاجهم أصحابُ النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم والتّابعون لهم بإحسانٍ، والخيرُ في اتّباعهم.
لأن الأنبياء يتبعون الوحي، فهم مبلغون عن الله، ما يأتون بشيء من عند أنفسهم قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى 3 إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى 4}[النجم]، نعم.
وخيرُ الأُمور السّالفاتُ على الهُدى |
|
وشرُّ الأُمور المُحدثاتُ البدائعُ
|
وأمّا أهلُ البدع من الجهميّة وغيرهم فنفوا أسماء الله وصفاته وعطّلوها؛ زعماً منهم أنّ إثباتها يقتضي التّشبيه، أو التّجسيم، أو التّحيُّز، ونحو ذلك من أقوال أهل الضّلال الّذين نبذوا كتاب الله وسنّة رسوله وراء ظهورهم، ورضُوا بالتّلمذة على اليهود والمجوس والصّابئين وأضرابهم من ضلاّل الأمم، فإنّ أصل مقالة التّعطيل مأخوذة عن هؤلاء، كما ذكر ذلك الشّيخُ تقيُّ الدّين، وابنُ القيّم، وغيرُهُم.
نعم لأنها أول من حُفظ عنهُ مقالة التعطيل في الإسلام هو الجعد بن جيهم، والجعد تتلمذ على اليهود وعلى النصارى، وكذا أخذ من بلال حران، وكان بلال موبوءة الصابئة، وأخذ عن أبان بن سمعان، وأبان أخذ عن طالوت، وطالوت أخذ عن خال بن لبيد، ولبيد بن الأعصم هو اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم، فهي تكون عقيدة نفي الصفات تقتصر باليهود والنصارى والصابئة، نعم.
(المتــن) فإنّ الجهم بن صفوان تلقّى مقالة التّعطيل عن الجعد بن درهم، والجعدُ أخذها عن أبّان بن سمعان، وأبّانُ أخذها عن طالُوت ابن أُخت لبيد بن الأعصم، الّذي سحر النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، كما أن الجهم قابل قوماً من السُّمنيّة وسألوه عن الله فتحيّر ومكث أربعين يوماً لا يصلّي، ويُروى أنّه دخل حرّان وقابل قوماً من الصّابئة وباحثهُم.
نعم لأنهُ قابل هؤلاء السُمرية وكانوا فلاسفة في الهند، يُقال لهم السُمرية، لا يؤمنون بالمحسوسات، فقابلوا للجهم فقالوا له ألهك هذا الذي تعبد هل رأيته؟ فقال لا، فقالوا: هل سمعته بأذنك؟ فقال: لا، قالوا: هل لمسته؟ فقال: لا، فقالوا: هل شممته، فقال: لا، فقالوا: هل دوقته؟ فقال لا، قالوا إذاً هو معدوم، ما استعمل الحواس الخمس فشك في ربه وترك الصلاة أربعين يوماً، ثم نقش الشيطان في ذهنه أن الله موجود وجوداً مطلقاً، يعني في الذهن، فأثبت الوجود في الذهن ونفى عنه جميع الأسماء والصفات، -نسأل الله العفو والعافية-.
(المتــن) وأمّا أهلُ البدع من الجهميّة وغيرهم فنفوا أسماء الله وصفاته وعطّلوها؛ زعماً منهم أنّ إثباتها يقتضي التّشبيه، أو التّجسيم، أو التّحيُّز، ونحو ذلك من أقوال أهل الضّلال.
وهذه كلها من الشبه الباطلة، يزعمون أنهُم (...) بقوله: (ليس كمثله شيء)، ثم ينفون الصفة، (ليس كمثله شيء) يقتضي إثبات الصفات ونفي المماثلة، كذلك بعضهم نفى العلو، يقول: يلزم التحيز والجسمية، يقول: هذا فيه تنقُص لله، إذا أثبت العلو جعلته محصور ومتحيز في مكان مخصص، لا تثبت له جهة، فهو إله في جميع الجهات، هذا إنكار لوجود لله، إله في جميع الجهات، -نعوذ بالله-، نعم. وهذا من أبطل الباطل، نفي الصفات، وزعمهم أنها تقتضي التشبيه أو التحيز أو الجهة أو الجسمية كل هذا من أبطل الباطل، نعم.
(المتــن) من أقوال أهل الضّلال الّذين نبذوا كتاب الله وسنّة رسوله وراء ظهورهم، ورضُوا بالتّلمذة على اليهود والمجوس والصّابئين وأضرابهم من ضلاّل الأمم، فإنّ أصل مقالة التّعطيل مأخوذة عن هؤلاء، كما ذكر ذلك الشّيخُ تقيُّ الدّين، وابنُ القيّم، وغيرُهُم، فإنّ الجهم بن صفوان تلقّى مقالة التّعطيل عن الجعد بن درهمٍ، والجعدُ أخذها عن أبان بن سمعان، وأبانُ أخذها عن طالُوت ابن أُخت لبيد بن الأعصم، الّذي سحر النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم.
(الشـرح) ولبيد بن أعصم -اليهودي الذي سحر النبي- هو خال طالوت، وطالوت أخذ عن خاله، فتكون عقيدة نفي الصفات تقتصر باليهود، الجعد بن جرهم أخذ عن أبّان بن سمعان، وأبّان أخذها عن طالوت، وطالوت أخذ عن خاله لبيد. ثم -أيضًا- كذلك الجعد عاش في بلاد حران، وكان فيها فلاسفة، ومشركين والصابئة، أخذ عنهم، يقول أخذ من اليهود والصابئة والفلاسفة الكفرة، -والعياذُ بالله-، فعقيدة نفي الصفات هذه تقتصر باليهود والصابئة والمشركين وعُباد الكواكب -نعوذ بالله-، نعم.
(المتــن) كما أنّ الجهم قابل قوماً من السُّمنيّة وسألوه عن الله فتحيّر ومكث أربعين يوماً لا يصلّي.
(الشـرح) -نسأل الله العافية-، وهم طائفة من فلاسفة الهند يُقال لهم السُّمنيّة لا يؤمنون إلا بالحسيات، الحواس الخمس السمع والشم الذوق واللمس، فأتوا إليه وناظروه وقالوا: إلهك هذا الذي تعبد هل رأيته بعينيك قال: لا، قالوا: هل سمعته بأُذنيك؟ قال: لا، قالوا: هل شممته بأنفك؟ قال: لا، قالوا: هل ذوقته بلسانك؟ قال: لا، قالوا: هل مسسته بيديك؟ قال: لا، قالوا: إذاً هو معدوم، لأنه لا يدرك لا بالسمع ولا بالبصر، فشك في ربه وترك الصلاة أربعين يوماً، شاك ما يدري -نعوذ بالله- ثم نقش الشيطان في ذهنه أن الله موجود وجوداً مطلقاً، فأثبت وجود الله في الذهن ونفى عنه وجود الأسماء والصفات، وجود مطلق الذي لا أسم له ولا صفة -نعوذ بالله-، نعم.
(المتــن) ويُروى أنّه دخل حرّان وقابل قوماً من الصّابئة وباحثهُم، فمقالتُه هذه مصادرُها لا شكّ أنّها أخبثُ مقالةٍ، وكفى بقومٍ أعرضوا عن كتاب الله وسنّة رسوله صلي الله عليه وسلم وتتلمذُوا على هؤلاء الضُّلاّل كفراً وضلالاً.
وما عوض لنا منهاجُ جهمٍ |
|
بمنهاج ابن آمنة الأمين
|
ابن آمة: الرسول عليه الصلاة والسلام، أمه آمنة بنت وهب، يعني: لا نعترض عن منهج النبي بمنهاج الجهم، منهاج الجهمة الكفر والضلال - والعياذ بالله-، منهاج الرسول إثبات، إثبات الأسماء والصفات لله عز وجل، نعم.
(المتــن) قولـُه: (ولا يحرّفون الكلم عن مواضعه): أي يُغيّرونه ويُفسّرونه بغير معناهُ، قال تعالى: (من الّذين هادُوا يُحرّفُون الكلم عن مّواضعه).
قال ابنُ كثيرٍ رحمهُ اللهُ: أي يتأوّلُونهُ على غير تأويله، ويُفسّرونه بغير مُراد الله قصدًا منهم وافتراءً. قال في شرح الطّحاويّة: والتّحريفُ على مراتب، منه ما يكونُ كفرًا، ومنه ما يكون فسقًا، وقد يكونُ معصيةً، وقد يكونُ خطأً. انتهى.
(الشـرح) نعم على حسب التحريف، قد يكون كفر إذا حرف شيء يفصله من الكفر، على حسب التحريف، وقد يكون خطأ، قد يكون معصية، نعم.
(المتــن) قولُه: (ولا يُلحدون في أسماء الله وآياته) أي يميلون ويعدلون عن الحقّ الثّابت، فالإلحادُ معناه لغةً: الميلُ والعُدولُ عن الشّيء، ومنه اللّحدُ في القبر؛ لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر.
اللحد سُمي لحد، ولهذا القبر ينقسم إلى قسمين: لحدٌ وشق، هناك من يشق وهناك من يلحد، اللحد هو الحفر الذي يكون جهة القبلة يوضع فيه الميت هذا اللحد، والشق الشق يشقه ويضع الميت، ولهذا جاء ((أن في المدينة رجلاً يُلحد ورجُلاً يشُق، قال: اللهم أغفر لنبيك، فجاء الذي يُلحد)) والحديث فيه كلاماً المقصود فيه اللحد والشق، نعم.
(المتــن) قال ابنُ القيّم: الإلحادُ: هو العُدولُ بأسماء الله وصفاته وآياته عن الحقّ الثّابت، وقال في ((النُّونيّة)):
أسماُؤُه أوصافُ مدحٍ كلُّها |
|
مشتقـّة قد حُمّلت لمعاني
|
إيّاك والإلحاد فيها إنّهُ |
|
كُفر معاذ الله من كُفراني
|
وحقيقةُ الإلحاد فيها الميلُ |
|
بإلاشراك والتّعطيل والنُّكراني
|
فالمُلحدُون إذًا ثلاثُ طوائفٍ |
|
فعليهمُ غضب من الرّحمن
|
(المتــن) نعم الأشراك والتعطيل والنكران جحود، قد يكون بالشرك وقد يكون بالتعطيل وقد يكون بالنكران، نعم.
(الشـرح) يعني: إذا أشرك قال أسماء الله كأسماء المخلوقين، هذا أشرك، جعل مع الله شريك، تعطيل كونه ينفيها، كونه يقول: أن الله تعالى ليس له سمع ولا بصر، والجحود كونه ينكره، ينكر الأسماء، تعطيل يُعطلها يثبت لها أصل الصفة لكن ينفي أتصاف الله بها، والجحود معناه: الأنكار بالمرة، يُنكر الصفة، يعني يقول: ليس لله سمع ولا بصر ولا يد ولا قدرة ولا سمع، والتعطيل كونه يأولها، يعطلها، يعطل الصفة ويقول: المراد بالرضا الثواب، والغضب العقاب، هذا عطل الصفة، والثاني جحد، نعم.
(المتــن) وقال -أيضًا-: والإلحادُ في أسماء الله وصفاته أنواع.
أحدُها: أن يُسمّي الأصنام بها، كتسمية اللاّت من الإله، والعُزّى من العزيز ونحوه.
الثّاني: تسميتُه -سبحانه- بما لا يليقُ بجلاله، كتسمية النّصارى له أبًا، وتسمية الفلاسفة له مُوجبًا أو علّةً فاعلةً.
(الشـرح) نعم النصارى يقولون: بسم الآب والأبن والروح القدس إلهاً واحد، ويقول: عيسى بن الله، ويسمون الرب أَّب، هذا من الألحاد، كالفلاسفة يُسمونه موجب أو علة فاعلة، ويسمون المخلوقات معلول، والرب هو العلة لها المحرك لها والموجب له، -تعالى الله عما يقولون-، نعم.
(المتــن) الثّالثُ: وصفُه بما يتعالى ويتقدّسُ عنه من النّقائص، كقول أخبث اليهود: إنّ الله فقير، وقولهم: يدُ الله مغلولة.
الرّابعُ: تعطيلُ الأسماء الحُسنى عن معانيها وجحدُ حقائقها، كقول من يقولُ من الجهميّة: إنّها ألفاظ مُجرّدة لا تتضمّنُ صفاتٍ ولا معاني، فيُطلقون عليه اسم السّميع والبصير والحيّ ويقُولون لا سمع له ولا بصر ولا حياة ونحوُ ذلك.
الخامس: تشبيهُ صفاته بصفات خلقه، تعالى اللهُ عن قول المُلحدين عُلوًّا كبيرًا، فجمعهُمُ الإلحادُ وتفرّقت بهم طرقـُه، وبرّأ اللهُ أتباع رسوله وورثتـه القائمين بسُنّته عن ذلك كلّه، فلم يصفُوه إلا بما وصف به نفسه، ولم يجحدوا صفاته ولم يُشبّهُوها بصفات خلقه، ولم يعدلوا بها عمّا أُنزلت له لفظًا ولا معنًى، بل أثبتوا له الأسماء والصّفات، ونفوا عنه مشابهة المخلوقات، فكان إثباتُهم بريئاً من التّشبيه، وتنـزيهُهُم خالياً من التّعطيل، لا كمن شبّه حتّى كأنّه يعبدُ صنمًا، أو عطّل حتّى كأنّهُ يعبدُ عدمًا. انتهى.
قولُه: (ولا يُكيّفون): شيئًا من صفاتـه -سبحانه- وتعالى، فإنّه الموصوفُ بصفات الكمال الّتي لا تبلُغُها عقولُ الخلائق، قال تعالى: (ولا يُحيطُون به علمًا) فيجبُ الإيمانُ بصفات الله واعتقادُ أنّها حقيقة تليقُ بجلال الله وعظمته، أمّا كُنهُها وكيفيّتُها فهو ممّا استأثر اللهُ بعلمه، فلا سبيل إلى معرفته، وقد تقدّم الكلامُ على هذا الموضوع.
قولُه: (ولا يمثّلون صفاته بصفات خلقه): فمذهبُ أهل السُّنّة إثباتُ الأسماء والصّفات، مع نفي مُماثلة المخلوقات، إثباتًا بلا تمثيلٍ، وتنزيهًا بلا تعطيلٍ، ليس كمثله شيء وهو السّميعُ البصيرُ.
قولُه: (لأنه -سبحانه- لا سمي له): أي لا نظير له، كما قال سُبحانهُ: (هل تعلمُ لهُ سميًّا) أي من يُساميه أو يُماثلهُ، ويُروى عن ابن عبّاسٍ مثيلاً أو شبيهاً.
قولُه: (ولا كُفؤ لهُ): أي لا مثل له سُبحانهُ، قال تعالى: (ولم يكُن لهُ كُفُوًا أحد).
قولُه: (ولا ندّ لهُ): أي لا شبه له ولا نظير، قال تعالى: (فلا تجعلُوا للّه أندادًا).
وفي قوله: (ولا ندّ لهُ.. إلخ) ردّ على المعتزلة الّذين يزعُمون أنّ العبد يخلقُ فعل نفسه.
(الشـرح) لأنهم جعلوا المخلوق نديد لله، يعني: مماثل له، الله خالق والمخلوق خالق، فشبهوا الله بخلقه وجعلوا له ندّ، -تعالى الله عما يقولون-، لأنهم يقولون: العبد يخلق فعل نفسه استقلالاً من دون الله، نعم.
(المتــن) قولُه: (ولا يُقاسُ بخلقه): أي لا يمثّلُ بهم ولا يُشبّهُ، والقياسُ في اللّغة التّمثيلُ.
قال تعالى: (فلا تضربُوا للّه الأمثال) فلا يُقاسُ -سُبحانهُ- بخلقه في أفعاله، ولا في صفاته، كما لا يُقاسُ بهم في ذاته، خلافًا للمعتزلة ومن وافقهم من الشّيعة، فإنّهم قاسُوه -سُبحانهُ- بخلقه فشبّهُوه بهم، فوضعُوا له شريعةً من قبل أنفسهم فقالوا: يجبُ على الله كذا، ويحرُمُ عليه كذا بالقياس على المخلوق، فالمعتزلةُ ومن وافقهم مُشبّهة في الأفعال مُعطّلة في الصّفات.
(الشـرح) معطلة في الصفات لأنهم نفوا الصفات، ومشبهة في الأفعال، جعلوا أفعال الله كأفعال العباد، وقالوا: أن العبد يخلق فعل نفسه، كما أن الله خالق فالعبد خالق، العبد خالق لأفعاله خاصة، نعم.
(المتــن) جحدوا بعض ما وصف اللهُ به نفسهُ من صفات الكمال، وسمّوهُ توحيدًا، وشبّهُوه بخلقه فيما يحسُنُ ويقبحُ من الأفعال، وسمّوا ذلك عدلاً.
نعم لأنه أصول المعتزلة، أصول ديانتهم التوحيد والعدل، توحيد نفي الصفات، وقالوا: بأن القرآن مخلوق وأن الله لا يُرى في الآخرة، والعدل صفة التكليف بالقدر، وقالوا: أن الله تعالى بأنهُ قدر على العباد، ولم يُقدر المعاصي لئلا يكون ظالم، والله عادل لا يجور فسموا هذا العدل، التكليف بالقدر سموه العدل، والنفي في الصفات سموه التوحيد، نعم.
(المتــن) فعدلُهم إنكارُ قدرته -سُبحانهُ- ومشيئته العامّة الكاملة التي لا يخرجُ عنها شيء من الموجودات ذواتها وصفاتها وأفعالها، وتوحيدُهم: إلحادُهم في أسماء الله الحُسنى، وتحريفُ معانيها عمّا هي عليه، فكان توحيدُهم في الحقيقة تعطيلاً وعدلُهم شركًا، انتهى. من كلام ابن القيّم بتصرُّفٍ.
(الشـرح) عدلهم شرك: لأنهم قالوا: أن العباد خالقٌ لأفعالهم، فأشركوا مع الله، جعلوا لله شريك في الخلق، هذا العدل يُسموه العدل، والتوحيد ينفون الأسماء والصفات، ويقولون القرآن مخلوق، والله لا يُرى في الآخرة، إلحاد، إلحاد ثم التوحيد، هذه أصول الدين عند المعتزلة التوحيد والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه أصول الدين عندهم، كل واحد صفته تحتها نفي باطل، منزلة بين المنزلتين قالوا: والمؤمن العاصي خرج من الإيمان ولم يخرج من الكفر، وإنفاذ الوعيد كالقول بدخول العصاة في النار، والأمر بالمعروف ألزام الناس بآرائهم الفاسدة، والنهي عن المنكر الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي، هذه أصولهم المعتزلة، نعم.
(المتــن) قال الشارح -رحمه الله تعالى- قولـُه: (فإنـّه -سُبحانهُ- أعلمُ بنفسه وبغيره): قال اللهُ تعالى: (واللّهُ بكُلّ شيءٍ عليم)، وقال: (ولا يُحيطُون به علمًا) أي لا يُحيطُ الخلائقُ به -سُبحانهُ- علمًا، فهو الموصوفُ بصفات الكمال الّتي لا تبلغُها عقولُ الخلائق، كما في الصّحيح ((لا نُحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) فما جاء في الكتاب والسُّنّة من صفاته -سُبحانهُ- وجب الإيمانُ به، وتلقّيه بالقبول والتّسليم، وتركُ التّعرُّض له بالرّدّ والتـّشبيه والتّمثيل، فهو الّذي وصف بها نفسه ووصفهُ بها رسولُه -صلّى اللهُ عليه وسلّم- فعلينا أن نرضى بما رضيه لنفسه، فإنّه أعلمُ بما يجُوزُ ويمتنعُ ويليقُ بجلاله.
قال الإمامُ الشّافعيُّ رحمهُ اللهُ تعالى: آمنتُ بالله وبما جاء عن الله على مُراد الله، وآمنتُ برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مُراد رسُول الله، وعلى هذا درج السّلفُ الصّالحُ رضوانُ الله عليهم، وقد أُمرنا باقتفاء آثارهم والاهتداء بمنارهم كما قال -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: ((عليكُم بسُنّتي وسُنّة الخُلفاء الرّاشدين المهديّين من بعدي، تمسّكُوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ وإيّاكُم ومُحدثات الأُمُور فإنّ كُلّ مُحدثةٍ بدعة وكُلّ بدعةٍ ضلالة)).
وقال ابنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنهُ: ((اتّبعُوا ولا تبتدعُوا فقد كُفيتُم)) وقال الشّعبيُّ: ((عليكُم بآثار من سلف وإن رفضك النّاسُ، وإيّاك وآراء الرجال وإن زخرفُوه لك بالقول)).
(الشـرح) وهذه كلها تدل على أنهُ يجب على الأنسان يتبع السلف الصالح، فيما ذهبوا إليه من العمل بالكتاب والسنة، ولا ينبغي للإنسان أن يلتفت الي اهل البدع وإن كثروا، فالكثرة ليست دليل على الحق، بل إن الحق في الغالب يكون مع القلة، كما قال -سبحانه وتعالى-:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ}[الأنعام: 116]، فالأكثرية غالبة في الغالب، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}[هود: 17]، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}[يوسف: 38]، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ: 13]، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}[ص: 24]، {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[سبأ: 20] فالعبرة بالحق، ولهذا قال بعض السلف: أنت الجماعة إذا كنت على الحق ولو كنت وحدك، ولو كنت وحدك فأنت الجماعة، نعم.
(المتــن) قولُه: (وأصدقُ قيلاً): قال تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}[النساء: 122]، وثبت في الصّحيح من حديث جابرٍ أنّ رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- كان يقولُ في خطبته يوم الجُمعة: ((إنّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمّدٍ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-)) الحديث، فما أخبر به اللهُ -سُبحانهُ- فهو حقّ وصدق، علينا أن نصدّقـه ولا نُعارضهُ ولا نُعرض عنه، فمن عارضهُ بعقله لم يُصدّق به، وكذلك من أقرّ بلفظه مع جحد معناه، أو حرّفه إلى معانٍ أُخر غير ما أُريد به. لم يكن مُصدّقاً.
(الشـرح) نعم، التصديق الكامل هو قبول اللفظ والمعنى، والعمل به، فيقبل اللفظ ويقبل المعنى ولا يحرف ولا يؤول، ولا يُعطل ولا يجحد ويعمل به، هذا هو التصديق، التصديق مقرون بالعمل، وإذا كان اعتقادي يعتقد ما دل عليه من المعنى، نعم.
(المتــن) قولُه: (وأحسنُ حديثًا من خلقه): قال اللهُ تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}[النساء: 87]، لفظُه لفظُ استفهامٍ، ومعناه لا أحد أحسنُ حديثًا منه سُبحانهُ.
(الشـرح) نعم وهذا يُسمى استفهام بمعنى النفي، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) معناه: لا أحد، (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) معناه: لا أحد، استفهام بمعنى النفي.
(المتــن) فألفاظُه أفصحُ الألفاظ وأبينُها وأعظمُها مُطابقةً لمعانيها المرادة منها، ومعانيه أشرفُ المعاني، فلا تجدُ كلامًا أحسن تفسيرًا ولا أتمّ بيانًا من كلامه -سُبحانهُ-.
ولهذا قال تعال: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}[الفرقان: 33]
(المتــن) ولهذا سمّاهُ اللهُ بيانًا، وأخبر أنّه يسّرهُ للذّكر.
(الشـرح) {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ}[آل عمران: 138] سماه بيان، قرآن،{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر: 22] ،{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[ص: 29]، وهذا في الرد على المُجهلة، أو طوائف الملاحدة الذين يقولون القرآن ما يُفهم معناه، حتى قالوا: أن الرسول ما يفهم معناه، ولا جبريل يفهم معناه، يُسموا مُجهلة، يُجهلون الرسول وجبريل، الله تعالى سماه بيان، قال: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ)، البيان واضح، قال: ،{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[ص: 29] ، وقال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر: 17]، نعم.
(المتــن) وأخبر أنّه يسّرهُ للذّكر، يسّر ألفاظه للحفظ ويسّر معانيه للفهم، فمُحالٌ أن يترك باب الإيمان بالله وأسمائه وصفاته مُلتبسًا، وهو أشرفُ العلوم على الإطلاق، بل قد بيّنهُ اللهُ ورسولُه بيانًا شافيًا قاطعًا للعذر، لا لبس فيه ولا إشكال.
هذا أصل الدين أن تعرف الله بأسمائه وصفاته، ومعرفته وسيلة إلى عبادته، وإخلاص الدين له، فتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وسيلة إلى توحيد العبادة والألوهية، فالأنسان إذا عرف ربه بأسمائه وصفاته عبده وأخلص لهُ العبادة، نعم.
(المتــن) فآياتُ الصّفات واضحةُ المعنى وضوحًا تامًّا، بحيث يشتركُ في فهم معانيها العامُّ والخاصُّ، أي فهمُ أصل المعنى لا فهمُ الكُنه والكيفيّة.
(الشـرح) نعم. يعني: مثلاً يعلم السمع، السمع ضد الصمم، والبصر ضد العمى، والعلم ضد الجهل، هذا معنى قول الأمام مالك الاستواء معلوم، معنى الصفة معلوم، معلوم معناه في اللغة العربية نعرف معناه، لكن المجهول الكيفية، ومن قال من أهل البدع أن المعنى غير معلوم أن هذا يفوض فهذا يُسمون المفوضة، وهم شر من المؤولة، وقال بعض السلف المفوضة شرٌ من المؤولة، المفوضة يقول: ما ندري ما معناه، عليم سميع، وما نعرف معنى العلم. ولا نعلم معنى الاستواء ولا نعلم معنى السمع، كـأنها كلمة أجنبية، وليس كلام عربي، الكلمة الأجنبية والكلمة العربية معناه واحد، لا نعرف معنى سميع ولا بصير ولا عليم، ما نعرف معناه، هذا باطل نعرف معناه، العلم ضد الجهل معروف في كل أحد، هذا معنى قوله الاستواء معلوم، الاستواء كذلك الاستقرار والصعود، والارتفاع، صعد وعلا وأرتفع وأستقر هذا معناه في اللغة، السمع سميعاً يسمع الأصوات، وضده الذي لا يسمع، بصير يُبصر وضده الذي لا يرى، معلوم لكن الكيف، كيفية أتصاف الرب بهذه الصفة هذا مجهول، كيفية استواء الرب لا نقول مثل استواء المخلوق إذا استوى على الدابة فإذا سقطت الدابة سقط الأنسان من عليها، هذا استواء المخلوق، لكن الرب سبحانه وتعالى ليس استوائه كاستواء المخلوق، استوى على العرش وهو غير محتاج إلى العرش، فهو حامل العرش وحملة العرش بقوته سبحانه، وأن الاستواء كيفيته يليق بالله، لا نُكيف ولا نعلم، الكيفية، لكن نعلم المعنى وكذلك سائر الصفات. هذا معنى قول السلف الاستواء معلوم والكيف مجهول، ويُقال هذا في جميع الصفات، العلم معلوم والكيف مجهول، السمع معلوم والكيف مجهول، القدرة معلومة والكيف مجهول، والأيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، نعم.
(المتــن) فآياتُ الصّفات واضحةُ المعنى وضوحًا تامًّا، بحيث يشتركُ في فهم معانيها العامُّ والخاصُّ، أي فهمُ أصل المعنى لا فهمُ الكُنه والكيفيّة كما أنّها مُفيدة للعلم اليقينيّ الكامل.
قولُه: (ثمّ رسلُهُ صادقون): أي فيما جاؤوا به عن الله، والصّدقُ هو مُطابقةُ الخبر للواقع، فرسُلُه عليهمُ السّلامُ صادقون في جميع ما أتوا به إذ هو الحقُّ الصّدقُ المُطابقُ للواقع، فلا يصحُّ لإنسانٍ قول ولا عمل إلا باعتقاد صدقهم وأمانتهم، وأنّهم بلّغُوا البلاغ المبين بأبلغ عبارةٍ وأوضح أسلوبٍ، ليس في كلامهم لُغز، ولا أحاجي، وليس له باطن يخالفُ ظاهره.
(الشـرح) نعم يعني: كلام الرسل واضح، واضح المعنى ليس به ألغاز ولا أحاجيج، اللغز هو الذي به تعمية، وأن تُأتي بكلامٍ لهُ معنى بعيد لا يفهمه الأنسان حتى يعمل فكره، فيفكر ما معنى اللغز، لا كلام الرسل واضح ما فيه الغاز ولا أحاجيج، ولا تعمية، نعم من أول ما يسمعه الأنسان يعرف معناه، أما الألغاز فهي تحتاج إلى تفكير، يعصر ذهنه، يُفكر ما هو المعنى، نعم.
(المتــن) وليس له باطن يخالفُ ظاهره.
(الشـرح) نعم. خلافاً للصوفية وغيرهم يقول هناك باطن، النصوص يجعلون لها باطن ويجعلون لها ظاهر، الصوفية والملاحدة يجعلون النصوص باطن وظاهر، يقول مثلاً: الصلوات الخمس لها باطن ولها ظاهر، فظاهرها هذه الصلوات الخمس يصليها الناس، وباطنها عندهم يُفسرونها بأسماء خمسة، منهم الحسن والحسين ومحسن وعلي وفاطمة، والصيام يُفسرونه بكتمان سر المشايخ، والحج السفرُ إلى قبورهم، هذه المعاني، المعاني عند الملاحدة، يقولون: الشريعة لها ظاهر ولها باطن، نعم.
(المتــن) وأنّ لديهم من القدرة على التعبير وكمال العلم وتمام الشّفقة والنُّصح ما ليس عند غيرهم، فيجبُ أن يكون بيانُهم للحقّ أكمل من بيان كلّ أحدٍ، فمن المُحال أن يتركوا باب الإيمان بالله وأسمائه وصفاته مُلتبسًا، وهو أشرفُ العلوم على الإطلاق وأجلُّها وأوجبُها، قد بيّنوه غاية البيان ولم يبق فيه شكّ ولا إشكال.
قال الشّيخُ تقيُّ الدّين رحمه اللهُ: ومعلوم أنّه -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قد بلّغ الرّسالة كما أُمر ولم يكتُم منها شيئًا، فإنّ كتمان ما أنزله اللهُ عليه يُناقضُ مُوجب الرّسالة، كما أنّ الكذب يُناقضُ مُوجب الرّسالة، قال: ومن المعلوم في دين المُسلمين أنّه معصُوم من الكتمان لشيءٍ من الرّسالة، كما أنّه معصُوم من الكذب فيها، والآيةُ تشهدُ له بأنّه بلّغ الرّسالة كما أمر اللهُ، وبيّن ما أُنزل إليه من ربّه، وقد وجب على كلّ مسلمٍ تصديقُه في كلّ ما أخبر به.
(الشـرح) نعم. موجب الرسالة، أيصال الحق للناس كما أمر به الله.
والله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: 67]، وقد بلغ -عليه السلام- البلاغ المبين، بلغ ونصح الأُمة، وجاهد في الله حق جهاده ونحن نشهد لهُ أنهُ بلغ، فقد شهد له الصحابة وأستشهد الناس على أنه بلغ في حجة الوداع، فشُهد له، ونحن نشهد له بالبلاغ عليه السلم، نشهد بأنهُ بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلوات الله وسلامه عليه أبداً دائماً إلى يوم الدين، نعم.
(المتــن) قوله: (مصدُوقون): أي فيما يأتيهم من الوحي الكريم، قال تعالى: (قُولُوا آمنّا بالله وما أُنزل إلينا وما أُنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقُوب والأسباط وما أُوتي مُوسى وعيسى وما أُوتي النّبيُّون من ربّهم لا نُفرّقُ بين أحدٍ منهُم ونحنُ لهُ مُسلمُون) فيجبُ الإيمانُ بجميع الأنبياء والمُرسلين، وأن لا يُفرّق بين أحدٍ منهم وتصديقُهم فيما أخبروا به واتّباعُهم في كلّ ما جاؤوا به فهو حقّ وصدق، وقد اتّفق العلماءُ على كُفر من كذّب نبيـًّا معلُوم النُّبوّة، وكذا من سبّهُ أو انتقصهُ ويجبُ قتلُهُ.
(الشـرح) نعم هذا بالأجماع، من سب نبي أو تنقصه أو استهزأ به أو سخر به وجب قتله، ويكون مرتد -والعياذ بالله- بأجماع المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم في حياته قد يعفوا عن بعض الناس، لكن قال العلماء: بعد وفاته لا يعفوا عنه، حتى ذهب بعض المحققين إلى أنهُ لا يُستتاب ولا تُنصح توبته في الدنيا، بل لابد أن يُقتل، أما في الآخرة فأمره إلى الله، إن تاب توبةٌ نصوح فالله غفورٌ رحيم، لكن في الدنيا لابد من قتله، نعم.
(المتــن) وقد اتّفق العلماءُ على كُفر من كذّب نبيـًّا معلُوم النُّبوّة، وكذا من سبّهُ أو انتقصهُ ويجبُ قتلُهُ؛ لأنّ الإيمان واجب بجميع المرسلين، واتّباعُهم واتّباعُ ما أُنزل إليهم، وقد ختمهم اللهُ بمحمّدٍ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- وأنزل عليه الكتاب والحكمة، وجعل دعوته عامّةً لجميع الثـّقلين، باقيةً إلى يوم القيامة، وانقطعت به حُجّةُ العباد على الله سُبحانهُ، وقد بيّن اللهُ به كلّ شيءٍ، وأكمل له ولأمّته الدّين خبرًا وأمرًا، وأقسم بنفسه أنّهم لا يُؤمنون حتّى يحكّمُوه فيما شجر بينهم، قال تعالى: (فلا وربّك لا يُؤمنُون حتّى يُحكّمُوك فيما شجر بينهُم) الآية، وفي حديث أنسٍ أنّ النّبيّ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قال: ((لا يُؤمنُ أحدُكُم حتّى يكُون هواهُ تبعًا لما جئتُ به)).
وأعظمُ ما جاء به -صلّى اللهُ عليه وسلّم- هو وإخوانُه من الرُّسُل: هو الدعوةُ إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له: ومعرفته بأسمائه وصفاته وأفعاله، وأنّه لا شبيه له ولا نظير، فهذا هو مفتاحُ دعوتهم وزُبدةُ رسالتهم من أوّلهم إلى آخرهم، فدينُهُم واحد، وإنّما اختلفت الشّرائعُ كما قال النّبيُّ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: ((نحنُ معاشر الأنبياء أولادُ علاّتٍ دينُنُا واحد)) الحديث.
أولاد العلات هم الذين أُمهاتهم متعددة، فأبوهم واحد.
((نحنُ معاشر الأنبياء أولادُ علات دينُنُا واحد)) الحديث.
(الشـرح) وأولاد علات هم الذين أمهاتهم متعددة، فأبوهم واحد، وكذلك الأنبياء دينهم واحد وهو التوحيد، توحيد الله، والأيمان بأسمائه وصفاته، والبعد عن الشرك وتعظيم الأوامر والنواهي، وطاعة كل نبي هذا متفق عليه، وأما الشرائع تختلف، الشرائع الفروع الحلال والحرام، كما قال -سبحانه وتعالى-: {لكُل جعلنا منكُم شرعةً ومنهاجًا}[المائدة: 48]،نعم.
(المتــن) قولُه: (بخلاف الذين يقولون على الله ما لا يعلمون) أي بخلاف الذين يقولون على الله في شرعه ودينه أو في أسمائه وصفاته وأفعاله ما لا يعلمون، بل بمُجرد عقولهم الفاسدة، وتخيُلاتهم الكاسدة، التي ما أنزل اللهُ بها من سلطان، قال تعالى: (وأن تقُولُوا على الله ما لا تعلمُون) وقال: (ولا تقُولُوا لما تصفُ ألسنتُكُمُ الكذب هـذا حلال وهـذا حرام لتفترُوا على الله الكذب ) فالقولُ على الله -سُبحانهُ وتعالى- بلا علم من أعظم المنكرات، ولهذا جعله في أعظم مراتب التحريم، فإنه بدأ بأسهلها، وختم بأشدها، وأعظمها تحريمًا، وهو القولُ على الله بلا علم.
(الشـرح) {قُل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تُشركُوا بالله ما لم يُنزل به سُلطانًا وأن تقُولُوا على الله ما لا تعلمُون}[الأعراف:33 ] فأن تقول على الله بلا علم يُشبه الشرك وغيره، فالشرك من القول على الله بلا علم، والكذب على الله وعلى رسوله، وعلى عباد الله، والقول على الله بالتحريف، كل هذا بالقول على الله بلا علم، نعم.
(المتــن) وتواتر عن النبي -صلى اللهُ عليه وسلم-: ((من كذب علي مُتعمدًا فليتبوأ مقعدهُ من النار)).
قال ابنُ القيم رحمهُ اللهُ: فالقولُ على الله بغير علم من كبائر الذُنوب، سواء كان في أسماء الله وصفاته وأفعاله، أو في أحكامه وتقديم الخيال المُسمى بالعقل والسياسة الظالمة، والعوائد الباطلة، والآراء الفاسدة، والأذواق والكُشُوفات الشيطانية على ما جاء به رسولُ الله -صلى اللهُ عليه وسلم- انتهى بتصرُف.
قولُه: ولهذا قال سُبحانه: (سُبحان ربك رب العزة عما يصفُون وسلام على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين).
ذكر المُصنفُ رحمه اللهُ تعالى هذه الآية الكريمة دليلاً على ما تقدم من إثبات صدق الرُسل عليهم السلامُ، وصحة ما جاؤوا به، وأنه الحقُ الذي يجبُ اعتقادُه، وأن الأنبياء عليهم الصلاةُ والسلامُ بلغُوا الرسالة، وأدُوا الأمانة، ووصفُوا الله بما يليقُ به من صفات الكمال، ونزهُوه عن صفات النقص والعيب، وأن من قال بخلاف ما جاؤوا به فهو كاذب على الله، قائل عليه بدون علم.
قولُه: (سُبحان ربك): أي تنزيهًا لله عن كل نقص وعيب.
قال ابنُ القيم: التسبيحُ: تنزيهُ الله عن كل سوء، وأصلُ اللفظة من المُباعدة من قولهم: سبحتُ في الأرض، إذا تباعدتُ فيها. انتهى، وتأتي سُبحان للتعجُب.
قولُه: (رب العزة): أي القوة والغلبة، وأضافها إليه لاختصاصها به، والعزةُ يُرادُ بها عزةُ القوة، وعزةُ الامتناع، وعزةُ الغلبة والقهر، فله -سُبحانهُ- العزةُ التامةُ بالاعتبارات الثلاث، يُقالُ في الأول: عز يعز بفتح العين في المستقبل، وفي الثاني بكسر العين، وفي الثالث بضمها.
قولُه: (عما يصفُون) أي تنزه -سُبحانهُ- وتقدس عما يصفُه به المخالفون للرُسُل من النقائص والعيوب.
قولُه: (وسلام على المُرسلين): أي سلامُ الله عليهم في الدُنيا والآخرة، لسلامة ما قالوه في ربهم وصحته وأحقيته.
قولُه: (والحمدُ لله رب العالمين): قولُه: (رب): هو الخالقُ الرازقُ المدبرُ لجميع الأمور، ولا يُطلقُ إلا على الله -سُبحانهُ وتعالى- إلا إذا أُضيف فيطلقُ على غيره كرب الدار، ورب الدابة، ونحو ذلك، ولفظةُ رب وإله فيهما دلالةُ الاقتران والانفراد، فإذا أُفرد أحدُهما دخل فيه الآخرُ، وإذا ذُكرا معًا فُسر الربُ بما تقدم، وفُسر الإلهُ بأنه المعبودُ المُطاعُ.
يعني: إذا قال:الرب دخل فيه الإله، وإذا قال الإله دخل فيه الرب، وإذا أجتمع أسم الرب في التوحيد بأفعال الرب، والإله بتوحيد في أفعال العباد، نعم.
قولُه: (العالمين): العالمُ: كُلُ من سوى الله، سُمي بذلك لأنه علامة على وُجود خالقه ومُوجده، ووحدانيته، وأنه المستحقُ للعبادة كما قيل:
فوا عجبًا كيف يُعصى الإلهُ |
|
أم كيف يجحدُهُ الجاحدُ
|
وفي كُل شيء لهُ آية |
|
تدُلُ على أنهُ واحدُ |
ويُروى أن أعرابيًا سُئل عن الله فقال: "يا سبحان الله، إن البعرة لتدُلُ على البعير، وإن الأثر ليدُلُ على المسير، فسماء ذاتُ أبراج، وأرض ذاتُ فجاج، وبحار ذاتُ أمواج، ألا يدلُ ذلك على وجود اللطيف الخبير "، ففي هذه الآية نزه نفسه -سُبحانهُ- عما لا يليقُ بجلاله، ثم سلم على المرسلين، وهذا يقتضي سلامتهم من كل ما يقُوله المُكذبُون لهم، وإذا سلمُوا من ذلك لزم سلامةُ كل ما جاءوا به من الكذب والفساد، وأعظمُ ما جاءوا به: هو التوحيدُ ومعرفةُ الله -سُبحانهُ- وتعالى، ووصفُه بما يليقُ بجلاله مما وصف به نفسه على ألسنتهم، وإذا سلم ذلك من الكذب والمحال فهو الحقُ المحضُ وما خالفه فهو الباطلُ والكذبُ والمحالُ.
قال ابنُ كثير رحمهُ اللهُ: ولما كان التسبيحُ يتضمنُ التنـزيه والتبرئة من النقص بدلالة المُطابقة، ويستلزمُ إثبات الكمال، كما أن الحمد يدلُ على إثبات صفات الكمال مُطابقةً ويستلزمُ التنـزيه عن النقص، قرن بينهما في هذا الموضع وفي مواضع كثيرة من القرآن؛ ولهذا قال: ((سُبحان ربك رب العزة عما يصفُون) الآية. انتهى.
(الشـرح) يعني: ((سُبحان ربك رب العزة عما يصفُون) تنزيه لله عن النقائص والعيوب، وفي ضمنه أثبات الكمال لله عز وجل، والحمد أثبات الكمال لله عز وجل وفي ضمنه تنزيه عن النقائص، ولهذا جمع بينهما، نعم.